قال الإمام ابن القيم في التبيان في أيمان القرآن (ص 500):


في صحيح مسلم من حديث ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا علا ماء الرجل ماء المرأة أذكر بإذن الله، وإذا علا ماء المرأة ماء الرجل آنث بإذن الله"


وقد يتفق استواء المائين في الإنزال والقدر وذلك من أندر الأشياء فيخلق للولد ذكر كذكر الرجل وفرج كفرج المرأة.
فإذا شاء الله أن يغلب سلالة ماء الرجل على ماء المرأة أو سلالتها أمر ملك الأرحام بتصويره كذلك فإن ذلك لا يخل بحكمته ولا يخرق عادته ولو خرقها لم يخل بحكمة أحكم الحاكمين.
وأما منعكم عموم اللذة فشبيه بالمكابرة، والمجامع يجد عند الإنزال شيئا قد استل من جميع بدنه وسمعه وبصره وقواه في قالب الرحم، فيحس كأنه خلع قميصا كان مشتملا به؛ ولهذا اقتضت حكمة الرب تعالى في شرعه وقدره أن أمره بالاغتسال عقيب ذلك؛ ليخلف عليه الماء ما تحلل من بدنه من ماء، وإذا اغتسل وجد نشاطا وقوة، وكأنه لم ينقص منه شيء، فإن رطوبة الماء تخلف على البدن ما حللته تلك الحركة عن رطوباته، وتعمل فيها الحرارة الأصلية عملها، فتمد بها القوى التي ضعفت بالإنزال.