تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 7 1234567 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 128

الموضوع: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)


    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة الأولى :



    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر

    قصة الزواج الأول



    بسم الله الرحمن الرحيم

    قال الله تعالى: ((يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)) (1).خلق الله سبحانه الناس من نفس واحدة هي آدم عليه السلام، وخلق من هذه النفس زوجها حواء عليه السلام، خلقها من ضلعه الأيسر من خلفه وهو نائم، فاستيقظ فرآها فأعجبته فأنس إليها، وأنست إليه، وهو قوله (وجعل منها زوجها ليسكن إليها) (2) أي يألفها ويسكن بها، وفي الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (استوصوا بالنساء خيراً، فإن المرأة خُلقت من ضلع...) (3) وفي الحديث إشارة إلى أن حواء خلقت من ضلع آدم عليه السلام. وأسكنهما الله تعالى الجنة في نعيم عظيم قال سبحانه (وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين) (4). وقال (فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى، إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى، وأنك لا تظمؤ فيها ولا تضحى،...) (5)، فأزلهما الشيطان فأخرجهما مما كانا فيه من النعيم والعيش الرغيد، ونزلا إلى الأرض، وأخرج الله منهما رجالاً كثيراً ونساء (6).

    الهوامش:
    (1) سورة النساء آية 1.
    (2) سورة الأعراف جزء من آية 189.
    (3) أخرجه البخاري ك بدء الخلق ح 3331-6/363 مع فتح الباري.
    (4) سورة البقرة آية 35. (5) سورة طه آية 118 و119.
    (6) انظر المصباح المنير في تهذيب تفسير ابن كثير ص271 و 855.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي


    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة الثانية :



    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر





    بسم الله الرحمن الرحيم


    الزواج سنة كونية


    إن من سنن الله تعالى الكونية أن جعل من كل شيء زوجين اثنين يكمل أحدهما الآخر ويسكن إليه، قال سبحانه: ((وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)) (1).

    فمن النباتات زوجين قال سبحانه: ((وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ)) (2) وقال: ((وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى)) (3).

    ومن البهائم زوجين قال سبحانه: ((وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ)) (4)، وقال: ((قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ)) (5).

    ومن الإنسان زوجين قال سبحانه: ((وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى)) (6) وقال: ((وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا)) (7).

    وجعله سبحانه من سنن الأنبياء والمرسلين خير الخلق أجمعين فقال سبحانه: ((وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً)) (8).

    وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم: (أربع من سنن المرسلين: الحياء، والتعطر، والنكاح، والسواك) (9)، وقد أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على من امتنع عن الزواج تعبداً ورهبانية، فقال: (أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر وأصلي، وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني) (10).

    لذا استحب العلماء للمتزوج أن ينوي بزواجه إصابة السنة وصيانة دينه وعرضه.

    فلا تخرج أخي / أختي عن سنن هذا الكون الواسع بالعزوف عن الزواج مع القدرة عليه وفقنا الله وإياك.



    الهوامش:

    (1) سورة الذاريات آية 49.

    (2) سورة الرعد آية 3.

    (3) سورة طه آية 53.

    (4) سورة الشورى آية 11.

    (5) سورة هود آية 40.

    (6) سورة النجم آية 45.

    (7) سورة فاطر آية 11.

    (8) سورة الرعد آية 38.

    (9) أخرجه الترمذي ك النكاح باب ما جاء في فضل التزويج ح 1086 -2/272، وسعيد بن منصور في سننه ك النكاح باب الترغيب في النكاح ح 503 – 1/141، وأحمد 5/421. والحديث ضعيف لضعف أحد رواته وهو الحجاج بن أرطاة وعنعته مع كونه مدلساً وجهالة أحد رواته، وللحديث شواهد لكنها ضعيفة، وقد ضعف الحديث الألباني رحمه الله في إرواء الغليل ح75-/116-199.

    (10) متفق عليه أخرجه البخاري ح 5063 – 9/104 مع فتح الباري، ومسلم 9/175 مع شرح النووي.






    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي


    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة الثالثة :

