بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
أما بعد
فقد نقلت أختنا الفاضلة الأمل القادم في استراحة المجلس قصيدة جميلة للشاعر المصري مصطفى الجزار
وعلى قدر إعجابي بها على قدر حزني لما تناولته من واقع أليم نعيشه أحسن الشاعر في تصويره
ورغم شدة معاناتي ، بل واشتداد الحمّى عليّ حتى إن أصابعي - يعلم الله - لترتجف على لوحة المفاتيح فتخطئ الحرف مرة بعد مرة ، وليس معي من يعينني فأملي عليه ليتحمل الكتابة عني ، إلا أن الله سبحانه وتعالى أنعم عليّ فوجدتُ في دياجير الظلمات التي جسّدتها القصيدة نورا ، وبين طيّات الآلام التي سطّرتها حبورا ، فأيّدني ربي ، وطاوعني قلمي ، وسال ذهني ؛ رغم شدّة علّتي ، حتى حوّلت ذلك اللحن الحزين المحاط بالألم - إلى نغمةٍ بشوشة مملوءة بالأمل ، قد لا تتناسب مع أسراب الهموم التي تحيط بي ، لكنني لم أكن أكتب لنفسي ، إنما أكتب لأجيال -إن شاء الله- حتمًا ستأتي لتعيدَ العزّة لهذه الأمّة ، فهذا وعد الله ولن يخلف الله وعده
فاقبلوها من أخيكم وبدّلوا بها آلامكم آمالا
والفضل يرجع إلى صاحب القصيدة الأصل ، فجمال لحنها هو الذي دعاني إلى معارضتها
وهو بسبق حائز تفضيلا *** مستوجب ثنائي الجميلا
فإن أعجبكم نظمها فلا تنسوني من دعوة في السحر يخفف الله بها عني بعض ما أنا فيه ، ويلهمني الصبر على شدة البلاء الذي أعانيه
ـــــ
كَفْكِفْ دموعَكَ وانتصِبْ يـا عنترَه *** فعيـونُ عبلـةَ أصبحَتْ مُستـعمَرَه
لا تنسَ بسمـةَ ثغـرِها يوماً ... فقم *** وأعِدْ إلى العِـقدِ الثمـينِ الجوهـرَه
حطِّمْ سيـوفَ الغاصبينَ ... ليرحلوا *** وارفع لواء العـزّ ... وامـحُ المعذرَه
واذكـرْ لها أيـامَ فخـرِكَ ... شامخًا *** فالقادسـيّةُ بنتُ بـدرٍ .... مَـأثرَه
والسيـفُ في وجـهِ البنادقِ صـارمٌ *** ولهُ الكـرامةُ والقُـوى والسيـطرَه
فاجمـعْ مَفاخِـرَكَ القـديمـةَ كلَّـها *** واصنع بها في بحـر مجدِك قنـطرَه
وحصـانُكَ العَـرَبيُّ ... حُـلّ لجـامه *** واجعل نداءك في المعاركِ ... زَمجَرَه
هذا الحصـانُ يـَرى المَدافعَ حـولَهُ *** متأهِّبـاتٍ ... والقذائفَ مُشـهَرَه
لو كانَ يـدري ما المحاورةُ اشتـكى *** ولَصاحَ في وجـهِ اللئيمِ وحـذَّرَه
هذي ليوثُ العُربِ تنسـفُ سجنـها *** وغدًا ستنسـفُ للعـدوّ مُعسكَرَه
يسعـون في طلـب المنون ... أعزّةً *** فالعيـشُ ذُلٌّ ... والشَّهـادة مفخرَه
هذِي يـدُ الإسلام تجـزي أهلَــها *** مَن يكتسب في حقّها خـيرًا ... يَرَه
عَبْـسٌ تخـلّت عنكَ ... لا تأبـهْ لهم *** واسأل لقـومِك من إلهـك مغفرَه
في الجـاهليةِ كنـتَ وحدكَ قـادراً *** أن تهـزِمَ الجيـشَ العظيمَ وتأسِـرَه
فالآن ... عارٌ أن تولّـيَ ... مدبـرًا *** فاللهُ ينصـرُ عبـدَهُ ... إنْ ينصـرَه
فأقـمْ لهذا الدّينِ وجهكَ واصـطِبِرْ *** وارفـعْ مسـاجده ... وزيّنْ مِنـبرَه
وابعثْ لـعبلةَ في العــراقِ حمامـةً *** وابعثْ لهـا في القـدسِ أجمل تذكِرَه
اكتبْ لهـا مـا كنتَ تكتبُـه لهـا *** تحتَ السيوف .... بمؤتةٍ ... أو خيبرَه
يـا دارَ عبـلةَ بالعـراقِ ... تمهّـلي *** فلأجعــلنّك للأعـادي مقـبرَه
من نَهْـرِ دجلةَ والفراتِ سأرتـوي *** وكـلابُ أمريكـا ستعـدو مدبرَه
وجحـافلُ الرومِ الغـزاةِ ... ترينها *** حُمُرًا - لعمركِ - كلّها ... مستنفِرَه
أنا فـارسُ البيـداءِ .. عمّي حمـزةٌ *** من نسـلِ أحمدَ(1) والحسـينِ وحيدرَه
في مسجدي أتلو الكتابَ ... فإن دعا *** داعي الجهادِ .. ففي المعارك قَسورَه
اليومَ أكتـبُ بالمِـداد ... وفي غـدٍ *** قلمي سيرُوى من دمِـي في المِحبرَه
وعيـونُ عبـلةَ لن تُزيـلَ دمـوعَها *** إلا أيـادٍ ... حـرّةٌ ... متطـهّرَه
ـــــــ
(1) هذا وإن كان في ظاهره لا يفتخر به إلا هاشمي من نسل النبي مثلي ، لكنه في حقيقته يصلح أن يفخر به كل مسلم ، ففي الحديث الصحيح أن النبي قال: «إنما أنا لكم مثل الوالد أعلّمكم» وكتبه
الفقير إلى عفو ربه
عيد بن فهمي بن محمد بن علي
الحسيني الهاشمي
عفا الله عنه