العدد السبعون- ربيع الآخر 1428 هـ/ آيار 2007

الإعجاز العلمي لظاهرة الترّادف في اللّغة العربّية
سميحة الصعبي
دمشق -سوريا

لا يزال القرآن الكريم على مر العصور والأيام يفيض على من أعمل الفكر في آياته وكلماته بالأنوار والأسرار... وفي هذه المتابعة المتواضعة أحاول أن أربط بين الإعجاز اللغوي القرآني في ظاهرة الترادف وانتقاء الكلمة المناسبة في المكان المناسب دون غيرها من المترادفات مع الإعجاز العلمي الحديث. وقبل أن أعرض لهذا الإعجاز المدهش أجد من الضروري شرح ظاهرة الترادف شرحاً وافياً، مع تسليط الضوء على أراء العلماء والمختصين حولها والأسباب التي أدت إلى نشوء هذه الظاهرة. وأخيراً فائدتها من الناحية اللغوية والبلاغية.

الترادف في اللغة:
«الترادف في اللغة التتابع، وأردفه أي أركبه خلفه، وكل شيء تبع شيئاً فهو ردفه» والمترادفات في الاصطلاح: «ألفاظ محددة المعنى وقابلة للتبادل فيما بينها في أي سياق. والترادف التام-رغم استحالته- نادر الوقوع إلى درجة كبيرة... فإذا ما وقع هذا الترادف التام فالعادة أن يكون ذلك لفترة قصيرة محددة... وسرعان ما يظهر التدريج فروق معنوية دقيقة بين الألفاظ المترادفة بحيث يصبح كل لفظ منها مناسباً وملائماً للتعبير عن جانب واحد فقط من الجوانب المختلفة للمدلول الواحد».
وحين نصف العربية بسعة التعبير وكثرة المفردات وتتنوع الدلالات وحين نتجرأ أكثر من هذا فنزعم أن لغتنا في هذا الباب أوسع اللغات ثروة وأغناها في أصول الكلمات الدوال على معان متشعبة قديمة وحديثة، جدير بنا أن نذكر أن اللغات جميعاً دون استثناء تزداد ثروتها وتبلغ مفرداتها من الكثرة حداً لا نهاية له إذا كتب لها من شروط النماء والحياء والخلود ما كتب للعربية، فقد أتيح للغة القرآن من الظروف والعوامل ما وسع من طرق استعمالها، وأساليب اشتقاقها وتنوع لهجاتها، فانطوت من هذا كله على محصول لغوي لا نظير له في لغات العالم، فمثلاً قد نجد في لغات العالم القديمة والحديثة كلمات قليلة محدودة للتعبير عن أصوات الحركات الخفيفة، وإذا التمسنا في العربية ما وضع لأداء هذه الأصوات أدركنا العجز عن استيعاب تلك الكثرة من الكلمات الدالة على فروق دقيقة جداً، فالهمس صوت لحركة الإنسان وقد نطق به القرآن، ومثله الجرس والخشفة، وفي الحديث أنه قال (صلى الله عليه ولسلم): «إني لا أراني أدخل الجنة فأسمع الخشفة إلا رايتك»...وتبلغ العربية حد الإعجاز وهي تعبر عن صوت الشيء الواحد بألفاظ مختلفة تراعي معها التفاوت في علوه وهبوطه وعمقه وسطحيته... فإن صوت الماء إذا جرى خرير، وإذا كان تحت ورق أو قماش قسيب، وإذا دخل في مضيق فقيق، وإذا تردد في الجرة أو الكوز بقبقة، وإذا استخرج شراباً من الآنية قرقرة.
آراء العلماء في ظاهرة الترادف:
اختلف اللغويون العرب في وقع هذا الترادف التام.. فمنذ بدأ الرعيل الأول من هؤلاء اللغويين في القرنين الثاني والثالث الهجريين في جمع اللغة من أفواه فصحاء العرب من جانب وتفريغ ألفاظ القرآن الكريم والحديث الشريف والشعر والخطب والرسائل حتى نهاية العصر الأموي والبحث عن معانيها وتفسيرها من جانب واحد، أخذ العلماء في تصنيف هذه المادة اللغوية في أنماط شتى، وعن لبعض هؤلاء العلماء أن يجمعوا الكلمات التي تدل على معنى واحد في العربية في تأليف مستقل، سموه أحياناً «بالترادف» وأحياناً أخرى باسم «ما اختلف لفظه واتفقت معانيه» وقد بالغ بعضهم في جمع تلك الألفاظ وحشد بينها طائفة كبيرة لا تمت إلى المترادف الحقيقي بصلة... وقد أدت مبالغة هؤلاء العلماء إلى ظهور طائفة أخرى من العلماء تعارض هذا الاتجاه وترفض ظاهرة الترادف في العربية رفضاً تاماً، ويمكن إجمال آرائهم فيما يلي:
- فريق أثبت وجود الظاهرة واحتج لوجودها بأن جميع أهل اللغة إذا أرادوا أن يفسروا اللب قالوا: العقل، أو الجرح قالوا: هو الكسب، أو السكب قالوا: هو الصب. وهذا يدل على أن اللب والعقل عندهم سواء وكذلك الجرح والكسب، والسكب والصب وما أشبه ذلك، ويروي أصحاب الترادف قصصاً وأحاديث للبرهنة على رأيهم. فمن ذلك ما رووه من أن النبي «صلى الله عليه وسلم» وقعت من يده السكين فقال لأبي هريرة: ناولني السكين، فالتفت أبو هريرة يمنة ويسرة، ثم قال بعد أن كرر الرسول له القول ثانية وثالثة: آلمدية تريد؟ فقال له الرسول: نعم. ومن المثبتين للترادف الرماني الذي ألف «كتاب الألفاظ المترادفة» وكراع الذي ألف «المنتخب».
- فريق ينكر وجود الترادف ومن هؤلاء ابن فارس وثعلب وأبو علي الفارسي وأبو هلال العسكري، يقول ابن فارس: «ويسمى الشيء الواحد بالأسماء المختلفة نحو السيف والمهند والحسام، والذي نقوله في هذا: إن الاسم هو السيف وما بعده من الألقاب صفات ومذهبنا ان كل صفة منها فمعناها غير معنى الأخرى وقد خالف في ذلك قوم فزعموا أنها وإن اختلفت معانيها فإنها ترجع على معنى واحد، وذلك قولنا: سيف وعضب وحسام. وقال آخرون: ليس منها اسم ولا صفة إلا ومعناها غير معنى الآخر. قالوا: وكذلك الأفعال، نحو مضى وذهب وانطلق وقعد وجلس ورقد ونام وهجع، قالوا: ففي قعد معنى ليس في جلس، وكذلك القول فيما سواه. وبهذا نقول وهو مذهب شيخنا أبي العباس أحمد بن يحيى ثعلب.
وقال أبو علي الفارسي: «كنت بمجلس سيف الدولة بحلب وبالحضرة جماعة من أهل اللغة وفيهم ابن خالويه، فقال ابن خالويه: احفظ للسيف خمسين اسماً، فتبسم أبو علي وقال: ما أحفظ إلا اسماً واحداً هو السيف، قال ابن خالويه: فأين المهند والصارم وكذا وكذا؟ فقال أبو علي: هذه صفات. وكأن الشيخ لا يفرق بين الاسم والصفة، وقد ألف أبو هلال العسكري (الفروق اللغوية) لإبطال الترادف وإثبات الفروق بين الألفاظ التي يدعى ترادفها».
أسباب الترادف في اللغة الفصحى:
- لعل أبرز العوامل في اشتمال لغتنا على هذا الثراء العظيم أن المهجور في الاستعمال من ألفاظها كتب له البقاء. فإلى جانب الكلمات المستعملة كان مدونو المعجمات يسجلون الكلمات المهجورة، وما هجر في زمان معين كان قبلُ مستعملاً في عصر من العصور، أو كان لهجة لقبيلة انقرضت أو غلبتْها لهجة أقوى منها. وهجران اللفظ ليس كافياً لإماتته لأن من الممكن إحياؤه بتجديد استعماله. فالاستعمال في العربية على نوعين: مهجور قد يستعمل، ومستعمل قد يهجر، واحتفاظ علمائنا بالنوع الأول كأنه إرهاص لإحيائه، وفي هذا كانت الميزة للعربية، إذ لا تحتفظ سائر اللغات إلا بالنوع الثاني وهو مهدد بالهجران معرض لقوانين التغيير الصوتي، فإذا أميت بالهجر لم يكن في طبائعها ما تعوض به المهجور الجديد بمهجور قديم، فتضطر إلى الاستجداء من لغات أخرى.
- طول احتكاك قريش باللهجات العربية الأخرى قد نقل إليها طائفة كبيرة من مفردات هذه اللهجات. ولم تقف لغة قريش في اقتباسها هذا عند الأمور التي كانت تعوزها، بل انتقل كذلك من هذه اللهجات كثير من المفردات والصيغ التي لم تكن في حاجة إليها لوجودها في متنها الأصلي، فعززت من جراء ذلك مفرداتها وكثرت المترادفات في الأسماء والأوصاف والصيغ. وأصبحت الحالة التي انتهت إليها أشبه شيء ببحيرة امتزج بمياهها الأصلية مياه أخرى انحدرت إليها من جداول كثيرة. ويشير إلى ذلك ابن فارس في كتابه الصاحبي عندما يقول: «فكانت وفود العرب من حجاجها وغيرهم يفدون إلى مكة للحج ويتحاكمون إلى قريش مع فصاحتها وحسن لغتها ورقة ألسنتها، فإذا أتتهم الوفود من العرب يتخيرون من كلامهم وأشعارهم أحسن لغاتهم وأصفى كلامهم، فاجتمع ما تخيروا من تلك اللغات إلى سلائقهم التي طبعوا عليها. وعلى هذا الأساس نقر بوجود الترادف في القرآن لأنه وقد نزل بلغة قريش المثالية يجري على أساليبها وطرق تعبيرها.. لذا لا غضاضة أن يستعمل القرآن الألفاظ الجديدة المقتبسة إلى جانب الألفاظ القرشية الخالصة القديمة. وبهذا نفسر ترادف أقسم وحلف في قوله تعالى: «وأقسموا بالله جهد أيمانهم» (النور/53)، وقوله: «يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة (الكفر)(التوبة/74).. فقريش كانت تستعمل في بيئتها اللغوية الخالصة أحد اللفظين وإنما اكتسبت اللفظ الآخر من احتكاكها بلهجة أخرى لها بيئتها اللغوية المستقلة. وكثير من هذه الألفاظ الخاصة باللهجات، لم يستطع النفاد إلى استعمالات اللغة الفصحى، وبقيت مقصورة على الاستعمال المحلي عند هذه القبيلة أو تلك، وكان من الممكن أن تندثر هذه الألفاظ لأن نصوص الفصحى الشعرية والنثرية منها لم تسجلها بين ألفاظها، لولا أن ساح اللغويون العرب في القرون الأولى للهجرة، في الجزيرة العربية وبين القبائل التي اعتمدها هم لتتلقى اللغة عنهم، فدونوا عنهم فيما دونوا هذه الألفاظ المحلية».
- من أسباب الترادف كذلك أن يكون للشيء الواحد في الأصل اسم واحد ثم يوصف بصفات مختلفة باختلاف خصائص ذاك الشيء، وإذا بتلك الصفات تستخدم في يوم ما استخدام الشيء وينسى ما فيها من الوصف أو ينساه المتحدث باللغة.
- ومن عوامل كثرة الترادف في العربية الاستعارة من اللغات الأجنبية التي كانت تجاور العربية في الجاهلية وصدر الإسلام، مثل بعض الكلمات المستعارة من الفارسية وغيرها: كالدمقس والاستبرق للحرير، واليم للبحر.
- أن كثيراً من الكلمات التي تذكرها المعجمات على أنها مرادفة في معانيها لكلمات أخرى غير موضوعة في الأصل لهذه المعاني، بل مستخدمة فيها استخداما مجازياً.
ومن أمثلة الإعجاز اللغوية والعلمي في القرآن الكريم ما يلي:
1- جاء في سورة الحجر في الآية الرابعة عشرة والخامسة عشرة قوله تعالى: «ولو فتحنا عليهم باباً من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سُكّرتْ أبصارنا بل نحن قوم مسحورون».
العروج في اللغة:
هو سير الجسم في خط منعطف ومنحن، وقد ثبت علمياً أن حركة الأجسام في الكون لا يمكن أن تكون في خطوط مستقيمة، بل لا بد لها من الانحناء... فكل جرم متحرك في السماء محكوم بكل من القوى الدافعة له وبالجاذبية مما يضطره إلى التحرك في خط منحن يمثل محصلة كل من قوى الجذب والطرد المؤثرة فيه، وهذا ما وصفه القرآن بالعروج، ويتجلى الإعجاز في اختيار هذه الكلمة بدقة لا مثيل لها دون غيرها من المترادفات، نحو: «الصعود، العلو، الرقي» وكل هذه المترادفات رغم اشتراكها في المعنى العام، تؤدى المعنى العلمي الدقيق الذي أشارت إليه كلمة «يعرجون».
2- جاء في سورة يوسف وصفاً لحالة سيدنا يعقوب بعدما فقد ابنه وفلذة كبده سيدنا يوسف: «وتولى عنهم وقال يا أسفي على يوسف وابيضّت عيناه من الحزن فهو كظيم، قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حرضاً أو تكون من الهالكين، قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون». صورة مؤثرة للوالد المفجوع، يحس أنه منفرد بهمه وحيد بمصابه لا تشاركه هذه القلوب التي حوله ولا تجاوبه فينفرد في معزل، يندب فجيعته في ولده الحبيب يوسف الذي لم ينسه ولم تهون من مصيبته السنون.. ويكظم الرجل حزنه ويتجلد فيؤثر هذا الكظم في أعصابه حتى تبيض عيناه حزناً وكمداً.
وقد اهتدى الطب في العصر الحديث إلى أن مرض المياه البيضاء التي تصيب العيون لا يرجع سببه فقط الي الشيخوخة بل إن أحد أسبابه ارتفاع ضغط الدم وكثرة البكاء وعمق الحزن، كما يعجل بحدوثه الاضطرابات النفسية، ويا لروعة القرآن ودقته إذ جاءت كلمة كظيم التي تعني: ممتلئ من الغيظ أو الحزن، يكتمه ولا يبديه. دون غيرها من المترادفات نحو: «الأسى واللهف: حزن على الشيء يفوت الوجوم: حزن يسكت صاحبه. الأسف حزن مع غضب. الترح: ضد الفرح». ومن عجب أن القرآن الكريم منذ ألف وأربعمائة سنة قد فصل في سورة يوسف أعراض هذا المرض كما وصل إليه الطب الحديث وأسبابه... ثم توضح الآية الثالثة والتسعون، كيف طلب سيدنا يوسف علاج أبيه بإلقاء قميصه على وجهه إذ تقول الآية: «اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيراً» وقد انخفض ضغط الدم عند سيدنا يعقوب عندما أحس أن ابنه حي يرزق وانصرف عنه الحزن والألم وانتابته حالة من السعادة والفرح فارتد إليه البصر كما تقول الآية: «فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيراً»(يوسف/96).
3- قال تعالى في الآية الثامنة والستين في سورة يس: « ومن نعمّره ننكّسه في الخلق أفلا يعقلون». خلق الله البشر وقدر لهم آجالاً مختلفة فمنهم من يتوفاه الله مبكراً ومنهم من يبلغ أرذل العمر، وهي المراحل المتأخرة في حياة الإنسان وتشير الآية إلى أن من يطيل عمره يرده عكس ما كان عليه، وكلما تقدم الإنسان في العمر تضاءلت نسبة تجدد الخلايا وزادت نسبة الانحلال الخلوي وظهر الضمور العام، وتختلف نسبة التمدد والضمور باختلاف أنواع الأنسجة، فالظاهر منها البشرة الكاسية للجسم والأغشية المبطنة للقنوات الهضمية وقنوات الغدد تضمر بنسبة أكبر كلما تقدم السن للأعضاء، وهذا هو السبب المباشر لأعراض الشيخوخة. واستخدام أي من مترادفات نكس لا تؤدي هذا المعنى: خفض، أنزل، أحنى، تقول العرب: انتكس المريض أي عاودته العلة. والمقصود هنا بتنكيسه: قلبه وجعله على عكس ما خلقه الله أولاً وهو أنه خلقه على ضعف في جسد وخلو من عقل وعلم، ثم جعله يتزايد وينتقل من حال إلى حال إلى أن يبلغ أشده، وتستكمل قوته ويعقل ويعلم، فإذا انتهى نكسه في الخلق فيتناقض حتى يرجع في حال شبيهة بحال الصبا في ضعف جسده وقلة عقله وخلوه من الفهم. وقد أبدعت العربية في وصف مراحل الشيخوخة»، يقال للشيخ المسن قحر فإذا قصر خطوه فهو دالف ثم هادج، فإذا بلغ أقصى ذلك فهو هرم.. فإذا ذهب عقله فقد خرف... ويقال في النساء عجوز». جاء في الذكر الحكيم على لسان السيدة سارة: «قالت يا ولتي أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخاً، إن هذا لشيء عجيب» (هود/72).
4- «قال تعالى في الآية الثالثة والعشرين من سورة الروم: «ومن آياته منامكم في الليل والنهار وابتغاؤكم من فضله».
ظل موضوع النوم في النهار موضوع جدل حتى وصل العلم والطب إلى ما قرره القرآن الكريم، إذ ينصح مدير التربية البدنية في جامعة بيل تلاميذه نصيحة خالدة نصها «عليك في الظهر بسنَة من النوم» ويقول راي جيلز في مجلة «بترهوفر» أما وقد بلغ الإرهاق كل مبلغ بالأجسام والعقول والأرواح فقد آن الأوان لإعادة النظر في خطة بسيطة تزيدنا مقدرة على العلم وشعوراً بالراحة وتلك هي أن يغفو الإنسان كل يوم غفوة. لقد اتفق الأطباء على أن هذه الغفوات التي تتخلل النهار تدفع الكلال وتخفض ضغط الدم حوالي 15-30 ملليمتر وترفع عن القلب بعض الحمل المتعب، وقد لوحظ أن الإغفاء قبل القيام بأي مجهود بدني أو عقلي أو بعده يصنع العجائب بالنسبة للإنتاج العضلي والذهني وللحالة الصحية العامة... ويقول ديل كارينجي في كتابه «دع القلق وابدأ الحياة»: ساعة تنامها خلال النهار مضافة إلى ست ساعات تنامها ليلاً تجعل المجموع سبع ساعات، أجدى عليكم من ثماني ساعات من النوم المتواصل ليلاً. وبذلك يكون القرآن أول كتاب يذكر النوم بالنهار». ويخص كلمة النوم دون غيرها من المترادفات نحو: «الرقود، الهجود، أو السبات وهو النوم الخفيف».
5- قال تعالى في الآية الثلاثين من سورة النازعات »والأرض بعد ذلك دحاها«، «تشير هذه الآية إلى أن شكل الأرض على هيئة البيضة وطبقاً للقياسات العلمية الحديثة... فإن تفرطح الأرض عند القطبين وبروزها عند خط الاستواء بسبب دوران الأرض حول نفسها يعطي الأرض شكلاً ليس كروياً تماماً أي شكلاً بيضاوياً». وجميع المترادفات الأخرى لا تصف شكل الأرض بهذه الدقة العلمية المتناهية نحو كلمة «بسطها، مهدها، أوسعها».
وأخيـراً أود أن أشير إلى أن ظاهرة الترادف في اللغة العربية قد أفادت فــــي:
- التوسع في سلوك طرق الفصاحة، وأساليب البلاغة في النظم والنثر، وذلك لأن اللفظ الواحد قد يتأتى باستعماله مع لفظ آخر السجع والقافية والتجنيس والترضيع، وغير ذلك من أصناف البديع.
- أن تكثر الوسائل إلى الإخبار عما في النفس، فإنه ربما نسي أحد اللفظين أو عسر عليه النطق بهن وقد كان بعض الأذكياء في الزمن السالف ألثغ، فلم يحفظ عنه أنه نطق بحرف الراء، ولولا المترادفات تعينه على قصده لما قدر على ذاك.


http://www.ju.edu.jo/old_publication...ural/I3jaz.htm