فتاوى الحج من فتاوى الأزهر (3-3)

إدارة الملتقى الفقهي


فتاوى الحج من فتاوى الأزهر (3-3)

التوكيل في شراء الهدى وذبحه

السؤال:
من السيد / سكرتير جمعية تيسير الحج للعاملين بالمقاولين العرب لطلبه المتضمن أن حكومة المملكة العربية السعودية استحدثت نظاما لذبح الهدى من الغنم وسلخه وتجميده آليا.
ومؤدى هذا النظام أن يتقدم الحاج إلى أحد البنوك ويدفع له ثمن الهدى.
ويتسلم منه استمارة يتقدم بها إلى مذبح آلي ثم ينصرف.
وتعنى هذه الطريقة أن الحاج يوكل إدارة هذا المذبح في ذبح هديه والتصرف بتجميده وإرساله إلى بعض الدول الإسلامية النامية باعتبارها صدقات وهدايا الحجيج إليها.
ويحدث هذا دون أن يكون بإمكان الحاج الحصول على أي شيء من هديه ليأكله.
وأن من نشاط جمعية تيسير الحج للعاملين بالمقاولين العرب تنظيم بعثة للحج سنويا قوامها حوالي ثلاثمائة حاج.
وهم منذ سفرهم إلى عودتهم يحيون حياة جماعية في كل شيء وأن من بين تنظيماتهم في الحج تشكيل لجنة الهدى تتلقى رغبات وتوكيلات الأعضاء في شراء الهدى ونحره والتصرف فيه بطريقة جماعية أيضا فهل يجوز لهذه اللجنة تسليم المذبح الآلي المذكور جزءا من الهدى لهذه المجموعة - يعادل نسبة الهدايا والصدقات من هديها ويخصص الباقي لأكل المجموعة.
وإذا جاز هذا التصرف فهل توجد نسبة محددة من الهدى تخصص للهدايا والصدقات وأخرى للأكل.
الجواب:
إن الهدى اسم لما يهدى إلى الحرم ويذبح فيه. وهو من الإبل والبقر والغنم وأقل ما يجزئ عن الواحد شاة.
وتجزيء الناقة أو البقرة عن سبعة بشرط أن يكون لكل واحد منهم سبعها إذا كان كل واحد من الشركاء يريد الفدية وينقسم الهدى إلى ثلاثة أقسام الأول - واجب لعمل في الحج والعمرة كهدى التمتع والقران.
وكالهدى اللازم لترك واجب من الواجبات. والثاني - هدى منذور وهو واجب بالنذر.
والثالث - هدى تطوع وهو ما تبرع به المحرم.
وقد نص فقهاء المذهب الحنفي على أنه يندب لصاحب الهدى أن يأكل من هدى التطوع والمتعة والقران - فقط - إذا بلغ الهدى محله.
لأنه دم نسك فيجوز الأكل منه بمنزلة الأضحية. وحيث جاز له الأكل منه فيستحب أن يجعله أثلاثا.
فيأكل الثلث. ويتصدق بالثلث.
ويهدى الثلث. قال تعالى {وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق} الحج 27، 28 ،29 ، وقال {والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم وبشر المحسنين} الحج 36 ، 37 ، وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم ساق مائة بدنة في حجة الوداع ذبح منها ثلاثا وستين بيده.
وذبح على رضي الله عنه الباقي. ثم أمر أن يؤخذ بضعة من كل بدنة فوضعت في قدر ثم أكلا من لحمها وحسوا من مرقها ، وروى أنس رضي الله عنه أنه كان قارنا هذا وقد نص الفقهاء أيضا على أن على المهدي أن يتصدق بجلدها وليس له بيع شيء من لحومها وان كان مما يجوز الأكل منه.
فان باع شيئا أو أعطى الجزار أجره منها فعليه أن يتصدق بقيمته لأن القربة انتقلت إلى بدله.
فالاقتصار على الأكل والإطعام الوارد في قوله تعالى {فكلوا منها وأطعموا} دلالة على أنه لا يجوز بيع شيء من الهدايا أو استبداله بالنقود.
ويشهد لذلك قوله صلى الله عليه وسلم لعلى رضي الله عنه "تصدق بجلالها وخطمها ولا تعط الجزار منها".
فإذا لم يجز إعطاء الجازر أجرته منها فأولى إلا يجوز بيع شيء منها فالهدى من شعائر الله تجب المحافظة عليها.
ألا وان للشعائر في نظر الإسلام مكانه الفروض المقدسة.
وعلى هذا اتفقت كلمة الفقهاء في ذبائح الحج ولم نر لواحد منهم خلافا في ذلك نزولا على حكم الآيات الصريحة الواضحة وتحقيقا للغرض المقصود.
وهو التقرب إلى الله بإراقة الدم. فآيات القرآن الكريم الواردة في سورة البقرة والمائدة والحج التي تضمن النص على الهدى والأحاديث الصحيحة الواردة في الأضحية والهدى تقرر أن إراقة الدم نوع من أنواع القرب إلى الله سبحانه وتعالى وأنها شعيرة من شعائر الإسلام التي اعتبرها مظهرا من مظاهره العامة.
ولله سبحانه أن يتعبد عباده بما يشاء بما يدركون من حكمته وبما لا يدركون فيجب علينا اتباع أمر الله الحكيم، سواء أفهمنا معنى حكمته في تشريعه أو لم نفهمها فطريق التقوى انما هو في تعظيم شعائر الله والالتزام بما شرعه من الأحكام {ذلك ومن يعظم شعائر الله فأنها من تقوى القلوب} ومما سبق يتضح أن هذه القربة لا تقوم ولا تتحقق إلا بذبح الحيوان وإراقة دمه.
كما أراد الله تعالى.
وأن الله قد امتن على عباده فأباح لهم اذا نحروا هداياهم أن يأكلوا منها وأن يتصدقوا على الفقراء السائل منهم وغير السائل.
قال تعالى {فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر} أى فاذا سقطت جنوبها على الأرض بعد نحرها فكلوا منها وأطعموا المحتاج.
وإذ كان ذلك، فانه لا يجوز مطلقا للجنة الهدى - المشار إليها - والتي تتلقى توكيلات أعضاء بعثة الحج في شراء الهدى ونحره والتصرف فيه بطريقة جماعية - أن تفكر في استقطاع جزء مهما قل من قيمة هدى البعثة وتخصيصه لأكلها.
إقامة لهذا الجزء المستقطع من ثمن الهدايا مقام الأكل منها بعد نحرها في محلها اذ ذاك هو المراد من السؤال.
ذلك أن الفقهاء جميعا يعتبرون التعبد في هذه المسألة بإراقة الدماء.
ولم يكن في كلام واحد منهم ما يشير إلى جواز استبدالها بالنقود وما تريد أن تفعله اللجنة هو بعينه استبدال الهدى بالنقود وذلك كما وضح غير جائز شرعا وإنما الجائز هو الأكل من الهدى بعد نحره في محله وأننا لو أبحنا لأنفسنا هذا النحو من التفكير والتغيير في مثل هذه الأحكام.
لأنفتح علينا باب التفكير في التخلي عن الأعداد والكيفيان التي طلبت في كثير من العبادات، وبذلك ينفتح باب الشر على مصراعيه ولا يقف ضرره عند حد الأضاحي وفدية الحج.
بل يتعدى إلى كل تشريع شرعه رب العالمين والله أعلم
******

العمرة أفضل أم التصدق على الفقراء
السؤال
من السيد / أ ع ج بطلبه المتضمن أنه بلغ من العمر خمسة وخمسين عاما وقام بأداء فريضة الحج عام 78 وحج مرة عام 1979 م ومنذ هذا يقوم كل عام بأداء العمرة مع زوجته ويجد في هذه الرحلة راحة نفسية ويقول أنه قام بتربية جميع أولاده وتخرجوا من جميع الكليات وينوى هذا العام أن يؤدى العمرة كسابق عهده ولكن بمناقشة مع عالم جليل إمام وخطيب مسجد في بور سعيد أفاده بأن أداءه لهذه العمرة ليس لها أي معنى وخير له أن يصرف تكاليفها على أناس فقراء وأرسل ألينا بعد أن ختم سؤاله بقوله إنني بهذه الرحلة استعيد نشاطي من عناء العمل طول العام حيث أنه يعمل بالتجارة فضلا عن العبادة في الأماكن المقدسة.
فما حكم الشرع هل يذهب لأداء العمرة فضلا وتطوعا كل عام أم ينفق تكاليفها على الفقراء؟.
الجواب
قال تعالى {وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا} البقرة 125 ، وقال صلى الله عليه وسلم "الحج مرة فمن زاد فتطوع) وقال صلوات الله وسلامه عليه "العمرة الى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة" متفق عليه ومعنى الآية الكريمة السابقة ان الله تعالى جعل البيت الحرام مثابة للناس يعودون إليه شوقا بعد الذهاب عنه أى أن الله جعله محلا تشتاق إليه الأرواح تحن إليه لا تقضى منه وطرا ولو ترددت اليه كل عام استجابة من الله تعالى لدعاء إبراهيم عليه السلام في قوله {فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم} إلى أن قال {ربنا وتقبل دعاء} فهناك تطمئن الأفئدة وترتاح النفوس وتزول الهموم وتتنزل الرحمات وتغفر الزلات.
ومعنى الحديث الأول أن الحج فرض على القادر المستطيع مرة واحدة في العمر فمن زاد فتطوع ونافلة في التقرب إلى الله وذلك العمرة مطلوبة في العمر مرة وتسمى الحج الأصغر وهى في رمضان أفضل لمن أرادها دون حج ولا يكره تكرارها بل يندب ويستحب تكرارها للحديث الثانى "العمرة إلى العمرة ...إلخ" لأنها كما ورد تمحو الذنوب والخطايا.
وقد أداها رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع مرات.
أما بشأن التصدق على الفقراء والبائسين فقد روى مسلم عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال "لا يستر عبد عبدا في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة".
وعن ابن عمر رضى الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة" متفق عليه وعن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال "من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه" الحديث رواه مسلم وقال الله تعالى {وافعلوا الخير لعلكم تفلحون} الحج 77 ، مما سبق يتبين أن الحج والعمرة ليسا واجبين على السائل بعد أداء الحج والعمرة الأولين بل يكونان تطوعا ونافلة في التقرب إلى الله، وقواعد الشريعة وحكمة الله تعالى في توجيه عباده الى فعل الخير على أساس تقديم الأهم والأصلح وذلك يقتضى بأن يقدم السائل وأمثاله مصالح وحاجات أخواته المسلمين المعدمين الذين هم في مسيس الحاجة إلى ما يؤويهم وما يستعينون به على قضاء حوائجهم الضرورية فليس لله حاجة في الطواف ببيته من شخص يترك أخوانه البائسين فريسة للفقر والجهل والمرض لأن المسلمين جميعا يجب أن يكونوا يدا واحدة يتعاونون على البر والتقوى.
وإذا تألم عضو من جماعة المسلمين يجب على أخواته المسلمين أن يتجاوبوا معه ليزيلوا آلامه أو يخففوا عنه وأننا نرى أنه من الأولى بالأخ السائل مادام قد وفقه الله وأدى حجة الإسلام مرة فأولى به أن يوجه ما يفيض عن حاجته إلى أوجه الخير والإنفاق على الفقراء والمساكين فنسأل الله تعالى أن يضاعف له الأجر والثواب، فان يسر الله عليه واستطاع أن ينفق في وجوه الخير والبر وعنده ما يستطيع به الذهاب لأداء العمرة مرة بعد مرة فلا مانع شرعا.
وفقنا الله تعالى إلى فهم ديننا على الوجه الصحيح والهمنا الرشد والقبول والله سبحانه وتعالى أعلم
******

تغطية الرأس للمحرم بالحج أو بالعمرة
السؤال:
من السيد / أ م ب بطلبه المتضمن أنه قد تم قبوله في قرعة الحج هذا العام وأنه لا يستطيع أن يكشف رأسه أثناء الإحرام لأصابته بضربة شمس أثرت على صحته كما أن حالته المالية لا تسمح بعمل فداء فما حكم ذلك شرعا
الجواب:
ان تغطية الرأس بالنسبة للمحرم بحج أو عمرة من محظورات الاحرام أى محرمات بسبب الإحرام، فمن غطى رأسه من الرجال بغطاء ملاصق كالعمامة أو غير ملاصق كالقرطاس لزمته الفدية.
قال تعالى {ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدى محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك} البقرة 196 ، هذا النص الكريم وان كان خاصا بالحلق إلا أن الفقهاء قد اتفقوا على إلحاق تغطية الرأس وتقليم الأظافر والطيب ولبس المخيط به وأوجبوا فيها الفداء.
والفدية في هذه المحظورات واجب، على التخير فمن ارتكب محظورا منها لزمته الفدية وكان مخيرا فيها اما بذبح شاة أو صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من قمح أو صاع من تمر أو شعير أو زبيب والصاع قدحان وثلث بالكيل المصري وذلك عند أبى حنيفة وهو ما نميل للأخذ به في هذا ويجوز إخراج قيمة ما وجب وتوزيعها على فقراء الحرم اذا تيسر ذلك أما ان استظل بثوب أو استظل بشمسية فلا بأس بذلك.
ولا حرمة فيه لما روت أم الحصين قالت حججت مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فرأيت بلالا وأسامة أحدهما مع النبى صلى الله عليه وسلم آخذا بخطام ناقته والآخر رافعا ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة.
رواه مسلم وأبو داود والنسائي.
وعلى ذلك فنقول للسائل أنه يمكنه اتقاء الحر الشديد الذي لا يطيقه بمظلة بنحو شمسية أو ثوب يستظل به ولا يغطيه فان كان لابد من غطاء رأسه بطاقية أو بعمامة كما ذكر لزمته الفدية وهى كما سبق على التخير أما أن يذبح شاة أو يصوم ثلاثة أيام أو يتصدق بإطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع أما وقد ذكر السائل أن حالته المالية لا تسمح بعمل فداء فيجوز له أن يصوم ثلاثة أيام لتبرأ ذمته فان عجز عن الفدية بصيام أو صدقة أو نسك ظلت ذمته مشغولة بهذه الفدية التي أوجبها الله على التخيير تيسيرا على عباده حتى يتيسر له أداء واحدة منها فان عجز حتى مات فأمره مفوض إلى الله.
والله سبحانه وتعالى أعلم
******

حج من لم يؤد طواف الوداع وطواف الإفاضة
السؤال:
من السيد / ح م د بطلبه المتضمن استفساره عن حكم الدين فيمن حج بيت الله ولم يؤد طواف الوداع والإفاضة لظروف مرضية وعدم معرفته بأنه ركن من أركان الحج؟.
الجواب:
قال تعالى {إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا ومن كفر فان الله غنى عن العالمين} آل عمران 96 ، 97 ، وقال تعالى {وأتموا الحج والعمرة لله} البقرة 196 ، والحج هجرة إلى الله تعالى استجابة لدعوته وموسم دوري يلتقي فيه المسلمون كل عام أصفي العلاقات وأنقاها ليشهدوا منافع لهم على أكرم بقعة شرفها الله.
ولهذه الفريضة أركان لابد من أدائها كاملة لقوله تعالى {وأتموا الحج والعمرة لله} البقرة 196 ، والركن شرعا ما يتوقف عليه وجود الشيء واعتباره وهو داخل في حقيقته.
وأركان الحج لدى فقهاء المالكية والشافعية والحنابلة أربعة هي الإحرام وطواف الزيارة أو الإفاضة، والسعي بين الصفا والمروة، والوقوف بعرفة لو نقص واحد منها بطل الحج باتفاق هذه المذاهب وزاد الشافعية ركنين على الأربعة هما (الحلق والتقصير بعد الوقوف بعرفة وترتيب معظم الأركان الخمسة.
أما في مذهب الإمام أبى حنيفة فان للحج ركنين فقط هما الوقوف بعرفة ،وأربعة أشواط من طواف الزيارة (الإفاضة).
وبهذا يبين أن طواف الافاضة أو الزيارة ركن من أركان الحج عند فقهاء المذاهب الأربعة باتفاق والدليل على فرضيته من الكتاب قوله تعالى {وليطوفوا بالبيت العتيق} الحج 29 ، ومن السنة ما روى أن أم المؤمنين صفية حجت مع النبى صلى الله عليه وسلم فحاضت فقال النبي صلى الله (أحابستنا هي قالوا إنها قد أفاضت - قال فلا أذن) متفق عليه.
أي ليست حابسة لأنها قد طافت للإفاضة - فدل الحديث على أن هذا الطواف ركن لا يصح الحج بدونه.
وقد أجمع العلماء على فرضيته - وقال الكاساني (أجتمعت الأمة على أنه ركن) ولابد من الإتيان به ماشيا للقادر على المشي ومحمولا إذا كان عاجزا عن المشي ومن شروط هذا الطواف أن يقع في الوقت المحدد له حيث يبدأ من فجر يوم النحر عند الأحناف والمالكية ومن بعد منتصف ليلة النحر لمن وقف بعرفة قبله عند الشافعية والحنابلة.
أما آخر وقته فقد وقع فيه خلاف بيه الفقهاء فقال بعضهم يجب أداؤه أيام النحر فلو أخره عنها صح ولزمه دم لتأخيره - وقال بعضهم لا يجب عليه شيء إذا أخره إلى آخره ذي الحجة أما لو خرج ذو الحجة صح الطواف ولزمه دم - وقال البعض الآخر لا يلزمه بالتأخير شيء مهما كان التأخير لكن لا يقرب النساء حتى يأتي به والجميع يجيز التأخير والخلاف في وجوب الدم وعدمه.
والراجح هو رأى من رأى وجوب أداء طواف الإفاضة أيام النحر لأن أعمال الحج تنتهي بانتهاء أيام النحر لقوله تعالى {الحج أشهر معلومات} فتأخيره عنها إساءة يلزم بسببها دم إلا إذا كان التأخير لمرض شديد تعذر معه أداء هذا الركن فإننا نرى تيسيرا على المريض عم الزامه بدم جزاء التأخير وقوله تعالى {الحج أشهر معلومات} دليل على التأقيت وطواف الإفاضة هذا لا يتم الحج إلا به فلابد أن ينتهي بانتهاء أيام الحج ومما ينبغي التنبيه إليه أن طواف الإفاضة لا يسقط أبدا - بل يجب الإتيان به مهما تأخر ومهما مضت الأيام والشهور بشرط أن يكون محبوسا عن النساء حتى يطوف طواف الإفاضة فان كان قد جامع النساء فقد وجبت عليه شاة.
أما طواف الوداع فهو واجب من واجبات الحج عند جمهور الفقهاء ويجب بتركه دم إلا لعذر فانه يسقط ولا أثم عليه.
وعلى ذلك نقول للسائل أنه يلزمك الإحرام والذهاب لأداء طواف الإفاضة لأنه ركن من أركان الحج ولا يتم الحج إلا به ولا يسقط مهما تأخرت ولا عذر لك بجهلك أنه ركن من أركان الحج.
أما طواف الوداع فانه سقط لمرضك فلا اثم عليك ولا يلزمك شيء بتركه.
والله سبحانه وتعالى أعلم
******

نزول الدم على المرأة أثناء طواف الإفاضة
السؤال:
من السيد / م م ش بطلبه المتضمن أن زوجته قبل سفرها للحج معه تناولت علاجا باستشارة الطبيب لرفع الدورة الشهرية حتى لا تفاجئها أثناء حجها إلا أنه في اليوم السابع والثامن من ذي الحجة لاحظت آثار دم خفيف فاغتسلت وقامت بأداء الصلاة ولم تشاهد الدم مرة أخرى حتى قامت بأداء مناسك الحج ما عدا طواف الإفاضة وهى في طهر كامل حيث أنها طافت طواف الإفاضة في اليوم الأول من أيام التشريق - وأثناء طوافها شعرت بآلام وتقلصات وبعد أن أكملت الطواف وجدت بعض الدم الخفيف بدأ ينزل عليها.
فغادرت الحرم وذهبت إلى الطبيب حيث وصف لها حبوبا وحقنا رفعت الدم ثم اغتسلت بعد أن تيقنت من توقف نزول الدم وذهب إلى الحرم مرة أخرى وطافت طواف الإفاضة آخر لشكها في الطواف الأول وقبل الطواف وضعت قطعة القطن داخل مجرى نزول الدم حرصا على عدم التلوث بشيء إذا نزل وبعد الطواف وجدت أن القطنة نظيفة تماما - وبعد التوجه إلى المطار للعودة في صباح اليوم التالي وجدت أن آثار الدم في القطنة من الداخل ونظرا لظروف السفر والعمل لم يتمكن من البقاء في مكة وذكر في طلبه أن زوجته حتى تاريخ الطلب وهى لم تتحلل التحلل الأكبر أي لم يجامعها حتى يعرف الحكم الشرعي في الطواف الأول هل هو صحيح أم لا وفي حالة عدم صحة ماذا يجب عليها وهل الطواف الثاني صحيح أم لا وهل إذا لم يكن صحيحا يلزمها الذهاب لأداء طواف الإفاضة مرة أخرى؟.
الجواب:
إن من شروط صحة الطواف مطلقا الطهارة من الحدثين الأصغر والأكثر والنقاء من الحيض والنفاس وهذه الطهارة شرط لصحة الطواف عند جمهور الفقهاء فلو لم تحقق هذه الطهارة كان الطواف باطلا واستدلوا بحديث ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم قال "الطواف بالبيت صلاة فأقلوا فيه الكلام" وإذا كان الطواف صلاة فالصلاة لابد فيها من الطهارة من الأحداث والأنجاس فكذلك الطواف.
وقال الأحناف أن الطهارة في الطواف واجبة فيصح طواف غير الطاهر كالحائض والنفساء والجنب ويلزم لذلك دم مستدلين بقوله تعالى {وليطوفوا بالبيت العتيق} ووجه الاستدلال أن الله تعالى أمر بالطواف مطلقا ولم يقيده بشرط الطهارة وهذا نص قطعي.
أما الحديث الذي استدل به الجمهور فهو خبر آحاد يفيد غلبة الظن وخبر الآحاد لن يقيد نص القرآن وأجابوا عن الحديث بأن المعنى على التشبيه أى الطواف كالصلاة والتشبيه يصح بأي وجه مشترك بينهما كالثواب أو الفرضية فلا يقتضى فرضية الطهارة وبناء على ذلك قالوا إن طواف المحدث صحيح إلا أنه يجب فيه دم.
وقد ورد في كتاب فتح العزيز للرافعي الكبير الشافعي في الفصل التاسع في الرمي من كتاب الحج أن العاجز عن الرمي بنفسه لمرض أو حبس ينيب غيره ليرمى عنه لأن الإنابة جائزة في أصل الحج، فكذلك في أبعاضه وكما أن الإنابة في الحج إنما تجوز عند العلة التي لا يرجى زوالها فكذلك الإنابة في الرمي لكن النظر هنا إلى دوامها إلى آخر وقت الرمي وكما أن النائب في أصل الحج لا يحج عن المنيب إلا بعد الحج عن نفسه فالنائب في الرمي كذلك لا يرمى عن المنيب إلا بعد أن يرمى عن نفسه وتخريجا على ذلك فانه يجوز للمرأة اذا فاجأها الحيض قبل الطواف أصلا أو في أثنائه ولم يمكنها البقاء في مكة إلى حين انقطاعه فلها أن تنيب غيرها على أن يطوف عنها بعد طوافه عن نفسه وأن ينوى الطواف عنها.
ويجوز لها أن تستعمل دواء لوقفه وتغتسل وتطوف.
أو إذا كان الدم لا يستمر نزوله طوال أيام الحيض بل ينقطع في بعض أيامه عندئذ يجوز لها أن تطوف في أيام الانقطاع عملا بأحد قولي الإمام الشافعي أن النقاء في أيام انقطاع الحيض طهر - وهذا القول يوافق مذهب الإمامين مالك وأحمد - هذا قد أجاز بعض فقهاء الحنابلة والشافعية للحائض دخول المسجد للطواف بعد أحكام الشد والعصب وبعد الغسل ولا فدية عليها في هذه الحال باعتبار حيضها مع ضيق الوقف والاضطرار للسفر، مع الأعذار الشرعية.
وقد أفتى كل من الإمام ابن تيمية وابن القيم بصحة طواف الحائض طواف الإفاضة إذا اضطرت للسفر مع رفقتها بشرط أن تعصب موضع خروج دم الحيض.
لما كان ذلك يتضح لنا مما ورد في الطلب أن طواف الإفاضة الأول لزوجة السائل والحال التي ذكرت صحيح عند بعض الفقهاء أما وقد طافت طواف الإفاضة مرة أخرى بعد أن وضعت قطنا في مجرى نزول الدم لشكها في صحة الطواف في المرة الأولى فصحيح أيضا ولا شيء عليها وهو مؤكد لصحة الطواف في المرة الأولى حيث تبين عدم نزول الدم به.
والله سبحانه وتعالى أعلم
******

حكم الأضحية
السؤال:
لرجل ثلاثة أولاد كان والدهم يضحى كل سنة بكبش عن كل فرد منهم وبعد ارتفاع ثمن اللحوم فهل تحتم الشريعة التضحية بكبش لكل شخص منهم أو يجوز الاكتفاء بكبش واحد؟.
الجواب:
اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أنه ذهب أو حنيفة إلى أن الأضحية واجبة على الغنى، والرواية الظاهرة عنه أنه لا يجب على الغنى أن يضحى عن أولاده الفقراء الذين لا مال لهم.
واختلف المشايخ فيما إذا كان الأولاد أغنياء وهم صغار هل يجب على الأب أن يضحى عنهم من مالهم بمعنى أنه يضحى عن كل ولد غنى منهم بأضحية من مال الولد أم لا والأصح المعتمد في المذهب أنه لا يجب أن يضحى عنهم وعلى هذا لا يجب على الأب أن يضحى عن أولاده سواء أكانوا أغنياء أم فقراء من ماله ولا من مالهم.
وقال أصحاب الإمام الشافعي إن التضحية سنة الكفاية في حق أهل البيت الواحد فإذا ضحى أحدهم أقيمت هذه السنة في حق أهل البيت الواحد جميعا.
وقد روى ابن ماجه والترمذي عن عطاء بن يسار قال سألت أبا أيوب الأنصاري كيف كانت الضحايا فيكم على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال "كان الرجل في عهد النبي عليه الصلاة والسلام يضحى بالشاة عنه وعن أهل بيته فيأكلون ويطعمون حتى تباهى الناس فصار كما نرى" وقد روى هذا الحديث الإمام مالك في الموطأ عن عبد اللّه بن طبار أن عطاء بن يسار أخبره أن أبا أيوب الأنصاري أخبره - قال كنا نضحي بالشاة الواحدة يذبحها الرجل عنه وعن أهل بيته ثم تباهى الناس فصارت مباهاة - قال الإمام النووي في شرح المهذب ص 384 من الجزء الثامن ما نصه هذا حديث صحيح.
والصحيح أن هذه الصيغة تقتضى أنه حديث مرفوع انتهى هذا والحق كما قال الشوكاني أن الشاة الواحدة تجزيء عن أهل البيت الواحد وإن كانوا مائة نفس أو أكثر كما قضت بذلك السنة.
ومن هذا يعلم أنه إذا ضحى والدهم عن نفسه وعن أهل بيته الذين منهم أولاده بشاة فقد أقام السنة.
واللّه تعالى أعلم
******

ذبح الماشية في البيوت والمقابر
السؤال:
بإفادة من نظارة الحقانية وصورتها عن بيان الحكم الشرعي في مكاتبة مصلحة الصحة وها هي صورتها لا يخفي على سعادتكم أنه بمقتضى المادة الأولى من لائحة السلخانات ومحلات الجزارة الصادرة بتاريخ 23 نوفمبر سنة 1893 التي عدلت بالقرار الصادر بتاريخ 28 يونية سنة 1899 يجوز للأفراد في أيام عيد الأضحى الأربعة ذبح الحيوانات في البيوت اتباعا للسنة الدينية ولكن قد تلاحظ أيضا أنه في كثير من الأحيان جارى إخراج حيوانات تصحب بعض مشاهد الموتى وتذبح في المقابر (كفارة) وحيث إنه جارى الآن تحضير مشروع لتعديل المادة الأولى المشار إليها وفي هذه الحالة يهم الوقوف عما إذا كان ذبح هذه الحيوانات في المقابر من الفروض الدينية من عدمه حتى إذا كانت من الفروض الدينية يضاف لمشروع تعديل المادة المشار إليها ما يجيز ذلك أيضا - فاقتضى تحريره لسعادتكم بأمل التكرم بأخذ رأى صاحب الفضيلة مفتى الديار المصرية عن ذلك وعما إذا كانت توجد فروض دينية أخرى تحتم على الأفراد ذبح الحيوانات خارجا عن السلخانات العمومية وما هي حتى تذكر في المشروع المنوه عنه؟.
الجواب:
علم ما تضمنته إفادة مصلحة الصحة بتاريخ 11 شوال سنة 1324 و27 نوفمبر سنة 1906 نمرة 141 من أنه بمقتضى المادة الأولى من لائحة السلخانات ومحلات الجزارة الصادرة بتاريخ 27 نوفمبر سنة 1883 التي عدلت بالقرار الصادر بتاريخ 27 يونية سنة 1899 يجوز للأفراد في أيام عيد الأضحى ذبح الحيوانات في البيوت إتباعا للسنة الدينية ولكن قد تلاحظ أنه في كثير من الأحيان جارى إخراج حيوانات تصحب بعض مشاهد الموتى وتذبح في المقابر (كفارة) وحيث إنه جارى الآن تحضير مشروع لتعديل المادة الأولى المشار إليها في هذه الحالة يهم الوقوف عما إذا كان ذبح هذه الحيوانات في المقابر من الفروض الدينية من عدمه حتى إذا كانت من الفروض الدينية يضاف لمشروع تعديل المادة المشار إليها ما يجيز ذلك أيضا إلى آخر ما تضمنته تلك الإفادة من إرادة الاستفتاء من هذا الطرف عن ذلك وعما إذا كانت توجد فروض دينية أخرى تحتم على الأفراد ذبح الحيوانات خارجا عن السلخانة العمومية وما هى حتى تذكر في المشروع المنوه عنه.
والإفادة عن ذلك أن ذبح تلك الحيوانات في المقابر على وجه ما ذكر ليست من الدين في شيء وأما ما عدا ذلك وما عدا الأضاحي مما تذبحه أفراد الناس من مطلق المنذورات والصدقات وغيرها فهى وإن لم يتعين لها مكان مخصوص شرعا لكن في تكليف أفراد الناس بذبحها في السلخانات العمومية نوع حرج والحرج مدفوع بالنص وفي الحديث الصحيح :لا ضرر ولا ضرار" فالموافق للقواعد الشرعية التساهل مع أفراد الناس (غير الجزارين) الذين يذبحون في منازلهم المنذورات والصدقات ونحوها لأنه لا ضرر في ذلك لقلتها ولأن أربابها إنما يختارون من الحيوانات السليم الذي لا مرض به وبذا لزمت الإفادة ومن طيه إفادة الصحة بادية الذكر
******

حكم التصدق بثمن الأضحية
السؤال:
من وزارة التجارة والصناعة قالت إن الاتحاد العام قد شكا للوزارة أنه بسبب قفل الأسواق في الأقاليم الموبوءة بالكوليرا تعذر جلب الحيوانات المعدة للذبح بالعدد الكافي للوفاء بحاجة المستهلكين وطالب بحظر الذبح ثلاثة أيام في الأسبوع لإزالة عوامل ارتفاع الأسعار وقد يكون من المفيد صرف الناس عن الإسراف في ذبح الأضحيات إذا كان يجوز شرعا الاستعاضة عنها بما يساوى ثمنها في الصدقات الأخرى.
فهل يجوز شرعا استبدال الأضحية بالصدقة بما يوازى ثمنها من الصدقات تيسيرا على الطبقات الفقيرة وصرفا للناس عن الإسراف؟.
الجواب:
اطلعنا على كتاب سعادتكم المؤرخ بشأن الاستفتاء عما إذا كان يجوز شرعا الاستعاضة عن ذبح الأضاحي بالتصدق، بما يساوى ثمنها صرفا للناس عن الإسراف في ذبحها حتى يتسنى الموازنة بين العرض والطلب وفي ذلك عمل على خفض أسعار اللحوم تيسيرا على الفقراء.
ونفيد أن ذبح الأضحيات من القربات المشروعة في أيام النحر ويندب التصدق منها على الفقراء عند مالك.
وعند الحنفية ما لم يكن المضحى ذا عيال يحتاج للتوسعة عليهم.
ويجب إطعام الفقراء والمساكين منها عند الشافعية وقدره بعضهم بالثلثين والأفضل عندهم إعطاءها كلها لهم فهي من باب توسعة وبر ووسيلة تيسير غذاء الفقراء باللحوم في هذا العيد.
إلا أنه ينبغي الآن تحقيقا بموازنة العرض والطلب وعملا على خفض الأسعار أن لا يكثر الأغنياء من عدد الذبائح التي جرت عادتهم بالإسراف في ذبحها وأن يقتصروا على القدر المطلوب شرعا ويطعموه أو يطعموا أكثره الفقراء والمساكين برا بهم وأحسانا.
أما التصدق بالثمن على الفقراء فمذهب الحنفية وظاهر مذهب الشافعية أنه لا يجزئ عن الأضحية لأن المقصود من شرعها التعبد بإراقة الدم وإطعام الفقراء باللحم الذي حرموه أكثر أيام العام.
والمشهور الراجح في مذهب مالك وهو المروى عن أحمد وجماعة من العلماء أن التضحية أفضل من التصدق بالثمن.
وهناك رواية ضعيفة عن مالك أن التصدق بالثمن أفضل كما في شرح الموطأ وغيره من كتب المذهب.
وأما التصدق بما يوازى الثمن من صدقات أخرى فلم يقل به أحد من الأئمة.
والذي أراه الأخذ بقول الجمهور لقوة دليله وضعف الرواية المذكورة عن مالك.
ولأن فتح باب التصدق بأثمان الأضاحي سيؤدى حتما على توالى الأيام إلى ترك الناس هذه الشعيرة الدينية والإخلال بالتعبد بها وبالتأسي برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في فعلها والإخلال بحكمة تشريعها كما سيؤدى في المستقبل وفي الظروف العادية إلى كساد أثمان الأضاحي كسادا فاحشا يضر المنتجين وكثيرا من التجار.
على أنه إذا أبيح التصدق بأثمانها وتزاحم الفقراء على أبواب القصابين لشراء اللحوم بما أخذوه من الأثمان لم يتحقق الغرض الذي تهدف إليه الوزارة لأن شراء الأضاحي وشراء الفقراء اللحوم سواء في النتيجة والأثر.
وإن لم يشتروا بها اللحوم حرموا المتعة بها في هذا الموسم.
وقد قصد الشارع الحكيم برهم فيه بما يتمتع به الأغنياء لأغراض سامية تتعلق بنظام الجماعة وعلاقة الفقراء بالأغنياء.
ومن هذا على إحياء هذه الشعيرة الدينية الاجتماعية مع حث الأغنياء على عدم الإسراف في الذبائح فوق الحاجة للضرورة.
واللّه سبحانه وتعالى أعلم
******

حكم أكل اللحوم والطيور والدواجن المستوردة
السؤال:
بناء على ما نشرته مجلة الاعتصام - العدد الأول - السنة الرابعة والأربعون - المحرم 1401 هجرية - ديسمبر 1980 بعنوان حكم الإسلام في الطيور واللحوم المستوردة ، وقد جاء في المقال الذي حرره فضيلة الشيخ عبد اللطيف مشتهرى - أن المجلة أحالت إليه الاستفسارات الواردة إليها في هذا الشأن، وأنة رأى إثارته ليكون موضع بحث السادة العلماء وبخاصة (لجنة الفتوى بالأزهر) (والمفتى) وقد ساق فضيلته في مستهل المقال القواعد الشرعية التالية المستقرة على السند الصحيح من القرآن والسنة.
1 - الأصل في كل الأشياء الإباحة قال تعالى {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا} البقرة 29 ، فلا يمكن رفع هذا الأصل، إلا بيقين مثله حتى نحرم المباح، أي أن اليقين لا يرفع بالشك ويترتب على هذه القاعدة أن (أ) مجهول الأصل في المطعومات المباحة حلال وفي السوائل المباحة طاهر.
(ب) الضرورات تبيح المحظورات أو إذا ضاق الأمر اتسع.
(ج) ما خير صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما، ما لم يكن إثما أو قطيعة رحم.
(د) حل ذبائح أهل الكتاب ومصاهرتهم بنص القرآن، إذا ذبحت على الطريقة الشرعية، لأن تحريم الميتة والدم وأخواتهما ثابت بالنص الذي لم يخصص.
(هاء) ما روى أن قوما سألوه صلى الله عليه وسلم عن لحم يأتيهم من ناس لا يدرون أسموا عليه أم لا.
فقال صلى الله عليه وسلم "سموا الله أنتم وكلوا" وإن قال القرطبي إن هذا الحديث مرسل عن هشام عن عروة عن أبيه، لم يختلف عليه في إرساله.
أخرجه الدارقطني وغيره. ثم استطرد المقال إلى أنه إذا أخبرنا عدول ثقات ليس لهم هدف إلا ما يصلح الناس وتواطؤهم على الكذب بعيد، فهم من العلماء الحريصين على خير الآمة، إذا أخبرونا عن شيء يحرمه الإسلام شاهدوه بأعينهم على الطبيعة في موطنه وصدقهم في هذا أفراد وجماعات وجمعيات دينية ومراكز ثقافية إسلامية في نفس الموطن أعتقد أن تحريم هذا الشيء يجب أن يكون محل نظر واعتبار ، يفيد الشبهة إن لم يفد الحرام.
ثم ساق نبذا من كتاب الذكاة في الإسلام وذبائح أهل الكتاب.
والأوروبيين حديثا لمؤلفه الأستاذ صالح على العود التونسي، المقيم في فرنسا.
ومما نقل عنه : 1 - إن إزهاق روح الحيوان تجرى هناك كالآتي - تضرب جبهة الحيوان بمحتوى مسدس فيهوى إلى الأرض ثم يسلخ.
2 - إن المؤلف زار مسلخين بضواحى باريس ورأى بعينيه ما يعملون لم يكن هناك ذبح أو نحر ولا إعمال سكين في حلقوم ولا غيره، وإنما تخذف جبهة الحيوان بحديدة قدر الأنملة من مسدس فيموت ويتم سلخه، أما الدجاج فيصعقونه بالتيار الكهربائى بمسه في أعلى لسانه فتزهق أرواحه، ثم يمر على آلة تقوم بنزع ريشه، وأخر ما اخترعوه سنة 1970 تدويخ الدجاج والطيور بمدوخ كهربائي أوتوماتيكي.
3 - جميعة الشباب المسلم في الدانمرك وجهت نداء قالت فيه إن الدجاج في الدانمرك لا يذبح على الطريقة الإسلامية المشروعة.
4 - أصدر المجلس الأعلى العالمي للمساجد بمكة المكرمة في دورته الرابعة توصية بمنع استيراد اللحوم المذبوحة في الخارج ، وإبلاغ الشركات المصدرة بذلك، وطالب أيضا بمنع استيراد المأكولات والمعلبات والحلويات والمشروبات التي علم أن فيها شيئا من دهن الخنزير والخمور.
5 - نقل عن مجلة النهضة الإسلامية العدد 117 مثل ذلك.
وأضاف أن الدجاج والطيور التي تقتل بطريق التدويخ الكهربائي توضع في مغطس ضخم حار جدا محرق يعمل بالبخار حتى يلفظ الدجاج فيه آخر أنفاسه، ثم تشطف بآلة أخرى وتصدر إلى دول الشرق الأوسط ويكتب على العبوات ذبح على الطريقة الإسلامية.
وأضاف أن بعض المسلمين الذين يدرسون أو يعملون في ألمانيا الغربية والبرازيل أخبروا أنهم زاروا المصانع والمسالخ وشاهدوا كيف تموت الأبقار والطيور وأنها كلها تموت بالضرب على رءوسها بقضبان من الحديد أو بالمسدسات وقد قيد هذا الموضوع برقم 364 سنة 1980 بدار الإفتاء؟.
الجواب:
إنه يخلص من هذا المقال - على نحو ما جاء به - أن اللحوم والدواجن والطيور المستوردة لم تذبح بالطريقة المقررة في الشريعة الإسلامية، وإنما تضرب على رأسها أو يفرغ في الرأس حشو مسدس مميت أو تصعق بالكهرباء، ثم تلقى في ماء يغلى وأنها على هذا الوجه تكون ميتة.
وإذ كانت الميتة المحرمة بنص القرآن الكريم، هي ما فارقته الروح من غير ذكاة مما يذبح، أو ما مات حكما من الحيوان حتف أنفه من غير قتل بذكاة، أو مقتولا بغير ذكاة.
وإذ كانت الموقوذة - وهى التي ترمى او تضرب بالخشب أو بالحديد أو بالحجر حتى تموت - محرمة بنص القرآن الكريم في آية {حرمت عليكم الميتة والدم} المائدة 3 ، حيث جاءت الموقوذة من المحرمات فيها، والوقذ شدة الضرب - قال قتادة كان أهل الجاهلية يفعلون ذلك ويأكلونه.
وقال الضحاك كانوا يضربون الأنعام بالخشب لآلهتهم حتى يقتلوها فيأكلوها، وفي صحيح مسلم عن عدى بن حاتم قال قلت يا رسول الله فإنى أرمى بالمعراض (المعراض سهم يصيب بعرض عوده دون حده) الصيد فأصيب.
فقال "إذا رميت المعراض فخزقه فكله، وإن أصابه بعرضه فلا تأكله" وفي رواية (فإنه وقيذ).
(الجامع لأحكام القرآن للقرطبى 6 ص 48) وإذ كان الفقهاء قد اتفقوا على أنه تصح تذكية الحيوان الحي غير الميئوس من بقائه، فإن كان الحيوان قد أصابه ما يوئس من بقائه مثل أن يكون موقوذا أو منخنقا فقد اختلفوا في استباحته بالذكاة.
ففي فقه الإمام أبى حنيفة وإن علمت حياتها وإن قلت وقت الذبح أكلت مطلقا بكل حال.
وفي إحدى روايتين عن الإمام مالك وأظهر الروايتين عن الإمام أحمد، متى علم بمستمر العادة أنه لا يعيش حرم أكله ولا تصح تذكيته، وفي الرواية الأخرى عن الإمام مالك أن الذكاة تبيح منه ما وجد فيه حياة مستقرة وينافي الحياة عنده أن يندق عنقه أو دماغه.
وفي فقه الإمام الشافعي أنه متى كانت فيه حياة مستقرة تصح تذكيته وبها يحل أكله باتفاق فقهاء المذهب.
والذكاة في كلام العرب الذبح، فمعنى {ذكيتم} المائدة 3 ، في الآية الكريمة أدركتم ذكاته على التمام، إذ يقال ذكيت الذبيحة أذكيها، مشتقة من التطيب، فالحيوان إذا أسيل دمه فقد طيب.
والذكاة في الشرع عبارة عن انهار الدم وفرى الأوداج في المذبوح والنحر في المنحور والعقر في غير المقدور عليه ، واختلف العلماء فيما يقع به الذكاة، والذي جرى عليه جمهور العلماء أن كل ما أنهر الدم وأفرى الأوداج فهو آلة للذبح ما عدا الظفر والسن إذا كانا غير منزوعين، لأن الذبح بهما قائمين في الجسد من باب الخنق.
كما اختلفوا في العروق التي يتم الذبح بقطعها بعد الاتفاق على أن كماله بقطع أربعة هى الحلقوم والمريء والودجان.
واتفقوا كذلك على أن موضع الذبح الاختياري، بين مبدأ الحلق إلى مبدأ الصدر.
وإذ كان ذلك كان الذبح الاختياري الذي يحل به لحم الحيوان المباح أكله في شريعة الإسلام هو ما كان في رقبة الحيوان فيما بين الحلق والصدر، وأن يكون بآلة ذات حد تقطع أو تخرق بحدها لا بثقلها، سواء كانت هذه الآلة من الحديد أو الحجر على هيئة سكين أو سيف أو بلطة أو كانت من الخشب بهذه الهيئة أيضا، لقول النبى عليه الصلاة والسلام "ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا ما لم يكن سنا أو ظفرا" (متفق عليه) لما كان ذلك فإذا ثبت قطعا أن اللحوم والدواجن والطيور المستوردة لا تذبح بهذه الطريقة التي قررها الإسلام، وإنما تضرب على رأسها بحديدة ثقيلة، أو يفرغ في رأسها محتوى مسدس مميت أو تصعق بتيار الكهرباء ثم تلقى في ماء مغلي تلفظ فيه أنفاسها - إذا ثبت هذا - دخلت في نطاق المنخنقة والموقوذة المحرمة بنص الآية الكريمة (الآية 3 من سورة المائدة) وما ساقه المقال نقلا عن بعض الكتب والنشرات عن طريقة الذبح، لا يكفي بذاته لرفع الحل الثابت أصلا بعموم نص الآية الكريمة {وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم} المائدة 5 ، فضلا عن أنه ليس في المقال ما يدل حتما على أن المطروح في أسواقنا من اللحوم والدواجن والطيور مستوردا من تلك البلاد التي وصف طرق الذبح فيها من نقل عنهم ولابد أن يثبت أن الاستيراد من هذه البلاد التي لا تستعمل سوى هذه الطرق، ومع هذا فإن الطب - فيما أعلم - يستطيع أستجلاء هذا الأمر وبيان ما إذا كانت هذه اللحوم والطيور والدواجن المستوردة، قد أزهقت أرواحها بالصعق الكهرباء والإلقاء في الماء المغلي أو البخار، أو بالضرب على رأسها حتى تهوى ميتة، أو بإفراغ محتوى المسدس المميت في رأسها كذلك.
فإذا كان الطب البيطري أو الشرعي يستطيع علميا بيان هذا على وجه الثبوت، كان على القائمين بأمر هذه السلع، استظهار حالها بهذا الطريق أو بغيرها من الطرق المجدية، لأن الحلال والحرام من أمور الإسلام التي قطع فيها بالنصوص الواضحة، فكما قال الله سبحانه {اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم} المائدة 5 ، قال سبحانه قبل هذا {حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب} المائدة 3 ، وقد جاء في أحكام القرآن (ج - 2 ص 555) لابن عربى في تفسيره للآية الأولى فإن قيل فما أكلوه على غير وجه الذكاة كالخنق وحطم الرأس، فالجواب أن هذه ميتة وهى حرام بالنص.
وهذا يدل على أنه متى تأكدنا أن الحيوان قد أزهقت روحه بالخنق أو حطم الرأس أو الوقذ كان ميتة ومحرما بالنص.
والصعق بالكهرباء حتى الموت من باب الخنق، فلا يحل ما انتهت حياته بهذا الطريق.
أما إذا كانت كهربة الحيوان، لا تؤثر على حياته، بمعنى أنه يبقى فيه حياة مستقرة ثم يذبح كان لحمه حلالا في رأى جمهور الفقهاء، أو أي حياة وإن قلت في مذهب الإمام أبى حنيفة.
وعملية الكهرباء في ذاتها إذا كان الغرض منها فقط إضعاف مقاومة الحيوان والوصول إلى التغلب عليه وإمكان ذبحه جائزة ولا بأس بها، وإن لم يكن الغرض منها هذا، أصبحت نوعا من تعذيب الحيوان قبل ذبحه، وهو مكروة، دون تأثير في حله إذا ذبح بالطريقة الشرعية، حال وجوده في حياة مستقرة، أما إذا مات صعقا بالكهرباء فهو ميتة غير مباحة ومحرمة قطعا.
وإذ كان ذلك كان الفيصل في هذا الأمر المثار، هو أن يثبت على وجه قاطع أن اللحوم والدواجن والطيور المستوردة المتداولة في أسواقنا قد ذبحت بواحد من الطرق التي تصيرها من المحرمات المعدودات في آية المائدة، لا سيما، لا أن المقال لم يقطع بأن الاستيراد لهذه اللحوم من تلك البلاد التي نقل عن الكتب والنشرات اتباعها هذه الطرق غير المشروعة في الإسلام لتذكية الحيوان، ومن ثم كان على الجهات المعنية أن تتثبت فعلا ، بمعرفة الطب الشرعي أو البيطري إذا كان هذا مجديا في استظهار الطريقة التي يتم بها إنهاء حياة الحيوان في البلاد الموردة، وهل يتم بطريق الذبح بالشروط الإسلامية، أو بطريقة مميتة تخالف أحكام الإسلام أو التحقق من هذا بمعرفة بعوث موثوق بها إلى الجهات التي تستورد منها اللحوم والطيور والدجاج المعروض في الأسواق، تتحرى هذه البعوث الأمر وتستوثق منه.
أو بتكليف البعثات التجارية المصرية في البلاد الموردة لاستكشاف الأمر والتحقق من واقع الذبح، إذ لا يكفي للفصل في هذا بالتحريم مجرد الخبر، وإلى أن يثبت الأمر قطعا يكون الإعمال للقواعد الشرعية ومنها ما سبق في افتتاح المقال من أن الأصل في الأشياء الإباحة ، وأن اليقين لا يزول بالشك.
امتثالا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أخرجه البزار والطبرانى من حديث أبى الدرداء بسند حسن "ما أحل الله فهو حلال وما حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينسى شيئا".
وحديث أبى ثعلبة الذي رواه الطبراني "إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها ونهى عن أشياء فلا تنتهوكوها وحد حدودا فلا تعتدوها ، وسكت عن أشياء من غير نسيان، فلا تبحثوا عنها" وفي لفظ "وسكت عن كثير من غير نسيان فلا تتكلفوها، رحمة لكم فاقبلوها".
وروى الترمذي وابن ماجه من حديث سلمان "أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن الجبن والسمن والفراء التي يصنعها غير المسلمين فقال الحلال ما أحل الله في كتابه، والحرام ما حرم الله في كتابه، وما سكت عنه، فهو مما عفا عنه".
وثبت في الصحيحين "أنه صلى الله عليه وسلم توضأ من مزادة امرأة مشركة، ولم يسألها عن دباغها ولا عن غسلها" (الأشباه والنظائر للسيوطي - تحقيق المرحوم فضيلة الشيخ محمد حامد الفقى سنة 1356 هجرية - 1938 م - ص 60 في باب الأصل في الأشباه الإباحة حتى يدل على الدليل على التحريم) والله سبحانه وتعالى أعلم بالموضوع (1313)
******

استقبال الذابح للقبلة عند الذبح.
السؤال:
بكتاب مديرية الشئون البيطرية بمحافظة القاهرة المتضمن أنه بمناسبة إنشاء المجرز الآلى لمحافظة القاهرة بمنطقة البساتين، وإعداد الرسومات التنفيذية لهذه المشروع، وحرص المسئولين على أن تتم عملية الذبح طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية.
وأن المديرية لذلك تطلب بيان الحكم الشرعي فيما إذا كان يجب أن يكون الذابح والحيوان عند ذبحه موجها نحو القبلة الشريفة أو عدم وجوب هذا الشرط حتى تتمكن الإدارة من العمل بما يطابق الشريعة الإسلامية عند إعداد الرسومات التفيذية لهذا المشروع.
أجاب:
إن ابن قدامة (المغنى ج - 141 ص 46 مع الشرح الكبير) نقل عن ابن عمر وابن سيرين وعطاء الثوري والشافعي وأصحاب الرأي أنه يستحب أن يستقبل الذابح بذبيحته القبلة، وأن ابن عمر وابن سيرين قالا بكراهة أكل ما ذبح إلى غير جهة القبلة.
ونقل النووي في المجموع (ج - 9 ص 83) استحباب توجيه الذبيحة إلى القبلة، لأنه لابد لها من جهة فكانت جهة القبلة أولى.
ونقل ابن رشد في بداية المجتهد (ج - 1 ص 359) اختلاف الفقهاء في هذا فقال إن قوما استحبوا ذلك وقوما أجازوا ذلك وقوما أوجبوه وقوما كرهوا ألا يستقبل بها القبلة.
وإذ كان ذلك فإذا كان توجه الذابح بالذبيحة وقت ذبحها نحو القبلة أمرا ميسورا، ويمكن العمل عليه في الرسومات المقترحة كان أولى خروجا من اختلاف الفقهاء المنوه عنه - وبعدا بالمسلمين عن تناول ذبيحة مكروهة، امتثالا لقول الله سبحانه وتعالى {كلوا من طيبات ما رزقناكم} البقرة 57 ، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذي عن الحسن بن على رضى الله عنهما قال حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" والله سبحانه وتعالى أعلم
******

ما ذبح على الشريعة اليهودية
السؤال:
بكتاب الهيئة العامة للرقابة على الصادرات الواردات وقد جاء به إن الهيئة تلقت استفسارا من فرعها بالعريش عن مدى الاعتداد بشهادات الذبح المرافقة لرسائل الدواجن المجمدة الواردة من إسرائيل والتي تفيد أن الذبح قد تم حسب الشريعة اليهودية والمقبولة في الشريعة الإسلامية.
وأن الهيئة ترجو الإفادة عن الرأي الشرعي في الذبح بصفة عامة على الشريعة اليهودية، ومدى موافقتها للشريعة الإسلامية، حتى يتسنى إذاعة هذا الرأى على فروع الهيئة
الجواب
إن الله سبحانه وتعالى قال في كتابه الكريم {حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب} المائدة 3 ، وقال {اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم} المائدة 5 ، وقد اتفق علماء الإسلام على أنه لا يحل شىء من الحيوان المأكول البرى المقدور عليه بدون ذكاة (أى ذبح) لقوله سبحانه في آية المحرمات السابقة {إلا ما ذكيتم} فقد استثنى الله سبحانه وتعالى الحيوان المذكي من المحرم والاستثناء من التحريم إباحة ، والذكاة الشرعية التي يحل بها الحيوان البرى المقدور عليه هي أن يذبح الحيوان أو ينحر بآلة حادة مما ينهر الدم ويفرى الأوداج، أي يفجر دم الحيوان ويقطع عروقه من الرقبة بين الرأس والصدر، فيموت الحيوان إثرها، وأكمل الذبح أن يقطع الحلقوم والمريء (وهما مجرى الطعام والشراب والنفس) وأن يقطع معهما الودجان (وهما عرقان غليظان بجانبى الحلقوم والمريء).
والذبح معروف بالفطرة والعادة لكل الناس، وقد أقر الإسلام بيسره وسماحته وبساطته ما جرت به عادة الناس وأعرافهم، وأقرته سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الفعلية في ذبح الأضحية.
ومن ثم فما أثاره بعض الفقهاء من أنه هل من الواجب في الذبح قطع الأربعة (الحلقوم والمريء والودجين) وهل يجب في المقطوع قطع الكل أو الأكثر، وهل يشترط في القطع ألا تقطع الجوزة إلى جهة البدن، بل إنما تقطع إلى جهة الرأس، وهل إن قطعت من جهة العنق حل أكلها أم.
لا وهل من شرط الذكاة ألا يرفع الذابح يده عن الذبيحة حتى تتم الذكاة أم لا كل هذه التساؤلات خاض فيها الفقهاء، دون اعتماد على نص صريح باشتراطها، والذي ينبغي مراعاته، هو انهار دم الحيوان من موضع الذبح المعروف عادة وعرفا بقطع تلك العروق كلها أو أكثرها للحديث الشريف الصحيح "ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا" رواه البخاري وغيره) وقول الرسول صلى الله عليه وسلم "إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته" رواه مسلم عن شداد بن أوس وما رواه ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا ذبح أحدكم فليجهز).(رواه ابن ماجة) هذا وقد قال أهل اللغة إن كل ذبح ذكاة، وإن معنى الذكية في قوله تعالى {إلا ما ذكيتم} أى ما أدركتم وفيها بقية تشخب معها الأوداج، وتضطرب اضطراب المذبوح الذي أدركت ذكاته.
ذبائح أهل الكتاب - اليهود والنصارى هم أهل الكتاب، لأنهم في الأصل أهل توحيد ، وقد جاء حكم الله في الآية بإباحة طعامهم للمسلمين، وإباحة طعام المسلمين لهم في قوله سبحانه {وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم} المائدة 5 ، ومعنى هذه الآية على وجه الإجمال والله أعلم أن طعام الذين أوتوا الكتاب من اليهود والنصارى حل لكم بمقتضى الأصل، لم يحرمه الله، وطعامكم كذلك حل لهم فلا بأس أن تأكلوا من اللحوم التي ذكوا حيواناتها، أو التي صادوها ولكم أن تطعموهم مما تذكون ومما تصطادون.
وكلمة {وطعام الذين أوتوا الكتاب} عامة تشمل كل طعام لهم ، فتصدق على الذبائح والأطعمة المصنوعة من مواد مباحة، فكل ذلك حلال لنا، ما لم يكن محرما لذاته، كالميتة والدم المسفوح ولحم الخنزير، فهذه لا يجوز أكلها بالإجماع سواء كانت طعام مسلم أو كتابى.
هل يشترط أن تكون ذبائحهم مذكاة بآلة حادة، وفي الحلق؟.
لقد اشترط أكثر فقهاء المسلمين لحل ذبائح أهل الكتاب أن يكون الذبح على الوجه الذي ورد به الإسلام، وقال بعض فقهاء المالكية إن كانت ذبائحهم وسائر أطعمتهم، مما يعتبرونه مذكى عندهم حل لنا أكله، وإن لم تكن ذكاته عندنا ذكاة صحيحة، وما لا يرونه مذكى عندهم لا يحل لنا، ثم استدرك هذا الفريق فقال فإن قيل فما أكلوه على غير وجه الذكاة كالخنق وحطم الرأس، فالجواب أن هذه ميتة وحرام بالنص، فلا نأكلها نحن كالخنزير، فإنه حلال ومن طعامهم، وهو حرام علينا، فهذه أمثلة والله أعلم (أحكام القرآن لابن العربى المجد الثانى ص 553 - 556 طبعة دار المعرفة) وفي فقه الإمام أبى حنيفة إنما تؤكل ذبيحة الكتابي إذا لم يشهد ذبحه ولم يسمع منه شىء أو سمع وشهد منه تسمية الله تعالى وحده، وقد روى عن الإمام على بن أبى طالب حين سئل عن ذبائح أهل الكتاب قوله (قد أحل الله ذبائحهم وهو يعلم ما يقولون) (بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني ج - 5 ص 45 و 46) وفي فقه الإمام الشافعي (نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج للرملى ج - 8 ص 107، والإقناع بحاشية البيجرمي ج - 4 ص 56).
أنه لو أخبر فاسق أو كتابي أنه ذكى هذه الشاة قبلناه لأنه من أهل الذكاة.
وما تشير إليه هذه النصوص الفقهية يمكن تجميعه في القاعدة التي قررها الفقهاء وهى أن (ما غاب عنا لا نسأل عنه).
إذ أنه ليس على المسلم أن يسأل عما غاب عنه، كيف كانت ذكاته وهل استوفت شروطها أم لا وهل ذكر اسم الله على الذبيحة أم لم يذكر بل إن كل ما غاب عنا مما ذبحه مسلم (أيا كان جاهلا أو فاسقا) أو كتابي ، حل أكله.
والأصل في هذا الحديث الذي رواه البخاري أن قوما سألوا النبى صلى الله عليه وسلم فقالوا إن قوما يأتوننا باللحم لا ندرى أذكروا اسم الله عليه أم لا فقال صلى الله عليه وسلم "سموا الله عليه أنتم وكلوا".
فقد قال الفقهاء إن في هذا الحديث دليلا على أن التصرفات والأفعال تحمل على حال الصحة والسلامة حتى يقوم دليل على الفساد والبطلان.
لما كان ذلك كان الأصل العام المقرر من الله في القرآن الكريم في آيتى (3 و 5) سورة المائدة أن هناك محرمات استثنى فيها المذكى وأن هناك إباحة لطعام أهل الكتاب، اليهود والنصارى، ومن طعامهم الذبائح، والارتباط بين حكمى الآيتين قائم، فلابد أن نحرم من ذبائحهم ما يعتبر بحكم القرآن ميتة أو منخنقة أو موقوذة أو متردية أو نطيحة، أو انتهت حياتهم بأحد هذه الأسباب ولم تدرك بالذكاة، وكان مع هذا علينا أن نرعى وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الشأن ونعمل بها، فقد أخرج البزار والطبراني من حديث أبى الدرداء بسند حسن "ما أحل الله فهو حلال وما حرم فهو حرام ، وما سكت عنه فهو عفو فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينسى شيئا" وما أخرجه الطبرانى من حديث أبى ثعلبة "إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، ونهى عن أشياء فلا تنتهكوها، وحد حدودا فلا تعتدوها، وسكت عن أشياء من غير نسيان فلا تبحثوا عنها) وفي لفظ "وسكت عن كثير من غير نسيان فلا تتكلفوها، رحمة لكم، فاقبلوها".
وقد روى الترمذي وابن ماجه من حديث سلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الجبن والسمن والفراء التي يصنعها غير المسلمين فقال "الحلال ما أحل الله في كتابه والحرام ما حرم الله في كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفا عنه" الأشباه والنظائر للسيوطى تحقيق المرحوم الشيخ حامد الفقى سنة 1356 هجرية - 1938 م ص 60 في باب الأصل في الأشياء الإباحة حتى يدل الدليل على التحريم) إذ أن هذه الأحاديث تدل صراحة على أنه لا ينبغي أن نسارع إلى تحريم شيء لم يحرمه الله صراحة، ولابد أن نتثبت قبل التحريم وأن نرجع الأمر إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وإذا كان الله ورسوله قد بينا للمسلمين الحلال والحرام على هذا النحو الذي لا شبهة فيه.
كان الحكم الشرعي العام أن ذبائح اليهود والنصارى حل للمسلمين بنص القرآن الكريم وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا فقد ثبت في الصحيحين (المرجع السابق) (أنه صلى الله عليه وسلم توضأ من مزادة (المزادة وعاء من جلد من طبقة أو طبقتين أو ثلاث يحمل فيه الماء - المصباح وتاج العروس في مادة زود) امرأة مشركة، ولم يسألها عن دباغها ولا عن غسلها).
وللخبر المشهور من حديث (الروض النضير ج - 3 ص 167 وما بعدها) أنس رضى الله عنه (أن يهودية أهدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة مسمومة فأكل منها) أى دون أن يسأل عن طريق ذبحها، أو يتحقق من آلة الذبح.
لما كان ذلك ونزولا على ما صرح به الفقهاء من قبول خبر المسلم الفاسق أو الجاهل وخبر الكتابى في حل الذبيحة، باعتبار أن كلا منهم أهل للذكاة بنص القرآن والسنة، على ما سلف بيان سنده - يجوز الاعتداد بشهادات الذبح المرافقة لرسائل الدواجن واللحوم التي تستورد من بلاد يقوم بالذبح فيها كتابيون (اليهود والنصارى).
وذلك ما لم يظهر من فحص رسائل الدواجن واللحوم المستوردة أنها لم تذبح، وإنما أميتت بالصعق بالكهرباء، أو بالقذف بالماء المغلي أو في البخار أو بالضرب على الرأس أو بإفراغ محتوى المسدس المميت في رأسها، أو متى ظهر أنها قد أزهقت أرواحها بطريق من هذه الطرق وأمثالها.
أصحبت ميتة محرمة، لأنها بهذا تدخل في نطاق آية المحرمات (الآية الثالثة) في سورة المائدة.
ولما كان الحلال والحرام من أمور الإسلام التي قطع فيها كل من القرآن والسنة بالنصوص الواضحة التي يجب العمل بها جميعا، كان على المسئولين عن الرقابة على الواردات من اللحوم والدواجن المذبوحة، بل والمعلبة، التثبت مما إذا كانت قد ذبحت، أو أزهقت روحها بطريق جعلها من تلك المحرمات، وأن تطالب الجهة الموردة بوضوح الشهادة وذلك بتحديد طريق الذبح ومكانه، بأن يكون بآلة حادة وفيما بين الرأس والصدر، وليس بالصعق أو الخنق وأمثالهما على ما سبق بيانه.
ذلك لأنه اليهود بوصف عام أصحاب كتاب سماوي شرع الذبح تحليلا لأكل الحيوانات المسخرة للإنسان، ومثلهم النصارى باعتبارهم من أهل الكتاب أيضا، غير أنه يشترط أن تكون اللحوم مما أباح الإسلام تناولها.
وإذا كان ما تقدم وترتيبا عليه، ومراعاة تلك القيود، يجوز الاعتداد بشهادات الذبح المرافقة لرسائل الدواجن المجمدة المسئول عنها، ما لم يظهر من الفحص أنها لم تذبح وإنما أزهقت روحها بطريق آخر كالصعق أو الخنق، وأنه من باب الاحتياط للحلال والحرام.
أقترح أن تطالب الجهة الموردة ببيان طريق الذبح وألا يكتفي في الشهادة بأن الذبح تم حسب الشريعة اليهودية.
هذا، وان الله سائل كل راع عما استرعاه، حفظ أم ضيع والعمل أمانة، والرقابة على أقوات الناس وأطعمتهم أمانة قال تعالى {فليؤد الذي اؤتمن أمانته وليتق الله ربه} البقرة 283 ، والله سبحانه وتعالى أعلم
******

ذبائح اليهود والنصارى
السؤال:
بالطلب المقدم من السيد / ع م أ - لندن بانجلترا وقد جاء به أن السائل قرأ تفسيرا لقول الله سبحانه في القرآن الكريم في سورة المائدة {اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم} إلى آخر الآية الكريمة.
وهذا التفسير باللغة الإنكليزية لمؤلفه المفسر محمد أحمد المنشور في 1979 بلندن بانجلترا، وقد قال في صحيفة 110 تفسيرا لهذه الآية ما ترجمته اليوم أحل لكم الطيبات من الرزق كما يحل لكم أن تأكلوا، كما أن ذبيحة اليهود والمسيحيين مسموح لكم بها، وطعامكم مسموح حل لهم، ويجوز لكم الزواج بالحرائر المؤمنات، وكذا من حرائر اليهود والمسيحيات على أن تعطوهن المهور).
والسؤال هو هل يجوز للمسلم أن يأكل من ذبيحة اليهود والنصارى كما فسرها الأخ - محمد أحمد في تفسيره هذا باللغة الإنجليزية مع العلم بأن ذبيحتهم لم يذكر اسم الله عليها، كما أن المسيحيين لا يذبحون البهيمة إلا بعد حنقها أو كتم أنفاسها نتيجة ضربة بما يشبه المسدس؟.
الجواب
إن جمهور المفسرين للقرآن والفقهاء قد قالوا بمثل ما جاء في هذا التفسير المترجم، إذ قالوا ان المراد من كلمة {وطعام الذين أوتوا الكتاب} المائدة 5 ، في هذه الآية الذبائح أو اللحوم لأنها هى التي كانت موضع الشك - أما باقى أنواع المأكولات فقد كانت حلالا بحكم الأصل، وهو الإباحة والحل.
فقد نقل ابن جرير وابن المنذر والبيهقى وغيرهم عن ابن عباس رضى الله عنهما في تفسير قوله تعالى {وطعام الذين أوتوا الكتاب} أى ذبائحهم.
وما جاء بالسؤال من أن اليهود والنصارى لا يسمون على الذبائح وقت الذبح باسم الله تعالى، فقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا حسبما رواه الدار قطنى قال ان قوما سألوا النبى صلى الله عليه وسلم عن لحم يأتيهم من ناس لا يدرى أسموا الله عليه أم لا فقال عليه الصلاة والسلام (سموا الله أنتم وكلوا).
كما حفلت كتب السنة والسيرة بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأكل من ذبائح اليهود دون أن يسأل هل سموا الله عند الذبح أم لا وكذلك الصحابة رضوان الله عليهم، وما جاء بالسؤال من أن النصارى لا يذبحون وإنما يميتون الحيوان بالخنق أو بضرب الرأس بنحو المسدس، فإنه إذا تبين أن الحيوان مخنوق وأنه لم يذبح من المحل المعروف بقطع الأربعة العروق (الودجين والمرئ والحلقوم) أو أكثرها كان على المسلم الامتناع عن أكل لحمه، لأنه يدخل بهذا الاعتبار في الآية الأخرى في سورة المائدة {حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق} المائدة 3 ، لما كان هذا هو ما نقله المفسرون والفقهاء وأصحاب كتب السنة تفسيرا لهذه الآية وهو موافق للترجمة الواردة في السؤال كان ما قال به ذلك المفسر في ترجمته على هذا الوجه الوارد بالسؤال صوابا لا خروج فيه على حكم الإسلام.
والله سبحانه وتعالى أعلم
******

اللحوم المستوردة من الخارج
السؤال:
هل من الجائز شرعا أكل اللحوم المستوردة من الخارج؟.
الجواب:
بأن فتوانا التي أشرتم إليها فيه خاصة بماشية ذكيت بآلة ذبح شرعية (سكين) بواسطة أهل كتاب كما جاء في تقرير وزارة التموين المرافق بطلب هذه الفتوى والمرفق به شهادة رسمية مصدق عليها من الجهات التي لها حق التصديق بأن الذبح كان بسكين بهذا النص.
فهي فتوى عن حكم الشريعة في حيوان يحل أكله للمسلمين وذكى بآلة ذبح شرعية بمعرفة أهل الكتاب وليست الفتوى عامة لكل ما يذبح بواسطتهم وبأي آلة ولو لم تكن آلة ذبح شرعية ، فهي خاصة بما ذكرنا فلا تشمل غيرها من الذبائح التي يذبحونها بطرائق أخرى قد لا تكون شرعية ولعل منها الطريقة التي شاهدتها بنفسك فهذه لا تناولها فتوانا هدانا الله وإياكم سواء السبيل
******

الذبح بالكهرباء
السؤال:
من الجمعية العربية ص ب (91) كامولى أوغندة أفريقية الشرقية قالت هل الذبح بالآلة الكهربائية المستعملة في كثير من البلاد اليوم جائز شرعا، وهل فيه تذكية شرعية يترتب عليها جواز أكل المذبوح وبيعه للمسلمين؟.
الجواب:
بأن الله تعالى جعل الذكاة (الذبح) شرطا لحل أكل الحيوان إذا كان مما يحل أكله شرعا، وقد اشترط الفقهاء لحل الذبيحة عدة شروط منها ما يتعلق بآلة الذبح، ومنها ما يتعلق بمن يتولى الذبح، ومنها ما يتعقل بموضع الذبح، أما الآلة التي تذبح بها فقد اشترط الفقهاء فيها شرطين - الأول أن تكون محددة تقطع أو تخزق بحدها لا بثقلها - الثاني ألا تكون سنا ولا ظفرا فإذا اجتمع هذان الشرطان في شيء حل الذبح به سواء أكان حديدا أو حجرا أو خشبا.
لقول الرسول صلى الله عليه وسلم "ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا ما لم يكن سنا أو ظفرا" وإن كان يسن الذبح بسكين حاد.
أما من يتولى الذبح فقد نص الفقهاء على أن ذبيحة من أطاق الذبح من المسلمين وأهل الكتاب حلال إذا سموا أو نسوا التسمية، فكل من أمكنه الذبح من المسلمين وأهل الكتاب إذا ذبح حل أكل ذبيحته رجلا كان أو امرأة بالغا أو صبيا ولا يعلم في هذا خلاف - لقوله تعالى {وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم} المائدة 5 ، أي ذبائحهم.
ولا فرق بين العدل والفاسق من المسلمين وأهل الكتاب.
واختلف الفقهاء في اشتراط التسمية باسم الله على الذبيحة عند ذبحها.
فعن الإمام أحمد أنها تسمية غير واجبة في عمد ولا سهو وبه قال الإمام الشافعي.
والمشهور من مذهب الإمام أحمد وغيره من أئمة المذاهب أنها شرط مع التذكر وتسقط بالسهو ، وإذا لم تعلم حال الذابح إن كان سمى باسم الله أو لم يسم أو ذكر اسم غير الله أولا فذبيحته حلال.
لأن الله تعالى أباح لنا أكل الذبيحة التي يذبحها المسلم والكتابى وقد علم أننا لا نقف على كل ذابح، وقد روى عن عائشة رضي الله عنها أنهم قالوا يا رسول الله إن القوم حديثو عهد بشرك يأتوننا بلحم لا ندرى أذكروا اسم الله عليه أو لم يذكروا - فقال "سموا أنتم وكلوا" أخرجه البخاري.
أما ما ذكر عليه اسم غير الله فقد روى عن بعض الفقهاء حل أكله إذا كان الذابح كتابيا، لأنه ذبح لدينه وكانت هذه ديانتهم قبل نزول القرآن وأحلها في كتابه.
وذهب جمهور العلماء إلى حرمة ما ذبح على غير اسم الله إذا شوهد ذلك أو علم به - لقوله تعالى {إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله} البقرة 173 ، سواء كان الذابح مسلما أو كتابيا - أما موضع الذبح فقد شرطوا أن يكون بين الحلق والصدر مع قطع الحلقوم والمريء وأحد الودجين عند الحنفية.
وقال المالكية لا بد من قطع الحلقوم والودجين ولا يشترط قطع المريء.
وقال الشافعية والحنابلة لابد من قطع الحلقوم والمريء.
ولما كان السائل لم يذكر بالسؤال طريقة الذبح بالآلة الكهربائية التي يريد معرفة الحكم الشرعي في تذكيتها، وهل تحل أو لا تحل فنفيد بأنه إذا توافرت الشروط المذكورة في الذابح وهو يدير الآلة وكان الآلة بها سكين تقطع العروق الواجب قطعها في موضح الذبح المبين اعتبرت الآلة كالسكين في يد الذابح وحل أكل ذبيحتها.
وإذا لم تتوافر تلك الشروط فلا تحل ذبيحتها، وذلك بأن كانت الآلة تصعق أو تخنق أو تميت بأي طريقة أخرى غير مستوفية للشروط السابق ذكرها فلا تحل ذبيحتها.
وبهذا علم الجواب عن السؤال. والله تعالى أعلم
******

ذبيحة أهل الكتاب
السؤال:
بالطلب المقدم من السيد / م م ع من متشيجان جنوب شيكاغو ولاية الينوى بالولايات المتحدة الأمريكية المتضمن أن معظم المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية في حيرة بشأن أكل اللحم وأن الناس هناك لا يذبحون باسم الله وأن لليهود مذبحا (سلخانة) ويذبحون كما يذبح المسلمون.
وطلب السائل بيان الحكم الشرعي في ذلك؟.
الجواب:
جعل الله تعالى الذكاة (الذبح) لحل أكل الحيوان إذا كان مما يحل أكله شرعا - وقد اشترط الفقهاء لحل الذبيحة عدة شروط.
منها ما يتعلق بمن يتولى الذبح.
ومنها ما يتعلق بموضع الذبح.
ومنها ما يتعلق بأداة الذبح. 1 - أما من يتولى الذبح فقد نص الفقهاء على أن ذبيحة من أطاق الذبح من المسلمين وأهل الكتاب حلال إذا سموا أو نسوا التسمية، فكل من أمكنه الذبح من المسلمين وأهل الكتاب إذا ذبح حل أكل ذبيحته رجلا كان أو امرأة بالغا أو صبيا - ولا يعلم في هذه خلاف.
لقوله تعالى {وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم} أي ذبائحهم.
ولا فرق بين العدل والفاسق من المسلمين وأهل الكتاب.
وقد اختلف الفقهاء في اشتراط التسمية باسم الله على الذبيحة عند ذبحها.
فعن الإمام أحمد أنها تسمية غير واجبة لا في حالة التذكر ولا في حالة السهو.
وبه قال الإمام الشافعي. والمشهور من مذهب الإمام أحمد وغيره من أئمة المذاهب أنها شرط مع التذكر وتسقط بالسهو.
وإذا لم تعلم حال الذابح إن كان قد سمى باسم الله أو لم يسم أو ذكر اسم غير الله أو لا فذبيحته حلال.
لأن الله تعالى أباح لنا أكل الذبيحة التي يذبحها المسلم والكتابي.
وقد علم أننا لا نقف على كل ذابح. وقد روى عن السيدة عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها أنهم قالوا يا رسول الله إن القوم حديثو عهد بشرك يأتوننا بلحم لا ندرى أذكر اسم الله عليه أو لم يذكر فقال صلى الله عليه وسلم (سموا أنتم وكلوا) أخرجه البخارى.
أما ما ذكر عليه اسم غير الله فقد روى عن بعض الفقهاء حل أكله إذا كان الذابح كتابيا.
لأنه ذبح لدينه وكانت هذه ديانتهم قبل نزول القرآن وأحلها في كتابه.
وذهب جمهور العلماء إلى تحريم ما ذبح على غير اسم الله إذا شوهد ذلك أو علم به لقوله تعالى {إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله} سواء أكان الذابح مسلما أو كتابيا.
2 - أما الأداة التي يذبح بها فقد اشترط الفقهاء فيها شرطين الأول أن تكون محددة تقطع أو تخزق بحدها لا بثقلها.
الثاني ألا تكون سنا ولا ظفرا فإذا اجتمع هذان الشرطان في شىء حل الذبح به سواء أكان حديدا أو حجرا أو خشبا.
لقول الرسول صلى الله عليه وسلم "ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا ما لم يكن سنا أو ظفر" وإن كان يسن الذبح بسكين حاد.
وإن كان الذبح بآلة كهربائية فإنه إذا توافرت الشروط المذكورة وهو يدير الآلة وكانت الآلة سكينا تقطع العروق الواجب قطعها في موضع الذبح المبين اعتبرت الآلة كالسكين في يد الذابح وحل أكل ذبيحتها، وإذا لم تتوافر تلك الشروط بأن كانت الآلة تصعق أو تميت أو تخنق بأي طريقة أخرى غير مستوفية للشروط السابق ذكرها فلا تحل ذبيحتها.
3 - أما موضع الذبح فقد اشترطوا في الحالات الاختيارية أن يكون بين الحلقوم والصدر مع قطع الحلقوم والمريء وأحد الودجين عند الحنفية وقال المالكية لابد من قطع الحلقوم والودجين ولا يشترط قطع المرىء وقال الشافعية والحنابلة لابد من قطع الحلقوم والمريء.
ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال والله سبحانه وتعالى أعلم