سبيل عظيم للدعوة نغفل عنها


رُبى أحمد



الكثير من المسلمات في هذا الزمان ـ الذي كثر فيه خروج المرأة من بيتها ـ أصبحن يعتقدن أنهن لن يؤدين دورهن في الدعوة إلى الله إلا بخروجهن من منازلهن لزيارة أو إلقاء درس أو غير ذلك مما هو من مجالات الدعوة، مهملةً بذلك مجالاً أهم وأخطر في دعوتها، ألا وهو دورها في الدعوة إلى الله داخل بيتها.
فللمرأة المسلمة دور عظيم في دعوتها داخل بيتها، وفيما يلي أحاول جاهدة أن أبرز بعض المجالات المهمة لدور المرأة المسلمة في بيتها:
الكثير من الناس يخطئون الفهم حين يعتقدون أن الدعوة هي إصلاح الغير فحسب مغفلين دعوة أنفسهم بإصلاحها قلباً وقالباً، لاسيما أن دعوة الآخرين وإصلاح شؤون حياتهم لا تؤتي ثمارها إلا بعد إصلاح النفس والخروج بالقدوة الصالحة لهم، قال الله تعالى: {ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين} (فصلت آية: 33).
فالعلم ركيزة أساسية من ركائز الدعوة إلى الله في كل مجالاتها، قال الله تعالى: {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني} (يوسف آية: 10).
فلقد جعل الله سبحانه وتعالى الدعوة على بصيرة (وهي بصيرة العلم)، سمة خالدة للنبي – صلى الله عليه وسلم – في دعوته الأولى ولجحافل الدعاة إلى الله في دعوتهم من بعده إلى آخر الزمان. ولإصلاح النفس بالعلم النافع والعمل الصالح ارتباط وثيق مع دور المرأة المسلمة في دعوتها، سواءً داخل بيتها بإصلاح زوجها وبناء الأسرة الصالحة، أو خارجه بدعوة الآخرين إلى دين الله بالمنهج الصحيح.
كثيرات منا تغفل عن هذا الدور، بالرغم من أهميته، ولكن السؤال الآن "كيف تدعم المرأة زوجها؟ وما ارتباط ذلك بالدعوة إلى الله؟" نقول أختي المسلمة: الزوجة الصالحة باستطاعتها أن تعين زوجها على فعل الطاعات وإصلاح نفسه وزيادة إيمانه، ومن جانب آخر إعانته في دعوته إلى الله خارج المنزل بأن تهيئ له الجو الهادئ بالبعد عن المشاكل التي تجعل ذهنه مشغولاً ومشتتاً، وأن تتحمل جميع أعباء المنزل التي يكون باستطاعتها تحملها، وتشجعه من الناحية النفسية التي لها أكبر الأثر في أن تجعله من أفضل الدعاة بإذن الله، وأن تتواصى وإياه على تحملمسؤولية الدعوة وتذكره بها بين الحين والآخر. وتذكري أختي المسلمة أن لكِ من الأجر بالدعوة إلى الله كما له بإذن الله، بفضل دعمك لدعوته، فالدال على الخير كفاعله، فلنكن جميعاً ـ أخواتي المسلمات ـ ممن يعينون أزواجهن وأبناءهن في الدعوة إلى الله والجهاد في سبيله بما نملك من إمكانات.
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –: "والمرأة راعية على بيت بعلها وولدها، وهي مسؤولة عنهم" (رواه البخاري) أختي المسلمة: الأسرة قوام المجتمع، ولا يتم صلاح المجتمع إلا بصلاح الأسرة وأفرادها. فالاعتناء بصلاح الأفراد في الأسرة المسلمة هو في صميم الدعوة إلى الله، فازرعي محبة الله ورسوله في أولادك، ونشّئيهم على العقيدة الصحيحة، واعتني بتربية طفلك من اليوم الأول من حياته؛ لأن نفسه طاهرة نقية، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –: "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" (متفق عليه). وضعي نصب عينيك أن تخرجي رجالاً صالحين مخلصين لأمتهم الإسلامية، ولكِ في سلفنا الصالح من هذه الأمة نموذج رائع، لتكوني المرأة الصالحة في المجتمع الإسلامي، كالخنساء التي أخرجت أربعة من أولادها حتى يجاهدوا ويقاتلوا في سبيل الله لإعلاء كلمته.
الكثير من المسلمين يعيش متعطشاً لأي مصدر إسلامي يجد فيه زيادة علم وإيمان ـ كمجلة أو شريط ونحوهما ـ، ولا يخفى عليك ـ أختي المسلمة ـ ما للكلمات المخلصة الرصينة من أثر على قلوب الناس وتربيتهم، بإذن الله تعالى.
فالفرصة أمامنا للكتابة والاشتراك في المجلات الإسلامية والعلمية، إضافة إلى ما سيعود ذلك به عليكِ من زيادة في علمك ونشاطكِ وحماسكِ للدعوة إلى الله، وهناك البعض ممن تملك القدرة على الترجمة إلى اللغة الإنجليزية وقد أنعم الله عليها بحظمن العلم الشرعي، وغيرها من المسلمين بأمس الحاجة إلى أسس هذا العلم ولا يملكون طرائق البحث والتحصيل، فربما يهدي الله بعلمك وكلماتكِ المخلصة أناساً يبعدون آلاف الأميال عنك، فيكون ذلك خيراً لك من الدنيا وما فيها.

واعلمي ـ أختي الحبيبة ـ أنه على قدر إخلاصك وصبرك تجنين ثمار دعوتك بإذن الله تعالى، ولنا في رسولنا – صلى الله عليه وسلم – القدوة الحسنة في دعوته.

أختي المسلمة: إن ما سقته من مجالات الدعوة للمرأة المسلمة في بيتها ما هي إلا على سبيل المثال لا الحصر، ولعلها تكون تشجيعاً للمزيد من الكتابة والمشاركة في هذا الموضوع المهم.