تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: اللزوم العقلي في إشارة النص

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي اللزوم العقلي في إشارة النص

    اللزوم العقلي في إشارة النص


    د.عبد الجليل زهير ضمرة[(*)]



    ملخص البحث:


    يهدف هذا البحث إلى تحرير الحقيقة الأصولية لإشارة النص، لا من جهة التعريف النظري فحسب، بل من خلال التركيز على إبراز المسلك الإجرائي المتعين اقتفاؤه إبان الاستدلال بالإشارة من الناحية العملية؛ لذا يتجلى التركيز على اللزوم العقلي في إشارة النص احتساباً بأنه الآلية المعنوية المعتمد عليها في الاستدلال بهذا المسلك أصولياً.

    وقد تناول البحث طبيعة اللزوم العقلي في إشارة النص، مع إبراز لخصائصه الأصولية، وأثره في مدى قوة دلالة الإشارة معنوياً مقارنة بغيرها من الدلالات، مع التنويه بحقيقة العلاقة في اللزوم العقلي بين إشارة النص وبين دلالة الإيماء، فضلاً عن كشفه عن مسلك أصوليي الحنفية في تخريج مفهومي الغاية والاستثناء على اللزوم العقلي لدلالة الإشارة.

    المقدمة:


    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من اقتفى أثره إلى يوم الدين...وبعد

    فإن استنطاق دلائل الشريعة باستنباط مكنوناتها المعنوية من أشرف ما يتقرب به إلى الله تعالى، ولمثل هذه الغاية شيدت علوم الشريعة، وفي مقدمتها: علم أصول الفقه. وقد تبدَّى للباحث عبر مشواره العلمي أن إشارة النص من أدق المسالك الاستدلالية المنبِّهة إلى ألطف المعاني الشرعية مما يحتاج معها إلى إنعام النظر تفهُّماً وتدقيقاً.
    ومع أن علماء الأصول- على الجملة- عُنوا بتحرير هذا المسلك وتقرير ضوابطه في القديم والحديث، غير أن الباحث عبر تدريسه لمقرر الدلالات بطريقة إجرائية تطبيقية وأخرى تنظيرية تأصيلية تجلى لديه أن إشارة النص من أغمض مسالك الاستدلال الأصولي على طلبة العلم؛ ذلك أنه يستند إلى ملاحظة اللزوم العقلي في السياق اللفظي- المعوز إلى ضروب من التأمل والتمهل- إذ المعنى الإشاري لا يقصد استقلالاً ولا يتبدّى بين يدي الناظر استهلالاً، من هنا تعيَّن إنعام النظر في اللزوم العقلي لدلالة الإشارة؛ اعتماداً على أنه المسلك الإجرائي المظهر لحقيقتها الأصولية عملياً، وسيعتمد الباحث في تحقيق هذا الغرض على جمع المظان العلمية للموضوع بصورة حاصرة متكاملة، ومن ثمَّ صوغها بمنهجية تحليلية يتجلى فيه سبيل الاستدلال بهذا المسلك إجرائياً.
    أهمية الدراسة


    تبرز أهمية هذه الدراسة من خلال طبيعتها الموضوعية؛ إذ يعد إشارة النص من أبرز المسالك الاستدلالية التي أوعب الفقهاء من الاعتماد عليها في مصنفاتهم، وظهر أثرها في الفتاوى والنوازل الفقهية، وإن لم يصرَّح باسمها أصولياً في العديد من المواطن؛ كما تعد إشارة النص من أهم الأدوات التفسيرية للقاعدة القانونية قضائياً.

    وبناءً على أهمية الموضوع في الدراسات الفقهية والقانونية: فقد سلك الباحث فيه مسلك الجمع الاستقرائي الحاصر لجملة مشتملات الموضوع، أملاً في تجليته بطريقة إجرائية عملية تعين الدارسين على التمهُّر في استنباط المعاني الإشارية من أدلة الشرع.
    مشكلة الدراسة


    تقصد هذه الدراسة إلى الإجابة عن الأسئلة الآتية:

    1-ما هي طبيعة اللزوم العقلي في إشارة النص؟ وما أبرز خصائصه؟ وكيف يتقرّر اللزوم العقلي في إشارة النص إبان الاستدلال؟
    2-ما هي العلاقة بين إشارة النص من جهة وبين دلالة الإيماء ومفهومي الغاية والاستثناء؟
    3-إبراز أمثلة للاستدلال بدلالة الإشارة غير تلك الواردة في المصنفات الأصولية؟
    المنهجية المعتمدة في الدراسة


    اعتمدت الدراسة على المنهج الاستقرائي متممة بالمنهج التحليلي، حيث عَمَد الباحث إلى استقراء المظان الموضوعية لدلالة الإشارة في محورين:
    الأول: استقراء الأدلة الشرعية المتضمنة لدلالة الإشارة؛ قصداً إلى التحقق من الطبيعة الدلالية لهذا المسلك وخصائصه الاستدلالية.

    الثاني: استقراء مذاهب الأصوليين في إشارة النص مع تتبع حاصر للمباحث الأصولية المتعلقة بالموضوع.

    ومن ثمَّ صار الباحث إلى تحليل المادة العلمية المستقراة، وتقرير المباحث الأصولية ذات الصلة بموضوع إشارة النص، نقداً وتصويباً وترجيحاً.
    الدراسات السابقة


    تناول موضوع إشارة النص الدكتور محمد أديب الصالح في أطروحته للدكتوراه المقدمة لجامعة القاهرة سنة 1964م، والموسومة بــ "تفسير النصوص في الفقه الإسلامي"، كما أدرج الباحث حسين على جفتجي إشارة النص في تضاعيف رسالته للماجستير المقدمة لجامعة الملك عبد العزيز سنة 1401هــ، والموسومة بــ"طرق دلالة الألفاظ على الأحكام المتفق عليها عند الأصوليين"، والملاحظ في هاتين الدراستين اقتصارهما على الأمثلة الدارجة في مصنفات الأصوليين، مع عدم التوسع في تحليل المادة الأصولية لإشارة النص، ولعل عذرهما أن الدراستين قد عنيتا باستيعاب المسالك الاستدلالية جملة، ولم تختصا بدراسة إشارة النص تعييناً.
    خطة الدراسة


    قسمت هذه الدراسة إلى ثلاثة مباحث رئيسة تمهَّدت بتوطئة، وهي كالآتي:
    المبحث الأول: اللزوم العقلي في إشارة النص: طبيعته، وروابطه الموضوعية.

    وفيه مطلبان:
    المطلب الأول: طبيعة اللزوم العقلي في إشارة النص.

    المطلب الثاني: الروابط الموضوعية المقتضية للزوم العقلي في إشارة النص.

    المبحث الثاني: خصائص اللزوم العقلي في دلالة الإشارة. وفيه ثلاثة مطالب:

    المطلب الأول: الخصائص الذاتية للزوم العقلي في دلالة الإشارة.

    المطلب الثاني: مدى قوة إشارة النص مقارنة بغيره من الدلالات اعتماداً على الخصائص الذاتية للزومه العقلي.

    المطلب الثالث: الخصائص العارضة على اللزوم العقلي في دلالة الإشارة.

    المبحث الثالث: اللزوم العقلي في إشارة النص، وعلاقته بدلالة الإيماء ومفهومي الغاية والاستثناء. وفيه مطلبان:

    المطلب الأول: اللزوم العقلي في إشارة النص، وعلاقته بدلالة الإيماء.

    المطلب الثاني: اللزوم العقلي في إشارة النص، وعلاقته بمفهومي الغاية والاستثناء عند أصوليي الحنفية.

    ثم ختُمت الدراسة بخاتمة تضمنت أبرز النتائج والتوصيات.

    توطئة:


    يتضافر جماهير الأصوليين من المتكلمين والفقهاء[(1)] على ضبط مفهوم إشارة النص بأنه دلالة لفظية تتحقق إفادته للمعنى عن طريق اللزوم العقلي، غير أن هذا اللازم العقلي المفيد للمعنى الإشاري لا يكون مقصوداً للشارع في سياق خطابه ابتداءً وأصالة، إنما يقصد تبعاً.
    بناءً على هذه المعايير في ضبط مفهوم إشارة النص يمكن تعريفه بأنه: دلالة اللفظ على لازم عقلي ذاتي متأخر مفيد لمعنى مقصود تبعاً.
    ويمكن شرح محترزات التعريف على النحو الآتي:

    قوله: (دلالة اللفظ) جنس في التعريف يقصد به تحصيل معنى مفيد باللفظ على الجملة.
    قوله: (لازم عقلي) يقصد به معنى يُستدعى عن طريق العقل عند ذكر آخر مستفاد بالوضع؛ لرابطة موضوعية تقتضي التلازم بينهما، وهي إما عقلية أو عادية أو شرعية، وهو قيد في التعريف يخرج به الدلالة بالمعنى اللغوي المستفاد بالوضع.
    قوله (الذاتي) يقصد به اللازم العقلي المتحصِّل بذات الألفاظ الواردة في دليل الشرع بالمنطوق، وهو قيد يخرج به اللازم العقلي غير الذاتي كالمفهوم بالموافقة أو المخالفة.
    قوله: (المتأخر) قيد في التعريف، يقصد به أن اللزوم العقلي قد تحصَّل بعد زمان إدراك معنى اللفظ بالوضع اللغوي، ويحترز به عن اللزوم العقلي المتقدم مما يتوقف صحة السياق اللفظي أو صدقه عليه، وهو المسمى بدلالة الاقتضاء.
    قوله: (المقصود تبعاً) قيد في التعريف يخرج به اللزوم العقلي المقصود أصالة في النص، وهو المسمى عند أصوليي الحنفية بعبارة النص.
    المبحث الأول


    اللزوم العقلي في إشارة النص: طبيعته، وروابطه الموضوعية


    يتناول هذا المبحث طبيعة اللزوم العقلي في إشارة النص قصداً إلى تحريره وتقرير مذاهب الأصوليين فيه، مع بيان الروابط الموضوعية المقتضية لعلاقات اللزوم العقلي المفيدة لدلالة الإشارة معنوياً.
    المطلب الأول


    طبيعة اللزوم العقلي في إشارة النص


    تكاد تتفق توجهات الأصوليين من متكلمة وفقهاء على أن التدليل بإشارة النص يقوم على دلالة الالتزام[(1)]، وهي دلالة عقلية وضعية تستند إلى استحضار المعاني وتتبعها عن طريق العقل بوساطة دلالة الوضع؛ لذا تعد الإفادة العقلية فيها هي الأظهر، في حين أن الإفادة بالوضع وسيلتها، ويطلق على استحضار المعنى وتتبعه عن طريق العقل اسم اللزوم العقلي.
    والسؤال الذي يرد في هذا المقام: كيف يستدعي اللزوم العقلي المعنى في دلالة الالتزام؟
    يجاب بأن المخاطب حين يتلفظ باللفظ في سياق النظم يستدعي اللفظُ في ذهن السامع معنى يستفاد عن طريق الدلالة الوضعية، فإذا كان هذا المعنى الوضعي للفظ يرتبط بعلاقة موضوعية وثيقة مع معنى آخر مما يستدعي استثارة العقل في استحضار المعنى الآخر وتتبعه ذهنياً، لينتقل الذهن من المعنى الوضعي إلى لازمه العقلي بوساطة العلاقة الموضوعية الجامعة بين المعنيين في السياق، ويطلق على المعنى الوضعي المستدعي اسم الملزوم، ويطلق على المعنى المستدعى عقلاً اسم اللازم، ويطلق على العلاقة الجامعة بينهما اسم علاقة اللزوم العقلي[(1)].
    ويتعين في هذا المقام تحديد طبيعة علاقات اللزوم العقلي، فهل يعني ثبوتها تعذر الانفكاك بين الملزوم ولازمه، كتعذر انفكاك الماهية عن خواصها الذاتية ومقتضياتها الذهنية، كالاثنين مع خاصية أنه عدد زوجي، والطبيب الفلاني مع خاصية حياته وإرادته ومعرفته، وبناء على هذا التصور تغدو علاقات اللزوم العقلي تقتضي الجزم بارتباط الملزوم بلازمة في الذهن بداهةً!!
    أو أن علاقات اللزوم العقلي تعني اختصاص الملزوم بلازمه بخاصية توجد في الذهن أو الواقع كارتباط المتبوع بتابعه والرديف بمرادفه والسبب بنتيجته العادية مما يكون الارتباط بينهما ظاهراً متجلياً بين المخاطبين على الجملة، كارتباط العبودية بالرقبة، وصحة الصلاة بتقرُّر طهارة المصلي ونحوه[(2)].
    وقد وقع الخلاف بين الأصوليين في تحديد الطبيعة التي تكون عليها علاقات اللزوم العقلي المقتضية للربط بين الملزوم ولازمه في العقل، هل يشترط أن تكون ذات موضوع ذهني صِرْف؟ ليقال: إن اللزوم العقلي يشترط أن يكون ذهنياً فقط، والتالي فلابد أن يكون اللزوم بيِّناً بحيث يمتنع الانفكاك بين الملزوم ولازمه في الذهن أو أنه كما احتمل أن يكون موضوع العلاقة ذهنياً فكذلك يحتمل أن يكون واقعياً بحيث يرتبط اللازم بملزومه في الخارج برباط يتقرّر من خلال عادة مطردة أو عرف مستقر بين المخاطبين، وعندئذ يمكن للزوم العقلي أن يكون بيِّناً بذاته أو خفياً يُستدل عليه بالقرائن الخارجية والسياقات اللفظية بين المخاطبين، فيقال عندها: إن اللزوم العقلي يمكن أن يكون خارجياً، كما أمكن أن يكون ذهنياً.
    افترق الأصوليون في هذه المسألة على مذهبين:

    المذهب الأول: صار إليه فخر الدين الرازي[(1)]، والبيضاوي، وتبعه شرَّاح منهاجه[(2)]، وهو معتمد عامة المناطقة[(3)]، وحاصله: أن علاقات اللزوم العقلي لا تكون إلا ذهنية فقط.

    المذهب الثاني: صار إليه عامة أصوليي الحنفية[(4)]، وابن الحاجب[(5)]، والقرافي[(6)]، وشمس الدين الأصفهاني[(7)] ونسبة لأكثر الأصوليين، وهو معتمد التاج ابن السبكي في جمع الجوامع[(8)]، والعجلي[(9)]، وابن النجار[(10)]، وغيرهم[(11)]، وهو معتمد علماء العربية من أهل البيان والبلاغة[(12)]، وحاصل هذا المذهب: أن علاقات اللزوم العقلي كما أمكن أن تكون ذهنية فيمكن أن تكون خارجية أيضاً.

    فإن قيل: أليس تقرُّر اللزوم الخارجي يقتضي عدم الانفكاك بين الملزوم ولازمه- ولو عن طريق القرائن الخارجية-؟ والتالي ثبوت التلازم بينهما في الذهن بحيث ينتقل الذهن من الملزوم إلى لازمه في الخارج، وعندئذ يظهر أن علاقة اللزوم الخارجي لا تكاد تنفك عن علاقة اللزوم الذهني في كثير من الصور واقعياً، مما يظهر أن الخلاف بين الأصوليين في هذه المسألة لا حاصل له[(1)]!!
    ويجاب بأن حاصل الخلاف بين الفريقين في المسألة يرجع إلى تحديد ماهية المراد بالدلالة على المعنى[(2)]، فعند أصحاب المذهب الأول يقصد بالدلالة أن اللفظ متى أطلق أفاد مدلوله عند كل عالم بالوضع فوراً، وإلا انتفت الإفادة بعلاقة اللزوم ذهنياً؛ إذ تشترط في دلالتها الكلية والفورية. في حين يرى أصحاب المذهب الثاني أن الدلالة تعني إفادة مدلول اللفظ عند العالم بالوضع على الجملة، سواء أكان حصول المدلول على الفور أم بعد التأمل في القرائن، وسواء أحصل الفهم من قبل كل عالم بالوضع أم من قبل بعضهم على الجملة.
    ويستند أصحاب المذهب الأول على أن الدلالة في اللزوم العقلي ليست دلالة وضعية ظاهرة بحيث يُتفق على إفادتها للمعنى؛ لذا يشترط فيها الفورية والكلية؛ للتحقق من صلاحيتها للتدليل، وإلا لأفضى فوات هذا الشرط إلى اضطراب التدليل واختلال جهة الإفادة؛ لذا يتعين اشتراط العلاقات الذهنية البيِّنة في اللزوم العقلي[(3)].
    ويستند أصحاب المذهب الثاني على أن اشتراط الفورية والكلية في الدلالة ممنوع؛ إذ هو مجاف لمنطق العربية في الفهم والتفهيم، وينأى عن مسلك الشارع في التدليل على المعاني؛ ذلك أن هذا الاشتراط يفضي إلى إبطال كثير من المجازات والكنايات والاستعارات المعهودة في مخاطبات العرب لاعتمادها على علاقات اللزوم الخارجي مما لا يتحقق فيها شرط الفورية والكلية على الأغلب، علاوة على أن هذا الاشتراط في علاقة اللزوم العقلي يقتضي إبطال قواعد أصولية متقرِّرة الدلالة شرعاً على المعاني كإشارة النص، ومفهوم الموافقة ومفهوم المخالفة، وغيرها؛ إذ لا يتحقق فيها شرط الفورية والكلية في الدلالة[(1)].
    يقول التفتازاني: "الجزم بأن الدلالة اللفظية إنما اعتبرت بالنسبة إلى كل من هو عالم بالوضع حتى لو لم يفهم البعض لم تتحقق الدلالة فاسد؛ لأن الثابت بإشارة النص قد يكون غامضاً بحيث لا يفهمه كثيرٌ من الأذكياء العالمين بالوضع... ولهذا خفي أقل مدة الحمل على كثير من الصحابة مع سماعهم النص، وعلمهم بالوضع. وتحقيق ذلك أن المعتبر في دلالة الالتزام عند علماء الأصول والبيان مطلق اللزوم؛ عقلياً كان أو غيره، بيِّناً كان أو غير بيِّن، ولهذا يجري فيها الوضوح والخفاء، ومعنى الدلالة عندهم فهم المعنى من اللفظ إذا أطلق بالنسبة إلى العالم بالوضع، وعند المنطقيين متى أطلق؛ فلهذا اشترطوا اللزوم البيِّن بالنسبة إلى الكل"[(2)].
    ويترجح لدى الباحث في هذه المسألة المذهب الثاني الذي يرى أن الدلالة يقصد بها مطلق فهم المعنى، بحيث لا يشترط في اللزوم العقلي الفورية ولا الكلية؛ وذلك لقوة ما استند إليه رموز هذا المذهب من منطق اللغة وعادة الشارع في التدليل، مع التأكيد على أن المحذور المدعى باضطراب دلالة اللزوم العقلي فيما لم تكن العلاقات ذهنية غير لازم، إذا تُحقِّق من اشتراط غلبة الظن في إفادة المعنى.
    المطلب الثاني


    الروابط الموضوعية المقتضية للزوم العقلي في إشارة النص


    يذهب الأصوليون إلى أن علاقات اللزوم العقلي لابد أن تستند في استثارة العقل للانتقال من الملزوم إلى لازمه بناءً على روابط موضوعية خاصة توثق الصلة بينهما، بحيث تقتضي هذه الروابط استتباع الملزوم للازمه أو اللازم لملزومه في العقل، وهذه الروابط الموضوعية على ثلاثة أنحاء[(1)]: إما عقلية أو عادية أو شرعية.
    ولما كانت إشارة النص تستند في إفادتها للمعنى على علاقات اللزوم العقلي تعيَّن الاعتماد في تحقيق دلالتها على الروابط الموضوعية الثلاث المتقدمة؛ لذا يرى الباحث ضرورة بسط الأمثلة لها؛ أملاً في توضيح المسلك الإجرائي للاستدلال بإشارة النص، وسيصار إلى التمثيل على كل نوع من أنواع الروابط الموضوعية بمثالين: أحدهما من القرآن الكريم، والثاني: من السنة النبوية المطهرة.
    أولاً: الرابطة العقلية: ويقصد بها تقرُّر الارتباط بين معنيين بسبب عقلي صرف، بحيث يقتضي العقل غلبة الاتصال بينهما، فيغدو التلفظ بأحدهما مما يستفاد بدلالة الوضع، مستدعياً لازمه الذي لا يتخلف عنه عقلاً، ويمكن التمثيل على إشارة النص المستفاد بالرابطة العقلية بالآتي:

    أ-في قوله الله تعالى:{وَالْوَال ِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ{(ال بقرة 233)، وقوله سبحانه {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً}(الأحقاف 15) يلاحظ أن الآية الأولى دالة بعبارة النص على أن الحمل والرضاع للوليد مجموعه ثلاثون شهراً ، وتدل الآية الثانية بالعبارة على أن أكثر الرضاع أربع وعشرون شهراً تتمة الحولين، وبالجمع والتأليف مما يستفاد بالآيتين، واعتماداً على المتقرر في بدائه العقول: أن ما يتحصل من مجموع جزأين يعرف به مقدار أحدهما باطراح الآخر المعلوم من جملة الكل، تشكَّلت مقدمة عقلية تستدعي نتيجة لا تنفك عنها بمقتضى حكم العقل حاصلها: أن أقل الحمل ستة أشهر، فاللزوم العقلي قد استفيد برابطة عقلية يُطلق عليها المناطقة اسم القياس، فالذهن في هذا المثال يكون قد انتقل من دلالة اللفظ المتحصلة بالتأليف بين الآيتين إلى لازمه المتقرِّر عقلاً، ولما كان هذا المعنى المستفاد باللزوم العقلي غير مقصود ابتداءً في سياق الآيتين تبين أنه استفيد بإشارة النص[(1)].
    ب)عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}. قال الله تعالى: حمدني عبدي، وإذا قال: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}. قال الله تعالى: أثنى علي عبدي. وإذا قال: { مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ }.قال : مجدنى عبدى- وقال مرة : فوض إلى عبدى –فإذا قال : {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}. قال: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل. فإذا قال: {أهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ(6 ) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ(7)}. قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل"[(2)].
    موضوع هذا الحديث: فضل فاتحة الكتاب التي هي ركن ركين في الصلاة؛ لذا أطلق عليها اسم الصلاة، من باب إطلاق الكل وإرادة الجزء؛ تنويهاً بأهميتها، ويدل الحديث على أن الله عز وجل قد قسم الفاتحة إلى نصفين من جهة المعنى فهي بين الثناء وبين الدعا[(1)]، واعتماداً على أن قسمة الشيء نصفين يقتضي تقرير التساوي بين القسيمين، صيانة لمعنى التنصيف، تشكلت مقدمة عقلية تستدعي معنى لازماً لها حاصله: أن البسملة لا تعد جزءاً من الفاتحة[(2)]؛ إذ لو عدت منها لاختل التنصيف بين الثناء وبين الدعاء بغلبة الأول على الثاني، فاللزوم العقلي في هذا الحديث قد استفيد برابطة عقلية صرفة يطلق عليها المناطقة اسم القضية الشرطية المتصلة الموجبة، والذهن قد انتقل بمقتضاها من الدلالة الوضعية للفظ (نصفين) إلى لازمه العقلي المقتضي امتناع تغليب الثناء على الدعاء، وبالتالي عدم الاعتداد بالبسملة جزءاً من الفاتحة، ولما كان اللزوم العقلي المستفاد بهذا الحديث غير مقصود ابتداء في السياق تبين أنه استدلال بإشارة النص.
    ثانياً: الرابطة العادية: يقصد بها تقرر الارتباط بين معنيين بسبب عادة مطردة مستقرة، بحيث يغلب اختصاص أحدهما بالآخر واتصاله به بمقتضى العادة، وعند التلفظ بما يدل على أحدهما بدلالة الوضع يستدعي العقل المعنى الآخر الذي يقترن به أو يترتب عليه عادة، ويمثل لإشارة النص المستفاد بالرابطة العادية بالآتي:

    أ-قوله تعالى: {مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمْ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ}(الم ائدة:75).
    تدل هذه الآية بمنطوقها على تقرير الدليل على كينونة عيسى عليه السلام رسول من جملة رسل الله تعالى من البشر المبعوث إليهم، ومثله في البشرية أمه مريم المتصفة بالصلاح والتصديق بقضاء الله وأمره، والدليل على بشرية كل منهما أنهما كانا يأكلان الطعام إعوازاً إليه عند الجوع، ولما كان المتقرر في العوائد أن الطعام المأكول لابد من تحلله في البدن واستحالته للانتفاع به، فتشكل بهذا مقدمة عقلية تستلزم نتيجة غير منفكة عنها بمقتضى حكم العادة حاصلها: أن عيسى بن مريم عليه السلام وأمه يلزمهما ما يلزم البشر من الحاجة إلى استخراج ما استحال إليه الطعام في أبدانهما من غائط وبول وعرق ونحوه، مع الاستضرار ببقاء المستحيل في البدن من غير إخراجه، وفي هذا أعظم دليل وأجلى حجة على إبطال دعوى الربوبية لعيسى بن مريم عليها السلام وأمه، وبهذا يكون الذهن قد انتقل من الدلالة الوضعية لقوله تعالى: {كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ} إلى لازمها مما يستحيل إليه الطعام بمقتضى الرابطة العادية، ولما كان هذا اللزوم العقلي غير مقصود ابتداء[(1)] في السياق عد استدلالاً بإشارة النص.
    ب) عن عائشة بنت الصديق رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها رجل، فكأنه تغير وجهه، كأنه كره ذلك. فقالت: إنه أخي فقال: ((انظرن من إخوانكن؛ فإنما الرضاعة من المجاعة))[(2)].
    يدل هذا الحديث بمنطوقه على أن أخوة الرضاع ليست سياً لأخوة النسب في اقتضاء المحرمية؛ ذلك أن سببها كان دفع جوعة الصغير والتبقية على نفسه بما لا يعظم معه المخالطة التي تتقوى بها آصرة الأخوة، ولما كان المتقرر في حكم العادة أن الجوع المدفوع بالإرضاع هو جوعة الصغير الذي لم يطعم، فيتشكل بهذا مقدمة عقلية تستلزم نتيجة لا تنفك عنها بمقتضى العادة، حاصلها: أن الرضاع المحرم لا يثبت في حق الكبير الذي اقتات على الطعام، وعليه فإن الذهن انتقل من مدلول لفظ (المجاعة) إلى لازمه في العقل بمقتضى العادة الجارية، ولما كان هذا اللزوم العقلي غير مقصود ابتداء في سياق الحديث تبين أنه استدلال بإشارة النص.
    ثالثاً: الرابطة الشرعية: ويقصد بها تقرر الارتباط شرعاً بين مفهومين بحيث لا يكاد ينفك أحدهما عن الآخر في أحكام الشرع، فيغدو التلفظ بأحدهما مما يستفاد بدلالة الوضع مستدعياً المعنى الآخر المختص به بمقتضى أحكام الشرع، ويمثل على الرابطة الشرعية في دلالة الإشارة بالآتي:

    أ-قوله تعالى: {وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنْ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ}(الطلاق 4). تدل الآية بمنطوقها على أن الزوجات اللائي تقدمن بهن العمر حتى أيسن من الحيض وكذا الصغيرات اللاتي لم يبلغن سن المحيض تعتد من الفرقة بثلاثة أشهر عوضاً عن الأقراء الحاصلة بالحيض، واعتماداً على أن العدة من جملة الأحكام الشرعية المترتبة على النكاح، فتتشكل بهذا مقدمة عقلية تستدعي معنى لازماً لها حاصله: صحة العقد على الصغيرة التي لم تبلغ سن المحيض، فاللزوم العقلي قد استفيد في هذه الآية برابطة شرعية حيث انتقل الذهن من المدلول اللفظي لقوله تعالى {فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ} إلى لازمه المبين سابقاً، ولما كان هذا اللازم العقلي مما لم يقصد ابتداءً في سياق الآية تبين أنه استدلال بإشارة النص.
    ب-عن ابن عباس رضي الله عنه قال: ((إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم الفطر ركعتين لم يصل قبلها ولا بعدها، ثم أتى النساء- ومعه بلال- فأمرهن بالصدقة، فجعلهن يلقين، تلقي المرأة خرصها وسخابها))[(1)].
    فالحديث دال بمنطوقه على أن النبي صلى الله عليه وسلم استحث النساء على الصدقة وأمرهن بها، فأتمرن بأمره صلى الله عليه وسلم وتصدقن بحليهن، وتأسيساً على أنه لا يجوز للنبي صلى الله عليه وسلم تأخير البيان عن وقت حاجته شرعاً، إذ لا يأمر بالأمر بصفة الإطلاق مما يتعين تقييده إلا وقد بين وجهه من التقييد، وبناء عليه تتشكل مقدمة عقلية تستدعي معنى لازماً لها حاصله: صحة صدقة المرأة من مالها بغير اشتراط إذن الزوج أو الأب[(2)]، فاللزوم العقلي في هذا الحديث قد استفيد برابطة شرعية، حيث انتقل الذهن من الدلالة اللفظية لحكاية مبادرة النساء بالصدقة بعد صدور الأمر النبوي المطلق لهن إلى لازمه شرعاً المبين سابقاً، ولما كان هذا اللزوم العقلي غير مقصود ابتداءً في سياق الحديث دل أنه استدلال بإشارة النص.
    المبحث الثاني


    خصائص اللزوم العقلي في دلالة الإشارة


    بالتدقيق في طبيعة اللزوم العقلي المعتمد عليه في التدليل بإشارة النص يلاحظ أنه يختص بعدد من الخصائص المميزة له عن غيره من اللوازم العقلية، وبإنعام النظر يظهر للباحث أن بعض الخصائص تعد ذاتية لا تنفك عن ماهية اللزوم العقلي المحقق لدلالة الإشارة، في حين أن ثمة خصائص أخر تعد عارضة يحتمل ورودها ويحتمل انتفاؤها، بحيث لا يخل انتفاء الخصيصة العارضة باللزوم العقلي المحقق لدلالة الإشارة. وعليه فسيتم دراسة خصائص اللزوم العقلي لدلالة الإشارة في قسمين:
    الأول: خصائص ذاتية متعينة للزوم العقلي في دلالة الإشارة.
    والثاني: خصائص عارضة على اللزوم العقلي في دلالة الإشارة.
    المطلب الأول


    الخصائص الذاتية للزوم العقلي في دلالة الإشارة

    1-أن يكون اللزوم العقلي المحقق لدلالة الإشارة مترتباً عن الدلالة الوضعية للفظ الشارع مباشرة بغير توسط وسائط معنوية. وقد حرص أصوليو الحنفية على تقرير هذه الخصيصة في دلالة الإشارة حيث عبر عامتهم عنها بــ"ما يكون ثابتاً بنفس النظم"[(1)]، وعبر عنها السرخسي بــ"ما يعلم بالتأمل في معنى اللفظ"[(2)]، ويعبر فريق من المتأخرين كالفناري، ومنلاخسرو، والأزميري، والخادمي عن هذه الخصيصة بالقول: إن المعنى في دلالة الإشارة لابد "أن يكون ذاتياً: أي مستفاداً باللازم العقلي بغير واسطة"[(1)].
    وإذا يممنا باتجاه متكلمة الأصوليين فيلاحظ أن الغزالي[(2)] قد نبه إلى معنى الذاتية من خلال ترتيبه اللزوم العقلي في الإشارة عن طريق اللفظ المفرد دون سياق الكلام وتركيبه، كما يفهم هذا المعنى عند الآمدي[(3)] وابن الحاجب[(4)] بإدراجهما الإشارة في المنطوق دون المفهوم.
    في حين يعد البيضاوي[(5)] بإدراجه مثال إشارة النص ضمن مفهوم الموافقة، واعتداده بأن اللازم العقلي فيه قد استفيد بتركيب الكلام وجملة سياقه كالمصرح بأن اللزوم العقلي في إشارة النص ليس ذاتياً، بل مستفاداً بوساطة معنى السياق لا بأحد ألفاظه مباشرة، وأحسب أن هذا منه ركوب للمركب الخشن؛ حيث قد نأى بنفسه عما اعتمده عامة الأصوليين من فقهاء ومتكلمين في دلالة الإشارة.
    2-أن يكون اللزوم العقلي في دلالة الإشارة متأخراً زمن ترتبه عن زمان فهم الدلالة الوضعية للفظ، بحيث تتحقق دلالة اللفظ على المعنى وضعاً بصورة تامة ثم يترتب عليه اللزوم العقلي المفيد لدلالة الإشارة، وعندئذ يقال: اللزوم العقلي في دلالة الإشارة متأخر، وهو على خلاف اللزوم العقلي المتقدم الذي يعد تقديره شرطاً يتوقف عليه صحة تحقيق الدلالة الوضعية للفظ الشارع أو تمام معناها.
    ويلاحظ أن جماهير المتكلمين لم يصرحوا بهذه الخصيصة للزوم العقلي في دلالة الإشارة، وإن كانوا قد ألمحوا إليها بوضوح حين اعتمدوا في حصر أقسام الدلالات على ما يتوقف عليه فهم الملفوظ من اللوازم العقلية وما لا يتوقف[(1)].
    وبالنظر إلى أصوليي الحنفية كأبي زيد الدبوسي[(2]، والبزدوي[(3)]، والسرخسي[(4)]، والنسفي[(5)]، وكثير ممن سار على منوالهم من أصوليي الحنفية، فيلاحظ أنهم قد ألمحوا إلى هذه الخصيصة على الجملة من غير التصريح بها[(6)].
    ومع أن صدر الشريعة المحبوبي[(7)] كان من أوائل الناصين على أن اللازم العقلي في إشارة النص يتعين أن يكون متأخر التقرر عن زمن فهم ملزومه المستفاد بالدلالة الوضعية للفظ، ووافقه على هذا المحقق التفتازاني إلا أنهما اختلفا في طريقة تخريج معنى زوال ملكية المسلم عن ماله باستيلاء الكافر عليه وظفره به في الحرب بإشارة النص من قوله تعالى:{ لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَاناً}(ال حشر 8) حيث يرى المحبوبي أن المعنى الإشاري استفيد بجزء ما وضع له لفظ {لِلْفُقَرَاءِ} تضمناً، لا التزاماً، مما لم يقصد أصالة في السياق؛ إذ لا يصدق على المهاجرين مسمى الفقر ولهم أموال يملكونها في المدينة، فيكون هذا استدلالاً بدلالة الإشارة على ما اعتمده المحبوبي في معنى الإشارة[(8)].
    وخالفه في هذا التفتازاني[(1)] حيث يرى إلى أن المعنى لا يتقرر بإشارة النص في المثال إلا بواسطة لازم عقلي متقدم لا متأخر؛ إذ صحة إطلاق لفظ الفقراء على المهاجرين متوقف على لزوم تقدير زوال ملكيتهم عما ظفر به الكافر في الحرب، فيتعين تقدير الزوال أولاً: تصحيحاً لإطلاق لفظ الفقراء.
    وقد أفضى هذا الخلاف في كيفية الاستدلال بإشارة النص في المثال المتقدم إلى إثارة خلاف أصولي آخر في خصيصة اللزوم العقلي لدلالة الإشارة مما يتعلق بالتقدم والتأخر، بحيث انقسم متأخرو الحنفية إلى مذهبين[(2)]:
    المذهب الأول: يرى أن اللزوم العقلي في الإشارة يحتمل أن يكون متأخر التحقق عن الدلالة الوضعية للفظ الشارع، كما يحتمل التقدم عليها، والتالي أن التأخر لا يعد خصيصة ذاتية للزوم العقلي في دلالة الإشارة، بل يعتد بها خصيصة عارضة يحتمل زوالها، وإلى هذا المذهب ينتسب الفناري[(3)]، وابن نظام الدين الأنصاري[(4)]، ومنلاخسرو[(5)]، والأزميري[(6)]، وحسن جلبي[(7)]، والخادمي[(8)].

    واعتنى هذا الفريق بتحرير الفرق بين دلالة الإشارة وبين دلالة الاقتضاء، حيث يشتركان بأن اللزوم العقلي فيهما متقدم، وإن كان التقدم في الأول محتمل، وفي الثاني متعين- أعني دلالة الاقتضاء-؛ فذهبوا في التفريق بينهما إلى أن اللازم العقلي المتقدم في الإشارة يتعين تقديره؛ لصحة إطلاق اللفظ على المعنى ابتداءً، في حين أن اللازم العقلي المتقدم في الاقتضاء يتعين تقديره؛ لتصحيح حكم الملفوظ عقلاً أو شرعا[(9)].
    المذهب الثاني: يرى أن اللزوم العقلي في دلالة الإشارة لا يكون إلا متأخر التقرر عن الدلالة الوضعية للفظ الشارع، والتالي أن التأخر يعد خصيصة ذاتية متعينة في اللزوم العقلي لإشارة النص، وإلى هذا المذهب ينتسب الكمال بن الهمام[(1)]، وابن عبد الشكور[(2)]، وابن كمال باشا[(3)]، والرهاوي[(4)]. وقد اعتنى هذا الفريق بتأويل الآية في المثال المتقدم على نحو يتقرر فيه اللازم العقلي بصفة التأخر.

    وبعد إنعام النظر في المثال المتقدم- المثير للخلاف في مدى الاعتداد بالتأخر خصيصة متعينة للزوم العقلي في إشارة النص عند أصوليي الحنفية- يترجح للباحث أن التمثيل بهذا المثال على الإشارة غير قويم؛ ذلك أن الاستدلال بإشارة النص في الآية على معنى زوال ملكية المسلم عما يملكه باستيلاء الكافر عليه استناداً على أن مدلول لفظ {لِلْفُقَرَاءِ} محمول على الحقيقة لا المجاز، يجافي مقصود الشارع في الآية وينأى بها عن سياقها المعنوي؛ إذ مورد الآية سباقاً وسياقاً: الجبر على المهاجرين التاركين للأهل والديار، علاوة عما رزئوه من الأموال، مبتغين- في ذلك كله- رضوان الله عز وجل، فكيف يلائم هذا السياق المعنوي الدلالة على معنى زوال ملكيتهم عما يملكون وحرمانهم من أموالهم بظلم الكافر لهم؟!!
    ويتجلى لدى الباحث أن توصيف المهاجرين بالفقر في الآية إنما كان استثارة لنزعة الإشفاق والإيثار في قلوب إخوانهم من الأنصار، مع دفع حزازة النفس وسخائمها بتقديم المهاجرين في استحقاق الفيء حيناً، أو اختصاصهم به أحياناً، كما جرى الأمر في فيء بني النضير[(5)]، والله تعالى أعلم بالصواب.
    وعلى الجملة فالذي يترجح للباحث: أن اللزوم العقلي في دلالة الإشارة يتعين أن يكون متأخراً عن فهم الدلالة الوضعية للفظ الشارع؛ اعتماداً على اطراده في دلائل الشرع على هذا النحو، فضلاً عن أن دعوى التفريق التي أبداها أصحاب المذهب الأول بين دلالة الإشارة وبين دلالة الاقتضاء في اللزوم العقلي المتقدم غير محررة؛ إذ أي فرق يثبت بين صحة إطلاق اللفظ وبين تصحيح حكم ملفوظه؟!!
    3-أن يكون اللازم العقلي لدلالة الإشارة غير مقصودة في كلام الشارع قصداً ابتدائياً أصلياً بل يجري في القصدية على جهة التبع.
    وقد تظاهرت عبارات الأصوليين على إبراز هذه الخصيصة في دلالة الإشارة، سواء أكان من متكلمة الأصوليين[(1)] أن من أصوليي الحنفية[(2)].
    والجدير بالذكر أن بعض متأخري الحنفية كالفناري[(3)]، وابن عبد الشكور[(4)]، وابن نظام الدين الأنصاري[(5)]، ومن المعاصرين: محمد بخيت المطيعي[(6)] كانت لهم تعبيرات غير محررة في التعريف بإشارة النص، حيث نصوا على أنه ((الدال على اللازم الذاتي غير المسوق له أصلاً))[(7)]، مفسرين قولهم: ((ما لم يقصد لا بالذات ولا بالتبع))[(].
    وقد أثارت هذه التعبيرات استشكال فريق من الأصوليين: كالمنلاخسرو، والقاآني والصنعاني[(9)]، في حين حرص فريق آخر من متكلمة الأصوليين كصفي الدين الهندي[(1)]، وابن القاسم العبادي[(2)]، والعطار[(3)]، والبناني[(4)] بالتنبيه على ضرورة تقرر المقصد الشرعي في اللزوم العقلي لدلالة الإشارة بصفة التبعية، منبهين على استبعاد الاستدلال بما لم يقصده الشارع في نص كلامه بالكلية.
    وحسبي أن العبارات غير المحررة سببها أن متقدمي أصوليي الحنفية[(5)] كانوا يعبرون عن دلالة الإشارة بما لم يقصد أصالة ولا تبعاً في نظم كلام الشارع؛ احترازاً في الاصطلاح عن مدلول عبارة النص، وتعييناً منهم للازم العقلي المقصود تبعاً المختص بإشارة النص، لكن مع الغفلة عن هذا التقييد غدت تعبيرات المتأخرين ناحية بإتجاه نفي القصدية أصلاً عن اللزوم العقلي، وقد يساء فهم هذا التعبير فيظن تضمنه نسبة معان لأدلة الشريعة، مما لا دلالة لها عليها، والتالي عن هذا ظاهر البطلان؛ لاقتضائه التقول على الله تعالى بما لم يشرع، وهو معنى التزوير والبهتان!!
    وعليه يتجلى الاتفاق على أن المعنى غير المقصود أصلاً في سياق النظم لا بوضع اللغة ولا باللزوم العقلي لا يعد مسلكاً صالحاً للتدليل به على المعاني من قبل الشارع، ولا يصح اقتفاؤه في الاستدلال من قبل الفقيه.
    وقد يسأل سائل: كيف يمكن التحقق من اندراج المعنى المستفاد باللزوم العقلي لدلالة الإشارة ضمن ما قصده الشارع بصفة التبعية في نظم كلامه؟
    للإجابة عن هذا السؤال لابد من التحقق من أمرين:
    الأول: سلامة المسلك المعنوي المستدل به على المعنى الإشاري.
    إن المسلك المعنوي لدلالة الإشارة يمر بمرحلتين، وللتحقق من سلامة مسلكيته على المعنى لابد من التحقق من مرحلتيه، وهما:

    أ-قوة الدلالة الوضعية للفظ الشارع على المعنى.
    وهذا لابد له من شرطين:
    الأول: ثبوت اللفظ عن الشارع ابتداءً بغلبة الظن.
    الثاني: أن تكون دلالة اللفظ على المعنى جلية واضحة. فإذا ظهر أن المعنى الإشاري يستند لحديث ضعيف لم يتقرر ثبوته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلاً، أو يستند إلى لفظ دلالته محتملة أو غير ظاهرة على معنى لفظ الشارع، فإن المسلك المستدل به على المعنى الإشاري عندئذ يكون معيباً، لا يصلح للاستدلال به على المقصود الشرعي. ويمكن التمثيل عليه بما ينسب لرسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله: ((النساء ناقصات عقل ودين)). قيل: وما نقصان دينهن؟ قال: ((تمكث إحداهن شطر دهرها لا تصلي))[(1)]. فيلزم بإشارة النص من لفظ ((شطر دهرها لا تصلي)) أن أكثر فترة الحيض خمسة عشرة يوماً. لكن هذا الحديث لا تصح نسبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ، علاوة على أن دلالة لفظ الشطر على معنى النصف- تصحيحاً للاستدلال على المعنى الإشاري المتقدم- محتمل، ويقابله في الاحتمال المعنوي الدلالة على مطلق الجزء سواء أكان أقل من النصف أم أكثر، وهذا الإجمال لفظ الشطر مانع من صحة الاستدلال على المعنى الإشاري[(2)].

    ب-صحة استدعاء المعنى الإشاري عن طريق اللزوم العقلي.
    تبين أن اللزوم العقلي الرابط بين المدلول الوضعي للفظ الشارع وبين لازمه في العقل، لابد أن يستند إلى رابطة موضوعية- عقلية أو عادية أو شرعية- تقتضي ثبوته، غير أن الرابطة الموضوعية قد تكون قوية بحيث يترتب عليها لزوم عقلي قوي ظاهر، وقد تكون ضعيفة بحيث يترتب عليها لزوم عقلي ضعيف واهن، وعليه فإن كان اللزوم العقلي ضعيفاً لم تصح نسبة المعنى الإشاري عندئذ إلى المقصود الشرعي ولو كان تبعياً[(1)].
    ويمثل على ضعف اللزوم العقلي بقوله تعالى:{سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْر}(القدر 5) فالآية دالة على أن ليلة القدر سالمة من السوء والشر إلى طلوع الفجر، واعتماداً على أن دلائل الشريعة تامة الدلالة على جميع ما يحتاج إليه العباد من أحكامها وقضاياها، وعدم التصريح بتعيين ليلة القدر وإن كان حفزاً للهمم على تحريها وتحصيلاً لعظيم أجرها، لكن لابد أن يكون في الأدلة ما يشير إلى تعيينها بوجه من الوجوه؛ وقد ظهر أن عدد كلمات سورة القدر ثلاثون كعدة أيام شهر رمضان وأن الضمير المنفصل المشير إلي ليلة القدر بـ{هِيَ} موقع عده من بين كلمات السورة هو سبع وعشرون، وتأسيساً على أنه لا يجوز إهدار ما تضمنته الآية من دلالة معنوية، تشكلت مقدمة عقلية ذات رابطة شرعية تستدعي لازماً لها في العقل، حاصله: أن ليلة القدر متعينة في ليلة السابع والعشرون من رمضان[(2)]، وهذا استدلال بلازم عقلي مقصود تبعاً؛ فيكون إشارة نص. وتتمثل الإشكالية في هذا المثال بأن اللزوم العقلي يستند على رابطة شرعية قائمة على حساب الكلمات وترقيمها بالعد، ومثله لا يشكل مسلكاً شرعياً يعتد به في قضايا الأحكام[(3)]؛ فيكون اللزوم العقلي مما لا يعتمد عليه في استثارة المعنى الإشاري.
    الثاني: صحة الاندراج الموضوعي للمعنى الإشاري ضمن ما قصد الشارع أصالة.

    إن المعنى المستفاد بإشارة النص هو لازم عقلي مستوحى من نظم كلام الشارع، وإن لم يكن السياق المعنوي لأجله في الأصل، غير أنه مما لا يجوز إهماله؛ لأنه قد تقرر بالدليل اعتداد الشارع به وقصده إليه على الجملة، وهذا لا يلزم ((غير المعصوم عند المحققين؛ لإمكان الغفلة أو الفارق أو الرجوع عن الأصل حين الإلزام))[(1)].
    ويتعين التنبيه إلى أن المعنى المستفاد باللزوم العقلي التبعي يشترط فيه أن يكون متفرعاً عما قصده الشارع أصالة بنظم كلامه، عائداً عليه بالتقوية والتأكيد والتحقيق على الجملة، ويترتب على هذا الأصل اشتراط شرطين لابد من تحققهما في المعنى الإشاري:
    أولهما: قوة تفرع المعنى الإشاري عن المقصود الأصلي للشارع بنظم كلامه؛ ذلك أنه إذا ظهر ضعف صلة المعنى الإشاري بما قصد أصالة في سياق النظم حتى نأى وابتعد عنه، فيغدو المعنى الإشاري آخذاً بالاستقلال والتفرد في القصدية للمعني، وقد فرضناه تابعاً لا متبوعاً، وهذا خُلف؛ فيسقط الاعتداد بالمعنى الإشاري عندئذ[(2)].

    ويمكن التمثيل على ضعف تفرع المعنى الإشاري عما قصد أصالة بنظم كلام الشارع بقوله تعالى:{وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ}(الأ نبياء 26) فالآية دالة بمنطوقها على تنزيه الله عز وجل عن اتخاذ الولد- تعالى عن ذلك علواً كبيراً- وإثبات العبودية لجميع الخلق، ومن جملتهم: الملائكة المكرمون.
    ولما دلت القاعدة العقلية على أن الخروج عن أحد القسيمين المحصورين دخول في الآخر ضرورة؛ إذ نفي نسبة الوالدية عن الله تعالى وإثبات العبودية لكل ما سواه يقتضي في العقل لازماً، حاصله: أن البنوة بالولدية، والعبودية بالتملك: حكمان شرعيان، يتنافيان مطلقاً، والتالي أن الوالد لا يملك ولده، ولا يجوز له أن يبيعه قناً[(3)].
    ويلاحظ أن المعنى الإشاري المتحصل عليه بالآية قد نأى عما قصد تقريره في السياق أصالة- من تنزيه الله عز وجل- حتى إن هذا الاستدلال ليجري بصورة الاستقلال المعنوي عن منطوق الآية، والتالي عدم صحة هذا الاستدلال الإشاري المتوصل إليه.
    وفي السياق نفسه يتعين التنبيه إلى أن المعنى الإشاري إن كان الاستدلال به في صورة لازم اللازم عقلاً، بحيث يكون اللزوم العقلي فيه غير مباشر لتوسله بلزوم عقلي آخر مستفاد بالدلالة الوضعية للفظ الشارع، فإذا كانت هذه صورة الاستدلال ظهر أن المعنى الإشاري المتوصل إليه قد نأى عما قصد أصالة في السياق المعنوي للدليل الشرعي، فلا يعتد به عندئذ[(1)]. ويمثل عليه بقوله تعالى:{وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}( البقرة 233) تدل الآية بمنطوقها على وجوب نفقة الوالدات بالرزق والكسوة على الآباء، ويستدل بإشارة النص من قوله تعالى:{وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ} أن نسب الوليد ثابت للأب دون الأم، وأن الأب يختص بالانفاق على الوليد لا يشاركه غيره، ويرتب أصوليو الحنفية لوازم عقلية- يعدونها إشارية- تتوسل عن طريق المعنى الإشاري السابق، منها[(2)]: أن الوليد يكون قرشياً إذا كان أبوه قرشياً ولو كانت أمه أعجمية، وأن اختصاص الأب بالإنفاق يثبت له حق الانتفاع بمال ابنه بغير عوض، وأن الأب لو سرق مالاً لابنه فيه شركة أو شبهة ملك لم يقطع؛ درءاً للحد بالشبهة، وأن الوالد لو قتل ابنه عمداً فإنه لا يقتل به، ولو زنى بجاريته لم يحد، إلى أغيارها من المعاني المدعاة أنها إشارية، غير أنها استقلت عن السياق المعنوي المقصود بالدليل فتوهن فيها جهة التبعية للمقصود الشرعي المشترط في المعنى الإشاري.
    ثانيهما: ألا يعود المعنى الإشاري على مقصود الشارع في نظم كلامه بالمعارضة والمنادة؛ ذلك أن التبعية في القصد تعني الموافقة لا المعارضة، فإذا ظهرت معارضة المعنى الإشاري للمقصود الأصلي في الدليل الشرعي تبين عدم صلاحيته للاستدلال به. وقد مر مثاله باستدلال أصوليي الحنفية على زوال ملكية المسلم عن ماله باستيلاء الكافر عليه في الحرب بقوله تعالى:{لِلْفُقَر َاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَاناً}(ال حشر 8).