    أ. باسمة بدر الجابري

    بسم الله الرحمن الرحيم
    يا شباب هلموا إلى الزواج (1-8)
    1- عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" [أخرجه البخاري ح 5065 -9/112 مع فتح الباري، ومسلم ح 1400.].
    في هذا الحديث حث على النكاح وترغيب فيه؛ فهو سنة الأنبياء والمرسلين، وفي هذا الزمان رغب كثير من الشباب والفتيات عن النكاح استصغارا لشأنه واستهانة لفضلة.
    وفي خلال هذه السطور سنلقي الضوء على أحوال َالنَّاسُ فِي النِّكَاحِ وهم عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:
    الأول: منهم من يجب عليه النكاح؛ وهو مَنْ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ الْوُقُوعَ فِي مَحْظُورٍ إنْ تَرَكَ النِّكَاحَ، فَهَذَا يَلْزَمُهُ إعْفَافُ نَفْسِهِ، وَصَوْنُهَا عَنْ الْحَرَامِ، وَطَرِيقُهُ النِّكَاحُ. وهو قَوْلِ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ.
    الثَّانِي: مَنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ النكاح؛ وَهُوَ مَنْ لَهُ شَهْوَةٌ يَأْمَنُ مَعَهَا الْوُقُوعَ فِي مَحْظُورٍ، فَهَذَا الِاشْتِغَالُ لَهُ بِهِ أَوْلَى مِنْ التَّخَلِّي لِنَوَافِلِ الْعِبَادَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَفِعْلِهِمْ.
    قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ أَجَلِي إلَّا عَشْرَةُ أَيَّامٍ، وَأَعْلَمُ أَنِّي أَمُوتُ فِي آخِرِهَا يَوْمًا، وَلِي طَوْلُ النِّكَاحِ فِيهِنَّ، لَتَزَوَّجْت مَخَافَةَ الْفِتْنَةِ.
    وَقَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ: قَالَ لِي طَاوُسٌ: لَتَنْكِحْنَ، أَوْ لَأَقُولَنَّ لَك مَا قَالَ عُمَرُ لِأَبِي الزَّوَائِدِ: مَا يَمْنَعُك عَنْ النِّكَاحِ إلَّا عَجْزٌ أَوْ فُجُورٌ.
    وقَالَ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ: لَيْسَتْ الْعُزْبَةُ مِنْ أَمْرِ الْإِسْلَامِ، فِي شَيْءٍ.
    وَهَذَا حَثٌّ عَلَى النِّكَاحِ شَدِيدٌ، وَوَعِيدٌ عَلَى تَرْكِهِ يُقَرِّبُهُ إلَى الْوُجُوبِ.
    ومَصَالِحَ النِّكَاحِ كثيرة منها: تَحْصِينِ الدِّينِ، وَإِحْرَازِهِ، وَتَحْصِينِ الْمَرْأَةِ وَحِفْظِهَا، وَالْقِيَامِ بِهَا، وَإِيجَادِ النَّسْلِ، وَتَكْثِيرِ الْأُمَّةِ، وَتَحْقِيقِ مُبَاهَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَصَالِحِ.
    فبادري أخي وأختي بالقبول بالزوج الصالح؛ فالتأخير مخالفة للسنة، ومدعاة للوقوع في الحرام.
    الْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَنْ لَا شَهْوَةَ لَهُ، إمَّا لِأَنَّهُ لَمْ يُخْلَقْ لَهُ شَهْوَةٌ كَالْعِنِّينِ، أَوْ كَانَتْ لَهُ شَهْوَةٌ فَذَهَبَتْ بِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ، فَفِيهِ وَجْهَانِ:
    أَحَدُهُمَا: يُسْتَحَبُّ لَهُ النِّكَاحُ؛ لِعُمُومِ مَا ذَكَرْنَا. وَالثَّانِي: التَّخَلِّي لَهُ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحَصِّلُ مَصَالِحَ النِّكَاحِ، وَيَمْنَعُ زَوْجَتَهُ مِنْ التَّحْصِينِ بِغَيْرِهِ، وَيُضِرُّ بِهَا، وَيَحْبِسُهَا عَلَى نَفْسِهِ، وَيُعَرِّضُ نَفْسَهُ لِوَاجِبَاتٍ وَحُقُوقٍ لَعَلَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْقِيَامِ بِهَا، وَيَشْتَغِلُ عَنْ الْعِلْمِ وَالْعِبَادَةِ بِمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَالْأَخْبَارُ تُحْمَلُ عَلَى مَنْ لَهُ شَهْوَةٌ ؛ لِمَا فِيهَا مِنْ الْقَرَائِنِ الدَّالَّةِ عَلَيْهَا.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي

    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة الرابعة :

    أ. باسمة بدر الجابري

    بسم الله الرحمن الرحيم
    يا شباب هلموا إلى الزواج (2-8)





    الزواج حفظ للعرض







    2- عن جابر رضي الله عنه قال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى امرأة، فأتى امرأته زينب وهي تَمْعَسُ مَنِيئَة (1)، فقضى حاجته ثم خرج إلى أصحابه، فقال (إن المرأة تُقبل في صورة شيطان، وتدبر في صورة شيطان، فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله فإن ذلك يردّ ما في نفسه) (2).



    في الحديث بيان فضيلة الزواج في حفظ العرض وتحصيل الإحصان والتحلي بفضيلة



    العفاف عن الفواحش والآثام، وفيه إرشاد لمن رأى امرأة فوقعت في نفسه، أن يأتي



    أهله ؛ فإن ذلك كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم يردُّ ما في نفسه (3).



    وقد حثّ المصطفى صلى الله عليه وسلم الشباب على الزواج لمن وجد القدرة عليه، ورّغبهم فيه لما فيه



    من فضيلة الإحصان والإعفاف، وأرشد من لا يجد مؤونة الزواج بالصوم لأنه له وجاء؛ أي حصن من الوقوع في الآثام.



    فقال "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحفظ للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ".







    الهوامش:



    (1) أي تدلك الجلد الموضوع للدباغ



    (2) أخرجه مسلم ك النكاح باب ندب من رأى امرأة فوقعت في نفسه إلى أن يأتي امرأته (9/177).



    (3) شرح النووي 9/178





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    بارك الله في جهدك أخانا القاضل.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك المديني مشاهدة المشاركة
    بارك الله في جهدك أخانا القاضل.
    وفيكم بارك اخى الفاضل
    تقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي

    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة الخامسة :

    أ. باسمة بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم

    هلموا إلى الزواج (3-8)

    الزواج بوابة السعادة

    قال سبحانه : (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)(1).

    والآية صريحة في أن من أهداف الزواج حصول السكن النفسي والاستقرار نتيجة للألفة والرحمة التي تتحقق بين الزوجين . فقوله: (لِتَسْكُنُوا) أي تستأنسوا بها، (مَوَدَّةً) أي المحبة والرحمة (2).

    وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (الدنيا متاع ، وخير متاعها المرأة الصالحة)(3)

    فالمرأة سبب سعادة الرجل ، كما أن الرجل سبب سعادة المرأة ، لكن بشرط أن يكونا صالحين ، وإلا كان كل واحد منهما سبب لشقاء الآخر فعن سعد بن أبيوقاص قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( أربع من السعادة : المرأة الصالحة ، والمسكن الواسع ،

    والجار الصالح ، والمركب الهنيئ ، وأربع من الشقاء : الجار السوء ، والمرأة السوء، والمركب السوء ، والمسكن الضيق)(4)

    ولا يخفى سرور كل من الزوجين بالزواج ، واستمرار هذا السرور باستمرار صلاحهما وانقلاب الحياة الزوجية إلى شقاء بظهور السوء في أحدهما.






    (1) سورة الروم آية 21 .



    (2) انظر تفسير ابن زمنين 3/359 .



    (3) أخرجه مسلم ك الرضاع باب استحباب نكاح البكر 10/56 .



    (4) أخرجه ابن حبان ك النكاح ذكر الأخبار عن الأشياء التي هي من سعادة المرء في الدنيا ح 4021-6/135. وفي رواية ( ثلاثة ) دون ذكر الجار أخرجها أحمد 1/168 ، والبزار – انظر كشف الأستار ك النكاح باب في المرأة الصالحة ح 1412-2/156 – ، والطبراني في المعجم الكبير – مجمع البحرين ح329-1/146- قال الهيثمي في مجمع الزوائد 4/272 : رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير والأوسط ، ورجال أحمد رجال الصحيح .






    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  8. #8

    افتراضي

    جزاكم الله خيرا .

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي

    واياكم
    بارك الله فيكم ونفع بكم
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي



    (بناء البيت السعيد)

    الحلقة السادسة :

    أ. باسمة بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم



    هلموا إلى الزواج (4-8)




    الزواج طاعة لله تعالى




    عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج ... ) ، وعن أنس - رضي الله عنه - قال : جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - يسألون عن عبادة النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما أُخبروا كأنهم تقالّوها ، فقالوا: وأين نحن من النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، قال أحدهم : أما أنا فأنا أصلي الليل أبداً ، وقال آخر : أنا أصوم الدهر ولا أفطر ، وقال آخر : أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً ، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال: (أنتم الذين قلتم كذا وكذا ؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له ، لكني أصوم وأفطر ، وأصلي وأرقد ، وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني)(1)، وفي الحديث الأخير ردٌ على من ترك الزواج تعبداً ورهبانية ، وبيان أنه سنة من سنن المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ، ومن رغب عنه فقد رغب عن سنته - صلى الله عليه وسلم - .

    وبه يحصل الإعفاف والتحصين عن الحرام وهو من مقاصد الشريعة ، عن أبي ذر - رضي الله عنه - أن ناساً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قالوا : يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور ، يصلون كما نصلي ، ويصومون كما نصوم ، ويتصدقون بفضول أموالهم . قال (أو ليس قد جعل الله لكم ما تصدقون؛ إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة)، قالوا : يا رسول الله أ يأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟! قال (أ رأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر ، فكذلك إذا وضعها في حلال كان له أجرا)(2).


    قال النووي رحمه الله : (قال القاضي : يُحتمل تسميتها صدقة أن لها أجراً كما للصدقة أجر ، وأن هذه الطاعات تماثل الصدقات في الأجور ، وسماها صدقة على طريق المقابلة ، وتجنيس الكلام ، وقيل معناه أنها صدقة على نفسه والله أعلم)(3) .

    والزوجة الصالحة عون لزوجها على طاعة الله تعالى ، وكذا الزوج الصالح عون لزوجته على طاعة الله ؛ فعن ثوبان سأل الصحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لو علمنا أي المال خير فنتخذه ؟ فقال - صلى الله عليه وسلم - (أفضله لسان ذاكر وقلب شاكر وزوجة مؤمنة تعينه على إيمانه)(4)، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته ، فإن أبت نضح في وجهها الماء ، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها ، فإن أبى نضحت في وجهه الماء)(5).

    وباجتماعهما يكمل لكل منهما نصف دينه ، عن أنس - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه ، فليتق الله في الشطر الثاني)(6).

    فاظفر أخي / أختي بذات الدين وبذي الدين تربت يداكما .








    (1) أخرجه البخاري ك النكاح باب الترغيب في النكاح ح5063-9/104 مع الفتح ، ومسلم ك النكاح باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد مؤونة 9/175 مع شرح النووي .



    (2) أخرجه مسلم باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف ح 1006-2/697 .



    (3) انظر شرح النووي 7/91 .



    (4) أخرجه الترمذي ك التفسير تفسير سورة التوبة ح 5092-4/341 وقال: هذا حديث حسن سألت محمد بن إسماعيل فقلت له : سالم بن أبي الجعد سمع من ثوبان ؟ فقال : سمع من جابر بن عبد الله ، وأنس بن مالك ، وذكر غير واحد من أصحاب النبي -- ، وأخرجه أحمد 5/278 و282، وابن ماجه ك النكاح باب أفضل النساء ح 1856-1/596 .



    (5) أخرجه أبو داود ك الصلاة باب قيام الليل ح 1308-2/33 ، وابن ماجه ك إقامة الصلاة باب ما جاء فيمن أيقظ أهله من الليل ح 1336 -1/424 ، وابن خزيمة ك الصلاة باب فضل إيقاظ الرجل امرأته .. ح 148-2/183 ، وابن حبان ك الصلاة باب فضل إيقاظ المرء أهله لصلاة الليل .. ح2558-4/118 ، والحاكم ك صلاة التطوع 1/309 وقال : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي .



    (6) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط –انظر مجمع البحرين ك النكاح باب في المرأة الصالحة ح 2246-4/153 – والحاكم ك النكاح 2/161 وقال حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذؤهبي ، ومن طريقه أخرجه البيهقي في شعب الإيمان ح 5487-4/383 . والحديث حسن لغيره كما قال الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة ح 625- 2/199-202 . والله تعالى أعلم .



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي



    (بناء البيت السعيد)

    الحلقة السادسة :

    أ. باسمة بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم



    هلموا إلى الزواج (5-8)


    بوابة الرزق الحسن




    الزواج طريق للرزق الحلال الطيب ، قال سبحانه: (وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)(1). وهذا أمر بالتزويج ، والأيامى جمع أيِّم ، ويقال ذلك للمرأة التي لا زوج لها وللرجل الذي لا زوجة له، سواء كان تزوج ثم فارق أو لم يتزوج، قال ابن عباس : رغَّبهم الله في التزويج ، وأمر به الأحرار والعبيد ، ووعدهم عليه الغنى.
    وقال ابن مسعود : التمسوا الغنى في النكاح يقول الله تعالى: (إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ)(2).
    وعن أبي هريرة قال رسول الله (ثلاثة حق على الله عونهم : المجاهد في سبيل الله ، والمكاتب الذي يريد الأداء ، والناكح الذي يريد العفاف)(3).
    وفي قوله (حق على الله) تأكيد لهذا العون من الله تعالى ، وقوله: (الذي يريد العفاف) بيان أن عون الله تعالى متحقق لكل من أراد بالزواج التعفف وحفظ نفسه من الوقوع في الحرام.
    ومَن تأمل حال المتزوجين حوله وقارنه بما كان عليه حالهم من قبل وجد تصديق هذا الوعد من الله تعالى ؛ فبادر أخي / أختي إلى الزواج ولا يحول بينك وبينه ضيق اليد فالرزاق هو الله تعالى.




    (1) سورة النور آية 32 .

    (2) انظر تفسير ابن كثير- المصباح المنير في تهذيب تفسير ابن كثير ص940 و تفسير الطبري 19/166 .

    (3)
    أخرجه الترمذي ك فضائل الجهاد باب ما جاء في المجاهد والمكاتب والناكح وعون الله إياهم ح 1706-3/103 وقال : هذا حديث حسن ، والنسائي ك النكاح باب معونة الله الناكح الذي يريد العفاف ح 3218-6/61، وابن ماجه باب المكاتب ح 2518-2/841 ، وابن حبان ك النكاح ذكر معونة الله القاصد في نكاحه العفاف .. ح 4019-6/134 ، والحاكم ك النكاح 2/160 وقال : حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي وغيرهم .


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي




    (بناء البيت السعيد)

    الحلقة (8) :

    أ. باسمة بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم



    هلموا إلى الزواج (6-8)

    الزواج مفتاح لحياة جديدة
    بالزواج يستكمل كل من الزوجين خصائصه ؛ فيستكمل الرجل رجولته بالقوامة وتحمل المسؤولية ، وتستكمل المرأة أنوثتها بالتبعل لزوجها وحصولها على الأولاد ورعايتها لمملكتها . فكلاهما اتسعت دائرة اهتمامه وشغله ليشمل الآخر مع ما يحصل لهما من أولاد لكن كل منهما من وجه ، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : (ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده وهي مسؤولة عنهم، وعبد الرجل راع على مال سيده وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته)(1). ومسؤولية الرجل غير مسؤولية المرأة ؛ فللرجل القوامة وعليه النفقة والحفظقال سبحانه: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ )(2)، وللمرأة النفقة وعليها الرعاية وتشارك الرجل في التربية ، إضافة إلى ما يُتوجب على كل منهما من حسن العشرة ، عن ابن عباس قال : (.... ثم جاءته امرأة، فقالت: إني رسولة النساء، والله ما منهم امرأة علمت أو لم تعلم إلا وهي تهوى مخرجي إليك الله رب النساء والرجال وإلههن، وأنت رسول الله إلى الرجال والنساء؛ كتب الله الجهاد على الرجال، فإن أصابوا أجروا، وإن استشهدوا كانوا أحياء عند ربهم يرزقون، فما يعدل ذلك من النساء؟ قال (طاعتهن لأزواجهن والمعرفة بحقوقهم وقليل منكن تفعله)(3) .
    وبذلك يظهر أن الزواج حياة جديدة بأسلوب جديد بعضه حلو ، وبعضه مرّ وفي كله أجر وثواب لمن صبر واحتسب .



    (1) أخرجه البخاري ك الأحكام باب قوله تعالى: (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) (6/2611) ح 6719 ، ومسلم ك الإمارة باب فضيلة الإمام العادل، وعقوبة الجائر (3/1459) ح 1820.
    (2) سورة النساء آية 34 .

    (3) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه باب من نذر لينحر نفسه ح 15914-8/463 ، والطبراني في المعجم الكبير ح 2163-11/410 .







    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي




    (بناء البيت السعيد)

    الحلقة (9) :

    أ. باسمة بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم



    هلموا إلى الزواج (7-8)



    الحصول على زينة الحياة الدنيا


    الحصول على الأولاد الذين هم زينة الحياة الدنيا قال سبحانه: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً)(1)، وقال: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ)(2).
    وبالزواج ُيحفظ النسل ويتوالد النوع الإنساني ويتناسل جيلاً بعد جيل لتكوين المجتمع البشري وإقامة الشريعة وإعلاء الدين وعمارة الكون، قال سبحانه: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباًً)(3) وكثرة العدد قوة للأمة فلا فائدة في عتاد بلا عدد، وفيه تكثير لسواد أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ولذا قال عليه الصلاة والسلام: (تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم)(4).
    وعن أنس بن مالك قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر بالباءة وينهى عن التبتل نهياً شديداً، ويقول: (تزوجوا الودود الولود؛ فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة).





    (1) سورة الكهف آية 46.

    (2) سورة آل عمران آية 14.

    (3) سورة النساء آية 1.

    (4) أخرجه أبو داود ك النكاح باب النهي عن تزويج من لا تلد من النساء ح 2050 -2/227، والنسائي ك النكاح باب كراهية تزويج العقيم ح 3227-6/65، وابن حبان ك النكاح ذكر الزجر عن أن يتزوج المرء من النساء من لا تلد ح 4045-6/144، والحاكم ك النكاح باب تزوجوا الودود الولود 2/162 وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذه السياقة ووافقه الذهبي ، وغيرهم.فتح الباري 9/111، نيل الأوطار 6/105.








    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي




    (بناء البيت السعيد)

    الحلقة (10) :

    أ. باسمة بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم



    هلموا إلى الزواج (8-8)


    لتعارفوا



    بالزواج تقوم علاقات كثيرة من القرابات والأصهار مما يكون له الأثر الأكبر في الترابط والتناصر وتبادل المنافع . وقد تزوّج النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة وحفصة رضي الله عنهما ابنتي صاحبيه أبي بكر الصديق وعمر الفاروق، مما زاد أواصر الصداقة بينهم، وتزوج جويرية بنت الحارث رضي الله عنها بعد أن هزم قومها ووقعوا في أسر المسلمين، فكان من نتيجة هذا الزواج، أن فكّ المسلمون أسر من بأيديهم من قومها بلا فداء، قائلين أصهار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسرى بأيدينا ؟! وتزوّج صفية بنت حيي بعد أن انتصر على قومها من اليهود، وكان من نتيجة هذا الزواج أن خفّ كيد اليهود على المسلمين، وهكذا تزوجه عليه الصلاة والسلام ببقية زوجاته كان لكل منها هدف وحكمة.




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي




    (بناء البيت السعيد)

    الحلقة (11) :

    أ. باسمة بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم



    كيف تختار زوجتك





    الدين أولاً:

    عن أبي هريرة - رضي الله عنه -قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (تنكح المرأة لأربع خصال: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك)(1) في الحديث إخبار بما يفعل الناس في العادة، وأنهم يقصدون هذه الخصال الأربع، وآخرها عندهم ذات الدين.
    وفيه حث على اختيار ذات الدين سواء اجتمعت فيها بقيت الصفات أم لا(2) وتقديم ذات الدين على غيرها من النساء ولو كن أكثر جمالاً منها لأمور؛ منها أن ذات الدين أكثر حفظاً لنفسها ولمال زوجها فعن ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أربع من أعطيهن، فقد أُعطي خير الدنيا والآخرة قلباً شاكراً، ولساناً ذاكراً، وبدناً على البلاء صابراً، وزوجة لا تبغيه خَوْناً في نفسهاوماله)(3).
    ومنها أن ذات الدين حسنة التبعل لزوجها وتفعله تديناً، فعن أبي هريرة قال: قيل لرسول الله أي النساء خير؟ قال: (التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ومالها بما يكره)(4) ولفظ الطبراني (ما أفاد عبد بعد الإسلام خيراً له من زوج مؤمنة، إذا نظر إليها سرّته، وإذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله).




    ومنها أن ذات الدين عضو صالح في مجتمع زوجها؛ لأنها تعلم ما عليها من واجبات وما لها من حقوق فتلزم حدودها، وتراقب الله تعالى في أفعالها، ومنها أن ذات الدين تُقدِّر مسؤولياتها تجاه بيتها وزوجها وأولادها، فإن جمعت ذات الدين معه الجمال فهو خير على خير، وقد راعى الإسلام الحاجة النفسية إلى الشكل الذي ترتاح له النفس ولأجل ذلك شرع النظر إلى المخطوبة، لكن ليحذر الشاب من الجري وراء الجمال وإغفال الدين، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إياكم وخضراء الدمن) فقيل: يا رسول الله وما خضراء الدمن؟ قال: (المرأة الحسناء في المنبت السوء)(5). الودود الولود ثانياً: فتحبب المرأة لزوجها وتوددها إليه من الصفات المطلوبة، والتي ينبغي أن لا يغفلها الخاطب، وهذا مبني أيضاً على دين المرأة فكلما كانت أتقى لله عز وجل كانت أعرف بحق زوجها عليها، وأحرص على رضاه ما لم يكن فيه معصية لله تعالى، عن ابن عباس - رضي الله عنه - عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (خير نسائكم من أهل الجنة الودود الولود العوود على زوجها؛ التي إذا أذنبت أو آذت أتت زوجها حتى تضع يدها في كفه، فتقول: لا أذوق غمضاً حتى ترضى)(6).




    وكذلك أن تكون المرأة قادرة على الإنجاب بأن لا يكون فيها علة تمنع منه، عن معقل بن يسار قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: إني أصبت امرأة ذات حسب وجمال وإنها لا تلد، أفأتزوجها؟ قال: (لا) ثم أتاه الثانية فنهاه، ثم أتاه الثالثة، فقال: (تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم)(7).

    وبعد هذه الصفات تأتي بقية الصفات التي يطلبها الناس عادة؛ من الدراية بأمور البيت والدربة على التربية، والمهارة في التنظيم والتجمل... الخ.
    وإذا وفقك الله أخي القارئ لاختيار امرأة ما فصلِ ركعتين - صلاة الاستخارة – ففيها الخير الكثير.






    (1) أخرجه البخاري ك النكاح باب الأكفاء في الدين ح 5090-9/132 مع الفتح، ومسلم ك النكاح باب استحباب نكاح ذات الدين 10/51 مع شرح النووي.

    (2) انظر سبل السلام 3/238، شرح النووي لصحيح مسلم 10/52، فتح الباري 9/135.

    (3) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط ح 2249-4/155،156 – انظر مجمع البحرين – وفي المعجم الكبير ح 11275-11/109، والبيهقي في كتابه الآداب ح 1030 ص459، قال المنذري في الترغيب والترهيب ح 7-3/67: رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وإسناد أحدهما جيد، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 4/273: رواه الطبراني في الكبير والأوسط، ورجال الأوسط رجال الصحيح.

    (4) أخرجه النسائي ك النكاح باب أي النساء خير ح 3231-6/68، والحاكم ك النكاح باب أي النساء خير 2/161 وقال صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي، وأحمد 2/251، والطبراني في المعجم الأوسط ح 2136-3/71، وهو حسن الإسناد لأجل محمد بن عجلان.

    (5) أخرجه في مسند الشهاب ح 957-2/96.

    (6) أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب العيال ح493-2/682 قال: في إسناده خلف بن خليفة الأشجعي وهو صدوق . وحسّنه الألباني في صحيح الجامع ح 2604.

    (7) أخرجه أبو داود ك النكاح باب النهي عن تزويج من لا تلد من النساء ح 2050-2/227، والنسائي ك النكاح باب كراهية تزويج العقيم ح 3227-6/65، وابن حبان في صحيحه ك النكاح ذكر الزجر عن أن يتزوج المرء من النساء من لا تلد ح 4040 و 4045-6/144 نحوه، والحاكم ك النكاح باب تزوجوا الودود الولود 2/162 نحوه وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذه السياقة ووافقه الذهبي، والبيهقي ك النكاح باب استحباب التزوج بالودود الولود 7/81 نحوه. وإسناد أبي داود حسن لوجود راوٍ صدوق هو مستلم بن سعيد لكن يشهد له حديث أنس الآتي الصحيح وبه يرتقي إلى الصحيح لغيره. وانظر فتح الباري 9/111 و نيل الأوطار 6/105.








    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي




    (بناء البيت السعيد)

    الحلقة (12) :

    أ. باسمة بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم




    مَن الذي تقبلينه زوجاً






    كثيرٌ من الناس لا يقدرون قلق الفتاة عند خطبتها، والبعض منهم يطالب المرأة بالمغامرة والمخاطرة وقبول أي طارق، رغم أن المرأة أحق بالقلق من الرجل، فهي

    مقيمة في أسر الرجل ولهذ وصى بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال (ألا واستوصوا بالنساء خيراً، فإنما هن عوان عندكم)(1).





    ولما كان يصعب على المرأة الاطلاع على حقيقة حال الخاطب، أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وليها بالسؤال عن الخاطب والتحري عن خبره وحاله فإن كان صالحاً ذا خلق حسن فحيهلا وإلا فلا، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (إذا خطب إليكم مَن ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)(2). والمعنى إن لم تزوجوا من ترضون دينه وخلقه، وترغبوا في مجرد الحسب والجمال أو المال يكن فساد كبير ؛ لأنكم إن لم تزوجوها إلا من ذي مال أو جاه، ربما بقي أكثر نسائكم بلا أزواج، وأكثر رجالكم بلا نساء، فيكثر الافتتان، وربما يلحق الأولياء عار، ويترتب عليه قطع النسب وقلة الصلاح والعفة(3).

    والولي وغيره ممن يُستشار في الخاطب مؤتمنون، فلا يحق لأحد أن يكذب أو يماري أو يخفي سوءاً يعلمه في الخاطب، ولنا في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسوة حسنة فعن فاطمة بن قيس رضي الله عنها قالت: ذكرت له – أي للنبي صلى الله عليه وسلم – أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباني، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (أما جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، أنكحي أسامة بن زيد)، فكرهته ثم قال (أنكحي أسامة) فنكحته فجعل الله فيه خيراً واغتبطت)(4)، فالكلام في الخاطب وذكر ما فيه من عيب ليس من الغيبة المحرمة بل هو من النصيحة لئلا تقع المرأة في المشقة، وهذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُخلص النصيحة لفاطمة بنت قيس لما استشارته، فأخبر عن جهم أنه كثير الضرب، وعن معاوية أنه في غاية الفقر والفاقة، وأشار عليها بالزواج من أسامة لما علم من مصلحتها في ذلك، وكان كذلك، ولذا قالت (فجعل الله فيه) أي فقدّر في أسامة وصحبته خيراً كثيراً، واغتبطت أي به وصرت ذات غبطة بحيث اغتبطتني النساء لحظ كان لي منه(5).

    فالدين والخلق الحسن والقدرة المالية على النفقة كلها من الصفات المطلوبة المعتبرة في الرجل.
















    (1) أخرجه الترمذي ك النكاح باب ما جاء في حق المرأة على زوجها ح 1163-5/372 وقال: هذا حديث حسن صحيح، وأخرجه النسائي في سننه الكبرى باب ما جاء في حق المرأة على زوجها ح 9169-5/372. ومعنى عوان أي كالأسيرات أنظر النهاية في غريب الحديث والأثر 3/314، ومختار الصحاح 1/192.



    (2) أخرجه الترمذي ك النكاح باب ما جاء إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه ح 1084، 1085، وابن ماجه ك النكاح باب الأكفاء ح 1967، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي ح 865.



    (3) انظر تحفة الأحوذي 4/172، وشرح سنن ابن ماجه 1/141.



    (4) أخرجه مسلم ك النكاح ح 1479-2/1114



    (5) انظر مرقاة المفاتيح 5/445، سبل السلام 4/194.








    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي




    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة (13) :

    أ. باسمة بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم




    لا تتبتلوا


    عن سعد بن أبي وقاص- رضي الله عنه- قال: (ردّ رسول الله صلى اللهعليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتل، ولو أذن له، لاختصينا). رواه البخاري ومسلم.(1)
    قال الطبري(2): التبتل الذي أراده عثمان بن مظعون؛ تحريم النساء والطيب وكل ما يتلذَّذُ به فلهذا أنزل في حقه: (يَا أَيُّهَا الَّذِين آمَنُوا لاَتُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لاَيُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) المائدة: 87.
    إن منهج التبتل والانقطاع للعبادة والابتعاد عن المشاركة في عمران الأرض وعن الانتفاع بما خلق الله تعالى فيها من الطيبات والخيرات هو منهج يرفضه الإسلام ويأباه، بل إن الإسلام يعتبر ذلك هروباً من حمل الأمانة التي طلب الإنسان أن يحملها دون بقية مخلوقات الله تعالى.
    ورغم نهي الإسلام عن سلوك هذا الطريق-العزوف عن الزواج- نجد كثير من المسلمين اليوم من يسير عليه ويدعو إليه لأسباب مختلفة دينية(زعموا) أو دنيوية.
    وقد حذر السلف الصالح رحمهم الله من هذه الطريقة قال عمر بن الخطاب لأبي الزوائد‏:‏ إنما يمنعك من التزويج عجز أو فجور، أخرجه ابن أبي شيبة وغيره.(3)


    وإذا كان سبب العزوف ظروف المعيشة القاسية وقلة ذات اليد فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول:ثلاث حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف. رواه الترمذي.(4)
    وقال أبو بكر الصديق- رضي الله عنه-: (أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح، ينجز لكم ما وعدكم من الغنى).(5)
    وأما إذا كان السبب الهروب من تحمل المسؤولية وأعباء أسرة-من رعاية ونفقة وتربية- فهذا إهمال لأوامر الشرع، ومخالفة لسنة الأنبياء والمرسلين الذين أمرنا الله بإتباعهم والإقتداء بهم، كما أنه تضيِّيع لأجر عظيم؛ فبالزواج يكسب الفرد الأجر والثواب الجسيم قال عليه الصلاة والسلام: (إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في امرأتك) متفق عليه.(6)
    فبادر أخي المسلم وأختي المسلمة إلى الزواج مادام في العمر بقية امتثالا لأمر الله تعالى وطمعاً بما عنده، قال ابن مسعود: لو لم يبق من أجلي إلا عشرة أيام وأعلم أني أموت في آخرها يوماً ولي طول النكاح فيهن لتزوجت مخافة الفتنة.


    (1) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب: النكاح، باب: ما يكره من التبتل والخصاء، رقم: 4786، ج: 5/1952. ومسلم في صحيحه، كتاب: النكاح، باب: استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد مؤنه واشْتغال من عجز عن المؤن بالصوم، رقم: 1402، ج:2/1020.
    (2) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، تأليف: أبي جعفر محمد بن جرير الطبري(7/12).
    (3) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه، كتاب النكاح، في التزويج من كان يأمر به ويحث عليه، رقم: 15910، ج3/453. وعبد الرزاق في مصنفه، كتاب: النكاح، باب: وجوب النكاح وفضله، رقم: 10384، ج6/170. وسعيد بن منصور في سننه، كتاب: الوصايا، باب: الترغيب في النكاح، رقم: 491، ج1/164.
    (4) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، رقم: 7410، ج 2/251. والترمذي في سننه، كتاب: فضائل الجهاد، باب: بَاب ما جاء في الْمُجَاهِدِ وَالنَّاكِحِ وَالْمُكَاتَبِ وَعَوْنِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ، رقم: 1655، ج 4/184، وقال: هذا حديث حسن، وابن حبان في صحيحه، كتاب: النكاح، ذكر معونة الله جل وعلا القاصد في نكاحه العفاف والناوي في كتابته الأداء، رقم: 4030، ج 9/339، والحاكم في المستدرك، كتاب: النكاح، رقم: 2678، ج 2/174، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وابن ماجه في سننه، كتاب: العتق، باب: المكاتب، رقم: 2518، ج 2/841. والبيهقي في السنن الكبرى، كتاب: النكاح، باب: رغبة في النكاح، رقم: 13234، ج 7/78. وعبد الرزاق في مصنفه، كتاب: الجهاد، باب: فضل الجهاد، رقم: 9542، ج 5/259.
    (5) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ج 8/2582، رقم: 14449.
    (6) أخرجه البخاري، كتاب الإيمان، باب:ما جاء أن الأعمال بالنية، وقم: 56، ج1/30. ومسلم، كتاب الوصية، باب: الوصية بالثلث، رقم: 1628، ج3/1251.




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي



    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة (14) :

    أ. باسمة بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم



    لا إجبار على النكاح





    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا البكر حتى تستأذن). قالوا: يا رسول الله، وكيف إذنها؟ قال: (أن تسكت) رواه الجماعة.
    وعن عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله: تستأمر النساء في أبضاعهن، قال: (نعم)، قلت: إن البكر تستأذن وتستحي. قال: (إذنها صماتها). (رواه البخاري ومسلم).
    وهذه الأدلة نص في أنه لا سبيل على المرأة بإجبار في النكاح ثيباً كانت أو بكراً، وأن الفرق بينهما إنما هو الفرق في صورة الإذن فالثيب -عادة- لا تستحي من الكلام في الزواج، ولذلك فهي تخطب إلى نفسها أو ترضى وتأمر وليها بولاية عقد نكاحها ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (تستأمر) أي يطلب أمرها.




    وأما البكر فالغالب عليها الحياء ولذلك تخطب من وليها والولي يستأذنها، فإن أذنت بمقال أو بسكوت يدل على الرضا تزوجت وإلا فلا.
    وهذا من محاسن الشريعة الإسلامية حيث أن البيوت المسلمة التي بُنيت على أساس الرضا والرغبة غالبا ما تكون أكثر استقرارا وطمأنينة؛ لأن كل طرف أقبل على الآخر عن اقتناع ورغبة.
    وإن المرأة إذا زُوِّجت بدون رضاها فإن العقد باطل، لأنه عقد محرم، فلا يمكن تصحيحه، وهذا مذهب الشافعية والحنابلة، ومذهب الحنفية، وهو رواية عن الإمام أحمد: أن العقد موقوف على إجازة المرأة ، فإن أجازته صح، وإلا فلها الفسخ (1).
    ولقد خالف في هذا الحكم بعض الفقهاء-رحمهم الله- واستدلوا بتفريق النبي صلى الله عليه وسلم بين البكر والثيب في الإذن، وقالوا: إنه يجوز إجبار البكر على الزواج(2)، وهذا خطأ لأن التفريق إنما هو في بيان صورة الرضا والإذن فقط.
    ويدل على خطأ القول بإجبار البكر ما رواه ابن عباس أن جارية بكراً أتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم. (رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة والدار قطني).




    وأخرج النسائي في سننه عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: إن فتاة دخلت عليها فقالت: إن أبي زوجني ابن أخيه ليرفع بي خسيسته وأنا كارهة، فقالت عائشة: اجلسي حتى يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فأرسل إلى أبيها فدعاه فجعل الأمر إليها، فقالت: يا رسول الله: قد أجزت ما صنع أبي، ولكني أردت أن أعلم النساء.
    قال شيخ الإسلام المرأة لا ينبغي لأحد إن يزوجها إلا بإذنها كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم فإن كرهت ذلك لم تجبر على النكاح إلا الصغيرة البكر، فإن أباها يزوجها ولا إذن لها، وأما البالغ الثيب فلا يجوز تزويجها بغير إذنها لا للأب ولا لغيره بإجماع المسلمين، وكذلك البكر البالغ، ليس لغير الأب والجد تزويجها بدون إذنها بإجماع المسلمين(3) أ.هـ





    (1) انظر المغني 7 / 364 ، فتح الباري 9 / 194؛ البحر الرائق شرح كنز الدقائق > كتاب النكاح.


    (2) التاج والإكليل لمختصر خليل كتاب النكاح؛ والأم للشافعي(5/29)

    (3) " مجموع الفتاوى " ( 32/39-40)








    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي



    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة (15) :

    أ. باسمة بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم



    لا تجبر... ولو كان الأفضل

    عن ابن عمر قال: توفي عثمان بن مظعون وترك ابنة له من خولة بنت حكيم بن أمية حارثة، وأوصى إلى أخيه قدامة بن مظعون، قال عبد الله: وهما خالاي. فخطبت إلى قدامة بن مظعون ابنة عثمان بن مظعون فزوجنيها، ودخل المغيرة بن شعبة يعني إلى أمها فأرغبها في المال، فحطت إليه، وحطت الجارية إلى هوى أمها، فأبتا، حتى ارتفع أمرهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال قدامة بن مظعون يا رسول الله: ابنة أخي أوصى بها إلي فزوجتها ابن عمتها، فلم أقصر بها في الصلاح، ولا في الكفاءة، ولكنها امرأة وإنما حطت إلى هوى أمها. قال: فقال رسول الله: (هي يتيمة ولا تنكح إلا بإذنها). قال فانتزعت والله مني بعد أن ملكتها فزوجوها المغيرة بن شعبة. رواه أحمد والدارقطني


    أيها الأولياء... إن إكراه الفتاة بمن لا ترضاه زوجاً سبب في بناء أسرة متفككة الروابط، مثقلة بالمشاكل عبئ على المجتمع المسلم.




    وقضية الميل للطرف الآخر والرضا به قاعدة أساسية لبناء البيت المسلم وثباته بإذن الله تعالى، كما أنها قضية أقرها الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال: الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف.أخرجه مسلم.

    قال النووي رحمه الله في شرحه لصحيح مسلم : قوله صلى الله عليه وسلم: (الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف) قال العلماء: معناه جموع مجتمعة، أو أنواع مختلفة. وأما تعارفها فهو لأمر جعلها الله عليه، وقيل: إنها موافقة صفاتها التي جعلها الله عليها، وتناسبها في شيمها.

    وقيل: لأنها خلقت مجتمعة، ثم فرقت في أجسادها، فمن وافق بشيمه ألِفه، ومن باعده نافره وخالفه . أهـ

    فالمال والجاه وغيرها من مقومات الزوج الصالح الني تراها في الخاطب وترفضه الفتاة لأنها لا تجده الزوج الذي ستسكن إليه وتستقر نفسها معه كل ذلك أمور لا ينكرها الشارع الحكيم يقول الله عز وجل: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَمِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا) الأعراف: 189.


    فالزواج سكن.. ومودة.. وألفة.. واستقرار.. تلوح تباشيره عند أنفاسه الأولى فلا تتجاهلوها..







    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,462

    افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)



    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة (16) :

    أ. باسمة بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم





    مشكلة اختيار الزوجة




    قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك) أخرجه البخاري.

    الحياة الزوجية ليست ميدان مجازفة ولا حقل تجارب، ولا يلام الرجل إذا أطنب في البحث عن شريكة حياته وأم أبنائه وحصن بيته.

    وإذا أمعنا النظر في قضايا المشاكل الزوجية اليوم وجدنا أن جلها ناجم عن التسرع في اختيار الزوجة دون بحث وتدقيق وأسس اختيار صحيحة.

    فالبعض يجعل أساس الاختيار الجمال، والبعض الآخر الجاه ومال، أو الحسب والنسب والمناصب إلى غير ذلك.

    والبيوت التي تبنى على أسس اقتصادية، أو مطامع شخصية، أو على مظاهر شكلية ..توشك أن تزول وتنتهي.





    وقد ذكر رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ مرغباتِ الزواج من المرأة عادةً فقرر أنها أربعة: وهي المال والحسب والجمال والدين.

    وحضَّ على أن يكون المقياس المرغِّب في الزواج هو الدين وهو الحق الذي يعضده حال كثير من الأسر التي أولت هذا الجانب حقه من الاهتمام فهي تنعم في الاستقرار الأسري والحياة السعيدة، بينما بعض الأسر تعصف بها رياح الفتن والنزاعات لأنها أهملت جانب الدين قبل بنائها.

    وكون النبي صلى الله عليه وسلم يجعل الدين الأساس في الاختيار لا يعني ذلك تجاهله عن الفطرة البشرية التي يسرها الجمال.

    يقول الغزالي - رحمه الله: وقال صلى الله عليه وسلم: (لا تنكح المرأة لجمالها فلعل جمالها يرديها ولا لمالهافلعل مالها يطغيها وانكح المرأة لدينها) وإنما بالغ في الحث على الدين لأن مثل هذه المرأة تكون عوناً على الدين فأما إذا لم تكن متدينة كانت شاغلة عن الدين ومشوشة له‏.‏





    إلى أن قال: وما نقلناه من الحث على الدين وأن المرأة لا تنكح لجمالها ليس زاجر عن رعاية الجمال بل هو زجر عن النكاح لأجل الجمال المحض مع الفساد في الدين فإن الجمال وحده في غالب الأمر يرغب في النكاح ويهون أمر الدين.(1)

    فاحرص يا أخي على الفتاة الصالحة؛ فهي زوجة بارة وأم حنون تحفظ العرض وتنشأ ذرية صالحة تنعم ببركتها في حياتك وبعد مماتك.









    (1) أحياء علوم الدين للغزالي. كتاب آداب النكاح.








    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •