تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 20 من 20

الموضوع: أخبار الأنبياء في السنة النبوية(متجدد إن شاء الله)

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي أخبار الأنبياء في السنة النبوية(متجدد إن شاء الله)

    أخبار الأنبياء في السنة النبوية
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


    المقدمة


    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد
    فقد حث رب العزة عز وجل على الاعتبار بآثار الأمم السابقة وأحوالهم، فذكر في كتابه الكريم كثيرًا من أخبار الأنبياء والأمم والملوك الذين أخذت قصصهم شريحة كبيرة من آيات القرآن الكريم، مما يدل على الأهمية الكبيرة، والأثر العظيم لهذا القصص، وهذه الأخبار:
    - قص الله على رسوله قصص السابقين في القرآن:
    قال تعالى: (كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آَتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا) [طه، آية: 99].
    - وعقب على قصص الأقوام السابقين وما جرى لهم:
    (ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ ) [هود، آية: 100].
    (تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ ) [الأعراف، آية: 101].
    - وقد أمر الله تعالى نبيه بأن يقص على الناس القصص ليدفعهم إلى التفكر والاعتبار، فقال: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ *سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ )[الأعراف، آية: 175 – 177].
    - وعقب على قصص الأقوام المعذبين الذين أصابهم العذاب نتيجة عصيانهم، محذرًا الذين يأتون بعدهم أن يفعلوا كفعلهم، فيصيبهم ما أصابهم فقال:
    (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآَثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ ) [غافر، آية: 21].
    (وَقَالَ الَّذِي آَمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ * مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ ) [غافر، آية: 30- 31].
    (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ ) [الحشر، آية: 2].
    - وعقب على قصص الأنبياء الكرام صلوات الله عليهم بأنها تثبت الفؤاد، وتبعث الهمة، وتشد العزيمة؛ فقال: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ) [هود، آية: 120].
    - وجعل في سماع قصص السابقين من الأنبياء وغيرهم عبرة وعظة، وفي ذلك يقول سبحانه: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) [يوسف، آية: 111].
    يقول العلامة ابن خلدون في مقدمته:
    «اعلم أن فن التاريخ فن غزير المذهب، جم الفوائد، شريف الغاية، إذ هو يوقفنا على أحوال الماضين من الأمم في أخلاقهم، والأنبياء في سيرهم، والملوك في دولهم وسياستهم، حتى تتم فائدة الاقتداء في ذلك لمن يرومه في أحوال الدين والدنيا»(1).
    ولقد ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز طائفة من الرسل والأنبياء ، وعددهم خمسة وعشرون نبياً ، منهم ثمانية عشر نبياً في أربع آيات متتاليات من سورة الأنعام وهي قوله تعالى:( وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ) (2) والسبعة الآخرون هم آدم وإدريس وهود وصالح وشعيب وذو الكفل ومحمد عليهم صلوات الله وسلامه أجمعين.اهـ . ولا يعني ذكر هؤلاء الأنبياء في القرآن أنهم هم الذين نُبئوا أو أُرسل إليهم فقط من دون الناس . لا. ليس هذا المراد ، بل إن هناك كثير من الأنبياء والرسل لا نعلمهم ولم يرد ذكرهم في القرآن قال تعالى:( وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ )(3) وتلك لحكمةٍ الله أعلم بها . وينصر ذلك قوله عليه الصلاة والسلام في حديث أبي سعيد الخدري ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( إني خاتم ألف نبي وأكثر مابعث نبيٌ يتبع إلا وقد حذر أمته الدجال...الحديث ) (4) وفي حديث أبي ذر قال: قلت يارسول الله كم المرسلون ؟ قال: ثلاث مائة وبضعة عشر جماً غفيراً ،وقال مرة خمسة عشر ..الحديث (5) .
    قال القاسمي : ثم اعلم أن قصص القرآن الكريم لا يراد بها سرد تاريخ الأمم أو الأشخاص ، وإنما هي عبرة للناس، كما قال تعالى في سورة هود ، بعدما ذكر موجزاً من سيرة الأنبياء عليهم السلام مع أقوامهم : (وكلاً نقص عليك من أنباء الرسل ...) إلخ ... وقال : وفي تلك القصص فوائد عظيمة، وأفضل الفوائد وأهم العبر فيها التنبيه على سنن الله تعالى في الاجتماع البشري، وتأثير أعمال الخير والشر في الحياة الإنسانية... إلخ (6).

    (1) مقدمة ابن خلدون (ص9).
    (2) الأنعام (83-86)
    (3) النساء 164
    (4) رواه أحمد في مسنده في باقي مسند المكثرين (11343 ترقيم إحياء التراث) ، والحديث رواه البخاري في كتاب الحج ،ومسلم في الفتن وأشراط الساعة، والترمذي في الفتن ولكنهم لم يذكر قوله صلى الله عليه وسلم إني خاتم ألف نبي. الحديث.
    (5) رواه الإمام أحمد في مسند الأنصار برقم 21036
    (6) تفسير القاسمي (1/74)


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي

    أخبار الأنبياء في السنة النبوية
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


    الحلقة (1):
    قصة آدم عليه السلام (1)

    هو أبو البشر، خلقه الله بيده وأسجد له الملائكة وعلمه الأسماء وخلق له زوجته وأسكنهما الجنة وأنذرهما أن لا يقربا شجرة معينة ولكن الشيطان وسوس لهما فأكلا منها فأنزلهما الله إلى الأرض ومكن لهما سبل العيش بها وطالبهما بعبادة الله وحده وحض الناس على ذلك، وجعله خليفته في الأرض، وهو أول الأنبياء.
    خلق آدم عليه السلام:
    عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم ) (1) اللفظ لمسلم.
    الجان: الجن.
    المارج: اللهب المختلط بسواد النار.
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله عز وجل، قد أذهب عنكم عُبَيَّة الجاهلية وفخرها بالآباء، مؤمن تقي، وفاجر شقي، أنتم بنو آدم. وآدم من تراب. ليدعن رجال فخرهم بأقوام، إنما هم فحم من فحم جهنم، أو ليكونن أهون على الله من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن» (2).
    الطين الذي خلقه منه آدم عليه السلام:
    عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله تعالى خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، فجاء منهم الأحمر، والأبيض، والأسود، وبين ذلك، والسهل والحزن، والخبيث، والطيب، وبين ذلك»(3).
    عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله خلق آدم من تراب، ثم جعله طيناً، ثم تركه حتى إذا كان حمأً مسنوناً خلقه الله وصوّره، ثم تركه حتى إذا كان صلصالاً كالفخار.قال: فكان إبليس يمر به فيقول: لقد خلقت لأمر عظيم!
    ثم نفخ الله فيه من روحه؛ فكان أول ما جرى فيه الروح بصره وخياشيمه؛ فعطس؛ فلقّاه الله حمد ربه، فقال الله: يرحمك ربك. ثم قال الله: يا آدم! اذهب إلى هؤلاء النفر؛ فقل لهم: السلام عليكم؛ فانظر ماذا يقولون؟ فجاء؛ فسلم عليهم؛ فقالوا: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته. فقال:يا آدم! هذه تحيتك وتحية ذريتك. قال: يا رب! وما ذريتي ؟ قال: اختر يدي يا آدم، قال: أختار يمين ربّي وكلتا يدي ربي يمين، فبسط كفه؛ فإذا من هو كائن من ذريته في كف الرحمن، فإذا رجال منهم على أفواههم النور، وإذا رجل يعجب آدم نوره، قال: يا رب! من هذا؟ قال: ابنك داود، قال: يا رب! فكم جعلت له من العمر ؟ قال: جعلت له ستين، قال: يا رب! فأتم له من عمري حتى يكون عمره مائة سنة. ففعل الله ذلك؛ وأشهد على ذلك.
    فلما تقدم عمر آدم بعث الله إليه ملك الموت؛ فقال آدم: أولم يبق من عمري أربعون سنة ؟ قال له الملك: أو لم تعطها ابنك داود ؟! فجحد ذلك، فجحدت ذريته، ونسي؛ فنسيت ذريته »(4)
    وقد ذكر الله لنا وصف خلق آدم عليه السلام في القرآن ويمكن أن يقال إن خلق آدم على ثلاث مراحل
    المرحلة الأولى :
    يمكن الإصطلاح عليها بالمرحلة الترابية و دليلها قوله تعالى في سورة الروم : ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ ) من قبضة قبضها ربنا جل وعلا من جميع الأرض فكانت مخلطة فلذلك كان في الناس الحزن والسهل والأسود والأبيض وما تراه من اختلاف الناس.
    المرحلة الثانية :
    مزج هذا التراب بالماء حتى أصبح طيناً وهذا قول ربنا في سورة الصافات : ( إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لَّازِبٍ ) .
    المرحلة الثالثة :
    هذا الطين ترك مدة حتى جف و أصبح كالصلصال بحيث لو قرعته لأحدث صوتاً وهذا قول ربنا في سورة الرحمن : ( خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ )

    أول ما خلق من آدم عليه السلام:
    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما بين النفختين أربعون» قالوا: يا أبا هريرة! أربعون يومًا، قال: أبيت، قالوا: أربعون شهرًا، قال: أبيت. قالوا: أربعين سنة، قال: أبيت «ثم ينزل الله من السماء ماءً فينبتون كما ينبت البقل».
    قال: «وليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظمًا واحدًا، وهو عَجب الذنب، ومنه يركب الخلق يوم القيامة» اللفظ لمسلم.
    وفي لفظ آخر جاء ما يلي: «كل بني آدم يأكله التراب إلا عَجب الذنب منه خلق ومنه يركب»(5).
    عجب الذنب: العظم الذي في أصل الصلب (الظهر) فإنه قاعدة البدن.
    ومنه يركب: خلقه يوم القيامة.
    وبلاء أجسام الناس في قبورهم ليس على عمومه مع كل الناس فقد جاء في الفتح الرباني لترتيب مسند أحمد بن حنبل الشيباني (20/28) ما نصَّه:
    قال العلماء: هذا عام خص منه نحو عشرة أصناف كالأنبياء والشهداء والصديقين والعلماء العاملين والمؤذن المحتسب وحامل القرآن العامل به كما جاء في الأحاديث.
    ويستفاد مما سبق:
    1- أن خلق آدم كان على مراحل وقد كان التنوع في وصف القرآن حسب اختلاف كل مرحلة.
    2- أن سبب اختلاف الناس في ألوانهم وطبائعهم وعاداتهم يعود إلى اختلاف التربة التي كانت أصل نشأة أبيهم آدم عليه السلام.
    ______________________________ __________
    (1) أخرجه مسلم برقم (2996).
    (2) أخرجه الترمذي برقم(3950)، وأبوداود (5116)، وأحمد في المسند(2/523 – 524)، وقال الترمذي: حسن غريب، ونقل المنذري تصحيحه.
    (3) أخرجه الترمذي برقم (2955)، وأبوداود (4693)، وابن سعد (1/1/26)، وابن خزيمة في التوحيد، ص(44)، والبيهقي في السنن (9/3)، وفي الأسماء والصفات، ص(357، 358)، وأبو نعيم في الحلية (3/104) (8/135)، وابن جرير في التفسير (1/481، 645) وعبد بن حميد في المنتخب (548)، وابن حبان كما في الموارد (2083، 2084)، والإحسان (6160)، والحاكم (2/261 – 262)، وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي. وزاد السيوطي نسبته في الدر (1/46) للحكيم الترمذي في نوادر الأصول، وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة، وابن مردويه.
    (4) صحيح-أخرجه أبو يعلى(6580)، والترمذي(3076و3368)، والنسائي في «عمل اليوم والليلة»(219و220)، وابن أبي عاصم في«السنة»(206)، وابن حبان(6167)، والحاكم(1/64و2/585و4/263)، وابن أبي حاتم في«التفسير»(5/1614/8535 5/1614/8535 ( والحديث صحيح بمجموع طرقه، والله أعلم.
    (5) أخرجه البخاري (4814)، ومسلم برقم (2955).



  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي

    أخبار الأنبياء في السنة النبوية
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


    الحلقة (2):
    قصة آدم عليه السلام (2)




    قول إبليس عن آدم عليه السلام:
    عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لما صور الله تعالى آدم في الجنة، تركه ما شاء الله أن يتركه، فجعل إبليس يطيف به، ينظر إليه، فلما رآه أجوف، عرف أنه خلقٌ لا يتمالك»(1).
    يطيف به: طاف بالشيء يطوف طوفًا وطوافًا – إذا استدار حواليه.
    فلما رآه أجوف: الأجوف صاحب الجوف. وقيل: هو الذي داخله خالٍ.
    لا يتمالك: لا يملك نفسه ويحبسها عن الشهوات. وقيل: لا يملك دفع الوسواس عنه، وقيل: لا يملك نفسه عند الغضب. والمراد جنس بني آدم.
    مرحلة ما بين الروح والجسد:
    عن العرباض بن سارية قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إني عند الله في أم الكتاب لخاتم النبيين، وإن آدم لمنجدل في طينته، وسأنبئكم بتأويل ذلك، دعوة أبي إبراهيم، وبشارة عيسى قومه، ورؤيا أمي التي رأت أنه خرج منها نور، أضاءت له قصور الشام»(2).
    منجدل: ملقى على الأرض.
    في طينته: يعني وهو في مرحلة الطين التي سبق ذكرها في حديث أنس رقم(5).
    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قالوا: يا رسول الله متى وجبت لك النبوة؟
    قال: «وآدم بين الروح والجسد»(3).
    قوله: «وآدم بين الروح والجسد»: أي وجبت لي النبوة والحال أن آدم مطروح على الأرض صورة بلا روح، والمعنى أنه قبل تعلق روحه بجسده.
    متى خلق الله آدم؟ :
    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال: «خلق الله التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الاثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبث فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم بعد العصر من يوم الجمعة، في آخر الخلق، في آخر ساعة من ساعات الجمعة، فيما بين العصر إلى الليل»(4).
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم وفيه أُدخل الجنة، وفيه أخرج منها».
    وفي لفظ أبي داود: «خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أُهبط، وفيه تيب عليه، وفيه مات، وفيه تقوم الساعة، وما من دابة إلا وهي مسيخة يوم الجمعة من حيث تطلع الشمس شفقًا من الساعة إلا الجن والإنس وفيه ساعة لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلي يسأل الله عز وجل حاجة إلا أعطاه إياها»(5).
    مسيخة: ويروى (مصيخة): منتظرة لقيام الساعة.
    ويستفاد مما سبق
    1- أن آدم خلق في آخر ساعة بعد عصر يوم الجمعة
    2- أن على المرء أن يعتصم بالله ويستعيذ به من كيد الشيطان ووسوسته فإن لم يفعل ذلك فهو ضعيف إن اعتمد على نفسه واستسلم للشيطان.
    ____________________
    (1) أخرجه مسلم (2611)، وابن سعد (1/27)، والحاكم(2/542) والبيهقي في الأسماء والصفات (ص 386)، وعبد ا لله بن أحمد في الزهد ص(48)، والطيالسي برقم (2024)، وابن حبان في الإحسان (6163)، وأحمد في المسند (3/152، 229، 240، 254)، وزاد السيوطي عزوه في الدر المنثور (1/48) لأبي الشيخ في العظمة، وقد أخرجه عبد بن حميد في المنتخب حديث (1386).
    (2) أخرجه أحمد في المسند (4/127، 128)، والبيهقي في الدلائل (1/80)، والطبراني في الكبير (18/252)، والبزار كما في كشف الأستار (3/112 – 113) رقم (2365)، والحاكم في المستدرك (2/600) جميعًا من طريق سعيد بن سويد عن عبد الأعلى بن هلال السلمي به. وقال الهيثمي (8/223) في مجمع الزوائد: رواه أحمد بأسانيد والطبراني بنحوه والبزار وأحد أسانيد أحمد رجاله رجال الصحيح غير سعيد بن سويد وقد وثقه ابن حبان وللحديث شواهد من حديث ميسرة الفجر أخرجه أحمد (5/59)، والحاكم (2/608 – 609)، والبيهقي في الدلائل (1/84 – 85)، وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وأقره الذهبي.
    (3) أخرجه الترمذي (3609)، والحاكم في المستدرك (2/609)، وقال الترمذي: حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه؛ قلت: الحديث صحيح انظر شواهده في صحيح السيرة النبوية للمؤلف برقم : (11).
    (4) أخرجه مسلم برقم (2789)، والنسائي في الكبرى كما في تحفة الأشراف (10/122)، والبيهقي في الأسماء والصفات (ص 275 – 276، 283)، الدولابي في الكنى (1/175)، وابن مندة في التوحيد (2/25)، وابن معين في التاريخ والعلل (3/52)، والطبراني في التاريخ (1/23، 45)، وأحمد في المسند (2/327).
    (5) أخرجه مسلم برقم (854)، وأبو داود (1046)، والترمذي (488) (491)، والنسائي (3/90- 91) رقم (1373) (1374) (3/113 – 114) برقم (1430)، والبيهقي (3/250)، وأحمد في المسند(2/486، 504، 512، 540).




