الفرقة الأولى: الخوارج
قد ورَد ذِكْر الخوارج في أكثر من حديث عن رسول الله ﷺ.
منها حديث أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه، قَالَ: بَعَثَ عَلِيٌّ رضي الله عنه، إِلَى النَّبِيِّ ﷺ بِذُهَيْبَةٍ، فَقَسَمَهَا بَيْنَ الأَرْبَعَةِ الأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ الحَنْظَلِيِّ ثُمَّ المُجَاشِعِيِّ، وَعُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ الفَزَارِيِّ، وَزَيْدٍ الطَّائِيِّ ثُمَّ أَحَدِ بَنِي نَبْهَانَ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ عُلَاثَةَ العَامِرِيِّ ثُمَّ أَحَدِ بَنِي كِلَابٍ، فَغَضِبَتْ قُرَيْشٌ وَالأَنْصَارُ، قَالُوا: يُعْطِي صَنَادِيدَ أَهْلِ نَجْدٍ وَيَدَعُنَا، قَالَ: «إِنَّمَا أَتَأَلَّفُهُمْ»، فَأَقْبَلَ رَجُلٌ غَائِرُ العَيْنَيْنِ، مُشْرِفُ الوَجْنَتَيْنِ، نَاتِئُ الجَبِينِ، كَثُّ اللِّحْيَةِ، مَحْلُوقٌ، فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ: «مَنْ يُطِعِ اللَّهَ إِذَا عَصَيْتُ؟ أَيَأْمَنُنِي اللَّهُ عَلَى أَهْلِ الأَرْضِ فَلَا تَأْمَنُونِي» فَسَأَلَهُ رَجُلٌ قَتْلَهُ - أَحْسِبُهُ خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ - فَمَنَعَهُ، فَلَمَّا وَلَّى قَالَ: «إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا، أَوْ: فِي عَقِبِ هَذَا قَوْمًا يَقْرَءُونَ القُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلَامِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ، لَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُ مْ قَتْلَ عَادٍ»([1]).
أولًا: أهم أسمائهم:
1- الخوارج.
لخروجهم على الأئمة، وأولهم عليٍّ رضي الله عنه.
2- الحرورية.
حيث كان أول خروجهم على عليٍّ رضي الله عنه من «حَرُوراء»؛ وهو موضع قريب من الكوفة بالعراق.
3- المارقة.
حيث قال النبي ﷺ فيهم: «يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ».
4- المُكَفِّرة.
حيث يُكفِّرون بالكبيرة.
5- النواصب.
لأنهم ناصبوا عليًّا والصحابة العداء.
6- السبئية.
لأن منشأهم من الفتنة التي أوقدها ابن سبأ اليهودي، وهذا وصف لأصول الخوارج الأولين ورءوسهم.
ثانيًا: أهم عقائدهم:
1- التكفير بالكبيرة.
2- الخروج على أئمة المسلمين.
3- القول بخلق القرآن.
4- تعطيل الصفات.
5- إنكار رؤية الله تعالى يوم القيامة.
ثالثًا: أهم فرقهم:
1- المُحَكِّمة.
وهم الذين انفصلوا عن جيش الإمام علي بن أبي طالب ﭬ حين تمت الموافقة على التحكيم؛ وهم أول تجمع يُعَدُّ بمثابة التجمع الأم والأساس لكل الفرق التي أتت بعد ذلك.
2- الأزارقة.
وزعيمهم هو نافع بن الأزرق المشهور بمساءلة ابن عباس في حوار طويل([2]).
3- النجدات.
وتنتسب النجدات إلى زعيمهم الأول نجدة بن عامر بن عبد الله الثقفي.
ويُسمى أتباعه بالنجدات العاذرية؛ لعذرهم أهل الخطأ في الاجتهاد إذا كانوا جاهلين بوجه الصواب فيه، وقد كان نجدة مع نافع بن الأزرق يدًا واحدة إلى أن نقم عليه أشياء رأى نجدة أنها من البدع المضلة، ففارق نافعًا، واستقل عنه بمن تبعه من أصحابه.
4- الإباضية.
وزعيمهم الأول والحقيقي الذي يقدِّمونه على كل أحد هو جابر بن زيد الأزدي؛ ونُسِبوا إلى عبد الله بن إباض المتوفى في أواخر أيام عبد الملك ابن مروان؛ لشهرة مواقفه مع الحكام المخالفين لهم.
5- البيهسية.
وتُنسب إلى أبي بَيْهَس؛ وقد أحدث أمورًا غضب عليه الحجاج بسببها، وذلك في خلافة الوليد بن عبد الملك، فطلب الحجاج أبا بيهس فهرب إلى المدينة، فطلبه بها عثمان بن حيان المزيني، فظفر به، فأودعه السجن، وكان له علاقة وصحبة ومسامرة مع عثمان، ولكن هذه الصحبة فُقِدت عندما جاء الأمر من الوليد بقطع يدي أبي بيهس ورجليه، ثم بقتله بعد ذلك؛ فنفَّذ عثمان هذا الأمر، ومَثَّل بأبي بيهس تلك المُثْلة المنكرة، ثم قتله.


[1])) متفق عليه: أخرجه البخاري (3344)، ومسلم (1064).

[2])) أخرج هذه المساءلة الطبراني في «المعجم الكبير» (10597).