فتاوى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: (الطواف حول الكعبة)
الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين
*دخول مكة.
*دخول المسجد الحرام وآداب الدخول.
*صفة الطواف وواجباته وسننه.
*تقبيل الحجر الأسود واستلامه.
*استلام الركن اليماني.
*التكبير في آخر شوط.
*ذكر الطواف.
*استعمال الهاتف الجوال في الطواف أو السعي.
*من ترك شيئاً من الطواف.
*الطهارة للطواف.
*الصلاة بعد الطواف.
*مقام إبراهيم عليه الصلاة والسلام.
*حكم الموالاة بين الطواف والسعي.
س 792: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل هناك أخطاء يقع فيها الحجاج في مسيرهم من الميقات إلى المسجد الحرام؟
فأجاب فضيلته بقوله: نعم، هناك أخطاء بعد الإحرام من الميقات إلى الوصول إلى المسجد الحرام، وذلك في التلبية، فإن المشروع في التلبية أن يرفع الإنسان صوته بها؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "أتاني جبريل وأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال " يعنى التلبية وترى أفواج الحجيج بأعداد ضخمة لا تسمع أحداً يلبي، فلا يكون للحج مظهر في ذكر الله عز وجل، بل إنه تمر بك الأفواج وكأنهم ما ينطقون والمشهور للرجال أن يرفعوا أصواتهم بما يستطيعون من غير مشقة في التلبية؛ لأن الصحابة- رضي الله عنهم- كانوا يفعلونها هكذا في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، امتثالاً لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك، كما أشرنا إليه آنفاً.
وخطأ آخر في التلبية أن بعض الحجاج يلبون بصوت جماعي، فيتقدم أحد منهم، أو يكون في الوسط، أو في الخلف ويلبي، ثم يرفعون أصواتهم بصوت واحد، وهذا لم يرد عن الصحابة - رضي الله عنهم- بل قال أنس بن مالك- رضي الله عنه-: "كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع ومنا المكبر، ومنا المهلل، ومنا الملبي" وهذا هو المشروع أن يلبي كل واحد لنفسه، وأن لا يكون له تعلق بغيره.
س 793: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى- هل هناك أخطاء يقع فيها بعض الحجاج عند دخول المسجد الحرام؟
فأجاب فضيلته بقوله: الأخطاء التي تأتي عند دخول الحرم:
أولاً: أن بعض الناس يظن أنه لابد أن يدخل الحاج أو المعتمر من باب معين في المسجد الحرام، فيرى بعض الناس مثلاً أنه يدخل إذا كان معتمراً من باب يسمى باب العمرة، وأن هذا أمر لابد منه، أو أمر مشروع، ويرى آخرون أنه لابد أن يدخل من باب السلام، وأن الدخول من غيره يكون إثماً أو مكروهاً، وهذا لا أصل له، فللحاج والمعتمر أن يدخل من أي باب كان، وإذا دخل المسجد فليقدم رجله اليمنى، وليقل ماورد في الدخول لسائر المساجد فيسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويقول: "اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك " (2).
ثانياً: أن بعض الناس يبتدع أدعية معينة عند دخول المسجد ورؤية البيت، يبتدع أدعية لم ترد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو الله بها، وهذا من البدع، فإن التعبد لله تعالى بقول، أو فعل، أو اعتقاد لم يكن عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه- رضي الله عنهم- بدعة ضلالة حذر منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ثالثاً: يعتقدون أن تحية المسجد الحرام الطواف، بمعنى أنهم يسنون لكل من دخل المسجد الحرام أن يطوف، اعتماداً على قول بعض الفقهاء في أن سنة المسجد الحرام الطواف، والواقع أن الأمر ليس كذلك، فالمسجد الحرام كغيره من المساجد التي قال فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين " ولكن إذا دخلت المسجد الحرام سواء كان الطواف طواف نسك كطواف العمرة والحج، أو كان طواف تطوع كالأطوفة في غير النسك فإنه يجزئك أن تطوف وإن لم تصل ركعتين، هذا هو معنى قولنا: (إن المسجد الحرام تحيته الطواف) وعلى هذا فإذا دخلت لغير نية الطواف ولكن لانتظار الصلاة، أو لحضور مجلس علم، أو ما أشبه ذلك فإن المسجد الحرام كغيره يُسن فيه أن يصلي ركعتين قبل أن يجلس، لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك.
س 794: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: إذا قدم إلى مكة وهو متعب ولم يتمكن من أداء العمرة إلا في اليوم التالي فما حكم ذلك؟ وهل يشترط أداء العمرة فور الوصول للمسجد الحرام؟
فأجاب فضيلته بقوله: الأفضل للإنسان الذي أتى معتمراً أن يبدأ قبل كل شيء بالعمرة حتى قبل أن يذهب إلى بيته ويبتدىء بالعمرة لأنها هي المقصودة، ولكنه إذا أخرها ولا سيما عند التعب حتى يستريح فلا حرج عليه في ذلك وعمرته تامة.
س 795: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: المعتمر والمتمتع متى يقطع التلبية في العمرة وفي الحج؟
فأجاب فضيلته بقوله: المعتمر يقطع التلبية إذا شرع في الطواف. والحاج القارن، أو المفرد، أو المتمتع يقطع التلبية عند شروعه في رصي جمرة العقبة.
س 796: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل تحية المسجد الحرام صلاة ركعتين أو الطواف؟
فأجاب فضيلته بقوله: المسجد الحرام كغيره من المساجد من دخل ليصلي، أو ليستمع الذكر، أو ما أشبه ذلك من الإرادات فإنه يصلي ركعتين كغيره من المساجد، لعموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين " أما إذا دخل ليطوف كإنسان معتمر دخل ليطوف طواف العمرة، أو يطوف تطوعاً فهنا يغني الطواف عن ركعتي تحية المسجد؛ لأنه إذا طاف فسوف يصلي ركعتين بعد الطواف.
س 797: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: نرى كثيراً من الناس في المطاف يعمد بعضهم إلى أن يتحلقوا حول نسائهم فتكون ظهور بعضهم إلى الكعبة فهل هذا جائز وهل حجهم صحيح؟ وما تنصحون من كان معه نساء هل يكونون جماعات أو أن يكونوا فرادى؟
فأجاب فضيلته بقوله: صورة المسألة أن بعض الناس يكون معه نساء ثم يدورون حول نسائهم وفي هذه الحال سيكون بعضهم ظهره إلى الكعبة، أو صدورهم إلى الكعبة والطواف يجب أن تكون الكعبة عن يسار الطائف فهؤلاء الذين ظهورهم نحو الكعبة، أو صدورهم نحو الكعبة يجب أن ينتبهوا لها لأن من شروط صحة الطواف أن تكون الكعبة عن يسار الطائف ..
أما الشق الثاني من السؤال وهو: هل الأولى أن الناس يجتمعون جميعاً على نسائهم، أو أن كل واحد منهم يمسك بيد امرأته، أو أخته، أو المرأة التي معه من محارمه ويطوف بها وحده؟
هذا يرجع إلى حال الإنسان فقد يكون الإنسان ضعيفاً لا يستطيع المزاحمة فيحتاج إلى أن يكون حوله أحد من رفقته ليدافع عنه ما يخشى من الهلاك، وقد يكون الإنسان قوياً فهنا نرى أن كونه يأخذ بيد امرأته ويطوف بها وحدها أيسر له، وأيسر لها، وأيسر للناس أيضاً.
س 798: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: يعمد كثير من الرجال إذا كان معهم نساء أن يمسك بعضهم بيد بعض في الطواف ويتحلقوا على من معهم من النساء حتى إن بعضهم ربما طاف على قفاه أو الكعبة عن يمينه ثم إنهم قد تكون النساء ليس كلهن محارم لهم؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا من الأمر الخطير من وجه والمؤذي من وجه آخر أما كونه مؤذياً فلأنه إذا جاءوا هكذا مجتمعين آذوا الناس ومن المعلوم أنه لا يحل للإنسان أن يتعمد ما فيه أذية المسلمين.
وأما الخطر فلأنه كما قال السائل بعض الناس يطوف والكعبة خلف ظهره، أو الكعبة أمام وجهه، ومن شرط الطواف أن تجعل الكعبة عن يسارك، وإذا جعلتها خلف ظهرك، أو عن يمينك، أو أمامك فإن الطواف لا يصح.