  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي


    أخبار الأنبياء في السنة النبوية
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


    الحلقة (3):
    قصة آدم عليه السلام (3)



    إخراج الذرية من آدم عليه السلام:
    عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خلق الله آدم، فضرب كتفه اليمنى، فأخرج ذرية بيضاء كأنهم اللبن، ثم ضرب كتفه اليسرى، فخرج ذرية سوداء كأنهم الحمم، قال: هؤلاء في الجنة ولا أبالي، وهؤلاء في النار ولا أبالي)(1).
    وعن عبد الرحمن بن قتادة السلمي، وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله عز وجلَّ خلق آدم، ثم أخذ الخلق من ظهره، وقال: هؤلاء إلى الجنة ولا أبالي، وهؤلاء إلى النار ولا أبالي، فقال قائل: يا رسول الله فعلى ماذا نعمل؟ قال: على مواقع القدر).(2)
    وعن عبدالله بن الديلمي، قال: دخلت على عبد الله بن عمرو، فقلت: إنهم يزعمون أنك تقول: الشقي من شقي في بطن أمه؟ فقال: لا أحل لأحد يكذب عليَّ. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:( إن الله خلق خلقه في ظلمة، وألقى عليهم من نوره، فمن أصابه من ذلك النور، اهتدى، ومن أخطأ ضل )(3)، فلذلك أقول: جف القلم عن علم الله جل وعلا.
    وعن هشام بن حكيم رضي الله عنه: أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أنبتدئ الأعمال أَم قد قضى القضاء؟
    فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله أخذ ذرية آدم من ظهره ثم أشهدهم على أنفسهم (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى ) ثم أفاض في كفة فقال: «هؤلاء في الجنة، وهؤلاء في النار. أما أهل الجنة فميسرون لعمل أهل الجنة. وأما أهل النار فميسرون لعمل أهل النار )(4).
    وهذا يدل على أن الأخذ بالأسباب هو من قدر الله تبارك وتعالى، وليس مناقضاً للقدر ولا منافياً له. وقد فقَّه الرسول صلى الله عليه سلم بمعنى القدر، وأنه لا يُوجبُ ترك العمل، بل يوجب الجد والاجتهاد فيه لبلوغه ما يطمح الإنسان في نيله وتحقيقه، فقد سأل الصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم عن فائدة العمل إذا كانت الأعمال مقدرة مقضية جفَّ بها القلم، وفرغ منها رب العالمين، فقال: ((اعملوا فكل ميسر لما خلق له))(1) وقرأ عليه السلام:( فَأَما مَن أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَما مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ) [الليل:5-10]. وقال بعض الصحابة الذين فقهوا عن الله ورسوله مراده لما سمع أحاديث القدر: ما كنت بأشدّ اجتهاداً مني الآن. إن الذي يفقه عن الله مراده في القدر يعلم أن القدر السابق لا يمنع العمل، ولا يوجب الاتكال، بل يدفع إلى الجد والاجتهاد والحرص على تحصيل ما ينفعه في الدنيا والآخرة. والعقلاء من البشر يعلمون أنهم لا يستقلون بفعل ما يريدون، فكثير منهم تتهيأ له الأسباب، ثم يحال بينه وبين ما يشتهي وما يريد (حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ )[يونس:24]. يذكر اللالكائي أن رجلاً طلب من جاريته أن تسقيه، فجاءته بقدح من زجاج، فصبت له ماء، فوضعه على راحته، ثم رفعه إلى فيه، ثم قال: يزعم ناس أني لا أستطيع أن أشرب هذا، ثم قال: هي حرة إن لم أشربه (يعني جاريته التي صبت الماء) فما كان من الجارية إلا ضربت القدح بِردن قميصه، فوقع القدح وانكسر وأهرق الماء (2) .
    فأثبتت الجارية لهذا المسكين أنه لا يقدر على كل ما يريد ما لم يقدره الله، وحررت نفسها من رق العبودية. وكم من ثري أو قوي أو مُقدّم قوم ظن أن الدنيا خضعت له وأعطته زمامها، وجد نفسه عاجزاً لا يستطيع أن يفعل شيئاً، قد يقعده عن فعل ما يشتهي عدو طاغ، أو مرضٌ مُقْعِدٌ، أو خيانة صديق. أو طمع محب ( وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ ) [سبأ: 54 [
    أخذ الميثاق على ذرية آدم عليه السلام :
    عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم بـ«نعمان» يوم عرفة، وأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها فنثرهم بين يديه كالذر، ثم كلمهم قبلاً قال: (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ *أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ) [الأعراف: 172، 173].
    عرض ذرية آدم عليه السلام عليه حين خلق:
    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لما خلق الله آدم مسح ظهره، فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة، وجعل بين عيني كل إنسان منهم وبيصًا من نور، ثم عرضهم على آدم، فقال: أي رب من هؤلاء؟ قال: هؤلاء ذريتك، فرأى رجلاً منهم فأعجبه وبيص ما بين عينيه، فقال: أي رب من هذا؟ فقال: هذا رجل من آخر الأُمم من ذريتك يقال له داود. فقال: رب كم جعلت عمره؟ قال: ستين سنة، قال: أي رب زِده من عمري أربعين سنة، فلما قضى عمر آدم جاءه ملك الموت، فقال: أَوَلَـمْ يبق من عمري أربعون سنة؟ قال: أَوَلَـمْ تعطها ابنك داود؟ قال: فجحد آدم فجحدت ذريته، ونسي آدم فنسيت ذريته، وخطئ آدم فخطئت ذريته»(5).
    وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يقال للرجل من أهل النار يوم القيامة: لو كان لك ما على الأرض من شيء أكنت مفتديًا به؟ قال: فيقول: نعم. فيقول: قد أردت منك ما هو أهون من ذلك، قد أخذت عليك في ظهر آدم ألا تشرك بي شيئًا، فأبيت إلا أن تشرك»(6).
    ويستفاد مما سبق :
    1- ضرورة الأخذ بالأسباب مع عدم جواز الاعتماد عليها ومن ذلك العمل وترك الاعتماد على ما في الكتاب.
    2- أن النسيان والخطأ جُبل عليه البشر من لدن آدم عليه السلام.
    ______________________________ __________
    (1) أخرجه ابن عساكر (15/136/1)، وفي التهذيب (2/347، 348)، وأحمد وابنه عبد الله في زوائد المسند (6/441) وإسناده صحيح.
    (2) أخرجه أحمد في المسند (4/186)، وابن سعد في الطبقات (1/30) (7/417)، والحاكم في المستدرك (1/31)، وقال الحاكم: صحيح ووافقه الذهبي، وهو حديث صحيح كما قالا، وقال الهيثمي في المجمع (8/201): رواه الطبراني وإسناده جيد.
    (3) أخرجه الترمذي برقم (2642)، والآجري في الشريعة (ص175)، واللالكائي في السنة (1077، 1079)، والبزار كما في كشف الأستار (2145)، والحاكم في المستدرك (1/30)، وابن أبي عاصم في السنة (241، 242، 243، 244)، وأحمد في المسند (2/176، 197) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وقال الهيثمي في المجمع (7/193 – 194)، رواه أحمد بإسنادين والبزار والطبراني ورجال أحد إسنادي أحمد ثقات.
    (4) أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (4/2/191 – 192)، والطبراني في الكبير (22/168) رقم (434)، والبزار كما في الكشف (2140)، والطبري في التفسير (15377، 15378)، والآجري في الشريعة (ص 172)، والبيهقي في الأسماء والصفات (ص 326)، وقال الهيثمي (7/186): رواه البزار والطبراني وفيه بقية ابن الوليد وهو ضعيف ويحسن حديثه بكثرة الشواهد وإسناد الطبراني حسن.
    قلت وقد صرح بقية بالتحديث فزالت شبهة التدليس.
    (5) أخرجه الترمذي برقم (3076)، وابن سعد في الطبقات (1/28)، وابن أبي عاصم في السنة (204)، وابن حبان كما في الموارد (2082)، والحاكم في المستدرك (2/325)، والبيهقي في السنن (10/147)، وقال الترمذي: حسن صحيح، والحديث صحيح.
    (6) أخرجه البخاري رقم (3334، 6538، 6557)، ومسلم برقم (2805).



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي

    أخبار الأنبياء في السنة النبوية
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


    الحلقة (4):
    قصة آدم عليه السلام (4)


    هيئة آدم عليه السلام:
    - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( خلق الله آدم على صورته، وطوله ستون ذراعًا، ثم قال: اذهب فسلم على أولئك النفر – وهم نفر من الملائكة جلوس – فاستمع ما يحيونك، فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فذهب فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليكم ورحمة الله، فزادوه ( ورحمة الله) فكل من يدخل الجنة على صورة آدم في طوله ستون ذراعًا، فلم تزل الخلق تنقص بعده حتى الآن)(1).
    - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا قاتل أحدكم أخاه، فليجتنب الوجه، فإن الله خلق آدم على صورته»(2).(3)
    نفخ الروح في آدم عليه السلام:
    من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لما نفخ في آدم الروح مارت وطارت، فصارت في رأسه، فعطس، فقال: الحمد لله رب العالمين، فقال الله: يرحمك الله )(4).
    تعليم آدم الأسماء كلها:
    - عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( يجمع الله المؤمنين يوم القيامة، كذلك فيقولون: لو استشفعنا إلى ربنا حتى يرجعنا من مكاننا هذا، فيأتون آدم فيقولون: يا آدم أما ترى الناس؟
    خلقك الله بيده، وأَسجد لك ملائكته، وعلَّمك أسماء كل شيء، اشع لنا إلى ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا، فيقول: لست هناك – ويذكر لهم خطيئته التي أصاب – ولكن ائتوا نوحًا فإنه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض... الحديث)(5) اللفظ للبخاري.
    - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد، اعتزل الشيطان يبكي. يقول: يا ويله، أُمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأُمرت بالسجود فعصيت فلي النار»(6). اللفظ لمسلم.
    إذا قرأ ابن آدم السجدة: معناه آية السجدة.
    ويستفاد مما سبق:
    1- أن الله خلق آدم عليه السلام على صورة الرحمن؛ ففيه من صفات الرحمن الشيء الكثير.
    2- أن التحميد عند العطاس سنة ابتدأها أبونا آدم عليه السلام.
    3- تكريم الله لآدم عليه السلام بأن أسجد له ملائكته الكرام، وعلمه أسماء كل شيء.
    _________________________
    (1) أخرجه البخاري برقم (3326) (6227)، ومسلم برقم (2841).
    (2) أخرجه مسلم برقم (2612).
    (3) هذا تعليق هام حول معنى الحديث:
    الصورة يعبر بها ويراد الصفة، فهذه صورة هذا الأمر؛ أي صفته، فيكون المعنى خلق الله آدم على صفته من الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والإرادة
    وبهذا يتبين أن الصورة كالصفات الأخرى ، فأي صفة ثبتت لله تعالى بالوحي وجب إثباتها والإيمان بها. وأنَّ الصورة هنا بمعنى الصفة؛ لأنَّ الصورة في اللغة تطلق على الصفة.
    كما جاء في الصحيحين أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال «إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم على أشد كوكب دري في السماء إضاءة، لا يبولون، ولا يتغوطون، ولا يتفلون، ولا يمتخطون، أمشاطهم الذهب، ورشحهم المسك، ومجامرهم الألوة - الألنجوج عود الطيب - وأزواجهم الحور العين، على خلق رجل واحد، على صورة أبيهم آدم ستون ذراعا في السماء) صحيح البخاري ( بشرح الفتح) كتاب الأنبياء، باب خلق آدم وذريته (6/ 417) رقم(3326)، صحيح مسلم (بشرح النووي) كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها ، باب فى صفات الجنة وأهلها وتسبيحهم فيها بكرة وعشيا(9/ 3947)، رقم(7018)
    يعني على صفة القمر من الوضاءة والنور والضياء، فقوله صلى الله عليه وسلم «إن الله خلق آدم على صورته»؛ يعني خلق آدم على صورة الرحمن ، يعني على صفة الرحمن، فخص الله آدم من بين المخلوقات بأنَّ جعله مَجْمَع الصفات، وفيه من صفات الله الشيء الكثير؛ يعني فيه من أصل الصفة على التقرير من أنَّ وجود الصفة في المخلوق لا يماثل وجودها في الخالق، فالله له سمع وجعل لآدم صفة السمع، والله موصوف بصفة الوجه وجعل لآدم وجهاً، وموصوف بصفة اليدين وجعل لآدم صفة اليدين، وموصوف بالقوة والقدرة والكلام والحكمة، وموصوف ـ بصفة الغضب والرضا والضحك إلى غير ذلك مما جاء في الصفات؛ فإذن هذا الحديث ليس فيه غرابة كما قال العلامة ابن قتيبة رحمه الله قال (وإنما لم يألفه الناس فاستنكروه (شرح العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية، محمد صالح العثيمين، (1/109)
    وممن أشار إلى هذا القول أيضا إسحاق بن راهويه، والإمام أحمد، فعن إسحاق بن منصور الكوسج قال: قلت لأحمد: " لا تقبحوا الوجوه فإن الله خلق آدم على صورته" أليس تقول بهذه الأحاديث؟ قال أحمد: صحيح .
    وقال ابن راهويه: "صحيح، ولا يدعه إلا مبتدع، أو ضعيف الرأي (الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة، أبو عبدالله ابن بطة، مرجع سابق، (3/ 266(
    وعلى هذا جمهور أهل السنة بل إن شيخ الإسلام ابن تيمية – وهو ممن انتصر لهذا القول وأطال الكلام جدا على هذا الحديث- قال: لم يكن بين السلف من القرون الثلاثة نزاع في أن الضمير في الحديث عائد إلى الله تعالى ، فإنه مستفيض من طرق متعددة ، عنعدد من الصحابة ، وسياق الأحاديث كلها تدل على ذلك. (بيان تلبيس الجهمية، ابن تيمية، القسم السادس (2/ 396)
    وقال الطبراني في كتاب السنة : حدثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل قال: قال رجل لأبي : إن رجلاً قال : خلق الله آدم على صورته , أي صورة الرجل , فقال : كذب , هذا قول الجهمية، وأي فائدة في هذا (عقيدة أهل الإيمان في خلق آدم على صورة الرحمن، حمود بن عبد الله التويجري، ص64 وما بعدها)
    وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية ثلاثة عشر وجهاً لإبطال القول بعود الضمير على غير الله، وتسعة أوجه لإبطال القول بعود الضمير على آدم. انظرها في (عقيدة أهل الإيمان في خلق آدم على صورة الرحمن، حمود بن عبد الله التويجري، ص64 وما بعدها)
    ومما يستدل له على ذلك ما جاء من طريق الأعمش , عن حبيب بن أبي ثابت , عن عطاء , عن ابن عمر بلفظ:" لا تقبحوا الوجه , فإن الله خلق آدم على صورة الرحمن أخرجه عبدالله بن أحمد في السنة،(1/ 268) رقم( 498 ) , وابن أبي عاصم في السنة) 417( , وأخرجه ابن خزيمة في التوحيد وإثبات صفات الرب جل وعلا ( 1 / 85 ) , وأخرجه الآجري في كتاب الشريعة ( 2/ 107 ) و الدارقطني في الصفات(1/ 37)، رقم ( 45 , 48 ) , و البيهقي في الأسماء والصفات، (2/ 64)، رقم ( 640 ) كلهم من طريق جرير عن الأعمش به )
    وهذا نص صريح في أن الله تعالى خلق آدم على صورته.وهذا النص لا يحتمل التأويل، ومن تأوله فقد أبعد النجعة وتكلف غاية التكلف، وقد صححه جمع من العلماء كالإمام أحمد وإسحاق وابن تيمية وابن حجر وقد بين مذهب أهل السنة في ذلك من العلماء المعاصرين الباز والعثيمين وللإستزادة ينظر (أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين، سليمان الدبيخي ، ص 125وما بعدها)
    وكما قال ابن قتيبة: والصورة ليست بأعجب من اليدين والأصابع والعين ، وإنما وقع الإلف لتلك لمجيئها في القرآن ، ووقعت الوحشة من هذه لأنها لم تأت في القرآن ، ونحن نؤمن بالجميع ، ولا نقول في شيء منه بكيفية ولاحد (تأويل مختلف الحديث، أبو محمد ابن قتيبة الدينوري، ص(206)
    قال الذهبي رحمه الله في السير في ترجمة محمد بن إسحاق بن خزيمة – وهو ممن لجأ إلى التأويل في حديث الصورة - : ( وكتابه في التوحيد مجلد كبير , وقد تأول في ذلك حديث الصورة , فليعذر من تأول بعض الصفات , وأما السلف فما خاضوا في التأويل، بل آمنوا وكفوا , وفوضوا علم ذلك إلى الله ورسوله , ولو أن كل من أخطأ في اجتهاده – مع صحة إيمانه وتوخيه لاتباع الحق – أهدرناه , وبدعناه , لقل من يسلم من الأئمة معنا , رحم الله الجميع بمنه وكرمه (سير أعلام النبلاء ( 14/374 -376).
    (4) أخرجه الترمذي برقم (3368)، وابن سعد في الطبقات (1/27 – 28)، والبيهقي في الأسماء والصفات (ص 324 – 325)، والحاكم (1/64) (2/325) (4/263) 2/585 – 586)، والطبري في تاريخه (1/96) وابن أبي عاصم في السنة برقم (203، 205، 206) وابن حبان كما في الموارد (2082).
    وقال الترمذي: حسن غريب. وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي.
    (5) أخرجه البخاري حديث رقم (4476، 6565، 7410، 7440، 7510)، ومسلم حديث رقم (193).
    (6) أخرجه مسلم برقم (81).

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي

    أخبار الأنبياء في السنة النبوية
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


    الحلقة (5):
    قصة آدم عليه السلام (5)


    مدة مكث آدم عليه السلام في الجنة:
    من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال:( ما سكن آدم الجنة إلا ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس )(1)
    سبب خروج آدم عليه السلام من الجنة:
    جاء من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «وهو حديث الشفاعة الطويل» قوله عليه السلام: «... فيقولون يا آدم! أنت أبو البشر، خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، اشفع لنا إلى ربك. ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى إلى ما قد بلغنا؟
    فيقول آدم: إن ربي قد غضب ا ليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنه نهاني عن الشجرة فعصيته، نفسي، نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوح...» (2) الحديث.
    حياء آدم عليه السلام من الله بعد ما عصى وأكل من الشجرة:
    من حديث أُبي بن كعب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن آدم كان رَجُلًا طُوَالًا كأنه نخلةٌ سحوق كثير شعر الرأس، فلما ركب الخطيئة بدت له عورته، وكان لا يراها قبل ذلك، فانطلق هاربًا في الجنة، فتعلقت به شجرة، فقال لها: أرسليني، فقالت: لست بمرسلتك. قال: وناداه ربه: يا آدم أمني تفر؟ قال: رب إني استحييتُكَ»(3) .
    تزويد آدم بثمار الجنة حين أخرج منها:
    حديث أبي موسى الأشعري قال: ورفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله لما أخرج آدم من الجنة زوده من ثمار الجنة وعلمه صنعة كل شيء، فثماركم هذه من ثمار الجنة غير أن هذه تغير، وتلك لا تغير»(4) .
    بكاء آدم عليه السلام على ذنبه حين أنزل من الجنة:
    من حديث بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لو أن بكاء داود عليه السلام وبكاء جميع أهل الأرض يعدل ببكاء آدم ما عدله»(5) .
    توبة آدم عليه السلام ( فتلقى ءادم من ربه كلمات فتاب عليه ):
    من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: ( فتلقى ءادم من ربه كلمات فتاب عليه ) قال: أي رب ألم تخلقني بيدك؟ قال: بلى. قال: أي رب ألم تنفخ فيَّ من روحك؟ قال: بلى. قال: أي رب ألم تسكني جنتك؟ قال: بلى. قال: أي رب ألم تسبق رحمتك غضبك؟ قال: بلى. قال: أرأيت إن تبت وأصلحت؛ أراجعي أنت إلى الجنة؟ قال: بلى. قال: فهو قوله ( فتلقى ءادم من ربه كلمات فتاب عليه ) [البقرة: 37[ .
    تنبيه :
    لا تعارض بين قضاء الله تعالى بخلق آدم عليه السلام لخلافة الأرض ، وبين قضائه عز وجل قصة الشجرة والإغواء ، فقد كانت حادثة أكله عليه السلام من الشجرة ونزوله إلى الأرض بعدها سببا مباشرا لتحقيق القضاء الأول بخلق آدم عليه السلام لعبادة الله وخلافة الأرض في طاعة الله تعالى ؛ فإن الله تعالى إذا قضى الشيء ، قضى له أسبابه الموصلة إليه ؛ فلا تعارض بين القضاء السابق ، وبين الأسباب الحسية أو الشرعية .
    وقد كان لهذا السبب – قصة الأكل من الشجرة – حكم عظيمة جليلة الله أعلم بها ، ولكن يمكننا تلمس بعضها فيما يبدو لنا ، فمن ذلك :
    1_ بداية التكليف : وذلك حين نهى الله عز وجل آدم عليه السلام من الأكل من الشجرة ، فابتدأ التكليف من حينئذ ، ليكون ذلك مقدمة للتكليف الذي يريده الله لبني البشر كلهم من خلال الشرائع التي أرسل الرسل بها .
    2_ معرفة العدو الحقيقي : الذي هو الشيطان الرجيم ، فقد كان سببا في خسارة نعيم الجنة لبني البشر في الدنيا ، وتأجيل ذلك للمؤمنين منهم إلى الآخرة ، فإذا رأى بنو آدم ما بلغه الشيطان بأبيهم عليه السلام بسبب أكلة واحدة من الشجرة ، أدركوا أن ذلك هو عدوهم الذي يستحق العداوة ، وأن الله تعالى هو وليهم الذي يستحق الطاعة والعبادة . قال الله تعالى : ( أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ * وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ ) ]سورة يس/60-62[ وقال تعالى : ( إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) ]فاطر/6 [ .
    3_ تقرير مفهوم التوبة : ففي مسارعة آدم عليه السلام إلى التوبة والإنابة والاستغفار تعليم لجميع بني البشر بما ينبغي أن يكونوا عليه إذا زلوا أثناء ممارستهم خلافة الأرض ، فباب التوبة مفتوح ، والله سبحانه وتعالى يحب من عباده إذا أذنبوا أن يستغفروا ويتوبوا ، ولولا قصة الشجرة والغواية لما استقر مفهوم التوبة في قلوب البشر تقررا تاما .
    يقول القرطبي رحمه الله:
    لم يكن إخراج الله تعالى آدمَ من الجنة وإهباطه منها عقوبة له ؛ لأنه أهبطه بعد أن تاب عليه وقبل توبته , وإنما أهبطه إما تأديباً , وإما تغليظاً للمحنة .
    والصحيح في إهباطه وسكناه في الأرض ما قد ظهر من الحكمة الأزلية في ذلك , وهي نشر نسله فيها ليكلفهم ويمتحنهم ويترتب على ذلك ثوابهم وعقابهم الأخروي , إذ الجنة والنار ليستا بدار تكليف , فكانت تلك الأكلة سبب إهباطه من الجنة ، ولله أن يفعل ما يشاء , وقد قال : (إني جاعل في الأرض خليفة)، وهذه منقبة عظيمة , وفضيلة كريمة شريفة , وقد تقدمت الإشارة إليها مع أنه خلق من الأرض ، وإنما أهبطه بعد أن تاب عليه ، لقوله ثانية : ( وقلنا اهبطوا ) "(6). انتهى.
    ______________________________ ___
    (1) أخرجه الحاكم في المستدرك (2/542)، وابن سعد في الطبقات الكبرى مطولًا (1/34 – 36)، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
    (2) رواه البخاري (4435) ومسلم (501(
    (3) أخرجه ابن سعد في الطبقات (1/31)، والحاكم في المستدرك (2/543 – 544)، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
    وعزاه السيوطي في الدر (1/54) لابن إسحاق في المبتدأ وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في التوبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور – انتهى.
    (4) أخرجه البزار كما في الكشف (2344) (3/102)، وقال الهيثمي في المجمع (8/197): رواه البزار والطبراني ورجاله ثقات.
    وأخرجه الحاكم (2/543) موقوفًا وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي، وزاد السيوطي عزوه في الدر (1/51) لابن أبي حاتم وابن جرير والبيهقي في البعث موقوفًا على أبي موسى وصححه أحمد شاكر في تعليقه على تفسير الطبري برقم (537) .
    (5) قال الهيثمي في المجمع (8/201): رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات.
    (6) الجامع لأحكام القرآن " (1/321)



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي

    أخبار الأنبياء في السنة النبوية
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


    الحلقة (6):
    قصة آدم عليه السلام (6)





    نبوة آدم عليه السلام:
    عن أبي سلام قال: حدثني أبو أمامة أن رجلًا قال: يا رسول الله أنبي كان آدم؟ قال: ( نعم معلم مكلم. قال: كم بينه وبين نوح؟ قال: عشرة قرون. قال: كمن كان بين نوح وإبراهيم؟ قال: عشرة قرون. قال: يا رسول الله كم كانت الرسل؟ قال: ثلاثمئة وخمسة عشر جمعًا غفيرًا )(1).
    خلق المرأة من ضلع الرجل:
    عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( استوصوا بالنساء خيرًا، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيرًا )(2). اللفظ للبخاري.
    قابيل وهابيل(3):
    عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تقتل نفس ظلمًا إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها، لأنه كان أول من سن القتل)(4).
    من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال عند فتنة عثمان: أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إنها ستكون فتنةٌ، القاعِدُ فيها خير من القائم، والقائم خير من الماشي، والماشي خيرٌ من الساعي )(5).
    احتجاج آدم وموسى عليهما السلام:
    عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (حاجّ موسى آدم عليهما السلام، فقال له: أنت الذي أخرجت الناس بذنبك من الجنة وأشقيتهم.
    قال آدم: يا موسى أنت الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه، أتلومني على أمر قد كتبه الله عليَّ قبل أن يخلقني، أو قدره عليّ قبل أن يخلقني).
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( فحج آدم موسى )(6)اللفظ للبخاري.
    حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال (قال موسى: يا رب، أبونا آدم أخرجنا ونفسه من الجنة، فأراه الله آدم، فقال: أنت آدم؟ فقال له آدم: نعم، قال: أنت الذي نفخ الله فيك من روحه، وأَسجد لك ملائكته، وعلمك الأسماء كلها؟ قال: نعم. قال: فما حملك على أن أخرجتنا ونفسك من الجنة؟ فقال له آدم: من أنت؟ قال: أنا موسى، قال: أنت موسى بني إسرائيل الذي كلمك الله من وراء الحجاب، فلم يجعل بينك وبينه رسولًا من خلقه؟ قال: نعم. قال: فَتَلومُني على أَمرٍ قد سَبَقَ من الله القضاءُ قَبْلي )؟.
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: ( فحج آدم موسى، فحج آدم موسى )(7).
    اشتهاء آدم ثمار الجنة عند حضور الموت:
    عن عتي بن ضمرة السعدي قال: رأيت شيخًا بالمدينة يتكلم فسألت عنه فقالوا: هذا أبي بن كعب، فقال: ورفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن آدم لما حضره الموت قال لبنيه: أي بني! إني أشتهي من ثمار الجنة، قال: فذهبوا يطلبون له. فاستقبلتهم الملائكة ومعهم أكفانه وحنوطه، ومعهم الفؤوس والمساحي والمكاتل، فقالوا لهم: يا بني آدم ما تريدون وما تطلبون؟ أو ما تريدون؟ وأين تطلبون؟ قالوا: أبونا مريض واشتهى من ثمار الجنة، فقالوا لهم: ارجعوا فقد قضى أبوكم، فجاءوا فلما رأتهم حواء عرفتهم فلاذت بآدم، فقال: إليك عني فإني إنما أتيت من قبلك، فخلي بيني وبين ملائكة ربي عزَّ وجلَّ، فقبضوه وغسلوه وكفنوه، وحنطوه، وحفروا له ولحدوه، وصلوا عليه، ثم أدخلوه قبره، فوضعوه في قبره، ثم حثوا عليه، ثم قالوا: يا بني آدم هذه سنتكم )(8).
    فوائد مما سبق:
    1- أن آدم عليه السلام كان نبياً فهو أبو الأنبياء.
    2- كانت المدة بين آدم ونوح عليهما السلام عشرة قرون.
    3- في الحديث إشارةٌ إلى أنَّ في خلق المرأة عوجًا طبيعيًّا، وأنَّ محاولة إصلاحه غيرُ ممكنة، وأنَّه كالضِّلع المعوج المتقوِّس، الذي لا يَقبل التقويم، ومع ذلك فلا بدَّ من مصاحبتها على ما هي عليه، ومعاملتها كأحسنِ ما تكون المعاملة، وذلك لا يمنع مِن تأديبها وإرشادها إلى الصواب إذا اعوجتْ في أمرٍ من الأمور .
    4- يجوز الاحتجاج بالقدر على المصيبة لا على المعصية.
    ______________________________ ____
    (1) أخرجه أحمد (5/266)، والطبراني في الكبير (7545)، والحاكم (2/262)، وابن حبان كما في الإحسان (6190)، والبيهقي في الأسماء والصفات (1/330)، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي. وقال ابن كثير في البداية والنهاية (1/94) هذا على شرط مسلم ولم يخرجه. وقال الهيثمي في المجمع (8/210): رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير أحمد بن خليد وهو ثقة وقال في (1/196)، ونسبه للطبراني في الأوسط وقال: رجاله رجال الصحيح.
    (2) أخرجه البخاري حديث رقم (3331، 5184، 5186)، ومسلم برقم (1468).
    (3) لم يأت في السنة ما يفيد ثبوت هذين الاسمين إلا أنه موجود ومتعارف عليه في كتب التاريخ والتفسير.
    (4) أخرجه البخاري برقم (3335، 6867، 7321)، ومسلم برقم (1677)
    (5) أخرجه أحمد (1/185)، والترمذي (2195)، وأبوداود (4257)، وصححه الشيخ أحمد شاكر برقم (1446، 1609).
    (6) أخرجه البخاري برقم (3409، 4737، 6614، 7215، 7515)، ومسلم برقم (2652)، والترمذي برقم (2134)، وأبوداود برقم (4701)، والنسائي في الكبرى كما في تحفة الأشراف رقم (12389) (9/352)، وابن ماجه برقم (80)، ومالك في الموطأ (2/898)، والبيهقي في الأسماء والصفات (ص233)، وابن خزيمة في التوحيد (ص39، 56)، والآجري في الشريعة (ص321)، والحميدي (2/475) برقم (1115)، وأبو نعيم في الحلية (3/356)، وعبد الرزاق (20068)، وأحمد في المسند (2/248، 264، 268، 287، 314، 392، 398، 448، 464).
    (7) أخرجه أبو يعلى برقم (243)، وأبوداود في سننه (4702)، ومالك في الموطأ (2/898)، وأحمد في المسند.
    (8) أخرجه الحاكم (2/545)، والطيالسي برقم (2299) (2/82)، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي

    أخبار الأنبياء في السنة النبوية
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


    الحلقة (7):
    قصة آدم عليه السلام (7)





    وفاة آدم عليه السلام:
    عن أبي بن كعب رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لما توفي آدم غسلته الملائكة بالماء وترًا، وألحدوا له، وقالوا: هذه سنة آدم في ولده)(1).
    مكان آدم عليه السلام في السماء:
    عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان أبو ذر يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «فرج سقف بيتي وأنا بمكة، فنزل جبريل صلى الله عليه وسلم، ففرج صدري، ثم غسله من ماء زمزم، ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانًا، فأفرغها في صدري، ثم أطبقه، ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء الدنيا، قال جبريل عليه السلام لخازن السماء الدنيا: افتح. قال: من هذا؟ قال: هذا جبريل. قال: هل معك أحد؟ قال: نعم، معي محمد صلى الله عليه وسلم، قال: أفأرسل إليه؟ قال: نعم. ففتح قال: فلما علونا السماء الدنيا فإذا رجل عن يمينه أسودة، وعن يساره أسودة، قال: فإذا نظر قبل يمينه ضحك، وإذا نظر قبل شماله بكى, قال: مرحبًا بالنبي الصالح والابن الصالح: قال: قلت: يا جبريل من هذا؟ قال: هذا آدم عليه السلام، وهذه الأسودة عن يمينه وعن شماله، نسم بنيه. فأهل اليمين أهل الجنة، والأسودة التي على شماله أهل النار، فإذا نظر قبل يمينه ضحك، وإذا نظر قبل شماله بكى. قال: ثم عرج بي جبريل حتى أتى السماء الثانية قال خازنها: افتح. قال: فقال له خازنها: مثل ما قال خازن السماء الدنيا، ففتح...»(2) الحديث.
    استشعار آدم عليه السلام بذنبه يوم القيامة:
    من حديث أبي هريرة وحذيفة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يجمع الله الناس فيقوم المؤمنون حين تزلف لهم الجنة، فيأتون آدم فيقولون: يا أبانا استفتح لنا الجنة. فيقول: وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم! لست بصاحب ذلك اذهبوا إلى ابني إبراهيم خليل الله... الحديث )(3).
    إخراج بعث النار:
    من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أول من يدعى يوم القيامة آدم، فتراءى ذريته فيقال: هذا أبوكم آدم، فقول: لبيك وسعديك، فيقول: أخرج بعث جهنم من ذريتك، فيقول: يا رب كم أخرج؟ فيقول: أخرج من كل مائة تسعة وتسعين، فقالوا: يا رسول الله، إذا أُخذ منا من كل مائة تسعة وتسعون فماذا يبقى منا؟ قال: إن أُمتي في الأمم كالشعرة البيضاء في الثور الأسود)(4)لفظ البخاري.
    من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يقول الله يا آدم، فقول: لبيك وسعديك، والخير في يديك، قال يقول: أخرج بعث النار، قال: وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين، فذاك حين يشيب الصغير، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد، فاشتد ذلك عليهم فقالوا: يا رسول الله أينا ذلك الرجل؟ قال: أبشروا، فإن من يأجوج ومأجوج ألفًا ومنكم رجل. ثم قال: والذي نفسي بيده، إني لأطمع أن تكونوا ثلث أهل الجنة. قال: فحمدنا الله وكبرنا. ثم قال: والذي نفسي بيده، إني لأطمع أن تكونوا شطر أهل الجنة، إن مثلكم في الأمم كمثل الشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود، أو كالرقمة في ذراع الحمار)(5)لفظ البخاري.
    من حديث عمران بن حصين قال: «كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فتفاوت بين أصحابه في السير، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته بهاتين الآيتين: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ) [الحج: 1 – 2].
    فلما سمع ذلك أصحابه حثوا المطي وعرفوا أنه عند قول يقوله: فقال: «هل ترون أي يوم ذلك؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: فذلك يوم ينادي الله فيه آدم فيناديه ربه فيقول: يا آدم ابعث بعث النار. فيقول: أي رب وما بعث النار؟ فيقول: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار، وواحد إلى الجنة)(6).
    من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والذين يلونهم على أشد كوكب دري، في السماء إضاءة. لا يبولون، ولا يتغوطون، ولا يتمخطون، ولا يتفلون، أمشاطهم الذهب، ورشحهم المسك ومجامرهم الأُلوة، وأزواجهم الحور العين، أخلاقهم على خُلُق رجل واحد، على صورة أبيهم آدم، ستون ذراعًا في السماء)(7).
    مكان قبر آدم عليه السلام:
    قد جاءت آثار فيها بيان مكان قبره آدم عليه السلام وهي ضعيفة ولا تصح ننبه عليها لضعفها.
    - أخرج الدارقطني في " سننه " عن ابن عباس وفيه ( صلى جبريل بالملائكة على آدم ودفن في مسجد الخيف). (8)
    - وأخرج أبو الشيخ في " العظمة " عن خالد بن معدان ( أن آدم لما توفي حمله مائة وخمسون رجلا من الهند إلى بيت المقدس ودفنوه بها وجعلوا رأسه عند الصخرة ).
    وفيه مجاهيل , وأعظم من هذا أنه من الإسرائيليات .
    فخلاصة الكلام : أنه لا يُعلم مكان قبر آدم ، وهذا نقطع به ، ويعتبر أن ادِّعاء قبره في مكان كذا تقوُّل بدون علم (9)
    ويستفاد مما سبق:
    1- أن على المرء أن يخاف من ذنبه ويحذر منه ويجعل تقصيره وغفلته دافعا له في طلب ستر الله ولزوم التوبة والإنابة.
    2- أن قبر آدم عليه السلام لا يعرف حتى نقطع على دعاة الوثنية والغلو.
    ______________________________
    (1)أخرجه الحاكم (2/545)، والطيالسي برقم (2299) (2/82)، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وانظر الحديث السابق فهناك مزيد من التخريج.
    (2)أخرجه البخاري في صحيحه (1636، 349، 3342)، ومسلم برقم (163)، وأبو عوانة في المسند (1/133)، وأبو يعلى (2535، 3616).
    وانظر مزيدًا من تخريج الأحاديث التي جاءت من حديث أنس بن مالك، ومالك بن صعصعة في مواضع مختلفة من هذا الكتاب برقم (362) 363).
    (3)أخرجه مسلم برقم (195)، وأبو عوانة (1/174 – 175) مختصرًا، وابن خزيمة في التوحيد ص(245)، والحاكم (4/589).
    (4)أخرجه البخاري برقم (6529)، وأحمد في المسند (2/378).
    (5)أخرجه البخاري برقم (3348) (4741، 6530، 7483)، ومسلم برقم (222)، وأحمد (3/32، 33).
    (6)أخرجه الترمذي برقم (3168)، و(3168)، و(3169)، وأحمد في المسند (4/232، 235)، وقال الترمذي: حسن صحيح.
    (7)أخرجه البخاري (3245، 3246، 3254، 3327)، ومسلم برقم (2834).
    (8)وهذا الأثر فيه عبدالرحمن بن مالك بن مغول ، وهو متروك ، كذا قال الدارقطني .
    وجاء عند ابن عساكر وابن سعد كما في " الدر المنثور" ( 3 / 334 ) ، إلا أن السند فيه الكلبي ، وهو كذاب ، وأبو صالح ضعيف
    وجاء عند أبي الشيخ عن مجاهد أيضاً ، إلا أنه لم يصح إلى مجاهد ؛ لأنه مسلسل بالكذابين.
    (9)تنبيه : ذكر صاحب كتاب " المنار " ( 3 / 220 ) أنه رأى في " الهند " ضرائح تُعبد من دون الله ، ومنها : ضريح آدم وزوجه وأمِّه ! مع العلم أنه ليس لآدم عليه السلام أم ، ولكن هكذا الجهل يعمل بأصحابه .
    انتهى من كتابه " تحذير المسلمين من الغلو في قبور الصالحين " ( 78 ) .




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي

    أخبار الأنبياء في السنة النبوية
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


    الحلقة (8):



    إدريس عليه السلام



    أشهر ما قيل في اسمه هو إدريس بن يرد بن مهلاييل، ويسمى أيضًا أخَنوخ، وينتهي نسبه عليه السلام إلى نبي الله شيث بن آدم عليهم الصلاة والسلام.
    وقيل سمي إدريس بهذا الاسم لأنه مشتق من الدراسة، وذلك لكثرة درسه الصحف التي أنزلت على سيدنا ءادم وابنه شيث عليهم الصلاة والسلام.
    ورد ذكر إدريس عليه السلام في القرآن مرتين
    - فقد أثنى الله عز وجل على إدريس عليه السلام ووصفه بالنبوة والصديقية فقال سبحانه وتعالى: ( واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صِدِّيقًا نبيًّا، ورفعناه مكانًا عليًّا)[مريم: 56 – 57].
    اختلف في المكان العلي على أقوال منها : أنه الجنة ، وقال بعضهم إنه رفع ولم يمت كما رفع عيسى ، قالابن حجر : وكون إدريس رفع وهو حي لم يثبت من طريق مرفوعة قوية (1).
    وذكر آخرون أنه سأل خليلا له من الملائكة أن يسأل ملك الموت عن عمره فحمله إلى السماء الرابعة فتلقاه ملك الموت منحدرا ، فكلمه الملك وسأله فقال له ملك الموت : وأين إدريس ؟ فقال : هو ذا على ظهري ، فقال ملك الموت : العجب بعثت وقيل لي اقبض روح إدريس في السماء الرابعة ، فجعلت أقول : كيف أقبض روحه في السماء الرابعة وهو في الأرض ؟ فنظر الملك إلى تحت جناحه فإذا إدريس قد قبض وهو لا يشعر.
    قالابن كثيربعد أن أورد الخبر : هذا من الإسرائيليات وفيه نكارة والله أعلم(2)
    - ووصفه بالصبر قال تعالى): وَإِسْمَٰعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا ٱلْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ ٱلصَّٰابِرِينَ) ]سورة الأنبياء(85). [
    قال ابن حجر واستشكل بعضهم كون نوح أول الرسل بإدريس ، ثم أجاب بأنه لا يرد لأنه اختلف في كونه جد نوح(3) .
    فيرى فريق من العلماء أن أخنوخ أو خنوخ - على اختلاف في ضبطه - جد نوح هو إدريس عليه السلام منهمالبخاريحيث قال في صحيحه(باب ذكر إدريس - عليه السلام - وهو جد أبي نوح ويقال جد نوح عليهما السلام)(4)
    وكذلكابن كثيرقال : فإدريس عليه السلام قد أثنى الله عليه ووصفه بالنبوة والصديقية وهو خنوخ ، وهو في عمود نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما ذكره غير واحد من علماء النسب(5)
    وجزم الماوردي بهذا فقال : أخنوج بن يارد وهو إدريس ، وولد بعد مائة واثنتين وستين سنة من عمر يارد ، وهو نبي على قول جميع أهل الملل .(6)
    كذلكابن تيميةقال : وقد كان قبله - أي نوح - أنبياء كشيث وإدريس (7) .
    وأما تسميته بإدريس فقال بعضهم : لكثرة ما كان يدرس من كتب الله تعالى ، فاشتقاقه من الدراسة ، وهذا إذا قيل إنه عربي ، وقد قيل إنه سرياني .
    قالابن حجر : ولا يمنع ذلك كون لفظ إدريس عربيا إذا ثبت بأن له اسمين (8).
    ونسبت إلى إدريس أوليات منها : أنه أول من خط بالقلم ، وأول من لبس الثياب - وكانوا يلبسون الجلد - وأول من اتخذ السلاح ، وأول من وضع الأوزان والكيل (9) .
    وهذا النوع مما يروى ويحدث عن بني إسرائيل ولا حرج.
    وفي المقابل يرى فريق آخر أن إدريس - المذكور في القرآن - ليس من أجداد نوح - عليه السلام - بل من أبنائه ويستدلون لذلك بالحديث الذي سيأتي ( مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح(كما قال آدم وإبراهيم عليهما السلام .
    قالوا : فلو كان في عمود نسبه صلى الله عليه وسلم لقال له كما قالا عليهم الصلاة والسلام ، وأجاب الأولون بأن هذا لا يدل ولا بد لأنه قد يكون الراوي لم يحفظه جيدا ، أو لعله قاله له على سبيل الهضم والتواضع ولم ينتصب له في مقام الأبوة كما انتصب آدم الذي هو أبو البشر وإبراهيم الذي هو خليل الرحمن ، فليس ذلك نصا فيما ذهبوا إليه (10) .
    وذكر بعض هؤلاء أن إدريس هو إلياس وبالتالي هو من ذرية نوح (11)
    ·مكان إدريس عليه السلام في السماء:
    عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن مالك بن صعصعة رضي الله عنه، عن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: «في حديث الإسراء»:
    «... ثم صعد بي حتى أتى السماء الرابعة فاستفتح. فقيل: من هذا؟ قيل: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد – قيل: أو قد أرسل إليه؟ قال: نعم. قيل: مرحبًا به، فنعم المجيء جاء. ففتح. فلما خلصت فإذا إدريس. قال: هذا إدريس فسلم عليه، فسلمت عليه، فرد ثم قال: مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح...»(12).
    عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم حدث لما عرج به إلى السماء قال: ( أتيت على إدريس في السماء الرابعة)(13)
    يستفاد مما سبق :
    1-أن إدريس عليه السلام من أنبياء الله الصديقين
    2- أن الله أعلى مكانه ورفع من شأنه فهو في السماء الرابعة.

    (1)فتح الباري(6/375) .
    (2)تفسير ابن كثير(3/33) البداية والنهاية(1/93) .
    (3) فتح الباري(6/372).
    (4) البخاري كتاب الأنبياء باب رقم(5).
    (5) البداية والنهاية(1/92).

    (6) أعلام النبوة للماوردي ص(62).
    (7) النبوات لابن تيمية(173).
    (8) فتح الباري(6/373).أعلام النبوة للماوردي ص(62) تفسير القرطبي(7/58).
    (9) المراجع السابقة مع البداية والنهاية(1/92) .
    (10)فتح الباري(6/373) البداية والنهاية(1/93) .
    (11)البخاري كتاب الأنبياء باب رقم(4) فتح الباري(6/373).
    (12) أخرجه البخاري رقم (3207، 3887، 3393، 3430)، ومسلم برقم(164).
    (13) أخرجه البخاري (7517)، ومسلم (162).


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي

    أخبار الأنبياء في السنة النبوية
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


    الحلقة (9):




    قصة نوح عليه السلام (1)



    كان مولده بعد وفاة آدم، بمائة سنة وست وعشرين سنة فيما ذكره ابن جرير وغيره.

    وكان بينهما عشرة قرون كما سيأتي
    نوح عليه السلام دعا قومه 950 سنة لم يمل منهم ، نوح هو صانع السفينة بأمر من الله عز وحل سفينة نوح العملاقة التي اخذ فيها من امن بالله و ترك من كفر هالك في الطوفان
    ·هو أوَّل الرسل إلى الأرض:
    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة، قال: «... فيأتون نوحًا فيقولون: يا نوح! أنت أول الرسل إلى الأرض، وسماك الله عبدًا شكورًا. اشفع لنا إلى ربك. ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم: إن ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وأنه قد كانت في دعوة دعوت بها على قومي. نفسي. نفسي. اذهبوا إلى إبراهيم صلى الله عليه وسلم... الحديث»(1).
    ·المدة الزمنية بين آدم عليه السلام ونوح عليه السلام:
    عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان بين نوح وآدم عشرة قرون كلهم على شريعة من الحق، فاختلفوا فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين» (2).
    وعن أبي أمامة أن رجلا قال :(يا رسول الله أنبيٌّ كان آدم ؟ قال : نعم ، مكلَّم ، قال : فكم كان بينه وبين نوح ؟ قال : عشرة قرون )(3).
    قال: وكذلك في قراءة عبدالله: «كان الناس أمة واحدة فاختلفوا»(4).
    قال ابن جرير: فاختلفوا في دينهمفبعث الله عند اختلافهم في دينهم النبيين مبشرين ومنذرين،" وأنـزل معهم الكتاب ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه "، رحمة منه جل ذكره بخلقه واعتذارًا منه إليهم.
    وقد يجوز أن يكون ذلك الوقت الذي كانوا فيه أمة واحدة من عهد آدم إلى عهد نوح عليهما السلام، كما روي عكرمة، عن ابن عباس، وكما قاله قتادة.

    وجائزٌ أن يكون كان ذلك حين عَرض على آدم خلقه. وجائزٌ أن يكون كان ذلك في وقت غير ذلك- ولا دلالة من كتاب الله ولا خبر يثبت به الحجة على أيِّ هذه الأوقات كان ذلك. فغيرُ جائز أن نقول فيه إلا ما قال الله عز وجل: من أن الناس كانوا أمة واحدة، فبعث الله فيهم لما اختلفوا الأنبياءَ والرسل. ولا يضرُّنا الجهل بوقت ذلك، كما لا ينفعُنَا العلمُ به، إذا لم يكن العلم به لله طاعةً (5)
    ·الأصنام التي عبدها قوم نوح عليه السلام:
    عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: «صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد، أما «وَد» فكانت لكلب بدومة الجندل، وأما «سواع» فكانت لهذيل، وأما «يغوث» فكانت لمراد، ثم لبني غطيف بالجرف عند سبأ، وأما «يغوث» فكانت لهمذان، وأما «نسر» فكانت لحمير، لآل ذي الكلاع، أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابًا وسموها بأسمائهم ففعلوا، فلم تُعبد حتى إذا هلك أولئك ونسخ العلم عبدت» (6)
    ·إنذار نوح لقومه من الدجال:
    عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: «قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس، فأثنى على الله بما هو أهله، ثم ذكر الدجال فقال: «إني لأنذركموه، وما من نبي إلا أنذره قومه، لقد أنذر نوح قومه، ولكني أقول لكم فيه قولًا لم يقله نبي لقومه، تعلمون أنه أعور، وأن الله ليس بأعور»(7)
    ومن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أحدثكم حديثًا عن الدجال، ما حدث به نبي قبلي قومه؟ إنه أعور يجيء معه تمثال الجنة والنار، فالتي يقول إنها الجنة هي النار، وإني أنذركم به كما أنذر به نوح قومه» (8)
    شدة ما كان يلقى من الأذى من قومه:
    عن عبدا لله بن مسعود رضي الله عنه قال: قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائم حنين بالجعرانة قال: فازدحموا عليه فقال: «إن عبدًا من عباد الله بعثه الله إلى قومه فكذبوه وشجعوه، فجعل يمسح الدم عن جبينه ويقول: رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون» (9)
    قال عبد الله: «فكأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح جبهته يحكي الرجل» اللفظ لأحمد.
    وفي لفظ البخاري قال: «كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبيًّا من الأنبياء، ضربه قومه فأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون».
    والظاهر أن النبي الذي حكى النبي صلى الله عليه سلم حاله وهو يمسح الدم هو سيدنا نوح عليه السلام وهو الذي مال إليه عبيد بن عمير الليثي كما ذكر ذلك ابن إسحاق في المبتدأ وابن أبي حاتم في تفسير سورة الشعراء (10)
    يستفاد مما سبق
    1- أن نوحا عليه السلام هو أول الرسل إلى الأرض.
    2- كان بين نوح وآدم عليهما السلام عشرة قرون كلهم على التوحيد.
    3- اختلف الناس وتركوا عباد الله وحده إلى الشرك في عهد نوح عليه السلام.

    (1) انظر: تخريج الحديث رقم(364)، وقد جاء من حديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أول نبي أرسل نوح» وأخرجه ابن عساكر والديلمي الحديث صحيح بشاهده من حديث أبي هريرة.
    (2) أخرجه الحاكم (2/546- 547)، وقال: صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. وقال السيوطي في الدر (1/94): رواه ابن أبي حاتم.
    (3)رواه ابن حبان في " صحيحه " ( 14 / 69 ) والحاكم (2/262) وقال صحيح علىشرط مسلم ووافقه الذهبي ، وقال ابن كثير في " البداية والنهاية " ( 1 / 94 ) : هذا على شرط مسلم ولم يخرجه.
    (4).أخرجه ابن جرير في التفسير (4048) ورواه الحاكم في المستدرك 2 : 546- 547 وقال : "هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي .
    (5).أخرجه ابن جرير في التفسير (4/280).
    (6) أخرجه البخاري برقم (4920).
    (7) أخرجه البخاري برقم(3337، 4402)، ومسلم برقم (169).
    (8) أخرجه البخاري برقم(3338)، ومسلم برقم (2936).
    (9) أخرجه البخاري برقم(3477، 6929)، ومسلم برقم (1792).
    (10) انظر لمزيد من التفصيل: فتح الباري (6/521).



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي رد: أخبار الأنبياء في السنة النبوية(متجدد إن شاء الله)


    أخبار الأنبياء في السنة النبوية
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


    الحلقة (10):




    قصة نوح عليه السلام (2)





    ·وصية نوح عليه السلام لابنه عند الموت:
    عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء رجل من أهل البادية، عليه جبة سيجان مزرورة بالديباج فقال: «ألا إن صاحبكم هذا قد وضع كل فارس ابن فارس، أو قال: يرى أن يضع كل فارس ابن فارس، ورفع كل راع ابن راع».
    قال: فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمجامع جبته وقال: «ألا أرى عليك لباس من لا يعقل!؟».
    ثم قال:
    «إن نبي الله نوحًا عليه السلام لما حضرته الوفاة قال لابنه: إني قاص عليك الوصية، آمرك باثنتين، وأنهاك عن اثنتين: آمرك بلا إله إلا الله فإن السماوات السبع والأرضين السبع لو وضعت في كفة، ووضعت لا إله إلا الله في كفة، رجحت بهن لا إله إلا الله، ولو أن السموات السبع والأرضين السبع كن حلقة مبهمة قصمتهن لا إله إلا الله.
    وسبحان الله وبحمده، فإن بها صلاة كل شيء، وبها يرزق الخلق، وأنهاك عن الشرك والكبر».
    قال: قلت – أو قيل – يا رسول الله هذا الشرك قد عرفناه، فما الكبر؟ أن يكون لأحدنا نعلان حسنتان لهما شراكان حسنان؟ قال: لا، قال: هو أن يكون لأحدنا حلة يلبسها؟ قال: لا. قال: هو أن يكون لأحدنا دابة يركبها؟ قال: لا. قال: هو أن يكون لأحدنا أصحاب يجلسون إليه؟ قال: لا، قلت – أو قيل – يا رسول الله فما الكبر؟قال: «سفه الحق وغمط الناس»(1).
    * السيجان: قال ابن الأثير: جمع ساج وهو الطيلسان الأخضر، وقيل: «هو الطيلسان المقور».
    * مزرورة بالديباج: الزر وهو معروف قال أبو عبيد: أزرت القميص إذا جعلت له أزرارًا.
    * في كفة: كفة الميزان وهي معروفة.
    * كن حلقة مبهمة: الأمر المبهم: الخفي الذي لا يستبين، أي مسمتة الجوانب غير مقطوعة.
    * سفه الحق: الاستخفاف بالحق وأن لا يراه على ما هو عليه من الرجحان والرزانة.
    * غمط الناس: بالصاد وهو احتقارهم وأن لا يراهم شيئًا. وقال الزمخشري(2) :«الغمز والغمص والغمط، أخوات في معنى العيب والازدراء».
    ويستفاد مما سبق ما يلي:
    1-حرص نبي الله نوح عليه السلام على هداية الناس والأقربين حتى في آخر لحظات العمر
    2-فضل كلمة التوحيد (لا إله إلا الله).
    فضل التسبيح قوله صلى الله عليه وسلم : (وَسُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ ، فَإِنَّهَا صَلَاةُ كُلِّ شَيْءٍ) في معنى قوله تعالى : ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ) الإسراء/ 44 ؛ يعني : يسبح بحمده سبحانه كل شيء ، قال ابن كثير رحمه الله
    أَيْ : وَمَا مِنْ شَيْءٍ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِ اللَّهِ وَلكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ: أَيْ لَا تَفْقَهُونَ تسبيحهم أيها الناس، لأنها بخلاف لغاتكم ، وهذا عام في الحيوانات والجمادات والنباتات " انتهى من " تفسير ابن كثير" (5/ 73) .
    وقال السعدي رحمه الله: ) وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ ) من حيوان ناطق وغير ناطق ومن أشجار ونبات وجامد وحي وميت إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ بلسان الحال ولسان المقال . ( وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ) أي: تسبيح باقي المخلوقات التي على غير لغتكم بل يحيط بها علام الغيوب " انتهى من " تفسير السعدي " (ص 459) .
    ولذلك فإن العلماء يروون هذا الحديث عند تفسير هذه الآية.
    وقوله : ( وَبِها يُرْزَقُ الخَلْقُ ) : أي : إنّ التّسبيح من مفاتيح الرزق على العباد ، وذلك باعتبارين :
    الاعتبار الأول : أن التسبيح تنزيه الله أن يكون معه نظير يخلق معه الخلق أو يرزقهم ، قال تعالى : ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) ]الروم/ [40، فالتسبيح شهادة من العبد أنه لا رازق إلا الله ، كما أنه لا خالق إلا هو ، ولا محيي ولا مميت إلا هو سبحانه ، وهذه الشهادة أول مفاتح الرزق.
    الاعتبار الثاني : الحمد في قوله : ( سبحان الله وبحمده ) ومعلوم أن الحمد والشكر يفتح أبواب الرزق ويزيد النعمة ، كما قال تعالى : ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُم ْ ) ]إبراهيم/ 7 [، قال ابن كثير رحمه الله :
    " أَيْ : لَئِنْ شَكَرْتُمْ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ لِأَزِيدَنَّكُم ْ مِنْهَا

    انتهى من "تفسير ابن كثير" (4/ 479) .
    ثالثا :
    قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للأعرابي : ( أَلَا أَرَى عَلَيْكَ لِبَاسَ مَنْ لَا يَعْقِلُ ) لأنه يرتدي جبة من سيجان ، وهو جمع ساج ، وهو الطيلسان الأخضر ، مزرورة بالديباج ، وهو من الحرير الطبيعي ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (إِنَّمَا يَلْبَسُ الحَرِيرَ مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ) متفق عليه.
    والطيلسان من لباس العجم ، وليس من لباس العرب ، قال في " تاج العروس " 16/ 204
    "
    يُقَال فِي الشَّتْمِ : يَا ابْن الطَّيْلَسَانِ، أَي إِنَّك أَعْجَمِيُّ ، لأَنَّ العَجَمَ هم الَّذين يَتَطَيْلَسُون ، نَقَله الزَّمَخْشَرِيّ ُ والصّاغَانِيُّ " انتهى.
    وتشبه العربي بالعجمي من السفه وقلة العقل ، ولذلك قال له : ( أَلَا أَرَى عَلَيْكَ لِبَاسَ مَنْ لَا يَعْقِلُ)
    وهذا من فطنته صلى الله عليه وسلم وفراسته ومعرفته بأحوال الناس ، بما تدل عليه أقوالهم ، وأحوالهم

    3-ذم الشرك فهو أعظم المحرمات وكذلك الكبر


    (1)رواه الإمام أحمد(6583) ط.الرسالة.قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح، الصقعب بن زهير روى عنه جمع، ووثقه أبو زرعة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال أبو حاتم: شيخ ليس بالمشهور، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين.
    وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (548) عن سليمان بن حرب، شيخ أحمد، عن حماد، به. وفيه: قال حماد: لا أعلمه إلا عن عطاء بن يسار. وهذا الشك من حماد لا تؤثر في صحة الإسناد، لأن الحديث سيرد برقم (7101) بإسناد آخر إلى الصقعب بن زهير، وليس فيه شك برواية زيد عن عطاء.
    ونقله الحافظ ابنُ كثير في "تاريخه" 1/119 عن هذا الموضع من "المسند"، وقال: وهذا إسناد صحيح، ولم يخرجوه.
    وأخرجه البزار (2998) من طريق وهب بن جرير، عن أبيه، عن الصقعب بن زهير، به.
    ثم أخرجه البزار (3069) من طريق محمد بن إسحاق، عن عمرو بن دينار، عن عبد الله بن عمر بن
    الخطاب. فقال ابنُ كثير في "تاريخه" 1/119 -بعد أن ساقه من رواية الطبراني من طريق محمد بن إسحاق، بإسناد البزار المذكور، لكن من حديث ابن عمرو بن العاص-: والظاهر أنه عن عبد الله بن عمرو بن العاص كما رواه أحمد والطبراني.
    وأورده الهيثمي بطوله في "المجمع" 4/219-220، وقال: رواه كله أحمدُ، ورواه الطبراني بنحوه، وزاد في روايته: وأوصيك بالتسبيح، فإنها عبادةُ الخلق، وبالتكبير، رواه البزار من حديث ابن عمر ... ورجال أحمد ثقات.
    ثم أورده الهيثمي مقطعاً في موضعين 5/133 و142. وقال في الموضع الأول: رواه البزار وأحمد في حديث طويل تقدم في وصية نوح عليه السلام في الوصايا، ورجالُ أحمد ثقات. وقال مثله في الموضع الآخر دون أن ينسبه إلى البزار
    ثم أورده الهيثمي أيضاً من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب 10/84، وقال: رواه البزار، وفيه محمدُ بنُ إسحاق، وهو مدلس، وهو ثقة، وبقية رجاله رجال الصحيح. ثم قال الهيثمي: وقد تقدم هذا من حديث عبد الله بن عمرو في الوصايا في وصية نوح.
    قلنا: كأن الهيثمي لم يطلع على ما رجحه ابنُ كثير من أن الحديث حديث عبد الله بن عمرو.
    وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" بإثر الحديث (548) عن عبد الله بن مسلمة -وهو القعنبي-، عن عبد العزيز -وهو الدراوردي-، عن زيد بن أسلم، عن عبد الله بن عمرو، أنه قال: يا رسول الله، أمن الكبر؟ ... نحوه. قلنا: وهذا إسناد منقطع.

    وقوله: وآمرك بـ"لا إله إلا الله"، فإن السماوات السبع ... الخ، سيرد على أنه من كلام نوف البكالي في الحديث (6750) من المسند ط الرسالة
    والحديث صححه ابن كثير في البدية والنهاية(1/119) وأحمد شاكر في تعليقه على المسند(6583)كذا صححه الشيخ الألباني في "الأدب المفرد"(548) ، وفي "الصحيحة"(134(
    (2) انظر: الفائق (1/598).




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي رد: أخبار الأنبياء في السنة النبوية(متجدد إن شاء الله)

    أخبار الأنبياء في السنة النبوية
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


    الحلقة (11):




    قصة نوح عليه السلام (3)



    استشفاع الناس بنوح عليه السلام يوم القيامة لتخفيف طوله عليهم:

    - عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة قال: (... فيأتون نوحًا فيقولون: يا نوح، أنت أول الرسل إلى أهل الأرض، وسماك الله عبدًا شكورًا، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى إلى ما بلغنا؟ ألا تشفع لنا إلى ربك عزَّ وجلَّ؟

    فيقول: ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولا يغضب بعده مثله، نفسي نفسي...)(1)الحديث.
    - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يجتمع المؤمنون يوم القيامة... فيقول: لست هناكم – ويذكر ذنبه فيستحيي – ائتوا نوحًا فإنه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض، فيأتونه فيقول: لست هناكم – ويذكر سؤاله ربه ما ليس له به علم، فيستحي فيقول: ائتوا خليل الرحمن...)(2) الحديث.
    حالة نوح عليه السلام مع قومه يوم القيامة:
    - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يجيء نوح وأمته، فيقول الله: هل بلغت؟ فيقول: نعم أي رب! فيقول لأُمته: هل بلغكم؟ فيقولون: لا، ما جاء لنا من نبي، فيقول لنوح: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته،وهو قوله تعالى: ( وكذلك جعلناكم أمة وسطًا لتكونوا شهداء على الناس ) والوسط: العدل، فيدعون، فيشهدون له بالبلاغ، ثم أشهد عليكم)(3).
    - وفي لفظ أحمد والنسائي عدم تعيين النبي وفيه: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يجيء النبي يوم القيامة معه الرجل، ويجيء النبي معه الرجلان، ويجيء النبي معه أكثر من ذلك. فيقال له: هل بلغت قومك؟ فيقول: نعم، فيدعون، فيقال: هل بلغكم؟ فيقولون: لا، فيقال: من يشهد لك؟ فيقول: أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فتدعى أمة محمد صلى الله عليه وسلم فيقال: هل بلغ هذا؟ فيقولون: نعم، فيقال: وما علمكم بذلك، فيقولون: أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن الرسل قد بلغوا فصدقناه، فذلك قوله: (وكذلك جعلناكم أمة وسطًا) [البقرة: 143]قال: عدلًا لتكونوا شهداء على الناس»(4).
    جعل النبي صلى الله عليه وسلم قصة نوح عبرة:
    أورد الإمام البخاري في صحيحه في كتاب التفسير في تفسير سورة القمر (8/617) ما يلي:
    باب (تجري بأعيننا جزاءً لمن كان كفر، ولقد تركناها آية فهل من مدكر). قال قتادة: «أبقى الله سفينة نوح حتى أدركها أوائل هذه الأمة».
    ثم قال البخاري:
    - حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن أبي إسحاق عن الأسود عن عبد الله قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ: (فهل من مُدَّكِر)(5).
    ويستفاد مما سبق:
    1- خيرية هذه الأمة وفضلها على الأمم.
    قال ابن جرير الطبري في تفسير قوله تعالى( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لتكونوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ) : فمعنى ذلك : وكذلك جعلناكم أمة وسطاً عدولاً شهداء لأنبيائي ورسلي على أممها بالبلاغ أنها قد بلغت ما أمرت ببلاغه من رسالاتي إلى أممها , ويكون رسولي محمد صلى الله عليه وسلم شهيداً عليكم بإيمانكم به , وبما جاءكم به من عندي "(6) انتهى .
    وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله " ومن فوائد الآية : فضل هذه الأمة على جميع الأمم ؛ لقوله تعالى : ( وسطاً)
    ومنها : عدالة هذه الأمة ؛ لقوله تعالى : ( لتكونواشهداء على الناس ) ؛ والشهيد قوله مقبول .
    ومنها : أن هذه الأمة تشهد على الأمم يوم القيامة ؛ لقوله تعالى : ( لتكونوا شهداء على الناس ) ؛ والشهادة تكون في الدنيا ، والآخرة ؛ فإذا حشر الناس ، وسئل الرسل : هل بلغتم ؟ فيقولون : نعم ؛ ثم تسأل الأمم : هل بُلِّغتم ؟ فيقولون : ما جاءنا من بشير ولا نذير ؛ ما جاءنا من أحد ؛ فيقال للرسول : من يشهد لك ؟ فيقول : ( محمد وأمته ) ؛ يُستشهدون يوم القيامة ، ويَشهدون ؛ فيكونون شهداء على الناس .
    فإذا قال قائل : كيف تشهد وهي لم تر ؟
    نقول : لكنها سمعت عمن خبره أصدق من المعاينة ، صلوات الله وسلامه عليه . (7)
    2- أن في قصة نوح عليه السلام ودعوته وإنجاء الله له في السفينة عظة لكل متذكر متدبر متأمل وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد عن قتادة قال: أبقى الله السفينة في أرض الجزيرة عبرة وآية حتى نظر إليها أوائل هذه الأمة نظراً، وكم من سفينة بعدها فصارت رمادا (8)
    قال ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى : ( وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ) : يريد هذه الفعلة عبرة . وقيل : أراد السفينة تركها آية لمن بعد قوم نوح يعتبرون بها فلا يكذبون الرسل. قال قتادة : أبقاها الله بباقردى من أرض الجزيرة ( مكان في بلاد العراق ) عبرة وآية , حتى نظرت إليها أوائل هذه الأمة , وكم من سفينة كانت بعدها فصارت رمادا .
    والظاهر أنّ المراد بذلك جنس السفن كقوله تعالى : ( وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ) سورة يس ، وقال : ( إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ * لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ)سورة الحاقة ، ولهذا قال هاهنا فهل من مدّكر أي : فهل من يتذكّر ويتعّظ . انتهى (9)فضمير (ها) في (تركناها) يحتمل أن يعود إلى ثلاثة معانٍ:

    الأول : أن يكون المراد تركنا هذه القصة عبرة لمن بعدهم.
    الثاني : أن يكون المراد تركنا سفينة نوح لتراها الأمم من بعده فيعتبرون ويتعظون بإنجاء الله للمؤمنين وإهلاك الكافرين .
    الثالث : أن يكون المراد تركنا جنس السفن في الأرض وعلّمناه للإنسان ليعتبر بنعمة الله عليه وكيف أبقى ذريّة نوح بعد إنجائه والمؤمنين بمثل هذه السفن الموجودة المعروفة .
    وعلى كل حال فليس مما يُخالف الشّرع أو العقل أن يتمّ العثور على سفينة نوح وأن تراها أجيال من البشرية بعد نوح لتكون لهم آية وعبرة ولكن القضيّة في كيفية إثبات أن هذه السّفينة التي عُثِر عليها هي سفينة نوح ، فإنّه ليس كلّ من يجد سفينة قديمة ويدّعي أنّها سفينة نوح تُصدّق دعواه والله تعالى أعلم .
    ___________________
    (1) أخرجه البخاري برقم (3340، 3361، 4712) ، ومسلم(194)
    (2) أخرجه البخاري برقم (4476، 6565، 4710) ، ومسلم(193)
    (3) أخرجه البخاري برقم (3339، 4487، 7349).
    (4) أخرجه أحمد (1164) والنسائي في الكبرى (11007) وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2448)
    (5) أخرجه البخاري، برقم(4869)وأخرجه عبد الرزاق 2/258 به سندا ومتنا.فتح الباري 8/618.
    (6) جامع البيان (2/8)
    (7) تفسير سورة البقرة (2/115، 116) باختصار
    (8) أخرجه ابن أبي حاتم كما في تغليق التعليق 4/328 ثنا أبي، ثنا هشام بن خالد، ثنا شعيب بن إسحاق، ثنا سعيد، به. ولفظه "ألقى" بدل "أبقى".
    (9) تفسير ابن كثير(7/442).

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي رد: أخبار الأنبياء في السنة النبوية(متجدد إن شاء الله)

    أخبار الأنبياء في السنة النبوية
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


    الحلقة (12):



    قصة هود عليه السلام (1)

    أرسل الله هوداً عليه السلام إلى قبيلة من القبائل العربية البائدة، المتفرعة من أولاد سام بن نوح، وهي قبيلة عاد، يدعوهم إلى عبادة الله الواحد الصمد.
    وسميت بذلك نسبةً إلى عاد بن إرم بن سام.
    وأورد ابن كثير نسبه كالآتي:
    هو هود بن شالخ بن أرفحشذ بن سام بن نوح، ويقال إن هودًا هو: عابر بن شالخ بن أرفحشذ بن سام بن نوح، ويقال هود بن عبدالله بنرباحبن لجلود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح بن لامك بن متوشالح بن آخنوخ (إدريس) بن يارد بن مهلئيل بن قينان بن آنوش بن شيث بن آدم (1).
    وقد طلب هودٌ عليه السلام ، من قومه نبذ عبادة غيره من الأوثان والآلهة، فاستخفّ به قومه، وسخروا منه، واستمروا في طغيانهم يعمهون، فعاقبهم الله على موقفهم، بأن أرسل عليهم ريحاً قوية، استأصلت شأفتهم، وجعلتهم حصيداً، ونجَّا الله هوداً والذين معه من المؤمنين.
    وقد سميت سورة كاملة بسورة هود، تضّمنت قصص عدد من الرسل عليهم السلام، وكان من بينها قصة هود مع قومه. قال ابن كثير: "وقد ذكر الله قصتهم في القرآن في غير ما موضع؛ ليعتبر بمصرعهم المؤمنون".
    وذُكرت قصة هود عليه السلام في سور متعددة من سور القرآن الكريم، تارة بصورة فيها بعض التفصيل، كما في سور: الأعراف، المؤمنون، الشعراء، الأحقاف. وتارة بصورة موجزة، كما في سور: فصلت، الذاريات، القمر، الحاقة، الفجر.
    دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة لهود عليه السلام :
    عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(( يرحمنا الله ، وأخاه عاد )) (2)
    وعن أبي كعب رضي الله عنه قال :( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ذكر الأنبياء بدأ بنفسه فقال :(رحمة الله علينا وعلى هود وعلى صالح )(3)
    وافد عاد :
    عن الحارث بن حسان ويقال ابن يزيد البكري قال : خرجت أشكو العلاء بن الحضرمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمررت بالربذة ، فإذا عجوز من بني تميم منقطع بها ، فقالت لي : يا عبد الله إن لي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمحاجة ، فهل أنت مبلغي إليه ؟
    قال : فحملتها فأتيت المدينة فإذا المسجد غاص بأهله ، وإذا راية سوداء تخفق ، وإذا يبعث عمرو بن العاص وجهاً ؟
    قالت : فجلست . قال فدخل منزله - أو قال رحله - فاستأذنت عليه فأذن لي فدخلت فسلمت فقال : " هل كان بينكم وبين بني تميم شيء " ؟ فقلت : " نعم ، وكانت لنا الدائرة عليهم ، ومررت بعجوز من بني تميم منقطع بها فسألتني أن أحملها إليك وها هي بالباب " فأذن لها فدخلت ، فقلت " يا رسول الله : إن رأيت أن تجعل بيننا وبين بني تميم حاجزاً " فاجعل الدهناء فإنها كانت لنا " قال : فحميت العجوز واستوفزت وقالت : يا رسول الله فإلى أين يضطر مضطرك ؟
    قال : فقلت : إن مثلي ما قال الأول : معزى حملت حتفها ، حملت هذه الأمة ولا أشعر أنها كانت لي خصماً ، أعوذ بالله ورسوله ، أن أكون كوافد عاد .
    قال : " هيه وما وافد عاد وهو أعلم بالحديث مني ولكن ولكن يستطعمه ، قلت : إن عادا قحطوا فبعثوا وافدا يقال له قيل ، فمر بمعاوية بن بكر فأقام عنده شهراً يسقيه الخمر ، وتغنيه جاريتان يقال لهما : الجرادتان ، فلما مضى الشهر خرج إلى جبال تهامة ، فقال اللهم إنك تعلم أني لم أجىء إلى مريض فأداويه ، ولا إلى أسير فأفاديه اللهم اسق عاداً ما كنت تسقيه ، فمرت به سحابات سود فنودي منها : اختر فأومأ إلى سحابة منها سوداء فنودي منها :
    خذها رمادا رمددا ، لا تبقى من عاد أحداً ، قال : فما بلغني أنه بعث عليهم من الريح إلا كقدر ما يجري في خاتمي هذا من الريح حتى هلكوا .
    قال أبو وائل : وصدق ، وكانت المرأة والرجل إذا بعثوا وافداً لهم قالوا : " لا تكن كوافد عاد " (4).
    ويستفاد مما سبق
    1-دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لإخوانه الأنبياء يؤكد لدينا أن الرسل إخوة في الدين وأن الإيمان بهم واجب فهو ركن من أركان الإيمان.
    2-الخائن ليس له جزاء إلا أن يقع فريسة لخيانته، والمخادع ليس له إلا أن يكون ضحية لخديعته، والماكر ليس له إلا نتيجة مكره، فالنبي صلى الله عليه وسلم أقر الصحابي الذي تعوذ بالله من وافد عاد
    ___________________________
    (1) البداية والنهاية(1/282)
    (2) أخرجه ابن ماجه برقم ( 3852 ) وقال البوصيري في الزوائد : إسناد صحيح ، رجاله ثقات ويشهد له حديث أبي الذي بأتي بعده
    (3) أخرجه أحمد في المسند ( 5 / 122 ) وهو جزء من حديث أبي كعب الذي ذكر فيه قصة موسى والخضر عليهما السلام وهذا الجزء من الحديث أخرجه أيضاً عبد بن حميد كما في المنتخب رقم ( 169 ).
    (4) أخرجه أحمد في المسند بطوله ( 3 / 482 ) والترمذي ( 3273 ، 3274 ) وأخرج منه مقطع إرسال عمرو بن العاص ورايته ابن ماجه برقم ( 2816 ) ، والنسائي في السنن الكبرى باختصار ( 8607 ) ( 5 / 181 ) وحسن إسناده ابن حجر في فتح الباري ( 8 / 578 - 579 ) وحسنه الألباني في الضعيفة تحت الحديث (1228) والأرنؤوط في تحقيق المسند(15996)


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي رد: أخبار الأنبياء في السنة النبوية(متجدد إن شاء الله)

    أخبار الأنبياء في السنة النبوية
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


    الحلقة (13):



    قصة هود عليه السلام (2)



    قول قوم عاد " هذا عارض ممطرنا "
    عن عائشة رضي الله عنهما قالت :كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال : ( اللهم إني اسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به ، وأعوذ بك من شرها ، وشر ما فيها ، وشر ما أرسلت به ) .
    قالت : ( وإذا تخيلت السماء تغير لونه وخرج ودخل ، وأقبل وأدبر ، فإذا أمطرت سري عنه ، فعرفت ذلك عائشة فسألته فقال :
    ( لعله يا عائشة كما قال قوم عاد :فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا ) (1)[ الأحقاف : 24 ]
    وعن حديث عائشة رضي الله عنهما قالت :
    ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مستجمعا ضاحكا قط حتى أرى منه لهواته ، إنما كان يبتسم . وقالت : كان إذا رأى غيماً أو ريحاً عرف ذلك في وجهه ، قالت : يا رسول الله ، إن الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر ، وأراك إذا رأيته عرف في وجهك الكراهية ؟
    فقال :يا عائشة ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب ! قد عذب قوم نوح بالريح وقد رأى قوم العذاب فقالوا : هذا عارض ممطرنا " . (2)
    كيف أُهلكت عاد
    عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إني نصرت بالصبا ، وإن عادا أهلكت بالدبور )(3)
    الدَّبور : رِيحٌ عاصِفةٌ تَهُبُّ من المغرِب ، وتقابِلُها الصَّبا وهي الرِّيح الشَّرقيَّة.
    التعجب من طريقة إهلاك عاد وجعلها نموذجا صارما للعقاب :
    عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :" بعثعلي رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم بذهبية فقسمها بين الأربعة ، الأقرع بن حابس الحنظلي ثم المجاشعي وعيينة بن حصن الفزازي ، وزيد الطائي ثم أحد بني نبهان ، وعلقمة بن علاثة العامري أحد بني كلاب ، فغضبت قريش والأنصار وقالوا : يعطي صناديد أهل نجد ويدعنا .
    قال : " إنما أتألفهم "
    فأقبل رجل غائر العينين مشرف الوجنتين ناتيء الجبين ، كث اللحية محلوق فقال : اتق الله يا محمد !
    فقال : : من يطع الله إذا عصيت ! أيأمنني الله على أهل الأرض ولا تأمنوني ؟ فسأله رجل قتله - أحسبه خالد بن الوليد- فمنعه ، فلما ولى : قال : " إن من ضئضي هذا - أو في عقب هذا - قوم يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم ، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية ، يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان . لئن أنا أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد " . وفي رواية : ( لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود ).(4)
    أتألفهم : استميل قلوبهم .
    صناديد : جمع صنديد وهو الرئيس .
    غائر العينين : المراد أن عينيه داخلتان في محاجرهما لاصقتان بقمر الحدقة ، وهو ضد الجحوظ .
    مشرف : بارز ، والوجنتان : العظمان المشرفان على الخدين .
    ناتئ الجبين : النتوء أي ارتفع على من حوله
    من ضئضي : المراد به النسل والعقب .
    ويستفاد مما سبق
    1- شفقة النبي صلى الله عليه وسلم ورحمته بأمته. لأن الرياح لا يُدرى ما فيها؛ هل هي محمَّلة بالخير والبركة والرحمة؟ وهذا ما يتمناه المؤمنون.
    أو هي محمَّلة بدمارٍ وتدمير، وأعاصيرَ ونارٍ وإغراق.
    2- (وأهلكت عاد بالدبور) قال ابن حجر: وورد في صفة إهلاكهم بالريح ما أخرجه ابن أبي حاتم من حديث ابن عمر والطبراني من حديث ابن عباس رفعاه "ما فتح الله على عاد من الريح إلا موضع الخاتم، فمرت بأهل البادية فحملتهم ومواشيهم وأموالهم بين السماء والأرض، فرآهم الحاضرة فقالوا: هذا عارض ممطرنا، فألقتهم عليهم فهلكوا جميعا" (5)
    3- معنى(لأقتلنهم قتل عاد) قال ابن حجر: أي قتلا لا يبقي منهم أحدا، إشارة إلى قوله تعالى: ( فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ ) ولم يُرد أنه يقتلهم بالآلة التي قتلت بها عاد بعينها، ويحتمل أن يكون من الإضافة إلى الفاعل ويراد به القتل الشديد القوي، إشارة إلى أنهم موصوفون بالشدة والقوة، ويؤيده أنه وقع في طريق أخرى "قتل ثمود"(6)
    __________________
    (1) اخرجه البخاري ( برقم 3206 ، 4828 ، 4829 ، 6092 ) ، ومسلم برقم ( 899 ).
    (2) أخرجه البخاري برقم : ( 3206 ، 4828 ، 4829 ، 6092 ) ، ومسلم برقم ( 899 )
    (3) البخاري ( 1035 ، 3205 ، 3343 ، 4105 )، ومسلم(900) .
    (4) أخرجه البخاري ( 3344 ، 3660 ، 4351 ، 4667 ، 5058 ، 6163 ، 6931 ، 6933 ، 7432 ، 7562 ) ، ومسلم برقم ( 1064 ).
    (5) فتح الباري(3/376).
    (6) فتح الباري(3/376).


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي رد: أخبار الأنبياء في السنة النبوية(متجدد إن شاء الله)

    أخبار الأنبياء في السنة النبوية
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


    الحلقة (14):




    قصة صالح عليه السلام (1)

    كانت ثمود بعد قوم عاد وهم قبيلة مشهورة يقال ثمود باسم جدهم ثمود أخي جديس، وهما ابنا عابر بن ارم بن سام بن نوح، وكانوا عربًا من العاربة يسكنون الحِجر الذي بين الحجاز وتبوك، وقد مرَّ به رسول الله وهو ذاهب إلى تبوك بمن معه من المسلمين، كما سيأتي بيانه
    وكانوا يعبدون الأصنام كأولئك، فبعث الله فيهم رجلًا منهم، وهو عبد الله ورسوله: صالح بن عبد بن ماسح بن عبيد بن حاجر بن ثمود بن عابر بن إرم بن سام بن نوح، فدعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وأن يخلعوا الأصنام والأنداد، ولا يشركوا به شيئًا، فآمنت به طائفة منهم، وكفر جمهورهم، ونالوا منه بالمقال والفعال وهموا بقتله، وقتلوا الناقة التي جعلها الله حجة عليهم، فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر(1).
    ناقة صالح عليه السلام :
    - عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما :( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل الحجر قام فخطب الناس فقال :" يا أيها الناس لا تسألوا نبيكم عن الآيات ، فإن قوم صالح سألوا نبيهم أن يبعث إليهم آية ، فبعث الله إليهم الناقة ، فكانت ترد من هذا الفج ، فتشرب ماءهم يوم وردها ، ويحتلبون من لبنها مثل الذي كانوا يأخذون من مائها يوم غبها ، وتصدر من هذا الفج فعتوا من أمر ربهم ، فعقروا فوعدهم الله العذاب بعد ثلاثة الأيام . وكان وعدا من الله غير مكذوب ، ثم جاءتهم الصيحة فأهلك الله من كان منهم تحت مشارق الأرض ومغاربها ، إلا رجلا كان في حرم الله فمنعه حرم الله من عذاب الله "فقيل يا رسول الله من هو ؟
    قال : " أبو رغال ، فلما خرج من الحرم أصابه من أصاب قومه )(2)
    حج صالح عليه السلام بيت الله الحرام :
    عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بوادي عسفان حين حج ، قال : " يا أبا بكر أي واد وهذا " ؟
    قال : وادي عسفان .
    قال: " لقد مر به هود وصالح على بكرات حمر ، خطهما الليف ، أزرهم العباء ، وأرديتهم النمار يلبون يحجون البيت العتيق "(3)
    عسفان : اسم موضع بين الجحفة ومكة على طريق المدينة إلى مكة المكرمة .
    بكرات : جمع بكرة : وهي الفتية من الإبل .
    الخطم : جمع خطام وهو الحب الذي تقاد به الناقة .
    النمار :جمع نمرة ، وهي الشملة المخططة من مآزر الأعراب كأنها أخذت من لون النمر .
    ويستفاد مما سبق
    1- تأييد الله لأنبيائه بالآيات الباهرة الدالة على وحدانية الله سبحانه ومنها ناقة صالح عليه السلام حيث ذكرها في كتابه فقد ورد ذكر القصة في مواضع عدة من القرآن وهي سورة الأعراف - هود - الحجر - النمل - السجدة -إبراهيم - الإسراء - القمر - التوبة - الفرقان - سورة ص - سورة ق - النجم - الفجر - الشعراء .
    2- من الشرائع التي كانت في الأمم السابقة الحج فقد حج صالح عليه السلام.
    __________________
    (1) ينظر تفسير ابن كثير(2/301).
    (2) أخرجه أحمد في المسند ( 3 / 296 ) والطبري في التفسير ( 14817 ) والبزار ( 1844 ) والحاكم ( 2/ 340 - 341 ) وابن حبان ( 6197 ) وقال الهيثمي في المجمع ( 6 / 194 ) رواه احمد والبزار والطبراني في الأوسط ورجال أحمد رجال الصحيح .
    وقال ابن كثير في تفسيره ( 2 / 237 ) والبداية ( 1 / 129 ) من طريق احمد وقال : هذا الحديث ليس في شيء من الكتب الستة وهو على شرط مسلم .

    وزاد السيوطي عزوه في الدر ( 3 / 99 ) لابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه .
    (3) أخرجه أحمد في المسند ( 1 / 232 ) ، وقال ابن كثير في ثصص الأنبياء ( 1 / 114 ) : إسناد حسن . وزاد السيوطي عزوه في الدر ( 3 / 97 ) لأبي يعلى وابن عساكر .



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي رد: أخبار الأنبياء في السنة النبوية(متجدد إن شاء الله)

    أخبار الأنبياء في السنة النبوية
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


    الحلقة (15):




    قصة صالح عليه السلام (2)




    أشقى الناس الذيقتل ناقة صالح عليه السلام :

    عن عمار بن ياسر رضي الله عنهما قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه :" ألا أحدثكم بأشقى الناس رجلين ؟ أحيمر ثمود الذي عقر الناقة ، والذي يضربك يا علي على هذه ، حتى يبل منها هذه "(1)

    - وعن عبد الله بن زمعة رضي الله عنه قال :خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الناقة وذكر الذي عقرها فقال :إذ انبعث أشقاها ، وأنبعث له رجل عارم عزيز منيع في رهطة مثل أبي زمعة "(2)

    قال ابن حجر: قوله : ( عزيز ) أي قليل المثل .

    قوله : (عارم) بمهملتين أي صعب على من يرومه كثير الشهامة والشر.

    قوله : ( منيع ) أي: قوي ذو منعة أي : رهط يمنعونه من الضيم ، وقد تقدم في أحاديث الأنبياء بلفظ :" ذو منعة "وتقدم بيان اسمه وسبب عقره الناقة(3) .

    قال القرطبي: يحتمل أن المراد بأبي زمعة الصحابي الذي بايع تحت الشجرة يعني وهو عبيد البلوي قال ووجه تشبيهه به إن كان كذلك أنه كان في عزة ومنعة في قومه كما كان ذلك الكافر قال ويحتمل أن يريد غيره ممن يكنى أبا زمعة من الكفار(4)

    قال ابن حجر: والثاني هو المعتمد(5)

    سرعة المرور بالقوم المعذبين والنهي عن الدخول عليهم :

    عن ابن عمر رضي الله عنهما قال :لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس على تبوك ، نزل بهم الحجر عند بيوت ثمود ، فاستقى الناس من الآبار التي كانت تشرب منها ثمود ، فعجنوا منها ونصبوا القدور ، فأمرهم رسول الله فأهرقوا القدور ، وعلفوا العجين الإبل ، ثم ارتحل بهم حتى نزل بهم على البئر التي كانت تشرب منها الناقة ، ونهاهم أن يدخلوا على القوم الذين عذبوا فقال :" إني أخشى أن يصيبكم مثل ما أصابهم فلا تدخلوا عليهم "(6)

    - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالحجر :" لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين ، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم ، أن يصيبكم مثل ما أصابهم "

    عن عمرو بن سعد وقيل عامر بن سعد رضي الله عنه قال :لما كان في غزوة تبوك تسارع النا إلى أهل الحجر يدخلون عليهم ، فبلغ ذلك رسول الله فنادى في الناس( الصلاة جامعة )

    قال : فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو ممسك بعيره وهو يقول :" ما تدخلون على قوم غضب الله عليهم ! "فناداه رجل : نعجب منهم يا رسول الله ؟قال : " أفلا أنبئكم بأعجب من ذلك ؟ رجل من أنفسكم ينبئكم بما كان قبلكم وما هو كائن بعدكم ، فاستقيموا وسسدوا ، فإن الله لا يعبأ بعذابكم شيئاً ، وسيأتيقوم لا يدفعون عن أنفسهم شيئاً "(7)

    ويستفاد مما سبق:

    1- أن أشد قبيلة ثمود شقاء، هو عاقرُ الناقة واسمه في قول عامة المفسرين المؤرخين كابن جرير وابن كثير قُدَار بن سالف.


    2- أنه لا يجوز دخول أماكن القوم المعذبين إلا لأخذ العظة والعبرة

    قال العثيمين: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن دخول تلك الأماكن، واستثنى حالة الخوف والخشوع، وزيارتها للسياحة والمتعة مخالف للهيئة التي أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بها، لأن الزائر على هذه الصفة سوف يمكث فيها، وربما وقع في نفسه تعظيم لما يراه من أحكام البناء وشدته، وفي ذلك خطر عظيم على المسلم. (8)

    ____________________

    (1) أخرجه أحمد ( 4 / 263 ) والنسائي في الخصائص (ص 28) والطحاري في مشكل الاثار ( 1/ 351 - 352 ) وصححه الحاكم ( 3 / 140 - 141 ) على شرط مسلم ووافقه الذهبي والألباني(الصحي ة: 1743)

    وله شاهد من حديث علي اسناده حسن كما قال الهيثمي في المجمع ( 9 / 136 - 137 ) الأحيمر: الأكيلف الوجه. لسان العرب - (ج 3 / ص 369) العقر: ضرب قوائم البعير أو الشاة بالسيف وهو قائم.

    (2) أخرجه البخاري برقم ( 3377 ، 4942 ، 5204 ، 6042 ) ، ومسلم برقم ( 2855 ).

    (3) فتح الباري(8/706).


    (4) المفهم (7/429).

    (5) فتح الباري(8/706).

    (6) أخرجه البخاري برقم ( 3378 ، 3379 ) ، ومسلم برقم ( 2855 ).

    (7) أخرجه البخاري برقم ( 433 ، 3381 ، 4702 ، 4420 ) ومسلم برقم ( 2980 )

    (8) لقاء الباب المفتوح للشيخ ابن عثيمين 8/82



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي رد: أخبار الأنبياء في السنة النبوية(متجدد إن شاء الله)

    أخبار الأنبياء في السنة النبوية
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


    الحلقة (16):



    قصة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام(1)

    هيئة إبراهيم عليه السلام .

    - عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" عُرض علي الأنبياء ، فإذا موسى ضرب من الرجال ، كأنه من رجال شنوءة ، ورأيت عيسى ابن مريم عليه السلام فإذا أقرب من رأيت به شبهاً عروة بن مسعود ،ورأيت إبراهيم صلوات الله عليه فإذا أقرب من رأيت به شبهاً صاحبكم " يعني نفسه " ورأيت جبريل عليه السلام فإذا أقرب من رأيت به شبها دحية " اللفظ لمسلم (1)

    - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

    " أما إبراهيم فانظروا إلى صاحبكم ، وأما موسى فرجل آدم جعد على جمل أحمر مخطوم . بخلبه ، كأني أنظر إليه انحدر في الوادي يلبي " (2) واللفظ لمسلم .

    وفي لفظ للإمام أحمد قال :" ونظرت إلى إبراهيم فلا نظر إلى إرب من آرابه إلا نظرت إليه مني ، كأنه صاحبكم"

    متى أنزلت صحف إبراهيم عليه السلام :

    - عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أنزلت صحف إبراهيم أول ليلة من شهر رمضان وأنزلت التوراة لست مضت من رمضان وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة مضت من رمضان وأنزل الزبور لثمان عشرة خلت من رمضان وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان " (3)

    ويستفاد مما سبق.

    1- مشابهة نبينا محمد لإبراهيم الخليل عليهما الصلاة والسلام في الخلقة والهيئة.

    2- نزول صحف إبراهيم عليه السلام أول ليلة من رمضان وقد حكاها الله في سورتي النجم والأعلى وهي جمع صحيفة.

    قال الزمخشري: قطعة من جلد أو قرطاس كتب فيه، وفي الصحاح الصحيفة الذهب. (أول ليلة من شهر رمضان) كأنها أنزلت دفعة واحدة(4)

    _____________________

    (1) أخرجه مسلم برقم ( 167 ).

    (2) أخرجه البخاري ( 3438 ) ( 3355 ) ( 5913 ) ومسلم برقم ( 165 ).


    (3) أخرجه الطبراني في الكبير ( 22 / 75 ) رقم ( 185 ) ( 186 ) والبهيقي في السنن ( 9 / 188 ) والطيالسي برقم : ( 1918 ) وفي الأسماء والصفات ( 1 / 367 ) وأحمد في المسند ( 4 / 107 ) وإسناده حسن ورجاله ثقات . وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (1509).

    وقال الهشيمي في المجمع ( 7 / 46 ) فيه عمران القطان ضعفه يحيى ووثقه ابن حبان وبقية رجال ثقات .

    (4) الفائق (2/ 287)



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي رد: أخبار الأنبياء في السنة النبوية(متجدد إن شاء الله)

    أخبار الأنبياء في السنة النبوية
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


    الحلقة (17):

    قصة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام(2)
    قول إبراهيم عليه السلام ( رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى....)

    عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( نحن أحق بالشك من إبراهيم ، إذ قال : (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى ) .(1)
    كان إبراهيم عليه السلام حنيفاً
    وعن ابن عمر رضي الله عنهما :" أن زيد بن عمرو بن نفيل خرج إلى الشام يسأل عن الدين ويتبعه ، فلقى عالماً من اليهود فسأله عن دينهم فقال : إنَي لعلي أن أدين دينكم فأخبرني ، فقال : لا تكون على ديننا حتى تأخذ نصيبك من غضب الله .

    قال: ما أعلمه إلا أن يكون حنيفاً .قال زيد : وما الحنيف ؟ قال : دين إبراهيم ، لم يكن يهوديا ولا نصرانيا ولا يعبد إلا الله .
    فخرج زيد فلقى عالما من النصارى فذكر مثله ، فقال : لن تكون على ديننا حتى تأخذ نصيبك من لعنة الله .
    قال : ما أفر من لعنة الله ولا أحمل من لعنة الله ولا من غضبه شيئاً وإني أستطيع ؟ فهل تدلني على غيره ؟
    قال : ما أعلمه إلا أن يكون حنيفاً
    قال : وما الحنيف ؟ قال : دين إبراهيم ، لم يكن يهوديا ولا نصرانيا ولا يعبد إلا الله
    فلما رأى زيد قولهم في إبراهيم عليه السلام خرج فلما برز رفع يديه
    فقال : اللهم إني اشهد أني على دين إبراهيم (2)
    ويستفاد مما سبق
    1- تواضع النبي صلى لله عليه وسلم حيث قال نحن أولى بالشك من إبراهيم ومعنى ذلك ما قاله القاضي عياض: أي نحن موقنون بالبعث وإحياء الموتى، فلو شك إبراهيم في ذلك لكنَّا أولى بالشك - على طريق الأدب - وكلاهما لا يجوز عليه الشك. (3)

    2- وصف الله خليله إبراهيم عليه السلام أنه كان حنيفا في آيات عدة منها قوله تعالى(قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) آل عمران/95
    يقول العلامة السعدي رحمه الله :
    " أي : مقبلا على الله ، معرضا عما سواه ، قائما بالتوحيد ، تاركا للشرك والتنديد ، فهذا الذي في اتباعه الهداية ، وفي الإعراض عن ملته الكفر والغواية "(4)انتهى.
    ويقول العلامة ابن عاشور رحمه الله :
    " المراد الميل في المذهب ، أن الذي به حنف يميل في مشيه عن الطريق المعتاد ، وإنما كان هذا مدحا للملة لأن الناس يوم ظهور ملة إبراهيم كانوا في ضلالة عمياء ، فجاء دين إبراهيم مائلا عنهم ، فلقب بالحنيف ، ثم صار الحنيف لقب مدح بالغلبة . وقد دلت هذه الآية على أن الدين الإسلامي من إسلام إبراهيم "(5) انتهى.
    ____________________
    (1) أخرجه البخاري برقم ( 3372 ، 3375 ، 3387 ، 4537 ، 4694 ، 6992 ، ) ومسلم برقم ( 151 )

    (2) أخرجه البخاري برقم ( 3827 )
    (3) أخرجه البخاري برقم ( 3827 )
    (4) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان " (ص/67)
    (5) التحرير والتنوير " (1/717)


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي رد: أخبار الأنبياء في السنة النبوية(متجدد إن شاء الله)

    أخبار الأنبياء في السنة النبوية
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


    الحلقة (18):



    قصة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام(3)

    أول من بدل دين إبراهيم عليه الصلاة والسلام
    - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :( سمعت رسول الله يقول لأكثم بن الجون الخزاعي : يا أكثم ! رأيت عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف يجر قصبه في النار ، فما رأيت رجلا أشبه برجل منك به ، ولا بك منه " . فقال أكثم : عسى أن يضرني شبهه يا رسول الله ؟
    قال :" لا إنك مؤمن وهو كافر ، إنه كان أول من غير دين اسماعيل ، فنصب الأوثان وبحر البحيرة وسيب السائبة ووصل الوصيلة وحمى الحامي )(1)
    * السائبة : الناقة إذا تبعت بين عشر إناث ليس بينهن ذكر ، سيبت فلم يركبها ظهرها ولم يجز وبرها ولم يشرب لبنها إلا ضيف كما فعل بأمها فهي البحيرة بنت السائبة .
    * البحيرة : بنت السائبة
    * الوصيلة : الشاة إذا أتمت عشر إناث متتابعات في خمسة أبطن ليس بينهن ذكر ، جعلت وصيلة ، قالو : قد وصلت ، فكان ما ولدت بعد ذلك للذكور منهم دون الإناث إلا أن يموت منها شيء فيشتركوا في أكله ذكورهم وإناثهم .
    * الحامي : الفحل إذا نتج له عشر إناث متتابعات ليس بينهن ذكر ، حمى ظهره فلم يركب ولم يجو وبره وخلي في إبله يضرب فيها لا ينتفع منه بغير ذلك . (2)
    عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أول من غير دين إبراهيم عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف أبو خزاعة "
    ويستفاد مما سبق :
    أنه قد بقيت بقايا من دين إبراهيم عليه السلام ، وصلت إلى العرب قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم ، وكانت قلّة من العرب يدينون قبل البعثة بالحنيفية ، دين إبراهيم عليه السلام وأن الذي غير دين العرب إلى الشرك وسنَّ لهم عبادة الأصنام هو عمرو بن لحي الخزاعي.

    ________________
    (1) أخرجه ابن هشام في السيرة( 1/76) والحاكم(4/605) بإسناد حسن وصرح ابن اسحاق بالتحديث والحديث أصله عند البخاري(6/400) ومسلم(8/214).
    (2) تفسير الطبري "7/ 56 وما بعدها" ، الجامع للقرطبي "6/ 337 ".



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي رد: أخبار الأنبياء في السنة النبوية(متجدد إن شاء الله)

    أخبار الأنبياء في السنة النبوية
    أ. د. فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر


    الحلقة (19):





    قصة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام(4)


    قول إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار :

    عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :" حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم حين ألقي في النار وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قيل له : (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ ) (1) الآية(2)

    اشتراك الحيوانات في إطفاء النار على إبراهيم إلا الوزغ :

    عن أم شريك رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الوزغ وقال :" كان ينفخ على ابراهيم عليه السلام "(3)

    وعن عائشة رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

    " إن إبراهيم قد ألقي في النار لم يكن في الأرض دابة إلا أطفأت النار عنه غير الوزغ فإنها كانت تنفخ عليه "(4)

    ويستفاد مما سبق:

    1- أن كلمة (حسبي الله ونعم الوكيل) من أعظم الأدعية الواردة في الكتاب والسنة الصحيحة.

    ومعنى : ( نعم الوكيل ) أي : أمدح من هو قيِّم على أمورنا ، وقائم على مصالحنا ، وكفيل بنا ، وهو الله عز وجل ، فهو أفضل وكيل ؛ لأن من توكل على الله كفاه ، ومن التجأ إليه سبحانه بصدق لم يخب ظنه ولا رجاؤه ، وهو عز وجل أعظم من يستحق الثناء والحمد والشكر

    قال ابن تيمية: أي : الله وحده كافينا كلَّنا (5)

    ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :حَسْبُنَا: أي : كافينا في مهماتنا وملماتنا، ( وَنِعْمَ الْوَكِيل ) إنه نعم الكافي جل وعلا ، فإنه نعم المولى ونعم النصير .

    ولكنه إنما يكون ناصرا لمن انتصر به واستنصر به ، فإنه عز وجل أكرم الأكرمين وأجود الأجودين ، فإذا اتجه الإنسان إليه في أموره أعانه وساعده وتولاه ، ولكن البلاء من بني آدم ، حيث يكون الإعراض كثيرا في الإنسان ، ويعتمد على الأمور المادية دون الأمور المعنوية "(6)

    2- أمر بقتل الوزغ لأنه كان ينفخ النار على إبراهيم عليه السلام

    قال البيضاوي: فيه بيان لخبث هذا النوع وفساده وأنه بلغ في ذلك مبلغاً استعمله الشيطان فحمله على أن ينفخ في النار التي ألقي فيها الخليل وسعى في اشتعالها وهو في الجملة من ذوات السموم المؤذية. (7)

    ____________

    (1) أخرجه البخاري(4563) (4564).

    (2) آل عمران 173-174


    (3) أخرجه البخاري(3307) (3259).ومسلم(2237)

    (4) أخرجه أحمد(6/83،109) ، والنسائي(5/189)، وابن ماجه(3231)، وابن حبان(5602).

    (5) منهاج السنة النبوية (7/204)

    (6) " شرح رياض الصالحين " (1/542)

    (7)" فيض القدير شرح الجامع الصغير " (2/76)
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •