السؤال :
لقد قمت في وقت سابق بسؤالكم عن حكم إنزال الجنين المصاب بتعطل في كامل الكلية ، وأخبرتكم أنه سيموت حين الولادة ، والحمد لله على قضائه فعلا توفي وقت الولادة ، وأفدتموني إلى عدم إنزاله ، الآن أنا أيضا حامل في الشهر السادس ، وأيضا الجنين عنده تعطل وتضخم في الكلية ، مما سبب في نقص الماء ، وصغر حجمه ، وكذلك حسب الرأي الطبي سيموت حين الولادة ، أو قبلها ، فهل يجوز لي إنزاله ؟ كذلك سألت الطبيبة هل سيتكرر الأمر في كل حمل ، فأخبرتني أن هذا الاحتمال كبير بسبب العمر ، أو الجينات ، فهل يجوز لي التوقف عن الحمل مستقبلا ؟
تم النشر بتاريخ: 2018-10-02

الجواب :
الحمد لله
أولا:
لا يجوز إسقاط الجنين إذا تم له أربعة أشهر ولو كان مشوها، أو يغلب على الظن موته عقب نزوله، إلا إذا كان في بقائه خطر محقق على حياة الأم.
وينظر: جواب السؤال رقم : (1978) ، ورقم : (12118) ، ورقم : (13319) .
فالحذر الحذر من إسقاط الجنين، فإنه قتل للنفس التي حرم الله.فإذا مات قبل الولادة أو بعدها، فاصبري واحتسبي، وأبشري بالأجر والثواب، فقد روى أحمد (19725 ) ، والترمذي (1021) عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِذَا مَاتَ وَلَدُ العَبْدِ قَالَ اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ : قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي، فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ، فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: مَاذَا قَالَ عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ، فَيَقُولُ اللَّهُ: ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتًا فِي الجَنَّةِ، وَسَمُّوهُ بَيْتَ الحَمْدِ) والحديث حسنه الألباني في "صحيح الترمذي".
ثانيا:
إذا قال الأطباء إن تكرر هذا التشوه محتمل احتمالا كبيرا؛ لأجل السن أو الجينات، فلا مانع من إيقاف الحمل؛ لما في الحمل، مع وفاة المولود غالبا ، من المشقة على الأم حسيا ومعنويا ، مع فوات القصد من الحمل ، وما يعين على تحمل آلام الوضع .
قال الشيخ ابن جبرين رحمه الله: " لا يجوز العلاج لقطع الحمل أو إيقافه إلا عند الضرورة، إذا قرر الأطباء " المعتبرون " أن الولادة تسبب إرهاقاً ، أو تزيد المرض ، أو يخاف من الحمل والوضع الهلاك خوفاً غالباً .ولا بد مع ذلك من رضى الزوج وموافقته على القطع أو الإيقاف، ثم متى زال العذر أعيدت المرأة إلى حالتها الأولى " انتهى من "فتاوى المرأة المسلمة" (2/ 977).
وينظر: جواب السؤال رقم : (118115) .
وإن قويت عزيمتك، ورغبت في الحمل، فلا حرج في ذلك، مع حسن الظن بالله تعالى، والإكثار من دعائه واللجوء إليه، فهو سبحانه الشافي المعافي، الرازق الوهاب تبارك وتعالى .فإن أعطاك الله ما تريدين ، فالحمد لله .
وإن حصل مكروه، فاصبري واحتسبي، ولن يضيع أجرك عند الله.
قال الله تعالى: (وَلَنَبْلُوَنّ كُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) البقرة/155- 157 .
وروى البخاري (1249) ومسلم (2632) واللفظ له عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قَالَ لِنِسْوَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ: (لَا يَمُوتُ لِإِحْدَاكُنَّ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ فَتَحْتَسِبَهُ، إِلَّا دَخَلَتِ الْجَنَّةَ) فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ: أَوِ اثْنَيْنِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: (أَوِ اثْنَيْنِ) ".
وروى البخاري (1381) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا مِنَ النَّاسِ مُسْلِمٌ، يَمُوتُ لَهُ ثَلاَثَةٌ مِنَ الوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الحِنْثَ، إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ).
وروى أحمد (15595) عن معاوية بن قرة، عن أبيه: " أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَأْتِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ ابْنٌ لَهُ، فَقَالَ لَهُ : النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَتُحِبُّهُ؟) فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَحَبَّكَ اللهُ كَمَا أُحِبُّهُ ، فَفَقَدَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ : ( مَا فَعَلَ ابْنُ فُلَانٍ؟ ) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَاتَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِيهِ: ( أَمَا تُحِبُّ أَنْ لَا تَأْتِيَ بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، إِلَّا وَجَدْتَهُ يَنْتَظِرُكَ؟ ) فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ ، أَلَهُ خَاصَّةً أَمْ لِكُلِّنَا؟ قَالَ: ( بَلْ لِكُلِّكُمْ ) ". وصححه محققو المسند.
وروى أحمد (16971) عن شرحبيل بن شفعة، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " إنه يقال للولدان يوم القيامة: ادخلوا الجنة ". قال: " فيقولون: يا رب حتى يدخل آباؤنا وأمهاتنا "، قال: " فيأتون " ، قال: " فيقول الله عز وجل: ما لي أراهم مُحْبَنْطِئين، ادخلوا الجنة "، قال: " فيقولون: يا رب آباؤنا "، قال: " فيقول: ادخلوا الجنة أنتم وآباؤكم " وصححه محققو المسند.
قال ابن الأثير في "النهاية": المحبنطىء بالهمز وتركه: المتغضب ، المستبطىء للشيء، وقيل: هو الممتنع امتناع طِلبة، لا امتناع إباء.
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (127177) .
نسأل الله أن يرزقك الذرية الصالحة، وأن يقر عينك بذلك.
والله أعلم.

موقع الإسلام سؤال وجواب