5 _ وبعد فالعلم بحور زاخرة ***لن يبلغ الكادح فيه آخره،

6 _ لكن في أصوله تسهيلا ***لنيله فاحرص تجد سبيلا،

7 _ اغتنم القواعد الأصولا *******فمن تفته يحرم الوصولا،

قوله : وبعد: الواو استئنافية، و : بعد, و: أما بعد، كلمة يستخدمها العرب للفصل بين أسلوبين في الكلام، ومعناها : مايكون من شئ بعد فهو، فهو رحمه الله لما انتهى من حمدالله والثناء عليه والصلاة على نبيه، *شرع في ذكر توطئة قبل البدء في سرد القواعد الفقهية، ففصل بين الكلامين بـ: بعد،

وقوله : فالعلم: العلم اسم جنس يشمل كل علم، والمقصود به هنا مجمل العلم الشرعي،

وقوله : بحور : جمع بحر وهو ضد البر، *وسمي به لعمقه واتساعه،

وقوله : زاخرة: الزاخر هو الممتد جدا، المرتفع،

وقوله : الكادح: الكدح هو السعي والعمل الجاد، *والمعنى أن العلم الشرعي واسع المدى عميق القعر، كأنه البحور الزاخرة التي لا يبلغ مداها ولا يدرك قعرها، فكل عالم مجتهد لابد أن يخفى عليه الكثير مهما بلغ من الجد والإجتهاد في التحصيل والتعلم، ولابد من وجود من هو أعلم منه ، ففوق كل ذي علم عليم حتى ينتهي العلم الى عالم الغيب والشهادة،

وقوله : لكن في أصوله: *أي في أصول العلم التي وضعها العلماء لتقريب العلم لطلبته : تسهيلا لنيله: لأن الطالب اذا عرف الأصل بنى عليه الكثير من الفروع، فالأصل مع اختصار كلماته يضبط كثيرا من المسائل كقولهم : الأصل في الأشياء الطهارة،

: فاحرص تجد سبيلا: أي فاحرص ياطالب العلم على تحصيلها ودراستها فهي طريقك لمعرفة النصوص وتسهيل العلم

وقوله : اغتنم : أي اطلبها بحرص كأنها غنيمة، :القواعد الأصولا : أي القواعد الأصولية، فـ الأصولا, عطف بيان ، والمعنى : القواعد الأصولية هي أصول العلم فاغتنمها، : فمن تفته : أي هذه القواعد فلم يتعلمها فـسـ : يحرم الوصولا : الى بغيته ومقصوده من العلم فـ : من حرم الأصول حرم الوصول .

8 _ وهاك من هذي الأصول جملا *********أرجو بها عالي الجنان نزلا،

قوله : هاك : هو اسم فعل بمعنى خذ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنت،

وقوله : من هذي الأصول جملا : أي الأصول المتقدم ذكرها، و : جملا : جمع جملة، *وهي الجماعة من الشيء،

وقوله : أرجو بها عالي الجنان نزلا : أي القصد من نظمي لهذه القواعد أن تكون ذخرا لي عند الله فتكون سببا في تبؤي لأعالي الجنة بعد رحمة الله لي، *فهي من الصدقات الجارية بعد موت صاحبها لأنها من العلم كما جاء في الحديث، ورجاؤه رحمه الله في أن يسكنه الله أعالي الجنة إحسان ظن منه رحمه الله بربه عز وجل فهو عند ظن عبده به، وقد جاء في الحديث إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس الأعلى، و : الجنان : جمع جنة وهي في الأصل البستان كثير الشجر الذي يجن من فيه، أي يخفيه عن الناظرين لكثافة أشجاره، ومنه الجن، والجُنة، والجنة اسم علم على ما أعده الله للمؤمنين في الآخرة، و : نزلا : أي منزلا،

9 _ قواعدا من قول أهل العلم **وليس لي فيها سوى ذا النظم،

فيه اعتراف منه رحمه الله بالفضل لذويه، مبينا أن دوره منحصر في جمعها وترتيبها في هذه المنظومة، و : قواعدا : جمع قاعدة وقد تقدم تعريفها وهي بدل من : جملا : منصوبة، و : النظم : ضم شيء الى شيء آخر، وهو ضد النثر فهو من الكلام الموزون والمقفى، والفرق بينه وبين الشعر أن الشعر يكون على بحر من بحور الشعر المعروفة، من بداية القصيدة الى منتهاها ، كما أنه يلزم غالبا قافية واحدة لكل القصيدة، بخلاف النظم،

وبهذا نكون قد انتهينا من مقدمة المنظومة والله أعلم،