قال بعض العلماء - الدار إذا ظهر فيها الأذان وسُمع وقت من أوقات الصلوات فإنها دار إسلام, لأن النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا أراد أن يغزو قوما أن يصبحهم, قال لمن معه: «انتظروا» فإن سمع أذانا كفّ، وإن لم يسمع أذانا قاتل،وهذا فيه نظر, لأن الحديث على أصله، وهو أن العرب حينما يُعلون الأذان، معنى ذلك أنهم يقرون ويشهدون شهادة الحق لأنهم يعلمون معنى ذلك، وهم يؤدون حقوق التوحيد الذي اشتمل عليه الأذان، فإذا شهدوا أن لا إله إلا الله ورفعوا الأذان بالصلاة، معنى ذلك أنهم انسلخوا من الشرك وتبرؤوا منه، وأقاموا الصلاة، وقد قال جل وعلا ?فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ?[التوبة:11]، (فَإِنْ تَابُوا) من الشرك، (وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ)، ذلك لأن العرب كانوا يعلمون معنى التوحيد، فإذا دخلوا في الإسلام وشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله،دل ذلك أنهم يعملون بمقتضى ذلك، أما في هذه الأزمنة المتأخرة فإن كثيرين من المسلمين، يقولون لا إله إلا الله، محمد رسول الله، ولا يعلمون معناها، ولا يعملون بمقتضاها، بل تجد الشرك فاشيا فيهم، ولهذا نقول إن هذا القيد أو هذا التعريف وهو أن دار الإسلام هي الدار التي يظهر فيها الأذان بالصلوات، أنه في هذه الأزمنة المتأخرة أنه لا يصح أن يكون قيدا، والدليل على أصله وهو أن العرب كانوا ينسلخون من الشرك، ويتبرؤون منه ومن أهله، ويقبلون على التوحيد، ويعملون بمقتضى الشهادتين، بخلاف أهل هذه الأزمان المتأخرة [شرح الاصول الثلاثة للشيخ صالح ال الشيخ]------اذا تبين ذلك فما هو ضابط الحكم على الدار بأنها دار كفر او دار اسلام -يقول الشيخ حمد بن عتيق رحمه الله فى بيان ضابط الحكم على الدار بانها بلد كفر يقول -وأما إذا كان الشرك فاشيًا مثل: دعاء الكعبة والمقام والحطيم، ودعاء الأنبياء والصالحين، وإفشاء توابع الشرك مثل: الزنا والربا وأنواع المظالم ونبذ السنن وراء الظهر، وفشو البدع والضلالات، وصار التحاكم إلى الأئمة الظلمة، ونواب المشركين، وصارت الدعوة إلى غير القرآن والسنة، وصار هذا معلومًا في أي بلد كان، فلا يشك من له أدنى علم أن هذه البلاد محكوم عليها بأنها بلاد كفر وشرك، لا سيما إذا كانوا معادين أهل التوحيد، وساعين في إزالة دينهم، وتخريب بلاد الإسلام
وإذا أردت إقامة الدليل على ذلك وجدت القرآن كله فيه، وقد أجمع عليه العلماء، فهو معلوم بالضرورة عند كل عالم
وجماع الأمر أنه إذا ظهر في بلد: دعاء غير الله، وتوابع ذلك، واستمر أهلها عليه، وقاتلوا عليه، وتقرَّرت عندهم عداوة أهل التوحيد، وأبوا عن الانقياد للدين، فكيف لا يحكم عليها بأنها بلد كفر - ولو كانوا لا ينتسبون لأهل الكفر وأنهم منهم بريئون - مع مسبتهم لهم وتخطئتهم لمن دان به، والحكم عليهم بأنهم خوارج أو كفار، فكيف إذا كانت هذه الأشياء كلها موجودة فهذه مسألة عامة كلية -سئلت اللجنة الدائمة للبحوث والافتاء- عن دار الكفر -فاجابت- : كل بلاد أو ديار يقيم حكامها وذوو السلطان فيها حدود الله، ويحكمون رعيتها بشريعة الإسلام، وتستطيع فيها الرعية أن تقوم بما أوجبته الشريعة الإسلامية عليها؛ فهي دار إسلام، فعلى المسلمين فيها أن يطيعوا حكامها في المعروف، وأن ينصحوا لهم، وأن يكونوا عونًا لهم على إقامة شؤون الدولة، ودعمها بما أوتوا من قوة علمية وعملية، ولهم أن يعيشوا فيها، وألا يتحولوا عنها إلا إلى ولاية إسلامية، تكون حالتهم فيها أحسن وأفضل، وذلك كالمدينة بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إليها، وإقامة الدولة الإسلامية فيها، وكمكة بعد الفتح؛ فإنها صارت بالفتح وتولي المسلمين أمرها دار إسلام بعد أن كانت دار حرب تجب الهجرة منها على من فيها من المسلمين القادرين عليها.
وكل بلاد أو ديار، لا يقيم حكامها وذوو السلطان فيها حدود الله، ولا يحكمون في الرعية بحكم الإسلام، ولا يقوى المسلم فيها على القيام بما وجب عليه من شعائر الإسلام؛ فهي دار كفر، وذلك مثل مكة المكرمة قبل الفتح، فإنها كانت دار كفر، وكذا البلاد التي ينتسب أهلها إلى الإسلام،ويحكم ذوو السلطان فيها بغير ما أنزل الله، ولا يقوى المسلمون فيها على إقامة شعائر دينهم،فيجب عليهم أن يهاجروا منها، فرارًا بدينهم من الفتن،
إلى ديار يحكم فيها بالإسلام، ويستطيعون أن يقوموا فيها بما وجب عليهم شرعًا،--ويقول الشيخ عبد العزيز بن باز: "فلو كان هناك جهاد صالح - الآن - يجب أن تقاتل البلاد العربية كلهاحتى تقيم توحيد الله وحتى تحكم شريعة الله.
ولكن أين الجهاد؟!! الله المستعان. فالشرك موجود وطاعة الحكام من دون الله موجودة.
فهذه الطوائف يجب أن تقاتل في مصر والشام والعراق وكل مكان عطلت فيه الشريعة. فيجب أن تقاتل حتى تقيم الشريعة.
فإما هذا وإما هذا. إما أن تقام الشريعة وأنتم على بلادكم وعلى أموالكم وعلى كراسيكم.
فمطلوبنا مثل ما قال الصحابة للروم وفارس. مطلوبنا أن تقيموا أمر الله. فإذا أقمتم أمر الله رجعنا عنكم. "اهـ
[شرح تيسير العزيز الحميد ص 111 ضمن مجموعة الفوائد العلمية من الدروس البازية جمع/ عبد السلام السليمان ، مراجعة وتقديم الشيخ/ صالح الفوزان]----------- ويقول الشيخ صالح الفوزان دار الكفر هي التي يحكم فيها بغير ما أنزل الله، هذا ما قرره أهل العلم أن البلاد التي لا تحكم بالشريعة ـ شريعة الله ـ تعتبر دار كفر، وكذلك البلاد تظهر فيها أعلام الشرك، أعلام الشرك تظهر فيها ـ الأصنام الأوثان ـ ولا تغير ولا ترفع هذه بلاد كفر.اهـ
ثم سئل الشيخ صالح الفوزان
أحسن الله إليكم صاحب الفضيلة ، يقول : أورد الشوكاني في كتاب السيل الجرار عن دار الإسلام ودار الكفر أن الاعتبار بظهور الكلمة ، فإن كانت الأوامر والنواهي في الدار لأهل الإسلام بحيث لا يستطيع من فيها من الكفار أن يتظاهر بكفره إلا لكونه مأذونا له بذلك من أهل الإسلام فهذه دار إسلام ، وإن كان الأمر بالعكس فالدار بالعكس ، السؤال : هل الدولة التي تحكم بالقوانين الوضعية يقال عنها إنها بلاد مسلمة أو دولة كافرة بغض النظر عن شعبها ؟
الجواب:
الذي عليه علماء الدعوة أن العبرة بالحكم، إن كان الحكم بالشريعة فالبلاد إسلامية، وإن كان الحكم بغير الشريعة فالبلاد غير إسلامية ولو كان فيها مسلمون، العبرة بالحكم في البلد.
وقول الشوكاني يتفق في الظاهر مع هذا لأنه ما يحصل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واختفاء الباطل وظهور الحق إلا إذا كان الحكم بدين الإسلام، أما إذا كان الحكم بالقانون، فالقانون للناس يحدث هوى، الملحد والمسلم قد يكون الملحد عنده أحسن من المسلم، إذا كان الحكم للقانون فلن يتحقق ما قاله الإمام الشوكاني أما إذا كان الحكم للشريعة فيتحقق.
العبرة بالحكم نوعية الحكم في البلاد، إن كان بالشرع فهي مسلمة وإن كان الحكم بالقوانين فالبلد غير اسلامية.اهـ---وسئل الشيخ محمد بن ابراهيم - هل تجب الهجرة من بلاد المسلمين، التي يُحكم فيها بالقانون؟! فأجاب:
"البلد التي يُحكم فيها بالقانون؛ ليست بلدَ إسلام، وتجبُ الهجرة منها---- ويقول الشيخ صالح ال الشيخ-) بلد الشرك هي كل بلد يظهر فيها الشرك ويكون غالبا؛ إذا ظهر الشرك في بلد وصار غالبا كثيرا أكثر من غيره, صارت تسمى بلد شرك, سواء كان هذا الشرك في الربوبية, أو كان في الإلهية, أو كان في مقتضيات الإلهية من الطاعة والتحكيم ونحوها. بلد الشرك هي البلد التي يظهر فيه الشرك ويكون غالبا.
هذا معنى ما قرره الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله حينما سئل عن دار الكفر ما هي؟قال: دار الكفر هي الدار التي يظهر فيها الكفر ويكون غالبا.
إذن إذا ظهر الشرك في بلدة وصار ظهوره غالبا, معنى ذلك أن يكون منتشرا ظاهرا بينا غالبا الخير, فإن هذه الدار تسمى بلد شرك,------ ويقول العلامة أبو بطين في جوابه على عليّ بن سليم قال: فالأولي البلد التي فيها شيء من مشاهد الشرك، والشرك فيها ظاهر، مع كونهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، مع عدم القيام بحقيقتهما، ويؤذنون ويصلون الجمعة، والجماعة مع التقصير في ذلك، هل تسمى دار كفر أو دار إسلام؟ فهذه المسألة يؤخذ جوابها مما ذكره الفقهاء في بلدة كل أهلها يهود أو نصارى، أنهم إذا بذلوا الجزية صارت بلادهم بلد إسلام وتسمي دار إسلام، فإذا كان أهل بلدة نصارى يقولون في المسيح أنه ابن الله أو ثالث ثلاثة أنهم إذا بذلوا الجزية سميت بلادهم بلد إسلام، فبالأولى فيما أرى أن البلد التي سألتم عنها، وذكرتم حال أهلها، أولى بهذا الاسم، ومع هذا يقاتلون لإزالة مشاهد الشرك، والإقرار بالتوحيد والعمل به، بل لو أن طائفة امتنعت من شريعة من شرائع الإسلام قوتلوا، وإن لم يكونوا كفارًا ولا مشركين ودارهم دار إسلام. قال الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى: أجمع العلماء على أن كل طائفة امتنعت من شريعة من شرائع الإسلام أنها تقاتل، حتى يكون الدين كله لله كالمحاربين وأولي. انتهى. مجموعة الرسائل، -- وقد اعترض البعض على ما نقرره مستدلا بكلام الشيخ ابا بطين هذا وقال ما قال..... ----- فرددت عليهم بتوضيح المقصود بكلام الشيخ ابا بطين من كلمة ودارهم دار اسلام - يقول الشيخ اسحاق بن عبد الرحمن بن حسن فى توضيح المقصود بكلام الشيخ ابا بطين قال-إذا كان من المعلوم: أن مصر دار إسلام، فتحها عمرو بن العاص، زمن الخليفة الراشد عمر رضي الله عنه، فأين إجماع الناس على أنها دار حرب، أيام بني عبيد القداح؟! وكذلك جزيرة العرب أيام الردة، مع أن الدار دار إسلام، لا دار كافر أصلي بالإجماع.
