يعرضُ لطالبِ العلمِ الشريفِ الكثيرُ من الصوارفِ والعقباتِ, منها: الاشتغال بالمفضولِ دون الفاضل, وبمُلحِ العلم عن أصوله, وبنفلهِ عن واجبه, وأكثرُ من ذلك نزولاً تتبُع شواذ المسائلِ وما لا يعودُ على العبدِ بنفعٍ في دينه ودنياه, وكل هذا مِمَا يُفرحُ الشيطان, ولا يُبالي بأيهم ظفر.
ومن كان هذا حالهُ نادراً ما ينتفع بعلمه, أو ينفع غيره, لذا وجب على طالب العلم النبيه أن يشتغل بالنافع لنفسه, ولغيره, فأنفع المؤمنين للمؤمنين من كمَّل نفسه أولاً, وسعى لتكميل غيره ثانياً, وهذا مجمل ما دلت عليه سورةُ العصر, ]راجع تفسير العسدي[.

يقولُ ابنُ القيمِ _رحمهُ اللهُ _:" أعلى الهمم في طلب العلم, طلب علم الكتاب والسنة, والفهم عن الله ورسوله نفس المراد, وعلم حدود المنزل.
وأخّس همم طلاب العلم, من قصر همته على تتبع شواذ المسائل, وما لم ينزل, ولا هو واقع, أو كانت همته معرفة الاختلاف, وتتبع أقوال الناس, وليس له همة الى معرفة الصحيح من تلك الأقوال.
وقلّ أن ينتفع واحد من هؤلاء بعلمه.
وأعلى الهمم في باب الارادة أن تكون الهمة متعلقة بمحبة الله والوقوف مع مراده الديني الأمري.
وأسفلها أن تكون الهمة واقفة مع مراد صاحبها من الله, فهو إنما يعبد لمراده منه لا لمراد الله منه, فالأول يريد الله ويريد مراده, والثاني يريد من الله وهو فارغ عن إرادته". ( الفوائد ص:204)
نفعنا الله وإياكم بما نقرأ ونسمع.