شموع هادية في طريق المسلمة الداعية


أحمد عباس




المرأة المسلمة التي تأسست بشكل سليم من الناحية العقائدية والتي تربت على الأخلاق والسلوكيات التي تتوافق بصورة صحيحة مع تعاليم الدين الإسلامي، هي امرأة يمكن أن تكون مؤهلة للتصدي إلى الدعوة لدين الله تعالى، ولكن في الوقت نفسه لا يكفي البناء العقائدي والتربية السلوكية والأخلاقية لكي تنجح المرأة المسلمة في أداء الدور الدعوى على الوجه الأكمل.
الحقيقة أن الدعوة إلى الله هي الرسالة الأسمى في هذه الحياة فهي الطريقة الوحيدة لتحقيق الغاية المنشودة التي خلق الله تعالى الناس من أجلها ألا وهي توحيده سبحانه وإفراده بالعبادة ومتابعة رسوله صلى الله عليه وسلم.
والدعوة إلى الله وبقدر عظم مكانتها وأهميتها وضخامة ثمارها وتداعياتها إلا أنها تظل في الوقت نفسه مسئولية خطيرة لأن عدم النجاح في أدائها قد يكون له آثار سلبية يكون من الصعوبة بمكان تداركها.
المرأة المسلمة عندما تقرر أن تهب نفسها لمجال الدعوة إلى الله عز وجل لابد أن تصحح نيتها في البداية وتحاول قدر استطاعتها أن تحقق الإخلاص في هذا الجهد الذي ستبذله بحيث تجعل مرضاة الله تعالى نصب عينيها بشكل واضح وتدرك أن الفتنة قد تأتيها في مشوارها الدعوي من هذا الباب وهو باب النية، ولو ظلت حريصة على تصحيح النية وتجديدها ستكون قد ضمنت إلى حد كبير أن يصاحبها توفيق الله تعالى في كل تحرك دعوي تقدم عليه.
الثقافة وفهم الواقع
المرأة الداعية يجب عليها في الوقت نفسه أن تهتم بتثقيف نفسها إلى حد كبير وذلك بالنظر إلى طبيعة المجتمع الذي تنوي أن تمارس فيه النشاط الدعوي، وذلك يرجع إلى حقيقة أن الإسلام جاء ليكون واقعًا حيًا في حياة الناس وكلما كانت الدعوة إلى الإسلام مبنية على فهم وإدراك ووعي بواقع الناس وحياتهم وتفاصيل معيشتهم كلما كانت الدعوة أكثر نجاحًا في الوصول إلى العقول والقلوب.
من المهم أن تبذل المرأة الداعية جهودًا في محاولة فهم الواقع الذي تمارس فيه الدعوة، وأن تسعى لتقف على أرض صلبة فيما يتعلق بإدراك مشكلات النساء اللاتي ستتوجه إليهن بالدعوة ومعاناتهم وآمالهم، لأن اقترابها من المدخل الحقيقي لقلوبهن وعقولهن قد يكون مرتبطًا إلى حد كبير بمدى قدرة الداعية على الربط بين واقع حياة هؤلاء النساء والحلول والمعالجات التي تطرحها التعاليم الإسلامية المنزلة من لدن حكيم خبير.
التغاضي عن حظوظ النفس
من الضروري كذلك أن تدرك المرأة الداعية أنها ليست مبعوثة العناية الإلهية لمن تمارس الدعوة معهن، بمعنى أنها كلما استطاعت أن تتناسى حظ نفسها وتتخلى عن النظر إلى شخصيتها ومكانتها وردود الأفعال المتوقعة إزاءها كلما كان ذلك يصب في مصلحة إقبال النساء على الاستماع إليها بقلب وعقل مفتوحين، وفي هذا يمكن تلمس الدروس والعظات من سيرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، فهو وإن كان حبيب الله تعالى وأفضل البشر أجمعين إلا أن دعوته إلى الله كانت تتسم بأقصى درجة من التجرد والشفافية والتزكي عن حظوظ النفس وقد أكد القرآن الكريم هذا المعنى عندما قال تعالى: { قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين}.
تذكر الهدف
من الأمور المهمة كذلك التي يجب أن تستصحبها الداعية إلى الله تعالى أن تتذكر دائمًا أن الهدف الحقيقي هو أن ترد القلوب إلى الله تعالى وأن توقظ في هذه القلوب الطاقات الإيمانية الفاعلة التي يمكن أن تترجم على أرض الواقع سلوكًا يتسم بالصدق والأمانة والإحسان، وذلك يمكن أن يتحقق من خلال إصرار الداعية إلى الله في دعوتها على أن تصل إلى غاية واضحة وهي أن تكون كل من تستجيب إليها هي إنسانة تعمل الصالحات وتصبر لقضاء الله وقدره وتعرف كيف تبادر بشكر الله على نعمه، وتستطيع أن تعيش بتوحيد الله في قلبها وواقع حياتها.
دعوة أخلاقية
الداعية إلى الله عليها أن تتذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم كشف عن الغاية التي تكمن وراء رسالته والتي يجب أن تكون نبراسًا لكل داع وداعية إلى الله على منهجه عليه الصلاة والسلام عندما قال: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، فالداعية إلى الله عليها أن تدرك دائمًا أن كل الناس في داخلهم الخير وفي داخلهم جوانب إيجابية كثيرة وإنما هدف الدعوة هو كيفية تتويج هذه الأخلاق الكريمة والصفات الجيدة بأن تكون مرتبطة بالإيمان بالله تعالى واليقين في لقائه يوم القيامة، وذلك لأن المرأة المسلمة الداعية إلى الله ستتمكن من خلال استحضار هذا المعنى في الدعوة من أن تضمن أنها تدعو إلى الله على بصيرة حقيقية ووفق منهج النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.
فيما يلي بعض النصائح السريعة المحددة التي ذكرها أحد الدعاة ويمكن أن تستفيد منها المرأة المسلمة الداعية إلى الله، فالداعية الناجحة هي التي:
1- إذا رأت أمراً معوجاً أصلحته بتلطف، وإذا طلبت حاجة سألتها بتعفف، فالصخب في طلب الحاجات ينبه العداوات.
2- تلقي أخطاء الأخوات في حقها الخاص على نزغات الشيطان لأن الشيطان عدو الإنسان والرب لطيف بالإخوان.
4- هوايتها جمع الغبار قبل الدينار قال صلى الله عليه وسلم :[ما اغبرت قدما عبد في سبيل الله إلا حرم الله عليه النار].
5- مشفقة منصحة ، تخلط الحلم بالعلم ، والقول بالعمل.
6- تربي أخواتها بصغار العلوم قبل كبارها.
7- هي التي تفرض في رأيها الخطأ وإن رأته صواباً، وفي رأي أخواتها العاملات الصواب وإن ظنته خطا.
8- كالنحلة العاملة لا تأكل إلا طيباً ، وإذا حطت لا تخدش ولا تكسر.
9- تجيد حسن الانتقاء لتقي مجموعتها مصارع أخطاء العفوية و الارتجال.
10- في سباق مع أخواتها إلى الله فإن استطاعت ألا يسبقها أحد فلتفعل.
11- إذا كانت مع الغافلات كتبت من الذاكرات ، وإذا كانت مع الذاكرات لم تكتب من الغافلات.
12- تحسن الظن بأخواتها حتى لا يحصين عليها هفواتها لأن كل ابن آدم خطاء.
13- حماسها للدعوة كحماسها لطفلها المريض ، لا تقر عينها إلا بسلامته عندها.
14- تكون لأخواتها كالأرض الذلول تحتمل الكبير والصغير ، وكالسحاب يظل البعيد والقريب وكالمطر يسقي من يحب ومن لا يحب.
15- لا تتوقف عن الاجتهاد وإعمال العقل من أجل إرضاء الله واستنباط الكنوز من النصوص لتنزل على الواقع بشكل سليم.
16- تعلم أن الخطأ لا يكون صواباً وإن حسنت النيات.
17- تعلم أن الغاية شرعية ، وأن الوسيلة إليها لابد ان تكون صادقة وموضوعية وواضحة لأن الغاية لا تبرر الوسيلة.
18- كلما أنجزت أعظم الأعمال قالت : (اللهم إن الذنب كبير ، والعمل قليل ، ولا أثق إلا برحمتك يا أرحم الراحمين).
19- تصل من قطعتها ، وتعطي من منعتها ، وتعفو عمن ظلمتها ، وتدعو لأخواتها في ظهر الغيب.
20- لباسها الاقتصاد ، ومشيها الاستحياء ، وزينتها النظافة ، صوتها خفيض ، وطرفها غضيض.
21- الخير منها مأمول ، والشر منها مأمون ، صبورة في النوازل ، وقورة في الزلازل.
22- تركت حماس المتهور ، وأخذت حماس المتزن.

23- تعمل بهدوء وتصل قبل الآخرين.
24- خروج روحها أهون عليها من توقفها عن الدعوة ، كالسمكة إذا خرجت من الماء تموت.
25- لها نفس تواقة ما بلغت منزلة إلا رنت إلى ما هو أعلى منها، حتى تبلغ الفردوس.