وقفات على شاطئ العلم


خضر الزهراني

الحمد لله الذي علَّم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم، والصلاة والسلام على معلم الناس الخير.
هذه وقفات مع بداية العام الدراسي الجديد أحببت كتابتها للأحبة القراء الأفاضل مصدرها القلب، وملؤها الحب، وكلماتها نسجت من أنوار الكتاب الشريف، وأزهار السنة الشريفة، فهي من القلب وإلى القلب.
الوقفة الأولى: العلم، ما أجمله من كلمة، وما أبهاه من حسن، وما أرقه من لطف، به يرتقي الفكر، وتسعد الأمة، ويشع النور، وتتراقص أزهار المعرفة في بساتين الحياة السعيدة.
بالعلم أظهرنا الحق، ورسمنا على جبين الحياة الفضيلة، وطمسنا من دساتير الزمن الرذيلة، ورفرفت رايات الطمأنينة على القلوب، وشدت ألحان الجمال على الدروب.
بالعلم يعبد المسلم ربه على نور وبصيرة، فيرتقي في سماوات السعادة والمجد والتألق، حتى يصل به العلم النافع الجميل إلى جنات ونهر، ويجلس به في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
الوقفة الثانية: تتجلى أهمية العلم في الآيات الكثيرة والأحاديث الشريفة، الدالة على قدسيته وأهميته والتي تحث على طلبه من المهد إلى اللحد، ولنقف مع الآية التالية: "قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ" الزمر (9)
يا سبحان الله آية باهرة تحمل معاني زاهرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، أنه لا يستوي البتة صاحب العلم والفقه والرشاد وصاحب الجهالة والظلام تماماً كما لا يستوي الليل والنهار، والماء والنار، وهذا الفرق يعرفه أولو الألباب والفهم السليم.
ولنقف وقفة جميلة هادئة مع الحديث التالي: "عن أبي الدرداء – رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم – يقول: ((من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً إنما ورثوا العلم فمن أخذه، أخذ بحظ وافر)). يا الله ما هذا الجمال وهذه الروعة لك يا طالب العلم! وبشراك فمن سار على الدرب وصل.
الوقفة الثالثة: رسالة للمعلم العزيز على القلب، جزاك الله خيراً أيها المعلم الرائع، إن القلم يا رسول المعرفة ليقف احتراماً وتقديراً لجهدك السخي لقد أثرت أفكارنا، وزينت أخلاقنا، وهتفت لعطائك أقلامنا، لقد كنت رائعاً حين قومت اعوجاجنا، وكنت أروع حين جعلت من العلاقة بيننا علاقة تكامل يشد بعضنا بعضاً، فواصل المسير على بركة الله، وعلى أنوار الصدق والتضحية، وتأكد من أن هناك قلوباً تصطف معك وتدعو الله أن يجزيك عنا خير الجزاء.
الوقفة الرابعة: إلى أخي الطالب، وشقيقي في العلم من أين أبدأ رسالتي إليك؟ وما هي اللغة التي أخاطبك بها؟ سوف أبدأ بالحمد والثناء على الله الذي يسر لنا هذه النعمة العظيمة التي فقدها الكثير من الناس وهي نعمة طلب العلم، وسأخاطبك بلغة الحب والدعم والرجاء أن نواصل المسير، فالأمة والمجتمع والعقل والأهل ينتظر مني ومنك العطاء والإبداع والمواصلة والإمتاع، فهيا بنا حبيب العلم نرتقِ، وتحت أجنحة الملائكة تستظل، وعلى أصوات الأطيار نشدو بأجمل دعاء "وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا"ً.
الوقفة الخامسة: أهمية الوقت لطالب العلم.. تتجلى أهمية الوقت لطالب العلم حين قطف الثمار، حينئذ يعرف طالب العلم مقدار السعادة واللذة بسبب إدارته للوقت واستغلاله لثوانيه، وبالمقابل يعض المفرط أصابع الندم على التفريط وإهدار الفرص، ولكن حين يحرك طالب العلم المقصر، الأمل في فؤاده ويستدرك ما فات ويطرح اليأس على أرض بعيدة، ويعلم أنه "لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون" يكون في ذلك نجاحه وفلاحه بل ربما سبق من سبقه وتجاوزه بدرجات وسلالم كثيرة ملؤها إشراقة المستقبل والندم الجميل على ما فات والطموح الوثاب والعمل الدائم.
الوقفة المهمة: لنركب من بداية العام الدراسي سفينة النور ولنقطع بها أمواج الظلام عبر مجاديف، الصبر الجميل، والمجهدة الحقة، والرجاء في الله، حتى نصل - بإذن الله - إلى شواطئ العلم الخضراء وسماوات المجد والبهاء، والله الموفق والمعين.