حذر الأئمة المتقدمون من الرواية عن الضعفاء والمتروكين والمجاهيل , واجتهدوا في تفحص حال الرواة لأجل معرفة أحوال مرواياتهم , من حيث الرد والقبول
ووقع عندهم التساهل في أحاديث الفضائل لاندراجها تحت أصل صحيح
وهذا كلام الإمام أحمد يقرر هذا المعنى
قال - في رواية الميموني عنه-"الأحاديث الرقائق يحتمل أن يتساهل فيها حتى يجيء شئ فيه حكم"
(( إذا روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام والسنن والاحكام تشددنا ، وإذا روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضائل الأعمال وما لا يضع حكماً ولا يرفعه تساهلنا في الأسانيد)) انهى
وقوله (ما لا يضع حكما ولا يرفعه ) يؤكد أنهم منزهون عن اثبات حكم في الشريعة بحديث لم يصح عندهم ؟
وقوله السابق ليس فيه التصريح بأنه يعمل بالضعيف وانما جوز روايته وتساهل في التحديث عن الضعفاء في الرغائب ويؤيده قوله هذا
قال الإمام أحمد ((ابن إسحاق رجل نكتب عنه هذه الأحاديث – يعني المغازي- ونحوها، وإذا جاء الحلال والحرام، أردنا قوما هكذا ، وقبض أصابع يده،)) انتهى
مع أن محمد بن إسحاق احتج به بعض الأئمة وقبلوا حديثه ما لم يعنعن , ولكن الامام أحمد لم يحتج به في الأحكام , وجوز ((الكتابة عنه )) في المغازي وما شابهها , فقد اشتهر أمره فيها , أما في الأحكام فهو يتقصد أقواما أشداء أقوياء في الحديث.
قال القاضي أبو بكر ابن العربي ”لا يجوز العمل بالحديث الضعيف مُطلقاً لا في فضائل الأعمال ولا في غيرها“ [تدريب الراوي (1/252)] .
قال شيخ الإسلام إبن تيمية في كتابه [القاعد الجليلة في التوسل والوسيلة (ص82)]
((ولا يجوز أن يُعتمد في الشريعة على الأحاديث الضعيفة التي ليست صحيحة ولا حسنة))
قال الحافظ إبن رجب الحنبلي في [شرح علل الترمذي (2/112)]
(وظاهر ما ذكره مسلم في مقدمته (يعني الصحيح) يقتضي أنه لا تُروى أحاديث الترغيب والترهيب إلا ممن تُروى عنه الأحكام))
وقال الالباني في [سلسلة الأحاديث الضعيفة (2/52)]
(فلا يجوز العمل بالحديث الضعيف لأنه تشريع ، ولا يجوز بالحديث الضعيف لأنه لا يُفيد إلا الظن المرجوح إتفاقاً ؛ فكيف يجوز العمل بعلته)) انتهى
ومن جوز من المتأخرين العمل بالضعيف في الفضائل اشترط شروطا منها
1 - أن لا يكون موضوعا, أو لا يكون شديد الضعف .
2 - أن يعرف العامل به كونه ضعيفا.
3 - أن لا يشهر العمل به.حتى لا يظن من رآه أنه سنة ؟؟
مع أن اعتقاد الشرط الثاني مناقض للعمل به ؟ فمن جزم أنه ليس من كلام النبوة استغنى عن الالتفات اليه واكتفى بما صح ففيه الغنية
ولو كان هذا الحديث الضعيف مما تحتاجه الأمة لسبق السلف الى العمل به ولو كان فيه الخير لنقل الينا بإسناد صحيح , فما كانت هاته الأمة لتنقل الضعيف وتغفل عن الصحيح ؟
وما أحسن كلام الحافظ ابن حجر حيث لخص المسألة عند كلامه عن بدع رجب
"اشتهر أن أهل العلم يتساهلون في إيراد الأحاديث في الفضائل وإن كان فيها ضعف ما لم تكن موضوعة وينبغي مع ذلك اشتراط أن يعتقد العامل كون ذلك الحديث ضعيفا وأن لا يشهر ذلك لئلا يعمل المرء بحديث ضعيف فيشرع ما ليس بشرع أو يراه بعض الجهال فيظن أنه سنة صحيحة وقد صرح بمعنى ذلك الأستاذ أبو محمد بن عبد السلام وغيره وليحذر المرء من دخوله تحت قوله صلى الله عليه وسلم": "من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين" فكيف بمن عمل به؟! ولا فرق في العمل بالحديث في الأحكام أو في الفضائل إذ الكل شرع")) انتهى
فالكل شرع , فاستحق المنع