عن محمد بن حمير قال: حدثنا محمد بن زياد، عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت».
أخرجه النسائي في "الكبرى" (9848)، والروياني في "مسنده" (1268)، والطبراني في "الكبير" (7532)، و"الأوسط" (8068)، و"مسند الشاميين" (824)، و"الدعاء" (675)، وابن شاهين في "الخامس من الأفراد" (34)، والدارقطني في "الغرائب والأفراد" (2/ 183، رقم 4586/أطراف)، وأبو الحسن النعالي في "حديثه" (عمرية/م21/ق133/ب)، وأبو عمرو النيسابوري في "قوارع القرآن" (22)، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/354)، والمستغفري في "فضائله" (744)، والشجري في الأمالي الشجرية (1/111)، والسلفي في "المشيخة البغدادية" (ق290/أ ـ سكوريال)، وابن الفاخر في "موجبات الجنة" (188)، وعبد الغني المقدسي في "الدعاء" (81)، والقرطبي في التذكار في أفضل الأذكار (ص: 179)، وابن المغازلي في مناقب الأسد الغالب (63)، والدمياطي في جزء قراءة آية الكرسي (ق48)، وابن حجر في نتائج الأفكار (2/294) جميعهم من طرق عن محمد بن حمير الحمصي، بهذا الإسناد أعلاه.
وعزاه أبو عمرو النيسابوري لأبي يحيى البزار في "عبادة يوم وليلة" من هذا الطريق، وعزاه أيضا ابن الجزري في "المناقب" (ص 59 ـ 60): لابن حبان وابن مردويه في "تفسيره" من هذا الطريق، وعزاه ابن حجر كما في "نتائح الافكار" (2/ 295) للضياء في "المختارة" ونبه أن ابن حبان أخرجه في كتاب "الصلاة" المفرد، ولم يخرجه في كتاب "الصحيح".
قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن محمد بن زياد إلا محمد بن حمير، ولا يروى عن أبي أمامة إلا بهذا الإسناد "
وقال الدارقطني: تفرد به محمد بن حمير.
وقال ابن شاهين: وهذا حديث غريب تفرد به ابن حمير لا أعلم حدث به عن محمد بن زياد غيره. وقال لنا عبد الله بن سليمان لم يحدث به ابن حمير إلا بطرسوس وليس هو عند أهل حمص.
وعدّ الذهبي كما في "تاريخه" (4/ 1193)، و"ميزانه" (3/ 532)، وابن ناصر الدين الدمشقي كما في "التوضيح" (3/ 330) هذا الحديث من غرائب وأفراد محمد بن حمير.
قال المعلمي في تحقيقه للفوائد المجموعة معلقا على هذا الحديث: مدار الحديث على محمد بن حمير، رواه عن محمد بن زياد، الألهاني، عن أبي أمامة، وابن حمير موثق، غمزه أبو حاتم، ويعقوب بن سفيان، وأخرج له البخاري في "الصحيح" حديثين، قد ثبتا من طريق غيره، وهما من روايته عن غير الألهاني، فزعم أن هذا الحديث على شرط البخاري غفلة. اه.
وبنحو كلام المعلمي أشار إليه الحافظ العسقلاني في مقدمتة للفتح من ترجمة محمد بن حمير، وهو معنى نفيس، فمسألة أن الشيخين قد احتجا بحديث الراوي المتكلم فيه على الإطلاق هو قول فيه نظر؛ وذلك لأن الشيخين أو أحدهما ينتقى ما صح عنده من حديث الراوي وليس جميع حديثه وفقا لاعتبارات سندا - متابعات - ومتنا – أصول – فقد يقطع أحدنا بصحة خبر – ليس له متابعات وأصول - تفرد به أحد هؤلاء الرواة المتكلم فيهم كمحمد بن حمير وضربائه في الحال لمجرد احتجاج الشيخين بحديثه، ولم يتوافر في خبره هذا شرط الانتقاء والنظر من قبل جهبذ فذ كالبخاري أو مسلم أو من يجري في مضمارهما ممن قضوا في القرون الأول ولعلنا بهذا نحكم على ظاهر باطنه مردود عند هؤلاء الجهابذة.
فإن البخاري قد أخرج لابن حمير في صحيحه حديثين:
الأول: حديثه عن ثابت بن عجلان، قال: سمعت سعيد بن جبير، قال: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما، يقول: مر النبي صلى الله عليه وسلم بعنز ميتة، فقال: ما على أهلها لو انتفعوا بإهابها.
وقد صدر البخاري الباب بحديث عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس، ثم أعقبه بحديث محمد بن حمير هذا عن ثابت.
وابن حمير لم يتفرد به فقد تابعه عبد الملك بن محمد الصنعاني، أخرجه الباغندي كما في "الإمام في معرفة أحاديث الأحكام" (1/ 263) عن هشام بن عمار، والطبراني في "مسند الشاميين" (2268) من طريق عمرو بن عثمان، كلاهما عن عبد الملك بن محمد الصنعاني عن ثابت بن عجلان، به.
وعبد الملك لين الحديث وفيه كلام لكن الإسناد صح إليه، وهو بلدي لمحمد بن حمير فمتابعته له مقبولة.
الثاني: حديثه عن إبراهيم بن أبي عبلة، أن عقبة بن وساج، حدثه عن أنس خادم النبي صلى الله عليه وسلم، قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم وليس في أصحابه أشمط غير أبي بكر، فغلفها بالحناء، والكتم.
وهو في باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وقد أعقبه البخاري تعليقا بمتابعة أبي عبيد عن عقبة بن وساج به.
فمن هنا يتبين لنا قول العلامة المعلمي رحمه الله بأن الحديث على شرط البخاري فيه غفلة.
قلت: وهذا مما لا يتوافر في حديث آية الكرسي الذي تفرد به ابن حمير كما أفاده غير واحد من الحفاظ، فأما المتابعات فقد تقدم أن ابن حمير أغرب فيه، وتفرد به، خاصة ما ذكره ابن شاهين بأنه حدث به بطرسوس وليس هو عند الحمصيين بلد ابن حمير، فتلك علة أخرى يشير إليه ابن شاهين وكأنه حدث بهذا الحديث من حفظه وليس هو من أصول كتبه.
أما الأصول والشواهد فعدة، ولا تنجبر واحدة منها بمجموع طرقها ولا ترقي بأن تشهد إحدى هذه الشواهد لأختها فالضعف عليها شديد بين بل وبعضها موضوع.
لذلك قال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به، - أي في حال الأفراد - وعلى هذا تتنزل مقالة الفسوي فيه: ليس بالقوي. خلافا لما زعمه ابن حجر بأنه جرح غير مفسر، والله أعلم.
وأما الكلام على شواهد الحديث تجده في تعليقي على جزء قراءة آية الكرسي والدعاء أدبار الصلوات للحافظ الدمياطي رحمه الله يُرفع على المنتدى قريبا لعطل حدث أثناء الرفع.