ما قل ودل من كتاب " الزهد " لابن أبي الدنيا
أيمن الشعبان
قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَاللَّهِ مَا الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا كَنَفْجَةِ أَرْنَبٍ.
كنفجة أرنب: أي كوثبته من مجثمه، يريد تقليل مدة الدنيا.
ص28.
قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: الدُّنْيَا دَارُ مَنْ لَا دَارَ لَهُ، وَمَالُ مَنْ لَا مَالَ لَهُ، وَلَهَا يَجْمَعُ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ.
ص29.
قال يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ: مَا شُبِّهَتِ الدُّنْيَا إِلَّا كَرَجُلٍ نَامَ فَرَأَى فِي مَنَامِهِ مَا يَكْرَهُ وَمَا يُحِبُّ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذِ انْتَبَهَ.
قِيلَ لِبَعْضِ الْحُكَمَاءِ: أَيُّ شَيْءٍ أَشْبَهُ بِالدُّنْيَا؟ قَالَ: أَحْلَامُ النَّائِمِ.
ذُكِرَتِ الدُّنْيَا عِنْدَ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، فَقَالَ:
أَحْلَامُ نَوْمٍ أَوْ كَظِلٍّ زَائِلٍ ... إِنَّ اللَّبِيبَ بِمِثْلِهَا لَا يُخْدَعُ
ص31.
قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ: رَأَيْتُ الدُّنْيَا - يَعْنِي فِي النَّوْمِ - عَجُوزًا مُشَوَّهَةً حَدْبَاءَ.
ص33.
قال الْحَسَنُ: أَرْبَعٌ مِنْ أَعْلَامِ الشَّقَاءِ: قَسْوَةُ الْقَلْبِ، وَجُمُودُ الْعَيْنِ، وَطُولُ الْأَمَلِ، وَالْحِرْصُ عَلَى الدُّنْيَا.
قَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: يَا مَعْشَرَ الْقُرَّاءِ، كَيْفَ بِدُنْيَا تَقْطَعُ رِقَابَكُمْ؟ فَمَنْ جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ فَقَدْ أَفْلَحَ، وَمَنْ لَا فَلَيْسَ بِنَافِعَتِهِ دُنْيَا.
قال مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: اتَّقُوا السَّحَّارَةَ، اتَّقُوا السَّحَّارَةَ؛ فَإِنَّهَا تَسْحَرُ قُلُوبَ الْعُلَمَاءِ، يَعْنِي الدُّنْيَا.
ص36.
قَالَ أَبُو هَاشِمٍ الزَّاهِدُ: خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ، فَالدَّاءُ الدُّنْيَا، وَالدَّوَاءُ تَرْكُهَا.
ص40.
مَرِضَ دَاوُدُ الطَّائِيُّ فَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ حَدِيثٍ قَالَ: دَعْنِي، فَإِنِّي إِنَّمَا أُبَادِرُ خُرُوجَ نَفْسِي.
ص44.
قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: التُّؤَدَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ خَيْرٌ إِلَّا فِي أَمْرِ الْآخِرَةِ.
قَالَ الحسن: يَتَوَسَّدُ الْمُؤْمِنُ مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلِهِ فِي قَبْرِهِ، إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ، فَاغْتَنِمُوا الْمُبَادَرَةَ رَحِمَكُمُ اللَّهُ فِي الْمُهْلَةِ.
ص45.
قال حَبِيبٌ أَبو مُحَمَّدٍ: لَا تَقْعُدُوا فُرَّاغًا، فَإِنَّ الْمَوْتَ يَطْلُبُكُمْ.
ص46.
قال وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: مَثَلُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ كَمَثَلِ رَجُلٍ لَهُ ضَرَّتَانِ، إِنْ أَرْضَى إِحْدَاهُمَا أَسْخَطَ الْأُخْرَى.
قال سَيَّارٌ أَبو الْحَكَمِ: الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ الْعَبْدِ، فَأَيُّهُمَا غَلَبَ كَانَ الْآخَرُ تَبَعًا لَهُ.
ص49.
قال مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: بِقَدْرِ مَا تَحْزَنُ لِلدُّنْيَا فَكَذَلِكَ يَخْرُجُ هَمُّ الْآخِرَةِ مِنْ قَلْبِكَ، وَبِقَدْرِ مَا تَحْزَنُ لِلْآخِرَةِ فَكَذَلِكَ يَخْرُجُ هَمُّ الدُّنْيَا مِنْ قَلْبِكَ.
ص50.
قال عَبْدُ الْوَاحِدِ: مَا الدُّنْيَا؟ إِنْ كُنْتُ لَبَائِعَهَا فِي بَعْضِ الْحَالَاتِ كُلِّهَا بِشَرْبَةٍ عَلَى الظَّمَأِ.
ص51.
قِيلَ لِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: لَوِ اتَّخَذْتَ بَيْتًا؟ قَالَ: تَكْفِينَا خُلْقَانُ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا.
ص52.
قَالَ أَبُو وَاقِدٍ اللَّيْثِيُّ: تَابَعْنَا الْأَعْمَالَ وَلَمْ نَجِدْ شَيْئًا أَبْلَغَ فِي طَلَبِ الْآخِرَةِ مِنَ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا.
ص57.
قَالَ: الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا: مَنْ لَمْ يَغْلِبِ الْحَرَامُ صَبْرَهُ، وَلَمْ يَسْتَقِلَّ الْحَلَالُ شُكْرَهُ.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَنْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا هَانَتْ عَلَيْهِ الْمُصِيبَاتُ، وَمَنِ ارْتَقَبَ الْمَوْتَ سَارَعَ فِي الْخَيْرَاتِ.
ص58.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ: أَفْضَلُ الزُّهْدِ إِخْفَاءُ الزُّهْدِ.
ص61.
قَالَ وُهَيْبٌ الْمَكِّيُّ: الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا أَنْ لَا تَأْسَى عَلَى مَا فَاتَ مِنْهَا، وَلَا تَفْرَحَ بِمَا أَتَاكَ مِنْهَا.
قال سُفْيَانُ: الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا قِصَرُ الْأَمَلِ، لَيْسَ بِأَكْلِ الْغَلِيظِ وَلَا لُبْسِ الْعَبَاءِ.
ص63.
قال سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: الدُّنْيَا غَنِيمَةُ الْآخِرَةِ.
ص67.
قال فُضَيْل بْنِ عِيَاض: أَصْلُ الزُّهْدِ الرِّضَا عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
ص68.
قال مَضَاءٌ: إِنَّمَا أَرَادُوا بِالزُّهْدِ لِتَفْرَغَ قُلُوبُهُمْ لِلْآخِرَةِ.
ص71.
قَالَ رَجُلٌ لِمُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ: أَوْصِنِي قَالَ: أُوصِيكَ أَنْ تَكُونَ مَلِكًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ قَالَ: كَيْفَ لِي بِذَلِكَ؟ قَالَ: ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا.
ص72.
قال أبو الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَئِنْ حَلَفْتُمْ لِي عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ أَنَّهُ أَزْهَدُكُمْ، لَأَحْلِفَنَّ لَكُمْ أَنَّهُ خَيْرُكُمْ.
قال الحسن: وَاللَّهِ لَقَدْ عَبَدَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ الْأَصْنَامَ بَعْدَ عِبَادَتِهِمُ الرَّحْمَنَ بِحُبِّهِمُ الدُّنْيَا.
ص73.
قال الصَّلْتُ بْنُ حَكِيمٍ: بَلَغَنَا أَنَّهُ أُوحِيَ إِلَى الدُّنْيَا أَنَّهُ مَنْ تَرَكَكِ فَاخْدُمِيهِ، وَمَنْ آثَرَكِ فَاسْتَخْدِمِيه ِ.
ص74.
قال هِشَام الثَّوْرِيُّ: كَانَ يُقَالُ: إِنَّمَا سُمِّيَتِ الدُّنْيَا، لِأَنَّهَا دَنِيَّةٌ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْمَالُ لِأَنَّهُ يَمِيلُ بِأَهْلِهِ.
ص75.
عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ، {إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ} [ص: 46] قَالَ: أَخْلَصْنَاهُمْ [ص:78] بِذِكْرِ الْآخِرَةِ.
ص77.
قَالَ عَوُنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: زَهْرَةُ الدُّنْيَا غُرُورٌ وَلَوْ تَحَلَّتْ بِكُلِّ زِينَةٍ وَالْخَيْرُ الْأَكْبَرِ غَدًا فِي الْآخِرَةِفَنَح ْنُ بَيْنَ مُسَارِعٍ وَمُقَصِّرٍ.
ص79.
كَانَ يُقَالُ: مَثَلُ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يُجْمَعَ لَهُ الْآخِرَةُ وَالدُّنْيَا مَثَلُ عَبْدٍ لَهُ رَبَّانِ لَا يَدْرِي أَيَّهُمَا يُرْضِي.
قَالَ أَبُو مُوسَى: إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا فِتْنَةٌ مُنْتَظَرَةٌ، وَكَلٌّ مُحْزِنٌ.
قال مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ: الدُّنْيَا كُلُّهَا قَلِيلٌ، وَقَدْ ذَهَبَ أَكْثَرُ الْقَلِيلِ، وَبَقِيَ قَلِيلٌ مِنَ الْقَلِيلِ.
ص81.
قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَا أَكْثَرُ أَشْبَاهِ الدُّنْيَا مِنْهَا.
قَالَ السَّرِيُّ بْنُ يَنْعُمَ، وَكَانَ مِنْ عُبَّادِ أَهْلِ الشَّامِ: بُؤْسًا لِمُحِبِّ الدُّنْيَا، أَتُحِبُّ مَا أَبْغَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ؟
قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَا تَحْزَنْ أَنْ يُعَجَّلَ لَكَ كَثِيرٌ مِمَّا تُحِبُّ مِنْ أَمْرِ دُنْيَاكَ إِذَا كُنْتَ ذَا رَغْبَةٍ فِي أَمْرِ آخِرَتِكَ.
ص82.
قال أبو عبد الله الأنطاكي: لَيْسَ شَيْءٌ خَيْرًا لَنَا مِنْ أَنْ لَا نَمْتَحِنَ بِالدُّنْيَا.
ص87.
قال مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: بِقَدْرِ مَا تَفْرَحُ لِلدُّنْيَا كَذَلِكَ تُخْرِجُ حَلَاوَةَ الْآخِرَةِ مِنْ قَلْبِكَ.
ص100.
قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا رَاحَةُ الْقَلْبِ وَالْبَدَنِ.
ص106.
كَتَبَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ إِلَى أَخٍ لَهُ، فَقَالَ فِي كِتَابِهِ: ارْفُضْ يَا أَخِي حُبَّ الدُّنْيَا، فَإِنَّ حُبَّ الدُّنْيَا يُعْمِي وَيُصِمُّ.
ص108.
قال عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ: الدُّنْيَا أَمَدٌّ، وَالْآخِرَةُ أَبَدٌ.
ص109.
قال سُفْيَانُ الثَّوْرِيِّ: كَانَ مِنْ دُعَائِهِمْ: اللَّهُمَّ زَهِّدْنَا فِي الدُّنْيَا، وَوَسِّعْ عَلَيْنَا مِنْهَا، وَلَا تَزْوِ بِهَا عَنَّا وَتُرَغِّبْنَا فِيهَا.
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ: أَلَا حُرٌّ كَرِيمٌ يَغْضَبُ عَلَى الدُّنْيَا؟
ص115.
قَالَ شُرَيْحٌ: تَهُونُ عَلَى الدُّنْيَا الْمَلَامَةُ، إِنَّهُ حَرِيصٌ عَلَى اسْتِخْلَاصِهَا مَنْ يَلُومُهَا.
ص116.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: لَوَدِدْتُ أَنِّي مِنَ الدُّنْيَا فَرْدٌ كَالرَّاكِبِ الْغَادِي الرَّائِحِ.
قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ، مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلَّا ذِكْرَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَا أَدَّى إِلَيْهِ.
قَالَ مُطَرِّفٌ: لَوْ كَانَتْ لِي الدُّنْيَا كُلُّهَا فَسَلَبَنِيهَا بِشَرْبَةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَافْتَدَيْتُ بِهَا.
ص118.
قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: كَيْفَ يَفْرَحُ بِالدُّنْيَا مَنْ يَوْمُهُ يَهْدِمُ شَهْرَهُ، وَشَهْرُهُ يَهْدِمُ سَنَتَهُ، وَسَنَتُهُ تَهْدِمُ عُمْرَهُ؟
ص120.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَنْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا تَهَاوَنَ بِالْمُصِيبَاتِ ، وَمَنِ ارْتَقَبَ الْمَوْتَ سَارَعَ إِلَى الْخَيْرَاتِ.
ص125.
قال رجل من العباد: مَا تَكَامَلَتِ الْمُرُوءَةُ فِي امْرِئٍ قَطُّ إِلَّا لِذِي الْمَعْرُوفِ، وَهَانَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا.
كَتَبَ الْحَسَنُ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: سَلَامٌ عَلَيْكَ أَمَّا بَعْدُ، فَكَأَنَّكَ بِالدُّنْيَا لَمْ تَكُنْ، وَبِالْآخِرَةِ لَمْ تَزَلْ.
ص127.
قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: اتَّقُوا فُضُولَ الدُّنْيَا، فَإِنَّهَا رِجْسٌ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
ص128.
قال أبو سليمان الداراني: لَا يَصْبِرُ عَنْ شَهَوَاتِ الدُّنْيَا إِلَّا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مَا يَشْغَلُهُ مِنَ الْآخِرَةِ.
قال بعض الحكماء: مَنْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا مَلَكَهَا، وَمَنْ رَغِبَ فِي الدُّنْيَا خَدَمَهَا.
قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: تَعْمَلُونَ لِدُنْيَا صَغِيرَةٍ، وَتَتْرُكُونَ الْآخِرَةَ الْكَبِيرَةَ، وَعَلَى كُلِّكُمْ يَمُرُّ الْمَوْتُ.
ص134.
يتبع