البركة واضحة في نتاج علماء الإسلام في العلوم الشرعية والطبيعية؛ فلا يوجد عالمٌ في أُمَّة أخری له من المؤلفات ما لأصغر العلماء فضلًا عن الكبار، وذلك يرجع إلی أسباب كثيرة؛ منها:
1- الموازنة وترتيب الأولويَّات؛ لأن الفقيه هو مَنْ يُوازن، فيُقدِّم الأهمَّ علی المهم؛ لأن الانشغال بالمهمِّ عن الأهمِّ من مداخل الشيطان، وقد يفتح الشيطان للإنسان سبعين بابًا من أبواب الخير؛ ليُشغله عن الأولی والأهم، والنبي صلی الله عليه وآله وسلم يقول: ((ما سبقكم أبو بكر بصلاة، ولا صيام؛ ولكن بشيء وقر في قلبه))، ويقول: ((لأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إليَّ من أن أعتكف في هذا المسجد شهرًا))، والإمام الشافعي لما قالت ابنة الإمام أحمد لما رأته لم يقم الليل: ليس بذاك، فلما سألته قال: "لقد حللت سبعين مسألة علمية، وفائدتها للأُمَّة، بينما الصلاة فائدة لي وحدي"، والله تعالی يقول: ﴿ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ [فصلت: 35]، فالإنسان العظيم هو الذي يعرف الأولی الأهم في اللحظة التي هو فيها، والتقاطعات التي تواجهه، وقد قال أصحابها: "الكيِّس مَنْ يعرف خيرَ الخيرين، وشرَّ الشرَّينِ، ومَنْ لا يعرف لا تعدُّوه عالِمًا".
2- تنظيم الوقت الذي يُوفِّره الإسلام وشرائعه، ومنها الصلاة.
3- الجدية والاشتغال بالمفيد، وعدم تضييع الوقت في اللهو واللعب.
4- الانطلاق لدراسة العلوم، والنظر للإنسان والمجتمع والحياة والكون من منظور الوحي الإلهي؛ مثال: لم يشغلوا أنفسهم في البحث عن أصل الإنسان في الأرض؛ لأن مصدرهم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، قد أخبرهم أن أصل الإنسان في السماء وليس في الأرض، وأنه خلقه بيده في أحسن تقويم، ولم يُخلَق بالمصادفة من الطبيعة، وأن بداية الخلقة خلية وحيدة تطوَّرَتْ حتی صارت قردًا قبل أن يُصبح إنسانًا!
5- البركة والتوفيق الإلهي؛ قال تعالی: ﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ﴾ [الليل: 5 - 7]، وقال: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴾ [البقرة: 282]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ يُرِد الله به خيرًا يُفقِّهْهُ في الدين))، والله الموفِّق.
رابط الموضوع: https://www.alukah.net/culture/0/131211/#ixzz5ZHQkdIiC