تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: عقبات في طريق الالتزام (5) حسن الخلق و التعامل مع النّاس.

  1. #1

    افتراضي عقبات في طريق الالتزام (5) حسن الخلق و التعامل مع النّاس.

    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى سادتنا من آل بيته الطاهرين المطهرين وأئمتنا من صحابته الراضين المرضيين والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين :
    وبعد :
    فكثيراً ما يجد أحدنا في صدره حرجاً من مسائلَ تقف عائقاً أمام التزامه واستقامته , وتحمله الحرقة التي يجدها في صدره على البحث عن سبيل للخلاص , وما أبرئ نفسي فأنا أول أولئك,فالاستقام وإن كانت ظاهرة على علانياتنا إلا أنّا نصارع بواطننا صراعاً شديداً على اتحادها مع الظاهر في الخير وجعلها مجلبةً لثناء الله علينا في الملإ الأعلى كما كانت ظواهرنا سببا في ثناء أهل الأرض وثقتهم العمياء في أهل الاستقامة والالتزام.
    وقد سبق أن وضعت كلام فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن محمد المختار الشنقيطي حفظه الله حول أربع عقبات على طريق الالتزام:
    عقبات في طريق الالتزام (1)
    http://majles.alukah.net/showthread.php?t=10884
    عقبات في طريق الالتزام (2)
    http://majles.alukah.net/showthread.php?t=10885
    عقبات في طريق الالتزام (3)
    http://majles.alukah.net/showthread.php?t=10885
    عقبات في طريق الالتزام (4)
    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=127066
    وهذه خامستها والحديث فيها سيكون عن ظاهرة تدمع لها العين ويتمزق لها القلب وتتقرح الأكباد إن كان في النفس إسلامٌ وإيمانُ.
    فكم ينقلب إلى أحدنا طرفه خاسئاً وهو حسيرٌ حين يسلب لبّه منظرٌ بهيٌّ تعلو محيا صاحبه وضاءة السّنّة من إعفاء للحية وتقصير للثوب ونظافة فيه وغض للبصر عن الكاسيات العاريات عن يمينه وشماله , ثمّ لا يلبث هذا الإعجابُ في قلبك إلا يسيراً حين يُفسده عليك سلوك وخلُق صاحبه وسوء تعامله مع النّاس.
    كنتُ في طائرةٍ متجهة إلى مكة المكرّمة وأمامي رجلان هذا ظاهرهما بل وجمّلهما الإحرام الذي كانا يرتديانه , وحصل أن احتاجت امرأة لا محرم معها إلى مساعدتهما لها بأن يتنازلا عن جلوسهما بجانب بعضهما ويتفرقا ليعاد ترتيب المقاعد ولتكون هي بجانب امرأة مثلها ولا تتعرض للحرج بالركوب جوار رجل.
    فجاء المضيف يستأذنهما فجاء الرد قاسياً غير متوقع حيث أبى أحدهما وأصرّ على أنه لا دخل له بها وأنهما لن يتركا مقاعدهما المتجاورة لأجلها , وأن عليها أن (تدبر نفسها) فعادت حسيرة كسيرة رغم الزحام الشديد في الطائرة لتبحث لها عن كرسي ولو في آخر الطائرة , وقلت حينها : لو كانت تلك أمي أو أم أحدهما كيف يكون وقع هذه الفظاظة على قلوبنا..!!
    دكتورٌ في الفقه الإسلامي يدخل عليه العامل جالباً له الماء البارد في صيف حار فينهره بلفظ (هيه تعال هنا) ويعاتبه على عدم إعطاء الماء للدكتور الآخر الذي معه والعاملُ قد قدمه له من قبلُ فقال له إنه لا يريده فلمّا اعتذر إليه بذلك لم يعتذر أو يتنازل عن لومه الذي كان في غير محله أمام 20 طالبا أو يزيدون بل قال له (يلاّ جيب موية ثاني) فرأيته أمامي منكسر النّفس مجروح القلب لا حول له ولا قوة ولا نصير.!!
    إمامُ مسجدٍ على منبر الجمعة يرى سائلاً يتكفف النّاس فيوبخه من على منبره قائلاً: هؤلاء مجرمون ويفعلون ويفعلون ولا تعطوهم ولا... ولا..... ولا..... ولا.... وأكثر من 700 مصلٍ يزلقونه بأبصارهم , ولا أستطيع وصف ما آلت إليه نفسه من الحسرة والخجل والندم إضافة إلى ما سبق ذلك من فقر وعوز ألجآه للسؤال والتكفف.
    والكثير الكثير مما لا حصر له من مواقف ومآسٍ تمر بي وبك وقد نكون -إن لم يعصمنا الله بفضله- أبطالها يوماً دون أن نشعر بما خلفناه من تشويه للدين والالتزام والصد عن سبيل الله حين يعمد بعض الجهلة إلى سحب هذه الصورة الشوهاء على كل متدين ولا حول ولا قوة إلا بالله.
    قال فضيلة الشيخ محمد المختار الشنقيطي - حفظه الله- في شرح عمدة الفقه :
    الإحسان إلى الناس من أسباب رحمة الله بالعبد، وكم من مذنب خطاء كثير الذنوب والعيوب سترها الله عز وجل بستره ، وتولاه برحمته ، وشمله ببره وغفر له ما كان من زلـله وخطئه بفضله سبحانه وتعالى ثم بإحسان العبد فيما بينه وبين الناس .
    (( مر رجل على غصن شوك فرآه في الطريق فقال والله لأنحينه عن طريق المسلمين لا يؤذيهم فزحزحه عن الطريق فغفر الله له ذنوبه )) لأنه نوى للمسلمين الخير، ولذلك انظر كيف غصن شوك قال بعض العلماء : ليس الأمر في غصن الشوك ، ولكن الأمر بدأ من قوله : (( لأنحينه عن طريق المسلمين )) رجل قلبه متفطر رحمة بالمسلمين ولا يريد الشر لهم ولا يريد الضر بهم ، ويريد أن يرحمهم فرحمه الله عز وجل ، فإذا نوى أن يحسن لهذه الأمة كلها وأن يزيل هذا الغصن عن طريقهم فزحزحه عن الطريق فغفر الله له ذنوبه .
    وفي بعض الروايات : (( فزحزحه الله به عن نار جهنم )) فالعبد إذا ستر الناس ستره الله ، وإذا أحسن إلى الناس أحسن الله إليه ، فالأخذ بأسباب الرحمة . من أسباب الثبات على التوبة ؛ ولذلك تجد بعض الأخيار والصالحين إذا استقام في طاعته لربه فإن الله يثبته ؛ لأنه بمجرد أن يستقيم يبحث كيف يرضي الله سبحانه وتعالى ، ويستقيم بصدق وحق
    .انتـــهى
    ويقول حفظه الله في محاضرته (وصية نبوية):
    حسن الخلق وصية بينك وبين خلق الله، سيرة عطرة، ومواقف جميلة جليلة، نظرة تحقق بها الإسلام والعبودية والهداية والالتزام، هذه الوصية العظيمة قسمة من الله جل وعلا، لا يعطيها إلا من أحب، ألا وهي الخلق الحسن، الذي سئل عنه النبي يوماً من الأيام، سأله الصحابة رضوان الله عليهم وكلهم شوق إلى رحمة الله وجنته، سمعوا القرآن يدعوهم إلى الجنة، فوجهوا السؤال إلى رسول الله عن هذه الجنة التي وصفها الله في كتابه، أي شيء يكون سبباً في دخولها؟ وما هو أكثر ما يدخل الناس إلى الجنة؟ فقال : (تقوى الله، وحسن الخلق) أكثر ما يُدخل الناس إلى الجنة تقوى الله وحسن الخلق. وإذا نصبت الموازين ونشرت الدواوين، فإن الإنسان أحوج ما يكون إلى الحسنات، حتى إذا قدم على الله جل وعلا وفي صحائف أعماله الأخلاق الكريمة ثقل الله ميزانه بها، قال : (أثقل شيء في الميزان: تقوى الله وحسن الخلق). وإذا دخلت إلى الجنة كانت أمنيتك مرافقة النبيين وجوار الصالحين مع الذين أنعم عليهم رب العالمين، نسأل الله العظيم أن يبلغنا الجنة بمنه ورحمته وهو أرحم الراحمين. يدخل العبد الجنة وكله شوق أن تكون منزلته في أعالي المنازل، فإذا دخلها وكان طيب الخلق رفعت درجاته ومنازله، ورأى أمام عينيه عواقب الأخلاق الحميدة، ومعاملة الناس والعطف عليهم، والشفقة على المسلمين وتفريج النكبات والفجائع عن المنكوبين، رآها أمام عينيه جزاءً وفاقاً، فما جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلَّا الإِحْسَانُ، رآها عند رب كريم منان لا يضيع عمل العاملين وسعي الساعين، قال يشير إلى هذا المعنى: (ألا أنبئكم) أي: ألا أحدثكم، ألا أخبركم، فنبأنا بأمر غيبـي لا تراه عيوننا ولا تسمعه آذاننا، عالم غير العالم الذي نحن فيه، ألا أنبئكم عن أمر من غيب أطلعه الله علي جل جلاله: (ألا أنبئكم بأقربكم مني مجلساً يوم القيامة) فما أعظمها من كلمة! وما أعظمه من وصف! (ألا أنبئكم بأقربكم مني مجلساً يوم القيامة، أحاسنكم أخلاقاً، الموطئون أكنافاً، الذين يألفون ويؤلفون) أن تكون مسلماً منقاداً لله مستسلماً، قد سلم المسلمون من يدك ولسانك وزلات جوارحك وأركانك، تستقيم على طاعة الله، حتى إذا رآك العبد كأنه يرى شمائل كتاب الله وسنة رسوله ، إن من الأخيار من لو رأيته ذكرت الله عند رؤيته، من الأخيار من إذا سمعت قوله في حال الغضب أو سمعت قوله في حال الرضا علمت أن وراء هذا القول قلباً يخاف الله جل جلاله، الأخلاق الحميدة تعيش بها حميداً، وتموت بها قرير العين راضياً عن ربك سعيداً، مات أناس وهم في الناس أحياء بسيرتهم العطرة وأخلاقهم الجليلة الجميلة النظرة، عاشوا في الناس وهم أموات في القبور، يذكرون بالجميل، ويترحم عليهم الحقير والجليل، فرحمة الله على تلك القلوب المؤمنة، وتلك الجوارح التي أرادت وجه الله جل جلاله في سعيها.
    أحبتي في الله! الأخلاق عطية من الله لا بالتملق والنفاق والرياء، ولا بالكلمات المعسولة والقلوب التي مُلئت حمقاً وغيظاً على المسلمين، ولكن قول سديد وعمل صالح رشيد، تعلم أن وراءه عبداً يرجو الوعد ويخاف الوعيد.
    وفي خاتمتها نبه إلى الضعفاء بقوله:
    أحق الناس بالخلق الحسن الضعفاء والفقراء واليتامى والثكالى، فتواضع لهم فإن رحمة الله في التواضع لهم، وأدخل السرور عليهم فمن سرهم سره الله يوم المساءة، تفقد عورات المسلمين والضعفة والمحتاجين، وافتح قلبك لهمومهم وأحزانهم، واحتسب عند الله جل جلاله، فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، ولعل مالاً تنفقه يحجبك الله به عن النار، ولعل كربة تفرجها يفرج الله عنك بها كربة يوم القرار، احتسب عند الله في ضعفة المسلمين فإنهم أحق الناس بعطفك وحنانك، واحتسب عند الله جل وعلا ألا يراك العبد إلا على فعل جليل، وألا يسمع الناس منك إلا القول الجميل
    .انتــهى
    وبانتظار إضافات المشايخ والإخوة حول موضوع حاجتنا إلى إحسان التعمل مع النّاس طاعةً لله وبراءة من الصد عن سبيله وتشويه صورة المتدينين.
    لأنّ هذه التصرفات وإن كانت في مقابل الحسنات والخير الذي يظهر على الأكثرين لا تعد شيئا عندنا, ولكنها كبيرة عظيمة في عيون من أحاط المتدينين بهالة إجلال تحمله على استشناع واستفظاع كل زلل وخطأ , كما أن لون هذه المساوئ ينتشر انتشار الحبر على اللباس فيتشوه المظهر.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    الدولة
    ~ المــرِّيـْـخ ~
    المشاركات
    1,261

    افتراضي رد: عقبات في طريق الالتزام (5) حسن الخلق و التعامل مع النّاس.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو زيد الشنقيطي مشاهدة المشاركة
    فكم ينقلب إلى أحدنا طرفه خاسئاً وهو حسيرٌ حين يسلب لبّه منظرٌ بهيٌّ تعلو محيا صاحبه وضاءة السّنّة من إعفاء للحية وتقصير للثوب ونظافة فيه وغض للبصر عن الكاسيات العاريات عن يمينه وشماله , ثمّ لا يلبث هذا الإعجابُ في قلبك إلا يسيراً حين يُفسده عليك سلوك وخلُق صاحبه وسوء تعامله مع النّاس.
    قال فضيلة الشيخ محمد المختار الشنقيطي - حفظه الله- في شرح عمدة الفقه :
    [COLOR="Navy"]الإحسان إلى الناس من أسباب رحمة الله بالعبد، وكم من مذنب خطاء كثير الذنوب والعيوب سترها الله عز وجل بستره ، وتولاه برحمته ، وشمله ببره وغفر له ما كان من زلـله وخطئه بفضله سبحانه وتعالى ثم بإحسان العبد فيما بينه وبين الناس . .......
    لأنّ هذه التصرفات وإن كانت في مقابل الحسنات والخير الذي يظهر على الأكثرين لا تعد شيئا عندنا, ولكنها كبيرة عظيمة في عيون من أحاط المتدينين بهالة إجلال تحمله على استشناع واستفظاع كل زلل وخطأ , كما أن لون هذه المساوئ ينتشر انتشار الحبر على اللباس فيتشوه المظهر.
    جزاك الله خيرا . .
    مصائبنا والله بسبب هؤلاء ذوي الوجوه المتلونة والمتعددة . .
    والمصيبة كيف نميز الخبيث من الطيب ؟
    كفانا الله شرهم ، ورد كيدهم في نحورهم .
    يا ربِّ : إنَّ لكلِّ جُرْحٍ ساحلاً ..
    وأنا جراحاتي بغير سواحِلِ !..
    كُل المَنافي لا تبدد وحشتي ..
    ما دامَ منفايَ الكبيرُ.. بداخلي !

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •