أربع قواعد علمية فى توحيد اسماء وصفات رب البرية


بقلم : كريم إمام السلفي

تعريف توحيد الأسماء والصفات
توحيد الأسماء والصفات: هو إفراد الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى الواردة في القرآن والسنة، والإيمان بمعانيها وأحكامها { معتقد أهل السنة والجماعة في توحيد الأسماء والصفات لمحمد بن خليفة التميمي- ص: 29}
الفرق بين الاسم والصفة:
سُئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية عن الفرق بين الاسم والصفة؟ فأجابت بما يلي:
(أسماء الله كل ما دل على ذات الله مع صفات الكمال القائمة به؛ مثل: القادر، العليم، الحكيم، السميع، البصير؛ فإن هذه الأسماء دلَّت على ذات الله، وعلى ما قام بها من العلم والحكمة والسمع والبصر، أما الصفات؛ فهي نعوت الكمال القائمة بالذات؛ كالعلم والحكمة والسمع والبصر؛ فالاسم دل على أمرين، والصفة دلت على أمر واحد، ويقال: الاسم متضمن للصفة، والصفة مستلزمة للاسم) (فتاوى اللجنة الدائمة) (3/ 116 – فتوى رقم 8942).
ولمعرفة ما يُميِّز الاسم عن الصفة، والصفة عن الاسم أمور، منها:
أولاً: (أن الأسماء يشتق منها صفات، أما الصفات؛ فلا يشتق منها أسماء، فنشتق من أسماء الله الرحيم والقادر والعظيم، صفات الرحمة والقدرة والعظمة، لكن لا نشتق من صفات الإرادة والمجيء والمكر اسم المريد والجائي والماكر)
فأسماؤه سبحانه وتعالى أوصاف؛ كما قال ابن القيم في (النونية):أسماؤُ ُ أوْصافُ مَدْحٍ كُلُّها مُشْتَقَّةٌ قَدْ حُمِّلَتْ لِمَعان
ثانياً: (أن الاسم لا يُشتق من أفعال الله؛ فلا نشتق من كونه يحب ويكره ويغضب اسم المحب والكاره والغاضب، أما صفاته؛ فتشتق من أفعاله فنثبت له صفة المحبة والكره والغضب ونحوها من تلك الأفعال، لذلك قيل: باب الصفات أوسع من باب الأسماء) (مدارج السالكين) (3/ 415).
ثالثاً: أن أسماء الله عَزَّ وجَلَّ وصفاته تشترك في الاستعاذة بها والحلف بها، لكن تختلف في التعبد والدعاء، فيتعبد الله بأسمائه، فنقول: عبدالكريم، وعبد الرحمن، وعبد العزيز، لكن لا يُتعبد بصفاته؛ فلا نقول: عبد الكرم، وعبد الرحمة، وعبد العزة؛ كما أنه يُدعى اللهُ بأسمائه، فنقول: يا رحيم! ارحمنا، ويا كريم! أكرمنا، ويا لطيف! ألطف بنا، لكن لا ندعو صفاته فنقول: يا رحمة الله! ارحمينا، أو: يا كرم الله! أو: يا لطف الله! ذلك أن الصفة ليست هي الموصوف؛ فالرحمة ليست هي الله، بل هي صفةٌ لله، وكذلك العزة، وغيرها؛ فهذه صفات لله، وليست هي الله، ولا يجوز التعبد إلا لله، ولا يجوز دعاء إلا الله؛ لقوله تعالى: ( يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ) [النور: 55]، وقوله تعالى (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) [غافر:60] وغيرها من الآيات (انظر: ((فتاوى الشيخ ابن عثيمين)) (1/ 26 – ترتيب أشرف عبد المقصود)، وقد نسب هذا القول لشيخ الإسلام ابن تيمية، لكن ينبغي هنا أن نفرق بين دعاء الصفة كما سبق وبين دعاء الله بصفة من صفاته؛ كأن تقول: اللهم ارحمنا برحمتك، فهذا لا بأس به. والله أعلم.) صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف – ص17
رابعاً: الإيمان بأسمائه وصفاته ” توحيد علمى أو معرفة ” .
تعريفه : الإيمان بما وصف الله به نفسه , ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ” تأويل فاسد”ولا تشبيه ولا تعطيل ولا تمثيل ولا تكييف ولا تفويض المعنى
الدليل : ( وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا)] لأعراف : 180 [( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) ] الشورى: 11[
قواعد مهمة:
أعلم رحمك الله أن كل الفرق التى فارقت الإسلام أختلفت مع الفرقة الناجية فى أصول كليه وأهمها الإيمان بالله وخآصة توحيد الأسماء والصفات ولذلك يجب علينا أن تفهم معتقد السلف الصالح حتى لا نضل الطريق وهذه أربع قواعد بالأدلة لفهم باب الأسماء والصفات وهم
القاعدة الأولى :
نثبث ما ثبته الله تعالى لنفسه أو ثبته رسوله صلى الله عليه وسلم بفهم السلف الصالح فقط
والدليل : قول الله تعالى (قُلْ ءَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ)] البقرة 139[ وقول الرسول صلى الله عليه وسلم {.. فَأَنَا ، وَاللهِ ، أَعْلَمُكُمْ بِاللهِ ، وَأَتْقَاكُمْ لَهُ } متفق عليه
وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله : “لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله، لا يتجاوز القرآن والحديث
والمثال والتطبيق العملى : يسأل سائل هل يوصف الله بالمحبة ؟
نقول نعم الحب والمحبة
صفاتٌ لله عَزَّ وجَلَّ فِعْلِيَّةٌ اختيارِيَّةٌ ثابتةٌ بالكتاب والسنة والإجماع
الدليل من الكتاب قوله تعالى:(فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ )[المائدة: 54[
الدليل من السنةحديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: (إنَّ الله يحب العبد التقي، الغني، الخفي) (رواه مسلم (2965).
الدليل من الإجماع :
فأهل السنة والجماعة يثبتون صفة الحب والمحبة لله عَزَّ وجَلَّ، ويقولون: هي صفة حقيقية لله عَزَّ وجَلَّ، على ما يليق به، وليس هي إرادة الثواب؛ كما يقول المؤولة كما يثبت أهل السنة لازم المحبة وأثرها، وهو إرادة الثواب وإكرام من يحبه سبحانه قال شيخ الإسلام ابن تيمية في إنَّ الكتاب والسنة وإجماع المسلمين أثبتت محبة الله لعباده المؤمنين ومحبتهم له(مجموع الفتاوى 2/ 354):
وهذه القاعدة نرد بها على من ينفون الصفات لان الله اعلم بنفسه منهم وهو ثبت لنفسه صفات وسبحان الله يثبون للمخلوق الكمال ولله النقص !!
او يحرفون فهم الآيات لأن الله تعالى أعلم بما ينزل فلو كان الظاهر غير مراد لجاء البيان بذلك
او يفوضون تفويض المعنى للصفات لان الله تعالى وصف كتابه بأنه تبيان لكل شيء فقال:( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ )[النحل: 89 [وكلام الله نزل بالعربية
القاعدة الثانية :
ننفى ما نفاه الله تعالى عن نفسه أو نفاه رسوله صلى الله عليه وسلم بفهم السلف الصالح فقط والدليل : قوله تعالى ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) ] الشورى: 11 [وقوله تعالى ( وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) ]60الشورى [
والمثال والتطبيق العملى : يسأل سائل هل صفات الله مثل صفات المخلوقين ؟
نقول كلا لقوله تعالى ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) [الشورى: 11] وقوله: ( هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً )[مريم: 65]
وهذه القاعدة نرد بها على من شبه او جسم صفات الله بصفات البشر فكيف تشبه الخالق بالمخلوق !!!
القاعدة الثالثة :
نسكت عما سكت عنه الله ورسوله فقط
والدليل : قول الله (وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا) ] طه 110[ إى إن الأصل إننا لا نعرف شئ عن أسماء الله وصفاته إلا عن طريق الوحى لأن الأسماء والصفات توقيفية بالأجماع ولقول رسول الله (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )” . أخرجه الشيخان في ” صحيحيهما
قال شيخ الإسلام رحمه الله: ما لم يرد به الخبر إن علم انتفاؤه نفيناه وإلا سكتنا عنه فلا نثبت إلا بعلم ولا ننفي إلا بعلم… فالأقسام ثلاثة: ما علم ثبوته أثبت، وما علم انتفاؤه نفي، وما لم يعلم نفيه ولا إثباته سكت عنه، هذا هو الواجب، والسكوت عن الشيء غير الجزم بنفيه أو ثبوته { شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائى 16/431
والمثال والتطبيق العملى ؟ يسأل سائل ما هى كيفية صفات الله ؟
نقول الله أعلى وأعلم ولا نثبت شئ لم يثبته القران والسنة ونسكت لقول الله تعالى: ( وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ) [الإسراء: 36]
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: (من علم فليقل، ومن لم يعلم فليقل: الله أعلم، فإن من العلم أن يقول لما لا يعلم: لا أعلم؛ فإن الله قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِي نَ )[ص: 86]) (متفق عليه ).
فنحن نثبت الصفات لان الله تكلم عنها والرسول تكلم عنها ونسكت عن كيفية الصفات لان الله سكت عنها والرسول سكت عنها
وهذه القاعدة نرد بها على أهل (فالتكييف) وهو: جعل الشيء على حقيقة معينة من غير أن يقيدها بمماثل ولمن يصفون كيفية الصفات او يسألون عنها سبحان الله تخبر بشيء لم يخبر به الله او رسوله
وكذلك نرد بها على من ينفون او يثبتون صفات لم يثبتها الله أو ينفيها
القاعدة الرابعة:
التوقف في الألفاظ المجملة التي لم يرد إثباتها ولا نفيها
أما معناها؛ فَيُسْتفصل عنه، فإن أريد به باطل يُنَزَّه الله عنه؛ رُدَّ، وإن أريد به حق لا يمتنع على الله؛ قُبِلَ، مع بيان ما يدلُّ على المعنى الصواب من الألفاظ الشرعية، والدعوة إلى استعماله مكان هذا اللفظ المجمل الحادث) (التدمرية/ 65)، (مجموع الفتاوى) (5/ 299 و6/ 36)).
والمثال والتطبيق العملى ؟: سائل يسأل هل لله (الجهة)؟
نتوقف في إثباتها ونفيها، ونسأل قائلها: ماذا تعني بالجهة؟ فإن قال: أعني أنه في مكان يحويه قلنا: هذا معنى باطل يُنَزَّه الله عنه، ورددناه وإن قال: أعني جهة العلو المطلق؛ قُلْنا: هذا حق لا يمتنع على الله وقبلنا منه المعنى، وقلنا له: لكن الأولى أن تقول: هو في السماء، أو في العلو؛ كما وردت به الأدلة الصحيحة، وأما لفظة (جهة)؛ فهي مجملة حادثة، الأولى تركها
وهذه القاعدة نرد بها على أهل الكلام والفلسفة وأهل البدع