لكن لما قام بهم الوصف الذي يبيح الدم والمال، لم يكن لتسميتها دار إسلام حكم ; وصار الحكم لهذا الوصف الطارئ، تعريف على محل طاهر تلوث به المحل؛ وللشيء حكم نظيره، فكيف بما هو أقبح وأشد؟! فبطل ما طرده المجيز من التعلق باسم الدار.
أما تعريف الدار من حيثية الأحكام المرتبة عليها، فإن كان المستولى عليها هو الكافر الأصلي، فيتعلق به أحكام يخالف فيها المرتد، كحكم اللقيط والأموال وغيرهما؛ وعلى هذا تفاريع
ذكرها الفقهاء، وجعل بعضهم الدار ضابطا لأشياء نوزع في بعضها.
قال في التنقيح: فإن وجد اللقيط في بلد كفار حرب، لا مسلم فيه، أو فيه مسلم، كتاجر وأسير، فكافر رقيق، أي: اللقيط; فإن كثر المسلمون فمسلم؛ ومثله ما صرح به الحنابلة وغيرهم: أن البلدة التي تجري عليها أحكام الكفر، ولا تظهر فيها أحكام الإسلام بلدة كفر.
وما حكاه ابن مفلح، عن الشيخ تقي الدين: أن البلدة التي تظهر فيها أحكام الكفر وأحكام الإسلام، لا تعطى حكم الإسلام من كل وجه، ولا حكم الكفر من كل وجه؛ وهو الذي عنى الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين.
فإنه لما سأله الوالد - قدس الله روحه - عن حكم ما باعوه، أو وهبوه، مما استولوا عليه في نجد؟ أجاب: بأنهم مرتدون، دارهم دار إسلام، والمرتد لا يملك عند جمهور العلماء ; ونص كلامه: فهؤلاء العدو الذين استولوا على نجد، من حكمنا بكفره منهم، فحكمه حكم المرتدين، لا الأصليين، لأن دارهم دار إسلام، وحكم الإسلام غالب عليها ; هذا حاصل كلامه، وهو عندنا بخطه.
ومعناه: أن الإسلام غالب عليها، بمعنى: أنا نغلب جانب الإسلام فيما استولوا عليه،[مهم جدا] فلا يملكون والحالة هذه لأنهم مرتدون، والمرتد لا يملك مال المسلم؛ فأخذ الناقل
بمطلق كلامه، ولم يفهم أصل المأخذ، فأين حكم الهجرة وفراق المشركين، المنوط بسماع الشرك والبدع، والمعاصي، ممن لا يستطيع تغييرها، من هذا، لو كانوا يعلمون؟!
يوضحه: أن متأخري الشافعية، صرحوا به; قال ابن حجر، في شرح المنهاج: والظاهر أن بلد الإسلام التي استولوا عليها، لها حكم بلد الكفر، انتهى؛ فسماها دار إسلام نظرا إلى الأصل، وأعطى الطارئ حكمه-[الدررالسنية المجلد12]-هذا توضيح ما اشكل من كلام الشيخ ابا بطين على المعترض موضح بأبسط عباره