المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني
.............................. ..............
وإن قالوا بحلوله بذاته في قلوب العارفين ; كان ذلك قولا بالحلول الخاص .
وقد وقع طائفة من الصوفية - حتى صاحب " منازل السائرين " في توحيده المذكور في آخر المنازل - في مثل هذا الحلول ; ولهذا كان أئمة القوم يحذرون عن مثل هذا .
نعم ولكن بن القيم رحمه الله وجَّه كلام الامام الهروى رحمه الله توجيها آخر فى المدارج فقال--فأما قوله إن الرب تعالى هو الموحد لنفسه في قلوب صفوته لا أنهم هم الموحدون له
إن أريد به ظاهره وأن الموحد لله هو الله لا غيره وأن الله سبحانه حل في صفوته حتى وحد نفسه فيكون هو الموحد لنفسه في قلوب أوليائه لاتحاده بهم وحلوله فيهم
فهذا قول النصارى بعينه بل هو شر منه لأنهم خصوه بالمسيح وهؤلاء عموا به كل موحد
بل عند الإتحادية الموحد والموحد واحد وما ثم تعدد في الحقيقة
وإن أريد به هو الذي وفقهم لتوحيده وألهمهم إياه وجعلهم يوحدونه فهو الموحد لنفسه بما عرفهم به من توحيده وبما ألقاه في قلوبهم وأجراه على ألسنتهم
فهذا المعنى صحيح
ولكن لا يصح نفي أفعالهم عنهم
فلا يقال إن الله هو الموحد لنفسه لا أن عبده يوحده هذا باطل شرعا وعقلا وحسا
بل الحق أن الله سبحانه وحد نفسه بتوحيد قام به ووحده عبيده بتوحيد قام بهم بإذنه ومشيئته وتوفيقه فهو الموحد لنفسه بنفسه وهم الموحدون له بتوفيقه ومعونته وإذنه
فالذي قام بهم ليس هو الذي قام بالرب تعالى ولا وصفه بل العلم به ومحبته
إلى أن قال
مدارج السالكين [ جزء 3 - صفحة 520 ]
ولهذا صرح بإثباتها في أول البيت وإنما ضاق به الوزن عن تمام المعنى وإيضاحه
وهذا المعنى حق وهو أولى بهذا الإمام العظيم القدر مما يظنه به طائفة الاتحادية والحلولية
وإن كانت كلماته المجملة شبهة لهم فسنته المفصلة مبطلة لظنهم
ولكلامه محمل آخر أيضا وهو أنه ما وحد الله حق توحيد الذي ينبغي له.