فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله بشأن أعمال يوم العاشر من ذي الحجة
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز



أعمال يوم العاشر من ذي الحجة



ثانياً: فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
173 - الحلق أفضل من التقصير
س: أيهما أفضل الحلق أو التقصير بعد أداء النسك في العمرة أو الحج؟ وهل يجزئ تقصير بعض الرأس؟
ج: الأفضل الحلق في العمرة والحج جميعا لأن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا للمحلقين ثلاثا بالمغفرة والرحمة وللمقصرين واحدة , فالأفضل الحلق لكن إذا كانت العمرة قرب الحج فالأفضل فيها التقصير حتى يتوفر الحلق في الحج؛ لأن الحج أكمل من العمرة فيكون الأكمل للأكمل. أما إن كانت العمرة بعيدة عن الحج مثلا في شوال يمكن لشعر الرأس أن يطول فإنه يحلق حتى يحوز فضل الحلق. ولا يجزئ تقصير بعض الرأس ولا حلق بعضه في أصح قولي العلماء , بل الواجب حلق الرأس كله أو تقصيره كله. والأفضل أن يبدأ بالشق الأيمن في الحلق والتقصير.
174 - الأكمل تعميم شعر الرأس بالقص
س: الأخ / أ. م. ح. من أملج بالمملكة العربية السعودية يقول في سؤاله: حججت العام الماضي متمتعا بالعمرة إلى الحج , وبعد فراغي من العمرة قصرت شعر رأسي بالمقص بحيث أخذت بعض الشعيرات من معظم أجزائه بحجة أنني سوف أحلقه بعد أداء الحج فهل فيما فعلت شيء؟ أفتونا مأجورين
ج: ما فعلته من القص المذكور بالمقص مجزئ وليس عليك شيء, والأحوط والأكمل تعميم شعر الرأس بالقص , والحلق أفضل من القص لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا للمحلقين بالرحمة والمغفرة ثلاث مرات وللمقصرين مرة , إلا إذا كان قدوم الحاج في وقت قريب من الحج فإن الأفضل له أن يقصر حين تحلله من العمرة ويبقي الحلق للحج , لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر الذين قدموا معه للحج في حجة الوداع وليس معهم هدي أن يقصروا ولم يأمرهم بالحلق.
والحكمة في هذا، والله أعلم، أن يبقى بقية الرأس للحلق من التحلل من الحج. والله ولي التوفيق.
175 - مكان الحلق والتقصير
س: إذا رمينا جمرة العقبة هل لا بد من الحلق في منى أو نحلق بعد النزول إلى مكة؟ وخاصة أنه ربما لا توجد إمكانيات الحلاقة في منى؟ أرجو من سماحتكم إيضاح ذلك، وهل نحن محرمون أم لا؟ .
ج: الحلق أو التقصير يجوز فعله في منى وفي مكة وغيرهما.
181 - حكم لبس المخيط بعد رمي جمرة العقبة والحلق أو التقصير
سماحة الشيخ \ عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظه الله. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بمشيئة الله تعالى أريد أن أحج لهذا العام، وأريد أن أستفسر عن بعض أمور الحج التي أجهلها، وأرجو من الله ثم من سماحتكم أن تنيروا لنا الطريق، ولكم في ذلك الأجر والثواب إن شاء الله، وهذه الأمور هي:
س: هل بعد الرمي في اليوم العاشر إذا أردنا النزول إلى مكة للطواف والسعي، وتيسر لنا الحلق، فهل نطوف بالإحرام حتى نهاية السعي أم جائز لنا لبس المخيط بعد الرمي والحلق في منى؟ .
ج: إذا رمى الحاج يوم العيد جمرة العقبة وحلق أو قصر حل التحلل الأول، وجاز له الطيب ولبس المخيط ولم يبق عليه سوى تحريم النساء، وله أن يطوف في ملابس الإحرام ويسعى وإن لبس المخيط وغطى رأسه وقت الطواف والسعي فلا بأس؛ لأنه قد حصل له التحلل الأول برمي جمرة العقبة وبالحلق أو التقصير سواء كان رجلا أو امرأة، لكن المرأة ليس لها الحلق وإنما تقصر من رأسها فقط. والله ولي التوفيق.
182 - حكم الطواف على غير طهارة
س: من طاف على غير طهارة يوم العيد ثم سعى وهو جاهل بذلك، فهل يعيد الطواف ثم يسعى بعده؟ وهل يجوز تأخير الطواف إلى طواف الوداع بدون سعي؟ جزاكم الله خيرا .
ج: عليه أن يعيد الطواف، وإن أخره حتى يعزم على السفر، وطاف عند السفر أجزأه عن طواف الوداع، وإن أعاد السعي فحسن، خروجا من الخلاف.
أعمال يوم النحر
197 - السنة ترتيب أعمال يوم النحر
س: ما هو الأفضل في أعمال يوم النحر، وهل يجوز التقديم والتأخير؟ .
ج: السنة في يوم النحر أن يرمي الجمرات، يبدأ برمي جمرة العقبة وهي التي تلي مكة، ويرميها بسبع حصيات كل حصاة على حدة يكبر مع كل حصاة، ثم ينحر هديه إن كان عنده هدي، ثم يحلق رأسه أو يقصره، والحلق أفضل.
ثم يطوف ويسعى إن كان عليه سعي هذا هو الأفضل، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم. فإنه «رمى ثم نحر ثم حلق ثم ذهب إلى مكة فطاف عليه الصلاة والسلام» . هذا الترتيب هو الأفضل الرمي ثم النحر ثم الحلق أو التقصير ثم الطواف والسعي إن كان عليه سعي، فإن قدم بعضها على بعض فلا حرج، أو نحر قبل أن يرمي، أو أفاض قبل أن يرمي، أو حلق قبل أن يرمي، أو حلق قبل أن يذبح كل هذا لا حرج فيه. النبي صلى الله عليه وسلم «سئل عن من قدم أو أخر فقال: لا حرج لا حرج» .
س: هل يجوز أن نرجم ونعود إلى النحر قبل الطواف؟ .
ج: السنة للحاج يوم العيد أربعة أمور، وقد تكون خمسة:
الأول: الرمي، برمي الجمرة، أي: جمرة العقبة يوم العيد بسبع حصيات إذا كان ما رماها في آخر الليل، يرميها بعد طلوع الشمس، كما رماها النبي صلى الله عليه وسلم، ومن رماها من الضعفة من النساء والمرضى وكبار السن ومن معهم في النصف الأخير من ليلة مزدلفة أجزأهم ذلك. أما الأقوياء فالمشروع لهم أن يرموها ضحى بعد طلوع الشمس، كما رماها النبي صلى الله عليه وسلم.
الثاني: النحر، نحر الهدي إذا كان عنده هدي، فإنه ينحره في منى، وهو الأفضل إذا وجد الفقراء، أو في مكة وفي بقية الحرم.
تنحر الإبل واقفة معقولة يدها اليسرى، وتذبح البقر والغنم على جنبها الأيسر موجهة إلى القبلة.
الثالث: الحلق أو التقصير، فالرجل يحلق رأسه أو يقصره والحلق أفضل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم «دعا للمحلقين بالمغفرة والرحمة ثلاثا، وللمقصرين واحدة» ، والمرأة تقصر فقط تقطع من أطراف شعر رأسها قليلا، وإن كان رأسها ظفائر فإنها تأخذ من طرف كل ظفيرة قليلا.
الرابع: وهو طواف الإفاضة، ويسمى طواف الحج. وإذا كان عليه سعي صار خامسا، هذا السعي للمتمتع فإنه عليه السعي لحجه والأول لعمرته، وهكذا المفرد والقارن إذا كانا لم يسعيا مع طواف القدوم، وهذه الأمور التي تفعل يوم العيد وهي خمسة: أولها الرمي، ثم الذبح، ثم الحلق أو التقصير، ثم الطواف، ثم السعي في حق من عليه سعي. وهذه الأمور قد شرع الله فعلها ورتبها النبي صلى الله عليه وسلم هكذا، فإنه صلى الله عليه وسلم «رمى ثم نحر هديه ثم حلق رأسه ثم تطيب وتوجه إلى مكة للطواف عليه الصلاة والسلام» . لكن لو قدم بعضها على بعض فلا حرج، فلو أنه نحر قبل أن يرمي أو طاف قبل أن ينحر فلا حرج في هذا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن ذلك فقال: «لا حرج لا حرج» عليه الصلاة والسلام. والنساء قد يحتجن إلى الذهاب إلى مكة للطواف قبل أن يحدث عليهن دورة الحيض، فلو ذهبت في آخر الليل وقدمت الطواف قبل أن يصيبها شيء على الرمي أو على النحر أو على التقصير فلا بأس بهذا، فالأمر في هذا واسع والحمد لله، وقد ثبت أن أم سلمة رضي الله عنها رمت الجمرة ليلة العيد قبل الفجر ثم مضت إلى مكة فطافت طواف الإفاضة، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه سأله سائل فقال: «يا رسول الله، أفضت قبل أن أرمي فقال:" لا حرج " وسأله آخر فقال: نحرت قبل أن أرمي. فقال: لا حرج قال الصحابي الراوي عن النبي صلى الله عليه وسلم فما سئل يومئذ يعني - يوم النحر - عن شيء قدم أو أخر إلا قال: لا حرج لا حرج» عليه من ربه أفضل الصلاة وأزكى التسليم. وهذا من لطف الله سبحانه بعباده، فلله الحمد والمنة.
