تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 9 من 9

الموضوع: تعريف البدعة وضابطها

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي تعريف البدعة وضابطها

    يقول الشيخ صالح ال الشيخ-من المهم أن نعرف البدعة؛ لأن الأشياء تتبين بضدها، فإذا عرفنا البدع تبينت السنن؛ ولأن البدع من حيث الضابط يمكن حصرها، بخلاف السنن فإنها كثيرة متنوعة.
    لهذا دخل العلماء حين تحدثوا عن البدع في تعريف البدعة، وفي معناها من جهة اللغة ومن جهة الشرع.
    فقالوا البدعة في اللغة مأخوذة من ابتدع الشيء، إذا جعله حدثا ليس له سابق على منواله، فيقال: هذا الأمر بدعة. إذا لم يكن له سابق على منواله، ومنه قول الله جل وعلا ?قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ?[الأحقاف:9]، ?قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ? يعني لم أكن بأول رسول جاءتني الرسالة لم يسبق أن أتت أحدا من قبلي؛ بل ثم رسل من قبلي جاءتهم الرسالات وأنزل الله جل وعلا عليهم وحيه ?قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ? يعني لست بأول رسول، وقال جل وعلا ?بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ?[الأنعام:101] يعني الذي أحدثهما باختراع من غير مثال سابق، هذا معنى البدعة في اللغة، ومنه في قول الصحابة قول عمر حينما رأى الناس اجتمعوا بعد تفرق على إمام في التراويح قال: نعمت البدعة هذه. هذا من جهة المعنى اللغوي؛ لأن اجتماعهم جميعهم على إمام واحد في عهده كان جديدا لم يسبق شيء على مثاله في عهده ولا في عهد أبي بكر رَضِيَ اللهُ عنْهُ، فقال: نعمت البدعة هذه يعني من جهة أنها أمر أوّل حدث في عهده؛ وإلا فإن صلاة التراويح قد فعلها عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ وتركها لأجل أن لا تُفرض على الصحابة رضوان الله عليهم.
    أما في الاصطلاح فالعلماء عرّفوها بتعريفات، ومن أمثلها تعريف الشاطبي المشهور في كتابه الاعتصام، حيث عرّفها رحمه الله تعالى بقوله: البدعة طريقة في الدين مخترعة، تُضاهى بها الطريقة الشرعية، يُقصد بها المبالغة في التعبد لله تعالى.
    وقال غيره في تعريف البدعة: البدعة في الاصطلاح ما أُحدث على خلاف الحق المُتلقى عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في علم أو عمل أو حال بنوع شبهة أو تأويل وجُعل ذلك صراطا مستقيما وطريقا قويما.
    والتعريف الأول تعريف الشاطبي نحتاج إلى أن نفصله؛ لأنه مهم وهو تعريف سديد، والشاطبي تأمل هذا الموضوع موضوع البدع والمحدثات فألّف فيه كتابه الاعتصام وهو كتاب مشهور غني عن الوصف.
    قال في تعريفه (البدعة طريقة في الدين مخترعة):
    (طريقة) يعني أن أصحابها جعلوا البدعة طريقا ملتزما؛ لأن الطريق لا يسمى طريقا حتى يسمى ملتزم السلوك عليه، فقوله (طريقة في الدين) نفهم منها أن السير في ذلك الطريق طريق البدعة ألتزم به، لم تفعل مرة وتترك؛ بل جعلت طريقة وجعل ذلك طريقا مسلوكا، قد طُرق من كثرة السلوك عليه.
    قال (في الدين) وفي الدين يخرج في الدنيا؛ لأن المحدثات في أمر الدنيا راجع إلى المصالح المرسلة، وليس براجع إلى البدع؛ لأن البدعة في الدين وليست في الدنيا، لهذا قال (البدعة طريقة في الدين مخترعة).
    وقوله (مخترعة) يعني أنها جاءت جديدة إما من جهة الأصل، أو جاءت جديدة من جهة الإضافة؛ يعني بذلك أن البدعة قد تكون جاءت جديدة من جهة الأصل لم يدلّ عليها دليل أصلا ولم يكن في أصلها أمر مشروع، وثَم شيء في البدع ما يكون أصله مشروعا لكن هيأته تكون مبتدعة، وهذا كله يدخل في قوله (طريقة في الدين مخترعة).
    إذن حصلنا من ذلك على أن البدع نوعان:
    بدع أصلية: وهي التي تكون محدثة من حيث الأصل ومن حيث الوصف.
    وبدع إضافية: يكون أصلها مشروعا؛ ولكن هيأتها محدثة، من مثل الصلاة على النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ على المآذن بعد الفراغ من الأذان، ومن مثل الاجتماع على الذكر على نحو معين بصفة معينة ملتزمة، فهذا من حيث هو مشروع في الأصل؛ لأن الصلاة على النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ مأمور بها في الكتاب والسنة؛ لكن هذه الهيئة جعلت تلك الهيئة مخترعة، فسُمّيت بدعة إضافية ليست أصلية لأن أصلها مشروع؛ لكنها إضافية يعني أن البدعة جاءت من حيث الهيئة، لا من حيث الأصل، فهذا النوع من التعبد بها بدعة؛ لكن أصلها مشروع.
    قال (تضاهى بها الطريقة الشرعية) يعني أن أصحاب البدع التزموا بها فجُعلت البدعة تضاهي الطريقة الشرعية، فنرى نحن العبادات في الشرع العبادات تُعمل ويلتزم بها، نعملها دائما، فإذا أتى أحدا وجعل شيئا ما يظن أنه يقربه إلى الله عز وجل فالتزمه وجعله دائما يعمل به في أوقات معلومة، وجعل لذلك زمانا أو مكانا أو عددا فإنه ضاهى به الطريقة الشرعية؛ لأن العبادات في الشرع من صفاتها أنها يكون لها الوصف من جهة الزمان؛ قبل الصلاة، بعد الصلاة، في طرفي النهار، ونحو ذلك، لها وصف من جهة العدد، لها وصف من جهة المكان، فإذا جعل شيء له صفة معينة في الدين من جهة المكان أو الزمان أو العدد، فإنه يكون قد ضاهى به الطريقة الشرعية.
    قال (يقصد بها المبالغة في التعبد لله تعالى) يعني أن قصد أهل البدع ليس قصدا قبيحا، هم قصدوا أن يبالغوا في التعبد، قصدوا الخير -كما سيأتي-، قصدوا أن يتقرّبوا إلى الله جل وعلا؛ ولكن ليس كل مريد للخير محصلا له كما قال ابن مسعود رَضِيَ اللهُ عنْهُ.
    إذن تحصل لنا من هذا التعريف أن البدع ملتزم بها، وأنها في الدين وليست في الدنيا، وأن أصحابها يريدون المبالغة في التعبد ودِلالة الناس على الخير والهدى.
    أتى أبو موسى الأشعري رَضِيَ اللهُ عنْهُ مرة إلى ابن مسعود في الكوفة فقال: يا أبا عبد الرحمن إن هاهنا قوما في المسجد تحلّقوا وبين أيديهم حصى يقول أحدهم سبحوا مائة، فيرفعون الحصى فيسبحون مائة، وهكذا قال ابن مسعود لأبي موسى: فما قلت لهم؟ قال: ما قلت لهم شيئا حتى أذكر ذلك لك. فقام ابن مسعود إلى أولئك الذين يسبحون الله عن طريق الحصى -يعني يعدون التسبيح بالحصى واجتمعوا على تلك الهيئة- قال ابن مسعود لما وقف عليهم قال: إنكم فُقِتُم صحابة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أو أنتم على شعبة ضلالة. قالوا: يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير، قال: كم من مريد للخير لم يحصله، هذه آنية رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم تكسر، وهذه ثيابه لم تَبْلَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ وهؤلاء أصحابه لم ينقطعوا.
    فدلّنا بذلك على أن شبهة إرادة الخير هي في أصل إنشاء البدع، كل محدث للبدعة إنما أراد الخير؛ يعني في الجملة.
    لهذا نقول: إن أصل إنشاء البدع يقول أصحابه: أرادنا الخير، أدرنا التعبد، أردنا أن ينصرف الناس إلى الذكر، أن ينصرف الناس إلى تذكر السنة تذكر السيرة، أردنا أن يتعبد الناس بصلوات في بعض الليالي،وهكذا. فهم أرادوا الخير؛ لكن هل كل مريد للخير يحصله؟ الجواب: لا، حتى يكون ذلك الخير على وفق السنة وإلا كان غير خير.[السنة والبدعة]

