بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى ، والصلاة والسلام على نبينا محمد.

أما بعد:

من عجائب الحسد والحاسدين والعياذ بالله !!!

يعرف الناس أن جزاء الصابر عند الله تعالى يكون بلا حساب.
وسبحان الذي قال:
{ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ }(الزمر:10).
فإذا ابتلي أخ من إخوانهم ببلية
وهم يعلمون أنه من أهل الإيمان والاحتساب
بدأ الحسد..
" انتظر " يقول أحدهم لغيره : " سترى ما هو عوض فلان".
ويقصد العوض الدنيوي
وقد يقصد الأخروي
ويبدأ الآخر يفكر في نفسه ، وقد يقوده الشيطان إلى طريق الحسد
أو الأذية أحيانا!!
فيلتقي بالمبتلى أو يتصل به محاولا إغاظته
فيسعى ليصل به إلى مرحلة اليأس من رحمة الله تعالى أو السخط على قضاء الله تعالى وقدره
وأن أمثاله إن كان مريضا لم يتم شفاؤهم
وإذا ابتلي بفقر فيصور له أن جميع الناس يحتقرون الفقراء ، ليزيد حزنه ، أو يصل به إلى مرحلة السخط
وكأن الناس قد هلكوا وليس فيهم إلا الأنذال
وإذا كان لم يتزوج بعد لأي سبب لفقر أو غيره وهو يتمنى ذلك ويتمنى الذرية
يصور له أنه ليس بمستواً يسمح له بالزواج
متحججا بأي أمر يضخمه
وكأن الرزق بيده !
وهكــــــذا...
وكأنه شيطان أو الشيطان يتحدث بلسانه..
أما في عالم المرأة فالأمر أخطر وأوسع
فكم من بيوت هدمت
بسبب ذلك
وكم من نساء أو فتيات انحرفن بسبب ذلك
لست أضخم الموضوع
فإذا كانت المبتلاة ابتليت بزوج فيه عيب يمكن أن يتلاشى بمجهود الزوجة
تبدأ تيأسها وتسود الأمر في وجهها حتى تطلب الطلاق وينهدم البيت
وإذا كانت اختها فقيرة بدأت تتصرف معها بطريقة فظة لتصور لها أن ذلك بسبب فقرها
أو تصور لها أن الناس لا يحترمونها لأنها فقيرة
حيل وفتن.... والنتيجة تختلف باختلاف مستوى الإيمان والتربية والبيئة
{وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيباً }(النساء:6)
إما إذا كانت اختها فتاة ابتلاها الله تعالى بتأخر الزواج، فتخاف أن تتزوج من هو أفضل منها بسبب صبرها ومحافظتها على عفتها
فتبدأ بتيئيسها من رحمة الله وبتضخيم المسائل مع أن من هم أكبر منها تزوجوا وسعدوا
حتى تجعل الدنيا تسود في عينيها...
وإذا استمعت هذه لتلك وكانت ضعيفة الإيمان ما يتصور أن تكون ردة فعلها....
والله أكبر من كيد الحاسدين ومكر الماكرين.
وسبحان الله يظهر لي من كل ذلك أن هذا النوع من الحسد فيه نوع من سوء الخلق وقلة الأدب..
وهذا يذكرني بقوله صلى الله عليه وسلم:
"إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ" (سنن أبي داوود)
وقوله صلى الله عليه وسلم:
"مَا مِنْ شَيْءٍ أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ"( سنن أبي داوود)
ووصيتي لأهل الابتلاء التفكر في قوله تعالى:
{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّك َ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ }
(الروم:60).