198 - حكم من حلق قبل صلاة العيد
س: ما حكم من حلق قبل صلاة العيد في الحج؟ جزاكم الله خيرا .
ج: هذا الأمر فيه تفصيل، فإن كان في الحج فإنه يشرع له إذا رمى جمرة العقبة أن يحلق أو يقصر، أما الصلاة فليس عليه صلاة، فيرمي الجمرة ثم يحلق، وإذا حلق قبل الرمي أجزأه ذلك، وقد «سئل النبي صلى الله عليه وسلم يوم العيد عمن قدم وأخر فقال: لا حرج لا حرج» لكن السنة أن يرمي ثم ينحر ثم يحلق أو يقصر والحلق أفضل ثم يطوف طواف الإفاضة، لكن إن قدم بعضها على بعض فلا حرج، وليس للحجاج صلاة يوم العيد؛ لأنه يقوم مقامها رمي الجمار.
199 - حكم من لم يعمم الرأس بالتقصير
س: ما الحكم فيمن اكتفى بالتقصير بشعرات أربع أو خمس؟
ج: الواجب على الحاج والمعتمر أن يعمم رأسه في الحلق والتقصير، كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام، وكما فعل أصحابه رضي الله عنهم بأمره.
200 - حكم تقديم طواف الإفاضة والسعي قبل رمي جمرة العقبة
س: هل يجوز تقديم طواف الإفاضة والسعي قبل رمي جمرة العقبة الكبرى أو قبل الوقوف بعرفة؟ أفيدونا أفادكم الله .
ج: يجوز تقديم الطواف والسعي للحج قبل الرمي، لكن لا يجزئ طواف الحج قبل عرفات ولا قبل نصف الليل من ليلة النحر، بل إذا انصرف منها ونزل من مزدلفة ليلة العيد يجوز له أن يطوف ويسعى في النصف الأخير من ليلة النحر، وفي يوم النحر قبل أن يرمي. «سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم قال: أفضت قبل أن أرمي؟ قال: لا حرج» فإذا نزل من مزدلفة صباح العيد أو في آخر الليل، ولا سيما إذا كان من العجزة ونزلوا في آخر الليل كالنساء وأمثالهم - جاز لهم البدء بالطواف؛ لئلا تحيض المرأة، وهكذا الرجل الضعيف يبدأ بالطواف ثم يرمي بعد ذلك لا حرج في ذلك، ولكن الأفضل أن يرمي ثم ينحر الهدي إن كان عنده هدي، ثم يحلق أو يقصر والحلق أفضل، ثم يطوف فيكون الطواف هو الأخير، كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم حينما «رمى الجمرة يوم العيد ثم نحر هديه، ثم حلق رأسه، ثم تطيب، ثم ركب إلى البيت فطاف» ، ولكن لو قدم بعضها على بعض بأن ينحر قبل أن يرمى، أو حلق قبل أن ينحر، أو حلق قبل أن يرمي، أو طاف قبل أن يرمي، أو طاف قبل أن يذبح، أو طاف قبل أن يحلق، كل ذلك مجزئ بحمد الله؛ لأن الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام «سئل عن التقديم والتأخير فقال: لا حرج لا حرج» .
201 - إذا كان الحاج ساكنا في أدنى الحل فلا حرج في الذهاب إلى مسكنه قبل الطواف والسعي
س: أنا أسكن على حدود الحرم من جهة التنعيم فهل يجوز أن أذهب إلى منزلي قبل الطواف والسعي للحج؟ أرجو التكرم بالإجابة أثابكم الله .
ج: إذا كان الحاج ساكنا في أدنى الحل كالشرائع أو نحوها فلا حرج في الذهاب إلى مسكنه قبل الطواف والسعي.
202 - التحلل الأول والتحلل الثاني
س: ماذا يقصد بالتحلل الأول والتحلل الثاني؟ .
ج: يقصد بالتحلل الأول إذا فعل اثنين من ثلاثة، إذا رمى وحلق أو قصر، أو رمى وطاف وسعى إن كان عليه سعي، أو طاف وسعى وحلق أو قصر، فهذا هو التحلل الأول.
وإذا فعل الثلاثة: الرمي، والطواف، والسعي إن كان عليه سعي، والحلق أو التقصير، فهذا هو التحلل الثاني. فإذا فعل اثنين فقط لبس المخيط وتطيب، وحل له كل ما حرم عليه بالإحرام ما عدا الجماع، فإذا جاء بالثالث حل له الجماع.
وذهب بعض العلماء إلى أنه إذا رمى الجمرة يوم العيد يحصل له التحلل الأول وهو قول جيد، ولو فعله إنسان فلا حرج عليه إن شاء الله، لكن الأولى والأحوط ألا يعجل حتى يفعل معه ثانيا بعده الحلق أو التقصير، أو يضيف إليه الطواف والسعي إن كان عليه سعي؛ لحديث عائشة - وإن كان في إسناده نظر - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم الطيب وكل شيء إلا النساء» ولأحاديث أخرى جاءت في الباب، ولأنه صلى الله عليه وسلم «لما رمى الجمرة يوم العيد ونحر هديه وحلق، طيبته عائشة» . وظاهر النص أنه لم يتطيب إلا بعد أن رمى ونحر وحلق، فالأفضل والأحوط أن لا يتحلل التحلل الأول إلا بعد أن يرمى وحتى يحلق أو يقصر، وإن تيسر أيضا أن ينحر الهدي بعد الرمي وقبل الحلق فهو أفضل وفيه جمع بين الأحاديث.
س: ما هي الأمور التي يتحلل بها الحاج، التحلل الأول والثاني، وهل لا بد من ترتيبها؟ وما معنى " يسوق الهدي "؟ .
ج: يحصل التحلل الأول باثنين من ثلاثة وهي: رمي جمرة العقبة يوم العيد، والحلق أو التقصير، وطواف الإفاضة مع السعي في حق من عليه سعي، فإذا رمى الحاج وحلق أو قصر حصل له التحلل الأول، فله لبس المخيط مطلقا وله الطيب، وقلم الأظافر ونحو ذلك، ومتى طاف طواف الإفاضة وسعى إن كان متمتعا أو مفردا أو قارنا ولم يسع مع طواف القدوم حل له كل شيء حرم عليه بالإحرام من النساء والطيب ولبس المخيط وغير ذلك.
أما سوق الهدي فمعناه: أن يسوق معه ناقة أو أكثر، أو بقرة أو أكثر أو شاة أو أكثر هدية؛ ليذبحها في مكة، فليس له التحلل حتى ينحر هديه، سواء ساق الهدي من بلده أو من أثناء الطريق؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم «أمر من كان معه هدي ألا يحل من إحرامه حتى ينحر هديه يوم العيد أو في أيام التشريق» .
ولا يجب الترتيب بين هذه الأمور المذكورة، فله أن يقدم الطواف على الرمي، وله أن يقدم الحلق أو التقصير على الرمي والنحر، ولكن الأفضل هو الترتيب، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم فيرمي ثم ينحر إن كان عنده هدي أو عليه هدي، ثم يحلق أو يقصر، ثم يطوف، ثم يسعى إن كان عليه سعي، هذا هو الترتيب المشروع.

203 - متى تحل المرأة لزوجها الحاج
س: إذا طاف الحاج طواف الإفاضة فهل يحل له النساء مدة أيام التشريق؟ .
ج: إذا طاف الحاج طواف الإفاضة لا يحل له إتيان النساء إلا إذا كان قد استوفى الأمور الأخرى، كرمي جمرة العقبة، والحلق أو التقصير، وعند ذلك يباح له النساء وإلا فلا. الطواف وحده لا يكفي، ولا بد من رمي الجمرة يوم العيد، ولا بد من حلق أو تقصير، ولا بد من الطواف والسعي إن كان عليه سعي، وبهذا يحل له مباشرة النساء أما بدون ذلك فلا، لكن إذا فعل اثنين من ثلاثة بأن رمى وحلق أو قصر فإنه يباح له اللبس والطيب ونحو ذلك ما عدا النساء، وهكذا لو رمى وطاف أو طاف وحلق، فإنه يحل له الطيب واللباس المخيط، ومثله الصيد وقص الظفر وما أشبه ذلك، لكن لا يحل له جماع النساء إلا باجتماع الثلاثة: أن يرمي جمرة العقبة، ويحلق أو يقصر، ويطوف طواف الإفاضة ويسعى إن كان عليه سعي كالمتمتع، وبعد هذا تحل له النساء. والله أعلم.