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    قاعدة مهمة فى ضابط البدعة ---يقول الشيخ صالح ال الشيخ-هذه قاعدة مهمة.
    : أن قاعدة البدعة أن تكون ملتزما بها، فإذا فعلت مرة ولم تلتزم كانت خطأ وخلافا للسنة ولا تسمى بدعة؛ يعني لا يسمى الحدث في الدين بدعة حتى يلتزم؛ لأنهم قالوا في تعريفه: طريقة في الدين مخترعة.
    وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من كلامه: فضابط الالتزام مهم في الفرق بين البدعة وخلاف السنة. يعني نقول فلان مخالف للسنة، أو نقول هذا الفعل خلاف السنة، إذا فعله مرة مرتين ولم يلتزمه، لكن إذا التزمه وجعله طريقا مسلوكا صار بدعة، فالبدعة ضابطها أن تكون ملتزما بها، وخلاف السنة أن يخطئ؛ يعمل عملا على خلاف السنة؛ لكن فعله مرة أو مرتين.
    فإذن إذا رأيت من يفعل خلاف السنة من الأفعال، فهذا تقول له: هذا الأمر خلاف السنة. فإذا التزمه صار بدعة في حقه، قد يكون بدعة من دون النظر إلى الشخص، من دون النظر إلى الفاعل؛ لكن مع جهة الفاعل فإنك تقول هو خلاف السنة حتى يكون الفاعل ملتزما له، والفعل يكون بدعة؛ لأن الناس التزموه؛ يعني أهل البدع.
    هذا ضابط مهم
    ؛ لأن من الناس من يقول في كل خلاف للسنة إنه بدعة، وهذا ليس بصواب؛ بل الصواب التفريق بين ما هو مخالف للسنة وما هو بدعة.[السنة والبدعة]

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    قواعد مهمة فى البدعة
    قاعدة: إذا تَرَكَ الرسول صلى الله عليه وسلم فعل عبادة من العبادات مع كون موجبها وسببها المقتضي لها قائمًا ثابتًا، والمانع منها منتفيًا، فإن فعلها بدعة.
    ـ وقاعدة: كل عبادة من العبادات ترك فعلها السلف الصالح من الصحابة والتابعين وتابعيهم أو نقلها أو تدوينها في كتبهم أو التعرض لها في مجالسهم، فإنها تكون بدعة بشرط أن يكون المقتضي لفعل هذه العبادة قائمًا والمانع منه منتفيًا.
    ـ وقاعدة: كل عبادة وردت في الشرع على صفة مقيَّدة، فتغيير هذه الصفة بدعة.
    ـ وقاعدة: كل عبادة مطلقة ثبتت في الشرع بدليل عام، فإن تقييد إطلاق هذه العبادة بزمان أو مكان معين أو نحوهما، بحيث يوهم هذا التقييد أنه مقصود شرعًا من غير أن يدلَّ الدليل العام على هذا التقييد فهو بدعة. [الاسلام سؤال وجواب]-------------------------------------------------------------------------
    قواعد في ضوابط البدعة وما يتعلق بها وهي كالآتي:

    القاعدة الأولى: ((كل بدعة في الشرع ضلالة))

    تحت هذه القاعدة عشر قواعد وهي:
    1. كل بدعة في الشرع ضلالة
    2. كثرة الجزئيات بمنزلة البدع الكليات
    3. صغائر البدع من المتشابهات
    4. البدعة الإضافية كالحقيقية
    5. الابتداع مذموم على الإطلاق والعموم
    6. البدع مراكب والذم مراتب
    7. رد البدعة والتأثيم يقتضي التحريم
    8. البدعة والاستحسان لا يجتمعان

    9. إن تحمل المعنى الشرعي المتين فلا تخصيص ولا تقسيم ولا تحسين
    10. البدعة الحسنة لا تقوم مقام البدعة الإضافية.