    ويمثل عليه أيضاً باستدلال ابن عطية الأندلسي في قوله تعالى:{لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ}(الشورى49-50). حيث عبر عن منطوق الآية قائلاً: ((آية اعتبار دالة على القدرة والملك المحيط بالجميع، وأن مشيئته عز وجل نافذة في جميع خلقه... فإن الذي يخلق ما يشاء ويخترع فإنما هو الله عز وجل، وهو الذي يقسم الخلق فيهب الإناث لمن يشاء- أي يجعل ذريته نساء- ويهب الذكور لمن يشاء على هذا الحد، أو ينوعهم مرة يهب ذكراً ويهب أنثى)). ثم انعطف بعدها مستدلاً على معنى إشاري حاصله: ((أن هذه الآية تقضي بفساد وجود الخنثى المشكل))[(1)]؛ اعتماداً على بدو القصد إلى حصر الأقسام في الإناث أو الذكران أو المزاوجة بينهما. وقد انتقده ابن العربي[(2)] على استدلاله الإشاري المتقدم؛ إذ تقرير المعنى على هذا النحو يعد مجافاة للسياق المعنوي للآية، كما ينم عن قصور في معرفة سعة القدرة المطلقة لله عز وجل، علماً بأن الإغضاء عن ذكر الخنثى في الآية كان لندرته، وعد ملاءمته لسياق الامتنان المقصود تقريره فيها.
    يتبع

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي رد: اللزوم العقلي في إشارة النص

    اللزوم العقلي في إشارة النص


    د.عبد الجليل زهير ضمرة[(*)]

    المطلب الثاني


    مدى قوة إشارة النص مقارنة بغيره من الدلالات اعتماداً على الخصائص الذاتية للزومه العقلي


    يتجلى مما تقدم: أن اللزوم العقلي في دلالة الإشارة يختص بثلاث خصائص ذاتية تميزه عن غيره من اللوازم العقلية، ومع أن عامة الأصوليين من متكلمة وفقهاء يعترفون بهذه الخصائص للزوم العقلي في دلالة الإشارة على الجملة، إلا أنهم يظهرون اختلافاً بيناً في مدى الاعتداد بقوة دلالة الإشارة إذا ما قورنت بغيرها من الدلالات المستفادة باللزوم العقلي، حيث يذهب جماهير المتكلمين إلى أن دلالة الإشارة تعد من أضعف اللوازم العقلية مقارنة بغيرها من الدلالات، في حين يذهب عامة أصوليي الحنفية إلى أن الإشارة تعد من أقوى اللوازم العقلية دلالة على المعنى، وعندئذ يثور السؤال عن نكتة الخلاف في هذه الجزئية بين الفريقين؟
    بعد التدقيق والمراجعة للمصنفات الأصولية لم يلف الباحث أحداً من المتقدمين يكشف تصريحاً عن نكتة الخلاف بين الفريقين، مما استدعى جمع تفاريق العبارات وصولاً إلى كشف هذه الدقيقة!
    بالنظر إلى متكلمة الأصوليين يظهر أن معتمدهم في قسمة الدلالات هي المعاني المستدل عليها[(1)]، مستندين في الترجيح فيما بينها على عاملين:
    الأول: مدى ظهور المعنى بين يدي المستدل.
    والثاني: مدى قوة اندراج المعنى في المقصود الشرعي.
    لذا تجدهم يعتدون بأن اللزوم العقلي في دلالة الاقتضاء أقوى اللوازم العقلية؛ إذ هو لازم عقلي ذاتي مقصود متقدم، لا يتحرر المعنى المنطوق به في دليل الشرع إلا بتقديره؛ كي يصدق به المعنى عادة، أو يصح به عقلاً أو شرعاً. وعليه فهم يقدمون الاقتضاء على الإيماء والإشارة؛ إذ ما يتوقف عليه فهم المعنى المنطوق به أظهر بين يدي المستدل وأرعى في المقصود الشرعي من غيره. يقول المحلي: ((يرجح الاقتضاء على الإشارة والإيماء؛ لأن المدلول عليه بالأول مقصود يتوقف عليه الصدق أو الصحة وبالثالث- يعني الإيماء- مقصود، لا يتوقف عليه ذلك، وبالثاني غير مقصود، فيكون الأول أقوى))[(2)].
    وكذا يقدمون الإيماء على الإشارة، بناء على أن الأول مقصود أصالة دون الثاني مما يجعل المعنى في إشارة النص أخفى بين يدي المستدل على الجملة([1]).
    والسؤال الذي يتعين الإجابة عليه في هذا المقام: هل اللزوم العقلي في إشارة النص أقوى أو أضعف دلالة منه في المفهوم –الموافق والمخالف-؟
    اختلف متكلمة الأصوليين في المسألة على ثلاث توجهات:
    الأول: مال إليه الآمدي([2]) إذ نص على ترجيح دلالة الاقتضاء والإيماء على المفهوم، في حين سكت عن ترجيح الإشارة على المفهوم، بما يفيد عدم راجحيته على المفهوم، وتابعه على هذا الصنيع ابن الحاجب وشراح مختصره([3])، وابن النجار من الحنابلة وشراح تحريره([4])، والشوكاني([5]).

    الثاني: مال إليه التاج ابن السبكي، حيث نص على ترجيح الإشارة على المفهومين معاً؛ لقوة المنطوق وراجحية دلالته على المفهومين الموافق والمخالف، ووافقه على هذا الشارح المحلي، وعامة محشي جمع الجوامع([6]).

    الثالث: مال إليه الصفي الهندي([7]) حيث نص على ترجيح الإشارة على مفهوم المخالفة دون الموافقة؛ اعتداداً منه بتقديم المنطوق على مفهوم المخالفة دون الموافقة؛ إذ مفهوم الموافقة أوضح دلالة من إشارة النص، ومقصود الشارع في مفهوم الموافقة أظهر، وعندئذ لا يصار إلى ترجيح اللازم العقلي الإشاري بكون ذاتي مباشر فقط؛ إذ العبرة بقوة المقدمات المقتضية للدلالة، وليس بكونها ذاتية مباشرة أولا([8]).

    وتجدر الإشارة إلى أن أبا زهرة([9]) نسب للشافعية تقديمهم مفهوم الموافقة على إشارة النص اعتداداً بأن مفهوم الموافقة يتبادر فهمه عند العارف بالعربية، فيجري في وضوح المعنى مجرى المنطوق، في حين إن الإشارة قد تستند إلى علاقات لزوم عقلي غير ظاهرة ابتداءً، فيصعب إدراك معناها إلا بعد التدقيق والمراجعة، مما يقتضي تقديم ما تبادر معناه على ما لم يتبادر، علاوة على أن مقصود الشارع في مفهوم الموافقة أظهر منه في إشارة النص.
    أما بالنظر إلى أصوليي الحنفية: فيظهر بجلاء أنهم يعتدون في قسمتهم للدلالات على جهات التدليل ونواحي الدلالة بغير مزيد اهتمام بالمعاني المستدل عليها، مستندين في الترجيح بين أنواع الدلالات على أصلين:
    الأول: مدى قوة جهة التدليل المعنوي في إفادة المعنى وتحقيقه.

    الثاني: مدى قوة اندراج المعنى المستدل عليه في المقصود الشرعي.

    فاعتماداً على الأصل الأول- جهة التدليل المعنوي- يذهب الحنفية إلى أن اللازم الذاتي مقدم على غير الذاتي –المتحصل بوساطة المعني-؛ ذلك أن الذاتي ثابت بنفس نظم الكلام وبالمعنى معاً، في حين أن اللازم غير الذاتي ثابت بمعنى النظم فقط، فإذا تعارضا تساقط المعنيان وبقي النظم في الذاتي سالماً عن المعارضة فيقدم([10])، كما أنهم يعتدون بأن اللازم المتأخر مقدم على اللازم المتقدم؛ إذ ما يثبت لغير ضرورة النظم يقدم على ما ثبت بضرورة تصحيح المعنى عقلاً أو شرعا([11])؛ إذ الضرورة تقدر بقدرها؛ ولأن "دلالة الملزوم على اللازم المتأخر كالعلة على المعلول أقوى من دلالته على اللازم غير المتأخر كالمعلول على العلة، فإن الأولى مطردة دون الثانية"([12]).
    واعتماداً على الأصل الثاني فيقدم ما كان مقصوداً قصداً أصلياً ابتدائياً على ما لم يكن كذلك، وعليه فهم يعتدون بأن اللازم في العبارة أقوى اللوازم العقلية؛ إذ هو ذاتي متأخر مقصود أصالة فيقدم على الإشارة؛ ثم تليه إشارة النص حيث إنها استفيدت باللازم الذاتي المتأخر المقصود تبعاً ([13]). كما يقدم الإشارة على الدلالة-المسمى بمفهوم الموافقة- بناء على أن اللازم في الإشارة ذاتي في حين أن اللازم العقلي في دلالة النص غير ذاتي، وتقدم الدلالة على الاقتضاء؛ لقوة اللازم المتأخر في دلالة النص على اللازم المتقدم في الاقتضاء([14]).
    ويخالف في هذا ابن عبد الشكور منتحياً طريقة المتكلمين في الترجيح؛ إذ يذهب إلى أن "رجحان ما لا يقصد أصلاً كما في الإشارة على ما يقصد كما في الدلالة أو ما كان ضرورياً كما في الاقتضاء محل تأمل!! وما قالوا –أي بتقديم الإشارة على الدلالة- أن المعنيين تعارضا وبقي النظم سالماً ممنوع؛ بل المعنى المقصود لا يعارضه شيء، فيضمحل عنده غيره، فلم يتساقط ولم يبق النظم سالما!" ([15]).
    بهذا يظهر التوجهان الأصوليان اللذان اعتمدهما المتكلمة والحنفية في الترجيح بين الدلالات حتى اعتد الفريق الأول بأن إشارة النص من أضعف الدلالات في حين اعتد الفريق الثاني بأن الإشارة من أقواها في الدلالة على المعنى، وحسبي أن الترجيح بينهما عمل اجتهادي شاق، يتعين فيه استقراء حاصر لدلائل الشرع، وهو ما لا يتيسر للباحث في مقامه هذا.
    المطلب الثالث


    الخصائص العارضة على اللزوم العقلي في دلالة الإشارة

    اللزوم العقلي في دلالة الإشارة بين وصفي القطعية والظنية.

    تظهر تعبيرات أصوليي الحنفية تقرر الخلاف –فيما بينهم –في وصف دلالة الإشارة بالقطعية، فهل تعد القطعية خصيصة لازمة لدلالة الإشارة أو هي خصيصة عارضة؟
    يذهب أبو زيد الدبوسي([16])، والسرخسي([17])، والنسفي([18])، وهو مختار البخاري، وإليه وجه كلام البزدوي([19])، وإليه يذهب البابرتي([20])، وابن ملك، والرهاوي([21])، وغيرهم من أصوليي الحنفية ([22])إلى أن القطعية تعد خصيصة عارضة في إشارة النص، إذ تحتمل أن توصف الإشارة بكونها ظنية، كما يحتمل وصفها بالقطعية.
    في حين يذهب التفتازاني([23])، والفناري([24])، ومنلا خسرو، والأزميري([25])، والخادمي([26])، وإليه ينسب أكثر الحنفية([27])، إلى أن القطعية تعد خصيصة ذاتية في دلالة الإشارة، مع اعترافهم بأن بعض أمثلة إشارة النص قد لا يتحقق فيها وصف القطعية، لكنه أمر عارض لا يرفع صفة القطعية عن دلالة الإشارة من حيث هي على الجملة.
    وبالتدقيق في اصطلاح أصوليي الحنفية لمعني القطعية، يظهر أنه يطلق على أحد معنيين([28]):
    الأول: القطعية بالمعنى العام، ويقصد به قطع الاحتمال الناشئ عن دليل قائم متعين.

    الثاني: القطعية بالمعني الخاص، ويقصد به قطع جنس الاحتمال مطلقاً، سواء أكان ناشئاً عن دليل أم لا.

    وبناء على ما تقدم يظهر أن الخلاف في المسألة سببه عدم تحرير مصطلح القطعية بين الفريقين، فالقائلون بأن القطعية تعد خصيصة عارضة على دلالة الإشارة يحملون القطعية على المعنى الخاص، بحيث اعترفوا بتأثير جنس الاحتمال على دلالة الإشارة حتى أفادت القطع حيناً والظن أحياناً، في حين أن القائلين: بأن القطعية خصيصة ذاتية في دلاله الإشارة يحملون القطعية على المعنى العام بحيث يذهبون إلى أن ورود الاحتمال في بعض أمثلة الإشارة لا يخل بمفهوم القطعية فيها على الجملة؛ إذ لم يكن الاحتمال ناشئاً عن دليل، وتحرير المسألة على هذا النحو يهون من حقيقة الخلاف فيها، غير أن الراجح لدى الباحث الاعتداد بكينونة القطعية في الإشارة وصفاً عارضاً لا ذاتياً؛ لاسيما مع اطراد ورود الاحتمال فيها بما يقوي الاعتداد بتقدير وجوده لا تقدير عدمه، مع التأكيد على أن الخلاف في هذه المسألة لم يظهر في مصنفات المتكلمين؛ إذ الإشارة عندهم لا ترتقي عن مستوى غلبة الظن في الأكثر؛ لاسيما وهي من أضعف الدلالات اللفظية إفادةً للمعنى.

    اللزوم العقلي في دلالة الإشارة بين الجلاء والخفاء.
    يرى أصوليو الحنفية([29]) بأن دلالة الإشارة حيث استندت على علاقة اللزوم العقلي غير المقصود أصالة للشارع في سياق النظم، يجعل الوقوف عليها مما يحتاج إلى شيء من التأمل والتبصر بغية استظهار علاقة اللزوم العقلي المفيد للمعنى الإشاري على الجملة، بل إن بعض أمثلتها لا يسهل الوقوف عليه إلا بتكرار النظر وإنعامه المرة بعد الأخرى، حتى إنها لتخفى على الكثير من الأذكياء والنابهين وذوي القرائح الوقادة، في حين أن هذا الأمر لا ينفي أن من أمثلة الإشارة ما يمكن استظهاره بأدنى تأمل وتبصر في الدليل.
    من هنا قسم أصوليو الحنفية دلالة الإشارة إلى قسمين([30]): إشارة ظاهرة، وإشارة غامضة.
    ويرى الباحث بأن الوضوح والغموض في إدراك المعنى الإشاري يرجع إلى عاملين:
    الأول: سرعة البديهة وعمق الإدراك لدى الفقيه المستدل، وهذا مما تتفاوت فيه القرائح وتتباين فيه الاستعدادات الذهنية في أصل الجبلة الخلقية للعالم، وقد يكون لهذا العامل بعض المحفزات حتى إن "العالم قد تحدث له حوادث فيتذكر أحاديث وآيات تتضمن الحكم في تلك الواقعة، وإن لم يكن قد خطرت له تلك الحادثة من قبل"([31]).

    الثاني: طبيعة الرابطة الموضوعية المقتضية لعلاقة اللزوم العقلي، فقد تكون هذه الرابطة من القوة بمكان، ما يجعل علاقة اللزوم العقلي ظاهرة جلية سهلة الاستظهار لكثير من أهل العلم؛ لاسيما مع اقترانها بقرائن معنوية يزيدها وضوحاً وتجلياً.

    وقد تكون الرابطة الموضوعية ضعيفة تورث علاقة لزوم عقلي خفي، لا يسهل إدراكها ولا الوقوف عليها، حتى من قبل أكثر الأذكياء، وعلى الجملة فإن إدامة النظر في دلائل الشرع مع التدقيق في ملاحظة اللوازم العقلية من شأنه إيقاظ الدربة، وتحصيل المهارة في الوقوف على المعاني الإشارية، وعلى الجملة فهو فضل الله يؤتيه من يشاء، والله واسع عليم.
    ويحسن بالباحث في خاتمة الحديث عن الخصائص الذاتية والعارضة للزوم العقلي في إشارة النص: التنويه إلى متعلق معنوي لا يعد من جملة خصائص اللزوم العقلي لدلالة الإشارة، لكنه مترتب عليه، وهو أن إشارة النص هل يمكن إفادته للعموم؟ وما مدى صلاحية عمومه للتخصيص؟
    يذهب أبو زيد ألدبوسي([32]) إلى أن المعنى الإشاري لا يحتمل العموم، فضلاً عن عدم إمكان للتخصيص؛ إذ معنى العموم يتحصل فيما إذا كان سياق الكلام لأجله، بحيث يظهر فيه قصد الشارع إلى التعميم، غير أن المعنى الإشاري إذ لم يكن مقصوداً قصداً ابتدائياً أصلياً في السياق يغدو كالزائد على المطلوب بالنص من الناحية الشرعية، والزائد على المطلوب يقع معنوياً موقع ما اضطر إليه، والضرورة تقدر بقدرها؛ لذا لم يتسن للمعنى الإشاري إفادة العموم، علاوة على عدم احتماله للتخصيص.
    ويخالفه في الرأي السرخسي([33])، والبزدوي([34])، ويتابعهما عامة أصوليي الحنفية([35]) حيث يثبتون أمكان عروض التعميم على المعنى الإشاري، مع احتمالية تخصيصه، اعتماداً على أن المعنى الإشاري ثابت بصيغة الكلام الصادر عن الشارع –كالعبارة- وما يثبت بصيغة الكلام لا يشك في عروض العموم عليه مع صلاحيته للتخصيص، فالإشارة جارية على سننه.
    والمتعين في هذه المسألة: اعتماد مذهب عامة أصوليي الحنفية المثبتين للعموم في المعنى الإشاري مع إمكان للتخصيص؛ ذلك أن إشارة النص مسلك استدلالي يستند على المنطوق، وإرادة الشارع في المنطوق قد تتأكد بتحقيق معنى العموم أصالة؛ مما يستدعي إفادة التعميم في المعنى الإشاري؛ انسجاماً مع ما قصد بالمطوق، فيغدو ثبوت العموم في المعنى الإشاري عائداً على المنطوق بالتقوية والتحقيق والتأكيد، وإلا لكان خلفاً بتقرير المخالفة بين دلالة المنطوق ولازمه العقلي المتحصل به، والتالي باطل؛ دفعاً للتخالف عن دلائل الشريعة!!
    ويظهر هذا المعنى في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (65) الْآَنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) (الأنفال 65-66).
    تفيد الآيتان السابقتان بمنطوقهما لزوم تحريض النبي صلى الله عليه وسلم عامة المسلمين على القتال، ووجوب مغالبتهم لعدوهم الكافر في ساحات الوغى بلوغا إلى قهره والظهور عليه بالغلبة، والخطاب موجه لعامة المسلمين فيما لم يزد عدد الكفار عن عشرة أضعاف عددهم، ثم نسخ هذا الحكم بالآية الثانية المفيدة لوجوب المغالبة تحقيقاً للغلبة فيما لم يفق عددهم الضعف. ويستفاد بإشارة النص حرمة التولي يوم الزحف عند تلاقي الصفوف في القتال على كل مسلم فيما لم يزد العدد عن الضعف، وقد تقرر العموم في المعنى الإشاري انسجاماً مع المقصود الأصلي في السياق الناحي إلى التعميم نطقاً.
    ثم ورد تخصيص العموم المتقرر بإشارة النص بقوله تعالى: (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (الأنفال 16).
    المبحث الثالث


    اللزوم العقلي في إشارة النص وعلاقته بدلالة الإيماء

    ومفهومي الغاية والاستثناء


    يلاحظ المدقق في الدلالات اللفظية عند الأصوليين أن ثمة علاقة تجمع اللزوم العقلي في إشارة النص بقبيله في دلالة الإيماء، مما يستدعي إنعام النظر في تحديد العلاقة بينهما، كما أن أصوليي الحنفية مع إنكارهم العمل بدلالة المفهوم المخالف في الجملة إلا أنهم قد خرجوا مفهوم الغاية والاستثناء –المخرج عند عامة الأصوليين على مفهوم المخالفة- على أنهما استفيدا بدلالة الإشارة؛ مما يقتضي تحرير مذهبهم في هذه القضية.
    المطلب الأول


    اللزوم العقلي في إشارة النص وعلاقته بدلالة الإيماء


    بتتبع أصوليي المتكلمين في تقسيمهم للدلالات المستفادة باللزوم العقلي يظهر أن العديد([36]) منهم: كالغزالي([37])، والآمدي([38])، وابن الحاجب([39])، وشراح مختصره الأصولي([40])، وابن السبكي وشراح جمع جوامعه([41])، والصفي الهندي([42])، وغيرهم([43]) اعتدوا بدلالة الإيماء قبيلاً وقسيماً لدلالة الإشارة، محتسبين بأن هاتين الدلالتين متحصلتان باللزوم العقلي الذاتي المتـأخر، غير أنهما يتمايزان بفرقين: أحدهما: إجرائي، والآخر موضوعي.
    أما الفارق الإجرائي فيقوم على تمييز الإيماء بأن اللزوم العقلي فيه مقصود أصالة وابتداءً، في حين أن اللزوم العقلي في الإشارة مقصود تبعاً.
    وأما الفارق الموضوعي: فيستند على تمييز اللزوم العقلي في الإيماء بأنه استفيد بورود وصف في سياق تقرير الحكم لو لم يكن للتعليل لكان بعيداً عن مسلك الإفادة والتحصيل، وكأنهم بهذا قد خصوا اللزوم العقلي في الإيماء بالدلالة موضوعيا على الأحكام الوضعية، من خلال التنبيه على العلة، وميزوا إشارة النص- بما يظهر من الأمثلة –بأن اللزوم العقلي فيه مختص بالتنبيه على الأحكام التكليفية.
    ومن الجدير بالذكر، أن الغزالي مع أنه اعتد بتقرير الإشارة والإيماء قسيمين –كما تقدم- إلا أنه عاد فأفاد بأن التنبيه على العلة قد يتحصل بالإشارة أيضاً، وفي هذا المعنى يقول: "العلة المستنبطة –عندنا- لا يجوز التحكم بها، بل قد تعلم بالإيماء وإشارة النص فتلتحق بالمنصوص"([44]).
    وتأكد هذا الفهم لمذهب الغزالي عند الزركشي، حيث قال:" تنبيه: فهم العلة من إضافة الحكم إلى الوصف المناسب، كقوله تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا)، (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا) فإنه كما فهم وجوب القطع والجلد من المنطوق به، فهم كون السرقة والزنى علة الحكم، وإن كان غير منطوق به لكن سبق إلى الفهم من فحوى الكلام، فلم يجعله الغزالي من المفهوم، وألحقه بدلالة الإشارة"([45]).
    وإلى مثل هذا المذهب مال ابن المفلح([46])، والمرداوي([47]) من أصوليي الحنابلة حيث نصا على أن الإيماء إلى العلة إنما يتحصّـل بإشارة النص. لكن قد يقال: الظاهر من مذهب الغزالي الاضطراب؛ إذ التقسيم لا يصح أن يكون قسماً من جهة العقل وإلا لاختل وجه التقسيم، وهذا هو البادي من صنيع الغزالي !! اللهم إلا أن يقال إن مقصوده من القول بأن التنبيه على العلة قد يكون بالإيماء وقد يكون بالإشارة حاصلة: أن طريقة التنبيه على العلة قد تكون جلية ظاهرة، بحيث يتجلى أن مقصود الشارع فيها التوجه إلى التعليل أصالةً وابتداءً، فيكون التنبيه على العلة عندئذٍ بالإيماء([48])، وقد تكون طريقة التنبيه على العلة خفية بحيث يظهر أن القصد إلى التعليل تبعي ثانوي لا أصلي ابتدائي، فيغدو التنبيه على العلة عندئذٍ بإشارة النص؛ لاسيما أن صور التنبيه على العلة تتفاوت ظهوراً وخفاءً قوة وضعفاً([49])؛ مما جعل هذا التقييد من الغزالي- بأن التنبيه على العلة قد يُتحصّل بالإشارة- يعكس دقته في تحرير القضايا الأصولية كما هو دأبه رحمه الله. وقبل الابتداء بتحرير مذهب أصوليي الحنفية في هذه المسألة يحسن بالباحث التذكير بأنهم لم يدرجوا دلالة الإيماء ضمن الدلالات الرئيسة المستدل بها على المعاني الشرعية، ولما كان الإيماء- كما يصوره المتكلمة – هو التنبيه على العلة باللازم العقلي الذاتي المتأخر المقصود أصالة ؛ ظن أمير بادشاه([50]) من متأخري الحنفية أن الدلالة الإيماء تندرج إجرائياً ضمن عبارة النص، وإلى مثل هذا الاستنتاج صادر أكثر من المعاصرين([51]).
    وبعد التدقيق في مصنفات أصوليي الحنفية([52]) تبين للباحث أن إدراج الإيماء ضمن عبارة النص – إجرائياً- يعد استنتاجاً غير قويم ولا يعكس حقيقة مذهب الحنفية أصولياً؛ ذلك أن أصوليي الحنفية ينصُّون على أن التنبيه على العلة بالإيماء إنما يندرج في دلالة الإشارة. يقول البابرتي: » الإشارة تفيد عِليَّة مأخذ الاشتقاق، وهذا ليس بمسوق له الكلام» ([53])، ويقول البخاري: "ثبت بإشارة النص أن علة الفضل في الربا – القدرة والجنس- على ما هو بيانه في باب القياس» ([54]). وعليه فالتنبيه على العليَّة عند أصوليي الحنفية لا يعد مقصوداً أصالة ولا ابتداءً؛ إذ مورد السياق تقرير الحكم التكليفي في النص مما يجعل الالتفات إلى تقرير الحكم الوضعي بإثبات العليَّة مما لم يقصده الشارع أصالة في السياق؛ لذا يغدو التنبيه على العلة مندرجاً ضمن إشارة النص عندهم. يقول البخاري مبيناً هذا المعنى: » لا نسلم أن سوقه لبيان أن مأخذ الاشتقاق علة لهذا الحكم؛ فيكون بهذه النسبة إشارة» ([55]). مما تقدم يظهر أن ثمة ثلاثة توجهات أصولية تحدِّد العلاقة بين دلالة الإيماء وبين دلالة الإشارة: توجه يرى أنهما قبيلان قسيمان بين جملة الدلالات اللفظية وإليه يذهب كثير من متكلمة أصوليين، وتوجه آخر يرى أن دلالة الإيماء تندرج في الحقيقة الأصولية لدلالة الإشارة وإليه يذهب عامة أصوليي الحنفية وبعض أصوليي الحنابلة، وتوجه ثالث يرى العلاقة بينهما علاقة عموم وخصوص وجهي وإليه يذهب الغزالي.
    وقبل المصير إلى الترجيح في المسألة يحسن بيان رأي الصنعاني([56]) الذي يرى أن التفريق بين الإيماء والإشارة بكينونة اللازم العقلي في الأول مقصود أصالة دون الثاني يُعدُّ تفريقاً بغير فارق صحيح؛ ذلك أنه يرى أن المعنى الإشاري "إن أريد بكونه غير مقصود لكونه لم يكن ملفوظاً به، فكذلك اللوازم التي تقدمت في دلالة الاقتضاء والإيماء، وإن أٌريد أنه لم يقم عليه دليل منفرد فكذلك تلك اللوازم، وإن أُُريد أنه لم يعلم كونه مقصوداً، فالعلم المنفي إن كان بالمعنى الأخص- أي بالدلالة القاطعة- فمسلَّم، وهو كذلك في تلك اللوازم، وإن أُريد انتقاؤه بالمعنى الأعم-أي بغلبة الظن- فممنوع ، كيف ودلالة الإشارة بالالتزام؟! فالحكم بكون اللوازم المستفاد منها غير مقصودة واللوازم المستفادة بالاقتضاء والإيماء مقصودة: تحكُّم محض واضح، وفرق من دون فارق!!" ([57]). بعد استعراض التوجهات المتقدمة يترجح للباحث أن دلالة الإيماء تعدُّ مندرجة في الحقيقة الأصولية لدلالة الإشارة؛ إذ دعوى القصدية للزوم العقلي في الإيماء دون الإشارة لا يسنده الواقع الاستدلالي، ففي قوله: صلى الله عليه وسلم " لا يقضين حكم بين اثنين وهو غضبان" ([58]). السياق المعنوي للحديث وارد ابتداءً لتقرير حكم تكليفي، حاصله: حرمة إبرام القاضي للقضاء إبان انتشائه بالغضب، غير أن ورود الوصف بصيغة اسم الفاعل- غضبان- في سياق تقرير حكم النهي لا يكون إلا لتعلقه بموضوع هذا الحكم؛ استبعاداً لورود مالا فائدة منه في كلام الشارع، ولَّما كان ربط الحكم بمشتقٍ يؤذن بعليِّة ما منه الاشتقاق؛ إيماءً إلى العلة، تحصّل بهذه الرابطة الشرعية لازم عقلي مقصود تبعاً، حاصله: إثبات عليَّة الغضب لتحريم قضاء القاضي أثناء سوْرة غضبه ؛ صيانة للقضاء عن الحيف، وتحقيقاً للنّصفة بين المتخاصمين. بهذا يظهر أن اللزوم العقلي المستفاد بالتنبيه على العلة لا يكون مقصوداً ابتداءً في السياق، وإن امتاز عن غيره من اللوازم العقلية بأنه أظهر تبادراً في الذهن؛ لقوة ارتباط العلة بمعلولها والسبب بنتيجته، ويبقى القول بشمول إشارة النص موضوعياً للتنبيه على العلة، كما شمل التنبيه على الحكم راجع إلى الاصطلاح المحض، في حين يتعين الاعتراف بأن التفريق بين الإيماء والإشارة إجرائياً بأن الأول مقصود دون الثاني دعوى لا يسندها أصل قويم، ولا يشهد الواقع الاستدلالي.
    المطلب الثاني


    اللزوم العقلي في إشارة النص وعلاقته بمفهومي الغاية

    والاستثناء عند أصوليي الحنفية


    مما تقرَّر أصولياً أن عامة أصوليي الحنفية لا يعدون مفهوم المخالفة من جملة المسالك المعتمدة في تقرير المعاني الشرعية، فمحله عندهم: الإبطال؛ لذا يسمُوْنَه بـ « المستمسك الفاسد« ([59]). وطرداً لهذا الأصل المتقرِّر لديهم فقد ذهبوا إلى أن الاستثناء يعد تكلماً بالباقي بعد المستثنى، فكأن الكلام لم ينعقد موجباً للحكم بقدر المستثنى؛ حيطة من الاعتراف بأن الاستثناء في أصل دلالته يفيد النفي من الإثبات وبالعكس، وامتناعا ًمن الانجرار إلى القول بصحة مفهوم الاستثناء. فالقائل: لك عليَّ عشرة إلا ثلاثة، الاستثناء غيَّر دلالة الإقرار بالعشرة متصرفاً بالكلام؛ ليوجب الحكم في السبعة- فقط- دون تعرض للثلاث بالإثبات أو النفي. يقول السرخسي: إن الاستثناء يبيِّن أن صدر الكلام لم يتناول المستثنى أصلاً« ([60]). وإلى قريب من هذا فقد ذهب أصوليو الحنفية إلى أن ورود الغاية في الكلام يتضمن تقرير حكم المغيَّا بغير تعرض للحكم في محل الغاية وما بعدها([61]). كل هذا حرصاً منهم على اطراد أصلهم في رد مفهوم المخالفة، ومن جملته: ما قيِّد بالغاية والاستثناء، ومع ذلك فقد ذهب أكثر الحنفية إلى القول بأن الاستثناء يفيد النفي من الإثبات، والإثبات من النفي([62])، وأن المغيَّا بغاية يفيد نقيض الحكم فيما بعد الغاية([63]) وهذا كلُّه ليس تخريجاً على مفهوم المخالفة بل اعتماداً على دلالة الإشارة. ويلاحظ المتتبع لأصوليي الحنفية تخوُّفهم من أن يظن بهم الوقوع في شبهة التناقض الأصولي، وإلى هذا يشير أمير بادشاه بقوله: "المفهوم من أنه تكلُّم بالباقي ... إلى آخره، الاقتصار على حكم الصدر وتعيُّن محله، وهو الباقي بعد إخراج ما بعد (إلا) من غير تعرض لحكم ما بعدها، فكيف لا ينافيه القول بإفادة الاستثناء النفي من الإثبات وبالعكس؟!« ([64])، وقد حدا هذا الموقف بكثير من أصولي الحنفية إلى ظهورهم بمظهر المدافع عن هذه الشبهة؛ لذا حرصوا في هذا السِّياق على التفريق بين المفهوم والإشارة. يقول منلا خسرو: "فالتوفيق بينهما: أنه تكلم بالباقي بعد المستثنى بوضعه ونفي وإثبات بإشارته- بحسب خصوصية المقام – لعدم ذكرهما قصداً، بل لازماً عن كونه كالغاية المُنْهِيَة للوجود بالعدم وبالعكس، لكن في ذلك المقام لا مطلقاً، وبه يندفع أن الإشارة فوق المفهوم، فكيف يصح إنكاره ثم الاعتراف بها؟!" ([65]). ويقول ابن الساعاتي: "مفهوم الغاية قال به أكثر الفقهاء والمتكلمين، وعندنا هو من قبيل الإشارة لا المفهوم!" ([66]).
    ويبقى السؤال قائماً عن سرِّ هذا التحول في موقف الحنفية من الناحية الأصولية، فقد أنكروا تحصيل المعنى المفهوم المخالف؛ لفوات القيد الوارد في النص مطلقاً، فما بالهم يرتبون على فوات القيد المتحصِّل بالغاية والاستثناء لازماً عقلياً يخرِّجونه على اللزوم العقلي المستفاد بالإشارة ؟ البادي للباحث: أن الرابطة الموضوعية المقتضية لعلاقة اللزوم العقلي المفيد للمعنى الإشاري في الغاية والاستثناء- كما يذهب الحنفية- تعد رابطة عقلية متصفة بأنها في أعلى مستويات القوة اقتضاءً للزوم البين([67])؛ ذلك أن المعنى في الغاية والاستثناء ينحصر بين قبيلين متعينين لا ثالث لهما- بين المغيَّا وما بعد الغاية أو بين المستثنى منه والمستثنى- بحيث يغدو الخارج عن أحدهما داخل في حكم الآخر بضرورة العقل، فيبدو الجاحد لهذا اللازم العقلي متهافت المُدرك، ضعيف المسلك؛ حتى اعترف بمفهوم الغاية ومفهوم الاستثناء أكثر منكري المفاهيم من المتكلمين([68]). والملاحظ: أن هذا التفسير الأصولي لمذهب الحنفية بإفادة الإثبات من المنفي وإفادة النفي من الإثبات في الاستثناء يعد تخريجاً على اللزوم العقلي لإشارة النص، وهذا الأمر لا يتعارض مع ما ذهب إليه الكمال بن الهمام ومن وافقه([69]) من أن المعنى المستفاد باللزوم العقلي في الاستثناء قد يتحقق بعبارة النص أيضاً، حيث يكون المعنى مقصوداً للمتكلم أصالة كما في واقعة المتلفظ بكلمة التوحيد قاصداً للدخول في دين الإسلام؛ إذ إثبات توحيد الإلوهية بهذه الكلمة الشريفة في هذا الموقف متعيَّن القصد إليه، فتكون الدلالة عليه بالعبارة لا بالإشارة. ولا ينتهي عجبي من صدر الشريعة([70]) إذ استنتج من كلام المتقدمين أن إفادة الإثبات من المنفى وإفادة النفي من الإثبات في الاستثناء متقرّر فيما لم يكن المستثنى منه والمستثنى عددياً، أما في العدديات فلا يستفاد النفي من الإثبات، ولا الإثبات من النفي، وعندئذٍ يقال لصدر الشريعة: أيٌّ مسلك لدفع شبهة التناقض الأصولي عن أصحابك من الحنفية يمكنك أن تسْلك بعد هذا التفصيل ؟!
    هذا ما تيسَّر تحريره في هذا البحث، سائلا الله عز وجل التوفيق والسداد
    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
    يتبع


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي رد: اللزوم العقلي في إشارة النص

    اللزوم العقلي في إشارة النص


    د.عبد الجليل زهير ضمرة[(*)]

    الخاتمة


    الحمد لله تعالى في الأولى والأخرى، وألخص في هذا المقام أبرز النتائج المتوصل إليها في البحث، ثم ذكر بعض التوصيات التي يقترحها الباحث، وهى على النحو الآتي:
    إشارة النص هي: الدلالة على اللازم العقلي الذاتي المتأخر المفيد لمعنى مقصود تبعاً.
    لا يشترط في اللزوم العقلي لدلالة الإشارة أن يكون ذهنياً فقط؛ إذ يصح أن يكون اللزوم خارجياً؛ لذا تبين أن الروابط المقتضية لعلاقات اللزوم العقلي: إما عقلية أو عادية أو شرعية.
    للزوم العقلي في دلالة الإشارة خصائص عدَّة، بعضها لازم لا ينفك عنها، وهي: الذاتية، والتأخر، والاندراج في المقصد الشرعي تبعاً، وبعضها عارض، وهي: القطعية والظنية، مع الوضوح والخفاء.
    دلالة الإشارة تفيد عموما معنوياً محتملاً للتخصيص.
    دلالة التنبيه على العلة بالإيماء تستفاد بإشارة النص إجرائياً.
    اعتماداً على العمل بمفهوم المخالفة في الغاية والاستثناء يرتب جمهور الأصوليين فيما بعد الغاية نقيض الحكم الثابت للمغيّا، ويرتبون الإثبات من النفي والنفي من الإثبات في الاستثناء، في حين إن أكثر أصوليي الحنفية يخرِّجون هذه الدلالة في الغاية والاستثناء على إشارة النص، بحيث يخالفون في طريقة الاستدلال ويوافقون جمهور الأصوليين في تقرير الدلالة.
    توصيات الدراسة:


    التركيز في تدريس مادة الدلالات اللفظية- لاسيما في مرحلة الدراسات العليا- على الأمثلة التطبيقية علاوة على تلك المتداولة في مصنفات المتقدمين من الأصوليين.

    اعتماد المنهج التحليلي في الدراسات الأصولية القائم على التوسع الفعلي في استقراءات النصوص الشرعية، بحيث يعاد تحرير القواعد الأصولية بصورة أكثر فاعلية في مسيرة الفقه الإسلامي المعاصر.

    دعوة الباحثين لدراسة القواعد الأصولية المبنية علي اللزوم العقلي لدلالة الإشارة تخريجاً للقواعد الاستدلالية التفصيلية على المسالك الاستدلالية الكلية، مثل قاعدة أن الأمر بالشيء هل يعد نهياً عن ضده ؟، وقاعدة النهي هل يقتضي فساد المنهي عنه ؟ وقاعدة ترك الاستفصال في حكايات الأحوال هل ينزل منزلة العموم في المقال؟، إلى غيرها من القواعد المخرَّجة على اللزوم العقلي لإشارة النص.
    المصادر والمراجع


    الإبهاج شرح المنهاج، السبكي: علي بن عبد الكافي، تحقيق شعبان محمد إسماعيل، طبعة أولى 1981م.
    إحكام الفصول في أحكام الأصول، الباجي: سليمان بن خلف، تحقيق د. عبد الله الجبوري، دار الرسالة، الطبعة الأولى 1409هــ .
    أحكام القرآن، الجصاص: أحمد بن على الرازي، نشر الكتاب العربي، وزارة الأوقاف، طبعة أولى 1376هــ .
    أحكام القرآن، ابن العربى: أبو بكر محمد بن عبد الله، دار الفكر.
    الإحكام في أصول الأحكام، الآمدي: علي بن أبي علي، دار الكتب العلمية، بيروت 1983م.
    إرشاد الفحول في تحقيق الحق من علم الأصول، الشوكاني: محمد بن علي، تحقيق محمد صبحي حلاّف دار ابن كثير طبعة ثانية 2003م.
    الأشباه والنظائر، السيوطي: جلال الدين عبد الرحمن، تخريج دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 1403هــ .
    أصول السرخسي، السرخسي: محمد بن أحمد، تحقيق أبو الوفا الأفغاني، دار المعرفة 1973م.
    إعلام الموقعين عن رب العالمين، ابن القيم:محمد بن أبي بكر، تعليق طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل بيروت.
    الاعتصام، الشاطبي: إبراهيم بن موسى اللخمي، تحقيق سليم الهلالي، دار عثمان بن عفان الطبعة الأولى 1992م.
    البحر المحيط في أصول الفقه، الزركشي: محمد بن بهادر ، وزارة الأوقاف الكويتية الطبعة الأولى 1988م.
    البحر المحيط في أصول الفقه، الزركشي: محمد بن بهادر ، وزارة الأوقاف الكويتية الطبعة الأولى 1988م.
    البرهان في أصول الفقه، الجويني: عبد الملك بن عبد الله، تحقيق عبد العظيم الديب، الطبعة الثالثة 1991م.
    التبصرة في أصول الفقه، الشيرازي: إبراهيم بن علي، تحقيق محمد حسن هيتو، دار الفكر، دمشق 1980م.
    التحرير والتنوير، ابن عاشور: محمد الطاهر، الدار التونسية للنشر تونس
    1984م.
    تحفة المسؤول في شرح مختصر منتهى السؤل، الرهوني: يحيي بن موسى، دار البحوث دبي الطبعة الأولى 2002م.
    التعريفات، الجورجاني: علي بن محمد، دار الكتاب العربي، الطبعة الثانية 1992م.
    التخليص في أصول الفقه، الجويني: عبد الملك بن عبد الله، دار البشائر الإسلامية 1994 الطبعة الأولى.
    تفسير القرآن العظيم، ابن كثير: دار المعرفة، بيروت، 1984م.
    التفسير الكبير، الرازي: فخر الدين محمد بن عمر، دار إحياء التراث.
    التقريب والإرشاد "الصغير" الباقلاني: محمد بن الطيب، تحقيق عبد الحميد أبوزنيد، مؤسسة الرسالة، الطبعة الثانية 1998م.
    التقرير والتحبير وشرح التحرير، أمير بادشاه: محمد بن محمد عبد المحسن،المطبعة الأميرية، طبعة أولى 1317هـ.
    التلويح على التوضيح لصدر الشريعة، التفتازاني: سعد الدين مسعود بن عمرو، دار الكتب العلمية.
    التمهيد في أصول الفقه، الكلوذاني: محفوظ بن أحمد، تحقيق مفيد أبو عمشة، دار المدني، طبعة أولى 1985م.
    تيسير التحرير، أمير بادشاه: محمد أمين المعروف، دار الفكر.
    جامع البيان عن تأويل القرآن، الطبري: محمد بن جابر، دار الفكر بيروت 1408هــ .
    الجامع لأحكام القرآن، القرطبي: محمد بن احمد الأنصاري، دار الفكر بيروت1995م.
    حاشية على شرح العضد على مختصر ابن الحاجب، التفتازاني: سعد الدين مسعود بن عمرو، دار الكتب العلمية، الطبعة الثانية 1983م.
    حاشية عي المحلي شرح جمع الجوامع، العطار محمد حسن، مطبعة مصطفى البابي.
    حاشية على شرح الجلال المحلي، البناني: محمد دار الكتب العربية الكبرى، مصر.
    رد المحتار على الدار المختار، ابن عابدين: محمد أمين، تحقيق دار الفكر بيروت، الطبعة الثانية 1966م.
    الرسالة، الشافعي: محمد بن إدريس، تحقيق محمد أحمد شاكر المكتبة العلمية القاهرة.
    رفع الحاجب على مختصر ابن الحاجب، ابن السبكى، علم الكتب، الطبعة الأولى 1419هــ .
    روضة الناظر وجنة المناظر، ابن قدامة: عبد الله بن أحمد، مكتبة المعارف، طبعة ثانية
    السنن، الترمذي: محمد بن عيسى، حققه عبد الوهاب عبد اللطيف، دار الفكر بيروت الطبعة الثانية 1983م.
    السنن أبو داود: سليمان بن الأشعث، المكتبة العصرية، صيدا
    السنن، ابن ماجة: أبو عبد الله بن يزيد القزويني، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، طبع عيسى البابي.
    السنن، النسائي: أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب، المطبعة المصرية بالأزهر.
    السنن الكبرى، البيهقي: أحمد بن الحسين دار المعرفة، بيروت، الطبعة الأولى 1344هــ .
    شرح الكوكب المنير، ابن النجار: محمد بن أحمد الفتوحي، تحقيق د. محمد الزحيلي، د. نزيه حماد، مكتبة العبيكان 1993م.
    شرح اللمع في أصول الفقه، الشيرازي: إبراهيم بن علي، تحقيق د. عبد المجيد التركي، دار الغرب طبعة أولى.
    شرح مختصر الروضة، الطوفي: سليمان بن عبد القوي، تحقيق الدكتور عبد الله التركي، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى 1987م.
    شرح تنقيح الفصول في اختصار المحصول في الأصول، القرافي: أحمد بن إدريس، تحقيق طه عبد الرؤوف سعد، الطبعة أولى 1973م.
    شرح مختصر المنتهى، عضة الملة والدين: دار الكتب العلمية، الطبعة الثانية 1983م.
    الصلاة ومقاصدها، أبو عبد الله الترمذي، تحقيق: حسني زيدان، مطابع دار الكتاب العربي 1965م.
    صحيح الجامع الصغير وزياداته، الألباني، الطبعة الثانية المكتب الإسلامي، بيروت 1406هــ .
    العدة في أصول الفقه، أبو يعلى الفراء: محمد بن الحسن، تحقيق أحمد علي المباركي طبعة ثالثة 1993م.
    فتح الباري شرح صحيح البخاري، ابن حجر:أحمد بن علي، تحقيق عبد العزيز ابن باز، دار الفكر.
    الفصول في الأصول، الجصاص: أحمد بن علي الرازي، تحقيق عجمي النشمي، وزارة الأوقاف الكويتية، طبعة ثانية 1994م.
    الفروق، القرافي: محمد بن إدريس عالم الكتب.
    فيض القدير شرح الجامع الصغير، المناوي: دار الفكر بيروت.
    فواتح الرحموت، الأنصاري: محمد بن نظام الدين، مع المستصفى، دار الفكر.
    القواعد الفقهية، المقرى : محمد بن محمد، رسالة جامعية، مقدمة في جامعة أم القرى.
    قواعد الأحكام في مصالح الأنام، ابن عبد السلام. عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام، دار الكتب العلمية بيروت.
    قواطع الأدلة في أصول الفقه، ابن السمعاني: منصور بن محمد عبد الجبار، تحقيق د. علي الحكمي، د. عبد لله الحكمي، الطبعة الأولى 1419هــ .
    كشف الأسرار عن أصول البزدوي، البخاري: عبد العزيز،بن أحمد، دار الكتاب العربي، طبعة أولى 1993م.
    كشف القناع عن متن الإقناع، البهوتي: منصور بن يونس بن إدريس، مطبعة أنصار السنة الحمدية.
    لباب المحصول من علم الأصول لابن رشيق القيرواني، تحقيق محمد جابي، دار البحوث دبي، الطبعة الأولى 1422هــ .
    مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، الهيثمي: نور الدين علي بن أبي بكر، طبع سنة 1325هــ .
    مجموعة رسائل ابن عابدين، ابن عابدين: محمد أمين بن عمر، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
    المجموع، النووي: أبو زكريا محي الدين بن شرف، دار الطباعة المنيرية.
    مجموع الفتاوى، ابن تيمية: أحمد بن عبد الحليم. أعتني به مروان كجك، دار الكلمة الطيبة الطبعة الأولى 1416هــ .
    المحصول من علم الأصول، الرازي: محمد بن عمر، تحقيق د. طه جابر العلواني، مطبوعات جامعة أم القرى 1401هــ .
    المستصفى من علم الأصول، الغزالي: محمد بن محمد، تحقيق د. محمد الأشقر، دار الرسالة الطبعة الأولى 1417هــ .
    المستدرك على الصحيحين، الحاكم: أبو عبد الله النيسابوري، دار المعرفة.
    المستند مع منتخب كنز العمال، ابن حنبل: أحمد بن محمد، دار الفكر بيروت الطبعة الأولى.
    المعتمد في أصول الفقه، البصري: محمد بن علي بن الطيب، تحقيق خليل الميس، دار الكتب العلمية.
    المعجم الكبير، الطبراني: سليمان بن أحمد، تحقيق حمدي السلفي، مطبعة دار الوطن العربي، طبعة الأولى 1980م.
    مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج، الشربيني: محمد الخطيب، مطبعة مصطفى الحلبي 1958م.
    المغني، ابن قدامة: عبد الله بن أحمد، دار الكتب العلمية، طبعة أولى 1994م.
    الموفقات في أصول الشريعة، الشاطبي: إبراهيم بن موسى الخمي، تحقيق مشهور حسن، دار ابن عفان طبعة أولى 1417هــ .
    المسودة في أصول الفقه، آل تيمية تحقيق د. أحمد بن إبراهيم الذروي، ، دار الفضيلة ، دار ابن حزم الطبعة الأولى 1422هــ .
    المنثور في القواعد، الزركشي: محمد بن بهادر حققه تيسير فائق أحمد، طباعة شركة دار الكويت للصحافة الطبعة الثانية 1405هــ .
    ميزان الأصول في نتائج العقول، السمرقندي: محمد بن أحمد، تحقيق د. محمد زكي عبد البر، مطابع الدوحة.
    منتهى الوصول والأمل في علمي الأصول والجدل، ابن الحاجب: عثمان بن عمر،دار الكتب العلمية.
    المنخول في تعليقات الأصول، الغزالي: محمد بن محمد، تحقيق محمد حسن هيتو، دار الفكر، دمشق 1390هــ .
    نفائس الأصول في شرح المحصول، القرافي: أحمد بن إدريس، مكتبة نزار بيروت،الطبعة الأولى 1995م.
    نهاية السول على منهاج الأصول، الإسنوي: جمال الدين عبد الرحيم، تحقيق د. شعبان محمد إسماعيل، دار ابن حزم، الطبعة الأولى 1420هــ .
    نهاية الوصول إلى علم الأصول، صفي الدين الهندي: محمد بن عبد الرحيم، مكتبة نزار الباز الثانية 1419هــ
    نيل الأوطار، الشوكاني: محمد بن علي، دار الجيل بيروت 1973م.
    الواضح في أصول الفقه، ابن عقيل: أبو الوفاء علي بن عقيل، دار الرسالة الطبعة الأولى 1420هــ .



    [(*)] أستاذ مشارك بقسم العلوم الإسلامية- كلية التربية- بجامعة السلطان قابوس- سلطنة عمان.

    [(1)]انظر على سبيل المثال الغزالي: المستصفى 2/188، الآمدي: الإحكام 3/81، ابن السبكي: رفع الحاجب 3/484، الدبوسي: تقويم الأدلة 1/292، البزدوي: أصوله مع شرح كشف الأسرار 1/174، السرخسي: أصوله 1/236، التفتازاني: شرح التلويح على التوضيح 1/130، الأزميري: شرح المرآة 2/74.

    [(1)]دلالة الالتزام تعني دلالة اللفظ على الخارج عن المعنى الموضوع له مما هو ملازم له في العقل. انظر الغزالي: معيار العلم 43، الآمدي: الإحكام 1/32، العضد: شرحه على المختصر 1/84، الزركشي: البحر المحيط 2/37، الجرجاني: التعريفات 191، الكفوي: الكليات 441، القطب الرازي: تحرير القواعد المنطقية 86.

    [(1)]الآمدي: المبين في شرح ألفاظ الحكماء والمتكلمين 48، الزركشي: البحر المحيط 2/40، الجرجاني: التعريفات 191، الكفوي: الكليات 796، القرافي: الفروق 1/388، القطب الرازي: تحرير القواعد المنطقية 89.

    [(2)]انظر التفتازاني: شرح التلويح 1/73، 176، ابن عاشور: التوضيح على شرح التنقيح 1/28، القرافي: الفروق 1/388، أمير بادشاه: تيسير التحرير 2/217، العطار: حاشيته على جمع الجوامع 1/313.

    [(1)]الرازي: المحصول 1/219، السراج الأرموي: التحصيل 1/200، التلمساني: شرح المعالم 1/135، الشوشاني: رفع النقاب الحاجب عن تنقيح الشهاب 1/216، حلولو: الضياء اللامع 2/76.

    [(2)]ابن السبكي: الإبهاج شرح المنهاج 3/522، الإسنوي: نهاية السول 1/179، ابن إمام الكمالية: تيسير الوصول إلى منهاج الأصول 2/208، البدخشي: شرحه على المنهاج 1/178-179.

    [(3)]القطب الرازي: تحرير القواعد المنطقية 89، السنوسي: شرح المختصر مع حاشية الباجوري37، القويسني: شرح السلم 13، الكفوي: الكليات 796، الميداني: ضوابط المعرفة 39، الباحسين: طرق الاستدلال ومقدماتها 64، البحراني: المعجم الأصولي 853.

    [(4)]انظر السغناقي: الوافي شرح المنار 1/334، الفناري: فصول البدائع 1/114، التفتازاني: التلويح شرح التواضيح 1/73، 131، أمير بادشاه: التقرير والتحبير 1/143، 285، ابن أمير الحاج: تيسير التحرير 1/80، 2/217، الأزميري: حاشيته على المرآة 2/73، ابن عابدين: نسمات الأسحار 108، 144، ابن الساعاتي: نهاية الوصول إلى علم الأصول 1/15.

    [(5)]انظر العضد: شرحه على المختصر 1/122، الأصفهاني: بيان المختصر 1/155، ابن السبكي: رفع الحاجب 1/353-354.

    [(6)]القرافي: شرح تنقيح الفصول 27، نفائس الأصول شرح المحصول 2/559، الفروق 1/389.

    [(7)]الأصفهاني: بيان المختصر 1/155، بيان معاني البديع 1/146، 214.

    [(8)]ابن السبكي: جمع الجوامع مع حاشية العطار 1/313، مع حاشية البناني 1/238، السيناوني: الأصل الجامع 1/52.

    [(9)]العجلي: الكاشف على المحصول 2/13.

    [(10)]ابن النجار: شرح الكوكب المنير 1/130.

    [(11)]انظر العطار: حاشيته على جمع الجوامع 1/313، البناني: حاشيته على جمع الجوامع 1/238، ابن مفلح: أصول الفقه 1/57، المرداوي: التحبير شرح التحرير 1/319، جعيط: منهج التحقيق والتوضيح 1/50-51، الصنعاني: إجابة السائل 234.

    [(12)]المسعودي: سبل الاستنباط وعلاقته بالمنهج البلاغي 168.

    [(1)]انظر المرداوي: التحبير شرح التحرير 1/319، جعيط: منهج التحقيق والتوضيح 1/51.

    [(2)]انظر العضد: شرحه على المختصر 1/122، الأصفهاني: بيان المختصر 1/155، التفتازاني: شرح التلويح 1/131، الزركشي: البحر المحيط 2/41.

    [(3)]انظر القطب الرازي: تحرير القواعد المنطقية 90، الكفوي: الكليات 796، التلمساني: شرح المعالم 1/135، ابن إمام الكمالية: تيسير الوصول 2/208، القرافي: نفائس الأصول 2/558، الشوشاني: رفع النقاب الحاجب 1/216، حلولو: الضياء اللامع 3/75، الباحسين: طرق الاستدلال ومقدماتها 64-65.

    [(1)]انظر العضد: شرح المختصر 1/122، العطار: حاشيته على جمع الجوامع 1/313، الزركشي: البحر المحيط 2/41، التفتازاني: التلويح 1/131، ابن عاشور: التوضيح شرح التنقيح 1/29، ابن تيمية: نقض المنطق 189.

    [(2)]التفتازاني: التلويح على التوضيح 1/131، وانظر ابن أمير الحاج: التقرير والتحبير 1/143.

    [(1)]القرافي: نفائس الأصول بشرح المحصول 2/560، ابن النجار: شرح الكوكب المنير 1/130-131، المرداوي: التحبير شرح التحرير 1/330، العطار: حاشيته على جمع الجوامع 1/314، البناني: حاشيته على جمع الجوامع 1/239، السيناوني: الأصل الجامع 1/520، ابن القاسم: هداية العقول 1/180.

    [(1)]ينقل الاستدلال بالآيتين على هذا المعنى عن علي بن أبي طالب بين يدي عمر رضي الله عنهما وفي روايات أخرى ينقل عن ابن عباس بين يدي عثمان رضي الله عنهم، وقد أخرج هذه الرواية مالك: الموطأ 5/1204، رقم (3045)، سعيد بن منصور: السنن 2/66، رقم (2074)، ابن أبي حاتم: التفسير 8/343، رقم (2300)، عبد الرزاق: المصنف 7/352، رقم (13449)، البيهقي: السنن الكبرى 7/442، رقم (15328)، وانظر في تعدد الروايات ابن حجر: التلخيص الحبير 4/405، التركماني: الجوهر النقي 7/442.

    [(2)]أخرجه مسلم: الصحيح، كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في الصلاة رقم (904).

    [(1)]انظر النووي: شرح صحيح مسلم 4/103، السيوطي: تنوير الحوالك 1/82، العظيم آبادي: عون المعبود 3/28-29.

    [(2)]ابن عبد السلام: فوائد من مشكل القرآن 54، وانظر المراجع السابقة.

    [(1)]يذهب بعض المفسرين إلى أن الله تعالى كنى عن الغائط بأكل الطعام، والمعتمد عند الباحث أن هذا ليس من باب الكناية، بل تدليل بإشارة النص؛ إذ الكنابة- أصولياً- تعد استدلالاً بعبارة نص، حيث اللازم العقلي فيه مقصود أصالة في السياق، واللائق بما للأنبياء عليهم السلام عند الله تعالى من الكرامة أن يعد هذا المعنى غير مقصود ابتداء، وإن تم به دليل إبطال دعوى الربوبية المزعومة لعيسى بن مريم عليه السلام. انظر القرطبي: الجامع في أحكام القرآن 6/250.

    [(2)]أخرجه البخاري: الصحيح، كتاب النكاح، باب من قال لا رضاع بعد الحولين، رقم (4814).

    [(1)]أخرجه البخاري: الصحيح، كتاب العيدين، باب الخطبة بعد العيد، رقم (921)، مسلم: الصحيح، كتاب العيدين، باب ترك الصلاة قبل العيد وبعدها، رقم (884)، والخرص: حلقة صغيرة تعلق بالأذن، والسخاب: خيط من خرز ونحوه يوضع في العنق كالقلادة.

    [(2)]ابن حجر: فتح الباري بشرح البخاري 2/468.

    [(1)]البزدوي: كنز الوصول إلى معرفة الأصول ومعه شرح كشف الأسرار 1/174، 2/393، صدر الشريعة: التوضيح ومعه شرح التلويح 1/130، النسفي: كشف الأسرار 1/375، السغناقي: الوافي شرح الإخسكتي 1/374، ابن ملك: شرحه على المنار ومعه حاشية الرهاوي 522، الخبازي: المغني 149، الشاشي: أصوله مع حاشية الكنكهوي 99-100، السمرقندي: ميزان الوصول 397.

    [(2)]السرخسي: أصوله 1/236/ وبقريب منه أمير بادشاه: تيسير التحرير 1/87.

    [(1)]انظر الفناري: أصول البدائع 1/104، منلا خسرو: شرح المرآة مع حاشية الأزميري 1/74-75، الخادمي: منافع الدقائق 125.

    [(2)]الغزالي: المستصفى 2/188.

    [(3)]الآمدي: الإحكام 3/81 وما بعده.

    [(4)]انظر مختصر ابن الحاجب مع شروحه، شرح العضد 2/171، ابن السبكي: رفع الحاجب 3/484، الأصفهاني: بيان المختصر 2/624، البابرتي: الردود والنقود 2/351، الرهوني: تحفة المسئول 3/318.

    [(5)]البيضاوي: المنهاج مع شرح الإبهاج 3/939، نهاية السول شرح المنهاج 1/360، مناهج العقول شرح المنهاج 1/310، تيسير الوصول إلى منهاج الأصول 3/96-97، معراج المنهاج 1/276.

    [(1)]الغزالي: المستصفى 2/188، الرازي: المحصول 1/234، الآمدي: الإحكام 3/81-82، الهندي: نهاية الوصول 5/2031، البيضاوي: المنهاج مع شرح الإبهاج 3/939، ابن الحاجب: المختصر بشرح العضد 2/171، العبادي: الآيات البينات 2/14.

    [(2]الدبوسي: تقويم الأدلة 1/292.

    [(3)]البزدوي: كنز الوصول إلى معرفة الأصول ومعه شرح كشف الأسرار 1/174-175.

    [(4)]السرخسي: أصوله 1/236.

    [(5)]النسفي: كشف الأسرار بشرح المنار 1/375.

    [(6)]انظر السمرقندي: ميزان الأصول 397، ابن ملك: شرحه على المنار 525، الخبازي: المغني 149، القاآني: شرح المغني (ق108/أ)، السغناقي: الوافي شرح الإخسكتي 1/315، ابن الساعاتي: نهاية الوصول 542، الشاشي: أصوله 101، ابن نجيم: فتح الغفار 2/45.

    [(7)]صدر الشريعة: التوضيح مع شرح التلويح 1/131.

    [(8)]يذهب صدر الشريعة إلى أن مدلول إشارة النص يتضمن عين ما وضع له المعنى أو جزء ما وضع له أو لازمه ممالم يقصد أصالة في سياق النظم، وهو بهذا يرى أن إشارة النص لا تختص بكونها لازم عقلي بل يرى أنها قد تستفاد بالمطابقة أو التضمن، مما لم يقصد أصالة في السياق، وهو بهذا يخالف عامة أصوليي الحنفية في تحديد المفهوم الأصولي لإشارة النص. انظر المحبوبي: التوضيح ومعه حاشية التلويح 1/131، منلا خسرو: المرآة مع حاشية الأزميري 2/74، الخادمي: مجامع الحقائق 125.

    [(1)]التفتازاني: التلويح على التوضيح 1/131-132.

    [(2)]يبرز هذا المثال طريقة الحنفية في تخريج القواعد الأصولية من الفروع المتلقاة عن أئمة المذهب وتصحيحها بها، فتدبر!

    [(3)]الفناري: فصول البدائع 1/89.

    [(4)]ابن نظام الدين الأنصاري: فواتح الرحموت 1/407، ويلاحظ أن ابن نظام الدين قد رجح تخريج المعنى المبين بالآية على أنه استدلال بعبارة النص لا بإشارة النص، فتدبر!!.

    [(5)]منلاخسرو: شرح المرأة مع حاشية الأزميري 1/74، حاشيته على التلويح 1/354.

    [(6)]الأزميري: حاشيته على شرح المرآة 1/74-75.

    [(7)]حسن جلبي: حاشيته على التلويح 2/6.

    [(8)]الخادمي: منافع الدقائق بشرح مجامع الحقائق 125.

    [(9)]انظر ابن نظام الدين الأنصاري: فواتح الرحموت 1/407، الأزميري: حاشيته على شرح المرآة 1/75.

    [(1)]ابن الهمام: التحرير مع التقرير والتحبير 1/108، مع تيسير التحرير 1/89.

    [(2)]ابن عبد الشكور: مسلم الثبوت ومعه فواتح الرحموت 1/407.

    [(3)]ابن كمال باشا: تغيير التنقيح 86.

    [(4)]الرهاوي: حاشيته على شرح ابن ملك على المنار 521.

    [(5)]انظر في تفسير هذه الآية القرطبي: الجامع في أحكام القرآن 18/19، الألوسي: روح المعاني 28/50-51، ابن عاشور: التحرير والتنوير 14/494.

    [(1)] الغزالي: المستصفى 2/187، الآمدي: الإحكام 3/83، الهندي: نهاية الوصول 5/2033، العضد: شرح المختصر 2/171، الزركشي: البحر المحيط 4/7.

    [(2)] البخاري: كشف الأسرار 1/174، 2/393، صدر الشريعة: التوضيح مع شرح التلويح 1/130، النسفي: كشف الأسرار 1/375، السمرقندي: ميزان الوصول 397، السغناقي: الوافي 1/374، ابن ملك: شرحه على المنار 522، الخبازي: المغني 149، ابن الهمام: التحرير مع التقرير والتحبير 1/108، الشاشي: أصوله مع حاشية الكنكهوي 100.

    [(3)] الفناري: فصول البدائع 1/89.

    [(4)] ابن عبد الشكور: مسلم الثبوت ومعه فواتح الرحموت 1/407.

    [(5)] ابن نظام الدين الأنصاري: فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت 1/407.

    [(6)] المطيعي: سلم الوصول 2/195.

    [(7)] انظر الفناري: فصول البدائع 1/89، ابن عبد الشكور: مسلم الثبوت مع فواتح الرحموت 1/407.

    [(] ابن نظام الدين الأنصاري: فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت 1/407.

    [(9)] انظر منلاخسرو: المرآة مع حاشية الأزميري 2/74-75، القاآني: شرح المغني (مخطوط) 107أ، الصنعاني: إجابة السائل 238.

    [(1)] الهندي: نهاية الوصول 5/2031.

    [(2)] العبادي: الآيات البينات 2/14.

    [(3)] العطار: حاشيته على شرح جمع الجوامع 1/316.

    [(4)] البناني: حاشيته على شرح جمع الجوامع 1/239.

    [(5)] انظر البخاري: كشف الأسرار على أصول البزدوي 1/173، التحقيق شرح المختصر الحسامي 45.

    [(1)] الحديث بهذا اللفظ لا أصل له في كتب السنة، وقد اشتهر على ألسنة الفقهاء. انظر النووي: المجموع 2/380، ابن حجر: التلخيص الحبير 1/162-163، ابن الجوزي: التحقيق في أحاديث الخلاف 1/262، السحاوي: المقاصد الحسنة 164.

    [(2)] جرت عادة أصوليي الحنفية نسبة الاستدلال بهذا الحديث للشافعي، وقد تناقلته كتب متكلمة الأصوليين انظر الفناري: فصول البدائع 2/174، الأزميري: حاشيته على شرح المرآة 1/76، أمير بادشاه: تيسير التحرير 1/93، ابن السبكي: رفع الحاجب 3/489، في حين يسوقه فريق آخر من أصوليي الحنفية للتمثيل به على معارضة الإشارة للعبارة الراحجة عليه، انظر التفتازاني: التلويح 1/136، البخاري: كشف الأسرار 2/394، ابن ملك: شرحه على المنار 524، ابن عابدين: نسمات الأسحار 1/146.

    [(1)] انظر الرازي: المحصول 1/219، القرافي: شرح تنقيح الفصول 27، نفائس الأصول 2/559، ابن السبكي: الإبهاج 3/522، ابن إمام الكمالية: تيسير الوصول 2/208، الشوشاني: رفع النقاب الحاجب 1/216، حلولو: الضياء اللامع 2/76.

    [(2)] نقد ابن العربي هذا المسلك الاستدلالي في الآية إذ قال: "عدوا حروف السورة فلما بلغوا إلى قولهم هي وجدوها سبعة وعشرين حرفاً، فحكموا عليه بها، وهو أمر بين، وعلى النظر بعد التفطن له هين!!" ولهذا أضرب عن الاعتداد بهذا المسلك. انظر ابن العربي: أحكام القرآن 8/105، ابن الجوزي: زاد المسير 9/187.

    [(3)] انظر ابن تيمية: مجموع الفتاوى 13/276، القحطاني: أسرار حساب الجمل والحروف 54.

    [(1)] المقري: القواعد (ق 120) 1/348.

    [(2)] نبه على هذا المعنى الشاطبي وشيخه المقري وإن انتهيا إلى أن الدلالة التبعية لا يصح إفادتها لمعنى زائد بالكلية عما تناولته الدلالة الوضعية للفظ الشارع، وهذا من باب لزوم ما لا يلزم. انظر الموافقات 2/157-158، قواعد المقري 2/446.

    [(3)] استدل بهذا المعنى في الآية ابن العربي وتتبعه الشاطبي بالاعتراض لعدم انتظام المعنى مع السياق المعنوي للآية. راجع ابن العربي: أحكام القرآن 2/207، وانظر الشاطبي: الموافقات 2/154.

    [(1)] انظر خلاف: علم أصول الفقة 148، الصالح: تفسير النصوص 1/492.

    [(2)] انظر السرخسي: أصوله 1/237، البخاري: كشف الأسرار 1/178 وما بعدها، الفناري: فصول البدائع 1/174، ابن ملك: شرحه على المنار مع حاشية الرهاوي 523، الأزميري: حاشيته على المرآة 2/75، ابن نظام الدين الأنصاري: فواتح الرحموت 1/407.

    [(1)] ابن عطية: المحرر الوجيز 13/191.

    [(2)] ابن العربي: أحكام القرآن 4/76.

    [(1)] انظر القرافي: نفائس الأصول 2/565، التفتازاني: حاشيته على ابن الحاجب 2/171، العطار: حاشيته على جمع الجوامع 1/307، البناني: حاشيته 1/235، ابن أمير الحاج: التقرير والتحبير 1/111.

    [(2)] حاشية العطار على المحلي 2/412، حاشية البناني 2/367، وانظر الآمدي: الإحكام 4/310، العضد: شرح المختصر 2/214، الأصفهاني: شرح ابن الحاجب 3/388، ابن السبكي: رفع الحاجب 4/625، الشوكاني: إرشاد الفحول 1136، المرداوي: التحبير شرح التحرير 8/4174، ابن النجار: شرح الكوكب 4/672، ابن مفلح: أصوله 4/1598، السيناوني: الأصل الجامع 3/74.

    [1] انظرا المراجع السابقة.

    [2] الآمدي: الإحكام 4/ 310 -311.

    [3] العضد: شرح المختصر 2/ 214، الأصفهاني: شرح ابن الحاجب 3/ 388، ابن ألسبكي: رفع الحاجب 4/ 625.

    [4] ابن النجار: شرح الكوكب 4/ 672، المرداوي: التحبير شرح التحرير 8/ 4174، ابن مفلح: أصوله 4/ 1598.

    [5] الشوكاني: إرشاد الفحول 1136.

    [6] العطار: حاشيته على جمع الجوامع 2/ 412، البناني: حاشيته على جمع الجوامع 2/ 367، ابن قاسم العبادي: الآيات البينات 4/ 222، السيناوني: الأصل الجامع 3/ 74.

    [7] يقول الصفي الهندي: "دلالة الاقتضاء راجحة على دلالة الإشارة والتنبيه والإيماء ومفهوم المخالفة، ودلالة الإشارة والتنبيه والإيماء راجحة على دلالة مفهوم المخالفة". نهاية الوصول إلى دراية الأصول 8/ 3714.

    [8] الزركشي: البحر المحيط 6/ 187.

    [9] حسبي أن إطلاق النسبة على هذا النحو محل نظر، ولا استبعد أن يكون هذا تخريجاً من أبي زهرة لمذهب الشافعية على مثال فروعي خالفوا فيه أصوليي الحنفية إبان الترجيح بين الإشارة والدلالة.
    انظر أصول الفقه لأبي زهرة 146، الخن: أثر اختلاف القواعد الأصولية 146.

    [10] التفتازاني: التلويح على التوضيح 1/ 136، الأنصاري: فواتح الرحموت 1/ 413، الأزميري: حاشيته على المرآة 2/82 -83، الفناري: فصول البدائع 2/ 126، ابن ملك: شرحه على المنار 1/522، 529.

    [11] الأزميري: حاشيته على المرآة 2/ 83، منلا خسرو: حاشيته على التلويح 1/ 354.

    [12] المحبوبي: التوضيح ومعه التلويح 1/ 131، ابن نظام الدين الأنصاري: فواتح الرحموت 1/ 412.

    [13] السرخسي: أصوله 1/ 236، التفتازاني: التلويح 1/ 136، الفناري: فصول البدائع 1/ 128، البخاري: كشف الأسرار 2/ 463، ابن ملك: شرحه على المنار 1/ 524، الأنصاري: فواتح الرحموت 1/ 412، الأزميري: حاشيته على المرآة 2/ 77، السنغاقي: الوافي 1/ 324.

    [14] انظر التفتازاني: التلويح على التوضيح 1/ 136، ابن نظام الدين الأنصاري: فواتح الرحموت 1/ 413، الأزميري: حاشيته على المرآة 2/ 82-83، الفناري: فصول البدائع 2/ 126، ابن ملك: شرحه على المنار 1/529، السغناقي: الوافي شرح الإخسكتي 1/ 340، 351، ابن الساعاتي: نهاية الوصول 546.

    [15] ابن عبد الشكور: مسلم الثبوت ومعه فواتح الرحموت 1/ 413.

    [16] الدبوسي: تقويم الأدلة 1/ 296.

    [17] السرخسي: أصوله 1/ 237.

    [18] النسفي: كشف الأسرار على متن المنار 1/ 356.

    [19] البخاري: كشف الأسرار على أصول البزدوي 2/ 393.

    [20]البابرتي: التقرير على أصول البزدوي 3/ 280.

    [21]ابن ملك: شرحه على المنار ومعه حاشية الرهاوي 1/ 524.

    [22]ابن نظام الدين الأنصاري: فواتح الرحموت 1/ 413، ابن نجيم: فتح الغفار 2/ 45، حسن حلبي: حاشيته على التلويح 2/ 17.

    [23]التفتازاني: التلويح على التوضيح 1/ 131.

    [24]الفناري: فصول البدائع 1/ 90.

    [25]منلاخسرو: المرآة ومعه حاشية الأزميري 2/ 77.

    [26] الخادمي: منافع الدقائق 126.

    [27] التفتازاني: التلويح على التوضيح 1/ 131، السغناقي: الوافي شرح الإخسكتي 1/ 324، ابن الساعاتي: نهاية الوصول 543، ابن أمير الحاج: التقرير والتحبير 1/ 109، ابن عابدين: نسمات الأسحار على أصول المنار 147، القاآني: شرح المغني (أ/ 107) مخطوط.

    [28] السرخسي: أصوله 1/ 137، البخاري: كشف الأسرار 1/ 617، التفتازاني: التلويح على التوضيح 1/ 35، 40، القاآني: شرح المغني (ب/ 22) مخطوط، ابن نظام الدين الأنصاري: فواتح الرحموت 1/ 265.

    [29] السرخسي: أصوله 1/ 236، أمير بادشاه: تيسير التحرير 1/ 87، السمر قندي: ميزان الأصول 397، ابن نظام الدين الأنصاري: فواتح الرحموت 1/ 407- 408، الفناري: فصول البدائع 1/ 90.

    [30] السرخسي: أصوله 1/ 236، البخاري: كشف الأسرار 1/ 175، الفناري: فصول البدائع 1/ 90، ابن ملك: شرحه على المنار 1/ 522، ابن نجيم: فتح الغفار 2/ 44، السنغاقي: الوافي 1/ 317، ابن أمير الحاج: التقرير والتجبير 1/ 107، ابن عابدين: نسمات الأسحار 145.

    [31] الزركشي: البرهان في علوم القرآن 1/ 31.

    [32] الدبوسي: تقويم الأدلة 1/ 312.

    [33] السرخسي: أصوله 1/ 254.

    [34] البزدوي: كنز الوصول وعليه شرح كشف الأسرار للبخاري 2/ 463.

    [35] يثبت عامة الحنفية إمكان العموم في دلالة الإشارة مقرين بخلاف الدبوسي في المسألة، إلا أن ابن الهمام حكى الاتفاق بين أصوليي الحنفية على عروض العموم لدلالة الإشارة مطلقا، وحكايته للاتفاق محل نظر. انظر ابن الهمام: التحرير مع التقرير والتحبير 1/ 232، تيسير التحرير 1/ 260، التفتازاني: التلويح 1/ 136، البخاري: كشف الأسرار 2/ 463، الخبازي: المغني 164، ابن ملك: شرحه على المنار 1/ 525، منلا خسرو: المرآة مع حاشية الأزميري 1/ 78، السغناقي: الوافي شرح الإخسكتي 1/ 374، ابن نجيم: فتح الغفار 2/ 45.

    [36] يلاحظ أن الرازي نبه بخفاء إلى الإشارة، لكنه لم يجعل الإيماء قسيما له في قسمة الدلالات، وتابعه على هذا مختصرو المحصول وشراحه، هذا فضلا عن أن البيضاوي لم يدرج الإشارة في قسمة الدلالات بل أدرج أمثلته في مفهوم الموافقة. انظر الرازي: المحصول 1/ 233، القرافي: نفائس الأصول 2/ 560، شرح تنقيح الفصول 54، ابن السبكي: الإبهاج 3/ 936، ابن الزملكاني: تيسير الوصول 3/ 96.

    [37] الغزالي: المستصفى 2/ 189 -190.

    [38] الآمدي: الإحكام 3/ 82، 319.

    [39] ابن الحاجب: منتهى الوصول والأمل إلى علمي الأصول والجدل 179.

    [40] العضد: شرحه على المختصر 2/ 234، ابن السبكي: رفع الحاجب 3/ 488، الأصفهاني: بيان المختصر 2/ 624، البابرتي: الردود والنقود على ابن الحاجب 2/ 354، الرهوني: تحفة المسؤول 3/ 318، وانظر ابن القاسم العبادي: الآيات البينات 2/ 20.

    [41] العطار: حاشيته على جمع الجوامع 1/ 316، البناني: حاشيته على جمع الجوامع 1/ 239، السيناوني: الأصل الجامع 1/ 520.

    [42] صفي الدين الهندي: نهاية الوصول 5/ 2034.

    [43] الزركشي: البحر المحيط 4/ 6، ابن النجار: شرح الكوكب المنير 3/ 477، الشوكاني: إرشاد الفحول 763.

    [44] الغزالي: المستصفى 2/ 233.

    [45] الزركشي: البحر المحيط 4/ 36 بتصرف يسير.

    [46] ابن مفلح: أصوله3/1059.

    [47] المرداوي: التحبير شرح التحرير6/2912.

    [48] فمثلاً يذهب الغزالي إلى أن ترتيب الحكم على الوصف بالفاء من صور التنبيه على العلة بالإيماء كما في قوله تعالى: } وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا{ ، }الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ{ فى حين يعده أصوليو الحنفية من صور التدليل على العلة بالنص الصريح لا باللازم العقلي. انظر الغزالي: المستصفى 2/189، السرخسي: أصوله 1/207، التفتازاني: التلويح 2/68.

    [49] انظر الآمدي: الإحكام 3/319، ابن السبكي: الإبهاج6/2301، الهندي: نهاية الوصول 8/3267.

    [50] أمير بادشاه: تيسير التحرير 1/94.

    [51] وقد أغرب محمد أديب الصالح حين عدَّ الإيماء مندرجاً في دلالة النص أو ما يسمى بمفهوم الموافقة== مخالفاً بهذا جل المعاصرين. انظر الخن : أثر الاختلاف في القواعد الأصولية 145، الصالح: تفسير النصوص 1/619، الخضراوي: طرق دلالة الألفاظ 260، 392، إدريس: الخطاب الشرعي 219، اقصري: المنطوق والمفهوم 22.

    [52] السرخسي: أصوله 2/187-188، صدر الشريعة: التوضيح ومعه التلويح 1/132، السمرقندي:ميزان الأصول 884، الكاساني: بدائع الصنائع2/244، السغناقي: الكافي شرح البزدوي 3/1040، الفناري: فصول البدائع 2/175، ابن ملك: شرحه على المنار مع الرهاوي 1/757، ابن الساعاتي: نهاية الوصول 542، الأصفهاني: بيان المعاني البديع 2/585، ابن عابدين: نسمات الأسحار213.

    [53] البابرتي: التقرير لأصول البزدوي 3/287.

    [54] البخاري: كشف الأسرار على أصول البزدوي 3/685-686، انظر أيضاً 3/555،688.

    [55] البخاري: كشف الأسرار 2/398.

    [56] الصنعانى: الفواصل شرح بغية الآمل. انظر حاشية المحقق في إجابة السائل 238.

    [57] المرجع السابق

    [58] البخاري: الصحيح، كتاب القضاء، باب هل يقضي القاضي أو يفتي وهو غضبان رقم(6739).

    [59] السرخسي أصوله 2/257، البخاري: كشف الأسرار 3/258، السمرقندي: ميزان الأصول 406.

    [60] السرخسي: أصوله 2/40.

    [61] التفتازاني: 2/116، الفناري: فصول البدائع 2/194-195، ابن نظام الدين الأنصاري: فواتح الرحموت 1/432، منلا خسرو: المرآة ومعه حاشية الأزميري 2/109.

    [62] السرخسى : أصوله 2/40 -41 ، البخارى : كشف الأسرار 3/246 ،259 ، النسفى : كشف الأسرار 2/125-126 ، التفتازانى : التلويح 2/22 -23 ، الفنارى : فصول البدائع 2/194 -195 ، ابن نظام الدين الأنصارى : فواتح الرحموت 1/331 ، ابن ملك : شرحه على المنار مع حاشية الرهاوى 1/ 697 ، خسرو :المرآة ومعه حاشية الأزميرى 2/ 148 .

    [63] التفتازاني: التلويح2/116، الفناري: فصول البدائع2/194-195، ابن نظام الدين الأنصاري:فواتح الرحموت1/432، منلا خسرو: المرآة ومعه حاشية الأزميري2/109، ابن أمير الحاج: التقرير والتحبير1/110، وانظر ابن مفلح: أصول الفقه3/1093، المرداوي: التحبير شرح التحرير6/2936.

    [64]. أمير بادشاه: التيسير والتحرير1/295.

    [65] منلا خسرو: المرآة ومعه حاشية الأزميري2/148.

    [66] ابن الساعاتي: نهاية الوصول562.

    [67] ابن السبكي: جمع الجوامع ومعه حاشية اللبناني1/256، جمع الجوامع ومعه حاشية العطار1/337، الزركشي: البحر المحيط4/47.

    [68] المراجع السابقة.


    [69] ابن الهمام: التحرير ومعه التيسير1/295، ابن نظام الدين الأنصاري: فواتح الرحموت1/331، المطيعي: سلم الوصول علي نهاية السول2/432.


    [70] صدر الشريعة: التوضيح ومعه التلويح2/26، وانظر الزركشي: البحر المحيط3/398.


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •