تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: عبادة التذكر وأثرها في سفينة الإيمان

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,491

    افتراضي عبادة التذكر وأثرها في سفينة الإيمان

    عبادة التذكر وأثرها في سفينة الإيمان


    أحمد عباس


    بعد مرور سنوت على وهج أولى مراحل إقبال القلب على الله تعالى، وبعد أن تكون المشاعر الإيمانية المتدفقة قد بدأت تخبو وتتوارى خلف أستار من الممارسات والشعائر، وبعد أن ينسى القلب أو يكاد حلاوة تذوق القرب من الرب والاطمئنان بذكره اطمئنانًا حقيقيًا له أثر دافىء، حينها يكون كل كيانك أيتها الأخت المسلمة في أشد الحاجة إلى تجديد الإيمان، والاستجابة لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم في دعاء الله عز وجل بأن يجدد الإيمان في القلب بعد أن يكون قد أصابه نوع من البلى الذي يصيب الثوب.
    لقد تضمنت آيات القرآن الكريم في مواضع عديدة وصية واضحة بضرورة الذكرى والتذكر، وذلك لأن الله تبارك في علاه عليم بقلب الإنسان وخبير بمواطن الضعف فيه، وقدير على أن يعالج جوانب القصور والتي من أهمها الغفلة والنسيان وقسوة هذا القلب.
    إن القرآن الكريم وهو يحث المسلم والمسلمة على أحد أهم أعمال القلوب وهو عبادة التذكر، لا يقصد فقط تذكر آيات الله تعالى المبثوثة في الكون وكذلك لا يقصد فقط تذكر آياته عز وجل المسطورة في كتابه أو التي جاءت في سياق الحكمة الجارية على لسان النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وإنما يقصد التذكر بمعنى أشمل وأعم من ذلك.
    وعندما يكون الحديث في هذا السياق متعلقًا بالمرأة المسلمة التي خلقت بطبيعتها كأنثى تميل إلى العاطفة القلبية والرقة في الإحساس بشكل تلقائي فإن الأمر من الله تعالى لها بالتذكر يكون مشتملاً على معنى استحضار المشاعر الأولى التي صاحبت إشراق القلب بنور الإيمان وحياة هذا القلب باليقين في لقاء الله ووعده ووعيده بعد أن كان هذا القلب قد عاش لفترة يتشوق إلى الوصول إلى واحة الإيمان بالله الوارفة الظلال.
    والمرأة المسلمة وفي خضم الحياة المليئة بالأحداث وفي زحمة الأفكار والمسئوليات والآمال والمخاوف والفتن المحيطة على كافة المستويات، قد تجد نفسها غارقة في حالة من الغفلة وقسوة القلب ويكون الخطر الأكبر في هذه الحالة هو أنها قد لا تكون واعية لما أصاب قلبها من جفاف في المشاعر الإيمانية وانقطاع عن التواصل الوجداني مع رب الأرض والسماء، وقد تتصور أن أداءها للشعائر التعبدية بل وحماسها في عمل الصالحات من بر وإحسان للآخرين وحسن عشرة وغيرها من الأعمال الطيبة، قد تتصور أن ذلك يكفيها للعبور بسفينة إيمانها إلى بر الأمان، بينما الحقيقة الأكيدة أن تذكر كيف كان خشوع القلب في مرحلة الإقبال على الله وتذكر كيف كان الخوف والرجاء وارتجاف القلب مع استحضار مشاهد الآخرة وكيف كانت التوبة تهز القلب والشكر ينطلق من الروح معبرًا عن إحساس حقيقي بمنن الله تعالى ونعمه، هذا التذكر هو الزاد الحقيقي الذي يعبر بسفينة الإيمان في بحر الحياة إلى الغاية المنشودة وهي مرضاة الله سبحانه.
    ما من شك في أن المرأة المسلمة يجب عليها أن تتذكر دائمًا أعمال القلوب فتحرص على إمداد قلبها بمدد المشاعر الإيمانية الحقيقية وتتأكد طوال الوقت أن القلب عندما يذكر الله عز وجل يستعيد الحياة الحقيقية التي تجعله قادرًا على احتساب الأعمال الصالحة وأداء الشعائر التعبدية على الوجه الذي يرضي الله ويحقق العبودية الكاملة.
    إن تذكر حال القلب مع الله تعالى في بدايات الإقبال عليه أمر منصوص عليه شرعًا ففي قوله عز وجل: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ }، وكذلك هو أمر مجرب من الناحية الواقعية في حياة المسلمين فالمسلمة عندما تستعيد حال قلبها الأولى مع بداية إقبالها على الإيمان تكون بمثابة النور الذي يشع على كل من حولها وتصبح داعية إلى الله بدون أن يتكلم لسانها أو تمارس هذه الدعوة بشكل فعلي لأن القلب الحي بذكر الله المستشعر للإيمان باستمرار يفيض على كل من حوله بالترغيب في الإقبال على رب العالمين.
    أختي المسلمة عليك دائمًا أن تتذكري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تشغله الأعمال الصالحة في واقع حياة الناس عن أن يكون لقلبه سير حثيث وسعي دءوب مع الله فيما يتعلق بأعمال القلوب، وكان صلى الله عليه وسلم هو المثال الأسمى على تطبيق أمر الله تعالى بضرورة التذكر بل وأمره ربه في كتابه العزيز بأن يحث المؤمنين على التذكر فقال: { وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ }.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2

    افتراضي رد: عبادة التذكر وأثرها في سفينة الإيمان

    {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد : 28]

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •