تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: فتاوى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله بشأن أعمال يوم العاشر من ذي الحجة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي فتاوى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله بشأن أعمال يوم العاشر من ذي الحجة

    فتاوى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله بشأن أعمال يوم العاشر من ذي الحجة
    الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين



    أعمال يوم العاشر من ذي الحجة



    ثالثاً: فتاوى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
    س1134: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: امرأة دفعت من مزدلفة آخر الليل ووكلت ابنها في رمي الجمرة عنها مع أنها قادرة على الرمي فما الحكم في توكيلها؟
    فأجاب فضيلته بقوله: رمي الجمرات من مناسك الحج؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر به وفعله بنفسه، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إنما جعل الطواف بالبيت، وبالصفا والمروة، ورمي الجمار، لإقامة ذكر الله" . فهو عبادة يتقرب بها الإنسان إلى ربه، لأن الإنسان يقوم برمي هذه الحصيات في هذا المكان تعبداً لله عز وجل، وإقامة لذكره، فهي مبنية على مجرد التعبد لله سبحانه وتعالى، لهذا ينبغي للإنسان أن يكون حين رميه للجمرات خاشعاَ خاضعاً لله، مهما كان ذلك الموقف، وإذا دار الأمر بين أن يبادر برمي هذه الجمرات في أول الوقت، أو يؤخره في آخر الوقت، لكنه إذا أخره رمى بطمأنينة وخشوع وحضور قلب، كان تأخيره أفضل؛ لأن هذه المزية مزية تتعلق بنفس العبادة، وما تعلق بنفس العبادة فإنه مقدم على ما يتعلق بزمن العبادة أو مكانها، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا صلاة بحفرة طعام، ولا هو يدافعه الأخبثان" فيؤخر الإنسان الصلاة عن أول وقتها من أجل قضاء الحاجة، أو دفع الشهوة الشديدة التي حضر مقتضيها وهو الطعام، إذن إذا دار الأمر بين أن يرمي الجمرات في أول الوقت لكن بمشقة وزحام شديد، وانشغال بإبقاء الحياة، وبين أن يؤخرها في آخر الوقت، ولو في الليل، لكن بطمأنينة وحضور قلب كان تأخيره أفضل، ولهذا رخص النبي - صلى الله عليه وسلم - للضعفة من أهله أن يدفعوا من مزدلفة في آخر الليل، حتى لا يتأذوا بالزحام الذي يحصل إذا حضر الناس جميعاً بعد طلوع الفجر.
    إذا تبين ذلك فإنه لا يجوز للإنسان أن يوكل أحداً في رمي الجمار عنه، لقوله تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِ) ولا فرق في ذلك بين الرجال والنساء فإذا تبين ذلك أيضاً وأن رمي الجمرات من العبادات، وأنه لا يجوز للقادر رجلاً أو امرأة أن يخيب عنه فيها، فإنه يجب أن يرمي بنفسه، إلا رجلاً، أو امرأة مريضة، أو حاملاً تخشى على حملها فلها أن توكل. وأما المسألة التي وقعت لهذه المرأة التي ذكرت أنها لم ترم مع قدرتها، فالذي أرى أن من الأحوط لها أن تذبح فدية في مكة، توزعها على الفقراء عن ترك هذا الواجب.
    س1135: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز لغير الحاج أن يرمي عن الحاج العاجز عن الرمي؟
    فأجاب فضيلته بقوله: أولاً وقبل أن أجيب على هذا السؤال أود أن أنبه على مسألة التوكيل في الرمي فإن الناس استهانوا بها استهانة عظيمة، حتى صارت عندهم بمنزلة الشيء الذي لا يؤبه له، ورمي الجمرات أحد واجبات الحج التي يجب على من تلبس بالحج أن يقوم بها بنفسه، لقوله تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِ) وهذا الأمر يقتضي للإنسان أن يتم جميع أفعال الحج بدون أن يوكل فيها أحداً، ولكن مع الأسف الشديد أن بعض الناس صار يتهاون في هذا الأمر، حتى إنك تجد الرجل الجلد الشاب يوكل من يرمي عنه، أو المرأة التي تستطيع أن ترمي بنفسها توكل من يرمي عنها، وهذا خطأ عظيم، وإذا وكل الإنسان أحداً يرمي له وهو قادر على الرمي فإنه لا يجزئه.
    يقول بعض الناس: إن النساء يحتجن إلى التوكيل من أجل الزحام، والاختلاط بالرجال.
    فنقول: هذا لا يبيح لهن التوكيل، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأذن لسودة بنت زمعة- رضي الله عنها- إحدى نسائه وكانت ثقيلة لم يأذن لها أن توكل، بل أذن لها أن تدفع من مزدلفة في آخر الليل قبل زحمة الناس، ولو كان التوكيل جائزًا لأمرها أن تبقى في مزدلفة حتى تصلي الفجر ثم تتبعه وتوكل على الرمي لو كان التوكيل جائزاً، ثم نقول: مسألة الزحام واردة حتى في الطواف وفي السعي، بل هي في الطواف والسعي أخطر وأعظم، لأن الناس في الرمي ليس اتجاههم واحداً، فهذا يأتي، وهذا يذهب، ثم إنهم يكونون على وجه عجل ليس فيه وقوف ولا تأمل، بخلاف الطواف فإنه اتجاههم واحدًا، ويكون مشيهم رويداً رويداً فالفتنة فيه أخطر، ومع ذلك ما قال أحد: إن المرأة مع الزحام في الطواف توكل من يطوف عنها، وعلى هذا فيجب على الحاج أن يرمي بنفسه، فإن كان عاجزاً كامرأة حامل، أو مريض، أو شيخ كبير، لا يستطيع فإنه يوكل في هذه الحال، ولولا أنه روي عن الصحابة- رضي الله عنهم- أنهم كانوا يرمون عن الصبيان، لقلنا: إنه إذا كان عاجزاً لا يوكل، بل يسقط عنه، لأن الواجبات تسقط بالعجز، لكن لما جاء التوكيل في أصل الحج لمن كان عاجزاً عجزاً لا يرجى زواله، وروي عن الصحابة- رضي الله عنهم- إن كانوا يرمون عن الصبيان ، قلنا: بجواز التوكيل في الرمي لمن كان عاجزاً عنه، وأما من يشق عليه الرمي من الزحام، فإن ذلك ليس عذراً له في التوكيل، بل نقول له: ارم بنفسك في النهار إن كنت تستطيع المزاحمة، وإن كانت المزاحمة تشق عليك فارم في الليل، فإن الأمر في ذلك واسع، فإن الرسول عليه الصلاة والسلام وقت في أيام التشريق أول الرمي ولم يوقت آخره فدل على أنه آخره يمتد إلى الفجر فيرمي الإنسان حسب ما تيسر له ولو في الليل، والذين أذن لهم الرسول عليه الصلاة والسلام أن يدفعوا من مزدلفة في آخر الليل كانوا يرمون إذا وصلوا كما روي عن أسماء بنت أبي بكر- رضي الله عنها- أنها كانت ترمي ثم تصلي الفجر، وهذا دليل على أن الأمر في ذلك واسع، فما حدده الشرع التزمناه، وما أطلقه فإن هذا من سعة الله سبحانه وتعالى وكرمه، نعم لو فرض أن الإنسان بعيد منزله ويشق عليه أن يتردد كل يوم إلى الجمرات فله أن يجمع ذلك إلى آخر يوم؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أذن لرعاة الإبل أن يرموا يوماً، ويدعو يوماً ، ثم يرموا في اليوم الثالث لليومين، فإذا قدر أن من الناس من منزله بعيد ويشق عليه أن يأتي كل يوم، فله أن لمجمع، وأما مع عدم المشقة فلا يجوز له أن يؤخر رمي كل يوم إلى اليوم الذي يليه.
    وأما الإجابة عن السؤال وهو: هل يجوز أن يتوكل من ليس بمحرم في رمي الجمرات؟ فإن الفقهاء- رحمهم الله- قالوا: لا يصح أن يوكل إلا من حج ذلك العام، والله الموفق.
    س1136: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: الوكيل هل يرمي عن نفسه الجمرات الثلاث، ثم يبدأ عائداً من الأول يرمي عن موكله ثلاثاً أم يرمي عن نفسه الجمرة الأولى مثلاً ثم يرمي عن موكله؟ وما الدليل على أن الحاج لا يضحي؟ وما الدليل على أن الذي لم يهل بنسك ومرافق لامرأته لا يجوز له التوكل عن امرأته في رمي الجمرات؟
    فأجاب فضيلته بقوله: الوكيل في رمي الجمرات يرمي عن نفسه ثم عن موكله في موقف واحد، فيرمي الجمرة الأولى سبع حصيات لنفسه، ثم يرميها سبع حصيات لموكله، ثم يذهب إلى الوسطى، ثم إلى جمرة العقبة؛ لأن هذا ظاهر فعل الصحابة- رضي الله عنهم- حيث كانوا يرمون عن الصبيان، ولم ينقل عنهم أنهم يكملون الثلاث عن أنفسهم، ثم يعودون، ولو كان هذا هو الواقع لبينوه ونقلوه.
    أما بالنسبة لكون الحاج لا يضحي؛ فلأنه اجتمع عندنا شيئان: هدي خاص بالحرم، وأضحية عامة، والخاص مقدم على العام، ولأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم ينقل عنه أنه ضحى في وأما كون من لم يحج لا يصح أن يكون نائباً عن حاج فظاهر؛ لأن القاعدة: (أنه لا يتلبس بالعبادة إلا من كان أهلاً لها) وهذا النائب الذي لم يحج ليس أهلاً للرمي؛ لأنه لا يشرع له الرمي، فهو الآن ليس بحاج فلا يصح أن يرمي وهو لم يحج؛ لأن الرمي إنما يكون من الحاج، وهذا لم يحج. فلذلك قال العلماء: إنه لا يصح أن يستنيب في الرمي من لم يكن حاجاً، والتعليل واضح؛ لأن هذا الوكيل ليس أهلاً لهذا العمل لكونه لم يحج.
    س1137: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم التوكيل في رمي الجمرات في الحج فيقوم بعض كبار السن والنساء الكبيرات في السن بتوكيلنا نحن الشباب فنقوم بالرمي عنهم هل يجوز لنا هذا؟
    فأجاب فضيلته بقوله: رمي الجمرات نسك من مناسك الحج، يجب على الحاج أن يفعله بنفسه، لقول الله تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِ) فكما أن الإنسان لا يوكل أحداً يبيت عنه في مزدلفة، أو يطوف عنه، أو يسعى عنه، أو يقف عنه في عرفة، فكذلك لا يجوز أن يوكل من يرمي عنه، ولكن إذا كان الحاج لا يستطيع أن يرمي لضعف في بدنه، أو كان كبيراً لا يستطيع، أو أعمى يشق عليه الذهاب إلى رمي الجمرة بمشقة شديدة، أو امرأة حاملاً تخشى على نفسها وما في بطنها، ففي هذه الحال يجوز التوكيل للضرورة، لأنه روي عن الصحابة- رضي الله عنهم- ما يدل على ذلك من كونهم يرمون عن الصبيان، ولولا هذا لقلنا: إن من عجز عن الرمي سقط عنه كغيره من الواجبات، ولكن نظراً إلى أنه ورد عن الصحابة أنهم كانوا يرمون عن الصبيان، لعجز الصبيان عن الرمي عن أنفسهم، فنقول: وكذلك من كان شبيهاً بهم لكونه عاجزاً عن الرمي بنفسه فإنه يجوز أن يوكل، ولكن بعض الناس لا يستطيع الرمي حال الزحام ولكنه لو كان المرمى خفيفاً استطاع أن يرمي بنفسه فهذا لا يجوز أن يوكل في هذا الحال، بل ينتظر حتى يخف الزحام فيرمي إما في آخر النهار وإما في الليل؛ لأن القول الراجح من أقوال أهل العلم أن الرمي في الليل في الظاهر لا بأس به، فيمكن للإنسان أن يرمي في اليوم الحادي عشر بعد غروب الشمس، أو بعد صلاة العشاء، وفي هذا الوقت سيجد المرمى خفيفاً يتمكن أن يرمي بنفسه. والحمد لله.
    س1138: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز للمرأة أن توكل من يرمي عنها الجمار وخصوصاً في الزحام؟
    فأجاب فضيلته بقوله: لا يجوز للمرأة ولا لغيرها أن توكل من يرمي عنها؛ لأن الرمي من أفعال الحج، وقد قال الله تبارك وتعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِ). وقال تعالى: (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) وأما الزحام فليس بعذر؛ لأنه يمكن التخلص منه بتأخير الرمي إلى وقت آخر، أو بتقديمه إذا كان يجوز تقديمه، ولهذا أذن النبي - صلى الله عليه وسلم - للضعفة من أهله أن يدفعوا من مزدلفة بليل، ليصلوا إلى منى قبل زحمة الناس، فيرموا جمرة العقبة، ولم يأذن لهم أن يوكلوا من يرمي عنهم، وكذلك أذن النبي - صلى الله عليه وسلم - لرعاة الإبل أن يرموا يوماً، ويدعوا يوماً، ولم يأذن لهم أن يوكلوا من يرمي عنهم، وهذا دليل على تأكد الرمي على الحاج بنفسه، وكما ذكرت أن الزحام يمكن تلافيه، أو التخلص منه بتقديمه إن كان يصح تقديمه، أو بتأخيره، فالذي يصح تقديمه مثلنا به وهو رمي جمرة العقبة يوم العيد، وأما الذي يمكن تأخيره فرمي الجمرات في أيام التشريق، إذ يمكن أن يؤخر الرمي إلى الليل، والرمي في الليل فيه سعة، وفيه لطافة الجو وبرودته، والرمي جائز في الليل لعدم وجود دليل صريح يمنع من الرمي ليلاً.
    س1139: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل توكل في الرمي عن زوجته وعن أخته في حج الفرض خشية الزحام الشديد فما حكم ذلك؟ وهل هناك فرق بين حج الفرض والنفل في مسألة التوكيل؟
    فأجاب فضيلته بقوله: الحكم أنه لا يجوز للإنسان أن يوكل أحداً يرمي عنه، ولو جاز ذلك لأذن النبي ع - صلى الله عليه وسلم - للضعفاء من أهله أن يوكلوا من يرمي عنهم، وأن يتأخروا في المزدلفة حتى يدفعوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ولو جاز التوكيل لأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - للرعاة أن يوكلوا من يرمي عنهم، فالرمي جزء من أجزاء الحج وقد قال الله تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِ). وتهاون الناس في الرمي اليوم لا مبرر له فبعض الناس يتهاون في الرمي، تجده يوكل من يرمي عنه بدون ضرورة، لكن يريد أن لا يتعب، يريد أن يستريح، يريد أن يجعل الحج نزهة، وهذا من الخطأ العظيم، والذي يوكل غيره يرمي عنه وهو قادر لا يجزئ الرمي عنه، وعليه عند أهل العلم فدية تذبح في مكة، وتوزع على الفقراء.
    أما مسألة الزحام: فالزحام مشكلة لها حل وهو أنه بدل أن يرمي في وقت الزحام يمكنه أن يؤخر إلى آخر النهار، أو إلى أول الليل أو إلى نصف الليل، أو إلى آخر الليل، مادام لم يطلع الفجر من اليوم الثاني، لكن أكثر الناس كما قلت يتهاونون كثيراً في مسألة الرمي.
    ولا فرق بين الفرض والنفل؛ لأن النفل يجب إتمامه، كما قال الله تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِ). وهذا قبل نزول فرض الحج.
    س1140: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: عن امرأة حجت ولم ترم فطلب منها أخو زوجها أن يرمي عنها فما الحكم؟
    فأجاب فضيلته بقوله: إذا رمى الجمرات أحد عن أحد، والمرمي عنه مستطيع فإنه لا يجزئه؛ لأن الواجب أن يرمي الإنسان عن نفسه، لقوله تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِ).
    أما إذا كان لا يستطيع فلا بأس أن يرمي عنه أحد من الناس الذين حجوا معه في هذا العام، فلتنظر هذه المرأة السائلة وتفكر هل تستطيع أن ترمي ولو بعد العصر، أو في الليل، فعليها دم يذبح في مكة، ويوزع على الفقراء، وإن كانت لا تستطيع لا ليلاً ولا نهاراً فالرمي عنها صحيح.
    س1141: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: امرأت أدت فريضة الحج ولم ترم جرة العقبة بسبب الزحام الشديد ووكلت زوجها ليرمي عنها، وأثناء رمي باقي الجمرات كانت مريضة فرمت بعض الأيام ولم تتمكن من الرمي في بعض الأيام الأخرى فرمى عنها زوجها فهل عليها شيء في ذلك؟
    فأجاب فضيلته بقوله: أما الأيام التي رمى عنها زوجها وهي مريضة فرميه مجزئ- إن شاء الله تعالى- وأما الأيام التي رمى عنها زوجها وليست مريضة ولكن تخاف الزحام، فإن الزحام لا يستمر، فالزحام يكون في أول وقت الرمي ثم لا يزال يخف شيئاً فشيئاً، إلى أن ينعدم بالكلية، فلا يحصل زحام، وإن كان يحصل مثلاً عشرات، أو مئات من الذين يرمون الجمرات، لكن هذا لا يحصل به الزحمة التي تمنع من القيام بواجب الرمي، وعلى هذا فيكون توكيل الزوج في هذه الحال لا يجوز، بل ينتظر حتى يخف الزحام ثم ترمي المرأة بنفسها، وأرى من الاحتياط لهذه المرأة أن تذبح فدية في مكة توزع على الفقراء هناك، فإن لم تكن واجدة فلا شيء عليها.
    س1142: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: امرأة في حجتها الأولى لم ترجم الجمرات الثلاث بل وكلت وذلك لشدة الزحام فهل عليها شيء في ذلك؟
    فأجاب فضيلته بقوله: أرجو ألا يكون عليها شيء في ذلك مادامت في ذلك الوقت لا تستطيع أن ترمي، وظنت أن التوكيل يجزئ عنها فوكلت، ولكن عندي ملاحظة على قولها (ترجم) لأن الأولى أن لا يكون التعبير بترجم، وإنما يكون التعبير بالرمي فيقال: رمي الجمار. ولا يقال: رجم الجمار.
    س1143: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز للمرأة أن توكل من يرمي عنها في الجمرات خشية الزحام الشديد؟
    فأجاب فضيلته بقوله: إذا كانت المرأة أو الرجل لا يستطيع أن يرمي مع الزحام، ولا يتمكن أن يؤخر الرمي إلى وقت السعة فله أن يوكل، وأما إذا كان يمكنه أن يؤخر إلى وقت السعة مثل أن يؤخر رمي النهار إلى الليل، أو يقدم رمي يوم العيد في آخر ليلة العيد فإنه لا يجوز أن يوكل، لقول الله تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِ). والرمي من أعمال الحج، فلابد أن يقوم به الإنسان نفسه ولا يوكل أحداً، فعلى هذا فالمرأة والرجل سواء في هذا، من قدر أن يرمي ولو في وقت آخر فإنه لا يجوز أن يوكل، ومن لا يستطيع فله أن يوكل.
    س1144: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: امرأة حامل وعند رمي الجمرات لم تستطع الرمي لأنها كانت حاملاً وكان معها والدها ورمى عنها فهل عليها شيء؟
    فأجاب فضيلته بقوله: رمي الجمرات كغيره من أفعال النسك يجب على القادر أن يفعله بنفسه، لقول الله تبارك وتعالى (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِ). ولا يحل لأحد أن يتهاون بذلك، كما يفعله بعض الناس تجده يوكل من يرمي عنه، لا عجزًا عن الرمي ولكن اتقاءً للزحام والإيذاء به، وهذا خطأ عظيم، لكن إذا كان الإنسان عاجزاً كالمريض وامرأة حامل وما أشبه ذلك فله أن ينيب من يرمي عنه، وهذه المرأة تذكر أنها كانت حاملاً، وعلى هذا فالرمي عنها لا بأس به، وتبرأ ذمتها بذلك، ولا حرج عليها إن شاء الله تعالى.
    س1145: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل أعطاني جمرات في اليوم الثاني عشر لكي أرمي بدلاً عنه بحجة أنه مسافر والمسافة بعيدة، ولعلمكم بأنه ليس مريضًا فما حكم هذا العمل؟
    فأجاب فضيلته بقوله: هذا العمل لا يجزئه؛ لأنه ترك واجبًا من واجبات الحج، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله "، ومن وكل غيره بذلك فإنه لم يقم بذكر الله في هذه الجمرات: وعلى هذا فإن رمي هذا الوكيل لا يجزي عن موكله، والواجب على موكله الآن أن يستغفر الله، ويتوب إليه مما صنع، وأن يذبح فدية في مكة، وتوزع على الفقراء في مكة؛ لأنه ترك واجبًا من واجبات الحج، وقد قال أهل العلم: (إن الإنسان إذا ترك واجباً من واجبات الحج، وجبت عليه فدية تذبح في مكة، وتوزع جميعها على الفقراء هناك).
    وليعلم أن الحج عبادة يتقرب بها الإنسان إلى ربه، وأن الإنسان نفسه مكلف بها وبإتمامها كما قال الله تعالى (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِ). فالواجب على من شرع في حج أو عمرة أن يتمها بنفسه، ولا يجوز أن يوكل غيره فيها، لا في الطواف، ولا في السعي، ولا في المبيت، ولا في الرمي، ولا في الوقوف بعرفة، لابد أن تباشر أفت بنفسك هذه الأعمال، ولو لا أن الصحابة- رضي الله عنهم- كانوا يرمون عن الصبيان، لقلنا: إن من عجز عن رمي الجمرات فإنه لا يوكل أحداً؛ لأنها عبادة متعلقة ببدن الفاعل، فإن قدر فذاك، وإن لم يقدر سقطت عنه، فإن كان لها بدل سقطت بالكلية.
    وأما تهاون بعض الناس اليوم في التوكيل برمي الجمرات، فإنه يدل على أحد أمرين: إما على نقص في العلم، أو على ضعف في الدين، وأما من كان عنده علم في شريعة الله، فإنه يتبين له أن رمي الجمرات كغيرها من واجبات الحج، لابد أن يقوم الإنسان فيه به بنفسه، ولا يجوز أن يوكل غيره، فإن الله تعالى قال (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِ). والإتمام يشمل إتمام جميع أعماله.
    فإن قال قائل: إذا كان معي نساء، فإن النساء ضعيفات لا يستطعن مقاومة هذا الزحام الشديد، الذي قد يحصل به الموت أحياناً، وذلك لغشم الناس، وعدم معرفتهم بما ينبغي أن يكونوا عليه في هذه المناسك من الرفق والرحمة بإخوانهم، فإذا ذهبنا بالنساء للرمي صار عليهن مشقة، وربما يحصل عليهن ضرر.
    فالجواب عن هذا: أن الزحام ليس دائماً، بل هذا الزحام يكون عند ابتداء وقت الرمي في الغالب، ثم يخف الناس شيئاً فشيئاً، فانتظر وقت خفة الناس، ولو رميت في الليل فإن الرمي في الليل جائز، ولاسيما عند هذا الزحام الشديد، ولا يجوز أن توكل النساء من يرمي عنهن من أجل الزحام، ولهذا أذن النبي - صلى الله عليه وسلم - للضعفة من أهله أن يدفعوا من مزدلفة في آخر الليل، ليرموا الجمرات قبل زحمة الناس، فأمرهم أن يقتطعوا جزءاً من المبيت في مزدلفة مع أن المبيت في مزدلفة من شعائر الله، ومن المشاعر العظيمة قال الله تعالى: (فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا الله عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ) ومع هذا أمرهم النبي عليه الصلاة والسلام أدن يقتطعوا جزءاً من هذه العبادة من أجل أن يسلموا من الزحام، ولم يقل - صلى الله عليه وسلم -: اجلسوا لا تتعجلوا من البيت في مزدلفة، وإنما رخص لهم أن يتقدموا، وأن يرموا قبل الوقت الذي رمي فيه، والصحيح: أنه يجوز أن يرموا ولو قبل الفجر، فمتى أبيح لهم الدفع من مزدلفة أبيح لهم الرمي متى وصلوا إلى منى؛ لأن رمي الجمرات تحية منى، وكذلك الرعاة أذن لهم الرسول عليه الصلاة والسلام أن يرموا يوماً، ويدعوا يوماً، ولم يأذن لهم أن يوكلوا من يرمى عنهم، في اليوم الذي هم فيه غائبون عن منى، فلهذا يجب على المسلم أن يتقي الله في نفسه وأدن يؤدي أفعال النسك بنفسه.
    س1146: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: امرأة ذهبت إلى الحج وعند الجمرات لم تستطع الرمي بسبب الزحام الشديد فوكلت في رمي الجمرات الثلاث فما رأيكم في ذلك؟
    فأجاب فضيلته بقوله: رأينا أنه إذا كانت لا تستطيع أن ترمي بنفسها إما لمرضها، أو لكونها حاملا، أو لكونها عرجاء لا تستطيع المشي إلى الجمرات، ولا أن تستأجر من يحملها إلى ذلك فإنه يحل لها أن توكل، أما إذا لم يكن عذر فإنه لا يحل لها أن توكل؛ لأن الجمرات من شعائر الحج، وجز من أجزائه، وقد قال الله تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِ). ومن إتمام الحج إتمام الرمي، ومسألة الزحام يمكن التخلص منها بتأخير الرمي من النهار إلى الليل.
    س1147: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: أيهما أفضل لمن لم يستطع رمي الجمرات التوكيل أو التأجيل لليوم الرابع؟
    فأجاب فضيلته بقوله: التوكيل إذا كان الحاج لا يستطيع أن يرمي بنفسه أولى لوجهين:
    الأول: أنه أسرع إبراءً للذمة.
    الثاني: إن في جواز تأخير الرمي إلى اليوم الرابع نظراً، وإن كان الأصحاب قد ذكروا جوازه، لكن لا يطمئن القلب لذلك.
    س1148: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: امرأة وكلت شخصاً لرمي الجمرة لكنه نسي ماذا عليه وماذا عليها؟
    فأجاب فضيلته بقوله: تجب الفدية في هذه الحال؛ لأن الرمي من واجبات الحج، وقد قال العلماء: إن في ترك الواجبات دماً، لكن على من يكون؟ أعلى المرأة أم على الوكيل؟
    قد يقال: إن الوكيل فرط؛ لأنه لو انتبه وتأهب تأهبًا تاماً ما نسي، وقد يقال: إن النسيان ليس بتفريط؛ لأنه من طبيعة الإنسان.
    والذي أرى أن يتصالحا في هذه المسألة: إما أن يتحملا الفدية جميعاً، كل واحد نصفها، وإما أن يتراضيا بأن تكون الفدية على أحدهما.
    س1149: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل مريض يوم العيد فهل له أن يؤخر الرمي إلى آخر يوم التشريق أو يوكل أفضل؟
    فأجاب فضيلته بقوله: إذا صار عند الإنسان مانع يمنعه من الرمي يوم العيد، فإنه يؤخره حتى يقوي على ذلك، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن للرعاة أن يرموا يوماً، ويدعوا يوماً، ولم يقل لهم: وكلوا.
    والتوكيل في الرمي لا لمجوز أن يتهاون به؛ لأن الرمي من مناسك الحج، وقد قال الله تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِ). فلا يمكن أن يؤكل إنسان فيه لمجرد أنه تعبان، أو لجرد الزحام، فنقول: أما التعب فإن كان تعبًا دائمًا كالمرأة الحامل، أو الرجل الكبير السن، أو عجوز كبيرة السن فليوكل، أما إذا كان أصابه مرض خفيف يرجو أن يبرأ منه في آخر أيام التشريق فلا يجوز أن يوكل.
    س1150: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: يخاف بعض الرجال على نسائهم من شدة الزحام عند رمي الجمرات فيوقفهن على الجمرات فإن كانت الجمرات زحام رمى عنهن وإذا قل الزحام رمين فهل يصح لهن أن يرمين الجمرات إذا خف الزحام، أم أن رمي الرجال عنهن أثناء الزحام كان كافياً؟
    فأجاب فضيلته بقوله: إذا كان هذا الزحام لابد منه مثل أن يكون في اليوم الثاني عشر، وهم يميلون إلى أن يتعجلوا، ولا يمكن أن يتأخروا حتى يخف، فلا حرج أن تؤكل المرأة، بل لابد أن تؤكل في هذه الحال؛ لأن دخولها غمار الزحام، لاشك أنه خطر عليها.
    أما في بقية الأيام فيمكن أن تؤخر الرمي إلى آخر الليل ويكون يسيراً.
    يتبع

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي رد: فتاوى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله بشأن أعمال يوم العاشر من ذي الحجة

    فتاوى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله بشأن أعمال يوم العاشر من ذي الحجة
    الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين









    س1151: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: سبق أن أديت فريضة الحج مع أخي ومعه زوجته وبرفقتنا زوج ابنتي ومعه أيضاً والدته ولم أختر نسكاً معيناً عندما نويت الحج لجهلي، وإنما نويت حجاً فقط، كذلك أدينا طواف القدوم وصلينا خمسة فروض في منى يوم التروية، ثم وقفنا في عرفة، ثم مررنا بمزدلفة لأخذ الحصيات، وفي صبيحة يوم النحر ذهبت مع أخي لرمي جمرة العقبة فرميت الجمرة سبع الحصيات مرة واحدة، ولاحظت عدم وصول هذه الجمرات إلى المرمى من شدة الزحام، ربما تكون أصابت أحد الحجاج، أو سقطت قريباً مني، وبعد ذلك لم أرم اليومين التاليين، ولم أعلم في ذلك الوقت بل وكلت أخي بالرمي عني. وسألت حالياً أخي: هل أنا رميت أم لا؟ فأجاب: لا أدري لطول الزمان من خمس عشرة سنة، ولكن يقول: إنني وكلته وقد رمى عني، ولكنه ليس لديه يقين، علماً بأنا أكملنا مناسك الحج من طواف الإفاضة وسعي وطواف الوداع عدا نقصر الرمي. أفيدونا جزاكم الله خيراً؟
    فأجاب فضيلته بقوله: إن الواجب على ما قرره الفقهاء - رحمهم الله- أن عليها دماً، شاة، أو خروفاً، أو تيساً، أو عنزاً. في مكة تذبحها وتوزعها على الفقراء، لأنها تركت واجباً من واجبات الحج، والضابط في ترك واجبات الحج عند الفقهاء أن من ترك واجباً فعليه فدية تذبح في مكة وتوزع على الفقراء.
    وبقي تنبيه على قولها: (أقمنا في مزدلفة لنأخذ حصى الجمار) يظن بعض الناس أنه لا بد أن تكون الجمار من المزدلفة، وهذا ليس بصحيح، فحصى الجمار يؤخذ من أي مكان. والنبي عليه الصلاة والسلام أخذ الجمرات حين كان واقفاً ليرمي جمرة العقبة كما جاء ذلك في منسك ابن حزم رحمه الله.
    س1152: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: حاج وكل رجلاً أن يرمي عنه إحدى الجمرات وأعطاه سبع حصيات، وذلك عند الجمرة التي لم يستطعِ الرمي عندها، ولكن الموكل رمى الحصيات السبع مرة واحدة جهلاَ من الوكيل، وكان ذلك في العام الماضي فماذا على الرجل الذي رمى عنه؟ وماذا على الموكل؟
    فأجاب فضيلته بقوله: على الوكيل أن يذبح فدية في مكة ويوزعها على الفقراء "لأن التفريط حصل من الوكيل لاذا لم يسأل هل هذا جائز أو غير جائز؟ والموكل عليه أن يراقب هذا الوكيل هل ذبح الفدية أو لا، وإذا سمح الموكل عن الوكيل وذبح هو بنفسه فلا حرج.
    س1153: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: في هذه الأزمان يحصل زحام شديد حول الجمرات فهل يصح أن يتوكل الرجل عن أمه، أو عن زوجته في رمى الجمرات، لأن الرمي يسبب مشقة للمرأة فما حكم التوكيل؟ وهل يرمي عن نفسه ثم عمن وكله في موقف واحد، أو لابد أن يرمي عن نفسه ثم يعود ليرمي عن موكله؟
    فأجاب فضيلته بقوله: لاشك أنه يسبب مشقة عظيمة على النساء، لكن إذا كانت المشقة الزحام فدواؤه أن يرمي في الليل، والليل سعة- والحمد لله- أما إذا كانت المشقة على البدن؛ لأنها لا تستطيع أن تمشي مثلاً إلا بمشقة شديدة، أو كانت امرأة حاملاً فهنا نقول: لا بأس أن توكل، وإذا وكلت جاز للوكيل أن يرمي الجمرة عنه وعنها في موقف واحد، فمثلاً يرمي الجمرة الأولى في اليوم الحادي عشر، بسبع حصيات عن نفسه، ثم يرميها عمن وكله، ثم الثانية عن نفسه، ثم عمن وكله، ثم الثالثة عن نفسه، ثم عمن وكله. ويفعل مثل ذلك في اليوم الثاني عشر والثالث عشر.
    س1154: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: بالنسبة للتوكيل في رمي الجمرات عن المرأة هل يرمي الوكيل عن نفسه ثم يرمي عمن وكله ثم ينتقل إلى الوسطى ثم العقبة، أم يلزمه أن يرمي جميع الجمرات الثلاث عن نفسه، ثم يعود فيرمي عمن وكله؟
    فأجاب فضيلته بقولى: يجب أن نعلم أنه لا يجوز التوكيل في رمي الجمرات، والدليل قوله تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِ) ورمي الجمار من الحج، فإذا كان من الحج فإننا مأمورون بأن نتم الحج، لكن إذا كان الحاج لا يستطيع أدن يرمي إما لكبر سنه، أو لمرضه، أو امرأة حامل، أو امرأة أو رجل أعمى يتعب، فهنا لا بأس أن يوكل للضرورة.
    ويجوز للوكيل أن يرمي عن نفسه وعن موكله في مقام واحد، فيرمي الجمرة الأولى أولاً عن نفسه ثم عن موكله، ثم الوسطى عن نفسه أولاً ثم عن موكله، ثم العقبة عن نفسه أولا ثم عن موكله في مقام واحد، لأن الصحابة- رضي الله عنهم- رموا عن الصبيان، ولم ينقل أنهم كانوا يتمون الثلاث أولاً، ثم يعودون، ولأن إكمالها أولاً ثم العودة في وقتنا هذا فيه مشقة شديدة، وما كان فيه مشقة شديدة، ولم يرد التكليف به من الشرع، فإن الأصل براءة الذمة، وعلى هذا فلا بأس أن يرمي الوكيل عن نفسه وعن موكله في مقام واحد.
    س1155: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: تعلمون ما تعانيه النساء في وقت الحج من الزحام وعدم القدرة على فعل بعض المناسك كالرمي مثلاً، وأفتى أهل العلم أنها ترمي في الليل، هل لوليها أن يذهب معها ويرمي في الليل، أو يذهب في النهار ويرمي ويصاحبها في الليل؟
    فأجاب فضيلته بقوله: الصحيح أن الرمي في الليل جائز إلا ليلة العيد، فإنه لا يجوز إلا في آخر الليل، وكذلك أيضاً في اليوم الثاني عشر المتعجل لا يؤخره إلى الليل لأنه لو أخره إلى الليل لزم أن يبقى إلى اليوم الثالث عشر، كذلك رمي الثالث عشر لا يؤخر إلى الليل، لأن أيام التشريق تنتهي بغروب ليلة الثالث عشر، فيجوز حتى لغير المرأة أن يرمي ليلاً، ونرى أن الرمي ليلاً مع الطمأنينة، والإتيان بالرمي على وجه الخشوع، أفضل من كونه يذهب يرمي في النهار، وهو لا يدري أيرجع إلى خيمته، أم يموت، ولا يؤدي العبادة، أو يؤديها وهو مشغول البال بالخوف على نفسه، وقد قررنا قاعدة دلت عليها الشريعة: (أن المحافظة على ذات العبادة أولى من المحافظة على زمنها أو مكانها، مادام الوقت متسعاً) ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا صلاة بحضرة طعام ولا هو يدافعه الأخبثان" فمن كان يدافع الأخبثين، نقول له: أخر الصلاة آخر الوقت حتى تقضي حاجتك. وإن كانت الصلاة في أول الوقت أفضل، لكن إذا صليت وأنت تدافع الأخبثين فإنك لا تحصل على الخشوع الذي يتعلق بذات العبادة.
    لهذا نرى في الوقت الحاضر أن الرمي في الليل أفضل من الرمي في النهار، وإذا كان الرمي في النهار لا يحصل به الخشوع، وأداء العبادة على الوجه المطلوب، فيجوز للرجل أن يؤخر الرمي من أجل أن يذهب بأهله لرمي الجمرات.
    س1156: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: امرأة حجت ولم ترم الجمار وهي قادرة إلا أنها معها طفل له شهران، ومعها زوجها وامرأة أخرى ولا تأمن أن تضع الطفل عند المرأة الأخرى فما حكم ذلك؟
    فأجاب فضيلته بقوله: إدْا تركت ذلك خوفاً على ابنها، أو عجزاً، ووكلت فلا بأس، وإن أحبت أن تذبح هدياً في مكة فدية توزعها على الفقراء فجزاها الله خيراً إن كان واجبًا عليها أدت الواجب، وإن كان غير واجب فهو تطوع (وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ الله شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158)).
    س1157: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: حججنا وكان معنا نساء وخرجن من مزدلفة على نية أنهن سيرمين، وقبل أن نصل الجمرة خشين عليهن وأبقيناهن ورمين عنهن ولم يكن هناك زحام شديد في الحج؟
    فأجاب فضيلته بقوله: الرمي يوم العيد وفيما بعده من النسك وقد قال الله تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِ) ولا ينبغي لأحد أن يؤكل من يرمي عنه، لا في يوم العيد، ولا في غير يوم العيد إلا من لا يستطيع، فمثلاً المرأة الكبيرة السن لا تستطيع، ومثلها الرجل المريض لا يستطيع والرجل الصغير أو النحيف لا يستطيع هذا إذا لم يتأخر، أما إذا تأخر إلى الليل فالغالب أن الأمر واسمع، فلو أن هؤلاء الرجال أخروا النساء إلى الليل ورمين في الليل لكان ذلك خيراً، أما ما مضى فإن كان قد حصل منهم تفريط فعلى كلام الفقهاء يجب أن تذبح كل واحدة منهن ممن وكلت فدية وتوزعها على الفقراء، سواء هي بنفسها، أو وكلت.
    وإني أقول: الزحام الشديد الذي يخشى على النساء منه لا يجوز أن تخوض المرأة غماره؛ لأن ذلك تعب عليها، ولأنها سترمي الجمرة وهي لا تشعر من شدة الزحام، فمثلاً إذا كان يريد أن يتعجل في يومين ويحب أن يرمي من حين الزوال وينصرف، هنا لا يمكن أن ترمي المرأة أبداً، لأنه خطر عليها، فنقول في هذه الحال: توكل ولا حرج، أما في غير ذلك، مثلاً: في اليوم الحادي عشر يمكن أن تؤخر الرمي عن الزوال إلى العصر، أو إلى الليل، ولها إلى الفجر فالأمر والحمد لله واسمع.
    س1158: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز للمرأة السليمة المعافاة والقادرة على الرمي التوكيل في رمي الجمرات؟
    فأجاب فضيلته بقوله: لا يجوز للقادر على الرمي أن يوكل أحداً في الرمي عنه؟ لقول الله تبارك وتعالما: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِ) فيجب أن تتمها أنت بنفسك، لكن قد يطرأ على الإنسان مرض أو كسر أو زحام لا يمكن أن ينتظر خفة المرمى، فهذا له أن يوكل، وفي اليوم الثاني عشر إذا أراد أن يتعجل، وقال: أنا أريد أن أخرج من منى قبل الغروب فهنا نقول: توكل النساء من يرمي عنهن؛ لأن رميهن في هذه الحال قد يكون سبباً للهلاك، أو سبباً للتعب الشديد، أو سبباً لانكشاف العورة، والله عز وجل يقول: (يُرِيدُ الله بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) ويقول عز وجل: (مَا يُرِيدُ الله لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ) ويقول عز وجل: (لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا).
    س1159: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: حاج رمى وأيقن أن إحدى الحجارة لم تسقط بالحوض، فمن شدة الزحام ذهب ولم يرمها؟
    فأجاب فضيلته بقوله: لا بأس إن شاء الله، لأنها حصاة واحدة، قد عفا عنها كثير من العلماء رحمهم الله.
    س1160: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: امرأة تاهت عن محرمها عند الجمرات ولم تستطع الرمي فوكلت رجلاً لا تعرفه أن يرمي عنها فما الحكم في ذلك؟
    فأجاب فضيلته بقوله: إذا كان الرجل ثقة فلا بأس أن توكل من يرمي عنها؛ لأنها في هذه الحال لا تستطيع، ولكن لو أنها أخرت الرمي حتى تجد محرمها، ويذهب بها، وترمي بنفسها لكان أحسن.
    س1161: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما رأيك في النساء اللاتي لا يستطعن رمي الجمرات ليس عجزاً ولكن خوفاً من أن يحدث لهن شيء ما رأيك في توكيلهن وعدم رميهن؟
    فأجاب فضيلته بقوله: الذي أرى أنه لا يجوز التوكيل من رمي الجمرات إلا عند الضرورة، وذلك لأن رمي الجمرات من شعائر الحج، وقد قال الله تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِ) والخوف من الزحام يرتفع برمي الإنسان في الليل، فإن الرمي في الليل جائز، وليس فيه بأس، بل قد يكون الرمي في الليل أفضل من الرمي في النهار إذا كان رميه في الليل أخشع لله، وأشد طمأنينة، واستحضاراً للعبادة فإن الليل حينئذ يكون أفضل، ولهذا رخص النبي - صلى الله عليه وسلم - للضعفة من أهله في ليلة مزدلفة أن يتقدموا ويرموا، فكان الذين يتقدمون يرمون في الليل متى وصلوا إلى منى، وأما ما ورد من نهيهم عن الرمي حتى تطلع الشمس، فإنه ضعيف لا تقوم به حجة، ويدل على أن مراعاة العبادة أولى من مراعاة وقتها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم" أمر بتأخير الصلاة عن أول وقتها، مع أنه أفضل، من أجل أن يقوم الإنسان بصلاته، وهو مستحضر لها مطمئن فيها.
    س1162: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز لولي المرأة أن يرمي عنها الجمرات خاصة جمرة العقبة لكثرة الزحام؟
    فأجاب فضيلته بقوله: جمرة العقبة فيها زحام في أول اليوم، لكن في آخر النهار يخف الزحام جداً، وفي الليل يخف أكثر، فإذا كانت تستطيع المشي فلتؤخر الرمي حتى يخف، لكن الشيء الذي فيه المشقة هو اليوم الثاني عشر لمن أراد التعجل، هذا لا شك أن فيه مشقة، ويحصل فيه أموات، لذلك أرى أن من أراد أن يتعجل ومعه نساء فليتوكل عنهن، ويبقيهن في الخيمة، لئلا يلقين بأنفسهن للتهلكة، والناس كثير منهم لا يرحم أحداً، يريد أن يقضي شغله، ولا يهمه أحدًا فتجده كبير الجسم ولا يبالي بأحد إلا من شاء الله، فعلى كل حال في اليوم الثاني عشر إن بقيت الدنيا هكذا زحاماً كما نشاهد وأراد الإنسان أن يتعجل فليتوكل عن النساء ويرمي عنهن.
    س1163: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم الرمي بقطع الأسمنت؟
    فأجاب فضيلته بقوله: يرى بعض العلماء أن الأحجار التي تؤخذ من الأسمنت لا يجزي الرمي بها، إلا إذا كانت هذه الكتلة مشتملة على حصاة، فإذا كانت مشتملة على حصاة فلا بأس.
    س1164: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: يقال إنه لا يجوز الرمي بجمرة قد رمى بها فهل هذا صحيح، وما الدليل عليه؟ وجزاكم الله عن المسلمين خيراً.
    فأجاب فضيلته بقوله: هذا ليس بصحيح؛ لأن الذين
    استدلوا بأنه لا يرمى بجمرة قد رمي بها، عللوا ذلك بعلل ثلاث: الأولى: قالوا: إن الجمرة التي رمي بها كالماء المستعمل في طهارة واجبة، والماء المستعمل في الطهارة الواجبة، يكون طاهراً غير مطهر.
    الثانية: أنها كالعبد إذا أعتق، فإنه لا يعتق بعد ذلك في كفارة، أو غيرها.
    الثالثة: أنه يلزم من القول بالجواز أن يرمي جميع الحجيج بحجر واحد، فترمي أنت هذا الحجر، ثم تأخذه وترمي، ثم تأخذه وترمي، حتى تكمل السبع، ثم يجيء الثاني فيأخذ فيرمي، حتى يكمل السبع. فهذه ثلاث علل، وكلها عند التأمل عليلة جداً:
    أما التعليل الأول: فإنما نقول بمنع الحكم في الأصل، وهو أن الماء المستعمل في طهارة واجبة يكون طاهراً غير مطهر؛ لأنه لا دليل على ذلك، ولا يمكن نقل الماء عن وصفه الأصلي، وهو الطهورية إلا بدليل، وعلى هذا فالماء المستعمل في طهارة واجبة طهور مطهر، فإذا انتفى حكم الأصل المقيس عليه، انتفى حكم الفرع.
    وأما التعليل الثاني: وهو قياس الحصاة المرمي بها على العبد المعتق، فهو قياس مع الفارق، فإن العبد إذا أعتق كان حراً لا عبداً، فلم يكن محلاً للعتق، بخلاف الحجر إذا رمي به، فلم ينتف المعنى الذي كان من أجله كان صالحاً للرمي به، ولهذا لو أن هذا العبد الذي أعتق استرق مرة أخرى بسبب شرعي، جاز أن يعتق مرة ثانية.
    وأما التعليل الثالث: وهو أنه يلزم من ذلك أن يقتصر الحجاج على حصاة واحدة، فنقول: إن أمكن ذلك فليكن، ولكن هذا غير ممكن، ولن يعدل إليه أحد مع توفر الحصا.
    وبناء على ذلك فإنه إذا سقطت من يدك حصاة، أو أكثر، حول الجمرات فخذ بدلها مما عندك، وارم به سواء غلب على ظنك أنه قد رمي بها أم لا.
    س1165: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: متى ينتهي رمي جمرة العقبة أداءً؟ ومتى ينتهي قضاءً؟
    فأجاب فضيلته بقوله: أما رمي جمرة العقبة يوم العيد فإنه ينتهي بطلوع الفجر من اليوم الحادي عشر، ويبتدئ من آخر الليل من ليلة النحر للضعفاء ونحوهم من الذين لا يستطيعون مزاحمة الناس، وأما رميها في أيام التشريق فهي كرمي الجمرتين اللتين معها، يبدأ الرمي من الزوال، وينتهي بطلوع الفجر من الليلة التي تلي اليوم، إلا إذا كان في آخر أيام التشريق فإن الليل لا رمي فيه، وهو ليلة الرابع عشر، لأن أيام التشريق انتهمت بغروب شمسها، ومع ذلك فالرمي في النهار أفضل إلا أنه في هذه الأوقات مع كثرة الحجيج، وغشمهم، وعدم مبالاة بعضهم ببعض، إذا خاف على نفسه من الهلاك، أو الضرر، أو المشقة الشديدة فإنه يرمي ليلاً ولا حرج عليه، كما أنه لو رمى ليلاً بدون أن يخاف هذا فلا حرج عليه، ولكن الأفضل أن يراعى الاحتياط في هذه المسألة، ولا يرمي ليلاً إلا عند الحاجة إليه.
    وأما قوله: قضاء، فإنها تكون قضاء إذا طلع الفجر من اليوم
    س1166: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: عن وقت رمي الجمار؟
    فأجاب فضيلته بقوله: وقت الرمي بالنسبة لجمرة العقبة يوم العيد، يكون لأهل القدرة والنشاط من طلوع الشمس يوم العيد، ولغيرهم من الضعفاء ومن لا يستطيع مزاحمة الناس من الصغار والنساء يكون وقت الرمي في حقهم من آخر الليل، وكانت أسماء بنت أبي بكر- رضي الله عنها- ترتقب غروب القمر ليلة العيد، فإذا غاب دفعت من مزدلفة إلى منى، ورمت الجمرة.
    أما آخره فإنه إلى غروب الشمس من يوم العيد، وإذا كان زحام، أو كان بعيداً عن الجمرات، وأوجب أن يؤخره إلى الليل فلا حرج عليه في ذلك، ولكنه لا يؤخره إلى طلوع الفجر من اليوم الحادي عشر.
    وأما بالنسبة لرمي الجمار في أيام التشريق وهي اليوم الحادي عشر، واليوم الثاني عشر، واليوم الثالث عشر فإن ابتداء الرمي يكون من زوال الشمس، أي من انتصاف النهار عند دخول وقت الظهر، ويستمر إلى الليل، وإذا كان هناك مشقة من زحام وغيره فلا بأس أن يرمي بالليل إلى طلوع الفجر، ولا يحل الرمي في اليوم الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر قبل الزوال، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يرم إلْا بعد الزوال، وقال للناس "خذوا عنى مناسككم" وكون الرسول - صلى الله عليه وسلم - يؤخر الرمي إلى هذا الوقت مع أنه في شدة الحر، ويدع أول النهار مع أنه أبرد وأيسر، دليل على أنه لا يحل الرمي قبل هذا الوقت، ويدل لذلك أيضاً أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يرمي من حين أن تزول الشمس قبل أن يصلي الظهر، وهذا دليل على أنه لا يحل أن يرمي قبل الزوال، وإلا لكان الرمي قبل الزوال أفضل؟ لأجل أن يصلي صلاة الظهر في أول وقتها؛ لأن الصلاة في أول وقتها أفضل.
    والحاصل: أن الأدلة تدل على أن الرمي في أيام التشريق لا يجوز قبل الزوال.
    س1167: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم من رمى جمرة العقبة من الجهة المغلقة ووقع الحصى في الحوض؟
    فأجاب فضيلته بقوله: العمود الموجود لا يستوعب كل المساحة فهو في نصف المساحة، وجوانبه من اليمين والشمال يرمى منها، فلو أتيت من خلف العمود ورميتما عن يمين العمود، أو عن يساره، أصبت الحوض، والواجب أن تقع الحصاة في الحوض من أي جهة كانت، حتى لو وقعت في الحوض وتدحرجت وخرجت من الحوض وأنت تشاهد فلا بأس.
    س1168: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رميت جمرة العقبة ولكن رميت من الجانب الذي خارج الحوض والسبب أن الحوض مملوء بالحصى ولم أنتبه لذلك إلا أثناء الرمي، ما الواجب علي؟ وهل يلزمني شيء؟
    فأجاب فضيلته بقوله: الإنسان إذا رمى الجمرات فلا يخلو من أحوال:
    الأولى: أن يتيقن أن الحصاة وقعت في الحوض، فإذا تيقن أنها وقعت في الحوض فهي مجزية، ولو تدحرجت وخرجت من الحوض.
    الثانية: أن يتيقن أنها لم تكن في الحوض، فهذه لا تجزئه. .
    الثالثة: أن يغلب على ظنه أنها وقعت في الحوض، فهذا يكفي.
    الرابعة: أن يغلب على ظنه أنها لم تقع في الحوض، فهذه لا تجزئ.
    الخامسة: أن يتردد ويشك، هل وقعت أو لا؟ بدون ترجيح فهذه لا تجزئ.
    فصارت لا تجزئ في ثلاثة أحوال: إذا تيقن أنها لم تقع في الحوض، أو غلب على ظنه أنها لم تقع في الحوض، أو تردد، ففي هذه الحال يعتبر غير رام، وعليه على ما قاله العلماء- رحمهم الله- فدية تذبح في مكة، وتوزع على الفقراء إلا إذا كانت حصاة، أو حصاتين فأرجو ألا يكون عليه شيء.
    س1169: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز رمي الجمرات في العقبة من الجهة المغلقة وقد رأينا حجراً باقياً في القمع من فوق لم يسقط في الحوض فما الحكم؟
    فأجاب فضيلته بقوله: الأصل أن ما يرمى في الحوض يسقط في نفس الحوض الذي في الأسفل هذا هو الأصل، وأنت لا تدري هذه الحصى في فم الحوض لا تدري أهي حصاتك أو حصاة غيرك، فارم من فوق ولا حرج عليك.
    س1170: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: حاج رمى جمرة العقبة بست، وفي اليوم الثاني عشر سأل فقال له من سأله: تعيد رمي جمرة العقبة، وتعيد الرمي في اليوم الحادي عشر، ثم ترمي الثاني عشر. ولكنه سأل آخر فقال: يكفيك رمي جمرة العقبة بست، فاختار الأسهل فهل تكفي الواجب؟ وماذا عليه؟
    فأجاب فضيلته بقوله: أما الذي أفتاه أولاً وقال له: ارم جمرة العقبة ليوم العيد، ثم ارم ثلاث جمرات اليوم الحادي عشر، ثَم ارم الجمرات الثلاث للثاني عشر. فقد سار على ما هو مشهور من مذهب الإمام أحمد- رحمه الله- أنه لابد من الترتيب، ولكن القول الراجح ما أفتاه به الآخر، وأنه يُعفى عن نقص الحصاة، فقد ذكر أن الصحابة- رضي الله عنهم- كان بعضهم يرمي بست، وبعضهم يرمي بسبع، ولم ينكر أحد على الآخر ، لاسيما لو تركها نسياناً فالصحيح بأن رمي الست مجزئ.
    يتبع





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي رد: فتاوى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله بشأن أعمال يوم العاشر من ذي الحجة

    فتاوى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله بشأن أعمال يوم العاشر من ذي الحجة
    الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين








    س1171: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: أديت فريضة الحج والحمد لله وأثناء رمي الجمرات كان الزحام شديداً وقد حاولت جهدي أن تصيب الحصيات الجمرة وكانت بعض الحصيات تطيش رغم محاولاتي ورغم إعادتي بعضها فالذي أعيده كان بعضه يطيش أيضاً فما الحكم في ذلك؟
    فأجاب فضيلته بقوله: الحكم في ذلك أنه لا يجب أن تضرب الجمرة، لأن هذه الأعمدة الموجودة في أراض الجمار مجرد علامات على مكان الرمي، والواجب أن يقع الحصى في نفس الحوض، فإذا وقع الحصى في الحوض فهذا هو الواجب سواء استقر في الحوض، أو تدحرج منه، فأنت أحرص على أن تدنو من الحوض حتى يكون عندك يقين، أو غلبة ظن بأن الحصى وقع في الحوض، فإذا تيقنت، أو غلب على ظنك؛ لأن التيقن قد يتعذر في هذا المقام، فإذا غلب على ظنك أنه وقع في الحوض، فإن هذا كافٍ. ولو طاشت بعض الحصيات ولم تقع في الحوض، فلا حرج عليك أن تأخذ من تحت قدمك وترمي بقية الحصيات، ولو تعذر عليه أن يأخذه ما تحت قدميه وخرج من الزحام ثم أخذ حصى ورجع ورمى فلا حرج أن يكمل الباقي فقط.
    وبالمناسبة: فإن كثيراً من العامة يعتقدون أن رمي الجمرات رمي للشياطين، ويقولون: إننا نرمي الشيطان، وتجد الإنسان منهم يأتي بعنف شديد، وحنق وغيظ، وصياح وشتم وسب، لهذه الجمرة- والعياذ بالله- حتى إني رأيت قبل أن تبنى الجسور على الجمرات، رأيت رجلاً وامرأته وقد ركبا على الحصى يضربان بالحذاء، أو بجزمات، هذا العمود الشاخص، ويسبانه ويلعنانه، ومن العجيب أن الحصى يضربهما، ولا يباليان بهذا، وهذا من الجهل العظيم، فإن رمي هذه الجمرات عبادة عظيمة قال فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة، ورمي الجمار لإقامة ذكر الله" هذه هي الحكمة من رمي الجمرات، ولهذا يكبر الإنسان عند كل حصاة، لا يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بل يكبر ويقول: الله أكبر. تعظيماً لله الذي شرع رمي هذه الحصى، وهو في الحقيقة- أعني رمي الجمرات- غاية التعبد والتذلل لله سبحانه وتعالى؛ لأن الإنسان لا يعرف الحكمة من رمي هذه الجمرات في هذه الأمكنة، إلا لأنها مجرد تعبد لله سبحانه وتعالى، وانقياد الإنسان لطاعة الله وهو لا يعرف الحكمة أبلغ في التذلل والتعبد، لأن العبادات منها ما حكمته معلومة لنا وظاهرة، فالإنسان ينقاد لها تعبداً لله تعالى وطاعة له، ثم إتباعاً لما يعلم فيها من هذه المصالح، ومنها ما لا يعرف حكمته، ولكن كون الله يأمر بها ويتعبد بها عباده هي حكمة كما قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى الله وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) وما يحصل في القلب من الإنابة لله والخشوع والاعتراف بكمال الرب، ونقص العبد، وحاجته إلى ربه ما يحصل له في هذه العبادة فهو من أكبر المصالح وأعظمها.
    س1172: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى- هل أمكنة الجمرات الآن هي التي كان الشيطان يقف فيها يتمثل لإبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام؟
    فأجاب فضيلته بقوله: هذا ورد فيه حديث والله أعلم بصحته، وحتى على فرض صحته فإنه لا يعني أننا نحن نفعل مثل ذلك كما فعله إبراهيم عليه الصلاة والسلام، أرأيت السعي بين الصفا والمروة أصله سعي أم إسماعيل بينهما بعد أن أصابها الجوع والعطش، لتتحسس هل حولها أحد، ونحن لا نسعى لهذا الغرض، وإنما نسعى تعبداً لله عز وجل، وتذللاً إليه وافتقاراً إليه، بأن يغفر لنا ويرحمنا، فهو وإن كان أصل العبادة عملاً معيناً لا يلزم بأن يستمر إلى يوم القيامة، ثم هذا الرمل أيضاً وهو في الأشواط الثلاثة في طواف القدوم، أول ما يصل الإنسان سواء كان طواف قدوم، أو طواف عمرة، هذا أصله أن النبي عليه الصلاة والسلام فعله ليغيظ المشركين به، الذين قالوا حين قدم النبي عليه الصلاة والسلام في عمرة القضاء قالوا: (إنه يقدم عليكم قوم وهنتهم حمى يثرب) فأصل مشروعيته لهذا الغرض ، ونحن الآن نفعله لا لإغاظة المشركين لأن هذا زال، لكنه بقي فيه التعبد، فهذا يدلنا على أنه لا يلزم من كون هذا العمل المعين من الأنساك أصله كذا، أن يكون عملنا له الآن هو العمل الذي شرع من أجله.
    س1173: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: إذا رمى الإنسان العمود الشاخص في وسط الحوض وأصابه، ولكن الحصاة لم تستقر في الحوض وإنما أصابت العمود فسقطت في الأرض؟
    فأجاب فضيلته بقوله: إذا أصابت العمود ثم طاشت حتى صارت خارج الحوض فإنها لا تجزئ، فيجب عليه أن يرمي بدلها.
    س1174: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يوم الحج الأكبر هو يوم العيد أو يوم الوقوف بعرفة؟ ولماذا سمي بهذا الاسم؟
    فأجاب فضيلته بقوله: يوم الحج الأكبر هو يوم العيد كما ثبت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وسمي يوم الحج الأكبر؛ لأن فيه كثيراً من شعائر الحج، ففيه الرمي، وفيه النحر، وفيه الحلق، وفيه الطواف، وفيه السعي لمن كان متمتعاً، أو كان مفرداً، أو قارناً، ولم يكن سعى بعد طواف القدوم، فهي خمس كلها تفعل في يوم العيد، ولذلك سمي يوم الحج الأكبر.
    أما يوم عرفة فليس فيه إلا نسك واحد وهو الوقوف بعرفة، وكذلك مزدلفة ليس فيها إلا نسك واحد وهو المبيت بها، وكذلك ما بعد يوم العيد ليس فيه إلا نسك واحد وهو الرمي.
    س1175: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: في اليوم العاشر قدمنا لرمي جمرة العقبة فوجدنا الحجاج يرمون من بعيد ورمينا معهم ورجعنا وظهر لي فيما بعد بأننا رمينا في الهواء فما هو المطلوب منا؟
    فأجاب فضيلته بقوله: المطلوب منكم إذا كنتم لم تعيدوا الرمي على وجه صحيح، أن تذبحوا فدية في مكة، وتوزعوها على الفقراء هناك، هكذا قال أهل العلم فيمن ترك واجباً، والرمي من واجبات الحج.
    س1176: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: إذا لم تصب جمرة أو جمرتان من الجمار السبع المرمى، ومضى يوم أو يومان فهل يعيد رمي هذه الجمرة؟ وإذا لزمه فهل يعيد ما بعدها من الرمي؟
    فأجاب فضيلته بقوله: إذا بقي عليه رمي جمرة، أو جمرتين من الجمرات، أو على الأوضح: حصاة، أو حصاتين من إحدى الجمرات، فإن الفقهاء يقولون: إذا كان من آخر جمرة فإنه يكمل هذا النقص فقط، ولا يلزمه رمي ما قبلها، وإن كان من غير آخر جمرة فإنه يكمل الناقص ويرمي ما بعده.
    والصواب عندي: أنه يكمل النقص مطلقاً، ولا يلزمه إعادة رمي ما بعدها، وذلك لأن الترتيب يسقط بالجهل، أو بالنسيان، وهذا الرجل قد رمى الثانية وهو لا يعتقد أن عليه شيئاً مما قبلها، فهو بين الجهل والنسيان، وحينئذ نقول له: ما نقص من الحصا فارمه، ولا يجب عليك رمي ما بعدها.
    وقبل إنهاء الجواب أحب أن أنبه إلى أن المرمى مجتمع الحصا وليس العمود المنصوب للدلالة عليه، فلو رمى في الحوض ولم يصب العمود بشيء من الحصيات فرميه صحيح، والله أعلم.
    س1177: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: حاج رمى جمرة العقبة من جهة الشرق ولم يسقط الحجر في الحوض، وهو في اليوم الثالث عشر هل يلزمه إعادة الرمي كله؟
    فأجاب فضيلته بقوله: لا يلزمه إعادة الرمي كله، وإنما يلزمه إعادة الرمي الذي أخطأ فيه فقط، وعلى هذا يعيد رمي جمرة العقبة فقط، ويرميها على الصواب، ولا يجزئه الرمي الذي رماه من جهة الشرق، إذا لم يسقط الحصا في الحوض الذي هو موضع الرمي، ولهذا لو رماها من الجسر من الناحية الشرقية أجزأ لأنه يسقط في الحوض.
    س1178: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل حج وعند قدومه من مزدلفة رمي جمرة العقبة ثم الثانية ثم الثالثة، لأنه لم يتأكد أي الجمار هي جمرة العقبة فهل عليه شيء في ذلك، حيث كان لا يعلم أي الجمار هي العقبة؟ فقال: أتخلص من الجميع، وما ترتيب الجمرات في الرمي في أيام التشريق؟
    فأجاب فضيلته بقوله: لا شيء عليه في هذا، ولكني أنصحه بأن يتحرى العلم بها من قبل الفعل، حتى يكون فعله على وجه الصواب، ولكن مع هذا هو بفعله هذا رمى جمرة العقبة يقيناً.
    وجمرة العقبة هي الجمرة التي تلي مكة، ولكننا نقول: إنك تبدأ بالجمرة الأولى التي تلي مسجد الخيف، ثم بالوسطى، ثم بجمرة العقبة، فتكون جمرة العقبة في اليومين التاليين للعيد تكون هي الأخيرة.
    وبهذه المناسبة عن رمي الجمرات: أود أن أذكر إخواني المسلمين أن رمي هذه الجمرات عبادة يتعبد بها الإنسان لله سبحانه وتعالى بالقول وبالفعل، وهي إتباع لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما جُعل الطواف بالبيت، وبالصفا والمروة، ورمي الجمار لإقامة ذكر الله" ، وأنت عندما ترمي الجمرات تتعبد لله تعالى بالقول، فتقول، الله أكبر، وتتعبد له بالفعل، فتر مي هذه الجمرات في هذه الواضع، لمجرد التعبد لله سبحانه، إذ إن الإنسان لا يعقل علة لها، وكون بعض الناس يقولون: إنا نرمي الشياطين، هذا لا أصل له، فالإنسان لا يرمي الشيطان، وإنما يرمي هذه الأماكن امتثالاً لأمر الله تبارك وتعالى، حيث أمرنا بإتباع رسول الله (وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ). وقال النبي- عليه الصلاة والسلام-: "خذوا عني مناسككم" ثم إنه أيضاً ينبغي أن يكون الرمي بهدوء وخشوع، لا بعنف وشدة وقسوة، كما يفعل بعض العامة الجهال، وينبغي إذا رميت الجمرة الأولى في اليوم الحادي عشر والثاني عشر أن تبعد قليلاً عن الزحام، ثم تقف مستقبلاً القبلة رافعًا يديك تدعو الله سبحانه وتعالى بدعاء طويل، وكذلك إذا رميت الوسطى تقف بعدها وتدعو الله تعالى بدعاء طويل، ثم تذهب وترمي جمرة العقبة ولا تقف بعدها.
    س1179: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يصح رمي الجمار الثلاث يوم العيد؟
    فأجاب فضيلته بقوله: رمي الجمار الثلاث يوم العيد لا يصح منها إلا رمي جمرة العقبة، وهي الأخيرة مما يلي مكة؛ لأنها هي التي ترمى يوم العيد، ويكون رمي الوسطى، لاغياً. والله أعلم.
    س1180: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: عن حكم الحصيات التي تطيش عن العمود ولا تضرب فيه؟
    فأجاب فضيلته بقوله: الحكم في ذلك أنه لا يجب أن تضرب الحصاة العمود؛ لأن هذه الأعمدة الموجودة في أحواض الجمار لمجرد علامات على مكان الرمي، والواجب أن يقع الحصا في نفس الحوض، فإذا وقع في نفس الحوض فهذا هو الواجب سواء استقر في الحوض، أو تدحرج منه، فالحاج عليه أن يحرص على أن يدنو من الحوض، حتى يكون عنده يقين، أو غلبة ظن بأن الحصا وقع في الحوض، فإذا تيقن، أو غلب على ظنه كفى؛ لأن اليقين قد يتعذر في هذا المقام.
    س1181: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل يقول: حججت أكثر من مرة ولكن الجاهل عدو نفسه كما يقولون ولم أقض على الجهل بالسؤال في حينه، فبعد قدومي في إحدى السنوات من مزدلفة رميت جمرة العقبة ثم الثانية ثم الثالثة؛ لأني لم أتأكد أي الجمار هي فهل عليَّ شيء في ذلك؟ وفي اليوم الثاني عملت كما عملت في يوم العيد ولم أبدأ من الجمرة التي تلي مكة المكرمة وإنما بدأت من التي تلي منى هل علي شيء في ذلك أيضاً؟
    فأجاب فضيلته بقوله: أما رميك الجمرات الثلاث يوم العيد فإنه لم يصح منها إلا رمي جمرة العقبة؛ لأنها هي التي ترمى يوم العيد، ويكون رمي الوسطى والدنيا رمياً لاغياً.
    وأما رميك الجمرات الثلاث في اليومين التاليين، وبدايتك من الجمرة التي تلي منى فهذا هو صحيح؛ لأن الإنسان في يوم العيد لا يرمي إلا جمرة واحدة، هي جمرة العقبة، وفي الأيام بعده يرمي الجمرات الثلاث مبتدئاً بالجمرة الأولى التي تلي منى، ثم الوسطى، ثم جمرة العقبة التي تلي مكة.
    س1182: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما هي الأخطاء التي تحدث في الرمي؟
    فأجاب فضيلته بقوله: من المعلوم أن الحاج يوم العيد يقدم إلى منى من مزدلفة، وأول ما يبدأ به أن يرمي جمرة العقبة، والرمي يكون بسبع حصيات متعاقبات، يكبر مع كل حصاة، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحكمة من رمي الجمار في قوله: "إنما جُعل الطواف بالبيت، وبالصفا والمروة، ورمي الجمار لإقامة ذكر الله". هذه هي الحكمة من مشروعية رمي الجمرات، والخطأ الذي يرتكبه بعض الناس في رمي الجمرات من وجوه متعددة فمن ذلك: أولاً: أن بعض الناس يظنون أنه لا يصح الرمي إلا إذا كانت الحصى من مزدلفة، ولهذا تجدهم يتعبون كثيراً في لقط الحصى من مزدلفة قبل أن يذهبوا إلى منى، وهذا ظن خاطئ، فالحصى يؤخذ من أي مكان من مزدلفة، أو من منى، من أي مكان يؤخذ، المقصود أن يكون حصى.
    ولم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه التقط الحصى من مزدلفة حتى نقول إنه من السنة، إذاً فليس من السنة، ولا الواجب أن يلتقط الإنسان الحصى من مزدلفة، لأن السنة إما قول النبي عليه الصلاة والسلام، أو فعله، أو إقراره، وكل هذا لم يكن في لقط الحصى من مزدلفة.
    ثانياً: ومن الخطأ أيضاً: أن بعض الناس إذا لقط الحصى غسله: إما احتياطاً من الخوف من أن يكون أحد قد بال عليه، وإما تنظيفاً لهذا الحصى، لظنه أنه كونه نظيفاً أفضل، وعلى كل حال فغسل حصى الجمرات بدعة؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يفعله، والتعبد بشيء لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدعة، وإذا فعله الإنسان من غر تعبد كان سفهاً وضياعاً للوقت.
    ثالثاً: ومن الأخطاء أيضاً: أن بعض الناس يظنون أن هذه الجمرات شياطين، وأنهم يرمون شياطين، فتجد الواحد منهم يأتي بانفعال شديد، وحنق وغيظ، منفعلاً انفعالاً عظيماً، كأن الشيطان أمامه، ثم يرمي هذه الجمرات ويحدث من ذلك مفاسد:
    1 - أن هذا ظن خاطئ، فإنما نرمي هذه الجمرات إقامة لذكر الله، وإتباعاً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتحقيقاً للتعبد، فإن الإنسان إذا عمل طاعة وهو لا يدري فائدتها إنما يفعلها تعبداً لله، كان هذا أدل على كمال ذله وخضوعه لله- عز وجل-.
    2 - مما يترتب على هذا الظن: أن الإنسان يأتي بانفعال شديد، وغيظ وحنق، وقوة واندفاع، فتجده يؤذي الناس إيذاءً عظيماً، حتى كأن الناس أمامه حشرات لا يبالي بهم، ولا يسأل عن ضعيفهم. وإنما يتقدم كأنه جمل هائج.
    3 - مما يترتب على هذه العقيدة الفاسدة أن الإنسان لا يستحضر أنه يعبد الله- عز وجل- أو يتعبد لله- عز وجل- بهذا الرمي، ولذلك يعدل عن الذكر المشروع إلى قول غير مشروع تجده يقول حين يرمي: (اللهم غضباً للشيطان، ورضاً للرحمن) مع أن هذا ليس بمشروع عند رمي الجمرات، بل المشروع أن يكبر كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
    4 - أنه بناء على هذه العقيدة الفاسدة تجده يأخذ أحجاراً كبيرة يرمي بها، بناء على ظنه أنه كلما كان الحجر أكبر كان أشد أثراً وانتقاماً من الشطيان، وتجده أيضاً يرمي بالنعال والخشب، وما أشبه
    ذلك مما لا يشرع الرمي به، ولقد شاهدت رجلاً قبل بناء الجسور على الجمرات، جالساً على الحصى التي رمي بها في وسط الحوض هو وامرأة معه، يضربان العمود بجزماتهما بحنق وشدة وحصى الرمي تصيبهما، ومع ذلك فكأنهما يريان أن هذا في سبيل الله، وأنهما يصبران على هذا الأذى وهذه الإصابة ابتغاء وجه الله- عز وجل-.
    وإذا قلنا: إن هذا الاعتقاد اعتقاد فاسد فما الذي نعتقده في رمي الجمرات؟ نعتقد في رمي الجمرات أننا نرمي الجمرات تعظيماً لله- عز وجل- وتعبداً له وإتباعاً لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
    رابعاً: من الأخطاء أيضاً في الرمي: أن بعض الناس لا يتحقق من رمي الجمرة من جث ترمى، فإن جمرة العقبة- كما هو معلوم في الأعوام السابقة- كان لها جدار من الخلف، والناس يأتون إليها من نحو هذا الجدار فإذا شاهدوا الجدار رموا، ومعلوم أن الرمي لابد أن تقع فيه الحصى في الحوض، فيرمونها من الناحية الشرقية من ناحية الجدار، ولا يقع الحصى في الحوض لحيلولة الجدار بينهم وبين الحوض، ومن رمى هكذا فإن رميه لا يصح؛ لأن من شرط الرمي أن تقع الحصاة في الحوض، وإذا وقعت الحصاة في الحوض فقد برأت بها الذمة، سواء بقيت في الحوض أو تدحرجت منه.
    وتحقق وقوع الحصى في المرمى ليس بشرط لأنه يكفي أن يغلب على الظن أنها وقعت فيه، فإذا رمى الإنسان من المكان الصحيح وحذف الحصاة وهو يغلب على ظنه أنها وقعت في المرمى كفى، لأن اليقين في هذه الحال قد يتعذر، وإذا تعذر اليقين عمل بغلبة الظن، ولأن الشارع أحال على غلبة الظن في ما إذا شك الإنسان في صلاته كم صلى ثلاثاً أم أربعاً، فقال عليه الصلاة والسلام: "ليتحرّ الصواب ثم ليتم عليه" . وهذا يدل على أن غلبة الظن في أمور العبادة كافية، وهذا من تيسير الله عز وجل، لأن اليقين أحياناً يتعذر.
    خامساً: ومن الأخطاء أيضاً في الرمي: أن بعض الناس يظن أنه لابد أن تصيب الحصاة الشاخص- أي العمود- وهذا ظن خطأ، فإنه لا يشترط لصحة الرمي أن تصيب الحصاة هذا العمود، فإن هذا العمود إنما جعل علامة على الرمي الذي تقع فيه الحصاة، فإذا وقعت الحصاة في الرمي أجزأت، سواء أصابت العمود أم لم تصبه.
    سادساً: ومن الأخطاء العظيمة الفادحة: أن بعض الناس يتهاون في الرمي فيوكل من يرمي عنه مع قدرته عليه، وهذا خطأ عظيم، وذلك لأن رمي الجمرات من شعائر الحج ومناسكه، وقد قال الله تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِ). وهذا يشمل إتمام الحج بجميع أجزائه، فجميع أجزئه الحج يجب على الإنسان أن يقوم بها بنفسه، وأن لا يوكل فيها أحداً. يقول بعض الناس: إن الزحام شديد، وإنه يشق عليه، فنقول له: إذا كان الزحام شديداَّ أَول ما يقدم الناس منى من مزدلفة، فإنه لا يكون شديداً في آخر النهار، ولا يكون شديداً في الليل، وإذا فاتك الرمي بالنهار فارم بالليل؟ لأن الليل وقت للرمي، وإن كان النهار أفضل، لكن كون الإنسان يأتي بالرمي في الليل بطمأنينة وهدوء وخشوع أفضل من كونه يأتيه في النهار، وهو ينازع الموت من الزحام والضيق والشدة، وربما يرمي ولا تقع الحصاة في المرمى. فمن احتج بالزحام نقول له: إن الله قد وسع الأمر لمحلك أن ترمي بالليل.
    يقول بعض الناس: إن المرأة عورة، ولا يمكنها أن تزاحم الرجال في الرمي، فنقول له: إن المرأة ليست عورة، إنما العورة أن تكشف المرأة ما لا يحل لها كشفه أمام الرجال غير الأجانب، وأما شخصية المرأة فليست بعورة، وإلا لقلنا: إن المرأة لا يجوز لها أن تخرج من بيتها أبداً، وهذا خلاف دلالة الكتاب والسنة، وخلاف ما أجمع عليه المسلمون. صحيح أن المرأة ضعيفة، وأن المرأة مرادة للرجل، وأن المرأة محط الفتنة، ولكن إذا كانت تخشى من شيء في الرمي مع الناس فلتؤخر الرمي إلى الليل. ولهذا لم يرخص النبي - صلى الله عليه وسلم - للضعفة من أهله كسودة بنت زمعة- رضي الله عنها- وأشباهها لم يرخص لهم أن يدعوا الرمي، ويوكلوا من يرمي عنهم، مع دعاء الحاجة إلى ذلك لو كان من الأمور الجائزة، بل أذن لهم أن يدفعوا من مزدلفة في آخر الليل، ليرموا قبل حَطَمةِ الناس، وهذا أكبر دليل على أن المرأة لا توكل لكونها امرأة، نعم لو فرض أن الإنسان عاجز ولا يمكنه الرمي بنفسه، لا في النهار ولا في الليل، فهنا يتوجه القول بجواز التوكيل؛ لأنه عاجز، وقد ورد عن الصحابة- رضي الله عنهم- أنهم كانوا يرمون عن صبيانهم، لعجز الصبيان عن الرمي، ولولا ورود هذا النص وهو رمي الصحابة عن صغارهم لولا هذا لقلنا: إن من عجز عن الرمي بنفسه فإنه يسقط عنه، إما إلى بدل وهو الفدية، وإما إلى غير بدل، وذلك لأن العجز عن الواجبات يسقطها، ولا يقوم غير المكلف بما يلزم المكلف فيها عند العجز، ولهذا من عجز عن أن يصلي قائماً مثلاً، لا نقول له: وكَّل من يصلي عنك قائماً. وعلى كل حال التهاون في التوكيل في رمي الجمرات إلا من عذر لا يتمكن فيه الحاج من الرمي، خطأ كبير؛ لأنه تهاون في العبادة، وتخاذل عن القيام بالواجب.
    سابعاً: ومن الأخطاء أيضاً في الرمي: أن بعض الناس يظنون أن الرمي بحصاة من غير مزدلفة لا يجزئ، حتى إن بعضهم إذا أخذ الحصى من مزدلفة ثم ضاع منه، أو ضاع منه بعضه ثم بقي ما لا يكفي ذهب يطلب أحداً معه حصى من مزدلفة ليسلفه إياه فتجده يقول: أقرضني حصاة من فضلك، وهذا خطأ وجهل، فإنه كما أسلفنا يجوز الرمي بكل حصاة من أي موضع كانت، حتى لو فرض أن الرجل وقف يرمي الجمرات، وسقطت الحصاة من يده فله أن يأخذ من الأرض من تحت قدمه، سواء الحصاة التي سقطت منه أم غيرها، ولا حرج عليه في ذلك فيأخذ من الأرض التي تحته وهو يرمي، ويرمي بها حتى وإن كان قريباً من الحوض؛ لأنه لا دليل على أن الإنسان إذا رمى بحصاة رُمي بها لا يجزئه الرمي، ولأنه لا يتيقن أن الحصاة التي أخذها من مكانه قد رُمي بها، فقد تكون هذه الحصاة سقطت من شخص آخر وقف بهذا المكان، وقد تكون حصاة رمى بها شخص من بعيد ولم تقع في الحوض، المهم أنك لا تتيقن، ثم على فرض أنك قد تيقنت أن هذه قد رمي بها تدحرجت من الحوض وخرجت منه، فإنه ليس هناك دليل على أن الحصاة التي رُمي بها لا يجزئ الرمي بها.
    ثامناً: ومن الخطأ في رمي الجمرات: أن بعض الناس يعكس الترتيب فيها في اليومين الحادي عشر، والثاني عشر، فيبدأ بجمرة العقبة، ثم بالجمرة الوسطى، ثم بالجمرة الصغرى الأولى، وهذا مخالف لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - رماها مرتبة وقال: "خذوا عني مناسككم" فيبدأ بالأولى، ثم بالوسطى، ثم بجمرة العقبة، فإن رماها منكسة وأمكنه أن يتدارك ذلك فليتداركه، فإذا رمى العقبة، ثم الوسطى، ثم الأولى، فإنه يرجع فيرمي الوسطى، ثم العقبة، وذلك لأن الوسطى والعقبة وقعتا في غير موضعهما، لأن موضعهما تأخرها مع الأولى، ففي هذه الحالة نقول: اذهب فارمِ الوسطى ثم العقبة.
    ولو أنه رمى الجمرة الأولى، ثم جمرة العقبة، ثم الوسطى.
    قلنا له: ارجع فارمِ جمرة العقبة؛ لأنك رميتها في غير موضعها، فعليك أن تعيدها بعد الجمرة الوسطى، هذا إذاِ أمكن أن يتلافى هذا الأمر بأن كان في أيام التشريق وسهل عليه تلافيه، أما لو قدر أنه انقضت أيام الحج، فإنه لا حرج عليه في هذه الحال؛ لأنه ترك الترتيب جاهلاً فسقط عنه بجهله، والرمي للجمرات الثلاثة قد حصل، غاية ما فيه اختلاف الترتيب، واختلاف الترتيب عند الجهل لا يضر، لكن متى أمكن تلافيه بأن كان علم ذلك في وقته فإنه يعيده.
    تاسعاً: ومن الخطأ أيضاً في رمي الجمرات في أيام التشريق: أن بعض الناس يرميها قبل الزوال، وهذا خطأ كبير، لأن رميها قبل الزوال رمي لها قبل دخول وقتها، فلا يصح، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد". وقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يرمها إلا بعد زوال الشمس وقبل صلاة الظهر، مما يدل على أنه عليه الصلاة والسلام كان يرتقب الزوال ارتقاباً تامًّا، فبادر من حين زالت الشمس قبل أن يصلي الظهر، ولقول عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما-: (كنا نتحين فإذا زالت الشمس رمينا) ، ولأنه لو كان الرمي جائزاً قبل زوال الشمس لفعله النبي عليه الصلاة والسلام، لأنه أيسر للأمة، والله عز وجل إنما يشرع لعباده ما كان أيسر، فلو كان مما يتعبد به لله- أعني الرمي قبل الزوال- لشرعه الله تعالى لعباده، لقوله تعالى: (يُرِيدُ الله بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) فلما لم يشرع قبل الزوال علم أن ما قبل الزوال ليس وقتاً للرمي، ولا فرق في ذلك بين اليوم الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، فكلها سواء، كلها لم يرمِ فيها النبي - صلى الله عليه وسلم – إلا بعد الزوال.
    فليحذر المؤمن من التهاون في أمور دينه، وليتق الله تعالما ربه، فإن من اتقى ربه جعل له مخرجاً، ومن اتقى ربه جعل له من أمره يسرا، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ).
    وينبغي للإنسان- ونحن نتكلم عن وقت الرمي- أن يرمي كل يوم في يومه، فيرمي اليوم الحادي عشر في اليوم الحادي عشر، والثاني عشر في الثاني عشر، وجمرة العقبة يوم العيد في يوم العيد، ولا يؤخرها إلى آخر يوم. هذا وإن كان قد رخص فيه بعض أهل العلم فإن ظاهر السنة المنع منه إلا لعذر.
    عاشراً: ومن الأخطاء في رمي الجمرات: أن بعض الناس يرمي بحصى أقل مما ورد، فيرمي بثلاث، أو أربع، أو خمس، وهذا خلاف السنة، بل يجب عليه أن يرمي بسبع حصيات كما رمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه رمى بسبع حصيات بدون نقص، لكن رخص بعض العلماء في نقص حصاة أو حصاتين؛ لأن ذلك وقع من بعض الصحابة- رضي الله عنهم-، فإذا جاءنا رجل يقول: إنه لم يرم إلا بست ناسياً، أو جاهلاً، فإننا في هذه الحال نعذره، ونقول: لا شيء عليك، لورود مثل ذلك عن بعض الصحابة- رضي الله عنهم-، وإلا فالأصل أن المشروع سبع حصيات كما جاء ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
    الحادي عشر: ومن الخطأ الذي يرتكبه الحجاج في الرمي وهو سهل، ولكن ينبغي أن يتفطن له الحاج: أن كثيراً من الحجاج يهملون الوقوف للدعاء بعد رمي الجمرة الأولى والوسطى في أيام التشريق، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه إذا كان رمى الجمرة الأولى انحدر قليلاً ثم استقبل القبلة، فرفع يديه يدعو الله تعالى دعاءً طويلاً، وإذا رمى الجمرة الوسطى فعل كذلك، وإذا رمى جمرة العقبة انصرف ولم يقف، فينبغي للحاج أن لا يفوت هذه السنة على نفسه، بل يقف ويدعو الله تعالى دعاءً طويلاً إن تيسر له، وإلا فبقدر ما يتيسر بعد الجمرة الأولى والوسطى.
    وبهذا نعرف أن في الحج ست وقفات للدعاء: على الصفا، وعلى المروة، وهذا في السعي، وفي عرفة، ومزدلفة، وبعد الجمرة الأولى، وبعد الجمرة الوسطى. فهذه ست وقفات كلها وقفات للدعاء في هذه المواطن ثبتت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
    الثاني عشر: ومن الأخطاء أيضاً ما حدثني به من أثق به من أن بعض الناس يرمي رمياً زائداً عن المشروع، إما في العدد، وإما في النوبات والمرات، فيرمي أكثر من سبع، ويرمي الجمرات في اليوم مرتين أو ثلاثاً، وربما يرمي في غير وقت الحج وهذا كله من الجهل والخطأ، والواجب على المرء أن يتعبد بما جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لينال بذلك محبة الله ومغفرته لقول الله تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
    هذا ما يحضرني الآن من الأخطاء في رمي الجمرات.
    يتبع

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي رد: فتاوى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله بشأن أعمال يوم العاشر من ذي الحجة

    فتاوى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله بشأن أعمال يوم العاشر من ذي الحجة
    الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين




    النحر والحلق أو التقصير



    س1183: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: إن لي خالاً وقد توفي منذ حوالي سنتين أو أكثر ولخالي أخ أكبر منه وطلب مني أن أحج لهما وحججت ولما ذهبت إلى الحج وفي يوم رمي الجمرات ضعت عن الإخوة الذين معي وتعبت في البحث عنهم ولم أذبح في اليوم الأول وذبحت في اليوم الثاني وقد حلقت رأسي في اليوم الأول فهل يجوز لي أم لا؟
    فأجاب فضيلته بقوله: قوله: (طلب أن أحج عنهما) الحج إنما يمكن أن يكون عق واحد منهما، أما إذا حج عنهما جميعاً في نسك واحد فإنه لا يجوز، لأن النسك الواحد لا يتبعض، لا بد أن يكون عن شخص واحد، فإذا أراد شخص أن يحج عن أمه وأبيه مثلاً في سنة واحدة بنسك واحد، فإن ذلك لا يجوز، وإنما يحرم عن أبيه في سنة، أو عن أمه في سنة، وعن الوالد الثاني في سنة أخرى.
    وأما بالنسبة لما فعله من تأخير الذبح إلى اليوم الثاني، والحلق في اليوم الأول فإنه لا بأس به، وذلك أن الإنسان يوم العيد ينبغي أن يرتب الأنساك التي تفعل فيه كالتالي: أولاً يبدأ برمي جمرة العقبة، ثم بعد ذلك ينحر هدية، ثم يحلق رأسه، أو يقصره، والحلق أفضل، ثم ينزل إلى مكة ويطوف طواف الإفاضة، وهو طواف الحج، ويسعى بين الصفا والمروة إن كان متمتعاً، أو كان قارناً، أو مفرداً ولم يكن سعى بعد طواف القدوم، فإن كان قارناً - صلى الله عليه وسلم - مفرداً وقد سعى بعد طواف القدوم فإنه لا يعيد السعي مرة ثانية.
    س1184: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: جماعة حجوا عن طريق المدينة وعند الإحرام قال أحدهم: إنوا كالتالي: اللهم لبيك عمرة، وكان هذا في اليوم السادس من شهر ذي الحجة، ولما وصلوا مكة المكرمة طافوا بالبيت وسعوا بين الصفا والمروة وقصروا من شعورهم وحلوا إحرامهم وفي صباح اليوم الثامن من ذي الحجة أحرموا من منى ثم ذهبوا إلى البيت العتيق فطافوا وسعوا ثم أكملوا مناسكهم بالوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة، وفي صباح يوم العيد ذهبوا إلى البيت العتيق وطافوا طواف الإفاضة ثم رجعوا ورموا جمرة العقبة وحلوا ولم يذبحوا، وفي اليوم الثاني والثالث رموا الجمار الثلاث ولم يذبحوا، وطافوا طواف الوداع ثم غادروا مكة المكرمة إلى الرياض حيث أنهم من المقيمين في الرياض، والسؤال هنا هل حجهم صحيح مع عدم ذبحهم الهدى؟ وهل عمرتهم صحيحة؟
    فأجاب فضيلته بقوله: هذه القضية التي وقعت منهم، أما عمرتهم فصحيحة لا غبار عليها لأنها على الوجه الشروع.
    وأما حجهم فهم أحرموا من منى، ولا حرج عليهم في الإحرام من منى، لكنهم طافوا وسعوا، ولا ندري ماذا أرادوا بهذا الطواف والسعي؟! إن أرادوا أن هذا الطواف والسعي للحج فهما غير صحيحين، لأنهما وقعا في غير محلهما، إذ محلهما بعد الوقوف بعرفة ومزدلفة، وعلى هذا فيعتبران لاغيين.
    ثم إنه في القضية أنهم طافوا طواف الإفاضة ولم يسعوا للحج فبقي عليهم السعي، وهو ركن من أركان الحج على القول الراجح عند أهل العلم، وبقي عليهم أيضاً هدي التمتع فإنهم لم يذبحوه، فالواجب أن يذبح في أيام العيد، أو أيام التشريق، وفي مكة، أي في الحرم، فعلى هذا فهم يحتاجون الآن إلى إكمال الحج والرجوع إلى مكة والسعي بين الصفا والمروة، وكذلك ذبح الهدي الواجب عليهم، لمن كان مستطيعاً منهم، ومن لم يستطع فليصم عشرة أيام، ثم بعد السعي يطوفون طواف الوداع، ويرجعون إلى بلدهم.
    س1185: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: مجموعة كبيرة من الحجاج حجوا معِ صاحب سيارات وكان عددهم كبيراً وتعاقدوا معه ليقدم أكللاَ بمقدار معين من النقود لكل شخص وقد فوضه بعضهم لشراء فداءٍ فاشتراه وأحضره إلى المخيم في منى وقاموا بذبحه ثم طبخه وقدمه لهم وأكله من في المخيم فهل يجوز ذلك علماً بأنه سيشتري على حسابه ذبائح لو لم نعطه فداءنا في ذلك اليوم؟
    فأجاب فضيلته بقوله: الحقيقة أنه أساء في تصرفه هذا فأولاً هذا الذبح نسأل هل وقع في يوم العيد وما بعده، أو وقع قبل ذلك؟ إن كان وقع قبل العيد فإنه ليس في محله ولا يجزئهم، ولكن الضمان على من تصرف، وإن كان بعد العيد فإنه في محله بعد الذبح، ولكنه فاته شيء واحد وهو أن هذا الهدي يجب أن يكون للفقراء فيه نصيب وأن يطعموا منه، فعليهم الضمان بأقل ما يطلق عليه لحم يتصدقون به على فقراء الحرم هناك، وهديهم مجزئٌ لوقوعه في محله.
    س1186: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: جماعة ذبحوا هديهم ثم أحضروه لمخيمهم فأكلوه وكان في المخيم ضيوف فهل يجزئ؟
    فأجاب فضيلته بقوله: إذا كان هؤلاء الضيوف فقراء وأكلوا من هذا اللحم فنرجو أن لا يكون به بأس.
    س1187: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: كثيراً من اللحوم تذهب هدراً في منى فهل يجوز للحاج في يوم العيد أن يرمي جمرة العقبة ويطوف بالبيت ويحلق رأسه ويتحلل ويلبس ثيابه وفي اليوم الثاني أو الثالث يذبح هديه لكي يأكل منه ومجد من يأكله أيضاً أو أنه لابد من ذبحه قبل التحلل؟
    فأجاب فضيلته بقوله: لا بأس أن يذبح الإنسان هديه بعد التحلل، وبهذه المناسبة أحب أن أبين أن الأنساك التي تفعل يوم العيد هي كالتالي: أولاً: رمى جمرة العقبة، ثم ذبح الهدي، ثم الحلق أو التقصير، ثم الطواف بالبيت والسعي، هذه الأنساك تفعل مرتبة هكذا، كما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه رمى جمرة العقبة، ثم نحر بيده، ثم حلق رأسه ثم طافْ، ولكن لو قدم بعضها على بعض ولاسيما عند الحاجة فلا بأس في ذلك، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسأل يوم العيد في التقديم والتأخير فما سأل عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: "افعل ولا حرج" .
    فهذا الرجل نطبق عليه هذا الحكم بمعنى أنه يجوز أن يؤخر النحر إلى اليوم الثاني من أيام العيد ويتحلل قبله؛ لأن التحلل لا يرتبط بذبح الهدي، وإنما التحلل يكون برمي جمرة العقبة، والحلق، والطواف، فالرمي والحلق أو التقصير يتحلل التحلل الأول، وإذا طاف وسعى تحلل التحلل الثاني، أما ذبح الهدي فإنه لا علاقة له بالتحلل.
    س1188: سئل فضيلة الشيخ -رحمه الله تعالى-: إذا رمى الحاج جمرة العقبة وحلق فهل يتحلل؟
    فأجاب فضيلته بقوله: نعم يتحلل التحلل الأول، وإذا طاف وسعى تحلل التحلل الثاني.
    س1189: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم الذبح بعد التحلل الأول؟
    فأجاب فضيلته بقوله: لا بأس أن يذبح الإنسان هديه بعد التحلل الأول والثاني أيضاً ما دامت أيام التشريق باقية.
    وبهذه المناسبة أحب أن أبين أن الأنساك التي تفعل يوم العيد هي كالآتي:
    أولاً: رمي جمرة العقبة، ثم ذبح الهدي، ثم الحلق أو التقصير، ثم الطواف بالبيت والسعي، هذا هو المشروع في ترتيب هذه الأنساك الخمسة كما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه رمى جمرة العقبة، ثم نحر هديه، ثم حلق رأسه، ثم طاف ولم يسع؛ لأنه كان قارناً، وقد سعى مع طواف القدوم، ولكن لو قدم بعضها على بعض، ولاسيما عند الحاجة فلا بأس بذلك؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسأل يوم العيد في التقديم والتأخير فما سئل عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: "افعل ولا حرج" .
    س1190: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل حج مع والديه حج إفراد واتجهوا إلى عرفات مباشرة وباتوا في مزدلفة ولكنهم يوم العيد اتجهوا إلى مكة وسعوا سعي الحج ولم يطوفوا الإفاضة حتى يجمعوه مع الوداع لعجز والديه ثم حلقوا ثم حلوا جهلاً ثم رموا جمرة العقبة يوم العيد فهل عليهم شيء؟
    فأجاب فضيلته بقوله: لا شيء في هذا، إذا أحرم الرجل بالإفراد أو بالقران، وخرج إلى عرفة ووقف بها، ثم بمزدلفة ثم قدم إلى منى، ونزل إلى مكة وسعى سعي الحج، وأخر الطواف إلى عند السفر فلا حرج، ولكن هذا الرجل تحلل قبل الرمي فإذا كان جاهلاً فلا شيء عليه.
    س1191: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل حلق شعره للعمرة فلما جاء وقت الحج وأراد أن يحلق فماذا يفعل؟
    فأجاب فضيلته بقوله: يكفي أن يمر الموسى على رأسه لأن الشعر ينمو شيئاً فشيئاً، ففي اللحظة الواحدة ينمو، ولكن بعض الناس يكون نموه سريعاً، وبعض الناس يكون أقل، فلو قدر أنه حلق قبل أن يمشي بيوم ومشى إلى الحج يبقى عنده اليوم الثامن والتاسع يومين في اليوم الثالث سيجد شعرًا يحلقه.
    س1192: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: الرجل الأصلع الذي لا ينبت له شعر مطلقاً ماذا يفعل إذا أراد التحلل بعد جمرة العقبة؟ وهل يلزمه أن يمر الموسى على رأسه؟
    فأجاب فضيلته بقوله: ليس عليه شيء، ولا يمر بالموسى، وبعض العلماء قال: يمر الموسى عليه، لكن هذا ليس بصحيح، ومثله ما قاله بعض العلماء أن الأخرس إذا أراد أن يقرأ الفاتحة في الصلاة فيحرك لسانه وشفتيه.
    س1193: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: حاج يقول في ليلة المبيت في مزدلفة أصبحت جنباً، فلم أستطع الغسل لعدم وجود مكان أغتسل فيه فتيممت وصليت الفجر، ثم ذهبت إلى منى فرميت الجمرة، ثم حلقت شعري، ثم رجعت إلى مكاني فاغتسلت، فما حكم الصلاة التي صليتها، وكذا هل علي شيء في حلق رأسي وأنا جنب. أفتوني جزاكم الله خيراً؟
    فأجاب فضيلته بقوله: الصلاة صحيحة، لقول الله تعالى: (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا) وحلق رأسه وهو جنب جائز، ولا شيء عليه.
    س1194: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: من قصر بالمكينة على نمرة واحد فهل له أجر من حلق؟
    فأجاب فضيلته بقوله: الذي يقصر بالمكينة ولو على نمرة واحد يعتبر مقصراً لا حالقاً، فتفوته الدعوات الثلاث التي دعاها النبي صلى الله عليه واَله وسلم للمحلقين، قالا: "اللهم ارحم المحلقين " ثلاث مرات، والصحابة يقولون: والمقصرين؟ ولكنه لا يقولها لا يوافق إلا في الرابعة، قال: "والمقصرين" . وعلى هذا فمن لم يحلق رأسه بالموسى فإنه ليس بحالق.
    س1195: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: قالت عائشة - رضي أدنه عنها- لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما بال الناس حلوا ولم محل يا رسول الله" قال: "لبدت رأسي وسقت الهدي فلم أحل حتى يبلغ الهدي محله" وقلنا إذا قصر الإنسان رأسه أو حلق ورمى الجمرة حل وهو لم يذبح الهدي حتى الآن؟
    فأجاب فضيلته بقوله: لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ساق الهدي، أما من لم يسق الهدي فله أن يقدم ويؤخر، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن التقديم والتأخير فلم يرى في هذا بأساً.
    س1196: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: يقول قصرت بعد التحلل والآن أريد أن أحلق بعد طواف الإفاضة فهل يكون لي ثواب المحلقين الذين دعا لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -؟
    فأجاب فضيلته بقوله: هذا الرجل لما قصر أدى النسك فلا يمكن أن يعيده فيحلق، لكن في الأعوام القادمة إن شاء الله يحرص على أن يحلق في الحج، ويقصر في العمرة إذا جاء متمتعاً، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم دعا للمحلقين ثلاثاً، وبعد مراجعة الصحابة دعا في الرابعة للمقصرين .
    س1197: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالي-: ما المقصود بقوله تعالى: (وَلاَ تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) وهل هذا النهي للتحريم؟ وكيف يكون التحلل على هذه الآية؟
    فأجاب فضيلته بقوله: النهي للتحريم، يعني الإنسان لا يجوز إذا ساق الهدي أن لمجل حتى يبلغ الهدي محله، وعبر بحلق الرأس لأنه هو علامة الحل، ولهذا لا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه في حجة الوداع أن يجعلوا نسكهم عمرة إلا من ساق الهدي قالوا: وأنت يا رسول الله، قال: "أنا قد سقت الهدي فلا أحل حتى أنحر" فمعنى الآية لا تحلوا قبل أن يبلغ الهدي محله، والإحلال يكون بحلق الرأس.
    س1198: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما معنى قول الله تعالى: (وَلاَ تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) أليس هذا صريح في أن النحر يكون قبل الحلق وإلا فما معنى الآية؟
    فأجاب فضيلته بقوله: قوله تعالى: (وَلاَ تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) يعني لا تحلقوا الرأس إلا إذا ذبحتم هذا معنى الآية، لكن جاءت السنة بأنه لا حرج أن يحلق قبل النحر، وما دامت السنة جاءت بذلك فيكون هذا تخفيفاً من الله عز وجل، أو يقال: (حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) أي وقت حلوله، لا أن المراد أن يذبحه فعلاً، وحينئذ لا منافاة بين الحديث وبين الآية، فلنا في ذلك توجيهان:
    التوجيه الأول: أن يقال إن معنى قوله (حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) ليس هو أن يذبح الهدي بل أن يأتي وقت الذبح.
    التوجيه الثاني: أن يقال: (حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) أي حتى يذبح، لكن السنة جاءت بجواز تقديم الحلق على النحر.
    س1199: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: جماعة سعوا ثم حلقوا ثم تحللوا ثم رموا جمرة العقبة فهل فعلهم صحيح؟
    فأجاب فضيلته بقوله: هذا غلط، ولا يمكن حل إلا بعد رمي جمرة العقبة، وما فعلوا من التحلل فهم على جهل، والجاهل معذور فلا شيء عليه.
    س1200: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: جماعة نزلوا من مزدلفة إلى مكة ثم طافوا وسعوا يوم العيد ثم حلقوا فهل فعلهم هذا صحيح؟
    فأجاب فضيلته بقوله: لا بأس به، ولا مانع منه.
    س1201: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: بعض الناس ينحر هديه قبل يوم العيد فمن نحر قبل يوم العيد وسألنا هل نأمره بالإعادة؟
    فأجاب فضيلته بقوله: من نحر هديه قبل يوم العيد وجاء يسألنا، نسأله هل فعل ذلك تقليداً وإتباعاً لجواب عالم من العلماء أو تهاوناً؟ فإن كان فعله تقليدًا أو إتباعاً لجواب عالم من العلماء فإنه لا يلزمه أن يعيده؛ لأن من العلماء من يرى أنه يجوز أن يذبح هدي التمتع قبل العيد، فإذا كان هذا الرجل يقلد هؤلاء العلماء، أو سأل واحل لأن من هؤلاء العلماء الذين يرون هذا الرأي. وقالوا له: إن ذبحك صحيح، فإننا لا نأمره بإعادة الذبح.
    أما إذا كان قد ذبح قبل يوم العيد تهاوناً، وليس مبنياً على علم، ولا على تقليد عالم فإنه يلزمه أن يعيد الذبح، لأنه لا يجوز أن يذبح هدي التمتع والقران إلا في يوم العيد فما بعده، والدليل على هذا: أنه لو كان يمكن ذبح الهدي قبل يوم العيد، لذبح النبي - صلى الله عليه وسلم - هديه وحل من إحرامه كما أمر بذلك أصحابه، بل قال عليه الصلاة والسلام: "إن معي الهدي فلا أحل حتى أنحر" ولو كان يجوز تقديم نحر الهدي على يوم العيد لنحره ثم حل.
    س 1202: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل يقول: من الله عليّ وأديت فريضة الحج، وعندما تحللت من إحرامي في اليوم العاشر من ذي الحجة بعد رمي الجمرة الكبرى قصرت بعض الشعر ولم أكن أعلم بأن المقصود هو تقصير كلل الشعر. وفي اليوم الحادي عشر وبعد رمي الجمرات الثلاث أرهقت إرهاقاً شديداً، لا أستطيع معه السير، وخاصة لأن صحتي ضعيفة، لست مريضاً، ولم أكن أستطع السير على الأقدام إلا بوضع الثلج فوق رأصي، وفي اليوم الثاني عشر وهو اليوم الثاني لرمي الجمرات الثلاث، أفادتي أصحاب بأنني لا أستطيع رمي الجمرات لشدة الزحام والحر، وهذا فيه مشقة كبيرة عليّ، خوفاً من أن يحدث لي مثل ما حدث في الأمس، فوكلت أحد أصحاب برمي الجمار نيابة عني، وبعدها ذهبت لطواف الإفاضة ثم إلى المدينة المنورة لزيارة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والسؤال هل حجي صحيح يا فضيلة الشيخ؟ وهل يجب علي هدي لعدم تقصير الشعر علماً بأنني كما ذكرت لم أعلم وقتها بأن المقصود بتقصير الشعر هو الشعر كله، وإذا كان هناك هدي فكيف أؤديه ومتى؟
    وبالنسبة لتوكيل أحد أصحاب برمي الجمرات الثلاث في اليوم الثاني عشر من ذي الحجة نظراً لما شرحته من ظروف صحتي هل هو صحيح أم ماذا أفعل أفيدوثا مأجورين؟ وإذا أخذت عمرة لأبب المتوفى فهل أدعو لنفسي؟
    فأجاب فضيلته بقوله: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله، وأصحابه أجمعين، أما بعد: ما يتعلق بتقصير شعر الرأس حيث أنك لم تقصر إلا جزءً يسيراً منه جاهلاً بذلك، ثم تحللت فإنه لا شيء عليك في هذا التحلل؛ لأنك جاهل، ولكن يبقى عليك إتمام التقصير لشعر رأسك.
    وإنني بهذه المناسبة: أنصح إخواني المسلمين إذا أرادوا شيئاً من العبادات ألا يدخلوا فيها حتى يعلموا حدود الله عز وجل فيها، لئلا يتلبسوا بأمر يخل بهذه العبادة لقوله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) وقوله تعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ) فكونك تعبد الله عز وجل على بصيرة عالماً بحدوده في هذه العبادة، خير بكثير من كونك تعبد الله سبحانه وتعالى على جهل، بل مجرد تقليد لقوم يعلمون أو لا يعلمون، وما أكثر ما تقع هذه المشاكل بين الحجاج، والصوام، والمصلين يعبدون الله عز وجل على جهل، ويخلون بهذه العبادات، ثم بعد هذا يأتون إلى أهل العلم ليستفتوهم فيما وقع منهم، فلو أنك تعلمت حدود الحج قبل أن تتلبس به لزال عنك إشكالات كثيرة، ونفعت غيرك أيضاً فيما علمته من حدود الله سبحانه وتعالى.
    أعود فأقول بالنسبة للتقصير يمكنك الآن أن تكمل ما يجب عليك فيه؛ لأن كثيراً من أهل العلم يقولون: إن التقصير والحلق ليس له وقت محدود ولاسيما وأنت في هذه الحال جاهل، وتظن أن ما قصرته كافٍ في أداء الواجب.
    وأما بالنسبة لتوكيلك في اليوم الثاني عشر من يرمي عنك، فإذا كنت على الحال الذي وصفته في سؤالك لا تستطيع أن- ترمي بنفسك لضعفك، وعدم تحملك الشمس، ولا تستطيع أن تتأخر حتى ترمي في الليل، وترمي في اليوم الثالث عشر، ففي هذه الحال لك أن توكل، ولا يكون عليك في ذلك شيء؛ لأن القول الصحيح أن الإنسان إذا جاز له التوكيل لعدم قدرته على الرمي بنفسه لا في النهار ولا في الليل فإنه لا شيء عليه، خلافاً لمن قال: إنه يوكل وعليه دم، لأننا إذا قلنا بجواز التوكيل صار الوكيل قائماً مقام الموكل.
    أما قول السائل: (إنه بعد ذلك زار النبي - صلى الله عليه وسلم -) فلي على هذه الجملة ملاحظة وهي أن الزيارة تكون لقبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، أما النبي عليه الصلاة والسلام فإنه بعد موته لا يُزار، وإنما يزار القبر، ثم إن الأفضل لمن قصد المدينة أن ينوي بذلك الذهاب إلى السجد، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى" فلا ينوي قاصد المدينة السفر إلى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإن هذا من المقصود النهي عنها، إما تحريماً وإما كراهة، ولكن ينوي بذلك زيارة مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - والصلاة فيه؛ لأن الصلاة في مسجد النبي عليه الصلاة والسلام خير من ألف صلاة فيما عداه إلا المسجد الحرام، ثم بعد ذلك يزور قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فيسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم على أبي بكر- رضي الله عنه- ثم على عمر -رضي الله عنه- ويزور كذلك البقيع، وفيه قبر أمير المؤمنين عثمان- رضي الله عنه -وقبور كثير من الصحابة- رضي الله عنهم-، ثم كذلك يزور قبور الشهداء في أحد، وكذلك يخرج إلى مسجد قباء ويصلي، فهذه خمسة أماكن في المدينة: المسجد النبوي، وقبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقبرا صاحبيه، والبقيع، وشهداء أحد، ومسجد قباء، وما عدا ذلك من المزارات في المدينة فإنه لا أصل له ولا يشرع الذهاب إليه.
    أما الجواب على سؤاله الأخير، وهو أنه يريد أن يأخذ عمرة لأبيه المتوفى، ويسأل هل يجوز أن يدعو لنفسه في هذه العمرة؟
    الجواب أن نقول: نعم يجوز أن يدعو لنفسه في هذه العمرة، ولأبيه ولمن شاء من المسلمين؛ لأن المقصود أن يأتي بأفعال العمرة لمن أراد أفعالها، أما مسألة الدعاء فإنه ليس بركن ولا بشرط في العمرة، فيجوز أن يدعو لنفسه، ولمن كانت له هذه العمرة، ولجميع المسلمين.
    س1203: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: من حج مفرداً ولم ينحر ولم يقصر فما الحكم جزاكم الله خيراً؟
    فأجاب فضيلته بقوله: النحر لا يجب إلا على المتمتع والقارن، وأما المفرد فإنه لا يجب عليه الهدي.
    أما التقصير فإن عليك أن تذبح بدله فدية في مكة توزعها على الفقراء؛ لأن أهل العلم يقولون: من ترك واجبًا من واجبات الحج فعليه دم يذبح في مكة، ويوزع على الفقراء.
    وإنني بهذه المناسبة أنصح إخواني المسلمين إذا أرادوا الحج أن يتعلموا أحكام الحج قبل أن يحجوا؛ لأنهم إذا حجوا على غير علم فربما يفعلون أشياء تخل بنسكهم وهم لا يشعرون، وربما لا يتذكرون ذلك إلا بعد مدة طويلة، فعلى المرء إذا أراد أن يحج أن
    يتعلم أحكام الحج، إما عن طريق العلماء مشافهة، وإما عن طريق قراءة المناسك المكتوبة وهي كثيرة ولله الحمد.
    س1204: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما الحكم فيمن جامع زوجته في الحج يوم العيد؟
    فأجاب فضيلته بقوله: جماع الزوجة في الحج يوم العيد إذا كان الإنسان قد رمى العقبة وحلق وطاف وسعى إذا فعل هذه الأربعة فإن زوجته تحل له؛ لأنه إذا رمى وحلق وطاف طواف الإفاضة وسعى بين الصفا والمروة حل له كل شيء.
    س1205: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل يقول أصبت بآفة في رأسي أتت على جميع شعري حتى أصبح كلأنه راحة اليد، وقد حججت وسوف أحج إن شاء الله ولكن حيث إنه يتعذر أخذ شيء من رأسي فإني أعمد إلى شاربي وأطراف لحيتي وآخذ منها هل هذا صحيح أثابكم الله؟
    فأجاب فضيلته بقوله: ليس هذا بصحيح، فإنه إذا لم يكن عليك شعر رأس سقطت عنك هذه العبادة، لزوال محلها، ونظيره الرجل إذا كان مقطوع اليد من المرفق، فما فوق فإنه لا يجب عليه غسل يده حينئذ، إلا أنه يغسل إذا قطع من مفصل المرفق رأس العضد فقط، لكن لو قطع من نصف العضد مثلاً سقط عنه الغسل نهائياً، فالعبادة إذا فات محلها الذي علقت به سقطت، فعلى هذا لا يجب عليك حلق الرأس لعدم وجود الشعر، وأما الأخذ من الشارب فهو سنة في هذا الموضع وغيره، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر به، لكن لا لهذا السبب الذي علق الحكم به هذا السائل، وأما الأخذ من اللحية فإنه لا يجوز وخلاف ما أمر به النبي عليه الصلاة والسلام في قوله: "أعفو اللحى، وحفوا الشوارب" فلا يأخذ منها شيئاً لا قي الحج ولا في غيره.
    يتبع





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي رد: فتاوى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله بشأن أعمال يوم العاشر من ذي الحجة

    فتاوى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله بشأن أعمال يوم العاشر من ذي الحجة
    الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين









    س1206: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ورد في الحديث أن التحلل الأول يوم العيد يكون برمي جمرة العقبة فقط دون الحاجة إلى الحلق، فهل يصح أن نقول: يحصل التحلل بالحلق فقط قياسًا على الرمي لأنه من أنساك يوم العيد؟ وما تعليق فضيلتكم على قول الفقهاء - رحمهم الله- إن من فعل اثنين من ثلاثة فقد حل التحلل الأول؟
    فأجاب بقوله: الحديث الوارد عن النبي عليه الصلاة والسلام جاء فيه: "إذا رميتم فقد حل لكم كل شيء، إلا النساء" . وفي لفظ: "إذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم كل شيء إلا النساء" وقول بعض الفقهاء أنه إذا فعل اثنين من ثلاثة حل التحلل الأول، لا دليل عليه بل يقال: إن التحلل الأول مرتبط، إما بالرمي وحده، هاما بالرمي والحلق، وإما اثنين من ثلاثة، فهذا- وإن كان له حظ من النظر- ولكنه ضعيف، فيقتصر على ما جاء به النص.
    أما هل يحصل التحلل بالرمي وحده أو بالرمي والحلق؟
    فالصواب أنه لا يحصل إلا بالرمي والحلق؛ لأن حديث عائشة- رضي الله عنها- قالت: (كنت أطيب النبي - صلى الله عليه وسلم - لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت) ، ومعلوم أنه لا طواف بالبيت بالنسبة لفعل الرسول عليه الصلاة والسلام إلا بعد الرمي والحلق، ولو كان يتحلل قبل الحلق، لقالت؟ ولحله قبل أن يحلق، فلما قالت: (قبل أن يطوف) علمنا أنه لا يحل التحلل الأول إلا بالحلق، وأيضاً فإن الحلق رتب عليه الحل في مسألة الإحصار، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أحصر في الحديبية أمرهم أن يحلقوا ثم يحلوا، ولا حل لمحصر إلا بعد الحلق، فالصواب أنه لا يحل التحلل الأول إلا بعد الرمي والحلق، وأنه لو رمى وطاف لم يحل، ولو حلق وطاف لم يحل، وإنما يقتصر في الحل على ما جاء به النص وهو الرمي والحلق.
    س1207: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل لذبح الهدي أثر في التحلل؟
    فأجاب فضيلته بقوله: الذبح ليس له أثر، فليس التحلل معلقاً بالذبح، فيمكن أن يتحلل الإنسان ولو لم يذبح، وذلك لأن الإنسان يتحلل التحلل الأول يوم العيد إذا رمى جمرة العقبة وحلق أو قصر، فإذا فعل ذلك حل التحلل الأول، وجاز له جميع محظورات الإحرام إلا النساء، وإذا أضاف إلى ذلك الطواف والسعي حل الحل كله، حتى ولو لم يذبح، ومعنى قولنا: (حل الحل كله) أنه يجوز له جميع محظورات الإحرام حتى النساء، فإذا فعل الإنسان أربعة أشياء تحلل تحللاً كاملاً وهي: رمي جمرة العقبة، والحلق أو التقصير، والطواف، والسعي، فإن فعل اثنين من ثلاثة عند الفقهاء وهي الرمي والحلق والطواف- والسعي في التحلل الأول ليس له دخل-، فلو رمى وطاف حل التحلل الأول، ولو حلق ورمى حل التحلل الأول، ولو حلق وطاف حل التحلل الأول، لكن الأفضل ألا يحل التحلل الأول حتى يرمي، حتى لو طاف وحلق فالأفضل ألا يتحلل حتى يرمي.
    س1208: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: إذا رمى شخص جمرة العقبة ثم دفع المال للبنك الإسلامي للهدي، وقيل له: إنه سوف يتم الذبح بعد ساعة أو اثنتين ولكنه ذهب وحلق وبعد أقل من هذه المدة فهل يعتبر أن هذا كان صحيحاً؟
    فأجاب فضيلته بقوله: نعم صحيحاً، لأن تقديم الحلق على النحر جائز، والتحلل لا علاقة له بالنحر، ولهذا لو رمى الإنسان وحلق وطاف وسعى حل التحلل كله، وجاز له وطء النساء وإن لم ينحر إلا في اليوم الثاني.
    س1209: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما هو التحلل الأول؟
    فأجاب فضيلته بقوله: إذا رميت جمرة العقبة يوم العيد وحلقت، فقد تحللت التحلل الأول.
    س1210: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما مدى القول المأثور: من فعل اثنين من ثلاثة حل، وهل يحل الحاج بالرمي والطواف دون الحلق أو التقصير؟
    فأجاب فضيلته بقوله: كثير من أهل العلم يرى أنه يحل التحلل الأول بالرمي فقط، أي برمي جمرة العقبة يوم العيد، ولكن الظاهر أنه لا يحل إلا بالرمي والحلق، وأما العبارة المشهورة عند الفقهاء (أنه يحل التحلل الأول بفعل اثنين من ثلاثة! وهن: الرمي، والحلق، والطواف، فلا أعلم في هذا سنة، لكن فيه القياس والنظر؛ لأن الطواف له تأثير في التحلل الثاني، فإذا كان له تأثير في التحلل الثاني صار له تأثير في التحلل الأول، فعلى كلام الفقهاء: إذا رمى وطاف حل التحلل الأول، وإن لم يحلق، وإذا حلق وطاف حل التحلل الأول وإن لم يرم، وإذا رمى وحلق حل التحلل الأول وإن لم يطف.
    س1211: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: صبيحة يوم النحر طفت وسعيت ثم ذبحت ثم قصرت، ومن ثم تحللت التحلل الأول، ثم رميت جمرة العقبة قبل أذان المغرب بخمس دقائق، فهل أعمالي صحيحة؟
    فأجاب فضيلته بقوله: الأعمال صحيحة لكن كونه تحلل هذا غلط، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم" وهذا الرجل حلق وطاف وسعى ولكنه لم يرم فلم يتحقق الشرط الذي رتب عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - الحل، قال: إذا رميتم وحلقتم.
    فإذا قال قائل: أليس بعض العلماء يقول: إذا فعل اثنين من ثلاثة حل التحلل الأول وهو الرمي والحلق والطواف.
    قلنا: بلى قاله بعض العلماء، لكن قول العلماء لايحكم على قول الرسول؟ بل قول الرسول يحكم على قول العلماء، والحديث: "إذا رميتم " ولهذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يم يلبي حتى إذا رمى جمرة العقبة فأقول للأخ: لا تتحلل التحلل الأول بعد هذا العام إلا إذا رميت وحلقت.
    س1212: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: أيهما الراجح التحلل الأول يحصل برمي جمرة العقبة فقط أم بفعل اثنين من ثلاثة؟
    فأجاب فضيلته بقوله: التحلل الأول لا يحصل بالرمي فقط، والتحلل باثنين من ثلاثة أيضاً لا يصح، لأن هذا من كلام الفقهاء ولا دليل عليه. والصحيح أنه لا يحل إلا برمي جمرة العقبة والحلق، ودليل ذلك قول عائشة رضي الله عنها: كنت أطيب النبي - صلى الله عليه وسلم - لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت، ولم تقل: لحله قبل أن يحلق، وأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - حلق قبل طوافه بالبيت، والصواب في هذه المسألة أنه لا يحصل التحلل الأول إلا بالرمي مع الحلق أو التقصير.
    رسالة
    الحمد لله، وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
    سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... أما بعد:
    فقد روى أبو داود عن أم سلمة- رضي الله عنها- قالت: كانت ليلتي التي يصير إلي فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مساء يوم النحر، فصار إلي فدفي علي وهب بن زمعة، ومعه رجل من آل أبي أمية متقمصين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لوهب: هل أفضت أبا عبد الله؟
    قال: لا والله يا رسول الله، قال: "انزع عنك قميصك" .
    فنرجو الإفادة بما لديكم عن هذا الحديث؟
    بسم الله الرحمن الرحيم
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:
    الكلام على هذا الحديث من وجوه:
    أحدها: من جهة سنده، وقد انفرد به ابن إسحاق، وقد قيل لأحمد: إذا انفرد ابن إسحاق بحديث تقبله؟ قال: لا والله.
    وهذا كاف في تضعيف هذا الحديث.
    ثانيها: من جهة معناه ومخالفته للأصول، فإن من المعلوم أن الحاج يحصل له التحلل قبل الطواف بالبيت، كما في الصحيحين من حديث عائشة- رضي الله عنها- قالت: (كنت أطيب النبي - صلى الله عليه وسلم - لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت) فإذا ثبت التحلل من الحج قبل الطواف، فإنه لا يعود التحريم إليه إلا بعقد جديد، كما لو تحلل من الصلاة لا يعود إليها إلا بإحرام جديد.
    وتقرير ذلك أن يقال: ثبت التحلل قبل الطواف بالبيت فيبقى حكمه إلا أن يستأنف التحريم بإحرام جديد، وليس ثمة إحرام جديد.
    ثالثها: من جهة العمل به وقبوله، فإن هذا الحكم من الأمور الهامة في الحج التي يكثر وقوعها وتدعو الحاجة إلى بيانها علماً وعملاً، فلما لم تتلق الأمة هذا بالقبول، ولم تعمل به- اللهم إلا شذوذاً من الناس- علم أنه لا أصل له في الشريعة؛ لأن هذا مما تتوافر الدواعي على نقله، وتحتاج الأمة إلى علمه والعمل به، فكيف لا يرويه إلا واحد، أو لم يعمل به إلا شذوذ من الناس.
    هذا ما ظهر لنا في هذا الحديث والعلم عند الله تعالى.
    س1213: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: بالنسبة لأعمال يوم النحر فيه الرمي والحلق وطواف الإفاضة إلى آخره سمعنا أن هناك قولاً أنه لابد على الحاج أن يعمل عدة أشياء في اليوم الأول منها طواف الإفاضة حتى يتحلل فإن لم يطف طواف الإفاضة بقي محرماً من جديد إن كان قد أحل إحرامه فما مدى صحة ذلك جزاكم الله خيراً؟
    فأجاب فضيلته بقوله: إذا وصل الحاج يوم العيد إلى منى فإنه يبدأ أولاً برمي جمرة العقبة، ثم ينحر هديه، ثم يحلق رأسه أو يقصره، ثم ينزل إلى مكة فيطوف طواف الإفاضة ويسعى بين الصفا والمروة للحج إلا إذا كان قارناً أو مفرداً وسعى بعد طواف القدوم، فإن السعي الأول يكفيه، أما المتمتع فلابد أن يسعى مرتين مرة للعمرة حين قدومه لمكة، ومرة أخرى للحج في يوم العيد أو ما بعده، وإذا رمى الإنسان جمرة العقبة يوم العيد وحلق أو قصر حل التحلل الأول، فيحل له كل شيء من محظورات الإحرام إلا النساء، ثم إذا طاف وسعى حل له كل شيء حتى النساء، وقد ثبت من حديث عائشة- رضي الله عنها- قالت: (كنت أطيب النبي - صلى الله عليه وسلم - لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت) ، فأثبتت عائشة في هذا الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يحل قبل أن يطوف بالبيت، وهذا الإحلال ثابت في الصحيحين، أما الحديث المروي عن أم سلمة- رضي الله عنها- من أن الإنسان إذا غربت عليه الشمس يوم العيد ولم يطف طواف الإفاضة فإنه يعود حراماً، أي يعود محرماً، فإنه حديث مخالف لحديث عائشة- رضي الله عنها- وقد نقل أهل العلم الإجماع على عدم العمل به أي حديث أم سلمة، وأن الإنسان إذا حل من إحرامه من الحج فإنه لا يعود محرماً إلا بعقد نسك جديد وهذا هو الصواب. وعليه فإذا لم يطف الإنسان طواف الإفاضة يوم العيد، وقد تحلل التحلل الأول بالرمي والحلق أو التقصير، فإنه لا يعود محرماً بعد ذلك، ويبقي على حله من كل شيء إلا النساء.
    س1214: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: من تحلل التحلل الأول يوم النحر ولم يطف قبل غروب الشمس هل يلزمه العود إلى الإحرام؟
    فأجاب فضيلته بقوله: الصحيح أنه لا يلزمه العود، والحديث الوارد في هذا ضعيف شاذ، مخالف للأحاديث الكثيرة الصحيحة، ثم ترك الأمة العمل به يدل على أنه ضعيف وليس بحجة، ثم إن كثيراً من الناس اليوم يتمنى أن يطوف يوم العيد لكنه لا يحصل له، ويخشى على نفسه من الهلاك والموت فيؤخر الطواف للضرورة، فعلى تقدير أن الحديث صحيح، فمن أخر الطواف عن يوم العيد خوفاً على نفسه فليس عليه شيء بمعنى أنه يحل التحلل الأول ولا يعود للإحرام ثانية.
    س1215: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: من تحلل من الحج بعد الرمي فقط يظن أن ذلك جائز فماذا عليه؟
    فأجاب فضيلته بقوله: من تحلل من الحج بعد رمي جمرة العقبة ظاناً أن ذلك جائز قبل الحلق فلا شيء عليه، بل إن بعض أهل العلم يقول: من رمى جمرة العقبة يوم العيد فقد حل من كل شيء إلا النساء، ولكن الصواب أنه لا يحل حتى يرمي ويحلق أو يقصر، إلا أن هذا الشخص لما كان جاهلاً بهذا الأمر فلا شيء عليه.
    والجاهل الذي لا يدرك أن ما فعلهِ محظور فلا شيء عليه.
    س1216: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز للحاج أن يرمي جمرة العقبة ويطوف بالبيت ويحلق رأسه ويتحلل ويلبس ثيابه قبل أن يذبح هديه؟
    فأجاب فضيلته بقوله: نعم يجوز؛ لأن الإنسان إذا رمى جمرة العقبة يوم العيد وحلق حل التحلل الأول، وجاز له أن يلبس ثيابه، وأن يفعل كل شيء كان محظوراً عليه في الإحرام ماعدا النساء، فإذا انضاف إلى الرمي والحلق طواف الإفاضة والسعي بين الصفا والمروة حل له كل شيء حتى النساء، وإن لم يذبح الهدي، ولكن الأولى أن يبادر فيرمي جمرة العقبة أولاً، ثم ينحر هديه، ثم يحلق رأسه، ثم يتحلل، ثم ينزل إلى مكة فيطوف طواف الإفاضة ويسعى هذا هو الأفضل.
    س1217: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: إذا رمى الحاج جمرة العقبة وذبح هديه هل يجوز له أن يتحلل؟
    فأجاب فضيلته بقوله: الصحيح أنه لا يتحلل إلا بالرمي والحلق، وأن الرمي وحده لا يحصل به التحلل.
    س1218: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز حل الإحرام بعد رفي الجمرة والطواف قبل الحلق أم الطواف متعلق بالحلق؟
    فأجاب فضيلته بقوله: ظاهر السنة أن التحلل الأول لا يكون إلا بالرمي والحلق فقط، وقال بعض الفقهاء رحمهم الله: إن التحلل الأول يحصل باثنين من ثلاثة: الرمي والحلق والطواف، ولكن السنة تدل على أنه لا يتحلل إلا إذا رمى وحلق، أما النحر فلا علاقة له في التحلل إلا من ساق الهدي وهو قارن، فظاهر السنة أنه لا يحل حتى ينحر.
    س1219: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: حاج يقول: بعدما رميت جمرة العقبة حلقت رأسي ثم ذهبت إلى مكان الاستراحة في منى ثم قمت بذبح الهدي، ثم قال لي بعض الناس: لا يجوز أن تحلق قبل أن تذبح فهل هذا القول صحيح؟
    فأجاب فضيلته بقوله: حلقك قبل النحر لا بأس به ولا حرج فيه، وليس عليك في ذلك فدية، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن مثل ذلك أو عنه فقال: "لا حرج" فالحاج يوم العيد يفعل الأنساك التالية: يرمي جمرة العقبة، ثم ينحر هديه، ثم يحلق رأسه، ثم يطوف ويسعى، هذه ترتب على هذا النحو، ويبدأ بها أولاً فأولاً على سبيل الاستحباب والأفضلية، فإن قدم بعضها على بعض فإنه لا حرج عليه، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما سئل عن شيء يومئذ قدم ولا أخر، إلا قال: "افعل ولا حرج".
    س1220: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: امرأة خافت على جنينها وهي حامل فماذا عليها في طواف الحج ورمي الجمرات؟
    فأجاب فضيلته بقوله: إذا خافت امرأة حامل على جنينها فإنها تحمل كما هو مجروف الآن، فكل من عجز عن الطواف يحمل يقول الله تعالى: (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) وقوله: (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا) وقوله: (وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) وقوله: (وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ).
    وأما الرمي فإنها توكل.
    طواف الإفاضة والسعي
    س1221: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز تأخير طواف الحج عن اليوم العاشر إلى اليوم الحادي عشر، أو الثاني عشر إذا خفت من الزحام؟
    فأجاب فضيلته بقوله: لمجوز تأخير طواف الحج عن يوم العيد إلى الحادي عشر، والثاني عشر، وإلى العشرين من شهر ذي الحجة، وإلى الخامس والعشرين من ذي الحجة، ولكنك لا تحل التحلل كله إلا بعد أن تطوف وتسعى، وهذا القول الذي ذكرته أنه له إلى منتهى شهر ذي الحجة، قول وسط بين من يقول: إنه يؤخره إلى الأبد.
    والصحيح أن له أن يؤخره إلى آخر يوم من شهر ذي الحجة، فإذا كان هناك عذر كما لو كانت امرأة نفست في يوم العيد قبل أن تطوف طواف الإفاضة ولم تطهر إلا بعد أن خرج شهر ذي الحجة فإنها تطوف متى طهرت.
    س1222: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: أنا حاج ومعي والدتي وأرغب في تأجيل طواف الإفاضة والوداع وأذهب إلى الطائف ثم أعود في شهر ذي الحجة فأطوف طواف الإفاضة؟
    فأجاب فضيلته بقوله: إن كان من أهل الطائف فلا يجوز، وإن كان من غير أهل الطائف فلا بأس. لأنه إذا كان من أهل الطائف فمعناه رجع إلى بلده قبل انتهاء حجه، وإن كان من غير أهل الطائف فهو لا يزال في السفر فلا بأس، ولكن لا داعي أن يؤخر إلى آخر ذي الحجة، لأنه يمكن في نصف الشهر الزحام يقل جداً، لأن الناس إذا أنهوا حجهم مشوا.
    س1223: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل قام بفريضة الحج العام الماضي وقد وقع في خطأ وهو بعدما وقف بعرفة وبعد رمي الجمرات أراد أن يطوف طواف الإفاضة وذهب في ساعة متأخرة من الليل ولم يتمكن من الانتهاء من الطواف إلا بعد أداء صلاة الفجر فهل عليه كفارة؟
    فأجاب فضيلته بقوله: الذي يظهر من السؤال أنه لا كفارة عليه؛ لأن الرجل طاف طواف الإفاضة في وقته أي بعد الوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة، ولا أعلم عليه شيئاً إذا كان الأمر كما وصف في سؤاله.
    س1224: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل في يوم العيد سعى من دون أن يطوف وأخر الطواف إلى اليوم الثالث واحتج بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "افعل ولا حرج" فهل فعله صحيح؟
    فأجاب فضيلته بقوله: فعله صحيح، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لما سأل فقال له رجل: سعيت قبل أن أطوف قال: "لا حرج".
    س1225: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل يقول: لقد قمت منذ ثلاث سنوات بالحج وكنت لا أعلم إلا القليل عن مناسك الحج وذهبت مع بعض أصدقائي الذين حجوا في الأعوام السابقة ولكننا عندما وصلنا إلى عرفات ضعت عن أصحاب وكان معهم كل حاجاتنا ولم يبق معي غير نقودي وواحد من أصدقائي وأكملنا باقي مناسك الحج مثل باقي الحجاج نسير معهم ونفعل كما يفعلون حتى نزلنا من منى بعد رمي الجمرات بنوعيها ولا أدري أن علينا غير طواف الوداع ولم أطف طواف الإفاضة ورجعت إلى جدة حيت إنني مقيم وأعمل فيها وكنت أعزب ولم أطف طواف وداع إلا عند مغادرة المملكة في فترة الإجازة، ثم قمت بعدما علمت بتقصيري في الحجة الأولى بالحج مرة ثانية وطبعاً بحثت في مناسك الحج وقرأت كثيراً عنها قبل ذهابي ثانياً حتى لا أقصر في شيء مرة أخرى والحمد لله، وأخبروني أن الحجة الثانية تعوض النقص في الأولى فأريد معرفة حقيقة الأمر منكم هل علي شيء الآن بالنسبة للحجة الأولى التي مضى عليها أكثر من ثلاث سنوات؟
    فأجاب فضيلته بقوله: تكرر ذكر هذه الإشكالات التي يقول فيها السائلون إنهم سألوا، وقيل لهم كذا، وأنا أحب ألن أسأل من الذي يسألون، هل هم يسألون عامة الناس، أو يسألون أي إنسان رأوه؟! فإن كان الأمر كذلك فإنه تقصير منهم، وهذا لا تبرأ به الذمة ولا يكون لهم به حجة عند الله؛ لأن الله إنما يقول: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) وسؤالك لمن لا تعلم أنه من أهل الذكر سؤال لا يفيد؛ لأن من ليس من أهل الذكر، هو مثلك جاهل لا يصح أن يسأل، أما إذا كانوا يسألون أهل علم ويثقون بعلمهم ودينهم فإنهم يكونون معذورين أمام الله عز وجل، ولا يلزمهم شيء، وحينئذ فهذا الذي أفتاه بأن حجته الأخيرة تجزئه عن حجته الأولى في افتائه نظر؛ لأن حجته الأولى لم تتم إذ إن طواف الإفاضة ركن لا يمَم الحج إلا به، وعلى هذا فكان ينبغي لهذا المفتي أن يأمره بأن يطوف طواف الإفاضة ليكمل حجه الأول، ثم بعد ذلك يأتي للحج الأخير ويكوِن الجج الأخير تطوعاً.
    يتبع





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي رد: فتاوى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله بشأن أعمال يوم العاشر من ذي الحجة

    فتاوى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله بشأن أعمال يوم العاشر من ذي الحجة
    الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين









    س1226: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: امرأة أدت فريضة الحج هي وزوجها العام الماضي وقد أدت المناسك جميعاً عدا طواف الإفاضة وقد كانت في كامل صحتها ولكن لشدة الزحام وخوفاً من أن يغمى عليها وقد بدأت فعلاً أن تختنق ثم خرجت في الشوط الأول من الطواف وأدى زوجها الطواف في اليوم الثاني فجراً وخرجوا من مكة ولم يبق لديها الوقت الكافي ماذا يجب عليها أن تفعل بعد هذه المدة؟
    فأجاب فضيلته بقوله: الحقيقة أن هذه المسألة من المسائل الهامة التي لا ينبغي تأخير السؤال عنها إلى مثل هذا الوقت، بعد مضي أحد عشر شهراً من الحج إن كنت أديته في العام الماضي، أو أكثر إن كنت أديته قبل ذلك، ومثل هذه الحال على حسب ما نعرفه من كلام أهل العلم ما زلت على حجك، لأن طواف الإفاضة ركن لابد منه، ولهذا لما قيل للنبي عليه الصلاة والسلام إن صفية- رضي الله عنها- حائض قال: "أحابستنا هي؟ " ولو كان أحد ينوب عن أحد في طواف الإفاضة ما كان هناك حبس، ولأمكن أن يطاف عن صفية، ولا يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: "أحابستنا هي " وعلى هذا فأنت لا تزالي في الحج، والواجب عليك الآن أن تذهبي إلى مكة، وأن تؤدي هذا الركن الذي فرضه الله عليك في قوله تعالى: (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُو ا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) وهذا ما جاءت به السنة أيضاً بأن التحلل الثاني لا يحصل إلا بطواف الإفاضة والسعي فتعتبرين لم تحلي التحلل الثاني، فنسأل الله أن يعيننا وإياك، هذا ما نراه في هذه المسألة، وإن رأيت أن تستفتي غيرنا في هذا فلا حرج.
    س1227: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: امرأة تقول: لقد قمت بأداء فريضة الحج في العام الماضي وأديت جميع شعائر الحج ما عدا طواف الإفاضة وطواف الوداع حيث منعني منهما عذر شرعي، فرجعت إلى بيتي بالمدينة المنورة آملاً بأن أعود في يوم من الأيام لأطوف طواف الإفاضة وطواف الوداع ولجهل مني بأمور الدين فقد تحللت من كلل شيء وفعلت كلل شيء يحرم أثناء الإحرام فسألت عن رجوعي لأطوف فقيل لي: لا يصح لك أن تذهبي لتطوفي فقد أفسدتي حجك وعليك الإعادة، أي إعادة الحج مرة أخرى في العام المقبل مع ذبح بقرة أو ناقة فهل هذا صحيح؟ وإذا كان هناك حل آخر فما هو؟ وهل فسد حجي وعلي إعادته؟ أفيدوني عما يجب عليه فعله بارك الله فيكم؟.
    فأجاب فضيلته بقوله: هذا من البلاء الذي يحصل بالفتوى بغير علم، وأنت في هذه الحال يجب عليك أن ترجعي إلى مكة وتطوفي طواف الإفاضة فقط، أما طواف الوداع فليس عليك طواف وداع ما دمت كنت حائضاً عند الخروج من مكة، وذلك لأن الحائض ليس عليها طواف وداع، لحديث ابن عباس- رضي الله عنهما-: (أمر الناس بأن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن الحائض) . وفي رواية لأبي داود: (أن يكون آخر عهدهم بالبيت الطواف) ، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أخبر أن صفية- رضي الله عنها- قد طافت طواف الإفاضة قال: "فلتنفر إذًا" دل هذا على أن طواف الوداع يسقط عن الحائض، أما طواف الإفاضة فلابد لك منه، وأما كنت تحللتي من كل شيء جاهلة، فإن هذا لا يضرك، لأن الجاهل الذي يفعل شيئاً من محظورات الإجرام لا شيء عليه، لقوله تعالى: (رَبَّنَا لاّ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) وقال الله تعالى: قد فعلت، ولقوله تعالى: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) فجميع المحظورات التي منعها الله تعالى على الحرم إذا فعلها جاهلاً، أو ناسياً، أو مكرهاً فلا شيء عليه، لكن عليه متى زال عذره أن يعود ويقلع عما تلبس به.
    س1228: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: إذا لم تستطع المرأة أن تطوف الإفاضة يوم النحر وأخرت ذلك إلى أيام التشريق هل يجوز أن تطوف لوحدها بدون محرم، أم يجب أن يكون المحرم معها أثناء الطواف؟
    فأجاب فضيلته بقوله: لا يشترط في طواف المرأة أن يكون معها محرم، إذا أمنت على نفسها ولم تخش الضياع، فإن كانت لا تأمن على نفسها من الفساق، أو كانت تخشى أن تضيع فلابد من محرم يكون معها حماية لها ودلالة على المكان، وهذا عام في طواف الإفاضة، وفي طواف الوداعِ، وفيِ طواف التطوع.
    س1229: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: امرأة حاضت ولم تطف طواف الإفاضة وتسكن خارج المملكة، وحان وقت مغادرتها ولا تستطيع التأخر، ويستحيل عودتها للمملكة مرة أخرى، فكيف تصنع؟ أفتونا جزاكم الله خيرًا.
    فأجاب فضيلته بقوله: إذا كان الأمر كما ذكر امرأة لم تطف طواف الإفاضة، وحاضت، ويتعذر أن تبقى في مكة، أو أن ترجع إليها لو سافرت قبل أن تطوف، ففي هذه الحال يجوز لها أن تفعل واحداً من أمرين:
    الأول: إما أن تستعمل إبراً توقف هذا الدم، وتطوف، إذا لم يكن عليها ضرر في هذه الإبر.
    الثاني: وإما أن تتلجم بلجام يمنع من سيلان الدم إلى المسجد وتطوف للضرورة، وهذا القول هو القول الراجح الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية،- رحمه الله- وخلاف ذلك واحد من أمرين:
    1 - إما أن تبقى على ما بقي من إحرامها، بحيث لا يحل لزوجها مباشرتها، ولا أن يعقد عليها إن كانت غير متزوجة.
    2 - وإما أن تعتبر محصرة تذبح هدياً، وتحل من إحرامها، وفي هذه الحال لا تعتبر هذه الحجة لها، وكلا الأمرين أمر صعب، الأمر الأول وهو بقاؤها على ما بقي من إحرامها، والأمر الثاني الذي يفوت عليها حجها، فكان القول الراجح هو ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- في مثل هذه الحال للضرورة، وقد قال الله تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ). وقال: (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ.
    أما إذا كانت المرأة يمكنها أن تسافر ثم ترجع إذا طهرت فلا حرج عليها أن تسافر، فإذا طهرت رجعت فطافت طواف الحج، وفي هذه المدة لا تحل للأزواج؛ لأنها لم تحل التحلل الثاني.
    س1230: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: امرأة أصابها الحيض ولم تطف طواف الإفاضة ويشق محليها البقاء في مكة هل ترجع إلى بلدها وهو خارج المواقيت فإذا طهرت رجعت إلى مكة لتطوف طواف الإفاضة؟
    فأجاب فضيلته بقوله: إذا كانت المرأة حائضاً ولا يمكنها أن تنتظر الطهر في مكة، فلا حرج عليها أن تخرج إلى بلدها، فإذا طهرت عادت، لكنها في هذه الحال لا يقربها زوجها إذا كانت ذات زوج، لأنها لم تحل التحلل الثاني.
    س1231: سئل فضيلة الشيخ -رحمه الله تعالى-: امرأة حاجة حاضت قبل طواف الإفاضة فماذا تفعل؟
    فأجاب فضيلته بقوله: إذا حاضت المرأة قبل طواف الإفاضة فإنه يجب عليها أن تنتظر حتى تطهر، وإن شاءت خرجت من مكة، لكنها تخرج على إحرامها، فإذا كانت ذات زوج فإن زوجها لا يقربها، فإذا طهرت عادت إلى مكة وطافت طواف الإفاضة، ويحسن في هذه الحال أن تحرم بالعمرة فتطوف وتسعى للعمرة وتقصر ثم تأتي بطواف الإفاضة، لكن إذا كانت في بلد لا يمكنها الرجوع، ولا يمكنها البقاء مثل أن تكون في اندونيسيا، أو في باكستان، أو في بنغلادش، أو في مصر، أو في المغرب، أو في مكان لا يمكنها أبدأً أن ترجع، فإننا في هذه الحال نقول: تتحفظ، أي تضع على فرجها شيئاً تتحفظ به من نزول الدم ثم تطوف ولو كانت حائضاً، وطوافها هنا جاز للضرورة، لأننا بين ثلاثة أمور: إما أن نقول: لا تطوفي وارجعي إلى بلدك، وأنت على ما بقيت عليه من الإحرام، وفي هذا من المشقة ما لا يحتمل، لأن مقتضى ذلك أن تبقى إن كانت متزوجة لا يقربها زوجها، وإن كانت غير متزوجة تبقى بلا زوج، لأنه لا يمكن أن يعقد عليها، وهي لم تتحلل التحلل الثاني، وهذا لا شك أن فيه مشقة شديدة.
    وإما أن نقول: اعتبري نفسك طفت وتحللي بهدى، وهذه الحجة ليست لك، وهذا فيه مشقة عظيمة لاسيما امرأة لم يتيسر لها الحج إلا هذه السنة ولن يتيسر لها في المستقبل.
    وإما نقول: تلجمي بحفاظ وطوفي وأنت على حيضك للضرورة، ولا شك أن هذا القول هو أقرب الأقوال إلى قواعد الشرع، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- وعلى هذا فنقول لهذه المرأة التي لا يمكنها أن تبقى ولا يمكنها أن ترجع، تلجمي أي تحفظي وطوفي، ولا حرج عليك.
    س1232: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: عن امرأة حجت ولم تطف طواف الإفاضة ولا طواف الوداع لكونها حائضاً فماذا يلزمها؟
    فأجاب فضيلته بقوله: عليها أن ترجع إلى مكة وتطوف طواف الإفاضة فقط، أما طواف الوداع فليس عليها طواف وداع، ما دامت حائضاً عند الخروج من مكة، وذلك لأن الحائض لا يلزمها طواف الوداع، لحديث ابن عباس- رضي الله عنهما-: "أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض" .
    فدل هذا على أن طواف الوداع يسقط عن الحائض، أما طواف الإفاضة فلابد منه.
    س1233: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل حج مع زوجته مفرداً، ولم تستطع زوجته أن تطوف طواف الحج فطاف عنها وذهب إلى بلده فما الحكم؟
    فأجاب فضيلته بقوله: من المعلوم أنه لا تصح الاستنابة في الطواف والسعي، وغاية ما ورد الاستنابة فيه رمي الجمرات، والذي يجب على هذه المرأة أن تعود الآن إلى مكة وتطوف طواف الإفاضة، وتسعى إن لم تكن قد سعت، وإن أتت بعمرة كاملة، ثم أتت بما بقي من حجها فهو أحسن، حتى لا تدخل إلى مكة إلا وهي محرمة، وإن شق عليها ذلك، فلا حرج أن تدخل مكة وتطوف طواف الإفاضة وترجع.
    س1234: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يكفي طواف واحد وسعي واحد للقارن؟
    فأجاب فضيلته بقوله: إذا حج الإنسان قارناً فإنه يجزئه طواف الحج وسعي الحج عن العمرة والحج جميعاً، ويكون طواف القدوم طواف سنة، وإن شاء قدم السعي بعد طواف القدوم كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإن شاء أخره إلى يوم العيد بعد طواف الإفاضة، ولكن تقديمه أفضل لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإذا كان يوم العيد فإنه يطوف طواف الإفاضة فقط ولا يسعى لأنه سعى من قبل، والدليل على أن الطواف والسعي يكفيان للعمرة والحج جميعاً لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - لعائشة رضي الله عنها وكانت قارنة: "طوافك بالبيت وبالصفا والمروة يسعك لحجك وعمرتك" فبين النبي عليه الصلاة والسلام أن طواف القارن وسعي القارن يكفي للحج والعمرة جميعاً.
    س1235: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: امرأة طافت طواف الإفاضة في الدور الثاني من الحرم، وبعد أن طافت شوطين تعبت فقطعت الطواف وخرجت من مكة، فهل يلزمها شيء؟ وهل تجبر حجها؟ وهل عليها إعادته؟
    فأجاب فضيلته بقوله: حجها لم يتم حتى الآن لأنه بقي عليها ركن من أركانه، وعليه فهي لا تزال لم تحل التحلل الثاني، فلا يجوز إذا كانت ذات زوج أن تتصل بزوجها، حتى تذهب إلى مكة وتطوف طواف الإفاضة، وحال رجوعها إلى مكة يرى بعض أهل العلم أنها إذا ذهبت إلى مكة من بلدها فإنها تحرم بعمرة أولاً فتطوف وتسعى وتقصر للعمرة، ثم بعد ذلك تطوف طواف الإفاضة، ثم بعد ذلك إذا رجعت فوراً بعد طواف الإفاضة فإنه لا يجب عليها أن تطوف طواف الوداع للعمرة؛ لأنه في الحقيقة صار آخر عهدها بالبيت. وبالنسبة لترك طواف الوداع في الحج فهي معذورة بالجهل فيما يظهر لي أنها تجهل هذا الأمر، فإذا كانت معذورة بالجهل فالأمر في هذا واسع، وربما أنها أيضاً تعبت تعباً جسمياً لا تستطيع معه الطواف لا راكبة، لا محمولة ولا ماشية، فإذا لم يكن عذر فإنه يجب عليها أيضاً ما يجب على تارك الواجب الحج فيما قال أهل العلم وهو أيضاً فدية تذبح بمكة شاة وتوزع على الفقراء من غير أن يأخذ منها صاحبها شيئاً.
    وعلى كل حال هي الآن معلقة ما تم حجها، ولا تحللت التحلل الثاني، بحيث إنه لا يجوز لها جميع ما يتعلق بالنكاح من عقد، أو مباشرة، أو غيره، فهي الآن معلقة، ولا ينبغي أن تتهاون في هذا الأمر، لاسيما والوسائل ولله الحمد متيسرة، فيجب عليها أن تذهب وتطوف لتكمل حجها.
    س1236: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: امرأة ذهبت إلى حج بيت الله الحرام إلا أنها سعت بين الصفا والمروة سبعة أشواط قبل أن تطوف الكعبة فما تقولون في ذلك؟
    فأجاب فضيلته بقوله: نقول: إن كان هذا في الحج فالصحيح أنه لا بأس به، كما لو نزلت يوم العيد لطواف الإفاضة وسعى الحج، فسعت قبل أن تطوف فإنه لا حرفي عليها في ذلك؛ لأن النبي كليم سأله رجل فمْال: سعيت قبل أن أطوف فقال: "لا حرج" وهو حديث جيد، وصححه بعض أهل العلم، وهو داخل في عموم قوله في الحديث الصحيح: ما سئل يومئذ عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: "افعل ولا حرج" . والأول ذكر السعي من رواية أبي داود، والثاني في الصحيحين.
    وأما إذا كان ذلك في العمرة فإن جماهير أهل العلم يرون أن السعي فاسد بتقديمه على الطواف، وفي هذه الحال إذا كان السعي فاسداً، فإن هذا المرأة تكون قد أدخلت الحج على العمرة قبل إكمالها وتكون قارنة، وحينئذ يكون نسكها تاماً.
    ويرى بعض أهل العلم -وهم قلة- أن تقديم السعي على الطواف حتى في العمرة إذا كان عن جهل فإنه لا يضر، فحلى كل حال هذه المرأة حجها صحيح، وعمرتها تامة سواء كانت متمتعة، أم قارنة، ولا شيء عليها.
    فإن قيل: كيف تنتقل من التمتع إلى القران؟
    قيل: إحلالها لا يمنع مادام النسك باقياً؛ لأن من خصائص الحج والعمرة أن النية لا تؤثر فيهما، بمعنى أن الإنسان لو نوى الخروج ونسكه باقي لم يخرج من ذلك، فلو تحلل ورفض إحرامه وقد بقي عليه شيء منه، فإنه لا ينفع هذا التحلل ولا يخوج منه بالنية، وهذا من خصائص الحج، وعلى هذا فإذا كانت تحللت على أنها عمرتها انقضت وهي لم تنقض فعمرتها باقية، ولا يلزمها شيء عن هذا التحلل لأنها جاهلة.
    س1237: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: حاج يقول: قدمت زوجتي من مصر للإقامة معي بجدة في الرابع من ذي الحجة، وقامت بأداء العمرة والحج ثم تحللت بنية التمتع ثم قمنا بأداء الحج غير أنها لم تكرر السعي، بل اكتفينا بسعي العمرة عملاً بمن قال ذلك من العلماء، حيث قرأنا أن فيه خلافاً بين العلماء، وأرشدنا أحد الأخوة إلى قول شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- أن سعي العمرة يجزئ عن سعي الحج لمن لم يكرر السعي. وبناء عليه لم نسع ورجعنا إلى جدة، أفيدونا جزاكم الله خيراً؟
    فأجاب فضيلته بقوله: الواقع أن كثيراً من المسائل في الفقه في الدين لا تخلو من خلاف، وإذا كان العامي الذي لا يعرف يطالع كتب العلماء ويعمل بالأسهل عنده، فهذا حرام، ولهذا قال العلماء: (من تتبع الرخص فقد فسق) أي صار فاسقاً.
    ومن المعلوم أن اختيار شيخ الإسلام- رحمه الله- هو ما ذكره السائل أن المتمتع يكفيه السعي الأول الذي في العمرة. وله أدلة فيها شبهة. ولكن الصحيح أن المتمتع يلزمه سعيان: سعي للحج، وسعي للعمرة، كما دل على ذلك حديثا عائشة- رضي الله عنها- وابن عباس- رضي الله عنهما- وهما في البخاري . وعليهما جماهير أهل العلم.
    والنظر يقتضي ذلك "لأن الحج والعمرة في حج التمتع كل عبادة منفردة عن الأخرى، ولهذا لو أفسد العمرة لم يفسد الحج، ولو أفسد الحج لم تفسد العمرة. ولو فعل محظوراً من المحظورات في العمرة لم يلزمه حكمه في الحج. بل الحج منفرد بأركانه وواجباته ومحظوراته، والعمرة منفردة بأركانها وواجباتها ومحظوراتها، فالأثر والنظر يقتضي انفراد كل من العمرة والحج بسعي في حق المتمتع.
    وعلى هذا إن كنت متبعاً لقول شيخ الإسلام- رحمه الله- بناء على استفتاء من تثق به وأمانته فليس عليك شيء. لكن لا تعد إلى مثل ذلك والتزم سعيين، سعياً في الحج، وسعياً في الجمرة إذا كنت متمتعاً.
    س1238: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: من حج مفرداً وطاف للقدوم وسعى، فهل عليه سعي بعد طواف الإفاضة؟
    فأجاب فضيلته بقوله: ليس عليه سعي بعد طواف الإفاضة، لأن المفرد إذا طاف للقدوم وسعى بعد طواف القدوم فإن هذا السعي هو سعي الحج فلا يعيده مرة أخرى بعد طِواف الإفاضة.
    س1239: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل طاف طواف الإفاضة الشوط الأول في صحن الكعبة وعندما وصل الركن اليماني والحجر الأسود كان الزحام شديداً فصعد إلى الطابق الأول وأكمل بعض الأشواط ثم نزل إلى الصحن عندما وجد متسعاً وكلما حاذى الركن اليماني والحجر الأسود ووجد زحاماً شديداً صعد (هذا السؤال كان في منى)؟
    فأجاب فضيلته بقوله: هذا الطواف مرقع يا أخي، لو أنك من الأصل كنت فوق لا بأس، أو أنك كنت في الصحن ورأيت زحاماً وخرجت وكملت فلا بأس أما تبقى صاعداً نازلاً فأنا أشير عليك أن تعيد الطواف إن شاء الله تعالى واجعله في آخر مقامك هنا يعني عند السفر طواف الفريضة ويكفيِ عن طواف الوداع.
    س1240: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز تقديم السعي على الطواف؟
    فأجاب فضيلته بقوله: أما بالنسبة لسعي الحج على طواف الإفاضة فهذا جائز، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقف يوم النحر وجعل الناس يسألونه، وقيل له: سعيت قبل أن أطوف فقال: "لا حرج" .
    فمن كان متمتعاً فقدَّم السعي في الحج على الطواف، أو مفرداً، أو قارناً ولم يكن سعى مع طواف القدوم فقدم السعي على الطواف فهذا لا بأس به لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا حرج".
    وأما العمرة إذا قدم الإنسان سعيها على طوافها فإنه لم يرد في هذا حديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام، لكن قال بعض العلماء: - وأظنه عطاء من التابعين- قال: إنه يجوز أن يقدم سعي العمرة على الطواف، وعن أحمد رواية أنه يجوز أن يقدمه إذا كان لعذر.
    والاحتياط أن لا يقدمه مطلقاً، وأنه لو فرض أنه سعى قبل الطواف نسياناً أو جاهلاً، فإنه إذا طاف ينبغي له أن يعيد السعي، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لتأخذوا عني مناسككم" . وقد طاف في العمرة قبل السعي.
    س1241: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى- سعي الحج وقد تحلل الشخص التحلل الأول هل يسن أن يسعى سعياً شديداً بين العلمين الأخضرين وهو بثيابه العادية؟
    فأجاب فضيلته بقوله: الركض العلمين في المسعى مشروع سواء في العمرة أو في الحج، وسواء كان الإنسان تحلل التحلل الأول أم لم يحل.
    س1242: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل طاف طواف الإفاضة وأخر السعي عن الطواف فهل هذا جائز أو غير جائز؟
    فأجاب- رحمه الله- بقوله: الجواب أنه جائز لأنه لا تشترط الموالاة بين الطواف والسعي حتى وإن لم يكن ضرورة، فلو فرض أن الإنسان طاف في أول النهار وسعى في آخره فلا حرج عليه، أو طاف في أول الليل وسعى في النهار فلا حرج، لأن الموالاة بين الطواف والسعي سنة وليست واجبة.
    س1243: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: شخص طاف طواف الإفاضة ونسي ركعتي الطواف فماذا عليه؟
    فأجاب فضيلته بقوله: إذا طاف طواف الإفاضة ونسي ركعتي الطواف فلا شيء عليه، لأن ركعتي الطواف ليستا واجبتين وإنما هما سنة، إن أتى بهما الإنسان فهو أكمل، وإن تركهما فلا
    س1244: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: حاج حج خمس حجات وكلل حجة يأتي يوم عرفة وهو مفرد إلى مكة ويطوف بنية الإفاضة؟
    فأجاب فضيلته بقوله: كنت في مسجد الخيف بمنى العام الماضي وسألني هذا السؤال، وقلت هذا يحتاج إلى فتوى ووجهته إلى المسئولين، كل الحجات هذه غير صحيحة وكلها لم تتم، لأنه إن كان في طواف الإفاضة فهو ركن لا يتم الحج إلا به بالإجماع، وقد طاف في غير وقته، لأن وقت طواف الإفاضة بعد الوقوف بعرفة ومزدلفة.
    س1245: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز السعي يوم العيد وتأخير الطواف إلى يوم الثالث عشر، أو الرابع عشر، أو الخامس عشر، أو السادس عشر؟
    فأجاب فضيلته بقوله: معنى السؤال أن الشخص إذا سعى للحج يوم العيد وأخر طواف الإفاضة إلى الخروج حتى يكفيه عن طواف الوداع فهل يجوز؟ نقول: لا بأس بهذا، لأن الترتيب بين السعي والطواف في الحج ليس بواجب، والدليل على ذلك أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقف يوم العيد وجعل الناس يسألونه عن التقديم والتأخير فما سئل عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: "افعل ولا حرج".
    كذلك أيضاً لو أنه أخر الطواف والسعي إلى حين خروجه فإنه لا بأس، لأن السعي بعد الطواف لا يمنع أن يكون آخر عهده بالبيت، لكن يجب عليه إن أخر طواف الإفاضة إلى الخروج أن ينوي به إما طواف الإفاضة فقط، وإما طواف الإفاضة والوداع، أما أن ينوي به طواف الوداع فقط فإنه لا يجزئ عن طواف الإفاضة، فلينتبه لذلك.
    س1246: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم من طاف طواف الإفاضة ولم يسع فأخر السعي ثلاثة أيام؟ وهل الطواف والسعي عبادتان متلازمتان لا تنفك إحداهما عن الأخرى أفيدونا جزاكم الله خيراً؟
    فأجاب فضيلته بقوله: الموالاة بين الطواف والسعي غير واجبة، فيجوز الإنسان أن يطوف أول النهار ويسعى آخره، أو يطوف اليوم ويسعى بعد يومين، أو يطوف اليوم ويسعى بعد أسبوع، فالموالاة بين الطواف والسعي غير واجبة.
    س1247: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز للإنسان إذا طاف طواف الإفاضة فقط أن يجامع زوجته؟ وبماذا يحصل التحلل الأول؟
    فأجاب فضيلته بقوله: التحلل الأول يحصل بالرمي والحلق أو التقصير، والتحلل الثاني يحصل بالرمي والحلق، أو التقصير والطواف والسعي، فإذا فعل هذه ا لأربعة فإنه يجوز له أن يجامع زوجته.
    س1248: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل حج حجّ قران وفي اليوم الثاني من ذي الحجة طاف وسعى وبعد أن وقف بعرفة ومزدلفة ومنى ورمى جميع الجمار طاف الوداع ورجع إلى بلده ولم يطف للإفاضة ولا سعى فما الحكم؟ وكان ذلك منذ ثلاث سنوات وحصل منه جماع لزوجته جهلاً منه؟
    فأجاب فضيلته بقوله: هذا رجل حج حجّ قران، وطاف للقدوم أول ما قدم لمكة، وسعى، ثم بعد أن وقف بعرفة ومزدلفة وأكمل الرمي طاف للوداع وانصرف، نقول: إنه بقي عليه طواف الإفاضة وهو ركن لا يتم الحج إلا به، وباقي عليه من الإحرام التحلل الثاني، وعلى هذا فلا يقرب زوجته، ويجب عليه أن يكمل حجه مادام الشهر باقياً الآن، يجب عليه أن يسافر إلى مكة، والأفضل أن يأخذ عمرة لأنه مر بالميقات يريد إكمال النسك، فيحرم من الميقات ويطوف ويسعى ويقصر ثم يطوف طواف الإفاضة.
    وأما جماع زوجته فأرى لو عاقبناه بالأشد، لأنه رجل متهاون يبقى ثلاث سنوات، ويسأل، فهذه مشكلة لكن على القول بان الجاهل لا يلزمه شيء، نقول: إذا تاب إلى الله وأصلح عمله فإنه لا يلزمه سوى ما ذكرت.
    س1249: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: القارن هل يلزمه طواف القدوم؟
    فأجاب فضيلته بقوله: ليس بلازم، فلو ذهب الإنسان في اليوم الثامن إلى منى رأسًا فلا حرج؛ لأن طواف القدوم بالنسبة للقارن والمفرد سنة.
    س1250: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز للحاج أن يقدم سعي الحج على طواف الإفاضة؟
    فأجاب فضيلته بقوله: إن كان الحاج مفرداً أو قارناً فإنه يجوز أن يقدم السعي على طواف الإفاضة، فيأتي به بعد طواف القدوم، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه الذين ساقوا الهدي.
    أما إن كان متمتعاَّ فَإن عليه سعيين، الأول عند قدومه إلى مكة، وهو للعمرة فيطوف ويسعى ويعتمر.
    والثاني في الحج، والأفضل أن يكون بعد طواف الإفاضة؛ لأن السعي تابع للطواف، فإن قدمه على الطواف فلا حرج على قول الراجح؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل فقيل له: سعيت قبل أن أطوف قال: "لا حرج" .
    فالحاج يفعل يوم العيد خمسة أنساك مرتبة: رمي جمرة العقبة، ثم النحر، ثم الحلق أو التقصير، ثم الطواف بالبيت، ثم السعي بين الصفا والمروة، إلا أن يكون قارناَّ أَو مفرداً سعى بعد طواف القدوم فلا سعي عليه مرة أخرى، والأفضل أن يرتبها على ما ذكرنا، وإن قدم بعضها على بعض لاسيما مع الحاجة فلا حرج، وهذا من رحمة الله وتيسيره، فلله الحمد رب العالمين.
    س1251: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: أنا حاج مكي هل يصح لي طواف النافلة ثم أسعى سعي الحج قبل الوقوف في عرفة فهل هذا صحيح؟
    فأجاب فضيلته بقوله: هذا ليس بصحيح يعني أن الحاج المكي لو أراد أن يطوف طواف تطوع ثم يسعى للحج قبل أن يقف بعرفة فهذا ليس بصحيح، لأن السعي إنما يصح بعد طواف القدوم، والمكي ليس في حقه طواف قدوم، وعليه فلا يصح فعله هذا، فإذا كان قد فعل فعليه أن يعيد السعي، لأن السعي وقع في غير محله.
    س1252: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل جواز تقديم السعي قبل الطواف خاص بيوم العيد؟
    فأجاب فضيلته بقوله: الصواب أنه لا فرق بين يوم العيد وغيره في أنه يجوز تقديم السعي على الطواف، حتى ولو كان بعد يوم العيد، لعموم الحديث، حيث قال رجل للنبي - صلى الله عليه وسلم - سعيت قبل أن أطوف قال: "لا حرج" وإذا كان الحديث عاماً فإنه لا فرق بين أن يأتي ذلك في يوم العيد، أو فيما بعده.
    س1253: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: إذا طاف من عليه سعي ثم خرج ولم يسع وأخبر بعد ذلك بأن عليه سعياً فهل يسعى فقط أم يلزمه أن يعيد الطواف؟
    فأجاب فضيلته بقوله: إذا طاف الإنسان معتمداً أنه لا سعي عليه، ثم بعد ذلك أخبر بأن عليه سعياً فإنه يأتي بالسعي فقط، ولا حاجة إلى إعادة الطواف، وذلك لأنه لا يشرط الموالاة بين الطواف والسعي.
    حتى لو فرض أن الرجل ترك ذلك عمداً- أي أخر السعي عن الطواف عمداً- فلا حرج عليه، ولكن الأفضل أن يكون السعي موالياً للطواف.
    س1254: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم الحاج إذا ترك السعي بين الصفا والمروة وما عرف إلا بعد مغادرة مكة ماذا يفعل؟
    فأجاب فضيلته بقوله: إذا ترك السعي بين الصفا والمروة في الحج نظرنا إن كان مفرداً أو قارناً وسعى بعد طواف القدوم فقد تم حجه وإن كان متمتعاً أو قارناً أو مفرداً لم يسع مع طواف القدوم وجب عليه أن يرجع إلى مكة ويسعى، لأن السعي لا يتم الحج إلا به.
    س1255: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: وضعت مدرسة مجلة وذكرت أن التحلل الأول لا يكون إلا بفعل ثلاثة أشياء: الرمي، والنحر، والحلق. والتحلل الثاني: بالطواف والسعي، فما رأيكم في ذلك؟
    فأجاب فضيلته بقوله: هذا ليس بصحيح، لأن النحر ليس له علاقة بالتحلل، فلو لم تنحر إلا في اليوم الثالث حللت، ولهذا لو رمى وحلق وطاف وسعى، تحلل التحلل كله وإن لم يكن ذبح الهدي. فالنحر لا علاقة له بالتحلل، لأن النحر لا يجب على كل حاج، إنما يجب على المتمتع والقارن، ولهذا لم يتعلق به التحلل.
    س1256: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: من حج مفرداً وبعد طواف القدوم سعى فهل عليه سعي بعد طواف الإفاضة؟
    فأجاب فضيلته بقوله: ليس عليه سعي بعد طواف الإفاضة، فالمفرد إذا طاف للقدوم وسعى بعد طواف القدوم فإن هذا السعي هو سعي الحج، فلا يعيده مرة أخرى بعد طواف الإفاضة.
    س1257: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: من أتى أهله بعد التحلل الأول ولم يطف طواف الإفاضة فما الحكم؟
    فأجاب فضيلته بقوله: يجب على هذا الرجل أن يمتنع عن أهله، لأنه قد حل التحلل الأول دون الثاني، ومن حل التحلل الأول دون الثاني أبيح له كل شيء إلا النساء، ويلزمه أن يذهب إلى مكة ويطوف طواف الإفاضة لإكمال نسكه.
    أما إتيانه أهله في هذه المدة فإن كان جاهلاً فلا شيء عليه؟ لأن جميع المحظورات لاشيء فيها مع الجهل، وإن كان عالماً فإن عليه شاة على ما قاله أهل العلم يذبحها ويوزعها على الفقراء، أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، أو يصوم ثلاثة أيام، وعليه أيضاً أن يحرم ليطوف طواف الإفاضة محرماً، لأنه أفسد إحرامه جماعه قبل التحلل الثاني.
    س1258: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: المتمتع إذا طاف ثم رمى فهل يتحلل الحل الأول؟
    فأجاب فضيلته بقوله: عند الفقهاء- رحمهم الله- يحل التحلل الأول إذا رمى وطاف، لأنهم يقولون: التحلل الأول يكون بفعل اثنين من ثلاثة، وهما: الرمي، والحلق، والطواف، لكن السنة تدل على أنه لا حل إلا بالرمي، وعلى هذا فنقول: التحلل الأول يكون بالرمي والحلق فقط، وأنه لو رمى وطاف لم يحل إلا على رأي من يرى أن الرمي وحده يحصل به التحلل الأول.
    س1259: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: من رجع إلى مكة ليقصي طواف الإفاضة قال الفقهاء- رحمهم الله- يدخل بإحرام بعمرة فبأيهما يبدأ بطواف الإفاضة أم العمرة؟
    فأجاب فضيلته بقوله: إذا نسي طواف الإفاضة، أو أخل به على أي وجه لا بد أن يعيده، ووصل إلى بلده فانه يرجع بعمرة فيحرم من الميقات ويطوف ويسعى ويقصر للعمرة، ثم بعد ذلك يأتي بالطواف، وإنما يقال ذلك لأنه مر بالميقات وهو يريد نسكاً، فيكون كالذي أراد العمرة والحج، وقد وقت النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه المواقيت لمن أراد العمرة والحج، ولو أتى من غير ميقاته الأول، فالعلماء- رحمهم الله- صرحوا بأنه لو أتى بالعمرة بعد التحلل الأول من أي جهة فلا بأس.
    س1260: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: رجل حج مفرداً وسعي يوم الحادي عشر سعي الحج، وطاف يوم الثالث عشر طواف الحج، ثم سافر فما حكم فعله هذا، حيث تحلل يوم العاشر بالرمي والحلق؟
    فأجاب فضيلته بقوله: لما رمى وحلق في اليوم العاشر فقد تحلل برمي جمرة العقبة والحلق، لكن هذا التحلل هو التحلل الأول، ويبقى عليه النساء وما يتعلق بهن، وفي اليوم الحادي عشر سعى، وأخر طواف الإفاضة إلى سفره فطافه عند الخروج، فنقول: هذا لا بأس به لأن غاية ما صار عنده أنه خالف الترتيب بين الطواف والسعي، وقد سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عمن سعى قبل أن يطوف فقال: "لا حرج" وهذا في الحج.
    أما في العمرة فلا بد أن يتقدم الطواف على السعي حتى ولو فرض أن الإنسان جاء بعمرة فقدم السعي على الطواف جاهلاً لا يعلم، قلنا له: إن هذا السعي لا يصح، فعليك أن تسعى بعد الطواف.
    س1261: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يمكن للمتمتع أن يقدم سعي الحج مع طواف القدوم، أو بعد انتهائه من العمرة مثل القارن والمفرد؟
    فأجاب فضيلته بقوله: لا يمكن أن يقدم المتمتع سعي الحج؟ لأن المتمتع أول ما يقدم سوف يطوف طواف العمرة، ثم يسعى سعي العمرة، ثم يحل، ولا يأتي سعي الحج إلا بعد إحرام جديد بالحج، وعلى هذا فنقول: المتمتع لا يمكن أن يقدم سعي الحج، بل لابد أن يكون سعي الحج بعد الوقوف بعرفة ومزدلفة.
    س1262: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: إذا لم يتمكن الحاج من طواف الإفاضة لمرض أقعده عن ذلك فعاد إلى بلده ثم لما شفي رجع إلى مكة فهل يدخل إلى مكة محرماً أم يدخلها حلالاً؟
    فأجاب فضيلته بقوله: الأفضل أن يدخل مكة محرماً بالعمرة، ويطوف، ويسعى، ويقصر، ثم يطوف طواف الإفاضة، وإن اقتصر على طواف الإفاضة فقط فلا بأس.
    س1263: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: بما يحصل التحلل الأول والثاني؟
    فأجاب فضيلته بقوله: التحلل الأول يحصل باثنين: رمي جمرة العقبة يوم العيد والحلق أو التقصير، فإذا انضاف إلى ذلك طواف الإفاضة والسعي بين الصفا والمروة حل التحلل الثاني، وعلى هذا يمكن أن يتحلل الإنسان التحلل الثاني في يوم العيد نفسه فيرمي الجمرة ويحلق أو يقصر، وينزل إلى مكة ويطوف ويسعى فيكون تحلل التحلل الثاني وأحل له كل شيء حرم عليه بالإحرام.
    س1264: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: امرأة حاجة طافت طواف الإفاضة قبل الوقوف بعرفة وحصلت لها ظروف وغادرت مكة بعد المبيت بمزدلفة فماذا يلزمها؟
    فأجاب فضيلته بقوله: هذه المرأة الآن لم تأت بطواف الإفاضة، لأن طواف الإفاضة وقته بعد الوقوف بعرفة ومزدلفة، إذاً الطواف لاغٍ، ولم تفعل إلا الوقوف بعرفة ومزدلفة فعليها الآن أن تتجنب جميع محظورات الإحرام؛ لأنها لا تزال في إحرامها، وتذهب إلى مكة وتطوف وتسعى، فعليها دم لترك المبيت، ودم لترك الرمي، ودم ثالث لترك طواف الوداع.
    س1265: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: امرأة جاءها العذر قبل طواف الإفاضة ومعها الرفقة ومضطرة أن تسافر مع رفقتها فكيف تفعل؟
    فأجاب فضيلته بقوله: إذا حاضت المرأة قبل طواف الإفاضة فان كان يمكن أن يبقى رفقتها حتى تطهو وتطوف، فهذا هو المطلوب، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أخبر أن صفية- رضي الله عنها- قد حاضت قال: "أحابستنا هي؟ " قالوا: إنها قد أفاضت. قال: "فلتنفر" وإذا كان لا يمكن أن تنتظركما هو الحال في وقتنا هذا، نظرنا إن كانت في المملكة فلتذهب معهم وتبقى على التحلل الأول حتى تطوف، فإذا ظهرت رجعت لأن الأمر ممكن، وإذا كانت لا تقدر أن ترجع مثل أن تكون من المقيمين في المملكة ولا يمكن أن ترجع إلا بتعب ومشقة، أو من الوافدين ولا تقدر ترجع أيضاً فهذه تلبس حفاضة على فرجها، لئلا يسيل الدم إلى المسجد الحرام، ثم تطوف للضرورة، ويصح طوافها، هذا أصح الأقوال في هذه المسألة للضرورة.
    س1266: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: امرأة نائبة عن غيرها في الحج وفي يوم عرفة نزل عليها الحيض ولم تبلغ محرمها أدت جميع مناسك الحج وهي حائض بما فيه الطواف ثم طافت للوداع وهي حائض وعندما وصلت لم تخبر محرمها ومضى على ذلك أربع سنوات مع أنها أرملة فما حكم هذا الحج؟
    فأجاب فضيلته بقوله: حكم هذه أن حجها لم يتم وباقي عليها الآن طواف الإفاضة؛ لأنه ركن لا يتم الحج إلا به، فعليها الآن أن تذهب إلى مكة، وتحرم بعمرة وتطوف وتسعى وتقصر للعمرة، ثم تأتي بطواف الحج السابق، وإلا فإنها باقية على ما بقي من إحرامها، وآثمة بالنسبة للنيابة التي أخذتها وإلى الآن لم تتمها، وهي متعلقة بذمتها.
    س1267: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: إلى متى يجوز تأخير أعمال الحج مثل طواف الإفاضة وغيره؟
    فأجاب فضيلته بقوله: الطواف والسعي والحلق عند علماء الحنابلة- رحمهم الله- ليس لها حد، فمتى شاء حلق، ومتى شاء طاف وسعى لو يبقى عشر سنوات، لكن يبقى عليه التحلل الثاني، ولكن الذي أرى أنه لا لمجوز له أن يؤخره عن آخر يوم من شهر ذي الحجة، لأن هذه أشهر الحج، فيجب أن تكون أعمال الحج في أشهره، إلا من عذر، كما لو نفست المرأة قبل طواف الإفاضة ولم تطهر إلا بعد خروج شهر ذي الحجة، أو أصيب الإنسان بمرض ولم يستطع أن يطوف قبل انتهاء شهر ذي الحجة فلا حرج، متى زال المانع طاف.
    س1268: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: إذا أخَّر الحاج طواف الإفاضة بدون عذر على غير رأي الحنابلة وانتهت أشهر الحج فكيف يصنع؟
    فأجاب فضيلته بقوله: لا أدري ماذا يقولون في هذه المسألة، هل يقولون: إنه يقضيه كما تقضى الصلاة، أو يقال: عبادة فات وقتها فلا تقضى، ويكون الحج لم يتم، ولا يكتب له الحج، لا أدري ماذا يقولون في هذا.
    زمزم
    س1269: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "ماء زمزم لما شرب له" فهل هو لأول نية لما شرب له، وهل يجوز أن يجمع الإنسان عدة نيات عند أول شربة له؟
    فأجاب فضيلته بقوله: هذا الحديث إسناده حسن، ولكن ما معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ماء زمزم لما شرب له" هل المراد العموم وأن الإنسان إن شربه لعطش صار ريان، أو لجوع صار شبعان، أو لجهل صار عالماً، أو لمرض شفى أو ما أشبه ذلك، أو يقال: (إنه لما شرب له) فيما يتعلق بالأكل واّلشرب، بمعنى إن شربته لعطش رويتما، ولجوع شبعت، دون غيرها، هذا الحديث فيه احتمال لهذا ولهذا، ولكن الإنسان يشربه إتباعاً لسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وفي أتباع سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - الخير كله.
    س1270: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما هي خصائص ماء زمزم؟
    فأجاب فضيلة يقوله: من خصائص ماء زمزم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال عنه "ماء زمزم لما شرب له " وأن الإنسان إذا شربه لعطش روي، وإذا شربه لجوع شبع، فهذا من خصائصه.
    س1271: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل من خصائص مكة أو الكعبة التبرك بأحجارها أو أشجارها؟
    فأجاب فضيلته بقوله: ليس من خصائص مكة أن يتبرك الإنسان بأشجارها ولا أحجارها، بل إن من خصائص مكة أن لا تقطع أشجارها، ولا يحش حشيشها؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهانا عن ذلك إلا الأذخر؟ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - استثناه لأنه يكون للبيوت، وقيون الحدادين وكذلك اللحد في القبر، فإنه تسد به شقوق اللبنات، وعلى هذا فنقول: إن حجارة الحرم أو مكة ليس فيها لشيء يتبرك به بالتمسح به أو بنقله إلى البلاد أو ما أشبه ذلك.
    س1272: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل شرب ماء زمزم بعد الطواف سنة؟ وما معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - "زمزم لما شرب له " وبماذا يدعو؟
    فأجاب فضيلته بقوله: ثبت أن رسول لله - صلى الله عليه وسلم - بعد أن طاف طواف الإفاضة يوم العيد شرب من ماء زمزم ، ولهذا استحب العلماء أن يشرب من ماء زمزم بعد طواف الإفاضة.
    وأما قوله "ماء زمزم لما شرب له " فمعناه أنك إذا شربت عن عطش رويت به، وإن شربته عن جوع شبعت به، فهو طعام طعم، وشفاء سقم، فإن شربته أيضاً للشفاء من مرض كان فيك فإنك تشفى بإذن الله.
    وأما الدعاء فقال بعض الفقهاء- رحمهم الله- إنه يقول: (بسم الله، اللهم اجعله لنا علماً نافعاً، ورزقاً واسعًا، ورياً وشبعاً، وشفاء من كل داء، اغسل به قلبي، واملأه من خشيتك) ولكن هذا لم يثبت من سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
    س1273: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - "ماء زمزم لما شرب له" فبعضهم يقول: إنك تدعو قبل ما تشرب فهل هذا له وجه؟
    فأجاب فضيلته بقوله: الحديث "ماء زمزم لما شرب له" حديث حسن، ولكن ما معنى قوله (لما شرب له) هل معناه العموم حتى لو شربه الإنسان ليكون عالماً صار عالماً، أو ليكودن تاجراً صار تاجراً، أو المراد لما شرب له مما يتغذى به البدن فقط، بمعنى إنك إن شربته لإزالة العطش رويت، أو لإزالة الجوع شبعت، الذي يظهر لي- والله أعلم- أن ماء زمزم لما شرب له مما يتغذى به البدن، بمعنى أنك لو اكتفيت به عن الطعام كفاك.
    وأما الدعاء عند شربه فقد استحبه الكثير من العلماء - رحمهم الله-.
    س1274: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل الذهاب إلى زمزم في أعمال الحج أم في العمرة أم في كليهما؛ لأن بعض الكتب لم تذكر بعد الطواف وصلاة ركعتي الطواف الذهاب إلى زمزم، وهل الشرب من زمزم بعد الطواف سنة؟
    فأجاب فضيلته بقوله: اختلف العلماء- رحمهم الله- هل الرسول - صلى الله عليه وسلم - شرب ذلك تعبداً، أو محتاجاً للشرب هذا محل تردد عندي، أما أصل الشرب من ماء زمزم فسنة، فما دامت المسألة مشكوك هل هي عبادة، أو طبيعة فلا نقول: إنه يشرع إلا لو أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فمن الممكن أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لما طاف احتاج إلى الشرب، ولهذا لم يبلغني أنه عليه الصلاة والسلام شرب حين طاف للعمرة: عمرة الجعرانة، وعمرة القضاء، و - صلى الله عليه وسلم - هذا ففيه احتمال قوي جداً أنه شربه لحاجته إليه، فالذين أ يذكروه لأنهم لا يرون أنه مشروع، وإنما احتاج الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يشرب فشرب.
    ولكن الشرب من ماء زمزم من حيث الأصل أمر مطلوب، لأنه لما شرب له، كما جاء ذلك في حديث حسمن عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولكن إلى شرب له (لأي شيء؟ قيل: إنه لما شرب له لإزالة العطش، أو إزالة الجوع، أو إزالة المرض العضوي البدني، وأما تعميمه لكل شيء ففي النفس من هذا الشيء، لكن ينتفع به البدن لإزالة العطش، وإزالة الجوع، وإزالة السقم، كما جاء به حديث آخر "أنه شفاء سقم" ، "وإنها مباركة، وإنها طعام طعم" .
    س1275: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: في سياق ذكركم لصفة العمرة لم تذكروا الشرب من زمزم؟
    فأجاب فضيلته بقوله: لم أذكر ذلك، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما لشرب ماء زمزم في الحج.
    س1276: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: عند الشرب من ماء زمزم هل لابد من الجلوس؟
    فأجاب فضيلته بقوله: الشرب قاعداً أفضل بلا شك بل يكره الشرب قائماً إلا لحاجة، ودليل ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يشرب الرجل قائماً ، أما إذا كان هناك حاجة مثل أن يكون الماء الذي يشرب منه عالياً، كما يوجد في بعض البرادات تكون عالية لا يستطيع للإنسان أن يشرب منها وهو قاعد فهنا تكون للضرورة؟ لأنه ثبت عق النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لشرب من شن معلق، أي من قربة قديمة معلقة وليس عنده إناء، كذلك أيضاً إذا كان المكان ضيقاً لا يمكن أن لمجلس فليشرب قائماً؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وشرب من زمزم وهو قائم ، أما في حالة السعة فليشرب وهو قاعد.
    وهنا مسألة إنسان دخل المسجد وفيه ماء وهو عطشان يريد أن يشرب فهل يجلس ويشرب، أو نقول: صل التحية ثم اشرب.
    الجواب الثاني نقول: صل التحية ثم اشرب، هذا هو الأفضل، فإن صت إذا صليت التحية أن يكثر الناس على الماء وتتأخر فاشرب قائماً، ولا حرج لأن هذا حاجة.
    س1277: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: عندما يسافر الإنسان إلى أهله من مكة فيحمل معه زمزم لأننا نعلم جميعاً أن في هذا الماء الشفاء والحمد لله، فبعض الناس يقولون: لو خرج ماء زمزم من مكة فلا يفيد شيئاً فهل هذا صحيح؟
    فأجاب فضيلته بقوله: ظاهر الأدلة أن ماء زمزم مفيد، سواء كان في مكة أو في غيرها، لعموم الحديث الوارد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله: "ماء زمزم لما شرب له" فهو يشمل ما إذا شرب في مكة، أو شرب خارج مكة، وكان بعض السلف يتزودون بماء زمزم يحملونها إلى بلادهم.
    س1278: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: إذا كان الحاج معه ماء من زمزم فقط وحضرت الصلاة فهل يتوضأ منه، أم يتيمم نظراً إلى أن ماء زمزم مبارك ويتخذ للشرب فقط؟
    فأجاب فضيلته بقوله: ماء زمزم كما قال الأخ هو مبارك، وقد جاء في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن "ماء زمزم لما شرب له"، ولكن نقول: من بركته أيضاً أنه يتطهر به العبد لأداء الصلاة، فالوضوء به جائز ولا حرج؛ لأنه ماء فيدخل في عموم قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ) إلى أن قال: (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا) فعلى هذا يجب عليه أن يستعمل هذا الماء أي ماء زمزم في طهارته، ولا يجوز له العدول إلى التيمم ما دام هذا الماء مِوجوداً.
    س1279: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: هل يجوز غسل الطفل في دبره لوجود مرض فيه في الحمام من ماء زمزم وقد قرئ فيه؟
    فأجاب بقوله: يقرأ على ماء زمزم وغير ماء زمزم ويمسح به موضع الألم في أي موضع من الجسم، لكن ينظف أولاً الدبر والقبل من أثر البول، أو الغائط ثم يمسح بهذا الماء.
    س1280: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى: ما درجة حديث "ماء زمزم لما شرب له "؟ وما معناه؟ وما حكم التضلع منه؟
    فأجاب فضيلته بقوله: "ماء زمزم لما شرب له"، هذا الحديث كثر الكلام في صحته، وأحسن ما قيل فيه ما قاله ابن القيم- رحمه الله- (الحق أنه حسن، وجزم البعض بصحته، والبعض بوضعه مجازفة).
    نقله عنه في فيض القدير شرح الجامع الصغير. ومعناه: أن من شربه لرىّ روي به، ولشبع شبع به، ولشفاء من مرض - صلى الله عليه وسلم - شفي به وهكذا. أما التضلع منه، فقد ذكره أهل العلم في مناسكهم، ولا يحضرني الآن حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم رأيت في (التلخيص الحبير) أن ابن عباس- رضي الله عنهما- أمر رجلاً أن يتضلع منه، وقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال "آية ما بيننا وبين المنافقين أنهم لا يتضلعون من زمزم" وعزاه إلى الدارقطني والحاكم من طريق ابن أبي مليكة، فلينظر.
    س1281: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: ما حكم حمل ماء زمزم إلى خارج مكة؟

    فأجاب فضيلته بقوله: حمل ماء زمزم روى الترمذي عن عائشة- رضي الله عنها- أنها كانت تحمله، وتخبر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يحمله" ، وانظر ص/572 من الجلد الثاني من الأحاديث الصحيحة للألباني.




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •