الغارقون في لجج الظنون

سناء السدرة

هل حدث وأن رأيت امرئً أو استمعت لحديثه فظننت أنه يغرق في الضلال؛ بل قد يأخذك الظن بأنه يغرق في الضلال البعيد لكن الحقيقة ليست كالظاهر، فهذا الظن بل الانطباع الذي تتوهمه عندما تصادف من يدل حاله على البعد عن الدين ـ هذا الانطباع للشيطان فيه نصيب؛ فهو المستفيد بصدك عن أجر الدعوة بسبب ما يلقيه في قلبك من أن ذاك المرء سيُعرض إذا دعوته؛ فتتخاذل عن مبادرته بالدعوة ولكنك لو جربت لاكتشفت أن هذا الشخص بل كثير من الناس يحتاجون إلى قطرة ماء تبل أرياقهم اليابسة، وأن هبوط كثير منهم إلى القاع يرغمهم على الصعود نحو القمة.
لتعد بذاكرتك، حتماً ستذكر كلمة طيبة كان لها صدى واسعاً في نفس مستمعها بل وقد تكون غيرت مجرى حياته، وهذا ما حدث معي فعلاً عندما أجبت على الهاتف فحادثني ذلك الصوت الأنثوي الرخيم مستعلماً عن المنزل؛ فأجبت أن ليس هذا هو المنزل المطلوب فأرادت الانصراف بقولها (أوكي ـ نوبربلم) أو كما قالت باللغة الأجنبية!! لم أدع هذه الفرصة لتفوت دون أن أذكرها ولو بكلمات يسيرة عن حكم الرطانة بلغة الأعاجم لغير حاجة بأسلوب هادئ، وقد أشفقت عليها وعلى لسان الأمة من الاعوجاج وضياع لغتنا الجميلة.

استمعت إلى كلماتي القليلة ثم انتهى الاتصال، وبعد مدة ليست بالقصيرة عاودت الاتصال بي لتستزيد! فلم تكن تلك الكلمات أروت ظمأ الحاجة البشرية للتقرب إلى الله كانت بحاجة لإرشاد.. إضاءة.. دليل نحو الطريق المستقيم... فعاودت الاتصال وكان يعني الكثير.. كان يعني أنها تحمل قلباً حُجب بالغفلة، وتريد من يمزق ذاك الحجاب حتى تشرق فيه شمس الطاعة. كان فرحي بها كبير، ومن هنا بدأت معها فسلكت طريق الاستقامة حباً واختياراً وبمكالمة خاطئة كتب الله لها الهداية. هذه تجربتي فما هي تجاربكم؟
بقي أن أشير إلى أن المؤمن الحصيف أولى به أن يحذر ممن يصطاد في الماء العكر.. ولا يمعنه الحذر والفطنة عن الدعوة ولا يقعسه عن العمل..