قال ابن المنذر رحمه الله: «أجمع أهل العلم على أن الماء القليل أو الكثير إذا وقعت فيه نجاسة فغيَّرت النجاسة للماء طعمًا، أو لونًا، أو ريحًا أنه نجس ما دام كذلك، ولا يجزي الوضوء والاغتسال به»اهـ([1]).
وقال الطحاوي رحمه الله: «أجمعوا أن النجاسة إذا وقعت في البئر فغلبت على طعم مائها، أو ريحه، أو لونه, أن ماءها قد فسد»اهـ([2]).
وقال ابن حبان رحمه الله: «قوله ﷺ: «الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ»، لفظةٌ أُطْلِقت على العموم، تُستعمل في بعض الأحوال؛ وهو المياه الكثيرة التي لا تحتمل النجاسة فتظهر فيها، وتَخُصُّ هذه اللفظة التي أُطْلِقت على العموم ورود سُنَّةٍ؛ وهو قوله ﷺ: «إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ»؛ ويَخُصُّ هذين الخبرين الإجماعُ على أنَّ الماء قليلًا كان أو كثيرًا فَغَيَّرَ طعمه، أو لونه، أو ريحه نجاسة وقعت فيها أنَّ ذلك الماء نجس بهذا الإجماع الذي يخص عموم تلك اللفظة المطلقة التي ذكرناها»اهـ([3]).
وقال البيهقي رحمه الله: «عن أبي أمامة ﭬ، قال: قال رسول الله ﷺ: «المَاءُ لَا يَنْجُسُ إِلَّا مَا غَيَّرَ رِيحَهُ، أَوْ طَعْمَهُ»؛ والحديث غير قويٍّ، إلا أنَّا لا نعلم في نجاسة الماء إذا تغيَّر بالنجاسة خلافًا، والله أعلم.
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا الربيع، حدثنا الشافعي، قال: وما قلت من أنه إذا تغيَّر طعم الماء، وريحه، ولونه كان نجسًا، يُرْوى عن النبي ﷺ من وجه لا يُثْبِت أهلُ الحديث مثله، وهو قول العامَّة؛ لا أعلم بينهم فيه خلافًا»اهـ([4]).
وقال ابن عبد البر رحمه الله: «لأنه قد رُوِي عنه ﷺ: «الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إِلَّا مَا غَلَبَ عَلَيْهِ فَغَيَّرَ طَعْمَهُ، أَوْ لَوْنَهُ، أَوْ رِيحَهُ»؛ وهذا إجماع في الماء المتغيِّر بالنجاسة»اهـ([5]).
وقال ابن نجيم الحنفي رحمه الله: «اعلم أن العلماء أجمعوا على أن الماء إذا تغيَّر أحدُ أوصافه بالنجاسة لا تجوز الطهارة به؛ قليلًا كان الماء أو كثيرًا، جاريًا كان أو غير جار؛ هكذا نُقِل الإجماعُ في كتبنا»اهـ([6]).
وقال أبو الوليد الباجي رحمه الله: «فما تغيَّر بنجاسة خالطته فلا خلاف في نجاسته»اهـ([7]).


[1])) «الأوسط» (1/ 368)، ط دار الفلاح، و«الإجماع» (ص33)، ط مكتبة الفرقان.

[2])) «شرح معاني الآثار» (1/ 12)، ط عالم الكتب.

[3])) «صحيح ابن حبان» (4/ 59)، ط مؤسسة الرسالة، بيروت.

[4])) «السنن الكبير» (2/ 276)، ط دار هجر.

[5])) «التمهيد» (1/ 332)، ط وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية، المغرب.

[6])) «البحر الرائق شرح كنز الدقائق» (1/ 78)، ط دار الكتاب الإسلامي.

[7])) «المنتقى شرح الموطأ» (1/ 59)، ط دار الكتاب الإسلامي.