المصرفية الإسلامية بين الفكر المعياري والفكر الانطباعي
أحمد محمد نصار








يمكنك في فقه المعاملات أن تجد لكل شيء محرم فتوى بحله إذا اتبعت طريقة تشهي الآراء الفقهية هنا وهناك، وبشكل خاص الربا والفوائد المصرفية يمكنك أن تجد كثيراً من الفتاوى بحلها، لكنك في المقابل لا يمكنك أن تغير من قناعات الناس بالآراء المعيارية والمجمعية بسهولة حتى من يريد أن يتحايل عليها يلجأ إلى محاولة جعل رأيه أو قناعته في قالب جماعي.



المصرفية الإسلامية تعاني من كثرة التوجهات والآراء الانطباعية ونادرا ما تجدها تصدر بطرق حيادية أو محوكمة ولعلنا نستذكر هنا مصادر التشريع الإسلامي التي منها الإجماع لأن الأمة الإسلامية لا تجتمع على ضلال، لذلك من أراد أن يقوي كفاءته العلمية في تحصيل وتداول المعرفة في الصناعة المالية الإسلامية يجب أن تكون مصادره التي يبنى عليها هي القرارات والتوصيات والمعايير المالية الإسلامية الدولية التي تم إصدارها وفق منهجية مجمعية محوكمة.



وبخلاف ذلك سيشتت ذهنه ويشتت من ينقل إليه المعلومة، ويجب على المصرفي الإسلامي أن يعيش حياته معياريا أكثر ما يعيش انطباعيا وأن يأخذ زمناً طويلا في تداول مسائل الصناعة المالية الإسلامية قبل أن يبدأ بتكوين انطباعاته عن قضية ما.



ولا تبرر فلسفة القطاع الخاص مخالفة هذا التوجه لأنه حتى في القطاع الخاص تنبه أخيرا لأهمية هذه القضية بترويجه مبادئ الحوكمة أو الإدارة المؤسسية.



وهناك مؤسسات كثيرة تصدر معايير وقرارات خاصة بالصناعة المالية الإسلامية وهي على سبيل المثال لا الحصر مجمع الفقه الإسلامي الدولي وهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية ومجلس الخدمات المالية الإسلامية والبنك الإسلامي للتنمية ومركز الأبحاث الإحصائية والاقتصادية للدول الإسلامية ويمكن للمصرفي الإسلامي أيضا أن يدعم مخرجات هذه المنظمات بمثيلتها الفنية الأخرى مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي فهناك كثير من مخرجاتهم يمكننا من خلالها إثبات ما نعتقده صحيحا ونفي ما نعتقده خطأ.



أحمد محمد نصار




باحث في الاقتصاد والمصارف الإسلامية



منسق في المجموعة العالمية للباحثين في الاقتصاد والمصارف الإسلامية