دور المرأة بين تشريع الله ومخططات الأعداء
كرم الله المرأة فشرع لها من الأحكام ما يصون عفتها، ويكفل كرامتها، ويوفيها حقوقها. فقد أعاد الإسلام للمرأة فطرتها التي فطرها الله تعالى لخلقه، وجعل الويل لمن حاد عن الفطرة وتنكب الطريق، وجعل الإسلام المرأة كالدرة المصونة لا تمتد إليها أيدي العابثين ولا نظرات الطامعين، وأحاطها بسياج من الحفظ والكرامة والاحترام والتقدير.
قبل الإسلام كانت المرأة في ذل أكيد، فقد ذهب الجاهليون إلى حد بعيد في إهانتها وظلمها، فلا حق لها في الإرث، وكانوا يقولون: لا يرثنا إلا من يحمل السلاح ويحمي الديار. ولا حق لها في اختيار الزوج بل كانت تورث إذا مات زوجها مع سائر أمواله وتركته.
ولم يكن مشركو العرب وحدهم الذين أهانوا المرأة ولم يعرفوا لها حقها ودورها، بل شعوب الأرض قاطبة، فمنهم من اعتبر المرأة رجساً ودنساً على بني آدم، وأنها شر لا بد منه، واعتبروها كسقط المتاع كاليهود واليونان. وفي الهند إذا مات الزوج أحرقوا زوجته معه أو دفنوها معه وهي حية، ومنهم من ظلمها وأهانها بشكل آخر بأن أطلق لها العنان، وطالبها بما يطالب به الرجل مما تسبب في شقائها وإذلالها، وما رفع هذا الحيف والظلم عن المرأة إلا حكم الإسلام وتشريفه لها.
لقد أنزل الإسلام المرأة في دورها الصحيح، فهي الأم الحنون والزوجة الصالحة والأخت المصونة والإبنة الغالية. فجعل حقها كأم يفوق حق الوالد بثلاثة أضعاف، وجعل الجنة تحت قدميها ورضا الله من رضاها ورضا الأب، وأي مكانة للأم كهذه إلا في الإسلام؟ !
أما الزوجة فلها حقوق كثيرة على زوجها، فهى لا تذهب معه إلا برضاها، ولها فوق ذلك مهر وصداق يعينها على استقبال حياتها الجديدة، وعليه نفقتها وكسوتها ومعاشرتها بالمعروف. أما الابنة فقد حث الإسلام على الإحسان إليها بعد أن كان الجاهليون يئدونها ويدفنونها حية فيالتراب.
وفوق ذلك كله شرع الإسلام ألواناً من الشرائع تحفظ للمرأة هذه المكانة التي حباها إياها، وتردع عنها أيدي المغرضين الذين يريدون أن يخرجوها من عالمها ومملكتها إلى الشارع والسوق؛ لتكون في متناول الجميع. ومن تلك الأحكام التي شرعها الإسلام لتكون سياجاً منيعاً يحفظكرامة المرأة: "الحجاب"، فهو عز وكرامة وشرف وحياء، يحفظ المرأة من الأنظار الطائشة والسهام المسمومة. فالحجاب عامل قوي في إبراز كرامة المرأة، وأي كرامة لامرأة تخرج سافرة تقع عليها أنظار الرائحين والغادين وتلمزها لحظات السفلة والطامعين؟! فماذا بقي من جمالها وحيائها لزوجها؟! وماذا بذلت له غير ما تبذله لسائر الناس؟! وأي فساد يحل بمجتمع تنهار فيه الأخلاق وتشيع فيه الفاحشة بسبب تخلي النساء فيه عن حيائهن وعفافهن ومروءتهن؟! فلا تسأل حينئذ عن الفوضى والشرور التي تفتك في جسد الأمة إلى أن تهلك. إن الحجاب تلبية لرغبة النفس الإنسانية التي تأنف من الشيء المبذول الممتهن، وقديماً قال الشاعر:
إذا وقع الذباب على طعـــام رفعت يدي ونفسي تشتهيه
وتجتنب الأسود ورود مـاء إذا رأت الكلاب ولغـن فيـــه
إن الإسلام جعل للمرأة دوراً عظيماً، فهي الأم المربية وصانعة الأجيال التي تغرس فضائل الأخلاق وتعاليم الإسلام في نفوس صغارها، لتخرج لنا جيلاً مؤمناً يدفع بركب الأمة المسلمة إلى الأمام، ويقود جيوش النصر والعزة بإذن الله تعالى، وهي الزوجة التي تعين زوجها على طاعة الله تعالى. وتشد أزره ليشق طريق الحياة بأمن وإيمان، وتبذل نفسها ومهجتها وسعادتها لسعادته ورضائه، وتربي أبناءه على خير حال، وتدعو لهم وله بدعوة عباد الرحمن: )ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً((الفرقان:7 4). وهي الابنة البارة التي تقضي حاجات والديها بنفس راضية متفانية، وهي تردد قول الله تعالى: )رب ارحمهما كما ربياني صغيراً((الإسراء:2 4). وهي العمة المكرمة والخالة المقربة، رعى لها الإسلام حقها في الصلة والبر، بل والإنفاق ـ إن لم يكن لها زوج أو أبناء ـ على ذويها وأقاربها.
لكن أعداء الإسلام لم يرضوا بهذه المنزلة الرفيعة للمرأة، وأرادوها سلعة لشهواتهم الرخيصة ونزواتهم البهيمية، فدأبوا على التخطيط لإفسادها ومن ثمً إفساد المجتمع المسلم فسلكوا في سبيل ذلك مسالك شتى، منها:
- الدعوة لتحريرها ونزع حجابها، ومشاركتها الرجل في جميع الميادين وإن كانت لا تناسب طبيعتها... إلخ. وتجاهلوا بذلك ضعف جسمها ورقَّة خلقتها، وما يعتريها من حيض ونفاس، وهو ما يجعل قواها ضعيفة، واستعدادها للعمل قليلاً، وتنكبوا بذلك فطرة الله وخلقه السوي.
- إشغالها بالموضة والأزياء ليصرفوها عن أهدافها الأساسية في الحياة من عبادة ربها أولاً، ثم تربية أبنائها وطاعة زوجها ثانياً، وخدمة مجتمعها وبنات جنسها بما ينفعهم ويليق بهم ثالثاً، وأصبحوا يسيّرونها كل عام: ألبسي هذا واتركي ذلك، فلا تزيد المرأة إلاَّ إذعاناً وتبعية، وتنفق أموالها الطائلة لحساب صناديق اليهود والفجرة.
- إفساد فكرها بالمجلات الخليعة والأفكار الهدامة، الأمر الذي يجعلها تتنكب طريق الهداية والرشاد.
- جعل المرأة تنظر إلى البيت والأمومة ورعاية النشء نظرة تنقص، وأنها لا تليق بالمرأة المعاصرة، فحينئذ يتحطم كيان الأسرة، وينشأ الأطفال في جو يفتقد حنان الأم، فتكون تربيتهم وبناؤهم النفسي غير سويّ، مما ينشأ عنه غالباً الانحرافات السلوكية والنزعات الشاذة.
منقول