قراءة في كتاب "وجوه القرآن"
محمد المرنيسي
"وجوه القرآن" لأبي عبد الرحمن إسماعيل بن أحمد الحيري النيسابوري ( 361- 431هـ).
حققه وعلق عليه الدكتور نجف عرشي.طبعة 1433هـ - 2012م.
الناشر دار النوادر القيمة للبحث العلمي بجمهورية مصر العربية.
الغلاف يحمل ثلاثة عناوين مرتبة كالآتي:
1 – "التصاريف" ليحيي بن سلام ( 124هـ - 200 هـ ).
2 – "ما اتفق لفظه واختلف معناه من القرآن المجيد" لأبي العباس المبرد ( ت 285هـ ).
3 – وجوه القرآن المذكور أعلاه.
والكتاب بهذا العنوان في جزءين, خصص الجزء الأول منه للتصاريف الذي شغل 410 ص .تلاه كتاب ما اتفق لفظه واختلف معناه الذي شغل 108ص. وخصص الجزء الثاني لوجوه القرآن في 672 ص.
في الغلاف الداخلي للكتاب بجزءيه تجد العبارة الآتية: طبعة عام 1431هـ - 2011م.عن طبعة مشهد (عام 1422 هـ ).
في الصفحة الثانية من الكتاب قائمة بما صدر حديثا من الكتب لدار النوادر القيمة 1431هـ /2011م.
في الصفحة المقابلة مربع الإهداء, وتحته الفهرس الإجمالي الذي ينتهي في الصفحة الرابعة. يليه فهرس المراجع والمصادر الذي يشغل ست صفحات ويضم 82 مرجعا ومصدرا.
ثم ياتي تقريظ الشيخ محمد الشاذلي النيفر- وكان مشرفا على هذا العمل- اقتطفه المحقق من كلمة للشيخ في جلسة المناقشة لهذه الأطروحة يوم 11 غشت 1983م.
مقدمة المحقق: تحتوي المقدمة على ترجمة المؤلف, تليها تراجم كل من عبد الله بن عباس رضي الله عنه.( ت 68هـ), وابن السائب الكلبي ( ت 146 هـ ), ومقاتل بن سليمان ( ت 150هـ ) لكون المؤلف اعتمد على آثارهم في كتابه وجوه القرآن.
ثم تحدث في فقرات معدودة عن ( المسلمون وعلوم القرآن ) ليدخل إلى علم الوجوه والنظائر, فعرف هذا العلم, وذكر أهميته, ومن صنف فيه ابتداء من القرن الأول إلى العاشر الهجري, وقد وصل في إحصائه لهذه المصنفات إلى 23 تأليفا, يأتي في مقدمتهم ابن عباس وينتهي عند الإمام السيوطي رحمه الله (ت 911هـ)
تحليل الكتاب:ص 39
رتب المؤلف كتابه ترتيبا جيدا واعتنى به اعتناء خاصا ليجعله قريب الفهم سهل المنال, قال في مقدمته "ورتبته على حروف التهجي ليسهل على الباحث طلبها وعلى المتحفظ حفظها", فقسم تصنيفه إلى ثمان وعشرين كتابا حسب ترتيب حروف المعجم, بدأ بكتاب الألف وانتهى بكتاب الياء وقسم كل كتاب إلى أبواب وجعل كل كلمة بابا.
ومما تجدر الإشارة إليه أن المؤلف اعتمد الحرف الأول للكلمة عند إيرادها في الكتاب, ولم يعتمد أصلها الثلاثي في اللغة؛فالتسبيح والتزكية مثلا تجدهما في كتاب التاء, ولا تجدهما في كتابي السين والزاي.
وعدد الأبواب الواردة في الكتاب 613, وهو خلاف ما ذكره المؤلف في المقدمة حيث يقول" وما جمعت أنا في هذا الكتاب خمسمائة وأربعين بابا".وأطول الكتب كتاب الألف لأنه يشتمل على مائة باب, وأقصرها كتاب الهاء وله أربعة أبواب فقط.
مصادره:اعتمد المؤلف على ابن عباس, ثم مقاتل ثم الكلبي, كما نقل أحيانا عن عبد الله بن مسلم بن قتيبة (ت276 هـ) في كتابه ( مشكل القرآن ), كما نقل أقوالا عن بعض المفسرين كمجاهد, وقتادة, والسدي وغيرهم, والمحدثين كسفيان الثوري, والفقهاء كالإمام الشافعي, واللغويين كالزجاج, وعن بعض علماء القراءات كحمزة والكسائي.
قارن المحقق بين كتاب الحيري هذا وكتب مشابهة له في هذا الفن, واختار أربعة للمقارنة:
الأشباه والنظائر في القرآن الكريم لمقاتل بن سليمان.
التصاريف ليحيى بن سلام.
الوجوه والنظائر للدامغاني ( 398هـ - 478 هـ )
نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر لابن الجوزي.( 510 هـ - 597 هـ )
وجد المحقق أن كتاب مقاتل يحتوي على 185 كلمة, والتصاريف 115 كلمة, والدامغاني 502 كلمة, والنزهة على 322كلمة؛لذلك يكون كتاب وجوه القرآن أوسع استيعابا وأكثر استفادة.
أما من حيث التنسيق والتنظيم فقد تميز كتاب الحيري على مقاتل ويحيى بن سلام, بينما أضاف ابن الجوزي في تصنيفه إضافات جديدة منها: جعل حروف التهجي تسعة وعشرين حرفا بإضافة لام ألف قبل الياء, ورتب الأبواب حسب عدد الوجوه فيها:باب الوجهين, باب الثلاثة, باب الأربعة وهكذا.
أما منهج ابن الجوزي فهو قريب من منهج الكتب المؤلفة في غريب القرآن, فهو يشرح الكلمة شرحا لغويا, ثم ياتي بالشواهد من كلام العرب, ثم يذكر وجوه الكلمة والآيات التي وردت فيها.
نسخ الكتاب :اعتمد المحقق في إخراج الكتاب على نسختين:
النسخة الرامبورية نسبة إلى مدينة رام بور الهندية, وهي من المخطوطات النادرة المحفوظة في خزائن مكتبة الشيخ القاضي السيد أحمد شاه نقوي رحمه الله, ويقدر أنها كتبت قبل حوالي أربعمائة سنة.
النسخة الكيمبريجية وهي محفوظة بمكتبة جامع كيمبردج في بريطانيا تحت رقم ( 1882.or ).كتبت عام 752هـ.
وصف المحقق المخطوطتين ومميزاتهما, ثم ذكر عمله في الكتاب, وختم بكلمة شكر للشيخ محمد الشاذلي النيفر المشرف على البحث, وللدكتور مهدي خواجة بيري رئيس قسم الطباعة في المركز الثقافي الإيراني بدلهي, وأرخ لمكان وتاريخ هذا الإنجاز بتونس في خامس محرم 1403هـ/ 22 أكتوبر 1982م
قدم المحقق صورتين عن كل نسخة من النسختين المخطوطتين, وبعدها صفحة الرموز والإشارات المستعملة في النص المحقق.
مقدمة المصنف:ص 53
وهي مقدمة قصيرة جدا بدأها بحمد الله والثناء عليه, والصلاة والسلام على رسول الله والخلفاء الراشدين
والمهاجرين والأنصار, يقول: "ذكرت في هذا الكتاب وجوه القرآن, والسابق لهذا التصنيف عبدالله بن عباس رضي الله عنه, ثم مقاتل, ثم الكلبي, ومؤلفاتهم لا تزيد على 214 بابا, وما جمعت أنا في هذا الكتاب
540 بابا, وليس فيها شيء منها يغرب عن أقاويلهم, إما ذكر في الوجوه, وإما ذكر في التفسير, ولست أبدع قولا فيه, ورتبته على حروف التهجي ليسهل على الباحث طلبها, وعلى المتحفظ حفظها, وهو التصنيف السادس.أولها كتاب الوقوف, والثاني عنوان التفسير, ( صححه المحقق اعتمادا على بعض المصادر باسم "عيون التفسير", والثالث مثلث الواعظين, والرابع كتاب التنزيل, والخامس معاني أسماء الرب, والسادس كتاب الوجوه.
كتاب الألف وهو مشتمل على مائة باب, يأتي بجرد للكلمات التي تبدأ بالألف, ثم ياخذ كل واحدة منها بالترتيب, فيذكر وجوهها إجمالا, ثم يفصل مع الاستشهاد.
كتاب الألف وهو على خمسة وعشرين وجها.أحدها ألف الوصل, كقوله تعالى ( بسم الله الرحمن الرحيم ) والثاني الألف المفردة, وهي مقطوعة عما قبلها وعما بعدها, كقوله تعالى ( الم ذلك ).. وكتاب الألف أكبر الكتب على الإطلاق, إذ يبتدئ من الصفحة 55, وينتهي عند باب أوتوا العلم في الصفحة 131.
كتاب الباء يشتمل على سبعة وعشرين بابا, يبتدئ من باب البصيرة ص:132, وينتهي عند باب بضاعة, ص 150.
كتاب التاء وهي ستة عشر بابا أولها التسبيح, وآخرها باب التفريط.ص161.
كتاب الثاء خمسة أبواب: أولها الثّمَن, وآخرها الثقال.ص 165.
كتاب الجيم ويحتوي على 21 بابا, أولها جعل, وآخرها باب الجرح.ص 182.
باب الحاء وهو ستة وأربعون بابا أولها الحمد, وآخرها الحياة.ص 223.
كتاب الخاء وهي على ثلاثة وعشرين بابا, تبتدئ بباب الخَلْق, وتنتهي بباب الخفيف, والملاحظ في المتن المحقق أن إحصاء عدد الأبواب الواردة إجمالا في بداية كتاب الخاء لا يتجاوز 19 بابا ينتهي عند باب الخفيف, ولكن المؤلف أورد بعد ذلك أبواب الخطيئة, والخلال, والخزائن, والخُلق, وبذلك يتطابق مع العدد الإجمالي الوارد في مستهل كتاب الخاء.( انظر ص 240 وما بعدها ).
كتاب الدال وفيه ثمانية أبواب, أولها باب الدّين, وآخرها باب الدك.ص 250.
كتاب الذال, وبه خمسة أبواب, أولها باب الذكر, وآخرها باب الذكر والانثى.ص 257.
كتاب الراء, وبه ثلاثة وثلاثون بابا, أولها باب الرحيم, وآخرها باب الريحان.ص 288.
كتاب الزاي, وفيه ستة أبواب, أولها باب الزيغ, وآخرها باب الزجر.ص 292.
كتاب السين, وهو على ثلاثة وثلاثين بابا, أولها باب السواء, وآخرها باب السموم.ص 322.
كتاب الشين, وفيه عشرون بابا, أولها باب الشّعْر, وآخرها باب الشطط.ص 341.
كتاب الصاد, وبه أربعة وعشرون بابا, أولها باب الصراط, وآخرها باب الصريم.ص 363.
كتاب الضاد, وبه أحد عشر بابا, أولها باب الضلال, وآخرها باب الضعيف.ص 372.
كتاب الطاء, فيه أربعة عشر بابا, تبتدئ بباب الطغيان, وتنتهي بباب الطبق.385.
كتاب الظاء به ستة أبواب, أولها باب الظلم, وآخرها باب ظَلّ.ص 393.
كتاب العين, فيه اثنان وثلاثون بابا, أولها باب العالمين, وآخرها باب عرف.ص 422.
كتاب الغين فيه ثمانية أبواب, أولها باب الغير, وآخرها باب الغفران.ص 429.
كتاب الفاء, فيه عشرون بابا, أولها باب في, وآخرها باب الفزع.ص 452.
كتاب القاف, فيه سبعة وعشرون بابا, أولها باب القلب, وآخرها باب القارعة. ص 478.
كتاب الكاف, فيه ستة عشر بابا, أولها باب الكتاب, وآخرها باب الكذب.ص 496.
كتاب اللام فيه سبعة عشر بابا, أولها باب اللام المكسورة, وآخرها باب اللحم.ص 512.
كتاب الميم, فيه تسعة وأربعون بابا, أولها باب مِن, وآخرها باب المبارك.ص 550.
كتاب النون, فيه اثنان وعشرون بابا, أولها باب الناس, وآخرها باب النذير.ص 567.
كتاب الهاء, فيه أربعة أبواب, أولها باب الهدى, وآخرها باب هل.ص 573.
كتاب الواو فيه ثلاثة عشر بابا, أولها باب الود, وآخرها باب الوتر.587.
كتاب الياء, فيه سبعة أبواب, أولها باب اليوم, وآخرها باب يوزعون.ص 592 و 593.
وبها ينتهي النص المحقق.ثم تاتي الفهارس الفنية وهي على الترتيب الآتي:
- فهرس الآيات القرآنية.
- فهرس الأشخاص والأقوام والقبائل.
- فهرس البلدان والأماكن.
- فهرس الأبواب.
- فهرس المراجع والمصادر
- وتبتدئ الفهارس من الصفحة 597 إلى 672.
وقد اخترت من فهرس الأبواب الكلمات التي لها أكثر من عشرة أوجه بالترتيب التنازلي:
الحق 30 وجها.الواو المفردة 27 وجها.الألف 25 وجها.الصلاة , الهدى , اللام المكسورة 22 وجها.الخير, الذكر 19 وجها.جعل 17 وجها.الانسان , العلم , الضلال , 16 وجها.وقد ورد في هذا الفهرس في الصفحة 668 أن باب الفساد له 16 وجها, وبالرجوع إلى النص المحقق نجد أن باب الفساد له ستة أوجه فقط, الصفحة 433.
الرحمة , الصلاح , الغيب , القدرة , القضاء , الناس 15 وجها. السبيل , القيام , الكتاب , المعروف 14 وجها.وقد ورد في باب العرض أن لها 14 وجها. ص 668, والصحيح أن لها أربعة أوجه فقط.الصفحة 407.الأمر, الرسول , الرجال , فضل , الفتنة , كان , اللام المفتوحة 13 وجها. إلا , الحسنة , الخلق , السوء , لا, الطعام 12 وجها.امرأة , الشجر , الكلمات, النور 11 وجها.
قمت بإحصاء الوجوه التي أوردها المؤلف للأبواب المذكورة في المتن ( 613 ) فوجدت 2649 وجها.
والملاحظ أن المحقق لم يفسر أو يتساءل على الأقل عن هذا الاختلاف في عدد الأبواب بين ما جاء في مقدمة المؤلف ( 540 ), وبين العدد الوارد في المتن المحقق الذي هو 613.فالفرق كما ترون يصل إلى 73 بابا, كما أن المحقق في ترجمته للمؤلف أورد الكتب الستة المذكورة في مقدمة المؤلف, وأضاف إليها كتابين آخرين هما: أسماء من نزل فيهم القرآن, والكفاية في التفسير الذي توجد له نسخة في مكتبة مدينة مشهد في إيران تحت رقم ( مشهد 3/56075 ).وقال في آخر الفقرة:"ووصل إلينا من مصنفاته كتابان فقط, وهما:كتاب وجوه القرآن, والكفاية في التفسير, ولعبت أيدي الزمان بباقيها" ص 20.فهذا الإطلاق على بلاغته لا يتناسب مع ضوابط التحقيق.
كما أن المقارنة بين الكتب الأربعة في الموضوع الواحد عمل جيد لو اقتصر على كتاب المؤلف ومن سبقه أو عاصره؛لأن المقارنة في هذه الحالة ستكشف تطور منهج التاليف , ومدى استفادة المتأخرين ممن سبقوهم مضمونا وشكلا.أما أن تقيّم المؤلف بما وصل إليه منهج التصنيف في القرن السادس - قرن ابن الجوزي - ففيه ظلم وتعسف.
والملاحظ أن الفهارس تاتي عادة في آخر الكتاب, وقد رتب المحقق فهرس المراجع والمصادر بعد فهرس الأبواب, ولكننا نجد فهرس المراجع مقدما في الصفحة الخامسة وما بعدها كما ذكر سابقا.
وهذه الملاحظات الشكلية - إن صحت - لا تأثير لها إطلاقا في العمل المتميز الذي قدمه محقق الكتاب الذي أخرج للنور هذا الأثر النفيس من تراثنا العربي المجيد.