س 799: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل طاف في سطح المسجد الحرام وفي أثناء الطواف نزل إلى المسعى ولم يكن ذلك عن شدة زحام حيث كان هناك زحام ولكن كان يطيقه ولكن نزل وطاف في المسعى عدة أشواط فما حكم طوافه هذا وهو طواف وداع الحج؟
فأجاب فضيلته بقول: حكم طوافه هذا أنه لم يصح لأنه طاف خارج المسجد، وإذا طاف خارج المسجد لم يصدق عليه أنه طاف بالبيت والله عز وجل يقول: (وَلْيَطَّوَّفُ ا بِالْبَيْتِ) وإذا طاف خارج المسجد صار طائفًا بالمسجد لا بالبيت؛ لأنه حال بينه وبين البيت جدار المسجد، فعلى هذا يكون طوافه هذا غير صحيح، وإذا كان طواف الوداع فقد ترك واجباً، والمشهور عند العلماء أن من ترك واجباً فعليه فدية يذبحها في مكة، ويوزعها على الفقراء.
س 800: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: عن رجل في طواف الوداع في الحج طاف من ناحية المسعى على الجدار الذي بين المسعى والمطاف وفي أحد الأشواط طاف مع المسعى، فسأل أحد الحجاج: هل يجوز الطواف مع المسعى، فأجاب: أنه يجوز، فهل هذا صحيح أم لا وإن كان غير صحيح فما يلزمه وكذلك الرجل الذي أجاب. علما أنه لا يعرفه؟
فأجاب فضيلته بقوله: أما الطواف على سطح المسعى فلا يجوز؛ لأن المسعى خارج المسجد الحرام، ولذلك لو أن امرأة طافت للعمرة ثم حاضت قبل السعى جاز لها أن تسعى لأن السعي لا يشترط له الطهارة، والمسعى ليس مسجداً حتى نقول لا تمكث فيه، وكذلك لو أن امرأة جاءت مع أهلها وعليها الحيض وجلست في المسعى تنتظرهم وهي حائض فلا بأس، وكذلك الجنب يمكث فيه بدون وضوء؛ لأنه ليس بمسجد، وكذلك المعتكف في المسجد الحرام لا يخرج إلى المسعى، لأن المسعى خارج المسجد فلا يجوز الطواف خارِج المسجد، لأن الله تعالى قال: (وَلْيَطَّوَّفُ ا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29)) ومن طاف خارج حدود المسجد يقال طاف بالمسجد لا طاف بالبيت، لكن نرى في هذه الأزمنة المتأخرة وكثرة الحجاج والزحام الشديد نرى أنه إذا طاف في سطح المسجد وامتلأ المضيق الذي بجانب المسعى ولم يجد بداً من النزول إلى المسعى أو الطواف فوق الجدار نرى إن شاء الله تعالى أنه لا بأس به، لكن يجب أن ينتهز الفرصة من حين ما يجد فرجة يدخل في المسجد.
أما إفتاؤه للرجل بغير علم فهو حرام عليه لقول الله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (33))
وليعلم المفتون أن من أفتى أحداً بغير علم فترك واجباً فإثمه على الذي أفتاه، وإن فعل محرماً فإثمه على الذي أفتاه، والفتوى ليست سلعاً تباع وتشترى ويجلب لها الزبائن، الفتوى أمرها خطير؛ لأن المفتي سفير بين الله وبين خلقه في إبلاغ شرعه، فهو أمر عظيم جداً، وأجرأ الناس على الفتيا أجرأهم على النار والعياذ بالله فعلى كل واحد أن يتقي ربه وأن لا يستعجل إن قدر الله تعالى أن يكون أمة يهدي الله به الناس، فسوف يكون، فليصبر حتى ينضج، والإنسان إذا أكل العنب وهو حصرم قبل أن ينضج فإنه يضره، فنقول: تأنى حتى تصل إلى الغاية التي تؤهلك للفتوى، أما أن تعرف مسألة من العلم وتظن أنك عرفت جميع المسائل أو تحمل برأيك فهذا لا يجوز.
س 801: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: يطوف الناس في سطح المسجد الحرام وهو يضيق من قبل المسعى إلى ستة أمتار فيضطر الناس للخروج إلى سطح المسعى فهل في ذلك مانع وما التعليل والدليل؟
فأجاب فضيلته بقوله: المسعى ليس من المسجد الحرام بل هو خارجه، ولهذا يجوز للمرأة الحائض أن تنتظر أهلها في المسعى، لكنها لا تدخل المسجد، ولا يجوز للمعتكف في المسجد الحرام أن يخرج إلى المسعى؛ لأن المسعى خارج المسجد الحرام، وإذا كان كذلك فإنه لا يجوز الطواف في سطح المسعى؛ لأنه خارج المسجد، لكن لو حصل ضرورة كالزحام الشديد الذي لا يتمكن الإنسان معه أن يستمر في طوافه فأرجو ألا يكون به بأس؛ لأن المطاف من جهة المسعى في السطح ضيق، فقد يأتي الناس وهم قد ملئوا ما قبلها فإذا جاءوا منها ضاقت عليهم فيضطر الإنسان أن ينزل إلى سطح المسعى فلكون هذه الضرورة أرجو ألا يكون فيه بأس، أما الدليل على أنه لا يجوز الطواف في المسعى أو خارج المسجد الحرام فإن الله تعالى يقول: {وَلْيَطَّوَّفُ ا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} وإذا طاف الإنسان من وراء المسجد فقد طاف بالمسجد لا بالبيت فلا يصح طوافه.
س 802: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم الطواف في سطح المسجد الحرام؟
فأجاب فضيلته بقوله: الطواف من فوق سطح المسجد جائز، كما نص على ذلك أهل العلم، لأن جميع المسجد الحرام ما أدخلت أبوابه فهو محل للطواف، أما المسعى وما وراء الأبواب فليس بمحل للطواف. والله أعلم.
س 803: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل طاف خمسة أشواط وشعر بتعب شديد من شدة الزحام عند الساعة العاشرة مساءً فارتاح إلى بعد صلاة الفجر ونام نوماً خفيفاً وبعد الصلاة أكمل الطواف فما حكم ذلك؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا بد أن يستأنف الطواف إذا فصل بين أجزائه فاصل طويل، أما الفاصل اليسير كما لو أقيمت الصلاة فصلى فهنا يبني على ما سبق، ولا يحتاج على القول الراجح أن يبدأ الشوط من أول الشوط، بل يكمل من المكان الذي توقف فيه، وكذلك لو حضرت جنازة فصلى عليها فإنه لا ينقطع، أما لو انتقض وضوؤه على القول بأنه شرط لصحة الطواف ثم ذهب يتوضأ فلابد من استئناف الطواف من أوله، وعلى هذه المسألة التي ذكرها السائل نقول: يجب عليه أن يعيد الطواف من الأول، وهذا الرجل لا زال الآن في عمرته، ويجب عليه أن يخلع الثياب الآن، ويتجنب جميع محظورات الإحرام، ويذهب إلى مكة ويطوف من أول الطواف ويسعى ويقصر. أما ما فعله من محظورات في هذه الحال فهو جاهل ولا شيء عليه.
س 804: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل طاف من الطواف شوطين ولكثرة الزحام خرج من الطواف وارتاح لمدة ساعة أو ساعتين ثم رجع للطواف ثانية فهل يبدأ من جديد أو يكمل طوافه من حيث انتهى؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا كان الفصل طويلاً كالساعة والساعتين فإن الواجب عليه إعادة الطواف، وإذا كان قليلاً فلا بأس، وذلك لأنه يشترط في الطواف وفي السعي الموالاة وهي تتابع الأشواط، فإذا فصل بينها بفاصل طويل بطل أول الأشواط، ويجب عليه أن يستأنف الطواف من جديد، أما إذا كان الفصل ليس طويلاً جلس لمدة دقيقتين أو ثلاث ثم قام وأكمل فلا بأس.
س 805: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: عن سيدة طافت طواف الإفاضة ستة أشواط وكانت تعتقد أنها سبعة وبعد السعي والتقصير قامت بطواف الشوط الواحد فهل هذا جائز؟
فأجاب فضيلته بقوله: أولاً كلمة (سيدة) أنا لا أوافق عليها، وكلمة (السيدة) جاءتنا من الغرب، من الذين يقدسون النساء أكثر من الرجال، ونحن نسميها ما سماها الله به وهي امرأة، والذكر رجل.
لكن سؤالها تقول: إنها طافت طواف الإفاضة ستة أشواط.
ونقول: هل هي متيقنة؛ لأنه أحياناً يظن الإنسان أنه طاف ستة أشواط وهو قد طاف سبعة، فإن كانت متيقنة أنها ستة أشواط فإن إلحاق الشوط السابع بعد هذا الفصل الطويل لا ينفع فعليها الآن أن تعيد الطواف سبعة أشواط من أوله، أما إذا كان مجرد شك بعد أن انتهى الطواف ظنت أنها لم تكمل فلا تلتفت إلى هذا، وهذه قاعدة تنفعك في الصلاة وفي الطواف: إذا شككت بعد الفراغ من العبادة فلا تلتفت إلى الشك أبداً حتى تتيقن.
س 806: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل طاف ثلاثة أشواط وهو صائم ثم قطع الطواف لأجل الافطار ولم يكمله إلى الآن (أي بعد صلاة التراويح) فهل يكمله؟
فأجاب فضيلته بقوله: نقول: لا يمكن أن يكمله الآن لطول الفص بين أجزاء الطواف، والطواف لابد أن يكون متوالياً، فإذا قطعه على غير وجه شرعي فلا بد من إعادته، ولكن الذي يظهر من حال السائل أن هذا الطواف نفل وليس بطواف عمرة، وإذا كان نفلاً فلا حرج عليه أن يقطعه ولا يكمله، ونقول له: الآن أنت قطعته للإفطار وتركته حتى الآن فليس عليك وزر، ولكن فاتك أجر الطواف، لأن الطواف لم يكمل.
س 807: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل الأفضل للطائف الصائم إذا أذن المغرب وهو يطوف أن يفطر ويعيد الطواف من جديد؟
فأجاب فضيلته بقوله: حيث إنه ورد في الحديث: "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر" فالأولى أن يبادر بالفطر، لكن لا يضُر إذ يمكن أن يأكل وهو يطوف، ومثل هذا إذا كان المغرب قريباً فليستعد لذلك يأخذ معه تمرات من أجل أن يبادر بالفطر. ولا حاجة إلى أن يقطع الطواف.
س 808: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل يقول نويت الحج متمتعاً هذا العام وهي المرة الأولى أحج فيها وعندما قمت بأداء العمرة وعند الطواف بالكعبة طفت أكثر من سبعة أشواط لأني ما كنت أعلم من أين يبدأ الطواف؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا الرجل يقول إنه مكة أول ما قدم هذه السنة وأنه طاف بالبيت أكثر من سبعة أشواط لأنه لا يدري من أين يبتدىء الطواف، وعلى كل حال الإنسان أول ما يقدم يخفى عليه الشيء لكن من فضل الله وتيسيره و نعمته أنه يوجد الآن خط بني يبتدىء منه الطواف وينتهي إليه، هذا الخط موضوع على قدم الحجر الأسود، فلذلك ابتدىء الطواف منه وانتهي به، أما كونه طاف أكثر من سبعة أشواط فلله منها سبعة والباقي لا شيء عليه فيها لأنه جاهل كما يوجد بعض الناس يطوف بالصفا المروة أربعة عشر شوطاً، يرون أن الشوط لا يكون إلا من الصفا إلى الصفا فلو فعل الإنسان هذا جاهلاً فلا شيء عليه، لكن ينبغي على الإنسان بل يجب على الإنسان إذا أراد أن يحج أو يعتمر أن يفهم قبل أن يبدأ.
س 809: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: إذا طاف الإنسان أربعة أشواط ثم قطع الطواف من أجل الصلاة أو الزحام ثم أتمه بعد ذلك بعد خمس وعشرين دقيقة من الفصل فما حكم هذا الطواف؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا الطواف قد انقطع بطول الفصل بين أجزائه؛ لأنه إذا قطعه لأجل الصلاة فإن المدة تكون قليلة، الصلاة لا تستغرق إلا عشر دقائق، أو ربع ساعة، أو نحو ذلك أما خمس وعشرون دقيقة فهذا فصل كثير يبطل بناء الأشواط بعضها على بعض، وعلى هذا فليعد طوافه حتى يكون صحيحاً؛ لأن الطواف عبادة واحدة فلا يمكن أن تفرق أجزاؤها أشلاًء ينفصل بعضها عن بعض بمقدار خمس وعشرين دقيقة أو أكثر، فالموالاة بين أشواط الطواف شرط لا بد منه، لكن رخص بعض العلماء بمثل صلاة الجنازة أو التعب ثم يستريح قليلاً ثم يواصل وما أشبه ذلك.
س 810: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما الحكم إذا أقيمت الصلاة أثناء الطواف؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا أقيمت الصلاة والإنسان يطوف سواء طواف عمرة، أو طواف حج، أو طواف تطوع فإنه ينصرف من طوافه ويصلي، ثم يرجع ويكمل الطواف ولا يستأنفه من جديد؛ ويكمل الطواف من الموضع الذي انتهى إليه من قبل، ولا حاجة إلى إعادة الشوط من جديد، لأن ما سبق بني على أساس صحيح وبمقتضى إذن شرعي، فلا يمكن أن يكون باطلاً إلا بدليل شرعي.
س 811: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: قمت بأداء العمرة مع أهلي وأنا مصابة في ألم بالساق نتيجة إصابتي بكسر يسير والحمد لله، ولكن الآلام تعاودني مع كثرة المشي، وسؤالي هنا يا فضيلة الشيخ هو: أثناء الطواف بدأت أطوف وأجلس قليلاً لأريح قدمي وهكذا ولكن الألم اشتد عليَّ حتى جعلني أترك الشوط الأخير ماذا عليّ الآن وما الحكم إذا كان والدي قد طاف عني في الشوط الأخير في نفس الوقت؟
فأجاب فضيلته بقوله: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، الطواف الذي وقع من هذه المرأة لم يصح، وإذا لم يصح الطواف لم يصح السعي، وعلى هذا فهي لا تزال الآن في عمرتها، يجب عليها الآن أن تتجنب جميع محظورات الإحرام، ومنه معاشرة الزوج، إن كان لها الزوج، ثم تذهب إلى مكة وهي على إحرامها وتطوف وتسعى وتقصر من أجل أن تكمل العمرة، إلا إذا كانت قد اشترطت عند ابتداء الإحرام "إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني " فإنها قد تحللت الآن، ولكن ليس لها عمرة لأنها تحللت منها.
وإنني بهذه المناسبة أنصح إخواني المسلمين من التهاون في هذه الأمور، فإن من الناس الآن من يسأل عن حج أو عمرة لها سنوات أخل فيها بركن وجاء يسأل، سبحان الله إن الإنسان لو ضاع له شاة لم يبت ليلته حتى يجدها، فكيف بمسائل الدين والعلم؟! فأقول: إن الإنسان يجب عليه:
أولاً: أن يعلم قبل أن يعمل.
ثانياً: إذا قدر أنه لم يتعلم وحصل خلل فالواجب المبادرة، لكن بعض الناس يرى أن ما فعله صواباً فلا يسأل عنه، ولكن هذا ليس بعذر؛ لأنه إذا فعل ما يخالف الناس فقد خالف فلابد أن يسأل، إذ إن الأصل أن مخالفة الناس خطأ فلو قدر مثلاً: أن إنسانًا سعى وبدأ بالمروة وختم بالصفا فهذا خالف الناس، وإذا خالف الناس فلا بد أن يسأل، فهو غير معذور في الواقع ما دام فعل ما يخالف الناس فليس معذورا بتأخير السؤال، فعلى المرء أن يسأل ويبادر بالسؤال، وأحياناً لا يسأل ثم تتزوج المرأة أو الرجل وهو على إحرامه، وحينئذ نقول: لا يصح النكاح لابد أن يعاد عقد النكاح، فهذه المرأة لو فرضنا أنها تزوجت بعد أداء العمرة فالنكاح غير صحيح، فيجب أن تذهب وتكمل عمرتها، ثم يعاد العقد؛ لأنها تزوجت وهي على إحرامها فالمسألة خطيرة خطيرة.
س 812: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: نحن شباب ذهبنا إلى مكة للعمرة ووجدنا في أثناء الطواف بعض إخواننا الشباب فخرج منا ثلاثة خارج الحرم في أثناء الطواف لأخذ أغراض منهم قبل إكمال الطواف ثم رجعوا وأكملوا طوافهم فما حكم عملهم وماذا عليهم الآن؟
فأجاب فضيلته بقوله: عليهم الآن أن يخلعوا ثيابهم ويلبسوا ثياب الإحرام، ويذهبوا إلى مكة لإتمام النسك، لأن نسكهم ما تم، حيث فرقوا في الطواف بين أوله وآخره، ومن شروط صحة الطواف الموالاة بين أشواطه، وهؤلاء لم يوالوا بين أشواطه، وخرجوا أيضاً من المسجد الحرام، وربما تكون السيارة بعيدة، لذلك نقول لهؤلاء الذين خرجوا ثم رجعوا وأتموا: يجب عليكم الآن أن تخلعوا الثياب وتسافروا إلى مكة وتطوفوا الطواف من أوله، وتسعوا، وتقصروا، وتتحللوا.
يتبع