مسألة اللفظ بالقرآن وما حصل للبخاري بسبب ذلك
لم يصح عن الامام البخاري أنه قال لفظي بالقرآن مخلوق , كيف وهو كذب هاته المقالة بنفسه , وانما لفقها عليه من لم يفقه كلامه في الفتنة التي وقعت في نيسابور مع الامام محمد بن يحيى الذهلي , والذي قاله البخاري صراحة أن القرآن كلام الله غير مخلوق وأفعالنا مخلوقة ,
فقد أخرج غنجار في تاريخ بخارى , عند ترجمة البخاري بسند صحيح كما قال الحافظ القصة عن الامام المروزي فهو الذي سأله ((..
.قَالَ مُحَمَّد بن نصر سمعته يَقُول من زعم أَنِّي قلت لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوق فَهُوَ كَذَّاب فَإِنِّي لم أَقَله فَقلت لَهُ يَا أَبَا عبد الله قد خَاضَ النَّاس فِي هَذَا فَأَكْثرُوا فَقَالَ لَيْسَ إِلَّا مَا أَقُول لَك)) ,
وروي أيضا مثل ذلك عنه بطريق آخر
كما قال الحافظ في الفتح ( وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي عُمَرَ وَأَحْمَدَ بْنِ نَصْرٍ النَّيْسَابُورِ يِّ الْخَفَّافِ أَنَّهُ سَمِعَ الْبُخَارِيَّ يَقُولُ ذَلِكَ)) انتهى
وقال البخاري بعد أن كذب ما نسب اليه (إِلَّا أَنِّي قلت أَفعَال الْعباد مخلوقة ))
ومسألة اللفظ من الألفاظ المجملة التي فيها حق وباطل , ولا يتميز ما فيها من الحق الا بعد الاستفصال عن مقصود القائل باللفظ , أهو التلفظ أو الملفوظ به , أو أهو التلاوة أو المتلو؟ ففعل العبد الذي هو (التلفظ أو التلاوة) المتمثل في حركة اللسان وصوته كل هذا من أفعاله المخلوقة , أما ما يتلفظ به أو ما يتلوه فهذا هو كلام الله تعالى الذي هو من صفاته غير المخلوقة , ولالتباس هذا بهذا وعدم التفريق بينهما الا بنوع من المشقة والعسر منع الامام أحمد اطلاق العبارتين ,فقال ((أَنَّ مَنْ قَالَ لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ: فَهُوَ جهمي وَمَنْ قَالَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ: فَهُوَ مُبْتَدِعٌ ))
لأن الذي يتلى لا يسمع الا بصوت المتكلم , واحتج الامام أحمد بقوله (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ) , فالذي يسمع من القارئ سماه الله تعالى كلامه
وقال الامام ابن جرير الطبري (فإنَ أبا إسماعيل الترمذي حدثني قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول: اللفظية جهميَة، قال الله تعالى: "حتى يسمع كلام الله"، ممَن يسمع؟)) انتهى
فمن قال أن لفظي مخلوق وهو يقصد القرآن فهذا جهمي قد جعل كلام الله تعالى مخلوقا , ومن قال أن لفظي غير مخلوق , فهذا مبتدع لأن لفظه من أفعاله , ,وأفعال العبد ليست أزلية قديمة فهي مخلوقة , وهاته العبارة محدثة مبتدعة ليست من كلام السلف .