كيف يقرأ طالب علم الحديث صحيح البخاري والكتب الستة؟
د. ثامر عبدالمهدي محمود حتاملة




يسأل بعض طلبة علم الحديث: كيف يبدأ بقراءة صحيح البخاري؟ وما هي أفضل طريقة لذلك؟ ومن خلال ما وجدتُه عمليًّا، ثم من خلال سؤالي أهلَ العلم، أذكر هنا بعض النصائح لقراءة صحيح البخاري؛ للاستفادة منه قدر الإمكان دون مَلَلٍ، وكلامي هنا مُوجَّه لطلاب علوم الحديث المختصِّين الذين لهم علم في علم الحديث ومنهج البخاري وتصنيفه، وبرأيي من النقص والعيب أن يكون طالب علم الحديث منذ سنوات ولم يقرأ الصحيحين إلى الآن.

ويُمكنني تلخيص المنهج كالآتي:
1- لا بدَّ لطالب العلم أن يختار نسخةً مُتقنةَ التحقيق لصحيح البُخاري، كتحقيق: محمد زهير ناصر، أو غيرها من التحقيقات مما ينصحه به أهلُ الخبرة، ولا ينظر إلى ثمن النسخة المحقَّقة جيدًا إن كانت غاليةً بعض الشيء، فمن خلالها يُمكنه التوثُّق في النقل والتحقيق، وصحَّة النص.

2- يُحدِّد له وقتًا يوميًّا يلتزم به، ويُمكن أن يكون يوميًّا عدا يوم الجمعة.

3- يبدأ بقراءة ترجمة مختصرة للإمام البخاري، ثم يقرأ عن منهجه في كتابه من أحد كتب مناهج المحدِّثين؛ ككتاب (مناهج المحدثين)؛ للشيخ سعد الحميد، أو أي كتاب غيره؛ حتى يكون مدخلًا له لمعرفة ملامح عامة حول منهج البخاري.

4- يقرأ في كل يوم عشرين حديثًا، وهكذا يُمكنه أن يختم صحيح البخاري في سنة كاملة.

5- يقرأ الحديث الأول وينظر في ترجمة الباب أو الحديث التي هي مظنَّة فقه الإمام البخاري، وهي من فقه المتقدِّمين وطريقتهم في الاستنباط خاصة عند المحدِّثين، ففقهُ السلف مبنيٌّ على النصوص، فمن المعلوم أن البخاري يظهَر فقهُه من خلال تراجم أبوابه وسياقه للحديث، وخاصة إذا دقَّقنا النظر في تَكراره للحديث، واختلاف الترجمة للحديث نفسه.

6- يقرأ ترجمة الحديث وأقوال العلماء حول هذه الترجمة، وأنصح هنا أن يفتح هاتفه على "فتح الباري"؛ لابن حجر، أو "عون الباري"؛ لصديق حسن خان القنوجي من موقع موثوق به، فمن خلال هذه التراجم يتبيَّن له كيف رجَّح البخاري هذا الحكم.

7- ثم بعد ذلك يقرأ الحديث بإسناده ومتنه، ويربط بين الحديث والترجمة، ونسجِّل بعض الفوائد على طُرَّة الكتاب بقلم رصاص أو قلم أحمر.

8- نربط بين فقه البخاري واستنباطه من الحديث وفقه غيره من الأئمة.

9- ثم بعد ذلك نعود إلى هذا الحديث، وننظر مَنْ خرَّج هذا الحديث من الأئمة، ونسخة د. مصطفى البغا لصحيح البخاري يذكر تخريج مسلم إن شارك البخاريَّ في الحديث، كما يذكر في الهامش معاني الكلمات التي ينقلها من "فتح الباري" لابن حجر.

10- وبعد ذلك ننظر إذا كان هناك فائدة أو لطيفة إسناد فندوِّنها، ونُؤشِّر إشارة إلى أن هذا الحديث في صحيح مسلم رُوجع مع الحديث الأول في صحيح البخاري.

11- بعد ذلك نبدأ بصحيح مسلم والترمذي وأبي داود والنَّسائي وابن ماجه بالترتيب حتى ينتهي منها طالب العلم، ومن خلال هذه الخطة يُمكن أن يكوِّن شخصيته العلمية الحديثية، من خلال المطالعة في الأحاديث والأسانيد والشروح.

12- أنصح طالب العلم باتِّخاذ دفترٍ خاصٍّ لتسجيل الفوائد والفرائد من خلال مطالعاته، وتسجيل الأفكار البحثية، والأسئلة الحديثية حتى يطرحها على المختصِّين من مشايخه الموثوقين.

ولمعرفة ملامح عامة عن الكتب الستة، ومناهج شُرَّاحها؛ يُمكنه الرجوع إلى كتابي (شروح الكتب الستة ومناهجها)، وهو كتاب صغير الحجم كبيرُ الفائدة إن شاء الله تعالى.

وآخر دعوانا إن الحمد لله رب العالمين


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/124420/#ixzz53X5R97Nl