معركة حماة سنة 573 هـ

د. محمد منير الجنباز


في جمادى الأولى سنة 573 هـ


سببها: وصول قائد صليبي كبير[1] إلى ساحل الشام ومعه جيش ضخم، وكان يبحث عن مدينة يحتلها ليَغيظَ صلاح الدين، كما أن حملة صلاح الدين على الرملة من مصر فشِلت وعاد إلى مصر، وأصبحت بلاد الشام خالية من جيش كبير يمنع مدنها؛ لهذا قصد هذا الجيش مع مَن ساعده من الصليبيين بالشام مدينة حماة، وكان واليها خال صلاح الدين شهاب الدين محمود، وهو من الشجعان المعدودين، إلا أنه كان مريضًا مرض الموت، فأحاط الصليبيون بالمدينة وجرت معارك شديدة على الأسوار، وجند حماة النظامي يدافعون ببسالة، إلا أنهم قلة أمام الهجوم الصليبي، مما أدى إلى اختراقهم لبعض الأسوار ودخولهم طرف البلد الجنوبي، وكادت تؤخذ حماة عَنوة لولا أن هب رجالها يساندون القوات النظامية ويحامون عن النفس والأهل، فدارت رحى حرب طاحنة حتى صدوا الإفرنج من تلك الناحية، وأخرجوهم إلى ظاهر المدينة، ثم تابعوهم خارج المدينة يقتلون منهم ويأسرون، وفرَّ الإفرنج خائبين، وقد دامت تلك المعارك أربعة أيام، وبعد رحيلهم توفي شهاب الدين محمود.

وفي سنة 574 في ربيع الأول عاد الإفرنج لغزو حماة، فزحفوا بفارسهم وراجلهم وأسروا ونهبوا من قُراها، فخرج لهم جيش حماة، وهو قليل العدد، لكنه توكَّل على الله، فالتقوا معهم فهزموهم بإذن الله، فأسروا وقتلوا الكثير، وأعادوا جميع الأسرى المسلمين وما نهبه الإفرنج، وكان صلاح الدين بحمص، فحملت إليه الرؤوس والأسرى، فسُرَّ بذلك.



[1] ذكره ابن الأثير باسم كند كبير، من أكبر طواغيت الإفرنج، ولعل كند تعني "ملك".