قولكلما لا يزال عقلك لا يفرق بين احكام الشريعة إعلم اولا ان احكام الشريعة عموما معلله لا تفرق بين متماثلين ولا تجمع بين مختلفينفما زال عقلي لا يفرق بين من جعل الشيء سببا، ومن تسمح به ليوصله لله أو يقربه لله
فإنّ من يجعل ما ليس سببا ماديا= سببا، فإنّه يعتقد أنّه يوصل لله أو يقرب لله
فكلاهما واحد أشرك شركا أكبر .
إلا إذا قيل أنّ النص هو الذي يفرق بينهما، بدون معرفتنا لضابط وطبيعة هذا التفريقبمعرفة ضابط الشرك الاكبر والاصغر والفرق بينهما يزول الاشتباه من عقلك بأن النص وحده هو الذى يفرق بينهما- نعم النص يفرق بينهم ولكن جاءت نصوص اخرى عن النبى صلى الله عليه وسلم موضحة ومبينة ومفرقه- تأمر بحماية جناب التوحيد وهى ما يسمية العلماء باب سد الذرائع المفضية الى الشرك ومنها هذا الباب وهو سد كل ذريعة ووسيله تفضى الى الشرك وهذه مبنية ايضا على النصوص والقياس على النصوص الاخرى والقياس ايضا على العلل فى النصوص- كما فى حديث عمرو بن عبسة فى النهى عن الصلاة عند طلوع الشمس لان العلة ان الكفار يصلون فى هذا الوقت وكذلك ما ورد من احاديث سابقا من النهى عن الذبح او النذر فى اماكن اعياد الكفار فسد وسائل الشرك مرجعها الى النصوص فيبين العلماء هذه الاحكام بناءا على النصوص والاحكام والعلل- بل قولك ان النص وحده هو الذى يفرق بينهم انت اخى الكريم لا تلتزم به فانك اذا التزمت بتفريق النص فى الشرك الاكبر والاصغر لاغناك عن معرفة العلل والحكمة ولأرحت عقلك من عناء معرفة العلل والفروق-- وقولكبين من جعل الشيء سببا، ومن تسمح به ليوصله لله أو يقربه لله-ما الذى جعلك تقيد هنا بالسبب المادى-نحن نقول كل من جعل ما ليس بسبب سواء مادى او غير مادى ولم نقيد - ولكن الضابط فى السبب ان الله لم يجعله سببا لا شرعا ولا قدرا الاثنين مجتمعة وضربنا المثال بلابس التميمة -التميمة لم يجعلها الله سببا شرعيا فى دفع المرض او رفعه -وكذلك لم يجعلها سببا قدريا فى دفع المرض---واضرب لك مثال بالسبب الشرعى والقدرى حتى تتضح صورة المسألة-1- دواء الطبيب جعله الله سببا شرعيا وقدريا فى دفع المرض-امر به الشرع- تداووا عباد الله الحديث وكذلك من جهة القدر فان لكل داء دواء- ومثال اخر الماء جعله الله سببا فى ارواء العطش--- ولكن هنا اذا اروى الانسان عطشة بالخمر مثلا فهنا خالف الشرع ولم يخلف القدر وهو ارواء العطش وهذا لا يجوز الا فى حالة المضطر - فلا بد ان يكون السبب ثابت شرعا وقدرا---فاذا لم يثبت شرعا فقط كالخمر فهو المحرم واذا لم يثبت قدرا فهذا قدح فى العقل - اما اذا لم يثبت شرعا ولا قدرا واتخذه سببا فهذا هو الشرك الاصغر--والشرك الاصغر ليس محصورا بهذا التعريف ولكنه احد اقسام وتعريفات الشرك الاصغر لان الشرك الاصغر له اقسام وانواع متعددة منها هذا ومنها ان كل شرك اطلق علية الشارع انه شرك اصغر غير مخرج من الملة - وكذلك الوسائل والزرائع المفضية الى الشرك هى شرك اصغر---اما الفارق بين الاكبر والاصغر فى هذه المسألة--الاصغر هو جعلها سببا فى البركة---كشارب الدواء يعتقد انه سبب فى الشفاء اما اذا اعتقد فى الدواء انه يشفى بذاته بدون اذن الله وانه هو المتصرف الشافى الفاعل باستقلال للشفاء فهذا هو الشرك الاكبر فى الربوبية--وقس على هذا جميع الاسباب---وبهذا يظهر بطلان قولكفإنّ من يجعل ما ليس سببا ماديا= سببا-. هذا راجع لعدم التفريق هو الذى اوقعك فى هذا الاشكال---فإنّه يعتقد أنّه يوصل لله أو يقرب لله
فكلاهما واحد أشرك شركا أكبرقد بينا فيما سبق الكلام على الحلف وقلنا الحلف هو تأكيد شيئ بمعظم , و تعظيم الله عبادة , فاذا حلفت بالله فقد عظمت الله . واذا حلفت بغير الله فقد عظمت غير الله --- ولكن التعظيم درجتان تعظيم العباده----- وتعظيم يسميه علماء التوحيد [نوع تعظيم]----اما السجود فهو انواع- سجود العباده - وسجود فيه نوع تعظيم وهو محرم ومن وسائل الشرك الاكبر- وسجود تحية واكرام وهذا ايضا فيه نوع تعظيم ولكن ليس تعظيم العبادة ولكنه تعظيم التوقير والاحترام وهذا ايضا ممنوع فى الشريعة الاسلامية--وهذا موضح فى سجود معاذ للنبى صلى الله عليه وسلم----- وقد تكلمنا على هذا الموضوع باستفاضه فى موضوع [ما هو حد العبادة]----- وقولكالحلف عبادة
والسجود عبادة
والشريعة تقول بأن السجود لغير الله شرك أكبر مخرج من الملة
وتقول بأن الحلف بغير الله شرك أصغر غير مخرج من الملة
فنقول مثل ما تقول الشريعة، ولا نعرف الفرق في التمييز بين حكم الحالف بغير الله والساجد لغير الله مع كون كلا منهما صرف العبادة لغير الله .---بمعرفة الفرق بين الشرك الاكبر الذى هو صرف العبادة لغير الله--- وبين الاشرك الاصغر الذى هو كل شرك نص عليه الشارع انه شرك ولكن لم يصل الى رتبة العبادة كما وضحناه سابقا فى الكلام على الحلف بغير الله والذى اقررت اخى الكريم عبدالله بصحته يتضح الفرق -وكذلك بمعرفة وسائل وزرائع الشرك التى بينها النبى صلى الله عليه وسلم فى الاحاديث السابقة والموجودة فى كتب التوحيد بسؤال النبى صلى الله عليه وسلم هل كان فيها عيد من اعياد الجاهليه وسؤاله هل كان فيها وثن يعبد سأل النبى الصحابة قبل الذبح وقبل وفاء النذر لاغلاق كل طريق ووسيلة مؤدية الى الشرك الاكبر حماية لجناب التوحيد-- فهذه هى النصوص عن النبى صلى الله عليه وسلم واضحة جلية فى التفريق بين صرف العبادة وبين اغلاق باب وسائل الشرك وزرائعه -فلابد من قبول جميع النصوص الوارده بحكمها وعلتها لان جميع احكام الشريعة معللة عند اهل السنة والجماعة فبجمع النصوص بقيودها وضوابطها تظهر الفروق وتعرف حدود ما انزل الله على رسوله وتميز بين صور الشرك الاكبر والاصغرفنقول مثل ما تقول الشريعة، ولا نعرف الفرق في التمييز بين حكم الحالف بغير الله والساجد لغير الله مع كون كلا منهما صرف العبادة لغير اللهانا اسألك سؤالا اخى الكريم عبد الله بن عبد الخالق ما هو السبب عندك فى التفرقة بين العدد واحد والعدد إثنين هل السبب مجرد ذكر علماء الرياضيات ذلك ام لِعِلة - فاذا كانت اجابتك لِعِله -فما بالك بكلام احكم الحاكمين العالم بدقائق الامور اتصدر احكامه لمجرد الامر -ام انها مشتملة على الحكمة البالغة يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ( ومعرفةحدود الأسماء واجبة ، لاسيما حدود ما أنزل الله على رسوله ) ، الفتاوى 20/37،----قال الشيخ عبد الله ابا بطين (ومما يتعين الاعتناء به معرفة حدود ما أنزل الله على رسوله لأن الله سبحانه ذم من لا يعرف حدود ما أنزل الله على رسوله فقال تعالى (الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله ) رسالةالانتصار ---قال الحافظ ابن رجب: وهذه المسائل: أعني مسائل الأسماء والإيمان، والكفر والنفاق، مسائل عظيمة جداً؛ فإن الله عز وجل علَّق بهذه الأسماء السعادة والشقاوة واستحقاق الجنة والنار.إلا إذا قيل أنّ النص هو الذي يفرق بينهما، بدون معرفتنا لضابط وطبيعة هذا التفريق
مثلا
والاختلاف في مسمياتها أول اختلاف وقع في هذه الأمة،وهو خلاف الخوارج للصحابة، حيث أخرج الخوارج عصاة الموحدين من الإسلام بالكلية، وأدخلوهم في دائرة الكفر، وعاملوهم معاملة الكفار، واستحلوا بذلك دماء المسلمين وأموالهم.---قال الشيخ عبد اللطيف رحمه الله في منهاج التأسيس ص12 (وكم هلك بسبب قصور العلم وعدم معرفة الحدود والحقائق من أمة وكم وقع بذلك من غلط وريب وغمة---فيتضح من ذلك اهمية معرفة حدود ما انزل الله -حتى لا تدخل بعض الصور فى بعض تدخل صورة الشرك الاكبر فى الاصغر والعكس- العلم اخى الكريم نصفه في التعاريف والضوابط، فلابد أن تعتني بمعرفة القيود، إذا سمعت قيدا في مسألة فإن القيد أهميته كأهمية أصل المسألة؛ لأنه بدون فهم القيد يكون تصور أصل المسألة غير صحيح
وكذلك التقاسيم، تجد في بعض كتب أهل العلم مثلا قول بأن هذه المسألة تنقسم إلى ثلاثة أقسام، مثلا الشرك ينقسم الى اكبر واصغر وخفى و هذه الصور لها ضوابط وقيود وحالات مختلفة، يقول بن القيم رحمه الله: العلم إدراكه في إدراك التقاسيم.
إذا رأيت في كلام بعض أهل العلم أن هذه تنقسم إلى كذا وكذا فلابد من معرفة هذه التقسيمات، لأن في التقسيمات ما يجلو المسألة، وبدون التقاسيم تدخل بعض الصور في بعض، وتدخل بعض المسائل في بعض، أما إذا قُسِّمت فإن في التقسيم ما يوضح أصل المسألة؛ لأن لكل حالة صورة و قسما وضابط.