الحكم الشرعي لجراحة إصلاح غشاء البكارة
أ. د. عبد الله مبروك النجار
الحكم الشرعي لجراحة إصلاح غشاء البكارة
دراسة فقهية مقارنة
لفضيلة الأستاذ الدكتور عبد الله مبروك النجار بحث مقدم إلى مؤتمر مجمع البحوث الإسلامية
الثالث عشر في 13 ربيع أول 1430هـ- 10 مارس 2009م
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد بن عبد الله الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه ومن سار على منوال شريعته واتبع منهاج دينه إلى يوم الدين.. وبعد:
فإن غشاء البكارة يمثل رمزًا لعفة الفتاة التي لم يسبق لها الزواج، ودليلاً على طهر سلوكها واستقامة مَسلكها، ولهذا كانت المحافظة عليه تجسيدًا لتلك المعاني، ودليلاً على أن الفتاة لم ترتكب من الأفعال ما ينال من عذريتها أو يمس مواطن الشرف والاعتبار فيها، ونظرًا لما يمثله غشاء البكارة من أهمية في التكوين البدني والأدبي للفتاة، فقد تلقفته أعراف الأمم التي استقام سلوكها على هدى أديان السماء، وجعلته قيمة اجتماعية تفخر بها العائلات، وتعتز بمحافظة بناتهم عليها، كما تشمخ بها الأسر، وتعتبرها دليلاً على حسن التربية، وصلاح الأحوال، وتتويجًا لما آثروا التمسك به من القيم الرفيعة، والمثل الكريمة التي يتجاوز الشرف فيها مكان البكارة من الفتاة إلى كل أفراد أسرتها، وقد يكون المساس به مدخلاً لعداوات تزهق فيها الأرواح، وإحن تراق فيها الدماء، كما قد يكون وجوده في ليلة زفاف الفتاة لزوجها سببًا لقيام الأسرة، واستمرار مسيرتها، كما أن فقده أو المساس به يمثل حجر عثرة أمام ثقة الزوج بمن اختارها شريكة لحياته، ويلقي به في أتون الشك والريبة اللذين لا تستقيم بهما حياة، ولا تستمر معهما عشرة، ومن ثم كان حرص الكثيرين- لا سيما أهل الفتاة- يقظًا متوثبًا ليلة زفافها، ولا يهدأ لهم بال حتى يطمئنوا عليه، وليعلنوا على الملأ أنهم فخورون به سعداء بالمحافظة عليه، وليتلقوا التهاني من أحبابهم وجيرانهم وذوى المودة لهم.
أهمية البكارة في الشرع والعرف:
ويمكن القول: إن لتلك الأعراف المتصلة بغشاء البكارة لمن لم يسبق لها الزواج وما يحيط به من المعاني الداعية للحرص عليه، والمحافظة على وجوده، صلة بالمبادئ الدينية والأحكام الشرعية المتعلقة بالمحافظة على العرض، والتمسك بالشرف والفضيلة، ليس لأنها من مكارم الأخلاق التي يعتز بها الناس ويفخرون، وإنما لأنها- مع ذلك- تمثل أحد الأعضاء الجسدية التي تنفرد بها المرأة، وتمثل أخص مواطن العفة والحياء من بدنها، ولهذا كان التعدي عليها بالإتلاف، أو اقتراف إثم الزنا عملاً مؤثمًا شرعًا، يستحق العقوبة المقررة لمن يعتدي على عرض أنثى بفعل الوقاع المحرم شرعًا، ويجب الضمان بالتعدي عليه، وفي هذا يقول ابن قدامة: "وإن أكره امرأة على الزنا فأفضاها، لزمه ثلث ديتها ومهر مثلها؛ لأنه حصل بوطء غير مستحق ولا مأذون فيه، فلزمه ضمان ما تلف به كسائر الجنايات"، وهل يلزمه أرش البكارة مع ذلك؟ فيه روايتان: إحداهما: لا يلزمه؛ لأن أرش البكارة داخل في مهر المثل فإن مهر المثل أكثر من مهر الثيب، والتفاوت بينهما هو عوض أرش البكارة، فلم يضمنه مرتين، كما في حق الزوجة، والثانية: يضمنه؛ لأنه محل أتلفه بعدوانه فلزمه أرشه، كما لو أتلفه بإصبعه، وقال الشافعي: "يضمن؛ لأن المأذون فيه الوطء دون الفتق، فأشبه ما لو قطع يدها"، وقول الشافعي هنا هو الذي عليه جمهور فقهاء الشافعية في قول ثان لهم، حيث ذهبوا فيه إلى أن الزوج إن أزال البكارة بيده، أو بغير ذكره يكون عليه أرش العذرة، وهو قول المالكية الذين ذهبوا إلى أن الزوج إن أزال بكارة زوجته بإصبعه تعمدًا يلزمه حكومة عدل "أرش" يقدره القاضي، وأضافوا: أن إزالة البكارة بالإصبع حرام ويستحق الزوج التأديب بسببه، وجاء في حاشية الروض المربع: "وفي أرش البكارة ثلث الدية"، وذكر ابن عابدين في حاشيته على الدر المختار: "ويعتبر مهر المثل في البكارة والثيوبة"، ومفاد هذا: أن للبكارة قيمة محفوظة إذا وقع الاعتداء عليها فإنها تضمن بما يجبرها ويعوض المعاني المبنية عليها.
البكارة رمز للشرف والسلامة:
وكما يبدو من تلك النصوص وغيرها فإن بكارة الفتاة- بجانب كونها رمزًا لعفتها وشرفها وطهارتها- تمثل أحد مكونات بدنها التي تستحق التعويض عنها إذا أزيلت عبثًا أو إذا وقع اعتداء عليها، ومن ثم يظهر جليًّا أن للفتاة وأسرتها مصلحة في بقائه، وفائدة ذات أبعاد مادية وأدبية في المحافظة عليه؛ كما أن للمجتمع كله مصلحة أدبية في المحافظة على بكارة بناته حتى تشيع الفضيلة فيهن، فلا تجد التيارات المنحرفة سبيلاً إليه، ولا تنال الأفكار الضالة من الأخلاق الفاضلة فيه.
صعوبة بيان الحكم في المسألة:
وإذا كان وجود غشاء البكارة في الفتاة سليمًا كما خلقه الله، يعد تجسيدًا لكل تلك المصالح الفردية والأسرية والاجتماعية، تكون مسألة إعادة رتقه- مما يكون قد اعتراه من فتق أو إزالة بسبب من الأسباب المؤدية لذلك- أمرًا مطلوبًا بالقدر الذي تقتضيه المحافظة عليها.
بيد أن ذلك العمل قد لا يكون خاليًا من المفاسد التي تجعل الركون إليه خالصًا مما يكدره، ولهذا يظل القول بمشروعيته أمرًا يحتاج إلى بحث ودراسة، لا سيما بعد أن كثر النقاش فيه، واشتد الخلاف حول مشروعيته واحتد، وذلك ما سوف تنطوي عليه تلك الدراسة بعون الله وتوفيقه.
خطة الدراسة:
وسوف تنقسم هذه الدراسة- بعد تلك المقدمة- إلى مبحثين:
أولهما: لبيان مناط الحكم الشرعى في جراحة رتق غشاء البكارة.
ثانيهما: لبيان أقوال الفقهاء في مشروعية جراحة رتق غشاء البكارة وأدلتهم.
الخاتمة: وتتضمن بيان الرأى الراجح في الموضوع.
المبحث الأول: التعريف بالبكارة وأهميتها، ومناط الحكم في جراحة رتقها
وفي هذا المبحث مطلبان، أولهما: لبيان التعريف بالبكارة، وأهميتها في عقد النكاح.
وثانيهما: لبيان مناط الحكم الشرعى للجراحة التي تجرى لرتق غشاء البكارة.
المطلب الأول: التعريف بالبكارة وأهميتها في عقد النكاح
الفرع الأول: التعريف بالبكارة
يقصد بالبكارة لغة: عذرة المرأة وهى الجلدة الرقيقة التي خلقها الله في مدخل قُبل المرأة، وتزول بمعاشرتها عادة على نحو ما يحدث بين الزوج وزوجته، فإذا زالت أصبحت المرأة ثيبًا وتحول وضعها من عذراء إلى ثيب، والمرأة البكر هي التي لم يفتض غشاء بكارتها، ويقال للرجل بكر: إذا لم يقرب النساء.
وفي اصطلاح الفقهاء:
قال الحنفية: البكر اسم لامرأة لم تجامع بنكاح ولا غيره، فمن زالت بكارتها بغير جماع كوثبة، أو اندفاع حيض، أو حصول جراحة، أو طول عنوسة حتى خرجت من عداد الأبكار، فهي بكر حقيقة وحكمًا.
وعند المالكية: هي المرأة التي توطأ بعقد صحيح أو عقد فاسد جرى مجرى الصحيح، أو لم تزل بكارتها أصلاً.
وعند الشافعية: البكر هى التي ترادف العذراء لغةً وعرفًا، وهى التي لم تزل بكارتها أصلاً، والتسوية بينهما معتبرة بحسب العرف.
وعند الحنابلة: هي التي لم يسبق لها الزواج ولم تزل بكارتها بوطء سابق، أو هي التي لم تمارس الرجال بالوطء في محل البكارة، وذلك في قول عندهم.
وكما يبدو من تلك التعريفات، فإن وجود غشاء البكارة في مدخل فرج الفتاة أو ما يسمى "العذرة" يعد قرينة معتبرة على أن أحدًا لم يبكر إلى فضه بمعاشرتها أو التعدي عليها، وأنها ما زالت به عذراء لم يمسسها ذكر بسوء، وإن كان عدم وجوده لا يعنى أن الفتاة مارقة أو سيئة السلوك.
البكارة تقابل الثيوبة:
والبكارة بهذا المعنى تقابل الثيوبة، فالثيب هي المرأة التي زالت بكارتها بالوطء ولو حرامًا، وهى ضد البكر، أو غير العذراء التي زالت عذرتها فصارت ثيبًا، ومنه: الثوب، أي اللباس، كأن المرأة قد سبق لها اللباس من الرجل وصار لباسًا لها؛ كما صارت لباسًا له؛ كما قال- سبحانه-: }هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ{، أو هي من المثابة، بمعنى الملجأ، كأنها قد أصبحت ملجأ لمن أراد أن يسكن إليها، ومن ذلك قول الله- تعالى-: }وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ{، أو من المثاوبة، بمعنى المعاودة، كأن الثيب صارت محلاً للمعاودة المعهودة إليها.
الفرع الثاني: أهمية البكارة في عقد النكاح
تبدو أهمية البكارة في عقد النكاح من الوجوه الآتية:
1. أن البكارة مقصودة كوصف لحال الفتاة عند النكاح: تعد البكارة أحد عوامل تفضيلها في الزواج منها، فقد جاء في السنة ما يدل على الترغيب في الزواج بالأبكار، وذلك فيما رواه الشيخان عن جابر رضي الله عنه قال: تزوجت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تزوجت؟، فقلت: ثيبًا، فقال: مالك وللعذارى ولعابها، وفي رواية: هلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك، وفي رواية: ولعابها- بضم اللام- وهو الريق إشارة إلى مص اللسان ورشف الشفة الذي يحصل عند الملاعبة، وقد دل هذا الحديث الشريف على الترغيب في الزواج من الأبكار، وهذا يفيد أن قصد البكر في الزواج مما يوافق تلك السنة النبوية الشريفة؛ كما أن في البكر نوعًا زائدًا من الحياء الذي يميل بها نحو التعفف عن الإفراط في طلب المعاشرة ويجعلها رهن طلب الزوج وطوع رغبته هو، وهذا مما يريحه، ولن يكون معها في موازنة مع من سبقه في الزواج منها حيث لا يأمن أن تكون تلك الموازنة في صالحه، فيقضى حياته معها مترددًا بين الشك والحيرة فلا يشعر بمتعة السكون إليها أو الركون لحياتها ومهر البكر.
2. ارتفاع مهر البكر عن مهر الثيب: غالبًا ما يكون مهر البكر أكثر من مهر الثيب، ومن ثم كان فوات وصف البكارة على الزوج مما يضر به ماليًّا، فيما لو دفع مهر بكر فاستبان أنها ثيب، ويكون له أن يسترد ما دفعه زائدًا على مهر مثل تلك الزوجة؛ لأنه قابل الزيادة بما هو مرغوب فيه، وقد فات فلا يجب بما قوبل به، ولو اشترط الزوج بكارة الزوجة فوجدها ثيبًا، فقد اختلف الفقهاء في رد النكاح والرجوع فيه بسبب تخلف وصف البكارة، على قولين:
أولهما: للحنفية: وحاصل قولهم: أنه لا يثبت بتخلف شرط البكارة فسخ العقد، ووافقهم المالكية في ذلك، إلا إذا كان الأب يعلم بثيوبتها وكتم، أو اشترط البكارة فوجدها ثيبًا سواء كان الأب يعلم بذلك أو لا يعلم، وهو أظهر القولين عند الشافعية والحنابلة.
ثانيهما: للمالكية وحاصل قولهم: أنه يجوز فسخ العقد إذا كان الأب يعلم بثيوبة ابنته وكتم، أو اشترط الزوج البكارة فوجدها ثيبًا، وهو قول ثان عند الشافعية والحنابلة.
دليل القول الأول:
وقد استدل أصحاب القول الأول لما ذهبوا إليه: بأن زوال البكارة لا يفوت مقصود النكاح وهو الاستمتاع بالمرأة، وربما كان الاستمتاع بالثيب خيرًا من الاستمتاع بالبكر عند الرجل وحملاً لأمرها على الصلاح يمكن اعتبار أن البكارة قد زالت بوثبة فتكون بكرًا حكمًا.
دليل القول الثاني:
وقد استدل أصحاب القول الثاني لما ذهبوا إليه بأن اختلاف الصفة في النكاح كاختلافه في العين؛ لأن النكاح يعتمد الصفات والأسماء دون التعيين والمشاهدة؛ كما أن البكارة وصف مرغوب فيه فلو فاتت لفاتت تلك الرغبة فيجوز الفسخ؛ ولأن كتمان الأب مع علمه دليل على تعمد الغش فيرد عليه قصده، وفوات البكارة بالشرط يجيز الفسخ بتخلفه.
وإذا كان للبكارة تلك الأهمية في عقد النكاح، فإن تخلفها بالكتمان على الزوج يعد غشًّا وتدليسًا في وصف مقصود، وينافي صدق البيان في علاقة لا يمكن أن تقوم إلا على الثقة والإخلاص، الأمر الذي يمثل تهديدًا خطيرًا لاستمرار الأسرة واستقرار أركانها.
الرأي الراجح في نظرنا:
ومع ذلك فإن الرأي الراجح في نظرنا هو القول الأول، وذلك لأنه هو الذي يتفق مع مقاصد التشريع الإسلامي في المحافظة على بقاء الأسرة ما أمكن، وحمل ظاهر حال الناس على الصلاح مع إحسان الظن بهم، ولأن فسخ العقد قد يكون مدخلاً لانحراف المرأة إذا عزف عنها الخطاب بسبب ذلك.
3. أثر البكارة في التعبير عن الرضا عند الزواج: وللبكارة أثر في التعبير عن الرضا عند الزواج؛ حيث يعد السكوت معها قرينة على الرضا والتعبير عنه، وقد اتفق الفقهاء على أن سكوت البكر البالغة عند استئذانها في النكاح يعد موافقة منها وتعبيرًا عن رضاها به، وذلك لما أخرجه مسلم عن ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم قال: "الأيّم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها"، فقد دلَّ هذا الحديث الصحيح على أن البكر ينبغي أن يؤخذ إذنها في أمر نكاحها وأن سكوتها عند أخذ الإذن بذلك يعد قرينة على الرضا أو تعبيرًا عنه.
وهذا الحكم مبناه على ما عهد في الفتاة من فرط الحياء لاسيما فيما يتعلق بمواطن العفة والحياء من بدنها وجوانب حياتها، ولم تعهد البكر صريحة في تعبيرها عن رغبتها في الارتباط برجل يمس بمواطن الحياء منها، ولهذا تجرى الإشارة في ذلك مقام العبارة، والسكوت مقام الكلام، فجرى سكوتها على تلك الفطرة النسائية المعهودة في كل عصر وجيل، ومثله الضحك دون سخرية، والتبسم، والبكاء بلا صوت لدلالة ذلك على الرضا ضمنًا.
وإذا كان السكوت- في جانب البكر- صالحًا للتعبير عن إرادتها، وذلك على أساس أنه سكوت في موطن يقتضى الكلام فقام مقامه، فإنها لو عبَّرت عن رأيها صراحة فلا تثريب عليها، ومدار ذلك على الأعراف وقرائن الأحوال في البكاء والضحك، والصمت والكلام ويتعين الاحتياط عند ذلك لما يلمس منه رضاها الفعلي بالنكاح.
وللبكارة في عقد النكاح آثار أخرى تتعلق باشتراط الولي لتزويجها وهو ما مذهب إليه جمهور الفقهاء، وعدم اشتراطه عند أبى حنيفة حيث ذهب إلى أن للبكر الحرة البالغة العاقلة أن تزوج نفسها فإن زوجت نفسها من غير كفء، أو بدون مهر المثل؛ فلوليها حق طلب الفسخ ما لم تحمل.
المطلب الثاني: مناط الخطاب الشرعي في حكم جراحة رتق غشاء البكارة
من الضروري أن يكون لجراحة رتق غشاء البكارة حكم شرعي، فهو عمل يصدر من مكلفين قد يقومون على سبيل الانفراد به، أو على سبيل الاشتراك فيه، ولما كان مبنى الحكم الشرعي على الخطاب المقرر له، أو الذي يستفاد منه، فإن ذلك يقتضى بيان المخاطبين به، حتى يكون ذلك الخطاب إنذارًا لهم، وإعذارًا واضحًا لمساءلتهم.
موطن المساءلة في جراحة غشاء البكارة:
والمسئولية المقصودة لخطاب الشارع في مجال جراحة رتق غشاء البكارة لا تقوم إلا في الحالات التي تمثل تلك الجراحة فيها إضرارًا بالغير، والغير فيها هو الذي يمكن أن يقع ضحية الغش في الزواج من فتاة يعتقد أن فيها من الأمانة والإخلاص ما تؤهلها للاقتران به، ويجعله حريصًا على الارتباط بها لتكون أمينة عليه فيما بقى له من عمره وراعية في بيته لماله وأولاده وشرفه، وهذه المعاني إنما تجسد في فهمه من خلال ما يقصده فيها من وصف البكارة الذي يؤكدها له ويرسخها في كيانه، وإذا ما وجد غير ما يأمله، فإن ذلك سوف يمثل صدمة له، وخيبة لما كان يرجوه، ولا يظن بمن وقع في مثل هذا الفخ، واستدرج إلى ذلك الغش أن يقنع بما أصابه أو يرضى بما حيك له، ولابد أن ينتهي الأمر إلى شقاق وفراق، لا إلى لقاء ووفاق لاسيما وأن زوال ذلك الغشاء سوف يلقى في روع الزوج من الشكوك ما يدفع به إلى تقويض الزواج.
يتبع