من العلماء العاملين والدعاة المجددين العلامة الزاهد المقرئ


الشيخ عبد الغفار الدروبي – يرحمه الله


1338 – 1430 هـ - 1920 – 2009 م



غيب الموت يوم الجمعة التاسع عشر من المحرم 1430 هـ العلامة الزاهد المقرئ الشيخ عبد الغفار بن عبد الفتاح بن عبد السلام بن يوسف بن عبد الغني الدروبي، الحمصي مولدًا ونشأة، والمكي سكنًا وإقامة.
كان يرحمه الله صاحب حياة حافلة بالعطاء، لطيف المعشر حسن المعاملة صاحب وقار، جميع بين مكارم الأخلاق، عالمًا يتفجر العلم من جوانبه، حافظًا للقرآن الكريم، مجازًا بقراءاته العشر، عارفًا بالتفسير وأصول الدين، وبالحديث ومعانيه وفقهه، وبالنحو وفروعه، وبالفقه وأصوله.
ولد الشيخ – يرحمه الله – في حمص (1338 هـ - 1920 م) لأسرة كريمة عريقة في العلم والنسب، فوالده الشيخ عبد الفتاح بن عبد السلام الدروبي المتوفي (1388 هـ - 1966 م) العالم المقرئ والفقيه الداعية.
اعتنى به والده عناية فائقة، فدفع به إلى الكتاب ليتعلم أصول القراءة والكتابة على شيخ الكتاب، ثم ألحقه بالمدرسة الشرعية الوقفية حين بلغ من العمر عشر سنوات، وهي المدرسة الشرعية الأولى التي أسست في حمص سنة (1347 هـ - 1927 م) على يد نخبة من كبار علماء البلد، ودرس الشيخ – يرحمه الله – العلوم الشرعية على أساتذتها من العلماء الأكابر، ومنهم:
الشيخ محمد زاهي الأتاسي، مدير المدرسة (1366 هـ - 1947 م)، والشيخ أنيس كلاليب، والشيخ محمد علي عيون السود، والد الشيخ عبد العزيز، يرحمهما الله.
حفظ القرآن الكريم على يد والده، وقرأ بالقراءات العشر على يد الشيخ عبد العزيز عيون السود المتوفي (1399 هـ - 1979 م)، حصل على الإجازة بذلك، كما تلقى دروسًا خاصة بالفقه الحنفي على العلامة الشيخ عبد القادر الخوجة المتوفي (1372 هـ - 1953 م).
وقد أمضى الشيخ – يرحمه الله – في المدرسة الوقفية أربع سنوات رغم أن الدراسة كانت فيها خمس سنوات، ثم أصبحت ست سنوات، ولم يكمل الدراسة فيها بناء على طلب والده لظروف اضطرارية، ولكنه بقي متابعًا طلب العلم في حلقات العلماء، ثم توجه للعمل المعيشي فاشتغل في صنعة النسيج "النول" لسنوات عدة.
وفي نهاية 1938 م ترك الشيخ العمل بالنسيج، وتفرغ للتعلم والتعليم، فوضع العمامة البيضاء بتوجيه من والده ومشايخه، وكان لبس العمامة بالنسبة لطالب العلم الشرعي بمنزلة إجازة وإذن من المشايخ لذلك الطالب ليمارس مهمة الإمامة والخطابة والدعوة إلى الله تعالى.
وقد استلم الشيخ الإمامة والخطابة في عدد من المساجد في محافظة حمص وقرأها إلى أن استقر به المطاف في النهاية في مسجد "جورة الشياح" وذلك في سنة 1960 م.
لقد كان الشيخ – يرحمه الله – بحق، مدرسة عملية في الدعوة إلى الله تعالى، فقد كان يعيش مع طلابه همومهم، وآمالهم، وآلامهم، يتفقد أحوالهم ويقدم لهم ما يستطيع من عون ومشورة وتوجيه.. فهو أب للجميع يعطيهم من علمه وخبرته وعاطفته وحنانه.
وفي عام 1980 م ارتحل شيخنا من بلاده قاصدًا المملكة العربية السعودية حيث ارتبط ارتباطًا وثيقًا بالحرم المكي الشريف.
عمل شيخنا حتى عام 1418 هـ أستاذًا للقرآن الكريم وعلومه في جامعة أم القرى في مكة المكرمة إضافة إلى أنه كان يخطب الجمعة في مسجد الثانية بجدة وبعد تقاعده من الجامعة استقر به الحال في جدة، التي أمضى فيها آخر سنوات عمره، وفي يوم وفاته صلى الصبح إمامًا بالمسجد وقنت بالمصلين ودعا لأهل غزة أن يفرج كربهم.

رحم الله الشيخ رحمة واسعة وأسكنه الجنة مع البررة الأطهار.. وإنا لله وإنا إليه راجعون.