أم أبرموا أمراً فإنا مبرمون


أبو الهيثم محمد درويش


أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ * أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ
التصنيفات: التفسير -
{أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ} :
هل يبرم المعاندون المكذبون المعادون لله وأوليائه أمراً دون علم الله أو تحت عينه وسلطانه؟
أبداً والله , وتاريخ الإنسان شاهد على كل الحكايا والنهايات وإلا فأين هم الآن والموت حقيقة حتمية , هم بين يدي ما عادوه وعاندوه , فأين المكر وأين الحيل , والله لن تغني أي شيء.
هم يكيدون و يدبرون تحت عين الله وسمعه , ولكن عميت بصائرهم عن إدراك الحقيقة المطلقة وهي أنهم دائماً في قبضة من يعادونه وأن كل همسة ونفس يخرج من صدورهم يحصيه عليهم.
قال تعالى:

{ أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ * أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ } [ الزخرف 79-80]
قال السعدي في تفسيره:
يقول تعالى: أم أبرم المكذبون بالحق المعاندون له { {أَمْرًا } } أي: كادوا كيدا، ومكروا للحق ولمن جاء بالحق، ليدحضوه، بما موهوا من الباطل المزخرف المزوق، { {فَإِنَّا مُبْرِمُونَ } } أي: محكمون أمرا، ومدبرون تدبيرا يعلو تدبيرهم، وينقضه ويبطله، وهو ما قيضه اللّه من الأسباب والأدلة لإحقاق الحق وإبطال الباطل، كما قال تعالى: { {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ} }
{ {أَمْ يَحْسَبُونَ} } بجهلهم وظلمهم { {أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ} } الذي لم يتكلموا به، بل هو سر في قلوبهم { {وَنَجْوَاهُمْ } } أي: كلامهم الخفي الذي يتناجون به، أي: فلذلك أقدموا على المعاصي، وظنوا أنها لا تبعة لها ولا مجازاة على ما خفي منها.
فرد اللّه عليهم بقوله: { {بَلَى} } أي: إنا نعلم سرهم ونجواهم، { {وَرُسُلُنَا} } الملائكة الكرام، { {لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} } كل ما عملوه، وسيحفظ ذلك عليهم، حتى يردوا القيامة، فيجدوا ما عملوا حاضرا، ولا يظلم ربك أحدا.