وقالوا من أشد منا قوة


أبو الهيثم محمد درويش

{فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ} [فصلت 15 – 16]
التصنيفات: التفسير -
{وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً } :
قبل أن تغتر بقوتك و تنسى مانحك إياها , وقبل أن تعطي لله ظهرك و تستكبر عن قبول شريعته و العمل بها تدبر كيف كان حال الأمم التي بلغت من الكبر و العتو و العناد ما بلغت فكان العقاب في الدنيا قبل الآخرة بالإهلاك و التدمير وذهاب القوة التي اغتروا بها لما نسوا أن من منحهم القوة يستطيع أن يسلبها في لمح البصر.
{فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ} [فصلت 15 – 16]
قال السعدي في تفسيره:
هذا تفصيل لقصة هاتين الأمتين، عاد، وثمود. { {فَأَمَّا عَادٌ } } فكانوا -مع كفرهم باللّه، وجحدهم بآيات اللّه، وكفرهم برسله- مستكبرين في الأرض، قاهرين لمن حولهم من العباد، ظالمين لهم، قد أعجبتهم قوتهم. { {وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً} } قال تعالى ردًا عليهم، بما يعرفه كل أحد: { {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً } } فلولا خلقه إياهم، لم يوجدوا فلو نظروا إلى هذه الحال نظرًا صحيحًا، لم يغتروا بقوتهم، فعاقبهم اللّه عقوبة، تناسب قوتهم، التي اغتروا بها.
{ {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا} } أي: ريحًا عظيمة، من قوتها وشدتها، لها صوت مزعج، كالرعد القاصف. فسخرها اللّه عليهم { {سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ } } { {نحسات} } فدمرتهم وأهلكتهم، فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم. وقال هنا: { {لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} } الذي اختزوا به وافتضحوا بين الخليقة. { {وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ } } أي: لا يمنعون من عذاب اللّه، ولا ينفعون أنفسهم.