12- (لا يُنسَب إلى ساكت قولٌ، ولكن السكوت في معرض الحاجة بيان).
ومعنى القاعدة: أنَّ السكوت لا يُعْتَدُّ به، ولا يجوز أن نَنْسِب لساكت قولًا لم يقله، أو نحمل سكوته على معنى قول قد لا يكون يريده؛ لأنَّ الأصل في المعاملات وتحمُّل التبعات هو اللفظ أو الفعل، فما لم يوجد فيه اللفظ أو الفعل، لا يجوز بناء الحكم فيه على السكوت. ولكنَّ السكوت قد يكون بيانًا؛ كاللفظ؛ وذلك في كل موضع تمس الحاجة فيه إلى البيان([1]).
فهذه القاعدة تتكون من فقرتين؛ والفقرة الأولى منها هي الأصل؛ لأن المعاملات منوطة بالعقود والألفاظ الصريحة؛ ففي العقود والمعاملات لا بد أن يُصَرِّح كلُّ طرف بما يريد؛ فإنْ لَمْ يُصَرِّح، فلا يؤخذ من سكوته إذن؛ لأنَّ عدم إذنه هو اليقين، وهذا اليقين لا يزول بالشك فيه؛ وإنما يزول بيقين مثله؛ وهو أنْ يُصرِّح بالرضى أو بالإذن.
ومن التطبيقات على الشطر الأول من هذه القاعدة:
- إذا باع شخص سلعة غيره أمامه، فلم ينهه صاحبُ السلعة، فلا يعدُّ هذا السكوت إجازة للبيع؛ لأنه قد يكون سكت لأمر ما.
- إذا أتلف شخص مال آخر أمامه، فلا يعدُّ سكوته إذنًا، وعلى المتْلِف الضمان.
- لو سكتت الثيِّب عند الاستئذان في النكاح، لم يقم مقام الإذن.
وأما الفقرة الثانية من هذه القاعدة فهي كالاستثناء من الفقرة الأولى؛ إذ استثنى الفقهاء بعض المسائل، واعتبروا السكوت فيها كالنطق؛ والمسائل المستثناة ليس لها ضابط معيَّن.
ومن التطبيقات على الشطر الثاني من هذه القاعدة:
- سكوت الشفيع عن طلب الشفعة بعد علمه بالبيع؛ إذ جُعل سكوته كالتصريح بإسقاط الشفعة؛ لدفع الضرر عن المشتري.
- سكوت البِكْر عند الاستئذان في النكاح؛ إذ جُعِل سكوتها كالتصريح بالرضى؛ لأجل حالها الموجبة للحياء عن بيان الرغبة في الرجال.
[1])) انظر: «موسوعة القواعد الفقهية» (8/ 1094).