    القاعدة الثانية: (( لا تبديع في مسائل الاجتهاد))

    وأدرج تحت هذه القاعدة خمس قواعد وهي:
    1. لا تبديع في مسائل الاجتهاد
    2. الاشتباه في البدعة وارد
    3. لا منافاة بين البدعة والخلاف

    4. الاجتهاد في تحقيق المناط لا ينافي الابتداع
    5. لا بد للمبتدع من بدعة ولا عكس.

    القاعدة الثالثة: (( قيد العبادات واحذر الآفات ))

    وأدرج تحت هذه القاعدة سبع قواعد وهي:
    1. الأصل في العبادات الحظر
    2. لا قربة إلا بطاعة
    3. عدم قصد القربة ممتنع في القربة المقصودة
    4. الأصل في العبادات المطلقة: التوسعة
    5. الأمر المطلق لا يمكن امتثاله إلا بتحصيل المعين
    6. ما شرع من العبادات على وجه العموم لا يدل على مشروعيته على وجه الخصوص

    7. قيد العبادات واحذر الآفات.

    القاعدة الرابعة: ((العادات المجردة لا بدعة فيها))

    وأدرج تحت هذه القاعدة ثمان قواعد وهي:
    1. العادات المجردة لا بدعة فيها
    2. الأصل في العادات الحل
    3. الإحداث في العادة: بالمشاقة والعبادة
    4. الترك الضلال: التدين بترك الحلال
    5. الوسائل التعبدية: مقاصد تقصد
    6. الوسائل محكومة لا حاكمة

    7. مشابهة الكافرين بدعة في الدين [قد تقدم التعليق على هذا الكلام فى كلام الشيخ صالح السابق]
    8. الأعياد توقيفية.-----------[موقع الدرر السنية]

    قواعِدَ معرفة البِدَع، وذَكَر فيها سِتَّ قواعد:القاعدة الأولى: الأصل في العبادات التوقُّف أو المنع.

    القاعدة الثانية: الأصلُ في الأشياءِ الإباحَةُ.

    القاعدة الثَّالثة: الحَسَنُ ما حسَّنَه الشَّرْع.
    القاعدة الرابعة: كلُّ بِدْعةٍ ضلالةٌ، وإنْ رآها الناسُ حسنةً.
    القاعدة الخامسة: ليسَ في الدِّينِ بِدْعَةٌ حسنةٌ.
    القاعدة السادسة: الاختلافُ في بعض البِدَع لا يُسَوِّغُ قَبولَها أو العملَ بها.[موقع الدرر السنية]

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    يقول السفاريني : "أهل السنة والجماعة ثلاث فرق: الأثرية: وإمامهم أحمد بن حنبل رضي الله عنه، والأشعرية: وإمامهم أبو الحسن الأشعري، والماتريدية: وإمامهم أبو منصور الماتريدي"اهـ (لوامع الأنوار 1/73)
    قال الشيخ سليمان بن سحمان: "هذا مصانعة من المصنف (أي: السفاريني) في إدخاله الأشعرية والماتريدية في أهل السنة والجماعة؛ فكيف يكون من أهل السنة والجماعة من لا يثبت علو الرب سبحانه فوق سماواته، واستواءه على عرشه، ويقول: حروف القرآن مخلوقة، وإن الله لا يتكلم بحرف ولا صوت، ولا يثبت رؤية المؤمنين ربهم في الجنة بأبصارهم؛ فهم يقرون بالرؤية ويفسرونها بزيادة علم يخلقه الله في قلب الرائي، ويقول: الإيمان مجرد التصديق، وغير ذلك من أقوالهم المعروفة المخالفة لماعليه أهل السنة والجماعة"اهـ (لوامع الأنوار البهية 1/73)
    وقال السجزي: "فكل مدع للسنة يجب أن يطالب بالنقل الصحيح بما يقوله؛ فإن أتى بذلك؛ علم صدقه، وقبل قوله، وإن لم يتمكن من نقل ما يقوله عن السلف؛ علم أنه محدث زائغ، وأنه لا يستحق أن يصغى إليه أو يناظر في قوله. وخصومنا المتكلمون؛ معلوم منهم أجمع؛ اجتناب النقل والقول به؛ بل تمحينهم لأهله ظاهر، ونفورهم عنهم بين، وكتبهم عارية عن إسناد؛ بل يقولون: قال الأشعري، وقال ابن كلاب، وقالالقلانسي، وقال الجبائي .. ومعلوم أن القائل بما ثبت من طريق النقل الصحيحعن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يسمى محدثاً بل يسمى سنياً متبعاً، وأن من قال في نفسه قولاً وزعم أنه مقتضى عقله، وأن الحديث المخالف له؛ لا ينبغي أن يلتفت إليه، لكونه من أخبار الآحاد، وهي لا توجب علماً، وعقله موجب للعلم؛ يستحق أن يسمى محدثاً مبتدعاً مخالفاً"اهـ (الرد على من أنكر الحرف والصوت ص 100-101) وقال: "ثم بُلِيَ أهل السنة بعد هؤلاء؛ بقوم يدعون أنهم من أهل الاتباع، وضررهم أكثر من ضرر المعتزلة وغيرهم، وهم أبو محمد بن كلاب،وأبو العباس القلانسي، وأبو الحسن الأشعري .. وفي وقتنا أبو بكر الباقلاني ببغداد، وأبو إسحاق الإسفرائيني وأبو بكر بن فورك بخراسان؛ فهؤلاء يردون على المعتزلة بعض أقاويلهم ويردون على أهل الأثر أكثر مما ردوه على المعتزلة .. ثم قال: وكلهم أئمة ضلالة يدعون الناس إلى مخالفة السنة، وترك الحديث"اهـ (المصدر السابق ص 222-223) ثم بين وجه كونهم أشد من المعتزلة؛ فقال: "لأن المعتزلة قد أظهرت مذهبها ولم تستقف ولم تموه؛ بل قالت: إن الله بذاته في كل مكان وإنه غير مرئي، وإنه لا سمع له ولا بصر ولا علم ولا قدرة ولا قوة .. فعرف أكثر المسلمين مذهبهم وتجنبوهم وعدوهم أعداء. والكلابية، والأشعرية قد أظهروا الرد على المعتزلة، والذب عن السنة وأهلها، وقالوا في القرآن، وسائر الصفاتما ذكرنا بعضه"اهـ (المصدر السابق ص 177-178) والعجيب أن أكابرهم اعترفوا على أنفسهم بالبدعة والانحراف؛ فها هو الجويني؛ يقول: "لقد خضت البحر الخضم، وتركت أهل الإسلام وعلومهم، وخضت في الذي نهوني عنه، والآن إن لم يتداركني ربي برحمة منه؛ فالويل لفلان، وها أنا ذا أموت على عقيدة أمي"اهـ (منهاج السنة 5/141) وقال الرازي: "رأيت الأصلح والأصوب؛ طريقة القرآن، وهو ترك الرب؛ ثم ترك التعمق؛ ثم المبالغة في التعظيم من غير خوض في التفاصيل؛ فأقرأ في التنزيه قوله: {وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ{، وقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}، و{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}. وأقرأ في الإثبات: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} و}يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ{ و}إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ{، وأقرأ في أن الكل من الله؛ قوله: {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}، وفي تنزيهه عن ما لا ينبغي: }مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ{، وعلى هذا القانون فقس. وأقول من صميم القلب من داخل الروح: إني مقر بأن كل ما هو الأكمل الأفضل الأعظم الأجل، فهو لك، وكل ما فيه عيب ونقص، فأنت منزه عنه. وأقول: إن عقلي وفهمي قاصر عن الوصول إلى كنه صفة ذرة من مخلوقاتك .. ولقد اختبرت الطرق الكلامية، والمناهج الفلسفية؛ فما رأيت فيها فائدة تساوي الفائدة التي وجدتها في القرآن؛ لأنه يسعى في تسليم العظمة والجلالة لله، ويمنع عن التعمق في إيراد المعارضات والمناقضات، وما ذاك إلا للعلم بأن العقول البشرية تتلاشى في تلك المضايق العميقة، والمناهج الخفية؛ فلهذا أقول: كل ما ثبت بالدلائل الظاهرة، من وجوب وجوده، ووحدته، وبراءته عن الشركاء في القدم، والأزلية، والتدبير، والفعالية؛ فذلك هو الذي أقول به، وألقى الله به"اهـ (تاريخ الإسلام 43/218-221) قال شيخ الاسلام بن تيمية: "ولا ريب أن سبب هذا كله ضعف العلم بالآثار النبوية والآثار السلفية، وإلا فلو كان لأبي المعالي وأمثاله بذلك علم راسخ، وكانوا قد عضوا عليه بضرس قاطع؛ لكانوا ملحقين بأئمة المسلمين لما كان فيهم من الاستعداد لأسباب الاجتهاد، ولكن اتبع أهل الكلام المحدث، والرأي الضعيف للظن وما تهوى الأنفس؛ الذي ينقض صاحبه إلى حيث جعله الله مستحقاً لذلك، وإن كان له من الاجتهاد في تلك الطريقة ما ليس لغيره؛ فليس الفضل بكثرة الاجتهاد، ولكن بالهدى والسداد"اهـ (التسعينية 3/926( فسبب هذا الخلط الذي نعيشه؛ هو أن كثيراً من الناس - اليوم - لا يعرفون "اعتقاد أهل السنة والجماعة كما يجب، أو يعرفون بعضه ويجهلون بعضه، وما عرفوه منه قد لا يبينونه للناس بل يكتمونه،ولا ينهون عن البدع المخالفة للكتاب والسنة، ولا يذمون أهل البدع ويعاقبونهم، بللعلهم يذمون الكلام في السنة وأصول الدين ذماً مطلقاً؛ لا يفرقون بين ما دل عليهالكتاب والسنة والإجماع، وما يقوله أهل البدع والفرقة، أو يقرون الجميع على مذاهبهم المختلفة كما يقر العلماء في مواطن الاجتهاد التي يسوغ فيها النزاع"اهـ (مجموع الفتاوى 12/467) هذا وقد نبهني أحدهم؛ إلى أن مقصود من قال هذه الكلمة: أن البدعة في الأصل لا تقع من عالم - على الحقيقة - وإنما يتدثر الجاهل بدثار العالم، فيُستفتى، فيبتدع؛ ولا يتنافى هذا مع وقوع البدعة من العالم حقاً؛ لكن هذا لا يكون إلا على جهة الزلة، والفلتة.
    قلت: لم يغب ذلك عن ذهني - بحمد الله - لكن الواجب عدم التمسك بظاهر القول؛ لتسويغ خطأ، أو تحقيق مأرب؛ كتمسك بعضهم بمقولة ابن عساكر - الأشعري - (لحوم العلماء مسمومة) ليضمن عدم المساس ببعض من يدعى العلم، ولو كان غارقين في الخطأ؛ بل والضلال.
    -كما في عصرنا هذا - كمسألة جنس العمل مثلاً - تجد أن المرجئة المعاصرين يكرهون الاستماع إلى النصوص النبوية، والآثار السلفية التي تدحض مزاعمهم، وتفند شبههم، ويبغضون من يذكرهم بها، ويحاربونه، ويطعنون فيه، ويحذرون منه؛ فإلى الله المشتكى.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    أطلق بعض المعاصرين؛ أن التبديع لا يكون إلا بعد إقامة الحجة وبيان المحجة، ومن ثم توقف في تبديع كثير من المتقدمين والمتأخرين والمعاصرين؛ ممن تلبسوا ببدعة ظاهرة منكرة، ولم يُنقل عن أحد من أهل العلم الثقات تبديع أعيانهم؛ لأنه لا يدري هل أقيمت عليهم الحجة؛ أم لا؛ أو كانوا متأولين؛ أم معاندين متبعين لأهوائهم؛ فلو كان قيد قوله هذا بالمسائل الخفية؛ لقبل منه، ولكنه أطلق، ولم يفرق بين البدع الخفية - - والبدع الظاهرة. فإطلاق القول بأن التأويل مانع من التبديع، أو أن التبديع لا يكون إلا بعد إقامة الحجة على المخطئ؛ خطأ محض--يقول شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب-قال رحمه الله تعالى-- أنا من أعظم الناس نهيا عن أن ينسب معين إلى تكفير أو تبديع أو تفسيق أو معصية، إلا إذا علم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية التي من خالفها كان كافرا تارة وفاسقا أخرى وعاصيا أخرى. انتهى كلامه. وهذا صفة كلامه في المسألة في كل موضع وقفنا عليه من كلامه، لا يذكر عدم تكفير المعين إلا ويصله بما يزيل الإشكال أن المراد بالتوقف عن تكفيره قبل أن تبلغه الحجة، وإذا بلغته حكم عليه بما تقتضيه تلك المسألة من تكفير أو تفسيق أو معصية. وصرح رضي الله عنه أيضا أن كلامه أيضا في غير المسائل الظاهرة فقال في الرد على المتكلمين، لما ذكر أن بعض أئمتهم توجد منه الردة عن الإسلام كثيرا. قال: وهذا إن كان في المقالات الخفية، فقد يقال إنه فيها مخطئ ضال، لم تقم عليه الحجة التي يكفر تاركها، لكن هذا يصدر عنهم في أمور يعلم الخاصة والعامة من المسلمين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بها وكفر من خالفها، مثل أمره بعبادة الله وحده لا شريك له، ونهيه عن عبادة أحد سواه من الملائكة والنبيين وغيرهم؛ فإن هذا أظهر شعائر الإسلام، ومثل إيجاب الصلوات الخمس وتعظيم شأنها، ومثل تحريم الفواحش والربا والخمر والميسر، ثم تجد كثيرا من رؤوسهم وقعوا فيها فكانوا مرتدين. وأبلغ من ذلك أن منهم من صنف في دين المشركين، كما فعل أبو عبد الله الرازي (يعني الفخر الرازي). قال: وهذه ردة صريحة باتفاق المسلمين. انتهى كلامه] ا.هـ.
    ----------
    قال شيخ الإسلام في الرد على المتكلمين لما ذكر أن بعض أئمتهم توجد منه الردة عن الإسلام كثيراً قال : (( وهذا إن كان في المقالات الخفية فقد يقال فيها إنه مخطئ ضال لم تقم عليه الحجة التي يكفر تاركها، لكن هذا يصدر منهم في أمور يعلم الخاصة والعامة من المسلمين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بُعث بها، وكفر من خالفها مثل عبادة الله وحده لا شريك له، ونهيه عن عبادة أحد سواه من الملائكة والنبيين وغيرهم، فإن هذه أظهر شعائر الإسلام، مثل إيجاب الصلوات الخمس، وتعظيم شأنها، ومثل تحريم الفواحش والزنا والخمر والميسر، ثم تجد كثيراً من رؤساهم وقعوا فيها فكانوا مرتدين، وأبلغ من ذلك أن منهم من صنف في دين المشركين كما فعل أبو عبد الله الرازي.قال : وهذه ردة صريحة، انتهى يقول الشيخ سليمان بن سحمان.كلام شيخ الإسلام إنما يعرفه ويدريه من مارس كلامه، وعرف أصوله فإنه قد صرح في غير موضع أن الخطأ قد يغفر لمن لم يبلغه الشرع، ولم تقم عليه الحجة في مسائل مخصوصة، إذا اتقى الله ما استطاع، واجتهد بحسب طاقته، وأين التقوى وأين الاجتهاد الذي يدعيه المعطلون للصانع عن علوه على خلقه،----قال الشيخ سليمان بن سحمان رحمه الله: (فمن كان مؤمناً بالله ورسوله باطناً وظاهراً لكنه اجتهد في طلب الحق؛ فأخطأ أو غلط أو جهل أو تأول، فإن الله تعالى يغفر له خطأه - كائناً من كان - في المسائل النظرية أو العلمية، ومنشأ الغلط؛ أن هؤلاء لما سمعوا كلام شيخ الإسلام رحمه الله في بعض أجوبته يقول بعدم تكفير الجاهل والمجتهد المخطىء والمتأول، ظنوا أن هذا يعم كل خطأ وجهل، واجتهاد وتأويل، وأجملوا ولم يفصلوا، وهذا خطأ محض، فإنه ليس كل اجتهاد وخطأ وتأويل يغفر لصاحبه وأنه لا يكفر بذلك، فإن ما علم بالضرورة من دين الإسلام، كالإيمان بالله ورسوله وبما جاء به؛ لا يعذر أحد بالجهل بذلك، فقد أخبر الله سبحانه بجهل كثير من الكفار مع تصريحه بكفرهم، ووصف النصارى بالجهل، مع أنه لا يشك مسلم بكفرهم، ونقطع أن أكثر اليهود والنصارى اليوم جهال مقلدون، ونعتقد كفرهم وكفر من شك بكفرهم) ----------------------يقول الشيخ صالح الفوزان--عندما سئل هل يشترط إقامة الحجة للتبديع : قال :" ... ليس لأحد أن يحكم على شيئ بأنه بدعة أو سنة حتى يعرضه على كتاب الله وسنة رسوله ــ صلى الله عليه وسلم ــوأما إن فعله عن جهل ، وظن أنه حق ، ولم يبين له ؛ فهذا معذور بالجهل ، لكن في واقع أمره يكون مبتدعا ، ويكون عمله هذا بدعة ، ونحن نعامله معاملة المبتدع ، ونعتبر أن عمله هذا بدعة " المنتقى 1 / 404 .

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    شبهات يوردها بعض القوم المحسّنين للبدع.
    أول تلك الشبه أنهم يقولون: إن البدع منها ما هو حسن ومنها ما هو قبيح.
    والبدعة إذن عندهم تدور عليها الأحكام الخمسة، كما بيّن ذلك العز بن عبد السلام الفقيه المعروف وكان أشعريا صوفيا، قال البدعة: تدور عليها الأحكام الخمسة، وتبنّى قوله هذا جماعة بعده، وهذا القول الذي قالوه إذا نظرت إلى قول النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ (كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة) تبين لك به أنّ المحدثات؛ يعني في الدين جميعا لأن كل من ألفاظ العموم عند الأصوليين، جميع المحدثات بدع، وجميع البدع ضلالات، وكل من ألفاظ الظهور في العموم عند الأصوليين، وعند جماعة منهم من ألفاظ النص في العموم.
    النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ يقول (كل بدعة ضلالة)، وبعض أهل العلم قال البدع منها ما هو ضلالة ومنها ما هو واجب ومنها ما هو مستحب، ولاشك أن هذا داخل في حد البدعة؛ لأن تقسيمهم للبدع بدعة علمية، ولهذا ذكرت لك تعريف الثاني للبدعة، وهو قول بعض أهل العلم إن البدعة ما أحدث على خلاف الحق المتلقى عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في علم أو عمل أو حال بنوع شبهة أو تأويل، وهذا داخل في هذا الحد.
    إذن نقول النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ قال كل بدعة ضلالة، وبعض أهل العلم قالوا من البدع ما هو حسن ومنها ما هو ضلالة.
    فنقول هذا مخالف لقول النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ، والواجب أن نحكّم قوله عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ ولا نحكّم قول غيره.
    لِم قسمتم البدع هذا التقسيم؟ قالوا: لأن عمر قال نعمت البدعة هذه.
    والجواب: أن هذا في البدع اللغوية وليست في البدع المحدثة؛ لأن النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ قد صلى بصحابته بعض ليالي رمضان بعض العشر الأخيرة.
    فإذن ليس هو محدث وإنما منعه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ من الفعل أنهم تواردوا عليه وكثروا فخشي أن يفرض عليهم.
    جمع القرآن هذا من أسباب التقسيم، نقول: غير داخل أيضا في حد البدع؛ لأن البدعة كما ذكرنا من ضوابطها وشروطها أن يقوم المقتضي للفعل في عهده عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ فيترك الفعل.

    من الشبه التي أوردوها أيضا ما رواه مسلم رحمه الله في صحيحه أن النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ قال «من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة» قالوا فالنبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ قال (من سنّ في الإسلام سنة حسنة) معنى ذلك أنه أحدث فتلك السنة فصارت حسنة بإحداثه هكذا قالوا.
    ونذكر هذه الشبه لأنها تواجهكم كثيرا، فلابد أن يكون مع صاحب الحق سلاح يدفع به عن الحق الذي معه، وما أحسن قول الإمام محمد بن عبد الوهاب في رسالة كشف الشبهات: ولكن الخوف على الموحّد إذا خاض مع الناس وليس معه سلاح يمضي به. وهذا صحيح، ومن السلاح العلم بالشبه والرد عليها.
    فهذا الدليل الذي أوردوه -هذا في صحيح مسلم كما ذكرنا- والجواب عنه أن العلماء يقولون في تقعيدهم: العلم بأسباب الحديث يُورث العلم بمسبَّباتها؛ بل كل علم بالسبَّب يورث العلم بالمسبب، وكثيرا ما يأتي فهم الأمور على غير ما ينبغي من جهة عدم فهم الأسباب، فإذا أتى أحد وقال لك كلاما غريبا، قل ما السبب الذي من أجله حدث هذا الكلام؛ لأنه كما قال شيخ الإسلام وغيره من العلماء العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب.
    فهذا القول للنبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ (من سن في الإسلام سنة حسنة) له سبب فإذا فهمنا السبب فهمنا المسببات يعني فهمنا هذا الكلام ما معناه، وذلك أن قوما أتوا النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ وقد اجتابوا النمار، اجتابوا النمار يعني قطعوها وكانت مخرقة، الجيب هو القطع والشق ?وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ?[الفجر:9]، يعني قَطَعُوا وشقوا الصخر بالواد، مجتابي النمار كانت نمارهم مشققة وحالتهم رثة للغاية، فلما رآهم عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ عُرِف لك في وجهه برأفته عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ ولرحمته بأمته عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ، فحثّ على الصدقة وأمر بها ورأوا ما رأوا في وجهه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ فقام أحد الصحابة بعد أن سكتوا قليلا فقال: عليّ يا رسول أهل كذا -وهذا السياق موجود في صحيح مسلم في أول الحديث- فلما رآه الآخرون يقول هذا الكلام تتابعوا في الصدقة، فقال عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ «من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة» قال بعض أهل العلم قوله إذن (من سن في الإسلام) على هذا السبب وعلى هذا البيان معناه من سن من الإسلام سنة حسنة؛ لأن الصدقة مشروعة في الدين، وهذا الذي سنه ذلك الصحابي من الإسلام وهو الصدقة فسنّ أمرا مشروعا؛ فيكون إذن معنى سن الأمور المشروعة سن الأمور من الإسلام أنه أحياها بعد إماتتها أو بعد الغفلة عنها، فمن أحيي سنة كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، كما جاء في حديث أبي هريرة (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا) ولهذا قال بعده (ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة) يعني سنة سيئة علمناها من جهة المعاصي أو البدع أو المحدثات أو نحو ذلك.
    فالدليل إذن ضد المحسنين للبدع وليس معه.
    مما قالوا أيضا: ما أردنا بأفعالنا إلا الخير. مثل ما قال أولئك لابن مسعود قالوا: يا ابن مسعود ما أردنا إلا الخير يسبحون بالحصى ويعدون التسبيح مائة عشر ألف، ما أردنا إلا الخير، فأنكر عليهم رضوان الله عليه، أنكر عليه ابن مسعود وقال: كم من مريد للخير لن يحصله.
    فإذن العبرة كما دل عليه كلام ابن مسعود ليس بإرادة الخير، وإنما بأن يكون الخير مستقًى من السنة.
    إذا نظرت إلى الذين يفعلون البدع كلهم يقول نريد الخير، إذا نظرت للذين يحيون بعض الليالي أو يحيون بعض الحفلات أو نحو ذلك إذا سألتهم قالوا ما أردنا إلا الخير، نريد أن ننبه الناس على أفعال طيبة وعلى السيرة وعلى الصدقات وعلى وعلى إلى آخره.
    لكن هل هذه الحجة صحيحة؟ الذي يريد أن يصلي فرضا مثلا خمس ركعات الظهر أو العصر أو العشاء أو يصلي ثلاث ركعات الفجر أو أربع الفجر وتقول له لم صليت قال: زيادة الخير خير فنريد نزيد من الخير ركعات فيها القرآن فيها التسبيح وفيها الفاتحة وفيها ركوع وسجود وكل ذلك من الأعمال الطيبة، فنزيد لأجل الخير.
    فهل يقبل هذا منه؟ بالإجماع لا يقبل وهو مردود لم؟ لأن الشريعة جاءت بالحد والحد ضابط إذا تُجُوِّز إذا تعدي عليه، إذا زاد المرء عليه زاد على السنة، وذهب إلى الغلو والبدعة.
    فإذن هذه العبرة ما أردنا إلا الخير، هذا ليس بأمر يُحتج به؛ لأن كل أهل الضلالة ما أرادوا إلا الخير.
    أيضا قالوا شيخ الإسلام أي تيمية رحمه الله يقول في كلام له في اقتضاء الصراط المستقيم في كلامه على إحياء أو الاحتفال بليلة مولد النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ قال بعد أن بين أنها بدعة: ومن الناس من يعمل ذاك ويؤجر على ما قام في قلبه من محبة النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ، قالوا: فهذا يدل على أن تلك الاحتفالات يؤجر عليها العبد.
    والجواب على ذلك أن شيخ الإسلام نفسه هو الذي حكم على ذلك الفعل بأنه بدعة، وقوله أن هناك من يفعل ذاك ويؤجر لا يؤجر بإطلاق إنما يؤجر على ما قام في قلبه من المحبة، والله جل وعلا يقيم الوزن القسط والملائكة تكتب كل شيء، فيكون هذا معنى شيخ الإسلام فيكون من فعل ذلك الفعل يكون مأجورا من جهة وهي جهة المحبة؛ لأن الله جل وعلا لا يظلم الناس شيئا؛ ولكنه مأزور من جهة الفعل ففعله بدعة ويذم عليه لأجل أنه ابتدع، أما أصل المحبة فهذا أمر لم يعمله بابتداع وإنما الذي حصل بابتداع الاحتفالات.
    فلهذا شيخ الإسلام في كلته كان دقيقا وهو أنه يقول إن وزن الأعمال عند الله جل وعلا يكون بأن يكون لك ما تعمل من الصالح وعليك ما تعمل من الوزر، فالذي قام في قلبه الخير يؤجر عليه؛ لكن يأثم على العمل الذي ابتدعه، والبدعة كما هو معلوم في كلام أهل العلم أشد من جنس المعاصي؛ يعني الكبائر لم؟ لأن الكبائر كبائر الذنوب والشهوات؛ لأن هذه يعملها المرء وهو يعلم أنه عاصٍ؛ لكنه عاص لكن صاحب البدعة يظل يعمل ويعمل وهو يظن أنه مطيع لله جل وعلا ولرسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيكون قد أحدث أمرا في الدين والنبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ قال (كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار).
    فإذن هناك انقسام من جهة العمل ومن جهة ما يقوم بالقلب، فما قام بالقلب من أصل المحبة هذا له حكم سائر أجناسه من العمل من جهة الأجر عليه في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية، أما ما قام في القلب من أنواع تحسين البدع، واعتقاد الصواب في خلاف السنة، والعمل الخارجي بالاحتفالات ونحوها، وهذا يكون بدعة ضلالة لأنه محدث في الدين ولأنه منطبق عليه حد البدعة.

    قالوا أيضا: الصحابة رضوان الله عليهم والمسلمون عملوا بالمصالح المرسلة، وعلموا أشياء منها دواوين الجند والديوان وديوان المال وبيت المال في عهد عمر ودواوين الجند في عهد العمر، ثم المدارس ثم شق الطق ما حدث في عهده ثم تقييم الدور ونزع الملكات واتخاذ دور للسجن في عهد عمر رَضِيَ اللهُ عنْهُ، ونحو ذلك من أعمال كثيرة لم تكن في عهده عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ.
    والجواب عن ذلك: أن البدع غير المصالح المرسلة.
    المصالح المرسلة هذا بحث. وأما البدع فهذه أمر آخر.
    والفرق بينهما أن المصلحة المرسلة وسيلة لتحقيق ضروريٍ في الدين، فإزالة الحرج عن المسلمين أو حفظ أمر ضروري عليهم في دينهم أو في أنفسهم أو في دنياهم أو في عقولهم هذا أمر واجب شرعا؛ لأنه من الأمور الضرورية الخمسة المعروفة، فما كان وسيل إلى الواجب فهو واجب؛ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد.
    لهذا المصالح المرسلة هي وسائل لتحقيق أمر مطلوب في الشرع.

    وأما البدع فالبدعة نفسها هي الغاية؛ لأنه يتعبد بها، فتلك الوسيلة ليست متعبدا بها، وأما هذه فنفس الوسيلة يتعبد بها من جهة أنها غاية، فالذين أحدثوا المحدثات من البدع، والتقرب إلى الله جل وعلا، وجعلوا تلك المحدثات غاية لهم، فإذا عملوها حصل لهم ما يريدون؛ لأنهم يريدون الخير كما يزعمون.
    فصار الفرق بين المقامين أن باب الوسائل ظاهر في المصالح المرسلة لنفي الحرج عن الناس ولحفظ أمر ضروري من الضروريات الخمس
    أما البدع فهي عند أصحابها مقصودة لذاتها، وليست مقصودة لتحقيق أمر ضروري.
    ولهذا لا تسمى مصلحة مرسلة حتى الذين حسّنوها مثل العز بن عبد السلام ومثل غيره لم يسموا البدع الحسنة في عرفهم لم يسموها مصالح مرسلة؛ لأنهم يعلمون أن حد المصلحة المرسلة لا ينطبق عليها.
    فإذن لا يسوغ الاحتجاج ببناء المدارس وبالدواوين وإحداث الطرق وبنزع الملكيات ونحو ذلك على ذلك الأمر وبتأليف الكتب لا يسوغ؛ لأن هذا من باب الوسائل التي لها أحكام المقاصد.
    وأما ذاك فالعمل في نفسه يراد التعبد به وهذا فرق مهم بين المقامين كما أوضح ذلك الأئمة في بحثهم على المصالح المرسلة والبدع.[السنة والبدعة]

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    البدعة تكون في العلم؛ يعني في أنواع الاعتقادات،وتكون أيضا في العمل.
    أما الاعتقاد فكل المحدثات التي أحدثت عن طريق الفرق الضالة هذه كلها بدع، فالخوارج مبتدعة وبدعتهم بدعة اعتقادية، فمن أحدث أمرا مخالفا لما عليه صحابة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الاعتقاد فإنه مبتدع وصاحب ضلالة.
    ولهذا قال عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ فيما ثبت عنه ورواه أبو داوود وغيره «إن أهل الكتاب افترقوا على إحدى وسبعين أو ثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة» قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال «الجماعة».
    فالفِرَق توعدت بالنار لأنها أحدثت المحدثات، فالعقائد المختلفة محدثات، ولهذا صار من البدع الاعتقاد المتعلق بالأسماء والصفات، من البدع التأويل، من البدع أن يُثبت لله جل وعلا سبع صفات، وينفي غيرها أو يؤول غيرها إلى ما تدل عليه هذه الصفات السبع، أو الصفات الثمان كما عند الماتريدية، أو الثلاث الصفات كما عند المعتزلة، أو كما صنع الجهمية هذه كلها بدع اعتقادية.

    من جهة الإيمان المرجئة مبتدعة، والذين يقولون إن الإيمان ليس بقول وعمل واعتقاد جميعا عند سلف هذه الأمة مرجئة، والمرجئة من أنواع المبتدعة؛ لأن الإرجاء بدعة حدثت في هذه الأمة.
    كذلك مسائل [التسميات] المعروف في مباحث العقائد من جهة تسمية مرتكب الكبيرة مؤمنا أو مسلما أو فاسقا أو في منزلة بين منزلتين، هذه مباحث خالف فيها أهل الفرق أهل السنة، أهل السنة يقول إن مرتكب الكبيرة مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، ولا يكفر بارتكاب الكبيرة حتى يستحلها، ومعنى الاستحلال يعني حتى يقول أو يعتقد أنها حلال أحله الله جل وعلا، أو أنها حلال في نفسها، أو لم يلتزم حكم الله بها؛ يعني قال الحكم في هذه المسألة لستُ المخاطب به؛ لأن ثمة فرقا مهما بين الالتزام بالشيء والقبول له، وبين عدم الالتزام الذي هو الامتناع وما بين عدم القبول والجحد، فهاهنا أشياء هناك قبول يقابله حجد، وهناك التزام يقابله امتناع، ولكل تعريفه كما هو معلوم.
    فمن خاض في هذه المسائل وخالف اعتقاد السلف الصالح فقد أحدث بدعة اعتقادية.

    كذلك في مسائل الإمامة، كذلك في مسائل الصحابة، وهكذا من أنواع البدع الاعتقادية.
    من البدع: البدع العملية، والبدع العملية متنوعة منها ما هو مقيد بالأشهر، وهذا حبذا لو تجمع هذه البدع بدع المواسم، يجمع ويُجعل ما لكل شهر من البدع التي أحدثها المخالفون.
    فمثلا في شهر محرم ثمة أنواع من البدع، وفي شهر صفر ثمة أنواع من البدع، وفي شهر ربيع الأول ثمة أنواع من البدع كالاحتفال بالمولد ونحوه، وفي رجب أنواع من البدع، وفي شعبان أنواع من البدع، وفي رمضان أيضا أنواع من البدع، وفي شوال وهكذا.
    ولو بصر الناس في رسالة بالبدع على الشهور لكان ذلك ترتيبا حسنا مع بيان كل مسألة.
    وبمناسبة كوننا في شهر ربيع الأول ما هو معلوم عن بدعة المولد وأن إحداثها كان كما هو معروف عند المؤرخين كان من جهة الفاطميين، وكانت بدعة سياسية لأن الفاطميين وهم العبيديون -شاعت النسبة أو التسمية بالفاطميين وإلا فحقيقتهم أنهم عبيديون- لما لم يقبل الناس أمرهم في مصر أحدثوا بدعة المولد؛ لأجل أن يدلوا الناس على أنهم يُحبون رسول الله عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ، ثم جعلوا في كل ليلة من ليال السنة بدعة من الاحتفالات المختلفة، حتى يشغلوا الناس عن أصل السنة ويُشيعوا فيهم البدع حتى يبتعدوا عن أصل الدين. ذكر ذلك جماعة من أهل العلم.

    من بدع العمل أيضا ما هو من وسائل الشرك، فيجمع ما بين كونه وسيلة إلى الشرك وما بين كونه بدعة، مثاله الاعتناء بالقُبور وتعظيم القبور وبناء القباب عليها وتسريج القبور والاهتمام بذلك هذا كله من وسائل الشرك كما قال العلماء ومن البدع المحدثة، والنبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ لما نزل به يعني الأمر من الموت عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ طفق يطرح خميصة على وجهه، ثم إذا اغتم كشفها فيقول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ألا لا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك».
    وأنواع البدع كثيرة كما هو معلوم، ولعلنا نختم الكلام بفرق مهم ألا وهو أن هناك مسائل قد يُطلِق عليها بعض الناس إنها بدع، فينازَع ويكون الحق فيها مع المنازِع يعني في أنه بين ببدعة.
    وهذا من أمثلته عمل أعياد الميلاد مثلا، الذين يعملون عيد الميلاد -نسأل العافية- لأولادهم أو لأنفسهم أو عيد الزواج أو نحو ذلك، فيأتي من يقول هو بدعة فيقول له الآخر البدعة في الدين، أنا لم أقصد به التقرب، إنما هذا من جهة الفرح.
    والجواب أن هذه الأمور لاشك أنها مُحدثة لكن لما لم تكن في الدين لم يصر حد البدعة منطبقا عليها، فيكون إذن النهي عنها من جهة أنها تشبه بالكفار وليس من جهة أنها ابتداع.

    ومن المسائل أيضا المهمة التي يجب أن يكون معك التفريق فيها: أن المرء في فهمه للبدع لابد له من أن يتبع أئمة أهل السنة؛ لأن ثمة مسائل قد يشكل على المرء هل هي من البدع أم هي من غير البدع؟ فنرى أن الأئمة ربما فعلوا أشياء وإذا نظر إلى تلك الأفعال قال هي بدعة؛ ولكن تتابع العلماء على أنها جائزة أو على أن الفعل لا بأس به أو أنه مستحب.
    لهذا من المهم أن لا تحكم في المسائل في شيء بأنه بدعة حتى تسمع كلام أهل العلم فيه، فإذا كان كلام أئمة أهل السنة كالإمام مالك والشافعي وأحمد وكالسفيانين سفيان بن سعيد وسفيان بن عيينة ونحوهم من أصحاب أحمد وأصحاب الشافعي الذين عُرفوا بالإمامة في السنة وكشيخ الإسلام وابن القيم وكإمام هذه الدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله والعلماء من بعده، فانظر ماذا قالوا في المسألة؛ لأن التنبيه على ذلك لابد منه؛ لأن من أسباب من يستعجل في الحكم في مسائل أنها بدعة وهذه بدعة، وإذا نظرت أنه ما من احد حكم من أهل العلم أنها بدعة، فيكون هو قد اخترع قولا جديدا.[السنة والبدعة]

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •