إشارات حول كتب الأربعينات الحديثية
تُعدُّ الأربعينات من أشهر أصناف الكتب الحديثية، وأكثرها تأليفًا وتنوُّعًا. وهي تُبرز، فيما تُبرز، تفنُّنَ الأئمة المحدّثين، وبراعتَهم في تجديد عرض مادَّتهم العلمية، وتقريبها إلى عموم المسلمين.
وقد كُتِبت أبحاثٌ ودراساتٌ حول كتب الأربعينات، إلا أنها لم تَفِها حقَّها من التحرير والتصنيف، إذ ما تزال الأربعينات بحاجةٍ إلى مزيد اهتمامٍ علمي، يوضّح جهود المحدّثين فيها، ومدى تنوُّعها وإبداعها[1].
وتأتي هذه المقالة المختصرة محاولةً للإسهام في هذا الباب، والزيادة في تحريره وتفصيله وإيضاحه، وإن لم تكن بآخر المطلوب في ذلك. والله ولي التوفيق.
التعريف بالأربعينات لغةً واصطلاحًا
الأربعون في اللغة عددٌ معروف، وهو أربع عشرات[2].
والأربعونات - بغير ياء النسب -: عدةُ وحداتٍ يتكون كلٌّ منها من أربعين عنصرًا[3].
والأربعونات في اصطلاح المحدّثين:
أجزاءٌ حديثية جمع فيها مؤلفوها أربعين حديثًا أو بابًا، أو نحو هذا العدد[4].
ويمكن توضيح مضامين هذا التعريف بما يأتي:
1. الأربعونات نوع من الأجزاء الحديثية[5].
2. أحاديث الأربعينات قد تكون مسندةً، وقد تكون محذوفة الأسانيد.
3. العنصر المميِّز للأربعينات عن غيرها هو العدد، وذلك ببلوغها الأربعين، أو بزيادتها عليها قليلًا، أو نقصها عنها قليلًا، فإن من عادة العرب الاقتصار على العقود، وحذف الكسر، اكتفاءً بالأهم[6].
وواقعُ أربعيناتٍ عديدةٍ زادت في العدد على أربعين يدلُّ على هذا.
4. قد يكون المعدود في الأربعينات: الأحاديث، وقد يكون: الأبواب. والغالب في الحالة الثانية أن تزيد الأحاديث على أربعين حديثًا. وهو مقصدٌ من مقاصد التأليف في الأربعين عندهم.
5. اختلاف مناهج تأليف الأربعينات وجمعها لا يخرجها عن هذا النوع من التأليف.
أصل تصنيف الأربعينات:
اعتمد كثيرٌ من العلماء في تصنيف الأربعينات على أمور، أبرزها ما يأتي:
1 - حديث: «مَن حفظ على أمتي أربعين حديثًا في أمر دينها بعثه الله فقيهًا، وكنتُ له يومَ القيامة شافعًا وشهيدًا». وهو حديث ضعيف، قال النووي[7]: «اتفق الحفاظ على أنه حديث ضعيف وإن كثرت طرقه»[8].
وربما قيل: إن ضعف طرق الحديث شديد، فلا يصح العمل به حتى عند من يقول بالعمل بالضعيف في فضائل الأعمال[9].
لكن أجاب الحافظ ابن حجر عن ذلك بقوله - في سياق الكلام على هذا الحديث - [10]: «فالضعف يتفاوت، فإذا كَثُرت طرق حديثٍ؛ رجح على حديثٍ فرد، فيكون الضعيف الذي ضعفُه ناشئٌ عن سوء حفظ رواته؛ إذا كثرت طرقه ارتقى إلى مرتبة الحسن، والذي ضعفُه ناشئٌ عن تهمةٍ أو جهالة؛ إذا كثرت طرقه ارتقى عن مرتبة المردود المنكر الذي لا يجوز العمل به بحال؛ إلى رتبة الضعيف الذي يجوز العمل به في فضائل الأعمال».
2 - أصول الأمر بتبليغ السنة، وفضل أداء حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - وجمعه.
قال النووي[11]: «ومع هذا فليس اعتمادي على هذا الحديث، بل على قوله - صلى الله عليه وسلم - في الأحاديث الصحيحة: «ليبلغ الشاهد منكم الغائب»، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «نضَّر الله امرأً سمع مقالتي فوعاها فأدَّاها كما سمعها»».
وقال المعلمي بعد أن أورد الحديث المذكور[12]: «وهو حديث ضعيف، ولكنْ كثيرٌ من الأئمة جمعوا أربعينات، لأنهم رأوا أنه مما لا خلاف فيه: أن جمع سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أعظم القُرُبات، بأيِّ عددٍ كان، وهذا أصلٌ معمول به بلا خلاف، وهو يشتمل ما إذا كان المجموع أربعين، أو أقل، أو أكثر، فمَن جمع منهم أربعين كان عاملًا بهذا الأصل الصحيح، وملاحظًا العملَ بذلك الحديث الضعيف، أي: إن كان صحيحًا في نفس الأمر فقد عمل به، وإلا فهو عامل بالسنة قطعًا، لدخول عمله تحت ذلك الأصل المعمول به...».
3 - قال العلائي[13]: «ثَم مأخذٌ آخر يرشد إلى ذلك، ويكون سببًا لسلوك هذه المسالك، وهو ما في عدد الأربعين من الخصوصيات المعنوية، وكثرة اعتباره في الأحكام الشرعية[14]...، وهذا المأخذ هو الأولى بالتقديم والأحرى».
4 - لا يبعد أن الأربعين كانت في بداية الأمر عددًا غير مقصودٍ لذاته، وإنما عُيِّن لأنه عددٌ متوسط، لا إطالة فيه ولا إقلال. وسيأتي أن أول من صنَّف في الأربعينات: ابن المبارك، وقد اتَّفق لابن المبارك نفسِه تحمُّل أربعين حديثًا عن بعض شيوخه في حادثتين، إحداهما: أنه تخلص إلى الربيع بن أنس وهو مُختفٍ، فسمع منه أربعين حديثًا[15]، والأخرى: أنه خرج من عند سفيان بن عيينة مسرورًا طيب النفس، فقيل له في ذلك، فقال: «وما يمنعني من ذلك، حدثني ابن عيينة بأربعين حديثًا، وأطعمني خبيصًا»[16].
نشأة التأليف في الأربعينات وتطوُّره:
بدأ التأليف في الأربعينات في وقت مبكر، وذلك في القرن الثاني الهجري، حيث صنَّف ابن المبارك (ت 181هـ) كتابًا في الأربعين، قال أبو طاهر السِّلَفي[17]: «فأقدمهم أبو عبدالرحمن؛ عبدالله بن المبارك المروزي»[18].
وتبع ابنَ المبارك في القرن التالي عددٌ، منهم: محمد بن أسلم الطوسي (ت 242هـ)، وإبراهيم بن علي الذهلي (ت 293هـ)، والحسن بن سفيان النسوي (ت 303هـ).
ثم ازداد تصنيف الأربعينات في القرن الرابع، فصنَّف فيها: أبو بكر الآجري (ت 360هـ)، وأبو الحسن الدارقطني (ت 385هـ)، وأبو عبدالله الحاكم (ت 405هـ)، وغيرهم. ثم ما كاد يخلو قرن من تأليفٍ في الأربعين بعد ذلك، حتى عصرنا الحاضر، وألَّف فيها مشاهير العلماء وغيرهم.
وقد كثر التأليف في الأربعينات جدًّا، قال النووي[19]: «وقد صنَّف العلماء - رضي الله عنهم - في هذا الباب ما لا يُحصَى من المصنَّفات»، ثم ذكر طرفًا ممن صنَّف فيه، ثم قال: «وخلائق لا يُحصَون من المتقدمين والمتأخرين». وبلغت كثرة التصنيف في هذا الباب أن صنَّف بعضُ العلماء أكثرَ مِن كتاب في الأربعينات، منهم ابن عساكر[20]، وابن المفضل المقدسي[21]، والمحب الطبري[22]، والذهبي[23]، والعلائي[24]، وابن حجر[25]، ويوسف بن حسن بن عبدالهادي[26]، وغيرهم.
وتفاوت عَدُّ العلماء للأربعينات، فذكر إسماعيل بن عبدالغافر الفارسي[27] (ت 504هـ) أنه اهتمَّ بجمعها، فحصل عنده منه ما نيَّف على سبعين، وذكر ابن عساكر[28] (ت 571هـ) أنه وقع له منها نحو ثلاثين كتابًا، وذكر البكري[29] (ت 656هـ) أنه سمع من الأربعينات ما يزيد على ستين كتابًا. وقد تضاعفت هذه الأعداد، فأوصل بعضُ الباحثين المعاصرين الأربعيناتِ إلى ما يزيد على خمسمائة كتاب[30].
ولم يكن تطور الأربعينات الزمنيُّ بمعزلٍ عن تطور مضامينها، فقد ابتدأت الأربعينات بسردٍ مجرَّدٍ للأحاديث النبوية، كما في أربعين ابن المبارك.
ثم ظهر تصنيفها على الأبواب، كما في أربعي الطوسي.
ثم ظهر شرحها وتوضيح معانيها، كما في أربعي الآجري. ثم ظهر تخريجها والكلام على أسانيدها، كما في الأربعين الصغرى للبيهقي، والأربعين البلدانية لابن عساكر.
كما تفنَّن المصنِّفون تفنُّنًا بالغًا في طريقة تصنيف أربعيناتهم، وشروطها، ومضامينها، كما سيأتي في مناهج التصنيف في الأربعينات.
وبابٌ كَثُرت تصانيفه، كالأربعينات، حقيقٌ بأن يسعى كلُّ مصنِّفٍ فيه إلى تجديد طريقة تأليفه، وعرضه، وشرطه، وهذا يعني أن تطوُّر الأربعينات استمرَّ باستمرار التصنيف فيها.
هذا، وقد انتقل التصنيف في الأربعينات إلى علوم أخرى، قال المعلمي[31]: «ثم تعدَّى الأمر إلى غير الحديث، فألَّف فخر الدين الرازي المتوفى سنة 606 مؤلَّفًا في علم الكلام، يشتمل على أربعين مسألة، وسمَّاه: «كتاب الأربعين في أصول الدين»».
أهمية الأربعينات:
تبرز أهمية الأربعينات من جهات، منها:
1. أنها حفظت قدرًا كبيرًا من الأحاديث المروية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأسانيدها وطرقها.
2. أنها أبرزت جانبًا من جهود المحدّثين في رواية السنة وتبليغها على مرِّ العصور.
3. أنها وضَّحت مدى التفنُّن والتنوُّع الذي وصل إليه المحدّثون في جمع السنة وتصنيفها.
4. أن منها ما يجمع النصوص النبوية في موضوعٍ معيَّن، مما يسهّل دراستها وبحثها.
5. اشتمالها على فوائد غزيرة في علوم الحديث إسنادًا ومتنًا، وفي علوم الأنساب، والتاريخ، والتراجم، وغيرها، مما قد لا يوجد في مصادر أخرى.
مناهج التأليف في الأربعينات، ونماذجها
يمكن، من خلال تنوُّع مناهج المحدثين في تأليف الأربعينات، تقسيمُها بعدة اعتبارات، فمن ذلك:
أولًا: مناهج التأليف في الأربعينات من حيث شرط جمعها:
قال العلائي ملخِّصًا هذه المناهج[32]: «فمنهم من اعتبر ما يتعلق بمتونها من المعاني، إما في الفروع والأحكام، أو في الأصول والمباني. ومنهم من قصد الإسناد، وما يشتمل عليه من الأمور المعتبرة عند النقاد».
فمناهج الأربعينات بهذا الاعتبار تتنوع إلى ما يأتي:
1 - أربعونات متنية:وهي أربعونات لا يُنظر في جمعها إلى أحوال الأسانيد، بل إلى مضامين المتون وصفاتها.
قال ابن عساكر[33]: «فمنهم من اعتمد على ذكر أحاديث التوحيد، وإثبات الصفات للرب - عز وجل - والتمجيد.
ومنهم من قصد ذكر أحاديث الأحكام، لما فيها من التمييز بين الحلال والحرام. ومنهم من اقتصر على ما يتعلق بالعبادات، ويكون سببًا لاكتساب القُرَب في الطاعات. ومنهم من اختار سلوك طريق أصحاب الحقائق، في إيراد أحاديث المواعظ والرقائق»، وقال النووي[34]: «ثم مِن العلماء مَن جمع الأربعين في أصول الدين، وبعضهم في الفروع، وبعضهم في الجهاد، وبعضهم في الزهد، وبعضهم في الآداب، وبعضهم في الخطب، وكلها مقاصة صالحة، رضي الله تعالى عن قاصديها».
