تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 4 من 7 الأولىالأولى 1234567 الأخيرةالأخيرة
النتائج 61 إلى 80 من 128

الموضوع: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)

  1. #61
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,459

    افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)



    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة (56) :

    د. إلهام بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم



    طــلاق فاقد العقل (10-12)




    مسألــة طلاق الغاضب(1) :

    قسّم بعض العلماء الغضب إلى ثلاثة أقسام :

    الأول : أن يكون الغضب في أول أمره فلا يُغير عقل الغضبان بحيث يقصد ما يقوله ويعلمه ، فالغضبان بهذا المعنى يقع طلاقه وتنفذ عباراته باتفاق .
    الثاني : أن يكون الغضب في نهايته بحيث يغيّر عقل صاحبه ويجعله كالمجنون الذي لا يقصد ما يقول ولا يعلمه ولا ريب في أن الغضبان بهذا المعنى لا يقع طلاقه لأنه هو والمجنون سواء .

    الثالث : أن يكون الغضب وسطاً بين الحالتين بأن يشتدّ بصاحبه ولا يبلغ به زوال عقله بل يمنعه من التثبت والتروي ويخرجه عن حال اعتداله ، ولكنه لا يكون كالمجنون الذي لا يقصد ما يقول ولا يعلمه ، وهذا القسم وقع فيه الخلاف بين العلماء على قولين هما :


    القول الأول: قول الجمهور(1)وهو أن طلاق الغضبان يقع ، ولو لم نقُل به لم يقع على أحد طلاق لأنه لا يطلق أحدٌ حتى يغضب .
    القول الثاني: أحد القولين من مذهب أحمد ، ورأي شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم أن طلاق الغضبان لا يقع لأن الغضبان لا قصد له ، وقياساً على طلاق المكره فإنه لا يقع ، وعلى لغو اليمين فإنه لا ينعقد ، قال الله تعالى (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيم)(2)
    وحديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (لاَ طَلاَقَ وَلاَ عَتَاقَ فِي غَلاَقٍ)((3)) قَالَ أَبُو دَاوُدَ: الْغِلاَقُ أَظُنُّهُ في الْغَضَبِ. وكذا فسّره الشافعي والقاضي إسماعيل وأحمد ومن قبلهم مسروق (44
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وحقيقةُ الإغلاق: أن يُغلق على الرجل قلبُه، فلا يقصِدُ الكلام، أو لا يعلم به، كأنه انغلق عليه قصدُه وإرادتُه(5)
    وهو من أحسن التفسير ؛ لأن الغضبان غلق عليه باب القصد بشدة غضبه وهو كالمكره بل الغضبان أولى بالإغلاق من المكره لأن المكره قد قصد رفع الشر الكثير بالشر القليل الذي هو دونه فهو قاصد حقيقة ومن هنا أوقع عليه الطلاق من أوقعه .
    وقال الطحاوي :أن الإغلاق هو الإطباق على الشيء ، فاحتمل بذلك عندنا أن يكون في هذا الحديث أريد به الإجبار الذي يغلق على المعتق وعلى المطلق حتى يكون منه العتاق والطلاق على غير اختيار منه لهما (6)
    لكن قال أبو بكر: سألت أبا محمد وابن دريد وأبا عبد الله وأبا طاهر النحويين عن قوله لا طلاق ولا عتاق في إغلاق قالوا : يريد الإكراه لأنه إذا أُكره انغلق عليه رأيه .
    وكذا فسّره علماء الغريب بالإكراه كابن الجوزي(7) وابن الأثير(8)وغيرهم .
    وعلى كل حال إما تكون دلالة الحديث عند أصحاب هذا القول على عدم وقوع طلاق الغاضب مباشرة أو بالقياس على المكره .
    الراجح والله أعلم :
    وقوع طلاق الغاضب الذي لا يبلغ به الغضب زوال عقله بل يمنعه من التثبت والتروي ؛ لأن الطلاق لا يقع غالباً إلا في هذا الحال ، وقياساً على الهازل الذي يقصد اللفظ ولا يرض به ويقع طلاقه ، والغاضب أولى .






    (1) انظر : إعانة الطالبين 4/5 ، حاشية الروض المربع 6/490 ، الإقناع في فقه الإمام أحمد 4/3 .
    (2) سورة البقرة آية 225 .
    (3) أخرجه أبو داود باب الطلاق على غيظ ح2195-2/224 وقال الألباني : حسن ، وابن ماجه باب طلاق المكره والناسي ح2046-1/660 ، قال الألباني:حسن ، والدارقطني في سننه ك الطلاق ح98-4/36 ، وأخرجه أحمد ح26405-6/276 ، وأبو يعلى في مسنده ح4444-7/421 ، والحاكم ك الطلاق ح2802-2/216 وقال: حديث صحيح على شرط مسلم ،قال الذهبي: ومحمد بن عبيد لم يحتج به مسلم وقال أبو حاتم ضعيف .
    (4) انظر عون المعبود 6/187 . زاد المعاد 5/214 ، إعلام الموقعين 3/52،53 .
    (5)نقله عنه تلميذه ابن القيم في زاد المعاد 5/215 .
    (6)مشكل الآثار 2/151 .
    (7)غريب الحديث 2/161 .
    (8)النهاية في غريب الحديث 3/716 .


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #62
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,459

    افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)



    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة (57) :

    د. إلهام بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم



    طــلاق فاقد العقل (11-12)





    مسألـة طلاق الهازل(1):


    وصورة الهزل أن يلاعبها بالطلاق بأن تقول في معرض الدلال والاستهزاء: طلقني . فقال: طلقتك . فتطلق ؛ لأنه خاطبها قاصدا ًمختاراً .
    لحديث ( ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالرَّجْعَة )(2)

    مسألـة طلاق المكره(3) :
    جمهور العلماء أن المكره على الطلاق بغير حق لا يقع طلاقه ، واستدلوا بما يلي:
    لحديث ( إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ) (4) .
    ولحديث (لاَ طَلاَقَ وَلاَ عَتَاقَ فِي غَلاَقٍ) وقد فسر الإغلاق بالإكراه .
    ولأنه قول حمل عليه بغير حق فلم يصح كالمسلم إذا أُكره على كلمة الكفر.

    ولا يصير مكرهاً إلا بثلاثة شروط :
    (أحدها) أن يكون المكره قاهراً له لا يقدر على دفعه
    (والثاني) أن يغلب على ظنه أن الذي يخافه من جهته يقع به
    (والثالث) أن يكون ما يهدّده به مما يلحقه ضرر به كالقتل والقطع والضرب المبرح والحبس الطويل ونحوه.
    وأما الضرب القليل في حق من لا يبالي به أو أخذ القليل من المال أو الحبس القليل فليس بإكراه.
    وأما المكره بحق كالمولي إذا أكرهه الحاكم على الطلاق وقع طلاقه.




    خلافاً للحنفية الذين يقولون بوقوع طلاق المكره قياساً على الهازل كما في حديث ( ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ )
    فالمكره مختار في التكلم اختياراً كاملاً إلا أنه غير راض بالحكم ، وقد عرف الشرَّين فأختار أهونهما عليه . والهازل كذلك مختار في الكلام غير راضٍ به .
    وأجابوا عن حديث (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) أنه من باب المقتضى ولا عموم له فلا يجوز تقدير الحكم الشامل لحكم الدنيا والآخرة ؛ بل إما حكم الدنيا وإما حكم الآخرة وقد انعقد الإجماع على أن المراد بالحديث المؤاخذة في الآخرة ، فلا يراد الآخر معه وهو المؤاخذة في الدنيا وإلا يلزم عمومه ، ولا يقول به أحد .
    وأجابوا عن قياس المكره في الطلاق على المكره على الكفر ؛ بأن الردة تنبني على الاعتقاد وهو التكلم بخبر عن اعتقاده وقيام السيف على رأسه دليل ظاهر على أنه غير معتقد وأنه في إخباره كاذب . بخلاف المكره على الطلاق فهو مختار له قاصداً .

    الراجح والله أعلم :
    عدم وقوع طلاق المكره ، قال ابن القيم رحمه الله :[ والفرق بينه وبين الهازل ؛ أن الهازل قاصد للفظ غير مريد لحكمه، وذلك ليس إليه، فإنما إلى المكلف الأسباب، وأما ترتب مسبباتها وأحكامها، فهو إلى الشارع قصده المكلف أو لم يقصده، والعبرة بقصده السبب اختياراً في حال عقله وتكليفه، فإذا قصده، رتّب الشارع عليه حكمه جدَّ به أو هزل، وهذا بخلاف النائم والمبرسم، والمجنون والسكران وزائل العقل، فإنهم ليس لهم قصد صحيح، وليسوا مكلفين، فألفاظهم لغو بمنزلة ألفاظ الطفل الذي لا يعقل معناها، ولا يقصده.
    وسر المسألة الفرق بين من قصد اللفظ، وهو عالم به ولم يرد حكمه، وبين من لم يقصد اللفظ ولم يعلم معناه، فالمراتب التي اعتبرها الشارع أربعة.
    إحداها: أن يقصد الحكم ولا يتلفظ به.
    الثانية: أن لا يقصد اللفظ ولا حكمه.
    الثالثة : أن يقصد اللفظ دون حكمه.
    الرابعة : أن يقصد اللفظ والحكم. فالأوليان لغو، والآخرتان معتبرتان. هذا الذي أستفيد من مجموع نصوصه وأحكامه، وعلى هذا فكلام المكره كله لغو لا عبرة به.
    وقد دل القرآن على أن من أكره على التكلم بكلمة الكفر لا يكفر، ومن أكره على الإسلام لا يصير به مسلماً، ودلَّت السنة على أن الله سبحانه تجاوز عن المكره، فلم يؤاخذه بما أكره عليه، وهذا يراد به كلامه قطعاً، وأما أفعاله، ففيها تفصيل، فما أبيح منها بالإكراه فهو متجاوز عنه، كالأكل في نهار رمضان، والعمل في الصلاة، ولبس المخيط في الإحرام ونحو ذلك، وما لا يباح بالإكراه، فهو مؤاخذ به، كقتل المعصوم، وإتلاف ماله .
    والفرق بين الأقوال والأفعال في الإكراه ؛ أن الأفعال إذا وقعت، لم ترتفع مفسدتها، بل مفسدتها معها بخلاف الأقوال، فإنها يمكن إلغاؤها. وجعلها بمنزلة أقوال النائم والمجنون، فمفسدة الفعل الذي لا يباح بالإكراه ثابتة بخلاف مفسدة القول، فإنها إنما تثبت إذا كان قائله عالماً به مختاراً له ] (5).



    (1) انظر : البحر الرائق 3/263 ، المبسوط 24/106 ، المجموع شرح المهذب 17/100 ، إعانة الطالبين 4/5 ، روضة الطالبين 8/54 ، حاشية الروض المربع 6/490 .
    (2) أخرجه أبو داود باب الطلاق على الهزل ح2196-2/225 وحسنه الألباني ، والترمذي باب الجد والهزل في الطلاق ح1184-3/490 وقال: هذا حديث حسن غريب والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي e وغيرهم ، وابن ماجة باب من طلق أو نكح أو راجع لاعباً ح2039-1/658 ، والدارقطني باب المهر ح45-3/256 ، وحسنه الألباني في إرواء الغليل ح1826-6/224.
    (3) انظر : البحر الرائق 3/264 ، تبيين الحقائق 2/195 ، شرح فتح القدير 3/488 ، حاشية إعانة الطالبين 4/9 ، المجموع شرح المهذب 17/65

    ، حاشية الروض المربع 6/489 ، الإقناع في فقه الإمام أحمد 4/4 .
    (4) أخرجه ابن حبان في صحيحه باب فضل الأمة ح7219-16/202 قال شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط البخاري ، وابن ماجة باب طلاق المكره والناسي ح2045-1/659 ، والدارقطني ك النذور ح33-4/170 ، وصححه الألباني في مختصر إرواء الغليل ح82-1/17 .
    (5) انظر زاد المعاد 5/206 باختصار يسير .






    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #63
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,459

    افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)



    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة (58) :

    د. إلهام بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم



    طــلاق فاقد العقل (12-12)








    مسألــــة


    إذا طلقها طلقة بائنة ثم تزوجها هل يستأنف الطلقات الثلاث أم يبني على ما سبق من الطلاق(1)

    للمسألة حالتان :

    الحالة الأولى إن كان طلقها طلاقاً بائناً بينونة صغرى ثم تزوجها فإنها ترجع إليه على ما بقي من طلاقها بغير خلاف .

    أما إن تزوجت آخر ودخل بها ثم طلقها أو مات عنها فتزوجت الأول ، فهل تعود إليه على ما بقي من الطلقات أم يستأنف الطلاق من جديد ؟ خلاف بين العلماء على قولين هما :

    القول الأول : قول الأكابر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كعمر وعلي وأبي بن كعب وعمران بن

    الحصين وأبي هريرة وغيرهم رضي الله عنهم ، وأهل الحديث وفيهم مالك والشافعي وأحمد أنها تعود إليه على ما بقي من الطلقات ، واستدلوا بما ذكر ابنُ المبارك، عن عثمانَ بنِ مِقْسَمٍ، أنه أخبره، أنه سمع نُبَيْهَ بنَ وهب، يُحدِّث عن رجل من قومه، عن رجل من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أن رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى في المرأة يُطلِّقُها زوجُها دونَ الثلاث، ثم يرتجِعُها بعد زوج أنها على ما بقي من الطلاق(2).

    وقالوا : لما كانت إصابة الثاني شرطاً في حِلِّ المطلقة ثلاثاً للأول لم يكن بُدٌّ مِن هدمها وإعادتها على طلاق جديدٍ، وأما مَنْ طُلِّقَت دونَ الثلاث،فلم تُصادِف إصابة الثاني فيها تحريماً يُزيلُه، ولا هي شرطٌ في الحِلِّ للأول، فلم تَهْدِمْ شيئاً، فوجودُها كعدمها بالنسبة إلى الأول، وإحلالها له، فعادت على ما بقي كما لو لم يُصبها، فإن إصابتَه لا أثر لها البتة، ولا نكاحه.



    القول الثاني : أنها تعود على الثلاث نكاح جديد وطلاق جديد وهو قول ابنُ عمر،

    وابنُ عباس، رضي الله عنهم وأبو حنيفة، فإن الزَّوج الثاني إذا هَدَمَتْ إصابتُه الثلاثَ، وأعادتها إلى الأول بطلاقٍ جديدٍ، فما دُونها أولى .








    الحالة الثانية : إذا طلّق الرجل زوجته طلاقاً بائناً بينونة كبرى ، فتزوجت آخر ودخل بها ثم طلقها أو مات عنها ، فتزوجت الأول ، فإنها تعود إليه على الثلاث الطلقات من جديد بغير خلاف











    )1) انظر : شرح فتح القدير 4/184 ، المدونة 2/75 ، الاستذكار 6/200 ، زاد المعاد 5/279 .

    (2) قال ابن القيم وهذا الأثر وإن كان فيه ضعيف ومجهول فعليه أكابر الصحابة .


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  4. #64
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,459

    افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)



    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة (59) :

    د. إلهام بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم

    الإيــلاء(1)(1-5)






    العلاقة بين الطلاق والإيلاء:

    التحريمات التي تنفذ من الزوج بحكم ملك النكاح أربعة أنواع : الطلاق ، والإيلاء ، واللعان ، والظهار .

    فيبدأ بالطلاق لأنه الأصل والمباح للزوج في وقته .

    ثم أدنى درجة منه في الإباحة الإيلاء ، لأنه من حيث إنه يمين مشروع، ولكن فيه معنى الظلم فيحرم، وسببه سبب الطلاق الرجعي وهو عدم الموافقة ، وهما متشابهان في أن الإبانة فيهما مؤقتة إلى وقت، لكن من الناس من يختار الطلاق الرجعي؛ لأن التدارك فيه لا يستعقب مكروهاً .

    ومنهم من يختار الإيلاء لما أن التدارك فيه غير متضمن نقصان عدد الطلاق ، بخلاف الطلاق الرجعي .

    قال قتادة: كان الإيلاء طلاقاً لأهل الجاهلية، وقال سعيد بن المسيب: كان ذلك من ضرار أهل الجاهلية، كان الرجل لا يحب امرأته ولا يريد أن يتزوجها غيره، فيحلف أن لا يقربها أبداً، فيتركها لا أيّماً ولا ذات بعل، وكانوا عليه في ابتداء الإسلام، فضرب الله له أجلاً في الإسلام

    تعريف الإيلاء لغة :



    هو عبارة عن اليمين .

    يقال آلى يولي إيلاء : إذا حلف .

    تعريفه شرعاً :

    يَمِينُ الزوج على تَرْكِ قُرْبَانِ زوجته أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا بِالْقَسَمِ أو بِتَعْلِيقِ ما يَسْتَشِقُّهُ على الْقُرْبَان .










    (1) انظر : البحر الرائق 4/65 ، العناية شرح الهداية 5/441 ، الدر المختار 3/422 ، الاستذكار 6/35 ، المدونة 2/366 ، الكافي في فقه أهل المدينة 2/598 ، إعانة الطالبين 4/33 ، الأم 5/265 ، روضة الطالبين 8/229 ، المغني 8/505-508 ، حاشية الروض المربع 6/619 ، الفتاوى الكبرى 3/275،276 و 5/504 ،كتب رسائل وفتاوى ابن تيمية 20/381 ، زاد المعاد 5/344 ، تفسير الطبري 4/456 ، تفسير البغوي 2/36 ، تفسير الثعلبي 1/266 ، تفسير ابن كثير 1/604 ، تفسير الألوسي 2/232 .







    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  5. #65
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,459

    افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)



    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة (60) :

    د. إلهام بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم


    أقسام الإيلاء (2-5)






    ويظهر من تعريف الإيلاء أن له قسمان هما :

    القسم الأول : حلف زوج يمكنه الوطء بالله تعالى أو صفته على ترك وطء زوجته أبداً، أو أكثر من أربعة أشهر .

    وهذا القسم من الإيلاء متفق عليه وأصله قول الله تعالى { لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ }(1) فالإيلاء المطلق إنما هو القسم . ولهذا قرأ أُبي وابن عباس رضي الله عنهما يقسمون مكان يؤلون ، وروي عن ابن عباس في تفسير يؤولون قال : يحلفون بالله .

    القسم الثاني : أن يحلف على ترك الوطء بطلاق أو عتاق أو صدقة المال أو الحج

    وهذا اختلف فيه العلماء على قولين :

    القول الأول : أنه لا يكون مولياً وهو قول الشافعي في القديم ، ورواية مشهورة عن أحمد ، واستلوا بما يلي :

    - أن التعليق بشرط ليس بقسم ولهذا لا يؤتى فيه بحرف القسم ولا يجاب بجوابه ولا يذكره أهل العربية في باب القسم فلا يكون إيلاء وإنما يسمى حلفاً تجوزاً لمشاركته القسم في المعنى المشهور في القسم وهو الحث على الفعل أو المنع منه أو توكيد الخبر والكلام عند إطلاقه لحقيقته يدل على هذا قول الله تعالى { فَإِنْ فَآؤُوا فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } وإنما يدخل الغفران في اليمين بالله .

    - وأيضا قول النبي صلي الله عليه وسلم [ إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت](2) ، وإن سلمنا أن غير القسم حلف لكن الحلف بإطلاقه إنما ينصرف إلى القسم وإنما يصرف إلى غير القسم بدليل ولا خلاف في أن القسم بغير الله تعالى وصفاته لا يكون إيلاء لأنه لا يوجب كفارة ولا شيئاً يمنع من الوطء فلا يكون إيلاء كالخبر بغير القسم .





    القول الثاني : هو مول وروي عن ابن عباس أنه قال: كل يمين منعت جماعها فهي إيلاء ولا يكون مولياً إلا أن يحلف بما يلزمه بالحنث فيه حق كقوله إن وطئتك فعبدي حر أو فأنت طالق أو فأنت علي كظهر أمي أو أنت علي حرام أو فلله علي صوم سنة أو الحج أو صدقة فهذا يكون إيلاء لأنه يلزمه بوطئها حق يمنعه من وطئها خوفه من وجوبه .

    وبذلك قال الشعبي و النخعي و مالك وأهل الحجاز و الثوري و أبو حنيفة وأهل العراق و الشافعي و أبو ثور و أبو عبيد وغيرهم واستدلوا بقولهم :

    - لأنها يمين منعت جماعها فكانت إيلاء كالحلف بالله .

    - ولأن تعليق الطلاق والعتاق على وطئها حلف بدليل أنه لو قال متى حلفت بطلاقك فأنت طالق ثم قال إن وطئتك فأنت طالق طلقت في الحال.

    - ولأن هذه الصيغة تشترك مع صيغة اليمين في كونهما منع لحق المرأة وإلحاق الظلم بها ، وترتب ما يستشق على قربانه زوجته سواء كفارة يمين ، أو غيره من صيام وعتق..







    (1) سورة البقرة آية 622 .
    (2) أخرجه البخاري: في الأيمان باب: لا تحلفوا بآبائكم 11 / 530. ومسلم: في الأيمان والنذور باب: النهي عن الحلف بغير الله برقم (1646) 3 / 1266 .






    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  6. #66
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,459

    افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)




    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة (61) :

    د. إلهام بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم



    تعليق الإيلاء (3-5)

    وتعليق الإيلاء على شرط قسمان هما :




    القسم الأول : تعليق الإيلاء على شرط مستحيل
    إذا علق الإيلاء بشرط مستحيل كقوله : والله لا وطئتك حتى تصعدي السماء أو تقلبي الحجر ذهباً ... فهو مول لأن معنى ذلك ترك وطئها ؛ فإن ما يُراد إحالةُ وجودِه يُعلّق على المستحيلات قال الله تعالى في الكفار { وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ }الأعراف40 ومعناه لا يدخلون الجنة أبداً.
    القسم الثاني: الايلاء بتعليق الوطء على أمر ممكن . وذلك على خمسة ضرب :
    أحدها : ما يعلم أنه لا يوجد قبل أربعة أشهر كقيام الساعة فإن لها علامات تسبقها فلا يوجد ذلك في أربعة أشهر ، فهذا مول لأن يمينه على أكثر من أربعة أشهر




    الثاني : ما الغالب أنه لا يوجد في أربعة أشهر كخروج الدجال والدابة وغيرهما من أشراط الساعة أو يقول حتى أموت أو تموتي أو يموت ولدك أو زيد أو حتى يقدم زيد من مكة والعادة أنه لا يقدم في أربعة أشهر فيكون مولياً ؛ لأن الغالب أن ذلك لا يوجد في أربعة أشهر .
    الثالث : أن يعلقه على أمر يحتمل الوجود في أربعة أشهر ويحتمل أن لا يوجد احتمالاً متساوياً كقدوم زيد من سفر قريب أو من سفر لا يعلم قدره فهذا ليس بإيلاء لأنه لا يعلم حلفه على أكثر من أربعة أشهر ولا يظن ذلك.
    الرابع : أن يعلقه على ما يعلم أنه يوجد في أقل من أربعة أشهر أو يظن ذلك كذبول بقل وجفاف ثوب ومجيء المطر في أوانه وقدوم الحاج في زمانه فهذا لا يكون مولياً لما ذكرناه ؛ ولأنه لم يقصد الإضرار بترك وطئها أكثر من أربعة أشهر فأشبه ما لو قال والله لا وطئتك شهراً .
    الخامس : أن يعلقه على فعل منها هي قادرة عليه أو فعل من غيرها وذلك ينقسم أقساما ثلاثة أحدها: أن يعلقه على فعل مباح لا مشقة فيه كقوله والله لا أطؤك حتى تدخلي الدار أو تلبسي هذا الثوب أو حتى أتنفل بصوم يوم ، فهذا ليس بإيلاء لأنه ممكن الوجود بغير ضرر عليها فيه فأشبه الذي قبله .
    والثاني: أن يعلقه على محرم كقوله والله لا أطؤك حتى تشربي الخمر أو تزني أو تسقطي ولدت أو تتركي صلاة الفرض أو حتى أقتل زيدا أو نحوه فهذا إيلاء لأنه علقه بممتنع شرعاً فأشبه الممتنع حساً .

    الثالث: أن يعلقه على ما على فاعله فيه مضرة مثل أن يقول والله لا أطؤك حتى تسقطي صداقك عني أو دينك أو حتى تكفلي ولدي أو تهبيني دارك أو نحو ذلك فهذا إيلاء ؛ أخذه لمالها أو مال غيرها من غير رضا صاحبه محرم فجرى مجرى شرب الخمر .





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  7. #67
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,459

    افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)



    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة (62) :

    د. إلهام بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم


    حكم الإيلاء وأركانه (4-5)
    وحكمـه :
    حرام لما فيه من ظلم للمرأة ، وإضرار بها .
    أركـانـه :
    أركانه ستة حالف ومحلوف به ومحلوف عليه ومدة وصيغة وزوجة .
    1) شرط في الحالف : أن يكون زوجاً مكلفاً مختاراً يتصور منه الجماع فلا يصح من غير الزوج كسيد ولا من غير مكلف إلا السكران ولا من مكره ولا ممن لا يتصور منه الجماع كمجبوب وأشل .



    2) وشرط في المحلوف به : أن يكون واحداً من ثلاثة إما اسم من أسمائه تعالى أو صفة من صفاته تعالى وإما تعليق طلاق أو عتق وإما التزام ما يلزم بالنذر كصلاة وصوم وغيرهما من القرب . ومن حلف بشيء غير الله تعالى فليس بحانث ولا كفارة عليه إذا حنث كما لو قال والكعبة أو والفجر أو والليل أو وشيء مما يشبه هذا لا أقربك لم يكن مولياً لأن كل هذا خارج من اليمين
    3) وشرط في المحلوف عليه : ترك وطء شرعي فلا إيلاء بحلفه على امتناعه من تمتعه بها بغير وطء ولا من وطئها في نحو حيض أو إحرام
    4) وشرط في المدة : أن تكون زائدة على أربعة أشهر فلو كانت أربعة أشهر أو أقل فلا يكون إيلاء بل مجرد حلف ، لأن المرأة تصبر على الزوج أربعة أشهر فعن عمرو بن دينار قال: خرج عمر بن الخطاب من الليل فسمع امرأة تقول:
    تطاوَلَ هذا الليلُ واسودّ جانِبُهْ ... وأرقني ألا خليلَ ألاعِبُهْ ...
    فوالله لولا الله أني أراقبهْ ... لحرِّكَ من هذا السرير جوانبه ...
    فسأل عمر ابنته حفصة، رضي الله عنها: كم أكثر ما تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: ستة أشهر أو أربعة أشهر. فقال عمر: لا أحبس أحدًا من الجيوش أكثر من ذلك .
    5) الصيغة : لفظ يشعر بإيلاء وهو إما صريح مثل: لا أجامعك لا أطؤك لا أباضعك لا أغتسل منك من جنابة . وهذا لا يشترط فيه النية ، فلو ادعى أنه لم يعن الجماع لا يصدق قضاء ويصدق ديانة .
    والكناية كل لفظ لا يسبق إلى الفهم معنى الوقاع ويحتمل غيره ما لم ينو نحو لا أمسك ولا آتيك ولا أغشاك لا ألمسك لأغيظنك لأسوءنك لا أدخل عليك لا أجمع رأسي ورأسك لا أضاجعك لا أدنو منك لا أبيت معك في فراش لا يمس جلدي جلدك لا أقرب فراشك فلا يكون إيلاء بلا نية ويدين في القضاء .
    6) ويصح الإيلاء عن الزوجة وعن المطلقة الرجعية .





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  8. #68
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,459

    افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)



    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة (63) :

    د. إلهام بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم


    الأمور التي تترتب على الإيلاء (5-5)





    يترتب عليه : أمران هما :

    الأمر الأول : لزوم الكفارة أو الجزاء المعلق إذا حنث . فوعد المغفرة بسبب

    الفيء الذي هو مثل التوبة لا ينافي إلزام الكفارة لأنه حكم دنيوي وذاك أخروي .



    الأمر الثاني : إذا انقضت المدة ولم يرجع ويفيء فالعلماء على قولين :



    القول الأول : وقوع طلقة بائنة بمجرد انقضاء المدة وهذا مذهب أبي حنيفة رحمه الله . واستدلوا بما يلي :

    -بقراءة ابن مسعود صلى الله عليه وسلم للآية (فإن فاءوا فيهن) ، وقالوا : فإضافة الفيئة إلى المدة تدل على استحقاق الفيئة فيها، وهذه القراءة إما أن تُجرى مجرى خبر الواحد، فتوجب العمل، وإن لم تُوجب كونها مِن القرآن، وإما أن تكون قرآناً نسخ لفظه، وبقى حكمه لا يجوز فيها غير هذا البتة.

    -لأنه ظلمها بمنع حقها فجازاه الشرع بزوال نعمة النكاح عند مضي هذه المدة .

    -ولأنه حدد هذه المدة للتخلص من الظلم ولا يكون بالرجعي لأنه له أن يردها إلى عصمته ويعيد الإيلاء فتعيّن البائن لتملك نفسها وتزول سلطته عنها جزاء لظلمه .

    -أن الله عز وجل جعل التربص في الإيلاء أربعة أشهر كما جعل في عدة الوفاة أربعة أشهر وعشراً وفي عدة الطلاق ثلاثة قروء فلا تربص بعدها .

    -ولأنه كان طلاقاً في الجاهلية فحكم الشرع بتأجيله إلى انقضاء المدة .

    -أن الله سبحانه جعل مدة الإيلاء أربعة أشهر، فلو كانت الفيئةُ بعدها، لزادت على مدة النص، وذلك غيرُ جائز.






    القول الثاني : يوقف فإما أن يطلق وإما أن يفيء فإن أبى الفيء وأبى الطلاق فإن القاضي يطلقها طلقة رجعية لأنه منع حقها في الجماع فينوب القاضي منابه في التسريح كما في الجب والعنة . وإن قال أنا أفيء لم يعجل عليه بالطلاق واختبره القاضي مرة وثانية فإن تبيّن كذبه طلق عليه . وهذا مذهب الثلاثة ، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ، وعن سليمان بن يسار قال أدركت بضعة عشر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يقول بوقف المولي .





    قال الجمهور: لنا مِن آية الإيلاء عشرة أدلة ، نذكر أهمها :



    أحدها: أنه أضاف مدة الإيلاء إلى الأزواج، وجعلَ لهم شيئاً، وعليهم شيئين، فالذي لهم تربُّصُ المدة المذكورة، والذي عليهم إما الفيئةُ وإما الطلاقُ، والقول بأن الطلاق يقع بائناً بمجرد انقضاء المدة خلاف ظاهر النص ؛ فليس عليهم عندئذ إلا الفيئة في المدة وأما الطلاق فليس عليهم، بل ولا إليهم، وإنما هو إليه سبحانه عند انقضاء المدة، فيُحكم بطلاقها عقيب انقضاء المدة شاء أو أبى .


    الدليل الثاني: قوله: {فَإنْ فَاءُوا فَإنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ، فذكر الفيئةَ بعد المدة بفاء التعقيب، وهذا يقتضى أن يكونَ بعدَ المدة، ونظيرُه قولُه سبحانه: {الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}(1)وهذا بعدَ الطلاق قطعاً .

    الدليل الثالث: قوله: {وإِنْ عَزَمُوا الطَّلاَقَ}(2)، وإنما العزم ما عزم العازمُ على فعله، والعزمُ هو إرادة جازمة لفعل المعزوم عليه أو تركه، وإيقاع الطلاقَ بمجرد مضيِّ المدة دون اعتبار عزمه مخالف للآية .

    الدليل الرابع: أن الله سبحانه خيَّره في الآية بين أمرين: الفيئةِ أو الطلاقِ، والتخييرُ بين أمرين لا يكون إلا في حالة واحدة كالكفارات، ولو كان في حالتين، لكانتا ترتيباً لا تخييراً، وإذا تقرر هذا، فالقول بأن الفيئة في نفس المدة، وعزمُ الطلاق بانقضاء المدة، غير صحيح ؛ إذ لم يقع التخييرُ في حالة واحدة .

    الدليل الخامس: أنه سبحانه قال :{وإِنْ عَزَمُوا الطَّلاَقَ فَإِنَّ الله سَمِيعٌ عَلِيمٌ}. فاقتضى أن يكون الطلاقُ قولاً يُسمع، ليحسن ختم الآية بصفة السمع.

    الدليل السادس: أنه لو قال لغريمه: لك أجلُ أربعة أشهر، فإن وفّيتني قبلتُ منك، وإن لم تُوفني حبستُك، كان مقتضاه أن الوفاء والحبس بعد المدة لا فيها، ولا يَعْقِلُ المخاطبُ غيرَ هذا.

    -قالوا: ولأنها يمين بالله تعالى توجب الكفارةَ. فلم يقع بها الطلاق كسائر الأيمان .

    -ولأنها مدة قدّرها الشرعُ، لم تتقدمها الفرقة، فلا يقع بها بينونة، كأجل العنِّين

    -ولأنه لفظ لا يَصِحُّ أن يقع به الطلاق المعجَّل، فلم يقع به المؤجَّلُ كالظهار.

    -قالوا: ولأن الطلاقَ إنما يقع بالصريح والكناية، وليس الإيلاء واحداً منهما، إذ لو كان صريحاً، لوقع معجَّلاً إن أطلقه، أو إلى أجل مسمَّى إن قيَّده، ولو كان كنايةٍ، لرجع فيه إلى نيته .

    قالوا: وأما قراءةُ ابن مسعود، فغايتُها أن تدُلَّ على جواز الفيئة في مدة التربُّص، لا على استحقاقِ المطالبة بها في المدة، وهذا حقٌّ لا ننكِرُه.

    وأما قولُكم: إنه لو كانت الفيئة بعد المدة، لزادت على أربعة أشهر، فليس بصحيح، لأن الأربعة أشهر مدة لزمن الصبرِ الذي لا يستحِقُّ فيه المطالبة، فبمجرد انقضائها يستحِقُّ عليه الحقُّ، فلها أن تعجِّل المطالبة به. وإمَّا أن تُنْظِرَه، وهذا كسائِرِ الحقوقالمعلَّقة بآجال معدودة، إنما تُستحق عند انقضاء آجالها، ولا يُقال: إن ذلك يستلزِمُ الزيادةَ على الأجل، فكذا أجلُ الإيلاء سواء.








    1 -سورة البقرة آية 229 .

    2-سورة البقرة آية 227 .





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  9. #69
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,459

    افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)




    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة (64) :

    د. إلهام بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحلقة (64) الظــــهار(1)

    (1-4)


    وكان طلاقاً في الجاهلية ، وقيل في أول الإسلام ، ويقال كانوا في الجاهلية إذا كره أحدهم امرأته ولم يرد أن تتزوج بغيره آلى منها أو ظاهر فتبقى لا ذات زوج ولا خلية تنكح غيره فغيّر الشارع حكمه إلى تحريمها بعد العود ولزوم الكفارة .
    وحقيقته الشرعية
    تشبيه الزوجة غير البائن بأنثى لم تكن حلا
    أي تشبيه الحلال بالحرام ولهذا وصفه الله تعالى بكونه منكرا من القول وزورا فقال سبحانه وتعالى في آية الظهار ( الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2) وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِين َ عَذَابٌ أَلِيمٌ (4) )(2)





    (1) انظر : بدائع الصنائع 3/299 ، البحر الرائق 6/308 ، المدونة 2/309 ، المجموع شرح المهذب 17/343 ، مغني المحتاج 3/352 ، المغني 8/560 ، حاشية الروض المربع 6/628 ، الإنصاف 9/140 .

    (2) سورة المجادلة آية 2 .








    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  10. #70
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,459

    افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)



    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة (65) :

    د. إلهام بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم

    الظــــهار(1)

    (2-4)



    وللظهار ثلاثة أركان :
    الأول : المظاهر وهو كل من يصح طلاقه ؛ بأن يكون بالغاً عاقلاً مسلماً .
    مسألة : هل يشترط في المظاهر أن يكون رجلاً ، بمعنى هل يصح ظهار المرأة من زوجها؟
    القول الأول : وهو الصحيح أنه لا يصح ظهار المرأة من زوجها لأن الله تعالى قال " والذين يظاهرون منكم من نسائهم " ولم يقل اللائي يظاهرن منكن من أزواجهن .
    ولأن الحل والعقد والتحليل والتحريم في النكاح بيد الرجال ليس بيد المرأة منه شيء .
    وهذا هو رأي جمهور العلماء . لكن إن ظاهرت المرأة من زوجها ، فالجمهور كأبي حنيفة ومالك والشافعي وغيرهم أن ظهارها ليس بشيء .
    وقال الأوزاعي وإسحاق والزهري وعطاء والحسن بن زياد : إذا قالت المرأة لزوجها أنت على كظهر فهي يمين وعليها كفارة يمين .
    وقال الزهري : أرى أن تكفر كفارة الظهار، ولا يحول قولها هذا بينها وبين زوجها أن يصيبها .
    القول الثاني : قال صاحب أبي حنيفة أبو يوسف لا يشترط أن يكون المظاهر رجلاً ، فيصح ظهار المرأة وعليها كفارة الظهار ، وقالوا : أن الظهار تحريم يرتفع بالكفارة وهي من أهل الكفارة فكانت من أهل الظهار .
    الركن الثاني : المظاهر منها والظهار يلزم في كل زوجة مدخول بها أو غير مدخول بها من زوج يجوز طلاقه .
    الركن الثالث : الصيغة وهي نوعان : صريحة وكناية ؛ أما الصريحة فبأن يشبه امرأته أو عضواً منها بظهر من تحرم عليه على التأبيد أو بها أو بعضو منها ، كقول الرجل لامرأته أنت علي كظهر أمي .
    وأما الكناية أن يقول: أنت علي كأمي أو مثل أمي لم يكن ظهاراً إلا بالنية ، لأنه يحتمل أنها كالأم في التحريم أو في الكرامة فلم يجعل ظهاراً من غير نية كالكنايات في الطلاق.



    إلا إن وجدت قرينة تدل على الظهار مثل أن يخرجه مخرج الحلف، كقوله إن فعلت كذا فأنت علي كروح أمي، أو قال ذلك حال الخصومة والغضب فهو ظهار، لأنه إذا خرج مخرج الحلف فالحلف يراد للامتناع من شيء أو الحث عليه، وإنما يحصل ذلك بتحريمها عليه، ولأن كونها مثل أمه في صلتها أو كرامتها لا يتعلق على شرط فيدل على انه إنما أراد الظهار، ووقوع ذلك في حال الخصومة والغضب دليل على أنه أراد به ما يتعلق بأذاها ويوجب اجتنابها وهو الظهار.
    وإن عدم هذا فليس بظهار لأنه محتمل لغير الظهار احتمالا كثيراً.






    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  11. #71
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,459

    افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)




    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة (66) :

    د. إلهام بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم

    الظــــهار(1)



    توقيت الظهار وتعليقه (3-4)

    مسألة توقيت الظهار :
    القول الأول : يصح الظهار مؤقتاً ، وهو أن يقول أنت علي كظهر أمي يوماً أو شهراً لحديث سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ قَالَ : كُنْتُ امْرَأً أُصِيبُ مِنَ النِّسَاءِ مَا لاَ يُصِيبُ غَيْرِي ، فَلَمَّا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ خِفْتُ أَنْ أُصِيبَ مِنَ امْرَأَتِي شَيْئًا يُتَابَعُ بِي حَتَّى أُصْبِحَ فَظَاهَرْتُ مِنْهَا حَتَّى يَنْسَلِخَ شَهْرُ رَمَضَانَ ، فَبَيْنَمَا هِيَ تَخْدُمُنِي ذَاتَ لَيْلَةٍ إِذْ تَكَشَّفَ لِي مِنْهَا شَيءٌ فَلَمْ أَلْبَثْ أَنْ نَزَوْتُ عَلَيْهَا فَلَمَّا أَصْبَحْتُ خَرَجْتُ إِلَى قَوْمِي فَأَخْبَرْتُهُم ُ الْخَبَرَ وَقُلْتُ امْشُوا مَعِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم . قَالُوا : لاَ وَاللَّهِ. فَانْطَلَقْتُ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ ، فَقَالَ « أَنْتَ بِذَاكَ يَا سَلَمَةُ ». قُلْتُ أَنَا بِذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَرَّتَيْنِ وَأَنَا صَابِرٌ لأَمْرِ اللَّهِ فَاحْكُمْ فيَّ مَا أَرَاكَ اللَّهُ قَالَ « حَرِّرْ رَقَبَةً ». قُلْتُ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَمْلِكُ رَقَبَةً غَيْرَهَا وَضَرَبْتُ صَفْحَةَ رَقَبَتِي قَالَ « فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ». قَالَ وَهَلْ أُصِبْتُ الَّذِي أُصِبْتُ إِلاَّ مِنَ الصِّيَامِ قَالَ « فَأَطْعِمْ وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ بَيْنَ سِتِّينَ مِسْكِينًا ». قُلْتُ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَقَدْ بِتْنَا وَحْشَيْنِ مَا لَنَا طَعَامٌ قَالَ « فَانْطَلِقْ إِلَى صَاحِبِ صَدَقَةِ بَنِي زُرَيْقٍ فَلْيَدْفَعْهَا إِلَيْكَ فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ وَكُلْ أَنْتَ وَعِيَالُكَ بَقِيَّتَهَا ». فَرَجَعْتُ إِلَى قَوْمِي فَقُلْتُ وَجَدْتُ عِنْدَكُمُ الضِّيقَ وَسُوءَ الرَّأْي وَوَجَدْتُ عِنْدَ النبي -صلى الله عليه وسلم- السَّعَةَ وَحُسْنَ الرأي وَقَدْ أَمَرَنِي- أَوْ أَمَرَ لِي - بِصَدَقَتِكُم )(1)
    فإذا مضى الوقت زال الظهار وحلّت المرأة بلا كفارة. ولا يكون عائداً بالوطء في المدة . وهو قول ابن عباس وعطاء وقتادة والثوري وإسحاق وأبى ثور والشافعي وأحمد بن حنبل.



    وحديث سلمة بن صخر صريح في ذلك ففيه " تظاهرت من امرأتي حتى ينسلخ شهر رمضان. وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه أصابها في الشهر فأمره بالكفارة ولم يعتبر عليه تقييده .
    ولأنه منع نفسه بيمين لها كفارة فصح مؤقتاً كالإيلاء ، ولأنها يمين لم يحنث فيها فلا يلزمه كفارتها كاليمين بالله تعالى .
    القول الثاني : وقال أبو حنيفة وابن أبى ليلى والليث لا يكون ظهاراً ؛ لأن الشرع ورد بلفظ الظهار مطلقاً . وهذا لم يطلق فأشبه ما لو شبهها بمن تحرم عليه في وقت دون آخر .
    القول الثالث : وقال مالك: يسقط التأقيت ويكون ظهاراً مطلقاً . لأن هذا لفظ يوجب تحريم الزوجة فإذا وقّته لم يتوقف كالطلاق .
    الراجح :
    القول الأول لما سبق من أدلتهم ، ويُجاب عن أدلة القولين الآخرين بما يلي :
    - تشبيه الظهار المؤقت بما لو شبه زوجته بمن تحرم عليه في وقت دون وقت ؛ أنه تشبيه مع الفارق لأن تحريمها غير كامل. وهذه حرمها في هذه المدة تحريماً كاملاً .
    - وأما تشبيه الظهار الموقت بالطلاق الموقت فهو تشبيه مع الفارق ؛ فالطلاق يزيل الملك فلا يمكن توقيته ، وأما الظهار فهو يوقع تحريماً يرفعه التكفير فجاز توقيته .
    مسألة تعليق الظهار بشرط :
    فإذا قال لامرأته: إن دخلت الدار فأنت علي كظهر أمي ، أو قال إن قدّم فلان ، أو قال شاء زيد ، فمتى شاء زيد أو دخلت الدار أو قدم فلان صار مظاهراً وإلا فلا.
    وبهذا قال جمهور العلماء لأنه يمين فجاز تعليقه على شرط كالإيلاء.
    ولأن الظهار أصله كان طلاقاً والطلاق يصح تعليقه بالشرط فكذلك الظهار .




    (1) أخرجه ابو داود باب في الظهار ح2215 – 2/233، والترمذي في سورة المجادلة ح3299-5/405 وقال: هذا حديث حسن ، وابن ماجة في الظهار ح2062-1/665 ، والدارمي في الظهار ح2273-1/217 ، وصححه الألباني في تحقيقه لسنن ابن ماجه .



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  12. #72
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,459

    افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)



    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة (67) :

    د. إلهام بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم

    الظــــهار(1)



    مسائل في الظهار(4-4)



    مسألة : بيان ما يحرم وما يباح من المرأة المظاهر منها قبل التكفير

    - يحرم على المظاهر وطء امرأته قبل أن يكفر وليس في ذلك اختلاف إذا كانت الكفارة عتقاً أو صوماً لقول الله تعالى : { فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا } وقوله سبحانه : { {فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا } وأكثر أهل العلم على أن التكفير بالإطعام مثل ذلك وأنه يحرم وطؤها قبل التكفير منهم عطاء و الزهري و الشافعي وأصحاب الرأي .

    وذهب أبو ثور إلى إباحة الجماع قبل التكفير بالإطعام وعن أحمد ما يقتضي ذلك لأن الله تعالى لم يمنع المسيس قبله كما في العتق والصيام . والراجح الأول : لما روى عكرمة [ عن ابن عباس: أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم قد ظاهر من امرأته فوقع عليها فقال يا رسول الله ! إني قد ظاهرت من زوجتي فوقعت عليها قبل أن أكفر فقال وما حملك على ذلك يرحمك الله ؟ قال رأيت خلخالها في ضوء القمر قال فلا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله به ](1) .

    ولأنه مظاهر لم يكفر فحرم عليه جماعها كما لو كانت كفارته العتق أو الصيام وترك النص عليها لا يمنع قياسها على المنصوص الذي في معناها




    - فأما التلذذ بما دون الجماع من القبلة واللمس والمباشرة ، ففيه روايتان إحداهما : يحرم وهو اختيار أبي بكر وهو قول الزهري و مالك و الأوزاعي و أبي عبيد وأصحاب الرأي وروي ذلك عن النخعي وهو أحد قولي الشافعي لأن ما حرم الوطء من القول حرم دواعيه كالطلاق والإحرام . والثانية : لا تحرم قال أحمد أرجو أن لا يكون به بأس وهو قول الثوري و إسحاق و أبي حنيفة وحكي عن مالك وهو القول الثاني للشافعي لأنه وطء يتعلق بتحريمه مال فلم يتجاوزه التحريم كوطء الحائض .



    مسألة : من أراد الوطء قبل الكفارة



    ينبغي على المرأة منع زوجها المظاهر من مقاربتها ولها أن تشكوه إلى القاضي ليحول بينه وبينها حتى يكفِّر ، وللسلطان أن يؤدبه .



    مسألة : إذا امتنع من التكفير مع قدرته :

    إذا ظاهر من امرأته فقال لها: أنت علي كظهر أمي وامتنع عن التكفير ، عُلم أنه مضار ، وصار مولياً إما أن يفيء ويكفر وإما أن يطلق ، وهو وإن لم يكن يميناً إلا أنه لما كف عن الوطء

    وهو يقدر على الكفارة علم أنه مضار، فلا بد أن يحمل محمل المولي . وبه قال مالك وغيره .







    (1)أخرجه الترمذي باب المظاهر يواقع قبل أن يكفر ح 1199-3/503 وقال : هذا حديث حسن غريب صحيح ، وحسّنه الألباني في تحقيقه للسنن ، والنسائي باب الظهار ح 3475-6/479 ، والبيهقي في السنن الكبرى ح 15036-7/386 ، و الطبراني في المعجم الكبير ح 11600-11/236 .






    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  13. #73
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,459

    افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)



    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة (68) :

    د. إلهام بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم


    اللعـــــان(1)

    (1-3)



    وهو مشتق من اللعن لأن كل واحد من الزوجين يلعن نفسه في الخامسة إن كان كاذباً وقيل : سمي بذلك لأن الزوجين لا ينفكان من أن يكون أحدهما كاذباً فتحصل اللعنة عليه وهي الطرد والإبعاد
    تعريفه شرعاً:
    هو شهادات مؤكدات بأيمان من الجانبين مقرونة باللعن والغضب قائمة مقام حد قذف في جانبه وحد زنى في جانبها .



    عن سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِىَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُوَيْمِرًا الْعَجْلاَنِىَّ جَاءَ إِلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِىٍّ الأَنْصَارِىِّ فَقَالَ لَهُ أَرَأَيْتَ يَا عَاصِمُ لَوْ أَنَّ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ فَسَلْ لِى عَنْ ذَلِكَ يَا عَاصِمُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-فَسَأَلَ عَاصِمٌ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا حَتَّى كَبُرَ عَلَى عَاصِمٍ مَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَلَمَّا رَجَعَ عَاصِمٌ إِلَى أَهْلِهِ جَاءَهُ عُوَيْمِرٌ فَقَالَ يَا عَاصِمُ مَاذَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ عَاصِمٌ لِعُوَيْمِرٍ لَمْ تَأْتِنِى بِخَيْرٍ قَدْ كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْمَسْأَلَةَ الَّتِى سَأَلْتُهُ عَنْهَا. قَالَ عُوَيْمِرٌ وَاللَّهِ لاَ أَنْتَهِى حَتَّى أَسْأَلَهُ عَنْهَا. فَأَقْبَلَ عُوَيْمِرٌ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَسَطَ النَّاسِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « قَدْ نَزَلَ فِيكَ وَفِى صَاحِبَتِكَ فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا ». قَالَ سَهْلٌ فَتَلاَعَنَا وَأَنَا مَعَ النَّاسِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَلَمَّا فَرَغَا قَالَ عُوَيْمِرٌ كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا. فَطَلَّقَهَا ثَلاَثًا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَكَانَتْ سُنَّةَ الْمُتَلاَعِنَي ْنِ. قَالَ سَهْلٌ فَكَانَتْ حَامِلاً فَكَانَ ابْنُهَا يُدْعَى إِلَى أُمِّهِ. ثُمَّ جَرَتِ السُّنَّةُ أَنَّهُ يَرِثُهَا وَتَرِثُ مِنْهُ مَا فَرَضَ اللَّهُ لَهَا(2)





    (1) انظر : بدائع الصنائع 3/242، مغني المحتاج 3/367 ، المبدع شرح المقنع 8/65، عمدة الفقه 1/111 ، حاشية الروض المربع 7/29 ، المغني 9/3 .
    (2) أخرجه البخاري باب التلاعن في المسجد ح5003-5/2033 ، ومسلم باب وحدثنا يحيى بن يحيى ح3816-4/205 واللفظ له .






    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  14. #74
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,459

    افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)



    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة (69) :

    د. إلهام بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم


    اللعـــــان(1)



    صفة اللعان وشروطه (2-3)




    صفـة اللعـــان :


    أن يبدأ الزوج فيقول : أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميت به امرأتي هذه من الزنى . ويشير إليها ، وإن لم تكن حاضرة سماها ونسبها ، حتى يكمل ذلك أربع مرات ، ثم يقول في الخامسة : وإن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رميتها به من الزنى .

    ثم تقول هي : أشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنى أربع مرات ، ثم تقول في الخامسة: وإن غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماني به من الزنى .

    فإن نقص أحدهما من الألفاظ الخمسة شيئاً ، أو بدأت باللعان قبله ، أو تلاعنا بغير حضرة الحاكم ، أو نائبه لم يعتد به . وإن أبدل لفظة أشهد بـ أقسم أو أحلف أو لفظة اللعنة بـ الإبعاد أو الغضب بـ السخط فعلى وجهين .

    ويسن تلاعنهما قياماً بحضرة جماعة أربعة فأكثر ، بوقت ومكان معظمين ، وأن يأمر حاكم من يضع يده على فم زوج وزوجة عند الخامسة ويقول: اتق الله فإنها الموجبة وعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة .






    ولا يصح إلا بشروط ثلاثة



    "1- كونه بين زوجين مكلفين" لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} فلا لعان بقذف أمة، ولا حد. وأما اعتبار التكليف، فلأن قذف غير المكلف لا يوجب حداً ، واللعان إنما وجب لإسقاط الحد .

    "2- أن يتقدمه قذفها بالزنى ولو في دبر، لأنه قذف يجب به الحد. ولا فرق بين الأعمى والبصير لعموم الآية.

    "3- أن تكذبه" الزوجة في قذفها

    "ويستمر تكذيبها إلى انقضاء اللعان" لأن اللعان إنما ينتظم بتكذيبها فإن صدقته، أو عفت عن الطلب بحد القذف، أو سكتت فلم تقر ولم تنكر لحقه النسب، ولا لعان، لأن الحق لها، فلا يستوفى من غير طلبها وإن كان بينهما نسب يريد نفيه، فله أن يلاعن، لأنه محتاج إليه، وهو حق له، فلا يسقط برضاها .






    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  15. #75
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,459

    افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)



    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة (70) :

    د. إلهام بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم


    اللعـــــان



    صفة اللعان وشروطه (3-3)






    و إذا تم اللعان بينهما ثبت أربعة أحكام:

    "1- سقوط الحد أو التعزير" الذي أوجبه القذف عنها وعنه. ولو قذفها برجل سماه سقط حكم قذفه بلعانه، لأن هلال بن أمية قذف زوجته بشريك بن سحماء، ولم يذكره في لعانه، ولم يحده النبي صلى الله عليه وسلم، لشريك ولا عزره له، ولأن اللعان بينة في أحد الطرفين فكان بينة في الآخر كالشهادة .




    "2- الفرقة ولو بلا فعل حاكم" لأنه معنى يقتضي التحريم المؤبد فلم يقف على تفريق الحاكم، كالرضاع وتفريق النبي صلى الله عليه وسلم ، بينهما بمعنى: أنه أعلمهما بحصول الفرقة باللعان. وعنه لا تحصل الفرقة حتى يفرق الحاكم بينهما، لقول ابن عباس في حديثه: ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم، بينهما. وفي حديث عويمر: أنه قذف امرأته، فتلاعنا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال عويمر: كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها. فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره النبي صلى الله عليه وسلم متفق عليه. فدل على أن الفرقة لم تحصل بمجرد اللعان. قدمه في الكافي.

    "3- التحريم المؤبد" لقول سهل بن سعد: مضت السنة في المتلاعنين أن يفرق بينهما، ثم لا يجتمعا أبدا رواه الجوزجاني. وقال عمر، رضي الله عنه: المتلاعنان يفرق بينهما ولا يجتمعان أبدا رواه سعيد، وعن علي وابن مسعود نحوه.

    4-"انتفاء الولد، ويعتبر لنفيه ذكره صريحا، كـ: أشهد بالله لقد زنت، وما هذا ولدي" وظاهر كلام أبي بكر صحة نفي الحمل في لعانه لظاهر حديث هلال بن أمية، فإنه لاعنها قبل الوضع، بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "انظروها فإن جاءت به كذا وكذا" . الحديث. ونفي عنه الولد قال ابن عبد البر: الآثار على هذا كثيرة، وأوردها، ولم ينقل ملاعنة بعد وضعه وشرط لنفيه أن لا يتقدمه إقرار به أو بتوأمه، أو تهنئة به، فيسكت، أو يؤمن على الدعاء أو يؤخر النفي بلا عذر لأنه خيار لدفع ضرر، فكان على الفور كخيار الشفعة.





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  16. #76
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,459

    افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)




    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة (71) :

    د. إلهام بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم


    طرق التخلية من جهة الزوجة

    الخــــلع(1) (1-5)







    تعريفه شرعاً :

    هو فراق الزوجة بعوض بألفاظ مخصوصة سمي بذلك لأن المرأة تخلع نفسها من الزوج كما تخلع اللباس(2)

    ألفاظ الخلع

    تنقسم إلى صريح وكناية :

    فالصريح ثلاثة ألفاظ ؛ خالعتك لأنه ثبت له العرف ، والمفاداة لأنه ورد به القرآن سبحانه : (وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنّ َ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُون)(3)، وفسخت نكاحك لأنه حقيقة فيه فإذا أتى بأحد هذه الألفاظ وقع من غير نية .

    وما عدا هذه مثل بارأتك وأبرأتك وابَنتك فهو كناية لأن الخلع أحد نوعي الفرقة فكان له صريح وكناية كالطلاق .
















    (1) انظر : الاختيار لتعليل المختار 1/37 ، البحر الرائق 4/77 ، العناية شرح الهداية 5/464 ، المبسوط 6/308 ، الاستذكار 6/76 ، المجموع 17/3 ، مغني المحتاج 3/262 ، روضة الطالبين 7/390 ، المغني 8/174 ، الإنصاف 8/282 ، حاشية الروض المربع 6/459 ، اختلاف الأئمة العلماء 2/162، الفقه على المذاهب الأربعة 4/184 ، مجموع الفتاوى 32/282 و33/152 ، زاد المعاد 5/192 وما بعدها .

    (2) انظر : حاشية الروض المربع 6/459 ، الروض المربع 1/357 ، وفي البحر الرائق 4/77 إزالة ملك النكاح المتوقفة على قبولها بلفظ الخلع أو ما في معناه

    (3) سورة البقرة آية 229 .



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  17. #77
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,459

    افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)



    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة (72) :

    د. إلهام بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم

    أحكام الخلع (2-5)




    حكم الخلع :

    - إذا كرهت المرأة زوجها لقبح منظر، أو سوء عشرة وخافت أن لا تؤدي حقه، جاز أن تخالعه على عوض، لقوله عز وجل" {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ }

    وعَنْ حَبِيبَةَ بِنْتِ سَهْلٍ الأَنْصَارِيَّة ِ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ إِلَى الصُّبْحِ فَوَجَدَ حَبِيبَةَ بِنْتَ سَهْلٍ عِنْدَ بَابِهِ فِى الْغَلَسِفَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « مَنْ هَذِهِ ». فَقَالَتْ أَنَا حَبِيبَةُ بِنْتُ سَهْلٍ. قَالَ « مَا شَأْنُكِ ». قَالَتْ لاَ أَنَا وَلاَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ. لِزَوْجِهَا فَلَمَّا جَاءَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « هَذِهِ حَبِيبَةُ بِنْتُ سَهْلٍ ». وَذَكَرَتْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَذْكُرَ وَقَالَتْ حَبِيبَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كُلُّ مَا أَعْطَانِي عِنْدِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ « خُذْ مِنْهَا ». فَأَخَذَ مِنْهَا وَجَلَسَتْ هِىَ فِى أَهْلِهَا وفي رواية ابن عباس أنها قالت : يا رسول الله ما أنقم على ثابت في دين ولا خلق إلا أني أخاف الكفر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( فتردين عليه حديقته ) . قالت نعم فردت عليه وأمره ففارقها(2) .





    - وإن لم تكره منه شيئاً وتراضيا على الخلع من غير سبب جاز، لقوله عز وجل { فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً } ولأنه رفع عقد بالتراضي جعل لدفع الضرر فجاز من غير ضرر كالإقالة في البيع .

    - إذا عضل الرجل زوجته وضارَّها بالضرب والتضييق عليها ، أو منعها حقوقها من النفقة والقسم ونحو ذلك ، لتفتدي نفسها منه ، ففعلت ؛ فللعلماء في هذه المسألة قولان :

    الأول : أن الخلع باطل والعوض مردود وبه قال مالك و الشافعي والحنابلة ، وروي ذلك عن ابن عباس و عطاء و مجاهد و الشعبي و النخعي و القاسم بن محمد و الزهري .

    واستدلوا بالآتي :

    قول الله تعالى : { ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا أن لا يقيما حدود الله } .

    وقول الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنّ َ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة}(3)

    ولأنه عوض أُكرهن على بذله بغير حق فلم يستحق كالثمن في البيع والأجر في الإجارة . فإن طلقها في هذه الحال على عوض لم يستحق العوض لأنه عقد معاوضة أكرهت عليه بغير حق فلم يستحق فيه العوض كالبيع، فإن كان ذلك بعد الدخول فله أن يراجعها، لأن الرجعة إنما تسقط بالعوض وقد سقط العوض فتثبت الرجعة فيه.

    الثاني : العقد صحيح والعوض لازم وهو آثم عاص وبه قال أبو حنيفة . والصحيح القول الأول .

    - فأما إن ضربها على نشوزها ومنعها حقها لم يحرم خلعها لذلك لأن ذلك لا يمنعها أن لا يخافا أن لا يقيما حدود الله وفي بعض حديث حبيبة ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ سَهْلٍ كَانَتْ عِنْدَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ فَضَرَبَهَا فَكَسَرَ بَعْضَهَا فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ الصُّبْحِ فَاشْتَكَتْهُ إِلَيْهِ فَدَعَا النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم ثَابِتًا فَقَالَ « خُذْ بَعْضَ مَالِهَا وَفَارِقْهَا » فَقَالَ وَيَصْلُحُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « نَعَمْ ». قَالَ فَإِنِّى أَصْدَقْتُهَا حَدِيقَتَيْنِ وَهُمَا بِيَدِهَا فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم « خُذْهُمَا فَفَارِقْهَا ». فَفَعَلَ(4)

    - لو ضربها ظلماً لسوء خلقه أو غيره لا يريد بذلك أن تفتدي نفسها لم يحرم عليه مخالعتها لأنه لم يعضلها ليذهب ببعض ما آتاها ولكن عليه إثم الظلم .

    _ فإن أتت بفاحشة فمنعها حقها لتخالعه على شيء من مالها يجوز ويستحق فيه العوض لقوله عز وجل " ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة " والاستثناء من النهي إباحة .

    ولأنها متى زنت لم يأمن أن تلحق به ولداً من غيره وتفسد فراشه فلا تقيم حدود الله في حقه فتدخل فيقول الله تعالى :{ فإن خفتم أن لا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به } .






    (1) أخرجه أبو داود باب في الخلع ح2229-2/236 صححه الألباني ، وابن حبان باب الخلع ح4280-10/110 .

    (2) أخرجه البخاري باب الخلع ح4973-5/2022 .

    (3) سورة النسااء آية 19 .

    (4) أخرجه أبو داود باب في الخلع ح2230-2/236 . وصححه الألباني .







    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  18. #78
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,459

    افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)



    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة (73) :

    د. إلهام بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم


    الخلع هل هو فسخ أو طلاق (3-5)




    التكييف الفقهي للخلع

    اختلف العلماء في الخلع هل هو فسخ أو طلاق بائن ؟ على قولين هما :

    القول الأول :
    أنه فسخ وهو أحد قولي الشافعي ورواية عن أحمد ورأي شيخ الإسلام ابن تيمية((1)، وقول ابن عباس ، واحتج ابن عباس صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى : (الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ ) - ثم قال( فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) - ثم قال – (فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ ) فذكر تطليقتين والخلع وتطليقة بعدها فلو كان الخلع طلاقاً لكان أربعاً ، ولأنها فرقة خلت عن صريح الطلاق ونيته فكانت فسخاً كسائر الفسوخ.
    القول الثاني :
    أنه طلقة بائنة وهو قول مالك و الأوزاعي وأصحاب الرأي . ووجه هذا القول أنها بذلت العوض للفرقة والفرقة التي يملك الزوج إيقاعها هي الطلاق دون الفسخ فوجب أن يكون طلاقاً ولأنه أتى بكناية الطلاق قاصداً فراقها فكان طلاقاً .
    والراجح الأول والله أعلم .




    ثمرة الخلاف :
    أنا إذا قلنا هو طلقة فخلعها مرة حسبت طلقة فينقص بها عدد طلاقه ، وإن خالعها ثلاثاً طلقت ثلاثاً فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره ، وإن قلنا هو فسخ لم تحرم عليه وإن خالعها مائة مرة وهذا الخلاف فيما إذا خالعها بغير لفظ الطلاق ولم ينوه ، فأما إن بذلت له العوض على فراقها وكان بلفظ الطلاق فهو طلاق لا اختلاف فيه ، وإن وقع بغير لفظ الطلاق مثل كنايات الطلاق أو لفظ الخلع والمفاداة ونحوهما ونوى به الطلاق فهو طلاق أيضاً لأنه كناية نوى الطلاق فكانت طلاقاً كما لو كان بغير عوض والله أعلم .
    ولا يثبت في الخلع رجعة سواء قلنا هو فسخ أو طلاق في قول أكثر أهل العلم .


    (1) مجموع الفتاوى 19/284 .



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  19. #79
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,459

    افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)



    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة (74) :

    د. إلهام بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم


    مسائل في الخلع (4-5)

    مسألة : ولا بأس بالخلع في الحيض والطهر الذي أصابها فيه ؛ لأن المنع من الطلاق في الحيض من أجل الضرر الذي يلحقها بطول العدة ، والخلع لإزالة الضرر الذي يلحقها بسوء العشرة والمقام مع من تكرهه وتبغضه وذلك أعظم من ضرر طول العدة ؛ فجاز دفع أعلاهما بأدناهما ولذلك لم يسأل النبي صلى الله عليه وسلم المختلعة عن حالها .

    ولأنها تملك نفسها بالاختلاع فلهما فائدة في تعجيل الإبانة لرفع الشر الذي بينهما ؛ بخلاف الطلاق الرجعي فإنه لا فائدة في تعجيله قبل وقته ؛ بل ذلك شر بلا خير .
    وقد قيل : إنه طلاق في وقت لا يرغب فيها وقد لا يكون محتاجاً إليه ؛ بخلاف الطلاق وقت الرغبة فإنه لا يكون إلا عن حاجة (1)
    مسألة : يصح الخلع بأقل وبأكثر مما أعطاها إذا تراضيا على ذلك ، لقول الله تعالى : ( فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ) وقالت الربيع بنت معوذ : اختلعت من زوجي بما دون عقاص رأسي فأجاز ذلك عثمان بن عفان رضي الله عنه ومثل هذا يشتهر فلم ينكر فيكون إجماعاً ، فهو قول عثمان وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم وبه قال أكثر أهل العلم .
    مسألة : هل يصح الخلع بدون عوض ؟




    اختلف العلماء على قولين ؛ الأول قول مالك ورواية عن أحمد يصح الخلع بغير عوض ؛ لأنه قطع للنكاح فصح من غير عوض كالطلاق ، ولأن الأصل في مشروعية الخلع أن يوجد من المرأة رغبة عن زوجها وحاجة إلى فراقه فتسأله فراقها فإذا أجابها حصل المقصود من الخلع فصح كما لو كان بعوض .
    والقول الثاني : لا يكون خلع إلا بعوض وهذا قول أبي حنيفة والشافعي ورواية عن أحمد ؛ لأن الخلع إن كان فسخاً فلا يملك الزوج فسخ النكاح إلا بعيبها ، وكذلك لو قال : فسخت النكاح ولم ينو به الطلاق لم يقع شيء بخلاف ما إذا دخله العوض فإنه يصير معاوضة فلا يجتمع له العوض والمعوض ، وإن قلنا الخلع طلاق فليس بصريح فيه اتفاقاً ، وإنما هو كناية والكناية لا يقع بها الطلاق إلا بنية أو بذل للعوض فيقوم مقام النية وما وجد واحد منهما .


    (1) انظر إضافة إلى المراجع الرئيسة مجموع الفتاوى 33/21 .







    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  20. #80
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,459

    افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)



    (بناء البيت السعيد)
    الحلقة (75) :

    د. إلهام بدر الجابري


    بسم الله الرحمن الرحيم


    عـدة المختلعة(5-5)



    مسألة عدة المختلعة(1):

    اختلف العلماء في هذه المسألة هل تعتد عدة المطلقة أو تعتد بحيضة ، والراجح أنها تعتد بحيضة واستدلوا بـ الآتي :

    - ورد في حديث امرأة ثابت بن قيس أمر النبي صلى الله عليه وسلم لها بأن تعتد بحيضة وأن تلحق بأهلها .

    - وقد عضدها عمل عثمان بن عفان صلى الله عليه وسلم في قضية الربيع بنت معوذ ، روى يحيى بن بكير حدثنا الليث بن سعد عن نافع مولى ابن عمر : أنه سمع الربيع بنت معوذ ابن عفراء وهي تخبر عبد الله بن عمر : أنها اختلعت من زوجها على عهد عثمان فجاء عمها إلى عثمان فقال : إن ابنة معيذ اختلعت من زوجها اليوم أفتنتقل ؟ فقال عثمان : لتنتقل ولا ميراث بينهما ولا عدة عليها ؛ إلا أنها لا تنكح حتى تحيض حيضة ؛ خشية أن يكون بها حبل فقال عبد الله بن عمر : وَلَعُثْمَانُ خَيَّرَنَا وَأَعْلَمَنَا .





    - وهو مقتضى قواعد الشريعة، فإن العدة إنما جعلت ثلاث حيض ليطول زمن الرجعة، فيتروى الزوج، ويتمكن من الرجعة في مدة العدة فإذا لم تكن عليها رجعة، فالمقصود مجرد براءة رحمها من الحمل، وذلك يكفى فيه حيضة، كالاستبراء(2)

    قال ابن حزم : فهذا عثمان والربيع ولها صحبة وعمها وهو من كبار الصحابة وابن عمر : كلهم لا يرى في الفسخ عدة .

    وروي أيضاً عن ابن عباس وأبان بن عثمان وإسحاق وابن المنذر ، وذهب إلى هذا المذهب إسحاق بن راهوية، والإمام أحمد في رواية عنه، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم .








    (1) انظر إضافة إلى المراجع الرئيسية مجموع الفتاوى 32/322 وما بعدها فقد فصّل في المسألة ، وزاد المعاد 5/196 .

    (2) قال ابن القيم : قالوا: ولا ينتقض هذا علينا بالمطلقة ثلاثا، فإن باب الطلاق جعل حكم العدة فيه واحدا بائنة ورجعية.








    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •