حمل مجمل كلام العلماء على مفصله نهج علماء السلف، وهو ما درج عليه الأئمة:
قال شيخ الإسلام في الصارم المسلول (287): (وأخذ مذاهب الفقهاء من الإطلاقات من غير مراجعة لما فسروا به كلامهم وما تقتضيه أصولهم يجر إلى مذاهب قبييحة).
وقال ابن القيم في مدارج السالكين (3/ 521): (والكلمة الواحدة يقولها اثنان يريد بها أحدهما أعظم الباطل ويريد بها الآخر محض الحق والاعتبار بطريقة القائل وسيرته ومذهبه وما يدعو إليه ويناظر عليه).
وقد أجاب الشيخ صالح الفوزان -حفظه الله تعالى- في شريط بعنوان: (التوحيد يا عباد الله)، السؤال رقم: ( 6 ) على سؤال:
هل يحمل المجمل على المفصل في كلام الناس؟ أم هو خاصٌ بالكتاب والسنة؟ نرجو التوضيح ـ حفظكم الله ـ؟
فأجاب الشيخ: (الأصل إن حمل المجمل على المفصل، الأصل في نصوص الشرع من الكتاب والسنة، لكن مع هذا؛ نحمل كلام العلماء، مجمله على مفصله، ولا يُقَوَّل العلماء قولا مجملاً، حتى يُرْجَع إلى التفصيل من كلامهم، حتى يرجع إلى التفصيل من كلامهم، إذا كان لهم قول مجمل، وقول مفصّل، نرجع إلى المفصل، ولا نأخذ المجمل).
وسُئل الشيخ عبد المحسن العباد في درس: (سنن أبي داود)، في المسجد النبوي ليلة 26 / صفر/ 1423ﻫ:
إذا وُجد للعالم كلام مجمل في موضع، في قضية ما، وقد يكون هذا الكلام المجمل، ظاهره يدل على أمر خطأ، ووُجِد له كلام آخر، في موضع آخر، مفصل في نفس القضية، موافق لمنهج السلف، فهل يُحمل المجمل من كلام العالم على الموضع المفصل؟
فأجاب الشيخ: (نعم، يُحمل على المفصل، ما دامه شيئًا موهمًا، فالشيء الواضح الجلي هو المعتبر).
فإن قيل: نحن مأمورون بالأخذ بالظاهر سواء كان مجملاً أو مفصلاً؟
قيل: مأمورون بالأخذ بالظاهر إذا لم يعارضه ظاهر آخر، فالمجمل ظاهر والمبين ظاهر؛ وإعمالاً للعدل وإحسان الظن أخذنا بالظاهر المبين دون المجمل.
كما أن الأخذ بالظاهر المأمورين به هو في مقابل الأخذ بالباطن، والتشقيق على ما في القلوب، فهو أخذٌ بالظاهر الذي لا معارض له من ظاهر آخر.
فإن قيل: لماذا لا يقال: له قولان؟
قيل: يقال له قولان: إذا كانا متنافيين في مسألة واحدة، فالقولان متى تنافيا وجب أن يكون أحدهما حقًا، والآخر باطلاً.