أبو حيّان النحوي الأندلسي وَمنهجه في كتابه ارتشاف الضربْ من لسان العَرب
د.مزيد إسماعيل نعيم
مجلة التراث العربي-مجلة فصلية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب-دمشق العدد :13و14 - السنة الرابعة - محرم وربيع الثاني 1404 تشرين الأول "اكتوبر" و كانون الثاني "يناير"

يلاحظ أن الدراسات المحدثة التي تناولت دراسة النحو في الأندلس ما زالت تتسم بالعموم وبإصدار الأحكام السريعة، ويظهر ذلك في أن أكثر المحدثين يعترف بوجود مذهب نحوي في الأندلس، على حين يذهب الآخرون إلى الشكّ في وجود مذهب نحوي في الأندلس.‏
وإذا ما أردنا أن تكون أحكامنا صحيحة فإنه يجب علينا أن ندرس أعلام اللغة والنحو الذين ظهروا في الأندلس دراسة وافية ومتخصصة، وذلك حتى نتمكن من الحكم على اتجاهات تفكيرهم النحوي.‏
ومن هنا رأيت أن أوجه هذه الدراسة إلى المادة النحوية عند أبي حيان عن طريق كتابه ارتشاف الضرب، للأسباب الآتية:‏
1-إن كتاب ارتشاف الضرب يعد بحق موسوعة نحوية جمع فيها أبو حيان منابع النحو وروافده، وذلك حتى عصره، ولم يقدم لنا هذا الكتاب إلاَّ بعد أن اطلّع على آراء النحاة المتقدمين والمتأخرين، فأفاد منها، فجاء كتابه منطوياً على زبدة آرائه النحوية واللغوية.‏
2-سلك أبو حيان منهجاً فريداً بين النحاة في تأليف كتابه هذا الذي يمثل امتزاج ثقافة المغرب بثقافة المشرق.‏
3-هذا الكتاب يوقفنا على ما وصل إليه العقل العربي من تصور لدراسة اللغة والتأليف فيها.‏
هذه الأمور دفعتني إلى دراسة أبي حيّان من خلال الارتشاف.‏
*حياته:‏
هو أثير الدين أبو حيان محمد بن يوسف ابن علي بن يوسف بن حيان، النَفَزي(1) الأندلسي، جياني** الأصل، غرناطي المولد. وُلِدَ في غرناطة في أواخر شوال سنة أربع وخمسين وستمائة وقيل: إن مولده كان في "طمخشارش" بلدة قرب غرناطة، أو ضاحية لها.‏
وقال المقري في مكان ولادة أبي حيان: "وما ذكره – الصفدي – رحمه الله في موضع ولادة أبي حيان غير مخالف لما ذكره في الوافي أنه وُلد بغرناطة. إلاَّ أن قوله "بمدينة طمخشارش" فيه نظر، لأنه يقتضي أنها مدينة، وليست كذلك، وإنما هي موضع بغرناطة، ولذا قال الرعيني: إن مولد أبي حيان بطمخشارش من غرناطة.. وهو صريح في المراد، وصاحب البيت أدرى بالذي فيه، على أنه يمكن أن يرد كلام الصفدي لذلك، والله تعالى أعلم"***.‏
*ثقافته:‏
يبدو أن أبا حيان قد بدأ حياته التعليمية، كما بدأها أترابه من طلاب العلم في الأندلس، وذلك بدراسة القرآن والحديث، وعلوم اللغة العربية. يقول ابن خلدون: "وأما أهل الأندلس فمذهبهم تعلم القرآن والكتاب من حيث هو، وهذا هو الذي يراعونه في التعليم، إلاَّ أنه لما كان القرآن أصل ذلك وأسه، ومنبع الدين والعلوم، جعلوه أصلاً في التعليم، فلا يقتصرون لذلك عليه فقط، بل يخلطون في تعليمهم للولدان رواية الشعر في الغالب والترسل، وأخذهم بقوانين العربية وحفظها، وتجويد الخط والكتاب(1).‏
وقد تلقّى القراءات السبع في مسقط رأسه على يد عبد الحق بن علي بن عبد لله الأنصاري، وأحمد بن علي ابن الطبّاع، وأبي جعفر أحمد بن الزبير وغيرهم(2).‏
وهذا أبو حيان يقول: قرأت القرآن برواية ورش، وهي الرواية التي ننشأ عليها ببلادنا ونتعلمها أولاً في المكتب على المسند المعمر العدل أبي طاهر إسماعيل بن هبة الله بن علي المليحي بمصر(3).‏
ولم تكن دراسته مقصورة على القرآن، وقراءته، بل درس علوماً أخرى، يقول: "وقد حفظت في علم اللغة الفصيح لأبي العباس أحمد بن يحيى الشيباني واللغات المحتوي عليها دواوين مشاهير العرب الستة: امرئ القيس، والنابغة، وعلقمة، وزهير، وطرفة، وعنترة، وديوان الأفوه الأودي، لحفظي عن ظهر قلب هذه الدواوين. وحفظت كثيراً من اللغات المحتوى عليها، نحو الثلث من كتاب الحماسة، واللغات التي تضمنتها قصائد مختارة من شعر حبيب بن أوس لحفظي ذلك(4).‏
وكان يرى أن على المفسر أن يكون ذا ثقافة واسعة، ومعرفة جيدة بمختلف العلوم، يقول: "فيعلم النحو تعرف الأحكام التي للكلم العربية من جهة إفرادها، ومن جهة تركيبها، وبعلم اللغة تعرف معاني الأسماء، والأفعال التي لا يفهم المقصود من كلام الله وألفاظه إلا بمعرفته والاطلاع عليه، وبعلم الحديث يتعين المبهم، ويتبين المجمل، وسبب النزول والنسخ، وبأصول الفقه يعرف الإجمال والتبيين، والعموم والخصوص، والإطلاق والتقييد، ودلالة الأمر والنهي، وما أشبه ذلك، وبعلم الكلام يُعرف ما يجوز على الله تعالى.. وبعلم القراءات يعرف اختلاف الألفاظ بزيادة أو نقص، أو تغيير حركة، أو إتيان بلفظ بدل لفظ(5).. يضاف إلى هذا أنه كان ذا معرفة بلغة الترك والفرس وغيرهم(6).‏
وبهذه الثقافة الواسعة تهيأ له أن تكون له اليد الطولى في التفسير والحديث.. وتراجم الناس وطبقاتهم وحوادثهم(7).‏
*رحيله من الأندلس إلى مصر:‏
ذكرت المصادر أن رحيله من الأندلس إلى مصر، إنما يرجع إلى سببين:‏
الأول: أنه حملته حدة الشباب على التعرض للأستاذ أبي جعفر الطباع، وقد وقعت بينه وبين أستاذه ابن الزبير واقعة، فنال منه، وتصدى للتأليف في الرد عليه، وتكذيب روايته، فرفع أمره للسلطان، فأمر بإحضاره وتنكيله، فاختفى ثم ركب البحر ولحق بالمشرق(8).‏
الثاني: أنه مما قوى عزمه على الرحلة أن بعض العلماء بالمنطق، والفلسفة والرياضة، والطبيعة.‏
قال للسلطان: إني قد كبرت، وأخاف أن أموت، فأرى أن ترتب لي طلبة أعلمهم هذه العلوم، لينتفعوا من بعدي، قال أبو حيان: فأشير إلى أن أكون من أولئك وترتب لي راتب جيد، وكسوة وإحسان، فتمنعت، ورحلت مخافة أن أكره على ذلك(9). ومهما يكن من أمر، فإن أبا حيان قد رحل من الأندلس سنة 678هـ أو 679هـ إلى موطن آخر أكثر هدوءاً، وأيسر رزقاً، فكانت أرض مصر هي ملاذه. وكانت مصر يومذاك تحت ظل المماليك وقد لقى أبو حيان في القاهرة اهتماماً كبيراً، حيث عين مدرساً للنحو في جامع الحاكم بأمره سنة 704(10)، ثم تولى بعد ذلك تدريس التفسير في قبة السلطان الملك المنصور في عهد السلطان القاهر الملك الناصر(11). كما أنه خلف مشيخة محمد بن النحاس في تدريس النحو(12).‏
كما أنه كان على علاقة جيدة بالأمير سيف الدين أراغون النائب الناصري(13).‏
وقد ذهب أبو حيان إلى مكة المكرمة، ولقي فيها أبا الحسن علي بن صالح الحسيني(14)، وذهب أيضاً إلى الشام. ثم عاد إلى القاهرة وبقي فيها إلى أن توفي.‏
*شيوخه:‏
من الشيوخ الذين أخذ عنهم علم القراءات، والحديث: ابن الطباع، وابن الزبير، وابن بشير القزاز، وابن أبي الأحوص(15).‏
ومن شيوخه في النحو: أبو الحسن الأبدي، وابن الزبير، وابن الأحوص وابن الضائع(16).‏
*تلاميذه:‏
قال السيوطي: أخذ عنه أكابر عصره، وتقدموا في حياته كالشيخ تقي الدين السبكي(17)، وولديه، والجمال الأسنوي(18)، وابن قاسم(19) وابن عقيل(20) والسمين(21)، وناظر الجيش(22)، والسفاقسي(23)، وابن مكتوم، وخلائق(24).‏
*عقيدته:‏
ذكرت المصادر أن أبا حيان كان مالكياً –وهو المذهب السائد في المغرب والأندلس- ثم أصبح ظاهرياً، وكان يقول: "محال أن يرجع عن مذهب الظاهر من علّق بذهنه(25).‏
وكان أبو حيان قد اطلع على الفقه الظاهري في غرناطة، فدرس كتاب "المحلي في الخلاف العالي في فروع الشافعية،(***تعلي ق منى: هذه التسمية خاطئة واسمه المحلى بالآثار شرح المجلى بالاختصار...وهذه التسمية الخاطئة لها قصة ليس هذا موضعها**) لابن حزم الظاهري المتوفى سنة 456هـ، ثم اختصر أبو حيان هذا الكتاب باسم "الأنور الأجلى في اختصار المحلى"، وقد ذكر هذا الكتاب في تصانيفه لتلميذه الصفدي(26). وعندما قدم إلى مصر، ورأى مذهب الظاهر مهجوراً فيها تمذهب للشافعي(27).
وكان شديد الحملة على المتسترين بالإسلام في عصره، يقول "وما زال في كل عصر منافقون يتسترون بالإسلام، ويحضرون الصلوات كالمتفلسفين الموجودين في عصرنا هذا(29). وكان يعجب من هؤلاء الذين يشتغلون بجهالات الفلسفة في مصر، من غير أن ينكر ذلك أحد، يقول "ولما حللت بديار مصر، ورأيت كثيراً من أهلها يشتغلون بجهالات الفلاسفة ظاهراً من غير أن ينكر ذلك أحد، تعجبت من ذلك، إذ كنا نشأنا في جزيرة الأندلس على التبرؤ من ذلك، والإنكار له، وأنه إذا بيع كتاب في المنطق إنما يباع خفية، وأنه لا يتجاسر أن ينطق بلفظه إنما يسمونه: المفعل، حتى إن صاحبنا وزير الملك بن الأحمر أبا عبد الله محمد بن عبد الرحمن المعروف بابن الحكيم، كتب إلينا كتاباً من الأندلس، يسألني أن أشتري أو استنتسخ كتاباً لبعض شيوخنا في المنطق، فلم يتجاسر أن ينطق بالمنطق، وهو وزير فسماه في كتابه بالمفعل(30).‏
*صفاته وأخلاقه:‏
كان أبو حيان كثير الضحك والانبساط بعيداً عن الانقباض، جيد الكلام حسن اللقاء، جميل المؤانسة، فصيح الكلام، طلق اللسان، ذو لمة وافرة، وهمة فاخرة، وله وجه مستدير، وقامته معتدلة التقدير، ليس بالطويل ولا بالقصير(31). وكان لا يشرب الخمرة، ولا يلعب النرد والشطرنج(32).‏
*وفاته:‏
توفي بمنزله خارج باب البحر في يوم السبت بعد العصر، الثامن والعشرين من صفر سنة 745هـ" ودفن في الغد بمقبرة الصوفية خارج باب النصر، وصلى عليه بالجامع الأمويّ بدمشق صلاة الغائب(33).‏
وقيل: إنه توفي عشية يوم السبت السابع والعشرين من صفر سنة خمس وأربعين وسبعمائة، بمنزله خارج باب البحر، ودفن من الغد خارج باب النصر بتربة الصوفية(34).‏
وقيل: بتربته بالبرقية(35).‏
وقيل: إنه توفي سنة 743هـ، وقد أنكر المقري على من شك في تاريخ وفاته، بقوله "وما وقع في كلام كثير من أهل المغرب أن أبا حيّان توفيّ سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة غير ظاهر، لأن أهل المشرق أعرف بذلك، إذ توفي عندهم، وقد تقدم أنه توفي سنة خمس وأربعين، فعلى كلام أهل المشرق في هذا المعول، والله أعلم(36).‏
ب-آثاره(37):‏
1-تقريب المقرب.‏
2-التدريب في تمثيل التقريب.‏
3-المبدع الملخص من الممتع.‏
4-الموفور في شرح ابن عصفور.‏
5-التذييل والتكميل في شرح التسهيل.‏
6-التخييل الملخص من شرح التسهيل.‏
7-التكميل في شرح التسهيل.‏
8-منهج السالك.‏
9-الارتشاف.‏
10-رسالة غريب القرآن على لغات القبائل.‏
11-غاية الإحسان في علم اللسان.‏
12-النكت الحسان في شرح غاية الإحسان.‏
13-اللمحة البدرية في علم العربية.‏
14-الشذا في أحكام كذا.‏
15-تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب.‏
16-الارتضاء في الفرق بين الضاد والظاء.‏
17-التذكرة.‏
18-القول الفصل في أحكام الفصل.‏
19-الشذرة.‏
20-شرح كتاب سيبويه.‏
21-التجريد لأحكام سيبويه.‏
22-كتاب الأسفار الملخص من شرح سيبويه للصفار.‏
23-نهاية الأغراب في علمي التصريف والإعراب.‏
24-فضل النحو.‏
25-الأفعال في لسان الترك.‏
26-الإدراك للسان الأتراك.‏
27-زهو الملك في نحو الترك.‏
28-منطق الخرس في لسان الفرس.‏
29-نور الغبش في لسان الحبش.‏
30-المخبور في لسان البشمور.‏
31-البحر المحيط.‏
32-النهر الماد من البحر.‏
33-جزء في الحديث.‏
34-الأنور الأجلى في اختصار المحلى.‏
35-الوهاج في اختصار المنهاج.‏
36-الإعلام بأركان الإسلام.‏
37-مسلك الرشد في تجريد مسائل نهاية ابن رشد.‏
38-المورد الغمر في قراءة أبي عمرو.‏
39-المزن الهامر في قراءة ابن عامر.‏
40-الأثير في قراءة ابن كثير.‏
41-النافع في قراءة نافع.‏
42-الرمزة في قراءة حمزة.‏
43-النير الجلي في قراءة زيد بن علي.‏
44-الروض الباسم في قراءة عاصم.‏
45-غاية المطلوب في قراءة يعقوب.‏
46-تقريب النائي في قراءة الكسائي.‏
47-عقد اللآلي في القراءات السبع العوالي.‏
48-الحلل الحالية في أسانيد القراءات العالية.‏
49-تحفة الندس في نحاة الأندلس.‏
50-مجاني الهصر في آداب وتواريخ أهل العصر.‏
51-نقد الشعر.‏
52-خلاصة التبيان في علمي البديع والبيان.‏
53-الأبيات الوافية في علم القافية.‏
54-يواقيت السحر "نوافث السحر في دمائث الشعر.‏
55-نثر الزهر في نظم الزهر.‏
56-ديوان أبي حيان.‏
57-نكت الآمالي.‏
58-بغية الظمآن من فوائد أبي حيان.‏
59-الإلماع في إفساد إجازة الطباع.‏
60-فهرست مسموعاته.‏
61-قطر الحبي في جواب أسئلة الذهبي.‏
62-النضار في المسلاة عن نضار.‏
63-نفحة المسك في سيرة الترك.‏
64-مشيخة ابن أبي المنصور.‏
65-كتاب المقصور. وهو مختصر لتحفة الممدود في المقصور والممدود لابن مالك "ينظر التذييل والتكميل 5/343".‏
*اسم الكتاب:‏
قال أبو حيان في مقدمة الارتشاف(38): "ولما كمل هذا الكتاب خلواً مبانيه من التثبيج(39) والتعقيد، حلواً معانيه للمفيد والمستفيد سميته ارتشاف الضرب(40) من لسان العرب.‏
*دواعي تأليف الكتاب:‏
كان ابن مالك قد ألّف كتاباً باسم "تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد" وهو كتاب جامع للنحو والصرف، وقد حظي هذا الكتاب بشروح كثيرة، كان من أهمها شرح ابن مالك نفسه، ويقال(41) إن ابن مالك لم يكمل شرحه، بل وصل فيه إلى باب مصادر غير الثلاثي.‏
وكان أبو حيان من الذين اهتموا بشرح التسهيل، حيث طلب منه بعض طلاّب العلم أن يشرح كتاب ابن مالك من أوله حتى آخره، قال أبو حيان "كان من بعض المعتنين بهذا العلم تشوق إلى أن أشرح الكتاب كاملاً، ولا أترك منه مكان حلى عاطلاً، ليكون كله جارياً في الشرح على سنن واحد، وحاوياً ما أغفل من الزوائد والفوائد، فالشارح لكلام غيره ليس كالشارح لكلام نفسه"(42) ونستطيع من مقدمة الارتشاف أن نستشف دواعي تأليفه للارتشاف، حيث يقول: "أما بعد، فإن علم النحو صعب المرام، مستعص على الإفهام، لا ينفذ في معرفته إلا الذهن السليم، والفكر المرتاض المستقيم، وكان من تقدمنا قد انتزع من الكتاب تآليف قليلة الأحكام، عادمة الإتقان والأحكام، يجلها النقد، وينحل منها العقد، وربما أهملوا كثيراً من الأبواب، وأغفلوا ما فيه من الصواب، فتآليفهم تحتاج إلى تثقيف، وتصانيفهم مضطرة إلى تصنيف. ولما كان كتابي المسمى بـ (التذييل والتكميل في شرح التسهيل) قد جمع من هذا العلم ما لا يوجد في كتاب، وفرع بما حازه من تآليف الأصحاب، رأيت أن أجرّد أحكامه عارية إلا في النادر من الاستدلال والتعليل، حاوية لسلامة اللفظ وبيان التمثيل، إذ كان الحكم إذا برز في صورة المثال أغنى الناظرين عن الطلب والسؤال، ونفضت عليه بقية كتبي لأستدرك ما أغفلته من فوائد، وليكون هذا المجرد مختصاً عن ذلك بزوائد، وقربت ما كان منه قاصياً، وذللت ما كان عاصياً، حتى صارت معانيه تدرك بلمح البصر، لا تحتاج إلى إعمال فكر ولا إكداد نظر.‏
*ترتيب موضوعات الكتاب:‏
جاء ترتيبه لموضوعات كتابه الارتشاف وتبويبها، بعد خبرة عميقة في اللغة، وإحاطة، تامة بقواعدها وأحكامها، يظهر في دقة العرض، وبسهولة الترتيب، فهو يحصر موضوعات الباب الواحد، ويجمع بين المتجانس منها، بحيث يبدو ما تضمنته هذه الأبواب من معلومات وحقائق قريبة من الدارسين. فنجده قد تكلم على الصرف أولاً ثم النحو، مقدماً الصرف على النحو خلافاً لما درج عليه النحاة من تقديم النحو على الصرف. قال ابن جني "إنك لا تكاد تجد كتاباً في النحو إلا والتصريف في آخره"(43).‏
وقد انفرد أبو حيان بهذا الترتيب الذي يتفق مع وجهة نظر الدراسات اللغوية الحديثة ومنهجها.‏
وإذا أردنا أن نتلمس طريقته في ترتيب الموضوعات في كتابه، فإنه لا بدّ أن نلقي نظرة على ما ارتآه من ترتيب للموضوعات النحوية، مخالفاً في ذلك ابن مالك في التسهيل. فمن ذلك مثلاً أن ابن مالك رتب المعارف عنده على النحو الآتي: المضمر، العلم، الموصول، الإشارة، المعرَّف بأل.‏
أما ترتيب المعارف عند أبي حيان فقد جاء على النحو الآتي: المضمر، العلم، اسم الإشارة، المعرف بالأداة، الاسم الموصول.‏
إن التشابه بين الترتيبين واضح، ولكن أبا حيان قدم اسم الإشارة على الاسم الموصول ويبدو أن هذا التقديم أدق، وأكثر صحة، فاسم الإشارة مقدم على الاسم الموصول في التعريف، والإشارة ملازمة للتعريف. وقد نسب إلى ابن السراج أنه قد قدم اسم الإشارة على سائر المعارف(44).‏
وقد علّق السيوطي على ترتيب ابن مالك بقوله: "وقد قدم ابن مالك في التسهيل باب الموصول على باب الإشارة مع أنه عنده مؤخر عنه في الرتبة، وليس لما صنعه وجه من المناسبة"(45).‏
ومن الجدير بالذكر أن أبا حيان قد أدخل باب الحقيقة والمجاز ضمن أبواب كتابه، لما لذلك من أثر في فصاحة اللغة، لأن التركيب قد يقتضي بظاهره شيئاً، ويصد عن الحمل على الظاهر صاد، فيحتاج إلى أن يحمل التركيب على غير الظاهر وهو المجاز.‏
وهكذا نرى أن أبا حيان ينهج نهجاً علمياً دقيقاً في عرض موضوعات كتابه وتبويبها، تمشياً مع منهجه في التيسير، ودقة التصنيف، بحيث تبدو الحقائق والأحكام النحوية قريبة من المتعلمين.‏
*مصادر الكتاب:‏
لم أجد –فيما أعلم-كتاباً نحوياً تعددت مصادره، كما تعددت مصادر هذا الكتاب ويمكننا حصرها فيما يلي:‏
1-كتاب سيبويه، فقد أكثر من الاستشهاد به، فلا تكاد تمضي صفحة من صفحات الارتشاف إلا وتجد اسم سيبويه يتردَّد فيها غير مرة، حتى يخيّل للقارئ أن أبا حيان قد أفرغ كتاب سيبويه في الارتشاف.‏
2-كتاب العين، للخليل بن أحمد الفراهيدي المتوفى سنة 175هـ.‏
3-كتاب المقتضب للمبرد، المتوفى سنة 285هـ.‏
4-كتاب الأصول، لابن السراج المتوفى سنة 316هـ.‏
5-كتاب الإفصاح، لمحمد بن هشام الخضراوي المتوفى سنة 646هـ.‏
6-كتاب البديع، لمحمد بن مسعود الغزني ابن الذكي المتوفى سنة 421هـ.‏
7-كتاب البسيط، لضياء الدين بن العلج.‏
8-كتاب درة الغواص للحريري.‏
9-كتاب رصف المباني من حروف المعاني، للمالقي.‏
10-كتاب شرح التسهيل، لابن مالك.‏
11-كتاب الأوسط، لأبي الحسن سعيد ابن مسعدة، الأخفش الأوسط.‏
12-كتاب البهي، للكسائي المتوفى سنة 189هـ.‏
13-الفرخ، للجرمي المتوفى سنة 225هـ.‏
14-الخصائص، لابن جني.‏
15-كتاب التمام في تفسير أشعار هذيل لابن جني.‏
16-مجالس ثعلب، لأحمد بن يحيى.‏
17-النهاية، لابن الخباز.‏
18-الغرة، لابن الدهان.‏
19-المنصف، للمازني.‏
20-المفصل، للزمخشري.‏
21-المحكم والمخصص لابن سيده.‏
22-الإنصاف، لأبي البركات بن الأنباري.‏
23-الترشيح، لأبي بكر خطاب بن يوسف بن هلال القرطبي.‏
24-المستوفى، لأبي سعيد علي بن مسعود الفرخان.‏
25-شرح الخلاصة، لبدر الدين بن مالك.‏
26-شرح كتاب سيبويه للخشني، محمد بن مسعود أبو بكر الخشني المتوفى سنة 544 هـ.‏
27-طبقات الشعراء، لابن سلام.‏
28-النكت على الإيضاح، لأبي علي الحسن بن علي بن حمدون الأسدي المعروف بالجلولي.‏
29-لنقد، لبن الحاج، أحمد بن محمد بن أحمد الأزدي المتوفى سنة 647هـ.‏
30-التوطئة، لأبي علي الشلوبين المتوفى سنة 645هـ.‏
31-الانتخاب، لعبد الله بن هشام الحضرمي.‏
32-المفتاح: لابن عصفور.‏
33- شرح الجمل الصغير لبن عصفور‏
34-شرح الشافية الكافية لابن مالك.‏
35-التسهيل، لابن مالك.‏
36-نوادر ابن الأعرابي.‏
37-نوادر أبي زيد الأنصاري.‏
38-معاني القرآن-للفراء.‏
39-التصريف، لابن كيسان.‏
40-الحقائق، لابن كيسان.‏
41-الإيضاح، والحلبيات، والبغداديات والعسكريات والبصريات والهيتيات والإغفال والتذكرة، والحروف، والحجة، وكتاب الشعر، لأبي علي الفارسي.‏
42-نقع الغلل، لأبي بكر محمد بن ميمون.‏
43-المقنع، لابن الباذش.‏
44-صحيح البخاري.‏
45-الروض الأنف-للسهيلي.‏
*الحدود والمصطلحات النحوية:‏
كان لاهتمام النحاة في الحدود والتعريفات أثر كبير في تأثرهم بالقواعد المنطقية والفلسفية ومن الواضح أننا لا نجد هذه الدقة في التعريفات مثلاً عند سيبويه، كما جاءت عند من أتى بعده من النحاة المتأخرين، فسيبويه كان يعنى في توضيح الأبواب النحوية بالتمثيل، وذكر الشواهد(46) في أكثر الأحيان، ولم يغرق فيما يندرج تحت التعريف، أو يخرج عنه، بل كان يعمد إلى ذكر الأقسام المنطوي عليها الباب(47).‏
وقد ازدادت عناية النحاة بالتعريفات، وغالى بعضهم في ذلك حتى أصبحت تلك التعريفات تعجّ بالمنطق والفلسفة. ويظهر هذا بصورة جلية عند النحاة المتأخرين، كابن الحاجب، والرضي وابن الخشاب وغيرهم.‏
وإذا أردنا أن نتبين طريقة أبي حيان في التعريف، وتحليل الحدود، فإننا نجد ذلك يسير في اتجاهين:‏
الأول: أنه كان يذكر الحدود والتعريفات في بداية الباب، فهو يورد تعريفاً عاماً لها، ثم يقوم بتحليل كامل لهذا الحد، بحيث يبعده عن الغموض، أو اللبس الذي قد يلحق به. يقول في باب الإعراب "الإعراب في اللغة: الإبانة: أعرب عن حاجته أبان عنها.‏
والتحسين: أعربت الشيء حسَّنته.‏
والتغيير: عربت معدة الرجل، وأعربها الله: غيَّرها.‏
والانتقال: عربت الدابة في مرعاها: جالت.‏
وأما الإعراب في الاصطلاح: فذهبت طائفة إلى أنه نفسه هو الحركات اللاحقة آخر المعربات من الأسماء والأفعال، وعلى هذا فالإعراب عندهم لفظي، وهو اختيار ابن خروف.. وطائفة: إلى أن الإعراب معنوي، وهو تغيير في آخر الكلمة، أو ما كالآخر لعامل دخل عليها نفسها.‏
ثانياً: كان يميل إلى عدم الإيغال في تحليل الحدود والتعريفات، وذلك في أغلب أبواب الكتاب، وكأنه يرى أن التعريف وسيلة لتصوّر الموضوع، لا غاية مقصودة، وإذا كان الهدف من التعريف والحد، هو التبيين والوضوح، فإن الأبواب النحوية الواضحة لا تحتاج إلى حد، ولهذا نجد أبا حيان يردد عبارة "إن هذا لا يحتاج إلى رسم(48) ولا إلى حد(49).‏
فمن ذلك قوله في باب التابع: وهو محصور بالعد، ولا يحتاج إلى رسم، ولا حد، وهو النعت، وعطف البيان، والتوكيد، والبدل، وعطف النسق.‏
وفي تعريف التوكيد يقول: التوكيد معنوي ولفظي، والمعنوي تابع بألفاظ مخصوصة فلا يحتاج إلى حد ولا رسم.‏
وهكذا نرى أن أبا حيان لم يهتم كثيراً بالحدود والتعريفات، وأعتقد أن هذه النظرة صحيحة، لأنه ما دام معنى التعريف وتصور الموضوع واضحاً في أكثر الأبواب النحوية، فلا ضرورة تدعو إلى الإسهاب فيما يدخل تحت التعريف أو يخرج عنه. ومهما يكن من أمر فإن أبا حيان يمثل مرحلة من مراحل التطور للتعريف النحوي.‏
أما المصطلحات النحوية التي نستعملها الآن فقد مرّت بتطورات قبل أن تستقر على الشكل المألوف لدينا. وحسبنا أن ننظر في كتاب سيبويه الذي يعد المصدر الأول الذي استقى منه النحاة علم النحو اصطلاحاته، لندرك ما طرأ على هذه المصطلحات من تغيّر وتطور.‏
أي أن المصطلحات النحوية قد مرّت بمراحل وتدرجت إلى أن ثبتت واستقرت في القرن الرابع الهجري، وكان دور النحاة الذين جاؤوا بعد هذا لم يتجاوز الاختيار والتسليم بما شاع منها.‏
وجاء أبو حيان في وقت وصلت فيه المصطلحات النحوية إلى وضع أخير، وأصبحت معروفة به. وعلى هذا فإنه ليس من الممكن أن يحاول تغيير اصطلاح قد شاع تداوله بين المتعلمين والنحاة.‏
وهكذا نلاحظ أن أغلب المصطلحات التي استعملها أبو حيان كانت بصرية، وكان دوره مقصوراً على ما شاع من هذه المصطلحات وعم استعماله.‏
*أسلوب أبي حيان في الارتشاف:‏
استطاع أبو حيان أن يقدم لنا تلك المسائل النحوية، والحقائق العلمية في كتابه، بأسلوب يتسم في أغلب أحواله بالبساطة والدقة، فكان يعتمد على الموازنة الدقيقة بين آراء النحاة، ثم يختار أكثرها استعمالاً وأصحها نقلاً ورواية. أي أنه يأخذ بالنقل والرواية ثم بالاستقراء والتحليل.‏
وكان أبو حيان يتحرّى صحة النقل معتمداً في ذلك على صحة الرواية، ونجد في الارتشاف كثيراً من العبارات التي تدل على ذلك مثل: ويروى عن بعض العرب، وقالت الأعراب.. وحكى قطرب، وحكى يعقوب.. وكقوله: انتهت هذه المسائل من كلام الفراء.. وكقوله: والذي حكيناه نقلناه عن أبي جعفر النحاس.‏
*اهتمامه باللهجات والقراءات:‏
كان أبو حيان شديد الاهتمام بلغات القبائل، ويظهر ذلك جلياً في كتابه البحر المحيط، فقد بلغ عدد اللهجات التي عزا إليها أربعاً وستين قبيلة(50).‏
وقد قال أبو حيان "كل ما كان لغة قبيلة يقاس عليه(51).‏
وكان يأخذ بالمنقول من اللغات، ولا يذهب إلى استكراهها، يظهر ذلك عن تفسيره لقوله تعالى: (ولا تقربا هذه الشجرة((52). وقرئ الشجرة بكسر الشين، وقرئ أيضاً الشيرة بكسر الشين والياء المفتوحة بعدها، وكره أبو عمرو هذه القراءة، قال أبو حيان: وينبغي أن لا يكرهها، لأنه لغة منقولة فيها(53).‏
وهذا الاهتمام باللهجات إنما يرجع إلى ما بين اللهجة والقراءات والنحو من ارتباط وثيق إذ القراءات تعتمد في أوجه خلافها على ما بين اللهجات من فروق وخلاف، كما أن لهجات القبائل ما هي إلاَّ نحو من نحو اللغة الفصحى وطريق منه(54).‏
أما القراءات فقد عرّفها بأنها "العلم الذي يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن الكريم، وقسم القراءات إلى متواترة وشاذة(55).‏
وقد عني بالقراءة المتواترة، والشاذة، لأن هذه القراءات جاءت على لغة العرب قياسها وشاذها، ويظهر ذلك فيما يلي:‏

1-كان يرجع بالقراءة إلى اللغة يلتمس لها شاهداً فيرويه، أو نظيراً فيقيسها عليه، فنراه يستشهد على جواز حذف الحركة الظاهرة من الأسماء والأفعال اعتماداً على لغة تميم يقول في باب الإعراب "وإذا كان حرف الإعراب صحيحاً فلا يجوز إلا ظهور الإعراب فيه، وحذف الحركة منه خصّه أصحابنا بالشعر، وذهب المبرد إلى أنه لا يجوز ذلك إلا في الشعر وذهب بعضهم إلى جواز ذلك وإن كان قليلاً، ومنه قراءة من قرأ "وبعُولتهن"(56) بسكون التاء، وما حكاه أبو زيد " ورسلنا" (57) عمرو أن لغة تميم تسكين المرفوع من نحو: يعلمهم، وقراءة "بارئكم"(58) "ومكر السيّشئ"(59) في الوصل بسكون الميم واللام والهمزة.‏
وقد دافع أبو حيان عن هذه القراءة، ورد على من يلحن قراءها. جاء في البحر المحيط: قرأ مسلمة بن محارب (بعولتهن) بسكون التاء فراراً من ثقل توالي الحركات، وهو مثل ما حكى أبو زيد (ورسلنا) بسكون اللام.. وقد منع المبرد التسكين في حركة الإعراب، وزعم أن قراءة أبي عمرو لحن.. قال أبو حيان: وما ذهب إليه ليس بشيء، لأن أبا عمرو لم يقرأ إلا بأثر عن رسول الله(، ولغة العرب توافقه، فإنكار المبرد لذلك منكر. ومما يدل على صحة قراءة أبي عمرو ما حكاه أبو زيد من قوله تعالى (ورسلنا لديهم يكتبون((60).‏
2-إذا كانت القراءات متواترة، فإنه لا يرجح بينها لصحتها، وثبوت روايتها يقول في تفسير لقوله تعالى (وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة((61). قرأ الجمهور: واعدنا، وقرأ أبو عمرو: وعدنا بغير ألف. ولا حجة لترجيح إحدى القراءتين على الأخرى، لأن كلاًّ منهما متواتر، فهما في الصحة على حد السواء(62).‏
وخلاصة الأمر أن أبا حيان كان كثير الدفاع عن القراءات المتواترة والرد على من يلحن قراءها.‏
أما القراءات الشاذة فلم يكن أبو حيان أول من اهتم بها، واجتهد في تخريجها بل نجد أن ابن جني قد جمع القراءات في كتابه المحتسب.‏
فكان أبو حيان يعمل على توجيه القراءة الشاذة وتخريجها، فيرجعها إلى اللغة، أو إلى لهجة من اللهجات العربية، باحثاً لها عن شاهد أو توجيه. من ذلك: حكى اللحياني عن بعض العرب أنه ينصب بـ "لم" وخرج أبو حيان على ذلك قراءة من قرأ (ألم نشرح لك صدرك((63)بنصب الحاء. وقال أبو حيان في البحر المحيط: قرأ الجمهور بجزم الحاء لدخول الجازم، وقرأ أبو جعفر بفتحها، وخرجه ابن عطية في كتابه على أنه: ألم نشرحن، فأبدل من النون ألفاً، ثم حذفها تخفيفاً.. ثم قال أبو حيان: ولهذه القراءة تخريج أحسن من هذا كله، وهو أنه لغة لبعض العرب، حكاها اللحياني في نوادره، وهي الجزم بلن، والنصب بـ (لم) عكس المعروف عند الناس(64).‏
ويلاحظ أن منهج أبي حيان في تتبعه للقراءات والاحتجاج لها، يتفق مع منهج المحتسب لابن جني، والحجة لأبي علي الفارسي، وذلك في أنه يعرض القراءة ومن قرأ بها، ثم أنه كان يرجعها إلى اللغة ليلتمس لها شاهداً فيرويه، أو يرجع بها إلى إحدى لهجات القبائل.‏
*الاحتجاج بالحديث النبوي الشريف:‏
تعد قضية الاحتجاج بالحديث النبوي الشريف من القضايا الهامة التي دار حولها نقاش وخلاف، ويمكننا حصر هذا الخلاف في اتجاهات ثلاثة(65).‏
1-الاتجاه الأول رفض الاحتجاج بالحديث في المسائل النحوية، وكان في طليعتهم أبو حيان وأبو الحسن بن الضائع المتوفى سنة 680هـ.‏
2-الاتجاه الثاني: جوز الاحتجاج به، وكان في طليعتهم ابن مالك.‏
3-الاتجاه الثالث: وقف موقفاً وسطاً بين الاتجاه الأول والثاني، ويمثل هذا الاتجاه الشاطبي.‏
وقد عرف عن أبي حيان أنه يمثل من يرفضون الاحتجاج بالحديث النبوي، وعرف عنه أيضاً أنه قد تحامل كثيراً على ابن مالك عندما جوز الاستشهاد بالحديث الشريف.‏
ولكن الأحاديث التي أوردها أبو حيان واحتج بها في أثناء عرضه للمسائل النحوية تخالف ما جاء عنه، وتناقض ما قاله في ابن مالك.‏
وإليكم بعض الأمثلة التي تدل على استشهاد أبي حيان في أثناء عرضه للمسائل النحوية:‏
1-ما جاء في كلامه على جواز دخول الضمير بين التنبيه، واسم الإشارة، ثم ذكر الحديث: ها أنا ذا يا رسول الله(66).‏
2-ما جاء عند كلامه على حذف خبر لا النافية للجنس، يقول: ومن حذف الخبر قوله تعالى: (قالوا لا ضير((67)، (فلا فوت((68)، ثم قال: ولا ضرر ولا طيرة، ولا عدوى(69).‏
3-ما جاء عند كلامه على ظن وأخواتها بأنه (أن) المكسورة إذا خففت أهملت ويجب أن يؤتى بلام الفارقة بين أن المؤكدة، وإن النافية، ثم قال: وقد جاءت اللام محذوفة في قول الشاعر:‏
أنا ابن أباة الضيم من آل مالك وإن مالك كانت كرام المعادن‏
وفيما روى في الحديث: إن كان رسول الله( يحب الحلواء والعسل. أي: لكرام المعادن، وليحب الحلواء، وذلك لدلالة الكلام على أن الخبر مثبت لا منفي(70).‏
4-ما جاء في أثناء كلامه على مسوغات الابتداء بالنكرة وتخصيصها بالإضافة ذكر الحديث: خمس صلوات كتبهن الله على العباد(71).‏
5-ما جاء في أثناء كلامه على أن "بيد" تأتي للاستثناء، قال: وتساوي بيد غير وتضاف إلى أن وصلتها، وتقع في الاستثناء المنقطع، وفي الحديث: أنا أفصح من نطق بالضاد بيد أني من قريش، واسترضعت في بني سعد(72).‏
6-ما جاء عند كلامه على معنى (من) من أنها تأتي لابتداء الغاية في غير المكان. قال ومثال دخولها لابتداء الغاية في غير المكان: قرأت من أول سورة البقرة إلى آخرها.. وتقول إذا كتبت كتاباً من فلان إلى فلان. وفي الحديث: من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم(73).‏
7-ما جاء في أثناء كلامه على المضاف إلى ياء المتكلم على قلب واو (مخرجو) إلى ياء، وإدغامها في ياء المتكلم، يقول: وهذه الياء في ضاربي وشبهه مفتوحة كقوله:‏
أودى بنيَّ وأعقبوني حسرة عند الرقاد وعبرة لا تقلع‏
وفي الحديث: أو مخرجيَّ هم(74).‏
8-ما جاء في أثناء كلامه على جواز إفراد اسم التفضيل، أو جمعه إذا أُضيف إلى معرفة، يقول: فإذا كان مضافاً إلى معرفة فالذي عليه الجمهور أن أفعل إذا أضيف إلى معرفة لا يخلو من التفضيل البتة، ويكون بعض ما يضاف إليه، وتارة تفرد، وإن كانت مضافة كقوله تعالى: (ولتجدنَّهم أحرص الناس على حياة((75)، وتارة تجمع كقوله تعالى: (وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها((76) وفي الحديث: [ألا أُخبركم بأحبكم إليَّ وأقربكم مني مجالس يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً"> فأفرد أحب وأقرب، وجمع أحاسن(77).‏
9- ما جاء في كلامه على لزوم لام الأمر إذا أسند الفعل إلى غير الفاعل المخاطب وأورد على ذلك الحديث: قوموا فلأصل لكم(78).‏
10-ما جاء في أثناء كلامه على معمول الصفة المشبهة ليدل على جواز اتباع معمول الصفة المشبهة بجميع التوابع ما عدا الصفة، فإنه لم يسمع من كلامهم، هكذا زعم الزجاج. وقد جاء في الحديث في صفة الدجال: أعور عينه اليمنى. واليمنى صفة لعينه، وهو معمول للصفة، فينبغي أن ينظر(79).‏
هذه الأحاديث التي احتجّ بها أبو حيان وإن كانت قليلة، تدفعنا إلى القول بأن أبا حيان كان من الذين استشهدوا بالأحاديث لتأييد القواعد النحوية، ولعل ما كان بينه وبين ابن مالك هو الذي جعله يتحامل على ابن مالك ويقف له بالمرصاد.‏
*الاحتجاج بالشعر:‏
كان أبو حيان واسع الاطلاع على أشعار العرب، ومهتماً بحفظها وروايتها، ومعتمداً عليها في الاستشهاد، وتثبيت الأحكام النحوية، ونلاحظ في شواهده الشعرية أنه لم يتوسع في دائرة الاستشهاد، بل جعل شواهده مقصورة على شعراء الطبقة الأولى والثانية والثالثة، وبهذا يكون قد أخرج الشعراء المحدثين من دائرة الاستشهاد والاحتجاج، وأن ما ذكره من أبيات لشعراء محدثين كأبي تمام والمتنبي وبشار وغيرهم، لا يحط من موقفه في الاحتجاج، لأن هذه الأبيات لم ترتفع عنده إلى مرتبة الاحتجاج الذي حظي به شعراء الطبقات الثلاث، إنما كان ذكره لها من باب الاستئناس، أو زيادة في إيضاح معنى. كما أنه لم يبن عليها قاعدة نحوية، وقد صرّح غير مرة بأنه لا يستشهد بشعر المولدين وإن كان يثق بقائل ذلك الشعر(80).‏
*رأي أبي حيان في العلة والعامل والسماع والقياس:‏
1-رأيه في العلة: أشار أبو حيان في مقدمة الارتشاف إلى أنه يريد أن يقرب الأحكام النحوية عارية من التدليل والتعليل. ورغبته في تجريد الأحكام النحوية من التعليل أمر واضح في كتابه. فقد دعا غير مرة إلى إلغاء هذه التعاليل التي لا تجدي نفعاً، وأخذ على النحاة إيغالهم في تعليل الأحكام النحوية، وإغفالهم الأحكام والمسائل النحوية التي تستند إلى سماع صحيح، يقول "والنحويون مولعون بكثرة التعليل، ولو كانوا يضعون مكان التعاليل أحكاماً نحوية مستندة للسماع الصحيح لكان أجدى وأنفع، وكثيراً ما نطالع أوراقاً في تعليل الحكم الواحد، ومعارضات ومناقشات، ورد بعضهم على بعض في ذلك، وتنقيحات على زعمهم في الحدود، خصوصاً ما صنفه متأخرو المشارقة على مقدمة ابن الحاجب فنسأم من ذلك، ولا يحصل في أيدينا شيء من العلم(81).‏

ومما يوضح لنا موقف أبي حيان من التعليل هو ما صرّح به في المسائل الآتية:‏

1-في مبحث المعرف بالأداة يقول: ذكر أصحابنا فيها مذهبين: أحدهما: مذهب جميع النحاة إلا ابن كيسان، أنها أُحادية الوضع، وهي اللام، والألف ألف وصل جيء بها وصلة إلى النطق بالساكن والثاني: مذهب ابن كيسان إنها ثنائية الوضع نحو: قد، وهل، وهمزتها قطع. ثم قال أبو حيان: وهذا الخلاف في الأداة قليل الجدوى، وبعض الألسن خال من أداة التعريف.. وهذه كلها أوضاع لا تعلل"(82).‏
2-اختلف النحاة في ناصب المستثنى على ثمانية أقوال.. وقد علّق أبو حيان على هذا الخلاف بقوله: مثل هذا الخلاف لا يجدي كبير فائدة، وهو كالخلاف في رافع المبتدأ والخبر، ورافع الفاعل، وناصب المفعول، وإنما الخلاف الذي يجدي هو فيما أدى إلى حكم لفظي، ومعنى كلامي(83).‏
3-بعد أن ذكر أبو حيان اختلاف النحاة في وزن (أيَّا) واشتقاقها، فإنه يقول: وليس في هذا الاختلاف في أيا، ولا في وزنه كبير فائدة(84).‏
4-وفي مبحث المنصوبات يقول: وكون المفاعيل خمسة هو مذهب البصريين، وزعم الكوفيون أنه ليس للفعل إلا مفعول واحد، وهو المفعول به، وباقيها مشبه بالمفعول به. وهذا الخلاف لا يجدي كبير فائدة(85).‏
وبهذه النظرة إلى التعاليل نتخلص من تلك التعاليل التي ما تزال مكان شكوى في النحو العربي، ونتخلص كذلك من تلك الأفكار الذهنية التي تعود صعوبة النحو إلى جزء كبير منها.‏
*رأيه في العامل:‏
سلك أبو حيان مسلك القدماء في العامل، وبما يحدثه من أثر إعرابي في الكلمة وهو لم يتأثر بدعوة ابن مضاء القرطبي في إلغاء العامل وعدم القول به. بل كان يدعو إلى إلغاء الخلافات في تقدير العامل. لعدم ترتب حكم نطقي عليها، فالعامل عنده موجود، وله أثر، ويرى أن الأصل في العامل أن يكون من الفعل، ثم من الحرف، ثم من الاسم، وأن العامل لا يؤثر أثرين في محل واحد، وأنه لا يجتمع عاملان على معمول واحد إلا في التقدير نحو: ليس زيد بجبان(86).‏
خلاصة الأمر أن أبا حيان كان منساقاً مع النحاة في الاهتمام بالعوامل اللفظية والمعنوية، وأثرها.‏

*رأيه في السماع والقياس:‏

يقوم منهجه العام في القياس على اعتماد المسموع من كلام العرب والعناية به، ويظهر ذلك في أنه لا يعتد برأي لا يستند إلى سماع، وعلى هذا كان يحدد اختياره لآراء النحاة والحكم عليها.‏
وإن نصوص أبي حيان تكشف لنا عن رأيه في السماع والقياس، يقول:‏
فلما اطلعنا على مذاهب الناس في هذه المسألة، ولاختلافهم فيها رجعنا عند الاختلاف إلى السماع من العرب، فما وجدناه منقولاً عنهم أخذنا به، وما لم ينقل من لسانهم أطرحناه، وذلك مذهبنا في إثبات الأحكام النحوية، أنَّا نرجع فيها إلى السماع.. والقياس الذي نذكره نحن في النحو إنما هو بعد تقدير السماع، فلا نثبت الأحكام بالقياس إنما نثبتها بالسماع من العرب، ويكون في الأقيسة إذ ذاك تأنيس وحكمة لذلك السماع، ومن تأمل كتاب سيبويه وجده في أكثره سالكاً هذه الطريقة التي اخترناها في إثبات الأحكام بالسماع"(87).‏

فأبو حيان يعتمد النصوص المسموعة كأصل في الاحتجاج للقياس، وهو في هذا المنهج يقربنا من النصوص المسموعة، والأساليب الفصيحة التي نطق بها العرب ويمكننا حصر منهجه في السماع والقياس فيما يلي:‏

1-كان أبو حيان يأخذ بالقياس ويحتكم في قياسه إلى أصول العربية.‏
2-كان لا يتوسع في القياس، فلم يأخذ المثال الشاذ قاعدة يقيس عليها، وإنما يبنى قواعده وأحكامه على الكثير.‏
3-لا يجوز عنده إثبات قاعدة كلية لمحتمل ظاهر فيه، وإنما يبني القاعدة على الدليل الذي لا يتطرقه الاحتمال.‏
4-كان يذهب إلى استبعاد التراكيب التي لا تسندها النصوص المسموعة.‏
5-إذا اجتمع السماع والقياس اختار السماع.‏
خلاصة القول أن أبا حيان كان يعنى عناية شديدة بالسماع، ويبني قياسه دائماً على السماع، ولا يرتضي تلك الأحكام النحوية التي لا تطرد مع قواعد النحو.‏

*تأثره بالمذهب الظاهري:‏

ذكرت المصادر التي ترجمت لأبي حيان أنه قد أخذ بالمذهب الظاهري، ثم اختلف في رجوعه عنه إلى المذهب الشافعي. وهمنا هنا أن نعرف مدى تأثره بالمذهب الظاهري في معالجته للمسائل النحوية، وهل كان ظاهرياً حتى في النحو- كما قيل؟.‏


لم يكن أثر المذهب الظاهري مقصوراً على تفسير الآيات، بل امتدّ أثره إلى النحو العربي، فقد ظهر ابن مضاء القرطبي المتوفى سنة (592 هـ) وكان متعصباً إلى الظاهرية، وقد استلهم هذا المذهب في ثورته على النحو والنحاة، إذ وجد أن النحو العربي قد تضخم بتقديرات وتأويلات، وتعليلات، وأقيسة كثيرة، وقد تمثلت ثورته في كتابه (الرد على النحاة) الذي يقول فيه: قصدي في هذا الكتاب أن أحذف من النحو ما يستغني النحوي عنه، وأنبه على ما أجمعوا على الخطأ فيه، فمن ذلك ادعاؤهم أن النصب والخفض والجزم لا يكون إلا بعامل لفظي، وأن الرفع منها يكون بعامل لفظي وبعامل معنوي"(88).‏

ولم يقتصر قصده من كتابه على هذا، بل طالب بإسقاط العلل الثواني والثوالث(89) ويرى أن العرب قد أخطؤوا في حملهم شيء على شيء في القياس يقول: والعرب أمة حكيمة، فكيف تشبه شيئاً بشيء وتحكم عليه بحكمه، وعلة حكم الأصل غير موجودة في الفرع، وإذا فعل واحد من النحويين ذلك جُهل، ولم يقبل قوله: فَلِمَ ينسبون إلى العرب ما يُجهل به بعضهم بعضاً، وذلك أنهم لا يقيسون الشيء، ويحكمون عليه بحكمه، إلا إذا كانت علة حكم الأصل موجودة في الفرع(90).‏

وقد اختلفت نظرة الباحثين المحدثين إلى موقف ابن مضاء من أفكاره هذه، فمنهم من رأى أنه قد عمل على تطور النحو وتيسيره، ومنهم رأى أن الدافع إلى دعوته هو الشهرة التي كان يطمح إلى تحقيقها، وهي أن يكون إماماً مشهوراً في العربية، ومنهم من رأى أنه لم يتصد للنحويين بقصد إحياء النحو وتيسيره، بل كان مدفوعاً إلى أن يرد عليهم لما يحمله من عقيدة ظاهرية، وبعضهم يرى أن ابن مضاء كان مجدداً من ناحية، ومن ناحية أخرى متفلسف يصطنع فلسفة القرون الوسطى(91).‏

ومهما يكن من أمر فإن ثورة ابن مضاء ذهبت صرخة في واد، لأن قواعد النحو أُقيمت على أُسس وأُصول، وبذل فيها النحاة كل ما في استطاعتهم في سبيل إقامة صرح هذه القواعد، وأن هبوب رياح التغيير لم تستطع أن تحرّك شيئاً في التراث النحوي.‏


ولست أود الإفاضة في هذا الموضوع، لأن الذي يهمنا هو مدى تأثر أبي حيان بدعوة ابن مضاء القرطبي.‏

يمكننا حصر أوجه الاتفاق والافتراق بين أبي حيان وابن مضاء في الأمور الآتية:‏

1-تأثر أبو حيان بابن مضاء في دعوته إلى طرح التعاليل التي لا تجدي نفعاً، قال أبو حيان: والنحويون مولعون بكثرة التعليل، ولو كانوا يصنعون مكان التعليل أحكاماً نحوية مستندة للسماع الصحيح لكان أجدى وأنفع(92).‏
2-تأثر به أيضاً في إلغاء التمارين غير العملية، لأنها من وضع النحاة، ولا يوجد نظائرها في لسان العرب.‏
3-أراد ابن مضاء أن يضيّق دائرة القياس على حين نجد أن أبا حيان لا يدعو إلى إلغاء القياس بل كان يأخذ به.‏
4-كان ابن مضاء يدعو في كتابه الرد على النحاة إلى إلغاء نظرية العامل، فهو يرى مثلاً أن الظرف والجار والمجرور إذا وقعا إخباراً فإنهما لا يتعلقان بعامل محذوف، وأنه لا عامل ولا معمول.‏

أما أبو حيان فإنه سلك مسلك القدماء في الاهتمام بالعامل، وهو على حق في هذا، لأن إنكار العامل فيه إنكار للنحو، وإدخال للخلل والاضطراب في المسائل النحوية التي قام عليها تراثنا النحوي.‏

*الحواشي:‏

*قال السيوطي: النَفْزي، نسبة إلى نَفْزَة قبيلة من البربر. بغية الوعاة 1/280. وقال ياقوت: نقرة-بالفتح ثم السكون-مدينة بالمغرب بالأندلس معجم البلدان 5/296.‏

**جيان: بالفتح ثم التشديد مدينة لها كورة واسعة بالأندلس، تتصل بكورة البيرة، مائلة عن البيرة إلى ناحية الجوف.. شرقي قرطبة. بينها وبين قرطبة سبعة عشر فرسخاً. معجم البلدان 3: 185.‏

***نفح الطيب: 3/292.‏

(1)-مقدمة ابن خلدون الفصل 31 ص537.‏

(2)-ينظر غاية النهاية 2/285، وبغية الوعاة 1/280، وشذرات الذهب 6/146.‏

(3)-البحر المحيط 1/11.‏

(4)-البحر المحيط: 1/6.‏

(5)-البحر المحيط: 1/5 وما بعدها.‏

(6)-ينظر منهج السالك في الكلام على ألفية ابن مالك- لابن حيان ص 231.‏

(7)-ينظر نفح الطيب 3/295، والنجوم الزاهرة 10/111.‏

(8)-ينظر نفح الطيب 3/338، وشذرات الذهب 6/146.‏

(9)-شذرات الذهب 6/146.‏

(10)-ينظر نفح الطيب 3/320.‏

(11)-ينظر البحر المحيط 1/3.‏

(12)-ينظر شذرات الذهب 6/146.‏

(13)-نكت الهميان ص 281، والدرر الكامنة 1/352.‏

(14)-ينظر طبقات الشافعية الكبرى 6/32.‏

(15)-ينظر غاية النهاية 2/285، والبحر المحيط 1/7.‏

(16)-ينظر البحر المحيط 1/6، 83، 4/323، 5/497. وبغية الوعاة 1/280، ونفح الطيب 3/303.‏

(17)-المتوفى سنة 756هـ، ينظر الدرر الكامنة 3/134.‏

(18)-المتوفى سنة 772هـ، ينظر الدرر الكامنة 2/463.‏

(19)-المتوفى سنة 749هـ، ينظر الدرر الكامنة 2/117.‏

(20)-المتوفى سنة 766هـ، ينظر الدرر الكامنة 2/372.‏

(21)-المتوفى سنة 756هـ، ينظر الدرر الكامنة 1/360.‏

(22)-المتوفى سنة 778هـ، ينظر الدرر الكامنة 5/61.‏

(23)-المتوفى سنة 741هـ، ينظر الدرر الكامنة 1/57.‏

(24)-بغية الوعاة 1/280.‏

(25)-بغية الوعاة 1/280، والدرر الكامنة 4/304.‏

(26)-ينظر نكت الهميان ص 283، والبحر المحيط 2/34.‏

(27)-ينظر نكت الهميان ص 281، وشذرات الذهب 6/145، ونفح الطيب 3/296.‏

(28)-ينظر بدائع الزهور 1/199-200.‏

(29)-البحر المحيط 3/377.‏

(30)-البحر المحيط 5/149.‏

(31)-ينظر نفح الطيب 3/321.‏

(32)-البحر المحيط 4/242، 14.‏

(33)-ينظر نفح الطيب 3/292، وشذرات الذهب 6/147، والدرر الكامنة 4/310.‏

(34)-ينظر طبقات الشافعية للأسنوي ص97.‏

(35)-ينظر غاية النهاية في طبقات القراء 2/286.‏

(36)-نفح الطيب 3/315.‏

(37)-ينظر نفح الطيب 3/207، وينظر المطبوع والمخطوط والمفقود منها في كتاب "أبو حيان النحوي" للدكتورة خديجة الحديثي ص101-259.‏

(38)-هذا الكتاب قيد الطباعة.‏

(39)-التثبيج: التخليط واضطراب الكلام.‏

(40)-الضَرَب: العسل الأبيض الغليظ.‏

(41)-انظر بغية الوعاة: 1/225.‏

(42)-التذييل والتكميل 1/5.‏

(43)-انظر المنصف 1/4.‏

(44)-الهمع: 1/55.‏

(45)-الهمع: 1/78.‏

(46)-انظر الكتاب 2/259.‏

(47)-انظر الكتاب 1/303.‏

(48)-الرسم: هو تعريف الشيء بصفاته العرضية اللازمة فيه.‏

(49)-الحد: هو تعريف الشيء بصفاته الذاتية.‏

(50)-انظر اللهجات العربية في التراث-د.علم الدين الجندي ص 149، 159.‏

(51)-المزهر 1/153.‏

(52)-سورة البقرة، الآية: 35.‏

(53)-البحر المحيط: 1/158.‏

(54)-انظر اللهجات العربية في التراث ص 156.‏

(55)-انظر البحر المحيط: 1/ 14.‏

(56)-سورة البقرة، الآية: 228.‏

(57)-سورة الزخرف، الآية: 80.‏

(58)-سورة البقرة، الآية: 54.‏

(59)-سورة فاطر، الآية: 43.‏

(60)-انظر البحر المحيط 1/206، 2/188.‏

(61)-سورة البقرة، الآية: 51.‏

(62)-انظر البحر المحيط: 1/199، 2/323، 3/88.‏

(63)-سورة الشرح، الآية: 1.‏

(64)-البحر المحيط 8/487، والارتشاف الورقة 284، والمحتسب 2/366.‏

(65)-انظر خزانة الأدب 1/9-12. والاقتراح للسيوطي ص 25، والتذييل والتكميل في شرح التسهيل (مخطوط) 5/169.‏

(66)-الارتشاف: 131.‏

(67)-سورة الشعراء، الآية: 50.‏

(68)-سورة سبأ: الآية: 51.‏

(69)-الارتشاف: 185.‏

(70)-الارتشاف: 182، والبحر المحيط: 7/16.‏

(71)-الارتشاف: 155.‏

(72)-الارتشاف 181، ومنهج السالك 177.‏

(73)-الارتشاف: 259.‏

(74)-الارتشاف 281، ومنهج السالك 306.‏

(75)-سورة البقرة، الآية: 96.‏

(76)-سورة الأنعام، الآية: 123.‏

(77)-الارتشاف 330، ومنهج السالك: 411.‏

(78)-الارتشاف 135، والتذييل والتكميل: 5/139.‏

(79)-الارتشاف 377، ومنهج السالك: 366.‏

(80)-انظر البحر المحيط 1/90-91. 3/280.‏

(81)-انظر منهج السالك ص 230.‏

(82)-الارتشاف: 133، والهمع: 1/79.‏

(83)-الارتشاف: 221، وينظر شرح التصريح 1/359.‏

(84)-الارتشاف: 123.‏

(85)-الارتشاف: 195.‏

(86)-الارتشاف: 106، والتذييل والتكميل: 5/195.‏

(87)-انظر التذييل والتكميل: 3/153.‏

(88)-الرد على النحاة: 85.‏

(89)-انظر الرد على النحاة: 151.‏

(90)-الرد على النحاة: 156.‏

(91)-انظر النحو العربي – لإبراهيم السامرائي: 98. 195، ومجلة مجمع اللغة بالقاهرة الجزء السابع ص 77.‏

(92)-منهج السالك: 230.

*** منقول