الاسترقاء : طلب الرقية . كالاستغفار طلب المغفرة .
ويأتي بمعان ( أنواع ) ثلاث :
1 : طلب الرقية من النفس .
2 : طلب الرقية من الغير للغير .
3 : طلب الرقية من الغير للنفس .
فالأول مأمور به شرعا كما في الحديث ، عن عائشة ، قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني أن أسترقي من العين "
قال ابن حجر في - فتح الباري - (ج 10 / ص 201) :
" كان يأمرني أن أسترقي وعنده من طريق مسعر عن معبد بن خالد كان يأمرها ... وفي هذا الحديث مشروعية الرقية لمن أصابه العين ."
وفي المنتقى - شرح الموطأ - (ج 4 / ص 361) :
" ( فَصْلٌ ) وَكَانَتْ عَائِشَةُ رَضِي اللَّهُ عَنْهَا كَثِيرَةَ الِاسْتِرْقَاءِ قَالَ : مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ بَلَغَنِي أَنَّهَا كَانَتْ تَرَى الْبَثْرَةَ الصَّغِيرَةَ فِي يَدِهَا فَتُلِحُّ عَلَيْهَا بِالتَّعْوِيذِ فَيُقَالُ لَهَا إنَّهَا صَغِيرَةٌ فَتَقُولُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُعَظِّمُ مَا يَشَاءُ مِنْ صَغِيرٍ وَيُصَغِّرُ مَا يَشَاءُ مِنْ عَظِيمٍ ."
وقد تبين مما سبق أن الاسترقاء في الحديث إنما هو طلب الرقية من النفس .
كالاستغفار الذي هو طلب المغفرة . فالمستغفر هو من يقوم بالاستغفار فكذلك المسترقي يقوم برقية نفسه.
لذلك كان ترجمة عائشة رضي الله عنها لأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالاسترقاء أنها كانت تلح ( بنفسها ) بالتعويذ ( الرقية ) على أبسط العلل والأمراض كما ذكر ذلك ابن الجارود .
الثاني : طلب الرقية من الغير للغير :
، عن أم سلمة ، رضي الله عنها : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأى في بيتها جارية في وجهها سفعة ، فقال : " استرقوا لها ، فإن بها النظرة "
قال ابن الأثير: " وقد جاء في بعض الأحاديث جواز الرقى، وفي بعضها النهي عنها، فمن الجواز قوله صلى الله عليه وسلم استرقوا لها فإن بها النظرة، أي: اطلبوا لها من يرقيها."
وهذا مشروع أيضا .
الثالث : طلب الرقية من الغير للنفس .
وهذا هو النوع المكروه الذي يحرِم فاعله من الفضيلة التي جاءت في الحديث
عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب، هم الذين لا يسترقون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون» متفق عليه
وعن المغيرة بن شعبة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " من اكتوى أو استرقى فقد برئ من التوكل " . رواه أحمد والترمذي وابن ماجه . قال الألباني: ( صحيح )
قال الألباني (الشريط رقم 628_ السؤال 4 ):
" الشاهد أن هذا الحديث يقول أن من صفات السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب و لا عذاب و وجوههم كالقمر ليلة البدر أنهم لا يطلبون الرقية من غيرهم فذهاب الرجل إلى غيره يقول له ارقني ينافي هذه الفضيلة "
وقال أيضا رحمه الله : هلا استرقيتم لها فيه فرق يا أخي
الأمس القريب وقع بيني و بين زوجتي كانت تشكو من أيام وجع في رأسها ملازم لها . المهم على قلة ما أفعل لأسباب كثيرة وضعت يدي على رأسها ورقيتها ببعض ما جاء في السنة
المهم البارحة في الليل أقول لها هل أنت موجوعة فتبسمت وقالت لا الحمد لله من يومها ماعاد شفت .
وهنا انفتح الموضوع هذا - وهنا الشاهد - قالت لي أنه إذا أحسست مثل هذا الشيء يعني أطلب منك
قلت لها : لا.
وذكرنا هذا الموضوع قالت يعني أنت من نفسك قلت هو كذلك وهنا الشاهد يقول الرسول عليه السلام" من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل"
هذا قاله في الرقية فالآن هنا يقول ألا استرقيتم لها أي ألا طلبتم الرقية لها مش لكم . واضح .
هذا هو جواب السؤال .
فيه فرق ان أرقي نفسي بنفسي ومثله أن ترقيني أنت من نفسك هذا كهذا وهذا مشروع
وبين أنا أقول لك أرقني هذا هو المكروه."
ويبقى نوع من الإرقاء لا يتضمنه معنى الاسترقاء ( طلب الرقية ) ألا وهو أن يبادر المسلم لرقية أخيه المريض بدون أن يطلب منه ذلك .
وهو الذي جاء فيه قوله صلى الله عليه وسلم " من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل "
وخير ترجمة لهذا النوع هي الأحاديث الواردة في عيادة المريض ورقيته من قبل العائد .
والله أعلم