بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه الأمين، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، وبعد:
فقد جعل المولى -عزّ وجلّ- عقد النكاح ميثاقاً غليظاً؛ استشعاراً لأهمية الرّابطة الزوجيّة وتأكيداً على عدم الاستخفاف بها، إلّا أنّ عقد النّكاح ينتهي بحالتين هما: الفرقة بين الزوجين بالطلاق ونحوه نتيجةً لما يطرأ من أحداث تستدعي إنهاء رباط الزوجيّة، وينتهي عقد النكاح أيضاً بموت أحد الزّوجين، وفي كلا الحالتين يجب على المرأة العدّة، وموضوع هذا البحث يختص ببعض أحكام المعتدّة التي توفي عنها زوجها، وهو (الإحداد).
مشكلة البحث:
تتلخص مشكلة البحث في أن الإحداد الذي يكون في عدة الوفاة، فيه من الأحكام الهامة والفوائد الغزيرة ما يوجب على المسلمة أن تكون على علم بها؛ لأن الموت واقع لا بد منه، وغالب ما نراه في مجتمعنا موت الزوج قبل زوجته؛ مما يوجب عليها أن تكون على بصيرة وعلم بهذه الأحكام.
منهج البحث وطريقته:
البحث يتبع المنهج المقارن، والمنهج الاستقرائي، والمنهج الوصفي. وقد تعرضت قبل الحديث عن الإحداد إلى الحديث عن العدة وبالأخص عدة المتوفى عنها زوجها؛ لأن الإحداد يختص بعدة الوفاة على الراجح.
ثم فصلت البحث في مسائل الإحداد بما يسره الله، وقد اجتهدت بأن يكون البحث شاملا للمسائل الخلافية فيما يتعلق بالإحداد، مع الاقتصار على القول المختار في المذهب إذا تعددت اقوال أئمة المذهب.
وقد عُنيت بالدراسة المقارنة لما يتعلق بالإحداد من حيث: إحداد البائن في عدة الطلاق، وإحداد الصغيرة والذمية.
وفي تخريج الأحاديث: إذا خرج في الصحيحين أو أحدهما اكتفيت به، وإلا خرجته من السنن أو مسند أحمد أو غيره من كتب الحديث، وأما الحكم على الحديث من غير الصحيحين فقد رجعت فيه إلى الكتب التي اعتنت بذلك إن وجد، وإلا اكتفيت بتعليق المحقق على درجة الحديث.
خطة البحث:
تمهيد عن العدة من حيث:
أولا- مفهوم العدة.
ثانيا- حكم العدة.
ثالثا- أنواع المعتدات.
المطلب الأول: من تجب عليها عدة الوفاة.
المطلب الثاني: مقدار عدة المتوفى عنها زوجها.
المطلب الثالث: وقت ابتداء العدة.
المطلب الرابع: أحكام تختص بعدة المتوفى عنها زوجها.
الحكم الأول: السكنى للمعتدةِ بعدة الوفاة.
الحكم الثاني: نفقة المعتدة بعدة الوفاة.
الحكم الثالث: الإحداد، وفيه ست مسائل:
المسألة الأولى: تعريف الإحداد.
المسألة الثانية: حكم الإحداد.
المسألة الثالثة: الحكمة من مشروعيه الإحداد.
المسألة الرابعة: إذا أغفلت المعتدة الإحداد حتى انقضت عدتها.
المسألة الخامسة: من يجب عليها الإحداد من المعتدات.
المسألة السادسة: من يجب عليها الاحداد من النساء.
المسألة السابعة: ما تجتنبه الحاد وما يرخص لها.
التمهيد
مفهوم العدة:
العدة لغة: أصل العدِّ: إحصاء الشيء.[1]
العدة اصطلاحا: أيام أقراء المرأة، وتربصها المدة الواجبة عليها[2].
حكم العدة:
العدة واجبة إذا وجد سببها، والأصل في وجوبها: الكتاب والسنة والإجماع[3].
أما من الكتاب: فقول الله تعالى في عدة الطلاق: " وَالْمُطلقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ"[4].
وقوله تعالى: "واللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ"[5].
وقوله تعالى في عدة الوفاة: "والذين يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا"[6].
وأما من السنة: فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: أنه طلق امرأته وهي حائض، على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عمر بن الخطاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مره فليراجعها، ثم ليمسكها حتى تطهر، ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعد، وإن شاء طلق قبل أن يمس، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء"[7].
وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث أم حبيبة: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر، أن تحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج، أربعة أشهر وعشرا"[8].
وقال لفاطمة بنت قيس: "اعتدي في بيت ابن أم مكتوم"[9].
وأجمعت الأمة على وجوب العدة في الجملة.
أنواع المعتدات[10]:
أنواع المعتدات إجمالا:
النوع الأول: المعتدة الحامل.
النوع الثاني: المعتدة غير الحامل: ولا يخلو حالها من أمرين:
الأول: أن يكون متوفى عنها زوجها.
الثاني: أن تكون مطلقة أو موطوءة بشبهة: فإما أن تكون من ذوات الحيض، وإما ألا تكون من ذوات الحيض لصغرها أو لبلوغها سن اليأس.

إذا يتبين أن للعدة ثلاثة أسباب:
1- الطلاق.
2- الوطء بشبهة.
3- الوفاة.
والإحداد (موضوع البحث) لا يجب إلا فيما سببه الوفاة على القول الراجح، والكلام في الصفحات القادمة -بإذن الله- سيكون عن الإحدادِ وزمنِهِ (وهو عدة الوفاة) كالتالي:
المطلب الأول: من تجب عليها عدة الوفاة.
المطلب الثاني: مقدار عدة المتوفى عنها زوجها.
المطلب الثالث: وقت ابتداء العدة.
المطلب الرابع: أحكام تختص بعدة المتوفى عنها زوجها.
الحكم الأول: السكنى للمعتدةِ بعدة الوفاة.
الحكم الثاني: نفقة المعتدة بعدة الوفاة.
الحكم الثالث: الإحداد، وفيه ست مسائل:
المسألة الأولى: تعريف الإحداد.
المسألة الثانية: حكم الإحداد.
المسألة الثالثة: الحكمة من مشروعيه الإحداد.
المسألة الرابعة: إذا أغفلت المعتدة الاحداد حتى انقضت عدتها.
المسألة الخامسة: من يجب عليها الإحداد من المعتدات.
المسألة السادسة: من يجب عليها الاحداد من النساء.
المسألة السابعة: ما تجتنبه الحاد وما يرخص لها.
من تجب عليها عدة الوفاة:
أجمع العلماء على أن الحرة المسلمة إذا توفي عنها زوجها مدخولا بها أو غير مدخول بها، صغيرة لم تبلغ أو كبيرة قد بلغت أن عليها العدة[11].
والأصل في وجوبها قوله تعالى: "وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا"[12].
وذلك لأن الرجعية زوجة يلحقها طلاقه، وينالها ميراثه، فاعتدت للوفاة، كغير المطلقة، فالنكاح قائم بينهما بعد الطلاق الرجعي فكان منتهيا بالموت وبانتهاء النكاح بالموت لزمتها عدة الوفاة[13].
وأجمعوا على أن من طلق زوجه طلاقًا يملك فيه الرجعة وتوفي قبل انقضاء عدة الطلاق فعلى زوجه استئناف عدة الوفاة[14]، وترثه[15].
وأجمعوا على أن من طلق زوجته طلاقا بائنا وهو صحيح ثم مات في عدتها أنها تبني على عدة الطلاق ولا تنتقل لعدة الوفاة[16].
واختلفوا في عدة المطلقة طلاقا بائنا في المرض[17].
تصوير المسألة:
عدة المطلقة طلاقا بائنا في مرض الموت إذا توفي عنها وهي في عدتها.
الأقوال في المسألة الفقهية:
القول الأول: تعتد أبعد الأجلين من عدة الوفاة -أربعة أشهر وعشرا- أو عدة الطلاق. وهذا مذهب الحنفية[18]، والحنابلة[19].
قالوا: لأنها وارثة له، فيجب عليها عدة الوفاة، كالرجعية، وتلزمها عدة الطلاق[20]، ويدل على استحقاقها الإرث منه: (إجماع الصحابة - رضي الله عنهم – والمعقول.
أما الإجماع: فإنه روي عن ابن سيرين أنه قال: كانوا يقولون ولا يختلفون من فر من كتاب الله تعالى رد إليه، أي من طلق امرأته ثلاثا في مرضه فإنها ترثه ما دامت في العدة.
وهذا منه حكاية عن إجماع الصحابة - رضي الله عنهم -، وروي توريث امرأة الفار عن جماعة من الصحابة من غير نكير، مثل عمر وعثمان وعلي وعائشة وأبي بن كعب - رضي الله عنهم -.
وأما المعقول: فهو أن سبب استحقاق الإرث وجد مع شرائط الاستحقاق فيستحق الإرث كما إذا طلقها طلاقا رجعيا، ووقت الاستحقاق هو مرض الموت)[21].
القول الثاني: تعتد عدة الطلاق وليس عليها عدة وفاة. وهذا مذهب المالكية[22]، والشافعية[23].
قالوا: لأن الموت صادفها وهي أجنبية فلا عدة عليها[24].
مقدار عدة المتوفى عنها زوجها:
المتوفى عنها زوجها إما أن تكون حائلا[25] أو حاملا.
فأما الحائل فعدتها أربعة أشهر وعشرا بالكتاب والسنة والإجماع.
أما من الكتاب: فقوله تعالى: "والذين يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا"[26].
وأما من السنة: فعن أم حبيبة أن النبي r قال: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا"[27].
وأما الإجماع: فقد أجمع أهل العلم على أن عدة الحرة المسلمة غير ذات الحمل من وفاة زوجها أربعة أشهر وعشرا، مدخولا بها، أو غير مدخول بها[28].
وأما الحامل فلا خلاف بين المذاهب الأربعة في أنها إذا فارقها زوجها أن عدتها بوضع الحمل، ولو قصرت المدة[29].
ويدل على ذلك من القرآن: قوله تعالى: "وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ"[30].
ويدل عليه من السنة: عن أم سلمة أن امرأة من أسلم يقال لها سبيعة[31] كانت تحت زوجها فتوفي عنها وهي حبلى، فخطبها أبو السنابل بن بعكك[32]، فأبت أن تنكحه فقال: والله ما يصلح أن تنكحي حتى تعتدي آخر الأجلين فمكثت قريبا من عشر ليال ثم نفست، ثم جاءت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "انكحي"[33].
وعن ابن مسعود في المتوفى عنها زوجها وهي حامل قال: أتجعلون عليها التغليظ ولا تجعلون عليها الرخصة؟ أنزلت سورة النساء القصرى بعد الطولى "وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن"[34].

وقت ابتداء العدة:
أجمع العلماء على أن كل معتدة من طلاق أو وفاة تحسب عدتها من ساعة طلاقها أو وفاة زوجها[35].
أحكام تختص بعدة المتوفى عنها زوجها:
الحكم الأول: السكنى للمعتدةِ بعدة الوفاة:
اختلف العلماء في وجوب السكنى لمعتدة عدة الوفاة، وسأكتفي بعرض الأقوال في المسألة.
الأقوال في المسألة الفقهية:
القول الأول: لا سكنى للمتوفى عنها زوجها، وهو مذهب الحنفية[36]، والشافعية[37].
القول الثاني: لها السكنى إن كانت الدار للميت، أو بكراء فنقد الزوج الكراء. وهو مذهب المالكية[38].
القول الثالث: لا سكنى لها إن كانت حائلا، ولها السكنى إن كانت حاملا. وهو مذهب الحنابلة[39].
الحكم الثاني: نفقة المعتدة بعدة الوفاة:
لا نفقة للمعتدة من وفاة سواء كانت حاملا أو غير حامل، بلا خلاف بين المذاهب في المشهور عنهم[40]، بل نفقتها من مالها إن كان لها مال، أو مما ورثته من زوجها، أو ممن تجب عليه نفقتها.
الحكم الثالث: الإحداد، وفيه ست مسائل:

المسألة الأولى: تعريف الإحداد:
الإحداد لغة: أصل الحد: المنع[41].
الإحداد اصطلاحا: ترك ما هو زينة ولو مع غيره[42].

المسألة الثانية: حكم الإحداد إجمالا:
يحب الإحداد على المتوفى عنها زوجها بلا خلاف بين أهل العلم[43]، ويحرم على غير المعتدات لأكثر من ثلاثة أيام[44]. وأما ما ورد عن الحسن، أنه قال: لا يجب الإحداد. فهو قول شذ به أهل العلم وخالف به السنة، فلا يعرج عليه[45].
ويدل على وجوبه:
حديث زينب عن أم سلمة قالت: جاءت امرأة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينها أفنكحلها؟ فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "لا" مرتين أو ثلاثا كل ذلك يقول لا، ثم قال: "إنما هي أربعة أشهر وعشر وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول" قيل لزينب: وما ترمي بالبعرة على رأس الحول؟ قالت زينب: كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها دخلت حفشا[46]، ولبست شر ثيابها، ولم تمس طيبا، ولا شيئا حتى تمر بها سنة، ثم تؤتى بدابة حمار أو شاة أو طير فتقبض به فقلما تقبض بشيء إلا مات، ثم تخرج فتعطى بعرة فترمي بها، ثم تراجع بعد ما شاءت من طيب أو غيره[47].
وحديث أم حبيبة أن النبي r قال: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا"[48].
وعن أم عطية، عن النبي صلى الله عليه وسلم قالت: "كنا ننهى أن نحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا، ولا نكتحل ولا نتطيب ولا نلبس ثوبا مصبوغا، إلا ثوب عصب[49]، وقد رخص لنا عند الطهر إذا اغتسلت إحدانا من محيضها في نبذة من كست أظفار، وكنا ننهى عن اتباع الجنائز"[50].

المسألة الثالثة: الحكمة من مشروعيه الإحداد:[51]
تعظيم أمر الله والعمل بما يرضيه تعالى.
تعظيم حق الزوج وحفظ عشرته.
أهمية عقد النكاح ورفع قدره.
تطييب نفس أقارب الزوج ومراعاة شعورهم.
سد ذريعة تطلع المرأة للنكاح في هذه المدة وتطلع الرجال إليها.
الإحداد من مكملات عدة الوفاة ومقتضياتها.
موافقة الطباع البشرية؛ فإن النفس تتفاعل مع المصائب فأباح الله لها حدًّا تستطيع من خلاله التعبير عن مشاعر الحزن والألم بالمصاب مع الرضا التام بما قضى الله عز وجل وقدر، والصبر على أقدار الله المؤلمة، والرغبة فيما عنده سبحانه من الأجر لمن صبر واحتسب، وانتظار ما وعد الله سبحانه من الخير لمن حمده واسترجع وسأل الله أن يجيره في مصيبته ويخلفه خيراً منها
المسألة الرابعة: إذا أغفلت المعتدة الإحداد حتى انقضت عدتها:
إذا أغفلت المعتدة الإحداد حتى تنقضي العدة، فإن كان من جهل فلا حرج، وإن كان عمدا فهي عاصية لله عز وجل ولا تعيد ذلك؛ لأن وقت الإحداد قد مضى، ولا يجوز عمل شيء في غير موضعه وفي غير وقته[52].
المسألة الخامسة: من يجب عليها الإحداد من المعتدات:
المعتدات ثلاث[53]: معتدة لا يجب الإحداد عليها، ومعتدة مختلف في وجوب الإحداد عليها، ومعتدة يجب الإحداد عليها.
فأما المعتدة التي يجب الإحداد عليها فالمتوفى عنها زوجها، ويجب الإحداد عليها بالإجماع -وقد تقدم ذكره-.
وأما التي لا إحداد عليها فهي الرجعية لا يجب الإحداد عليها بلا خلاف؛ وذلك لأن نعمة النكاح والحل ما فاتت بعد لأن الزوج مندوب إلى أن يراجعها[54].
وأما المختلف في وجوب الإحداد عليها فهي المبتوتة[55].
تصوير المسألة الفقهية:
حكم الإحداد على المبتوتة.
الاقوال في المسألة الفقهية:
القول الأول: لا يجب الإحداد على المبتوتة. وهو مذهب المالكية[56]، والشافعية[57]، الحنابلة[58].
القول الثاني: يجب عليها الإحداد. وهو مذهب الحنفية[59].
أدلة كل فريق:
استدل الفريق الأول بما يلي:
الدليل الأول:
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر، أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال، إلا على زوج، أربعة أشهر وعشرا"[60].
ووجه الدلالة: أن هذا في عدة الوفاة، فيدل على أن الإحداد إنما يجب في عدة الوفاة[61].
الدليل الثاني:
أن المبتوتة في عدة من طلاق؛ ولأن النكاح موضوع، ولذلك يقال استنكحه المرض إذا داومه فإذا مات عنها فقد استوفى مدة نكاحه فوجب الإحداد في عدته لرعاية حرمته، وخالف المبتوتة؛ لأنه قد أبى عصمتها فلم يجب الإحداد في عدته لقطع حرمته[62].
واستدل الفريق الثاني بما يلي:
الدليل الأول:
حديث أم سلمة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "نهى المعتدة أن تختضب بالحناء"[63].
ووجه الدلالة: أن الحناء طيب وأنه عام في كل معتدة[64].
الدليل الثاني:
حديث أم حبيبة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت ثلاثة أيام فما فوقها إلا على زوجها أربعة أشهر وعشرا"[65].
وجه الدلالة: عموم الحديث في كل معتدة[66].
الدليل الثالث:
أنها معتدة من نكاح صحيح فهي كالمتوفى عنها زوجها، وتأثيره أن الحداد إظهار التأسف على فوت نعمة النكاح والوطء الحلال بسببه وذلك موجود في المبتوتة كوجوده في المتوفى عنها زوجها، وعين الزوج ما كان مقصودا لها حتى يكون التحزن بفواته بل كان مقصودها ما ذكرنا من النعمة وذلك يفوتها في الطلاق والوفاة بصفة واحدة[67].
ولأنه لما حرم عليها النكاح في العدة أمرت بتجنب الزينة حتى لا تكون بصفة الملتمسة للأزواج[68].
مناقشة الأقوال:
أجاب الجمهور على الحنفية بما يلي:
قالوا: أن حديث أم حبيبة في الحدة على الميت فدل على أن الإحداد إنما يجب في عدة الوفاة؛ ولأنها معتدة عن غير وفاة، فلم يجب عليها الإحداد، كالرجعية، ولأن الإحداد في عدة الوفاة لإظهار الأسف على فراق زوجها وموته، فأما الطلاق فإنه فارقها باختيار نفسه، وقطع نكاحها، فلا معنى لتكليفها الحزن عليه؛ ولأن المتوفى عنها لو أتت بولد، لحق الزوج، وليس له من ينفيه، فاحتيط عليها بالإحداد، لئلا يلحق بالميت من ليس منه، بخلاف المطلقة، فإن زوجها باق، فهو يحتاط عليها بنفسه، وينفي ولدها إذا كان من غيره[69].
ولأنه وجب إظهارا للتأسف على فوت زوج وفى بعهدها إلى مماته، وفرقة الطلاق تتعلق باختيار المطلق، وقد جفاها بالطلاق، فلم يكن عليها إظهار التفجع والحزن[70].
وأجاب الحنفية على الجمهور بما يلي:
قالوا: إن قيل: المبانة قد جفاها فكيف يتصور أن تتأسف عليه؟ قلنا: يعتبر الأعم الأغلب، ولا ينظر إلى الأفراد، وكم من النساء من تتمنى موت الزوج، وتفرح بموته، ومع هذا يجب الإحداد عليها[71].
وإن قيل: لو كان الحداد لما ذكرتم لوجب على الأزواج أيضا لأن نعمة النكاح مشتركة بينهما. قلنا: النص لم يرد إلا في الزوجات، والأزواج ليسوا في معناهن لكونهن أدنى منهن في نعمة النكاح لما فيه من صيانتهن لأنهن لحم على وضم، ودرور النفقة عليهن لكونهن ضعائف عن التكسب عواجز عن التقلب ولا كذلك الأزواج[72].
الترجيح:
الراجح أنه لا إحداد على المبتوتة؛ لأنه لم يرد في ذلك نص وإنما الذي ورد الإحداد في عدة الوفاة، ولم يرد في حق المعتدة مطلقا ولا مقيدا بالطلاق، فلا يصح الاستدلال بهذه الأحاديث على وجوب الإحداد عليها، والإحداد فيه عبادة لله والعبادات لا تثبت إلا بدليل. والله أعلم.
المسألة السادسة: من يجب عليها الإحداد من النساء:
لا خلاف بين المذاهب الأربعة على أن المسلمة البالغة التي توفي عنها زوجها هي من يجب عليها الاحداد مدة العدة[73].
واختلفوا في وجوب الإحداد في عدة الوفاة على الصغيرة والذمية.
تصوير المسألة الفقهية:
حكم الإحداد في عدة الوفاة على الصغيرة والذمية.
الأقوال في المسألة الفقهية:
القول الأول: يجب الإحداد على الصغيرة والذمية إذا كان زوجها مسلما أو ذميا. وهو مذهب المالكية[74]، والشافعية[75]، والحنابلة[76].
القول الثاني: لا يجب الاحداد على الصغيرة ولا الذمية. وهو مذهب الحنفية[77].
أدلة كل فريق:
استدل الفريق الأول بما يلي:
الدليل الأول:
قول الله تعالى: "وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا"[78].
وجه الدلالة: أنها من أزواج المسلمين فوجبت عليها العدة[79].
الدليل الثاني:
عن أم حبيبة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهرا وعشرا "[80].
ووجه الدلالة: أن الصغيرة داخلة فيه؛ لأنها مؤمنة بالله تعالى وباليوم الآخر[81].
الدليل الثالث:
عن أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "المتوفى عنها زوجها لا تلبس المعصفر من الثياب ولا الممشق ولا الحلي، ولا تختضب ولا تكتحل"[82].
وجه الدلالة: أن الحديث ليس فيه تفصيل بين مسلمة، وذمية، وصغيرة[83].
واستدل الفريق الثاني بما يلي:
الدليل الأول:
عن أم حبيبة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهرا وعشرا "[84].
وجه الدلالة: أن الامتناع من الزينة والطيب عبادة، وحق الله تعالى يلزم من طريق الشرع، وهؤلاء لا تلزمهم حقوق الله من جهة الشرع[85].
الدليل الثاني:
عن عائشة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل"[86].
وجه الدلالة: نفي الخطاب بالشرعيات عن الصغيرة، ومن جملتها الإحداد[87].
مناقشة الأقوال:
أجاب الجمهور على الحنفية بما يلي:
أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما جاءت المرأة تسأل عن استخدام الكحل لابنتها الحاد لم يسألها عن صغرها وكبرها فدل على استواء الأمرين: ولأن كل من لزمتها العدة وجب أن تؤخذ بأحكام تلك العدة كالكبيرة.
وأما رفع القلم عن الصغيرة؛ فلما لم يمنع من وجوب العدة عليها لم يمنع من أحكامها، وأما كون الإحداد تعبدا محضا فهو كالعدة فيه تعبد ويتعلق به حتى الزوج إما لرعاية حرمته وإما لصرف الرجال عن الرغبة فيها في عدته، وهذان مما لا يفترق فيهما حكم الصغيرة والكبيرة[88].
ولأن غير المكلفة تساوي المكلفة في اجتناب المحرمات، كالخمر والزنى، وإنما يفترقان في الإثم، فكذلك الإحداد، ولأن حقوق الذمية في النكاح كحقوق المسلمة، فكذلك فيما عليها[89].
كما أنه لم يرد في الأحاديث الموجبة للإحداد في عدة الوفاة التفريق بين المسلمة والذمية فدل على اشتراكهما فيه؛ ولأنها بائن بالوفاة فوجب أن تلزمها العدة والإحداد كالمسلمة؛ ولأن الإحداد إما أن يكون لرعاية الحرمة وإما لحفظ الشهوة وإن كانت الذمية أقل رعاية للحرمة فهي أقوى شهوة لقلة المراقبة فكانت بالإحداد أولى من المسلمة.
وأما قوله: "تؤمن بالله واليوم الآخر" لم يذكر الإيمان فيه شرطا، وإنما ذكره تنبيها على الأدنى كما قال تعالى: "إن نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها"[90]، فلم يكن ذكر الإيمان فيهن شرطا، وكان تنبيها يستوي فيه من آمن ومن كفر.
وأما قولهم: أنه تعبد، فهو أن التعبد لما اقترن به حق الزوج جاز أن يؤخذ به وإن لم يؤخذ بحقوق الله تعالى المحضة[91].
وأجاب الحنفية على أصحاب القول الأول:
أن الحداد عبادة بدنية فلا تجب على الصغيرة والكافرة كسائر العبادات البدنية من الصوم والصلاة وغيرهما بخلاف العدة فإنها اسم لمضي زمان وذا لا يختلف بالإسلام والكفر والصغر والكبر[92].
وحديث رفع القلم عن الصغير يدل على عدم وجوب الإحداد على الصغيرة، فإن قيل: إنما يخاطب الولي بأن يحبسها، قلنا: فهي المطالبة، والمشقة تلحقها، والخبر يقتضي رفع التكليف عنها، ولأنها عبادة شرعية فلا تجب على الصغيرة كالكبيرة، وهو عبادة من فروع الإسلام، فلا يلزم الصغيرة كالصوم، ولا يلزم العدة، وإنما تعتد بأن لا يتزوجها أحد في مدة العدة، ولأن تحريم الوطء لحق الله تعالى، فلا يجب على الصغيرة ابتداء كالإحرام.
وإن قيل: روي أن امرأة أتت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: "يا رسول الله إن بنتي توفي عنها زوجها، وقد اشتكت عينها، أفتكتحل، قال: لا، مرتين أو ثلاثًا" ولم يستفسر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن صغرها وكبرها، قلنا: قد يحتمل أن يكون عرف ببلوغها.
وإن قيل: هذا زيادة على سبب وفاة زوج شخص بعينه، فالحكم لا يتعداه إلا بدليل، قلنا: عارض هذا قوله -صلى الله عليه وسلم-: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت، فدليله أن غير المرأة لا إحداد عليها، والمرأة تطلق على البالغة.
وإن قيل: الصغيرة معتدة من وفاة زوجها كالبالغة، قلنا: المعنى فيها أنها مخاطبة بفروع الشرع، فجاز الإحداد، والصغيرة لا يلزمها فروع الشرع، فلم يلزمها الإحداد[93].
وأما الكافرة فلأن تحريم الطيب لحق الله تعالى، فلا يثبت لحق الكافرة كحال الإحرام، ولأن الإحداد عبادة بدنية ليس للآدمي حق فيها، فلا يلزم أداؤها مع الكفر كالصلاة، ولا يلزم العدة؛ لأن للزوج حقًا فيها، فلم يلزم الإحداد.
وأما قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت"؛ فالجواب: أنه لا يقال للكافرة أنها تؤمن بالله واليوم الآخر، وإنما يقال ذلك في المسلمة.
وأما حديث المرأة التي قالت: إن ابنتي توفي عنها زوجها، وقد اشتكت عينها، فالجواب: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عرف إسلامها، وهذا هو الظاهر، لأن الكفار لا يسألون النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الأحكام.
وإن قيل: معتدة من وفاة زوجها كالمسلمة، قلنا: المسلمة مخاطبة بفروع الشرع، فجاز أن يلزمها الإحداد، والكافرة غير مخاطبة بفروع الشرع، فلا يلزمها.
وإن قيل: الإحداد من توابع العدة وصفاتها؛ فإذا لزمها العدة لزمها توابعها، قلنا: لو كان كذلك لا يلزم في كل عدة، فلما لم يجب دل على أنه عبادة مفردة، ليس من توابع العدة إن قدر بها[94].
الترجيح:
الراجح أن الإحداد واجب على الذمية؛ لما احتج به الجمهور، ولقول الله تعالى: " وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ"[95]. والله أعلم.
المسألة السابعة: ما تجتنبه الحاد وما يرخص لها:
سبق تعريف الإحداد، والمراد: أن تجتنب المرأة الزينة بجميع أنواعها، وما يرغب الرجال فيها ويدعو إلى نكاحها، وكذلك المبيت في غير منزلها، والمعنى فيه من وجهين:
أولهما: إظهار التأسف بفقد الزوج، والثاني: أن الزينة من دواعي الرغبة فيها وهي ممنوعة من النكاح فتجتنبها كيلا تصير ذريعة إلى الوقوع في المحرم[96].
وقد جاءت السنة ببيان ما تجتنبه الحاد وما يرخص لها، ومن ذلك:
عن أم عطية، قالت: "كنا ننهى أن نحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج، أربعة أشهر وعشرا، ولا نكتحل، ولا نطيب، ولا نلبس ثوبا مصبوغا إلا ثوب عصب، وقد رخص لنا عند الطهر، إذا اغتسلت إحدانا من محيضها، في نبذة من كست أظفار، وكنا ننهى عن اتباع الجنائز"[97].
وعن أم سلمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "المتوفى عنها زوجها لا تلبس المعصفر من الثياب، ولا الممشقة، ولا الحلي، ولا تختضب، ولا تكتحل"[98].
وعن أم سلمة قالت: "دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين توفي أبو سلمة وقد جعلت عليّ صَبْرا[99]، فقال: "ما هذا يا أم سلمة؟" فقلت: إنما هو صَبْر يا رسول الله ليس فيه طيب، قال: "إنه يشب الوجه فلا تجعليه إلا بالليل وتنزعينه بالنهار ولا تمتشطي بالطيب ولا بالحناء فإنه خضاب"، قالت: قلت: بأي شيء أمتشط يا رسول الله؟ قال: "بالسدر تغلفين به رأسك"[100] .
وعن أسماء بنت عميس قالت: لما أصيب جعفر أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "تسلبي[101] ثلاثا ثم اصنعي ما شئت"[102] .
وفي رواية قالت: دخل علي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اليوم الثالث من قتل جعفر، فقال: "لا تحدي بعد يومك هذا"[103].
وعن جابر قال: "طلقت خالتي ثلاثا، فخرجت تجد نخلا لها، فلقيها رجل فنهاها، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له، فقال: اخرجي فجدي نخلك لعلك أن تصدقي منه أو تفعلي خيرا"[104].
عن يحيى بن سعيد أن السائب بن خباب توفي، فجاءت امرأته إلى ابن عمر، فذكرت له وفاة زوجها، وذكرت له حرثا لهم بقناة، وسألته: "هل يصلح لها أن تبيت فيه؟ فنهاها عن ذلك، فكانت تخرج من المدينة سحرا فتصبح في حرثهم، فتظل فيه يومها، ثم تدخل المدينة إذا أمست فتبيت في بيتها"[105].
ويدل على جواز خروجها لقضاء حاجتها حديث فُرَيْعَة بنت مالك[106] أنها جاءت تسأل النبي صلى الله عليه وسلم، وتستأذنه في النقلة وهي معتدة، وقد كان زوجها قتل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا، حتى يبلغ الكتاب أجله"[107]، فلم ينكر عليها خروجها.
فتمتنع عند الفقهاء بالجملة من الزينة الداعية للرجال إلى النساء، وبالجملة وأقاويل الفقهاء فيما تجتنب الحاد متقاربة، وذلك ما يحرك الرجال بالجملة إليهن[108]، ويمكن تقسيم ذلك كما يلي:
أولا- الطيب:
تجتنب الحادة التطيب ولبس الثوب المطيب، والمصبوغ بالعصفر والزعفران له رائحة طيبة؛ فكان كالطيب، ولا تحنط بالطيب ميتا، ولا تمس بيدها طيبا، ولا تحضر عمل الطيب، ولا تبيعه ولا تتجر به، حتى تحل، وإذا مست الطيب لم يجب عليها فدية ولم ينتقض إحدادها وقد أساءت.
ثانيا- عمل الزينة في بدنها، ويكون ذلك بما يلي:
1ـ الكحل: يحرم على الحاد الاكتحال بالإثمد والصبر؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عنه، ولأنه زينة يحسن الوجه والعين، ولها أن تستعمل الصبر في جميع بدنها، إلا وجهها.
ورخص كل الفقهاء في الاكتحال عند الضرورة، إلا أن بعضهم أطلق ولم يشترط فيه شيئا[109]، وبعضهم اشترط عند الضرورة أن تكتحل بالليل وتمسحه بالنهار إذا كان بطيب وإلا فلا يجب مسحه[110]، وبعضهم فصل في ذلك فقال: ما اضطرت إليه مما فيه زينة من الكحل مثل الإثمد والصبر اكتحلت بالليل ومسحه بالنهار وأما ما لا زينة فيه كالفارسي[111] لم يشترطوا فيه شيئا؛ لأنه لا يزيد العين إلا مَرَهًا[112] وقبحا[113].
2ـ الخضاب: تمنع الحاد من الخضاب بالحناء أو الكتم سواء ترك على حمرته أو غير حتى اسْوَدّ؛ لأنهما معا زينة وتحصين، ويحرم عليها أن تمتشط بالحناء، ولا يحرم عليها غسل رأسها بالسدر، ولا المشط به للخبر ولأنه يراد للتنظيف لا للتطيب.
وكذلك كل لون طلي به الجسد فحسنه منعت منه المعتدة في إحدادها؛ لأنه لا يقصد به إلا التصنع للرجال بالزينة، فإن استعملته فيما خفي من جسدها ووارته ثيابها لم يحرم عليها؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أذن لأم سلمة في الصبر ليلا ونهاها عنه نهارا؛ لأنه يخفى بالليل عن الأبصار ويرى في النهار فكذلك ما أخفاه ثيابها ولم تره الأبصار غير أنها إن فعلته لغير حاجة كره فإن كان لحاجة لم يكره.
3ـ الدهن: يحرم عليها الأدهان المرببة المطيبة إلا لضرورة، ولها أن تدهن بما لا طيب فيه كالزيت والشيرج (زيت السمسم)؛ لأن التحريم من الشرع ولم يرد بتحريمها ولا هو في معنى التحريم[114]، ومن الفقهاء من قال[115]: لا تدهن بشيء من الأدهان مطلقا سواء كان مطيبا كالبان والورد والبنفسج، أو لم يكن مطيبا كالزيت والشيرج والسمن؛ لأنه يلين الشعر فيكون زينة والحاد منهية عن الزينة، وأما في دهن البدن فلا بأس بما لا طيب فيه كالزيت ونحوه. ومنهم من قال لا تمتشط بالأسنان الضيقة وتمشط بالأسنان الواسعة المتباينة؛ لأن الضيقة لتحسين الشعر والزينة، والواسعة لدفع الأذى[116].
4ـ الحلي: لا تلبس الحادة الحلي بأنواعها؛ كقرط وسوار وخاتم، يستوي في ذلك حلي الذهب والفضة والجواهر كلها؛ للخبر، ولأنه يزيد من حسنها.
فإذا أرادت المعتدة في إحدادها أن تلبس حليها ليلا وتنزعه نهارا جاز ذلك إن فعلته لإحرازه وإن فعلته لغير إحراز وحاجة كره وإن لم يحرم.
5ـ الثياب المصبوغة: تجتنب الحاد الثياب المصبوغة للزينة، فلا تلبس المصبوغ من حرير أو قطن أو كتان أو صوف سواء صبغ قبل النسج أو بعده، ولا بأس بلبس البياض وكذلك ما نسج على وجهه من غير صبغ وإن كان حسنًا من الحرير والقطن والكتان والصوف وغيره؛ لأن حسنه من أصل خلقته، لا لزينة أدخلت عليه، أو صبغ بما لم يرد به تزيين الثوب مثل السواد أو ما صبغ لغير تزيينه؛ إما لتقبيحه وإما لنفي الوسخ عنه مثل الصباغ بالسدر وصباغ الغزل بالخضرة تقارب السواد. وبعض الفقهاء لم يرخص الأدكن[117] إن وُجد غيره[118]، أما ثوب العصب فبعض الفقهاء نهى عنه إن قصدت الحاد به التزين وإن لم تقصد به الزينة فلا بأس[119]، وبعضهم نهى عن رقيق عَصب اليمن، ووسَّع في غليظه[120]، وبعضهم قيده بما كان فيه صبغ أو تلميع للزينة فلا تلبسه الحاد غليظا كان أو رقيقا[121].
وإن لم يكن لها سوى المصبوغ فلا بأس بلبسه للضرورة؛ لأن ستر العورة واجب بلا خلاف بين الفقهاء.

فأما ما عدا زينة جسدها من زينة منزلها وزينة فرشها فلا تمنع منه؛ لأنه ليس يدخل عليها على الإحداد من الأجانب من يراها فيه فيحسنها، وكذلك لا يحرم عليها أن تنام على فراش أو تضع رأسها على وسادة، ولا تمنع من أكل اللحم والحلواء وسائر المآكل المشتهاة لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لا رهبانية في الإسلام[122].

والمرأة ليست ممنوعة من التنظف، ولا حرج عليها إذا أزالت الوسخ عن نفسها، كالاستحداد وتقليم الأظفار ونحوها، وليست هي محمولة في الإحداد على ضِرارٍ تحتمله، وإنما مقصود الإحداد ألا تُدخل على بدنها تزيناً[123].
ثالثا- المبيت في غير منزلها:
المعتدة من الوفاة لا تبيت إلا في منزلها إجماعا[124]، ولها أن تخرج نهارا وبعض الليل؛ لحديث فريعة السابق فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- منعها النقلة، ولم ينكر عليها خروجها من البيت، ولأنه لا نفقة لها فتضطر إلى الخروج لإصلاح معاشها وربما امتد ذلك إلى الليل[125]، فيجب أن تكون أكثر الليل في منزلها ولها أن تبيت أقل من نصف الليل؛ لأن المبيت عبارة عن الكون في مكان أكثر الليل، وليس لها الخروج ليلا إلا لضرورة؛ لأن الليل مظنة الفساد بخلاف النهار فإنه مظنة قضاء الحوائج والمعاش وشراء ما تحتاج إليه، فإذا فرغت رجعت إلى منزلها[126]، وإن خرجت في ليلة من عدتها فباتت في غير منزلها أثمت في فعلها ولا يجوز لها أن تفعل ذلك في باقي عدتها ولها أن تبني على ما مضى منها ولا تستأنف العدة[127].



المصادر والمراجع:
القرآن الكريم.
كتب الحديث والشروح والتخريج:
صحيح البخاري، لمحمد بن إسماعيل البخاري، تحقيق: محمد زهير بن ناصر الناصر، دار طوق النجاة - ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي، الطبعة: الأولى، 1422هـ.
صحيح مسلم، لمسلم بن الحجاج (المتوفى: 261هـ)، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي – بيروت.
سنن أبي داود، لأبي داود السِّجِسْتاني (المتوفى: 275هـ)، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، المكتبة العصرية، صيدا – بيروت.
سنن الترمذي، لمحمد بن عيسى بن سَوْرة الترمذي (المتوفى: 279هـ)، تحقيق وتعليق: أحمد محمد شاكر، ومحمد فؤاد عبد الباقي، وإبراهيم عطوة عوض، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي – مصر، الطبعة: الثانية، 1395 هـ - 1975 م
سنن النسائي، لأبي عبد الرحمن النسائي (المتوفى: 303هـ)، تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة، مكتب المطبوعات الإسلامية – حلب، الطبعة: الثانية، 1406 – 1986.
سنن ابن ماجه، لأبي عبد الله القزويني، وماجه اسم أبيه يزيد (المتوفى: 273هـ)، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء الكتب العربية - فيصل عيسى البابي الحلبي.
موطأ الإمام مالك، لمالك بن أنس المدني (المتوفى: 179هـ)، صححه ورقمه وخرج أحاديثه وعلق عليه: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت – لبنان، عام النشر: 1406 هـ - 1985 م.
مسند الإمام أحمد بن حنبل، لأبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني (المتوفى: 241هـ)، تحقيق: شعيب الأرنؤوط - عادل مرشد، وآخرون، مؤسسة الرسالة، الطبعة: الأولى، 1421 هـ - 2001 م.
صحيح ابن حبان، لمحمد بن حبان البُستي (المتوفى: 354هـ)، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة – بيروت، الطبعة: الثانية، 1414 – 1993.
المستدرك على الصحيحين، لأبو عبد الله الحاكم محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نُعيم بن الحكم الضبي الطهماني النيسابوري المعروف بابن البيع (المتوفى: 405هـ)، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية – بيروت، الطبعة: الأولى، 1411 – 1990.
نصب الراية لأحاديث الهداية مع حاشيته بغية الألمعي في تخريج الزيلعي، لجمال الدين أبو محمد عبد الله بن يوسف بن محمد الزيلعي (المتوفى: 762هـ)، تحقيق: محمد عوامة، مؤسسة الريان للطباعة والنشر - بيروت -لبنان/ دار القبلة للثقافة الإسلامية- جدة – السعودية، الطبعة: الأولى، 1418هـ/1997م
نيل الأوطار، لمحمد بن علي الشوكاني اليمني (المتوفى: 1250هـ)، تحقيق: عصام الدين الصبابطي، دار الحديث، مصر، الطبعة: الأولى، 1413هـ - 1993م.

كتب الغريب والمعاجم الفقهية:
طلبة الطلبة، لعمر بن محمد بن أحمد بن إسماعيل، أبو حفص، نجم الدين النسفي (المتوفى: 537هـ)، المطبعة العامرة، مكتبة المثنى ببغداد، تاريخ النشر: 1311هـ.
النهاية في غريب الحديث والأثر، لمجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبد الكريم الشيباني الجزري ابن الأثير (المتوفى: 606هـ)، تحقيق: طاهر أحمد الزاوى - محمود محمد الطناحي، المكتبة العلمية - بيروت، 1399هـ - 1979م.
لسان العرب، لمحمد بن مكرم بن علي بن منظور الأنصاري الرويفعى الإفريقى (المتوفى: 711هـ)، دار صادر - بيروت، الطبعة: الثالثة - 1414 هـ.
المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، لأحمد بن محمد بن علي الفيومي ثم الحموي، أبو العباس (المتوفى: نحو 770هـ)، المكتبة العلمية – بيروت.
شرح حدود ابن عرفة، لمحمد بن قاسم الأنصاري، أبو عبد الله، الرصاع التونسي المالكي (المتوفى: 894هـ) المكتبة العلمية، الطبعة: الأولى، 1350هـ.

كتب التراجم:
أسد الغابة، لأبي الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري، عز الدين ابن الأثير (المتوفى: 630هـ)، دار الفكر – بيروت، عام النشر: 1409هـ - 1989م.

كتب الفقه:
الفقه الحنفي:
الحجة على أهل المدينة، لأبي عبد الله محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني (المتوفى: 189هـ)، تحقيق: مهدي حسن الكيلاني القادري، عالم الكتب – بيروت، الطبعة: الثالثة، 1403
شرح مختصر الطحاوي، لأحمد بن علي أبو بكر الرازي الجصاص الحنفي (المتوفى: 370 هـ)، تحقيق: عصمت الله عنايت الله محمد وآخرون، دار البشائر الإسلامية - ودار السراج، الطبعة: الأولى 1431 هـ - 2010 م.
التجريد للقدوري، لأحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر بن حمدان أبو الحسين القدوري (المتوفى: 428 هـ)، تحقيق: محمد أحمد سراج، وعلي جمعة محمد، دار السلام – القاهرة، الطبعة: الثانية، 1427 هـ - 2006 م.
المبسوط، لمحمد بن أحمد بن أبي سهل شمس الأئمة السرخسي (المتوفى: 483هـ)، دار المعرفة – بيروت، تاريخ النشر: 1414هـ - 1993م.
بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، لعلاء الدين، أبو بكر بن مسعود بن أحمد الكاساني الحنفي (المتوفى: 587هـ)، دار الكتب العلمية، الطبعة: الثانية، 1406هـ - 1986م.
الهداية في شرح بداية المبتدي، لعلي بن أبي بكر بن عبد الجليل الفرغاني المرغيناني، أبو الحسن برهان الدين (المتوفى: 593هـ)، تحقيق: طلال يوسف، دار احياء التراث العربي - بيروت – لبنان.
الاختيار لتعليل المختار، لعبد الله بن محمود بن مودود الموصلي البلدحي، مجد الدين أبو الفضل الحنفي (المتوفى: 683هـ)، مطبعة الحلبي - القاهرة ، تاريخ النشر: 1356 هـ - 1937 م.
تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشِّلْبِيِّ، لعثمان بن علي بن محجن البارعي، فخر الدين الزيلعي الحنفي (المتوفى: 743 هـ)، المطبعة الكبرى الأميرية - بولاق، القاهرة، الطبعة: الأولى، 1313 هـ
العناية شرح الهداية، لمحمد بن محمد بن محمود، أكمل الدين أبو عبد الله ابن الشيخ شمس الدين ابن الشيخ جمال الدين الرومي البابرتي (المتوفى: 786هـ)، دار الفكر.

الفقه المالكي:
المدونة، لمالك بن أنس بن مالك بن عامر الأصبحي المدني (المتوفى: 179هـ)، دار الكتب العلمية، الطبعة: الأولى، 1415هـ - 1994م.
النَّوادر والزِّيادات على مَا في المدَوَّنة من غيرها من الأُمهاتِ، لأبي محمد عبد الله القيرواني، المالكي (المتوفى: 386هـ)، تحقيق: عبد الفتّاح محمد الحلون ومحمَّد حجي وآخرون، دار الغرب الإسلامي، بيروت، الطبعة: الأولى، 1999 م.
الجامع لمسائل المدونة، لأبي بكر محمد بن عبد الله بن يونس التميمي الصقلي (المتوفى: 451 هـ)، تحقيق: مجموعة باحثين، توزيع: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة: الأولى، 1434 هـ - 2013 م.
الكافي في فقه أهل المدينة، لأبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري القرطبي (المتوفى: 463هـ)، تحقيق: محمد محمد أحيد الموريتاني، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، المملكة العربية السعودية، الطبعة: الثانية، 1400هـ/1980م.
بداية المجتهد ونهاية المقتصد، لأبي الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد القرطبي الشهير بابن رشد الحفيد (المتوفى: 595هـ) دار الحديث – القاهرة.
بلغة السالك لأقرب المسالك المعروف بحاشية الصاوي على الشرح الصغير (الشرح الصغير هو شرح الشيخ الدردير لكتابه المسمى أقرب المسالك لِمَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ)، لأبي العباس أحمد بن محمد الخلوتي، الشهير بالصاوي المالكي (المتوفى: 1241هـ)، دار المعارف.
منح الجليل شرح مختصر خليل، لمحمد بن أحمد بن محمد عليش، أبو عبد الله المالكي (المتوفى: 1299هـ)، دار الفكر – بيروت، تاريخ النشر: 1409هـ/1989م.

الفقه الشافعي:
الأم: للشافعي أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن عبد المطلب بن عبد مناف المطلبي القرشي المكي (المتوفى: 204هـ) دار المعرفة – بيروت.
الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي، لأبي الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي، الشهير بالماوردي (المتوفى: 450هـ) تحقيق: الشيخ علي محمد معوض - الشيخ عادل أحمد عبد الموجود، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان.
نهاية المطلب في دراية المذهب، لعبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن محمد الجويني، أبو المعالي، ركن الدين، الملقب بإمام الحرمين (المتوفى: 478هـ)، تحقيق وفهرسة: عبد العظيم محمود الدّيب، دار المنهاج، الطبعة: الأولى، 1428هـ-2007م.
العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير، لعبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم، أبو القاسم الرافعي القزويني (المتوفى: 623هـ)، تحقيق: علي محمد عوض - عادل أحمد عبد الموجود، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، الطبعة: الأولى، 1417 هـ - 1997 م.
المجموع شرح المهذب، لأبي زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)، دار الفكر.

الفقه الحنبلي:
مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود السجستاني، لأبي داود سليمان بن الأشعث السِّجِسْتاني (المتوفى: 275هـ)، تحقيق: أبي معاذ طارق بن عوض الله بن محمد، مكتبة ابن تيمية، مصر، الطبعة: الأولى، 1420 هـ - 1999 م.
المغني، لأبي محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي (المتوفى: 620هـ) مكتبة القاهرة.
الكافي في فقه الإمام أحمد، لأبي محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي (المتوفى: 620هـ)، دار الكتب العلمية، الطبعة: الأولى، 1414 هـ - 1994 م.
الشرح الكبير على متن المقنع، لعبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن قدامة المقدسي الجماعيلي الحنبلي، أبو الفرج، شمس الدين (المتوفى: 682هـ)، دار الكتاب العربي للنشر والتوزيع.
الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، لعلاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي الدمشقي الصالحي الحنبلي (المتوفى: 885هـ) دار إحياء التراث العربي، الطبعة: الثانية.
الهداية على مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن حنبل، لمحفوظ بن أحمد بن الحسن، أبو الخطاب الكلوذاني، تحقيق: عبد اللطيف هميم، وماهر ياسين الفحل، مؤسسة غراس للنشر والتوزيع، الطبعة: الأولى، 1425 هـ / 2004 م.

فقه عام، وبحوث ومسائل:
المحلى بالآثار، لأبي محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي الظاهري (المتوفى: 456هـ)، دار الفكر – بيروت.
الإقناع في مسائل الإجماع، لعلي بن محمد بن عبد الملك الكتامي الحميري الفاسي، أبو الحسن ابن القطان (المتوفى: 628هـ)، تحقيق: حسن فوزي الصعيدي، الفاروق الحديثة للطباعة والنشر، الطبعة: الأولى، 1424 هـ - 2004 م.
مختصر خلافيات البيهقي، لأحمد بن فَرْح اللَّخمي الإشبيلي، شهاب الدين الشافعي (المتوفى: 699هـ)، تحقيق: ذياب عبد الكريم ذياب عقل، مكتبة الرشد - السعودية / الرياض، الطبعة: الأولى، 1417هـ - 1997م.
الإجماع، لأبي عمر بن عبد الله بن عبد البر، جمع وترتيب: فؤاد بن عبد العزيز الشهلوب، وعبد الوهاب بن ظافر الشهري، دار القاسم للنشر-الرياض.
فقه النكاح والفرائض، لمحمد عبد اللطيف قنديل.



[1] لسان العرب (3/2814)

[2] المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/396)

[3] انظر: المغني (8/96).

[4] سورة البقرة، آية: 282.

[5] سورة الطلاق، آية: 4.

[6] سورة البقرة، آية: 234.

[7] أخرجه البخاري، كتاب الطلاق، باب: قول الله تعالى: يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة (5251). ومسلم، كتاب الطلاق، باب: تحريم طلاق الحائض (1471).

[8] أخرجه البخاري، كتاب الطلاق، باب: تحد المتوفى عنها زوجها أربعة أشر وعشرا (5334)، ومسلم، كتاب الطلاق، باب: انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها (1490).

[9] أخرجه مسلم، كتاب الطلاق، باب: المطلقة ثلاثا لا نفقة لها (1480).

[10] انظر: فقه النكاح والفرائض (1/252)

[11] الاقناع في مسائل الاجماع (2/44). وانظر: المبسوط (6/30)، والكافي في فقه أهل المدينة (2/621)، والحاوي الكبير (11/234)، والشرح الكبير على المقنع (24/27)،

[12] سورة البقرة، آية: 234.

[13] انظر: المبسوط (6/39)، والجامع لمسائل المدونة (10/573)، والحاوي الكبير (11/312)، والمغني (8/116).

[14] الاقناع في مسائل الاجماع (2/48)، وانظر: المبسوط (6/39)، والجامع لمسائل المدونة (10/573).، والأم (5/241)، والمغني (8/117).

[15] الاقناع (2/44).

[16] انظر: المبسوط (6/39)، والجامع لمسائل المدونة (10/573)، والأم (5/241)، والمغني (8/117).

[17] الاقناع في مسائل الإجماع (2/44).

[18] انظر: الحجة على أهل المدينة (4/84، 85).

[19] انظر: المغني (8/116).

[20] المغني (8/117).

[21] انظر: بدائع الصنائع (3/218، 219).

[22] انظر: الجامع لمسائل المدونة (10/573).

[23] انظر: الام (5/241).

[24] الجامع لمسائل المدونة (10/574).

[25] الحائل: هي التي لا حبل بها. انظر: طلبة الطلبة (1/44).

[26] سورة البقرة، آية: 234.

[27] تقدم تخريجه ص4.

[28] انظر: المغني (8/115).

[29] انظر: بدائع الصنائع (3/192)، بداية المجتهد (3/115)، المجموع شرح المهذب (18/148)، المغني (8/97).

[30] سورة الطلاق، آية: 4.

[31] هي سبيعة بنت الحارث الأسلمية. كانت امرأة سعد بن خولة فتوفي عنها بمكة في حجة الوداع وهي حامل، فوضعت بعد وفاة زوجها بليال، قيل: شهر. وقيل: خمس وعشرون، وقيل: أقل من ذلك. انظر: أسد الغابة (6/137)

[32] هُوَ أبو السنابل بن بعكك بن الحارث بن عميلة بن السباق، واسمه عَمْرو، وقيل: حبة، وأمه عمرة بنت أوس العذرية، من عذرة بن سعد هذيم. أسلم فِي الفتح، وهو من المؤلفة قلوبهم، وَكَانَ شاعرا، وسكن الكوفة. انظر: أسد الغابة (5/156).

[33] أخرجه البخاري، كتاب الطلاق، باب: وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن، رقم (5318)، ومسلم، كتاب الطلاق، باب: انقضاء عدة المتوفي عنها زوجها وغيرها، رقم (1484).

[34] أخرجه البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا، رقم (4532).

[35] الاجماع لابن عبد البر (1/271)، وانظر: تبيين الحقائق (3/32)، والمدونة (2/12)، والأم (5/231)، والمغني (8/170).

[36] انظر: المبسوط (6/36).

[37] انظر: الام (5/242)

[38] انظر: المدونة (2/52)

[39] انظر: الكافي (3/207، 208)، والانصاف (9/307).

[40] انظر: المبسوط (6/32)، بلغة السالك لأقرب المسالك (2/686)، الأم (5/240)، الهداية على مذهب الإمام أحمد (1/487).

[41] لسان العرب (3/143)

[42] شرح حدود ابن عرفة (1/221)

[43] انظر: بداية المجتهد (3/141).

[44] انظر: نهاية المطلب في دراية المذهب (15/246).

[45] المغني (8/154)

[46] الحفش: البيت الصغير الذليل القريب السمك، سمي به لضيقه، انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (1/407).

[47] أخرجه البخاري، كتاب الطلاق، باب: تحد المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرا (5336، 5337)، وأخرجه مسلم، في كتاب الطلاق، باب: انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها (1488، 1489).

[48] تقدم تخريجه ص4.

[49] ثوب العصب: ضرب من برود اليمن يصبغ غزله ثم ينسج. انظر: طلبة الطلبة (1/56).

[50] أخرجه البخاري، كتاب الحيض، باب: الطيب للمرأة عند غسلها من المحيض (313).

[51] ) إعلام الموقعين (2/146) .

[52] المحلى بالآثار لابن حزم (10/72)، وانظر: الأم (5/248)، والإنصاف (9/309).

[53] انظر: الحاوي الكبير (11/273-275).

[54] انظر: المبسوط (6/59)، الكافي في فقه أهل المدينة (2/622)، ونهاية المطلب (15/245)، .

[55] المبتوتة: هي المطلقة طلاقا لا رجعة فيه، ومثلها المختلعة، انظر: المصباح المنير (1/35)،

[56] انظر: المدونة (2/12)

[57] انظر: الحاوي الكبير (11/275).

[58] انظر: الكافي (3/2109)، والإنصاف (9/302).

[59] انظر: المبسوط (6/58).

[60] تقدم تخريجه ص4.

[61] انظر: المغني (8/164).

[62] الحاوي الكبير (11/275).

[63] أخرجه أبو داود (2304)، والنسائي (3535)، وصححه الألباني.

[64] الاختيار لتعليل المختار (3/177).

[65] تقدم تخريجه ص4.

[66] المبسوط (6/58).

[67] انظر: المرجع السابق (6/58، 59).

[68] انظر: الاختيار لتعليل المختار (3/177).

[69] انظر: المغني (8/164).

[70] انظر: العزيز شرح الوجيز (9/481)، ونهاية المطلب (15/245)

[71] انظر: تبيين الحقائق (3/35)

[72] انظر: العناية شرح الهداية (4/339).

[73] انظر: بداية المجتهد (3/141).

[74] انظر: الكافي في فقه أهل المدينة (2/621)، خص المالكية وجوب الإحداد على الذمية زوجة المسلم، ولم يتكلموا في إحداد زوجة الذمي، انظر: المدونة (2/16)، والنوادر والزيادات (5/40).

[75] انظر: الأم (5/230)،

[76] انظر: الكافي في فقه الامام أحمد (3201).

[77] انظر: المبسوط (6/59).

[78] سورة البقرة، آية: 234.

[79] المدونة (2/13).

[80] تقدم تخريجه ص4.

[81] مختصر خلافيات البيهقي (4/294)

[82] رواه أبو داود (2304)، وصححه الألباني.

[83] مختصر خلافيات البيهقي (4/294).

[84] تقدم تخريجه ص4.

[85] شرح مختصر الطحاوي (5/245)

[86] أخرجه أبو داود (4398)، والترمذي (4399)، والنسائي (3432) واللفظ له، وابن ماجه (2041)، والحاكم (2350) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه. انظر: نصب الراية (2/333)، والمستدرك للحاكم (2/67).

[87] انظر: التجريد للقدوري (10/5315).

[88] انظر: الحاوي الكبير (11/283)

[89] انظر: المغني (8/155).

[90] سورة الأحزاب، آية: 49.

[91] انظر: الحاوي الكبير (11/284).

[92] انظر: بدائع الصنائع (3/209).

[93] انظر: التجريد للقدوري (10/5315، 5316)

[94] انظر: التجريد للقدوري (10/5317، 5318)

[95] سورة المائدة، آية: 49.

[96] انظر: الهداية شرح بداية المبتدي (2/278).

[97] أخرجه البخاري، كتاب الطلاق باب: القسط للحادة عند الطهر (5341).

[98] أخرجه أبو داود (2304)، والنسائي (3535)، وأحمد (26581)، وروي موقوفا، والمرفوع من رواية إبراهيم بن طهمان، وهو ثقة من رجال الصحيحين، انظر: نيل الأوطار (6/351).

[99] الصبر: كحل أصفر اللون، انظر: نهاية المطلب في دراية المذهب (15/251).

[100] أخرجه أبو داود (2305)، والنسائي (3537)، وإسناده ضعيف، فيه المغيرة بن الضحاك عن أم حكيم بنت أسيد عن أمها عن مولى لها عن أم سلمة. وقد أعله عبد الحق والمنذري بجهالة حال المغيرة ومن فوقه، انظر: نيل الأوطار (6/351).

[101] أي البسي ثوب الحداد وهو السلاب، والجمع سلب، وتسلبت المرأة إذا لبسته، وقيل: هو ثوب أسود تغطي به المحد رأسها. النهاية في غريب الحديث والأثر (2/387).

[102] أخرجه أحمد (27468)، وابن حبان في صحيحه (3148).

[103] أخرجه أحمد (27083)، والحديث ظاهره أنه لا يجب الإحداد على المتوفى عنها بعد اليوم الثالث؛ لأن أسماء بنت عميس كانت زوج جعفر بالاتفاق وهي والدة أولاده، والحديث شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة. وأجاب الطحاوي بأنه منسوخ، واستدل على النسخ بأحاديث وجوب الإحداد وليس فيها ما يدل على ذلك. وقيل: المراد بالإحداد المقيد بالثلاث قدر زائد على الإحداد المعروف، ويحتمل أنها كانت حاملا فوضعت بعد ثلاث فانقضت عدتها، ويحتمل أنه أبانها بالطلاق قبل استشهاده فلم يكن عليها إحداد. انظر: نيل الأوطار (6/348).

[104] أخرجه مسلم، كتاب الطلاق، باب: جواز خروج المعتدة البائن والمتوفى عنها زوجها في النهار لحاجتها (1483).

[105] أخرجه مالك في الموطأ (2/592، رقم 89).

[106] فُرَيعَة بنت مالك بن سنان بْن ثعلبة بْن عُبَيْد بْن الأبجر- وهو خدرة- بْن عوف بْن الحارث بْن الخزرج الأنصارية الخدرية، ويقال لها: الفارعة أيضا، أخت أبي سعيد الخدري شهدت بيعة الرضوان، وأمها حبيبة بنت عبد الله بن أبي ابن سلول. انظر: أسد الغابة (5/142)، (6/235).

[107] أخرجه أبو داود (2300)، والترمذي (1204)، والنسائي (3530)، وابن ماجه (2031)، ومالك في الموطأ (2/591، رقم 87)، وابن حبان (4292). وهو حديث صحيح، انظر: نيل الأوطار (6/245).

[108] انظر: بداية المجتهد (3/141).

[109] وهم الحنفية. انظر: المبسوط (6/59).

[110] وهم المالكية. انظر: الجامع لمسائل المدونة (10/585).

[111] وهو الأبيض من البرود والعنزروت والتوتيا. انظر: الحاوي الكبير (11/278).

[112] الـمَرَه: خلوّ العين من الكحل، وهو أيضا مرضٌ في العين تَتَقرَّحُ منه، نهاية المطلب في داية المذهب (15/250).

[113] وهم الشافعية والحنابلة، انظر: الأم (5/247)، والكافي في فقه الامام أحمد (3/210).

[114] وهو قول المالكية والحنابلة. انظر: الجامع لمسائل المدونة (10/585)، والكافي في فقه الإمام أحمد (3/210).

[115] وهو قول الحنفية والشافعية. انظر: تبيين الحقائق (3/35)، والام (5/247).

[116] وهو قول الحنفية. انظر: تبيين الحقائق (3/35).

[117] الأدكن: المائل إلى السواد، انظر: منح الجليل (4/315).

[118] وهو قول المالكية. انظر: المرجع السابق (4/315).

[119] وهو قول الحنفية. انظر: المبسوط (6/59).

[120] وهو قول المالكية. انظر: الجامع لمسائل المدونة (10/585).

[121] وهو قول الشافعية. انظر: الأم (5/248).

[122] الحاوي الكبير (11/282).

[123] منح الجليل (4/315).

[124] انظر: نيل الاوطار (6/355).

[125] الاختيار لتعليل المختار (3/178).

[126] انظر: تبيين الحقائق (3/37)، والمدونة (3/42)، والمجموع شرح المهذب (18/177)، مسائل الامام أحمد رواية أبي داود (1/252).

[127] الكافي في فقه أهل المدينة (2/623).