[right]قصة محزنة جدا لامرأة سورية هربت مع أبنائها فهلكوا ( مبكية ومؤثرة ): كتبتها في شعر وفي رواية :
..... كشف طاقم خفر السواحل عن زوْرق مطاطي صغير متهالك، من حَوَاليْه جثث طافية هنا وهنالك، تسبح بها مياه البحار، كما تسبح الرياح بأوراق الأشجار، يتشبث ببقايا ذلك الزورقِ شرذمة غابرة من الناجين، قد نحَت البؤسُ في وجوههم تجاليد وخطوطا تسيل عبْرها عبرات الهمّ ودموع الغم، الممتزجة بمياه الطِّمّ ....
من بين الناجين امرأة سفعاء الخدّيْن، كالحة الشفتيْن، بجوارها ولدُها الأول قد هلك وهي لا زالت تحتضنه، وتبحث عن ولديها الثاني والثالث، فأما الثاني فوجدته وهو يحتضر ويدعو الله بالممات، من شدة الجوع والحسرات، وذكّر أمه بأن يلحقه الله بالجنة التي حدثَتْه أمه عنها وعن طعامها وشرابها ... ثم قال: يأماه سألقى ربي الإله، ولسوف أخبره بما فعل بنا عباد الله، يا أماه إني جائع، وقلتِ لي بأن في الجنة طعاما وحلويات، فسلي الله لي بالممات حتى آكل من الطيبات ... ... ذكرت ذلك في الشعر السابق
وأما الثالث فوجدوه غريقا في شاطئ البحر ,
كتبت قصتهم في شعر :
أقْبَلَتْ سفعاءُ تجري وتتّقدُ ... تتفقّدُ ابنهَا بَيْن البشر
ونَادتْ رُحمَاكَ رَبّي بوَلَدي ... والقلبُ منها قَدِ انعَصَر
أتْوان أسوانَ هـمًّا تضطربُ ... والعقلُ فيــها قد انـبـَهــر
وَلْولت من البثّ صادحةً .... والدمعُ من عينيْها قَدِ انْهمر :
وَلَدِي حَبيبي هل من ضَرر؟.. هل من خطرٍ هل من خَبَـر ؟
فُجِعْتُ سابقًا بفقد أُسْرتي .. فلا فَجِـعْتُ بمزيدٍ من الشَّرر
فررْتُ من الهوْجاءِ مُرغَمَــــة ... وخُضتُ بَحْرا هائجا قد اقمطرّ
أَبغي سَعةً من ربي ومُراغما ... والعالَم من حولي قد ازبــــَـــأرّ
رحماكَ ربي برضيعي قد فَحَما .. وآخَرَ لي مُنفضخٍ من الـسَّعَر
شكى إلى الناس شدّةَ ضوْره .. ومَا فعل به القرّ كذا أهل الشّرر
وأنَّ للأنام عسى يوقظَ حيّهم .. فما سمع أنِينَه أحد من البشر
فناداها ابنها وَكَان ممن قَدْ نجا ... وقلبُه في صدره قَد انفطر
صبرا يا أمـــاه على الكُربِ ... فلقد عانيْنا طويلا من الشّرر
نادى محتضرا وهو ينازع سكرةً ... سأُخبر ربي بما فعل بنا البشر
أماه ألـمْ تقولي بأنّا نبغي جنّةً .. فيها الكثيرُ من الأحِبّة والثّمَرْ
ألا فلْتسألي الله بأخذ أرواحنا ... فإني الآن بلا أهلٍ ولا مِيَـر .
فخذني ربي إلى جوارك في جنةٍ ... حيث هنالك الأحبة والثمر
ولتحشرِ الله الأوغادَ في سقرٍ ... وخُذْهم إلى نارك يا مُقتدر
سَقَط ميْتا وهوَتْ أمه صائحة ... تبكي عليه لكأنّـما تُحتضر
رحماك ربي فألحقني بولدي ... فلم يعد يحلو ليَ عيش أو سَفَر
وما عاد في الحياة صفاؤها ... إلا ذاك الصفاء مع الــكدر

من
روايتي :" بين القلب والدماغ والروح ".