كيف يفكر المسلمون؟


«من يتحدث باسم الإسلام؟»..


كتاب قيم صدر عام 2007م بنسخته الإنجليزية، للمؤلفين: جون اسبوزيتو وداليا مجاهد. وبعدها بعامين تقريبا ظهرت ترجمته للدكتور عزت شعلان إلى العربية.. العنوان الفرعي للكتاب تساؤل أيضا يهم كل باحث في الدراسات الإسلامية، إذ يقول: كيف يفكر - حقا - مليار مسلم؟ اعتمد الكتاب في تحليلاته على نتائج أكبر استطلاع رأي عالمي آنذاك، أجراه مركز «جالوب» للدراسات الإسلامية، في 35 دولة، بين عامي 2001م و2007م، شمل عشرات الآلاف من المقابلات، وجها لوجه، مسحا كليا لعينة تمثل أكثر من 90% من 1.3 مليار مسلم في العالم. مما يجعل هذا العمل - على حد وصف اسبوزيتو - أكبر وأشمل دراسة للمسلمين المعاصرين أجريت حتى حينه. بل في التاريخ.
يقول المفكر فهمي هويدي، والذي قدم للترجمة العربية الصادرة عن دار الشروق - القاهرة: هذا الكتاب يعد مفاجأة وصدمة للغربيين، وتعريفا للعرب والمسلمين بما يعرفون. مصدر المفاجأة والصدمة فيه أنه يمثل سباحة ضد التيار، وخروجا على المألوف، وتمردا على الصورة النمطية التي فرضت على العقل الغربي، وصنفت العرب والمسلمين بحسابهم كائنات شاذة وغريبة مسكونة بالتعصب والتطرف، ومهجوسة في ذات الوقت بكراهية الغرب، ومتطلعة الى الانقضاض عليه وإفنائه.
ويؤكد الدكتور عزت شعلان في مقدمة الترجمة أن من أهم ما أظهره الاستفتاء أهمية الإسلام عند الأغلبية الساحقة من المسلمين، وموقعه المركزي في الهوية الدينية والتاريخية والقومية والثقافية. ويعتبر المسلمون أن الدين قوة بالغة في التغيير السياسي والاجتماعي. كما يرون - مثل الأميركيين - أن يكون الدين مصدرا للتشريع، ولكن أغلب المسلمين لا يريدون حكومة ثيوقراطية، أي حكومة دينية يتولاها رجال الدين، ولا يرغبون كذلك في حكومة علمانية لا علاقة لها بالدين، ولعلهم يتطلعون إلى نموذج ثالث، يجمع بين المبادئ الدينية، والقيم المعاصرة القائمة على العدالة الاجتماعية.
في الفصل الأول، وتحت عنوان «أهمية الإيمان»، يتساءل الكتاب عن الدور الذي يؤديه الدين حقا في حياة المسلمين؟ ويجيبان: تبعا لاستفتاءات «جالوب» في عام 2001م، وبين عامي 2005م و2007م، وفي بلاد تكون نسبة كبيرة من السكان أو أغلبهم من المسلمين، تقول الأغلبية في بلاد عديدة (وكثير منها يبلغ مدى 90%): إن الدين جزء مهم من حياتهم اليومية. وتعتبر نسبة كبيرة أن امتلاك حياة دينية أو روحية ثرية جانب أساسي في الحياة، لا يستطيع الإنسان أن يحيا من دونه. وعند السؤال عن أشد ما يدعو إلى الإعجاب بالعالم الإسلامي، كانت الاستجابة الأولى عند نسب مئوية مهمة من السكان، في بلاد شديدة التنوع، مثل تركيا والعربية السعودية وإندونيسيا هي: «الالتزام الصادق بالإسلام عند الناس».
ويستطرد المؤلفان: يعتبر الكثيرون الدين مؤشرا أوليا على الهوية، ومصدرا للمعنى والإرشاد والعزاء والمجتمع، وعاملا أساسيا في تقدمهم. وترغب الأغلبية من الرجال والنساء جميعا، في كثير من البلاد التي تغلب عليها نسبة المسلمين، أن ترى المبادئ الإسلامية - وهي الشريعة - مصدرا للتشريع. وعند هؤلاء المستجيبين للاستفتاء كثير من الأمور المشتركة مع أغلب الأميركيين الذين يرغبون في رؤية الإنجيل مصدرا للتشريع. وتؤكد كلتا الجماعتين أهمية القيم العائلية، وتهتمان اهتماما عميقا بأمور الأخلاق الاجتماعية. والواقع أن المستجيبين في العالم الإسلامي، وعددا كبيرا من الأميركيين يقولون: إن أقل ما يعجبون به في الحضارة الغربية هو الحرية المفرطة في المجتمع.
ويوضح الكتاب أن الإسلام عند أتباعه الملتزمين ليس مثلما قد يبدو أمام المراقبين من الخارج صفحة مقيدة من القواعد والعقوبات، إذ هو عند كثير من المسلمين خارطة عقلية روحية، تقدم إحساسا بالمعنى والإرشاد والهدف والأمل. وتقول الأغلبية الكبرى من المقيمين في البلاد التي يكون أغلبها من المسلمين: إن حياتهم ذات هدف مهم (90% من المصريين، و91% من السعوديين).

تقاليد وعادات

إن أهمية الدين يدعمها ما يقوله المسلمون عن تقاليدهم وعاداتهم، وهي مازالت كذلك تلعب دورا مركزيا في حياتهم. وعند سؤالهم: هل هناك تقاليد وعادات مهمة بالنسبة لكم أم لا؟ قالت الأغلبية في كثير من البلاد التي تغلب نسبة المسلمين على سكانها فيها: نعم، الأردن (96%)، والعربية السعودية (95%)، وتركيا (90%)، ومصر (87%). يتعارض هذا بصورة حادة مع أولئك الذين أجابوا بـ«نعم» للسؤال نفسه في الولايات المتحدة (54%)، والبلاد الأوروبية بصفة خاصة، مثل: المملكة المتحدة (36%)، وفرنسا (20%)، وبلجيكا (23%).
إله واحد
لم يكن المسلم الأول هو النبي محمد عليه السلام، ولكنه آدم، أول إنسان ونبي من الله. كما يؤكد الإسلام أن الله أرسل الرسل والأنبياء إلى جميع الأمم: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ } (فاطر: 24)، وهم جميعا قد علموا الرسالة الأساسية نفسها، وهي الإيمان بإله واحد متفرد، والمعتقد أن الأنبياء جميعا على هذا الاعتبار «مسلمون».
{قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (آل عمران: 84).

منقول