ويمكن أن تُقسَّم هذه الأربعونات المتنية في الجملة إلى نوعين:
أ - أربعونات عامة:
وهي الأربعونات التي تشمل متونًا مختلفة، لا تختص بموضوع معين، ولا بصفة خاصة.
مثالها: «الأربعين»، لابن المبارك (ت 181هـ)[35].
ب - أربعونات خاصة:وهي على ضربين:
الضرب الأول: أربعونات خاصة بباب معين:
مثالها: «الأربعين في دلائل التوحيد»، لأبي إسماعيل الهروي (ت 481هـ)[36].
و: «الأربعين في الجهاد والمجاهدين» لعفيف الدين محمد بن عبدالرحمن المقرئ (ت 618هـ)[37].
الضرب الثاني: أربعونات اعتُبرت فيها صفة خاصة في المتن:
وهي أربعونات لا تختص بموضوع معيَّن، لكن يشترط المصنِّف أن يكون للمتن صفةٌ خاصة في سياقه، أو نوعه.
قال ابن عساكر[38]: «ومنهم من أحبَّ تخريج ما طال متنه، وظهر له حين يسمعه حسنه».مثالها: «الأربعين الطوال»، لابن عساكر (ت 571هـ)[39]، وللعلائي (ت 761هـ)[40].
و: «الأربعين في عدد الأربعين»، لأبي موسى المديني (ت 581هـ)، وهما أربعينان له، ذُكِرَ في كل حديثٍ منهما لفظُ الأربعين[41].
2 - أربعونات إسنادية:
وهي الأربعونات التي لا يُنظر فيها إلى مضامين المتون وصفاتها، بل إلى أحوال الأسانيد.
قال ابن عساكر[42]: «ومنهم من قصد إخراج ما صحَّ سنده، وسلم من الطعن عند الأئمة مورده.
ومنهم من كان قصده ومراده: إخراج ما علا عنده إسناده»، وقد بالغ المحدّثون في التفنُّن في هذا النوع، حتى كاد كلُّ كتابٍ منها أن يكون صنفًا مستقلًّا، كما ستوضِّحه الأمثلة.
مثالها: «أربعون حديثًا من مسند بريد بن عبدالله بن أبي بردة، عن جده، عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - »، للدارقطني (ت 385هـ)[43].
و: «الأربعين في العوالي الصحاح»، لأبي سعد أحمد بن إبراهيم النيسابوري (ت 454هـ)[44].و: «الأربعون حديثًا من المساواة مستخرجة عن ثقات الرواة»، تخريج ابن عساكر (ت 571هـ) من حديث الفراوي (ت 530هـ)[45].
و: «الأربعين المستخرجة من الصحاح من روايات المحمدين مسلسلًا متصلًا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - »، تخريج الطَّبَسي (ت 537هـ) من حديث الفراوي (ت 530هـ)[46].
وبنحوه: «الأربعين من رواية المحمدين، مخرج من صحيح البخاري»، لأبي بكر محمد بن علي بن ياسر الجياني (ت 563هـ)[47].
و: «كتاب الأربعين المستغني بتعيين ما فيه عن المعين»، المشهور بالأربعين البلدانية، للسِّلَفي (ت 576هـ)[48]، قال العلائي[49]: «وهي أولُ شيءٍ عُمِلَ متباينَ الشيوخ والبلاد».
و: «الأربعين السباعيات»، لأبي المعالي الفراوي (ت 587هـ)[50].و: «الأربعين المرتبة على طبقات الأربعين»، لابن المفضل المقدسي (ت 611هـ)[51].و: «الأربعون المسلسلة المسندة المتصلة»، له أيضًا[52].
و: «الأربعين الموافقات للشيخين»، للضياء المقدسي (ت 643هـ)[53].
و: «الأربعون التساعية الإسناد»، لابن دقيق العيد (ت 702هـ)[54].
و: «الأربعون العشارية»، للعراقي (ت 806هـ)[55].
و: «الإمتاع بالأربعين المتباينة بشرط السماع»، لابن حجر (ت 852هـ)[56].
و: «الأربعين حديثًا المنتقاة من صحيح مسلم مما علا فيها على البخاري في صحيحه»، له[57].
3 - أربعونات إسنادية متنية:
وهي الأربعونات التي يُنظر فيها إلى أحوال الأسانيد ومضامين المتون وصفاتها معًا.
مثالها: «أربعون حديثًا عن أربعين شيخًا في أربعين معنى وفضيلة»، لأبي بكر ابن المقرّب الكرخي (ت 563هـ)[58].
و: «الأربعون الإلــٰهية»، لابن المفضل المقدسي (ت 611هـ)[59]، اشترط في المتن كونه إلــٰهيًّا (قدسيًّا)، وفي الإسناد صحَّتَه.
ثانيًا: مناهج التأليف في الأربعينات من حيث التبويب:
1 - أربعونات مبوبة:مثالها: «الأربعين» لمحمد بن أسلم الطوسي (ت 242هـ)[60]، جعلها أبوابًا في الأحكام والفضائل.
و: «الأربعين في التصوف» لأبي عبدالرحمن السلمي (ت 412هـ)[61].
2 - أربعونات غير مبوبة:
مثالها: «الأربعين»، لنصر بن إبراهيم المقدسي (ت 490هـ)[62].
و: «الأربعين المختارة من حديث أبي حنيفة»، لابن عبدالهادي (ابن المبرد) (ت 909هـ)[63].
ثالثًا: مناهج التأليف في الأربعينات من حيث المعدود:
1 - أربعونات تحتوي على أربعين حديثًا:
مثالها: «الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين»، لأبي منصور ابن عساكر (ت 620هـ)[64].
و: «أربعون حديثًا» من حديث شيخ الإسلام ابن تيمية (ت 728هـ)[65].
2 - أربعونات تحتوي على أربعين بابًا:
مثالها: «الأربعون على مذهب المتحققين من الصوفية»، لأبي نعيم الأصبهاني (ت 430هـ)، وهي أربعون فصلًا من أخلاق الصوفية وصفاتهم، تحتها 60 حديثًا[66].
و: «الأربعون الصغرى»، للبيهقي (ت 458هـ)[67]، قال العلائي[68]: «وهي أربعون بابًا، فيها نحو سبعين حديثًا»، بل هي أكثر من ذلك، فقد تجاوزت - بحسب ترقيم المحقق -: 120 حديثًا.
رابعًا: مناهج التأليف في الأربعينات من حيث ذكر الأسانيد:
1 - أربعونات مسندة[69]:
مثالها: «الأربعين»، للحسن بن سفيان (ت 303هـ)[70].
2 - أربعونات محذوفة الأسانيد:
مثالها: «أربعون حديثًا في اصطناع المعروف»، للمنذري (ت 656هـ)[71].
و: «الأربعون في مباني الإسلام وقواعد الأحكام» (النووية)، للنووي (ت 676هـ)[72].
و: «الأربعون في ردع المجرم عن سب المسلم»، لابن حجر (ت 852هـ)[73].
خامسًا: مناهج التأليف في الأربعينات من حيث التعليق على الأحاديث:
1 - أربعونات ذات تعليق على الأحاديث:
وذلك على ثلاثة أضرب:
أ - الشرح والتوضيح وبيان المشكل والمختلف، كما في: «الأربعون» للآجري (ت 360هـ)[74].
ب - التخريج والكلام على الأسانيد والرواة، كما في: «الأربعين حديثًا» للبكري (ت 656هـ)[75].
ج - جمع الشرح والتخريج معًا، كما في: «الأربعون حديثًا فيما ينتهي إليه المتقون، ويستعمله الموفَّقون، وينتبه به الغافلون، ويلازمه العاقلون»، لأبي عبدالله الثقفي (ت 489هـ)[76]، وفي: «الأربعين في إرشاد السائرين إلى منازل المتقين»، لأبي الفتوح محمد بن محمد الطائي (ت 555هـ)[77]، وقد نسج العلائي على منوالها: «الأربعين المغنية بعيون فنونها عن المعين»، مع شروط زائدة[78].
2 - أربعونات مجرَّدةُ الأحاديث من غير تعليق:
مثالها: «الأربعين»، لابن المقرئ (ت 381هـ).والله - تعالى - أعلم.[1] أما في جانب فهرستها وعَدِّها، فقد كتب فيه الباحث سهل العود كتابه: «المعين على معرفة كتب الأربعين من أحاديث سيد المرسلين».
[2] لسان العرب (8/ 99)، المعجم الوسيط (1/ 324).
[3] معجم الصواب اللغوي، د. أحمد مختار عمر وفريقه (1/ 33). وتُفارق التعبير بالأربعينيات: بأن إضافة ياء النسب تدل على جمعِ أعدادٍ منسوبةٍ إلى لفظ العقد، وهي هنا من أربعين إلى تسعة وأربعين. وقد صدر بصحة التعبير بذلك قرار لجنة الألفاظ والأساليب في مجمع اللغة العربية بمصر، انظر: القرارات المجمعية من 1934 - 1987م (ص120)، كتاب الألفاظ والأساليب الصادر عن المجمع (ص77).
[4] انظر: لسان المحدثين (مادة: أربعينات)، مدرسة الحديث في مصر (ص126)، مقدمة تحقيق «الأربعون الصغرى»، للبيهقي (ص11).
[5] تكلف الباحث زياد أوزون التفريق بين الأربعينات والأجزاء الحديثية، وأقرَّ أخيرًا أنه قد يندرج بعض الأربعينات في النوعين معًا. انظر: الأربعينات الحديثية، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، مج27، ع1، 2011م (ص597 - 599). وأدنى نظرة في الأربعينات نفسِها تُبيِّن أنها كانت تصنَّف أجزاءً، ويُطلق عليها مسمى الجزء.
[6] في المسند (3981) من حديث عاصم، عن زر بن حبيش، عن ابن مسعود، قال: أقرأني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سورةً من الثلاثين، من آل حم. قال: يعني الأحقاف. قال: وكانت السورة إذا كانت أكثر من ثلاثين آية سميت الثلاثين. وسنده حسن، ولعل آخره مِن كلام بعض مَن دون ابن مسعود.
[7] مقدمة الأربعين (ص38).
[8] وقد تكلم على الحديث غيرُ واحدٍ من الأئمة، قال ابن حجر في التلخيص الحبير (3/ 202): «روي من رواية ثلاثة عشر من الصحابة، أخرجها ابن الجوزي في العلل المتناهية، وبيَّن ضعفها كلِّها، وأفرد ابن المنذر الكلام عليه في جزءٍ مفرد. وقد جمعت طرقه في جزء، ليس فيها طريق تسلم من علة قادحة».
[9] انتهى إلى ذلك محقق الأربعين في الحث على الجهاد، لابن عساكر، حيث توسَّع في تخريج الحديث (ص9 - 35).
[10] الإمتاع بالأربعين المتباينة بشرط السماع (ص70).
[11] مقدمة الأربعين (ص43).
[12] تحقيق الكلام في المسائل الثلاث (4/ 292 - ضمن مجموع آثار المعلمي).
[13] الأربعين المغنية (ص296).
[14] فصَّل ذلك البكري في أربعيه (ص46 - 48)، والطوفي في شرح الأربعين (ص337).
[15] طبقات ابن سعد (7/ 369)، تقدمة المعرفة للجرح والتعديل (ص264).
[16] الإخوان، لابن أبي الدنيا (208).
[17]الأربعين البلدانية (ص26).
[18] وكذلك ذكر أوَّليَّة ابن المبارك: ابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 118)، والبكري في مقدمة أربعيه (ص24)، والنووي في مقدمة أربعيه (ص39). وقد رتَّب العلائي في إثارة الفوائد المجموعة (1/ 438)، وابن حجر في المعجم المفهرس (ص209)، الأربعينات على الأقدمية، فبدآ بأربعي محمد بن أسلم الطوسي، لكن مرادهما: ما وقفا عليه، وروياه بإسنادهما، والظاهر أنهما لم يقفا على أربعي ابن المبارك.
[19] مقدمة الأربعين (ص39 - 42).
[20] الأربعون البلدانية (ص18).
[21] معجم مؤلفات ابن المفضل المقدسي (ص19 - 36).
[22] ملء العيبة، لابن رشيد (5/ 249).
[23] الذهبي ومنهجه في تاريخ الإسلام (ص256 - 259).
[24] الأربعين المغنية (ص299)، إثارة الفوائد المجموعة (2/ 513 - 515).
[25] الجواهر والدرر (2/ 669).
[26] انظر: الفهرس الوصفي لنسخ مؤلفات ابن عبدالهادي المحفوظة بدار الكتب المصرية (ص14 - 88)، فهرس مجاميع العمرية (ص289، 291). وقد نقل ابن طولون عنه أن ما خرجه من الأربعينات يزيد على ثلاثمائة وستين! انظر: صلة الخلف (ص83).
[27] الأربعين البلدانية، للسِّلَفي (ص27).
[28] الأربعين البلدانية (ص18).
[29] مقدمة أربعيه (ص28).
[30] المعين على معرفة كتب الأربعين من أحاديث سيد المرسلين، لسهل العود. بواسطة بحث: الأربعينات الحديثية، لزياد أوزون (ص595).
[31] التعليق على الأربعين في التصوف (15/ 364 - ضمن مجموع آثار المعلمي).
[32] الأربعون المغنية (ص293).
[33] الأربعون البلدانية (ص16). وهو مقتبس من مقدمة السِّلَفي للأربعين البلدانية (ص26).
[34] الأربعون النووية (ص43).
[35] طبع جزءٌ منه ضمن كتاب «الإمام عبدالله بن المبارك المروزي، المحدث الناقد»، للدكتور: محمد سعيد بخاري (ص186 - 200)، وقد ذكر (ص67) أنه وقف على نسخة ناقصة منه، تحتوي على سبعة عشر حديثًا فقط.وبلغني أنه وُجد كاملًا، لكن لم أتوثَّق من هذا، والله أعلم.
[36] طبع بتحقيق: علي الفقيهي، 1404هـ. وبتحقيق: جهاد المرشدي، دار ابن رجب، 1422هـ.
[37] طبع بتحقيق: بدر البدر، دار ابن حزم، 1415هـ.
[38] الأربعون البلدانية (ص17).
[39] طبع بتحقيق: حمدي السلفي، دار الضحى، 1432هـ.
[40] الأربعين المغنية (ص299).
[41] الأربعين حديثًا، للبكري (ص27)، إثارة الفوائد (1/ 486). ولم أقف على هذين الأربعينين.
[42] الأربعون البلدانية (ص17).
[43] طبع بتحقيق: محمد بن عبدالكريم عبيد، جامعة أم القرى، 1419ه.
[44] انظر: تاريخ الإسلام (10/ 44)، إثارة الفوائد (2/ 455).
[45] طبع بتحقيق: طه بوسريح، 1414هـ.
[46] مخطوط في: المكتبة الظاهرية، ضمن مجموع برقم (61 عمرية) (ق165 - 175). قال العلائي في إثارة الفوائد (2/ 466): «وكلها من صحيح البخاري».
[47] مخطوط في: دار الكتب المصرية، ضمن مجموع برقم (1260). وفي المكتبة الوطنية بباريس، ضمن مجموع برقم (ARABE722) (ق34 - 43).
[48] طبع بتحقيق: عبدالله رابح، دار البيروتي، 1412هـ. وتحقيق: مسعد السعدني، أضواء السلف، 1418ه.
[49] إثارة الفوائد (2/ 481)، الأربعين المغنية (ص297).
[50] مخطوط في مكتبة جامعة النجاح الوطنية بنابلس، ضمن مجموع برقم (NL215078) (ق37 - 54). وفي المكتبة الوطنية بباريس، ضمن مجموع برقم (ARABE 722) (ق55 - 65).
[51] طبع بتحقيق: محمد سالم العبادي، أضواء السلف، 1423هـ.
[52] مخطوط في مكتبة فيض الله، تركيا، رقم (507/10) (ق79 - 100)، وفيه نقص في أوله، ومنه منتقى في مكتبة القرويين بفاس (1529 حديث).
[53] إثارة الفوائد (2/ 498). ولم أقف عليه.
[54] طبع بتحقيق: حسنين سلمان مهدي، دار البشائر الإسلامية، 1433هـ.
[55] طبع بتحقيق: بدر البدر، دار ابن حزم، 1415هـ.
[56] طبع بتحقيق: محمد حسن إسماعيل، دار الكتب العلمية، 1418هـ. قال السخاوي في الجواهر والدرر (2/ 669): «اشترط فيها اتصال السماع في جميعها، وشرائط كثيرة لم يسبق إليها...».
[57] طبع باسم: «عوالي مسلم»، بتحقيق: كمال الحوت، مؤسسة الكتب الثقافية، بيروت، 1408هـ. وبتحقيق: محمد المجدوب، دار ابن حزم، 1432هـ. وباسم: «الأربعون العالية لمسلم على البخاري في صحيحيهما»، بتحقيق: عبدالمجيد جمعة، مؤسسة بينونة، 1436هـ. والاسم المثبت من نسخةٍ لم تعتمد في هذه المطبوعات كلها، وهي بخط أبي الفضل ابن القلقشندي، أحد تلامذة ابن حجر.
[58] طبع بتحقيق: صلاح بن عايض الشلاحي، دار ابن حزم، 1420هـ.
[59] طبع بتحقيق: محمد التركي، جامعة الملك سعود، 1434هـ.
[60] طبع بتحقيق: مشعل المطيري، دار ابن حزم، 1421هـ.
[61] طبع بدائرة المعارف العثمانية، 1401هـ.
[62] طبع بتحقيق: بندر العبدلي، مكتبة الرشد، 1429هـ.
[63] طبع بتحقيق: خالد العواد، دار الفرفور، 1422هـ.
[64] طبع بتحقيق: محمد مطيع الحافظ وغزوة بدير، دار الفكر، 1406هـ.
[65] طبع ضمن مجموع فتاوى ابن تيمية (18/ 76 - 121)، وبتحقيق: محب الدين الخطيب، المطبعة السلفية، 1341هـ، وبدراسة وشرح: عبدالعزيز السيروان، دار القلم، 1406هـ، وبتحقيق: محمد العجمي، دار البشائر الإسلامية (لقاء العشر الأواخر: 66)، 1426هـ، وبتحقيق: أحمد الوكيل، دار الإصباح، 1436هـ.
[66] طبع بتحقيق: بدر البدر، دار ابن حزم، 1414هـ.
[67] طبع بتحقيق: محمد نور المراغي، إدارة إحياء التراث الإسلامي، 1403هـ. وبتحقيق: أبي إسحاق الحويني، دار الكتاب العربي، 1408هـ.
[68] إثارة الفوائد (2/ 457).
[69] وهي غالب كتب الأربعينات، حتى إن العلائي اضطر للاعتذار عن ذكر الأربعين النووية في الأربعينات مع كونها غير مسندة. انظر: إثارة الفوائد (2/ 502).
[70] طبع بتحقيق: محمد العجمي، دار البشائر الإسلامية، 1413هـ.
[71] طبع طبعاتٍ عديدة، منها: بتحقيق: محمد الطنجي، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب، 1405هـ.
[72] طبعاتها كثيرة مشهورة. وأصلها أن ابن الصلاح أملى مجلسًا سمَّاه الأحاديث الكلية، ذكر فيه 26 حديثًا، فأخذها النووي وزادها حتى بلغت 42 حديثًا، ثم زادها ابن رجب حتى بلغت 50 حديثًا. انظر: جامع العلوم والحكم (1/ 56).
[73] طبع بتحقيق: أبي إسحاق الحويني، مؤسسة الكتب الثقافية، 1406هـ، وبتحقيق: مجدي إبراهيم، مكتبة القرآن.
[74] طبع بتحقيق: بدر البدر، مكتبة المعلى، 1408ه، وأضواء السلف، 1420هـ. قال العلائي في إثارة الفوائد (1/ 440): «وقعت لنا من طريقين على وجهين: إحداهما: كاملة بشرح المصنف الذي تكلم به على أحاديثها. والثاني بالأحاديث فقط دون كلام المصنف». ومن الوجه الثاني نسخةٌ في هارفارد، ضمن مجموع برقم (1287)، لم يعتمدها المحقق.
[75] طبع بتحقيق: محمد محفوظ، دار الغرب الإسلامي، 1403هـ.
[76] طبع بتحقيق: مشعل المطيري، دار ابن حزم، 1421هـ.
[77] طبع بتحقيق: عبدالستار أبو غدة، دار البشائر الإسلامية، 1420هـ.
[78] طبع بتحقيق: مشهور آل سلمان، الدار الأثرية، 1429هـ.
<span style="margin: 0px;">http://www.alukah.net/sharia/0/105975/